واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

واحة الأرواح

أحمد الهاشمي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولeahmea@yahoo.com

 

 الأدب

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

الأدب Empty
مُساهمةموضوع: الأدب   الأدب Icon_minitimeالأربعاء 19 مايو 2010 - 19:49




الأدب




تعريف الأدب وأركانه




يعرف العلماء علم الأدب بأنه: معرفة مايحترز به من جميع أنواع الخطأ في
كلام العرب لفظاً وخطا.


وهذا التعريف ـ ولاشك ـ يدخل فيه بعض علوم اللسان العربي، مما أفرده
العلماء عن غيره، فيدخل فيه علم النحو وعلم اللغة وعلم الخط وغير ذلك،
إضافة إلى علم الإنشاء والشعر اللذين هما بيت القصيد وأعظم المقاصد عند
إطلاق لفظة (علم الأدب).


وغاية علم الأدب الإجادة في فني النظم والنثر، إضافة إلى تهذيب العقل
وتزكية الجنان، وتلك ولاشك فوائد عظيمة يكتسبها المشتغل بعلم الأدب، فيعصم
نفسه من زلة الجهل، ويروض أخلاقه، ويلين طبائعه، وينهض بالهمم إلى طلب
المعالي والأمور الشريفة.


أركان علم الأدب:


أما أركان علم الأدب ( أي دعائمه التي يقوم عليها ويستند إليها) فهي كما
يذكر الأستاذ أحمد الهاشمي في مقدمة كتابه القيم ( جواهر الأدب) أربعة:


الأول: قوى العقل الغريزية، وهي خمسة: الذكاء والخيال والحافظة والحس
والذوق.


الثاني: معرفة الأصول، وهي مجموعة قوانين الكتابة، وفيها تبيان طرق حسن
التأليف وضروب الإنشاء وفنون الخطابة.


الثالث: مطالعة تصانيف البلغاء بالتأني والتبصر فيها، ليدخر الكاتب كل
لفظ مؤنق شريف، وكل معنى بديع، بحيث يتصرف بهما عند الضرورة.


الرابع: الارتياض ـ وهو التدريب ـ بوجوه الإنشاء، بأن تتوسع في شرح بعض
المعاني فتبينه بأوجه شتى وتنمقه بأشكال البديع...


هذا هو الأدب بوجه عام... وإذا نظرنا إلى الأدب الإسلامي بصفة خاصة
فإننا نقول:


* الأدب الإسلامي: "هو التعبير الفني الهادف عن واقع الحياة والكون
والإنسان على وجدان الأديب تعبيراً ينبع من التصور الإسلامي للخالق عزّ
وجلّ ومخلوقاته".
والمراد بفنية التعبير جماله وروعته، ولا غرو فإشراق العبارة وجمالها شرطان
أساسيان لازمان لكل أدب، فكيف إذا كان إسلامياً نابعاً من كتاب الله
متأسياً بحديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟


وهذا الأدب لا بد أن يكون هادفاً؛ لأن أفعال المسلم وأقواله مصونة عن
اللغو والعبث، بعيدة عما لا طائل تحته. وعلى هذا فالأدب الإسلامي لا يكتفي
بجمال التعبير وإبداع التصوير وإنما يشترط فيه أن يكون ممتعاً نافعاً في
وقت مع، ذلك لأن الأكواب الفارغة لا تروى العطاش.
وموضوع هذا الأدب رحب الآفاق، متعدد الجوانب فهو يشمل الإنسان بعواطفه
وأشواقه، وآماله وآلامه، وحسناته وسيئاته، ودنياه وأخرته، كما يشمل الحياة
بكل ما فيها من سعادة وشقاء، ومقومات وقيم، وهو يشتمل على الكون بره وبحره،
وأرضه وسمائه، كما يشتمل على الطبيعة بطيرها السابح، وحيوانها السارح
وربيعها الجميل، وشتائها العاصف، وما إلى ذلك.


(( وقد يتساءل الكثيرون هل هناك أدب إسلامي.. ويضعون معادلة صعبة حين
يقولون وهل ما عدا الأدب الإسلامي أدب كافر؟ ولهؤلاء نقول إن تاريخ الأدب
العالمي قد عرف ما سمي بالأدب الوجودي من خلال الروايات التي كتبها
الفيلسوف "سارتر" وفي أدبنا العربي بعض روايات أنيس منصور، وكذلك عرف
التاريخ الأدب الاشتراكي من خلال منظريه المنتشرين في أرجاء العالم.. وعرف
التاريخ أنواعا أخرى من الأدب التي تدعو إلى فكر معين.. ذلك لأن الأدب
(بشتى ضروبه: رواية، شعر، نقد..الخ) يعتبر من أهم وسائل نقل الفكرة
وتوصيلها إلى أكبر عدد من الناس على اختلاف ميولهم وأذواقهم ولا شك أن
الإسلام من أرسخ العقائد في النفوس لأنه دين الفطرة فلماذا لا يكون هنالك
أدب يدعو إلى هذه الفكرة دون أن يخلطها بغيرها من الأفكار.)) موقع المختار الإسلامي


(( والأدب الإسلامي ليس بعثا جديدا كما يقول البعض، ولكنه امتداد لأدب
الدعوة وتجيء أهميتة من خلال طرحه للقضايا الأدبية الجوهرية، والآفاق
الفكرية الأصيلة، ورؤية الواقع وتجسيده، وتنظيم مفرداته بتصور إسلامي،
يتواءم مع قواعد الدين الحنيف. وأمتنا الإسلامية بتاريخها الثري منذ العصر
الجاهلي إلى العصر الحديث تفيض وتزخر بتراث عظيم حافل بالمجد والسمو
والمواقف والعمق والأصالة وينبغي توظيفه لخدمة الأدب الإسلامي وإعادة الوجه
الكريم لتراثنا بعد أن كاد يغيب عنا.)) موقع المختار
الإسلامي ـ بتصرف



الوضع في العالم قبل النهضة الإسلامية:


صار من الثابت بين الباحثين أن العصر الجاهلي لا يشمل كل ما سبق الإسلام
من حقب طوالٍ، ولكنه يقتصر على حقبة لا تزيد على القرنين من الزمان، وهي
ما اصطلح الباحثون على تسميتها بالجاهلية الثانية، وفي تلك الحقبة ظهر هذا
الإنتاج الغزير الناضج من الشعر والنثر، واكتملت للغة العربية خصائصها التي
برزت من خلال هذا النتاج الأدبي الوفير، كما استقرَّ أيضًا رسم حروفها
الألفبائية. فما انتهى إلينا، إذن، من أدب جاهلي هو أدب الجاهلية الثانية،
وهو ما نستطيع الحديث عنه ودراسة فنونه وخصائصه، أما أدب ما قبل هذه الحقبة
التاريخية فهو أدب ما يسمى بالجاهلية الأولى، وهو أدب لم تتوافر نصوص منه،
فالحديث عنه غير ممكن. ومن هنا فإن الأبحاث التي استقصت أولية الشعر
العربي أو أولية اللغة العربية تقوم على مجرد الحدس والتخمين، أو على نوع
من الأخبار الوهمية والخرافات على أن اللغة العربية التي سُجِّلت بها
النصوص الأدبية في عصر الجاهلية الثانية هي واحدة من الأسرة السامية التي
تشمل: 1- الأكادية والبابلية والآشورية. 2-الآرامية. 3- الكنعانية. 4-
الحبشية. 5- ثم العربية بفرعيها: الشمالي والجنوبي.

وإذا كانت الأمية قد شاعت بين العرب، فإن هذا لا يعني قط انعدام القراءة
والكتابة لديهم، فلقد انتشرت بينهم القراءة والكتابة بالقدر الذي يسمح لهم
بتدوين معاملاتهم وآدابهم. وإذا كانت الذاكرة العربية التي تميزت بالقوة
قد حفظت قدرًا كبيرًا من الأشعار، فإن التدوين أيضًا كان مساندًا للرواية
الشفوية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

الأدب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأدب   الأدب Icon_minitimeالأربعاء 19 مايو 2010 - 19:50

اهتمام الإسلام بالأدب


كانت حياة العرب في الجاهلية تقوم على الجهل الذي هو التطاول والبغي
والإشراك بالله وعبادة الأصنام وإتيان الفواحش.. إلى غير ذلك من مظاهر
الجاهلية.
فجاء الإسلام وغيّر هذه الحياة الجاهلية وأخرج العرب من الظلمات إلى
النور، وأثر في حياتهم تأثيراً كبيراً، ورسم لهم طريقاً جديداً، ونبذ
طريقهم القديم.
والأدب بشعره ونثره مظهر من مظاهر الحياة المختلفة، أثر فيه الإسلام كما
أثّر في غيره من نواحي الحياة، واللغة هي المعبرة عن الأدب فلا يمكن أن
نتصور أدباً من دون لغة، وبناء على ذلك فإن اللغة تأثرت بالإسلام تأثراً
ملموساً في طرق التعبير المختلفة سواء كان ذلك في المفردات أو في التراكيب
أو في البناء العام.
والإسلام رسم الطريق للأدب ووضحه؛ فمن الأدباء من انتفع بذلك المنهج
الإلهي المرسوم فسار على نهجه كحسان، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك.
ومن الأدباء من لم ينتفع بما رسمه الإسلام وإنما رجع إِلى تقليد الجاهليين
والسير على نهجهم كما حصل من بعض الشعراء في صدر الإسلام وما بعده من
العصور، وهؤلاء وأولئك ينطبق عليهم الحديث الشريف: "إن مثل ما بعثني الله
به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء
فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها
الناس فشربوا منه وسقوا ورعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا
تمسك ماء ولا تنبت كلأ.. الحديث، وهذا الحديث لا يقتصر على الأدباء وحدهم
فهو شامل لهم ولغيرهم، ولكن الأدباء فئة من الناس منهم من أثر فيه الإِسلام
فصنع أدباً إسلامياً، ومنهم من رجع إلى أدباء الجاهلية يقتدي بهم.
وقد رقق الإسلام ألفاظ اللغة وأبعدها عن الجفاء والغلظة كما حول
أساليبها إلى العذوبة والسلاسة. وقد أسهم المسلمون من غير العرب في رقي أدب
اللغة العربية؛ فبرز شعراء وخطباء وكتاب أسهموا بنصيب كبير في توسع الأدب
وتعدد أغراضه، وبما أن الإِسلام جاء بفكر جديد يحتاج إلى شرح وتوضيح فقد
برزت الخطابة بأساليبها الجديدة، كما توسع كتاب الرسائل في التفنن في
أساليبهم، وبرزت المناظرات بفنونها الأدبية والبلاغية، فأثر الإِسلام في
اللغة والأدب ظاهر وجلي.
(( ويخطئ الكثيرون حين يفهمون أن الأدب الإسلامي هو الأدب الذي يتحدث عن
الميراث ويتكلم عن مصارف الزكاة ونحو ذلك من أمور الفقه أو حين يفهمون أنه
هو الأدب الذي يلعن شارب الخمر ويشتم مدمني المخدرات ويسب المتبرجات، ولا
يدرون أن خارطة الأدب الإسلامي أكبر وأوسع من ذلك بكثير وأن ميدانها فسيح
رحيب يسع الدنيا والآخرة ويشمل الحياة بشتى مجالاتها، فالأدب الإسلامي
يتحدث عن الطبيعة ولا يفهم الطبيعة على أنها القمر والبحر والشاطيء بل كما
قال الأديب معاوية محمد نور:"ففي الطبيعة خلاف الشواطئ التي وقفت عندها سفن
البحارة، أشياء أخرى أرق، وربما كانت ألصق وأجدر بالتفات الشاعر فالحجر
الصلد الذي يقف في طريقك، والشارع الذي تصقله مصلحة التنظيم حيث يعمل جماعة
المهندسين، والفأر الهارب من سفينة خربة، والذباب الذي يَطِنُّ على جيفة،
وقطعة الحديد التي أكلها الصد، والخشب الذي نأكل عليه، والزرع الذي نلبسه
ثيابا، والعصفور الوحيد الذي ينتقل من بيت لآخر، والنمل والنحل وصوت
الباخرة وضجيج الترام وخلافها من الأجزاء الحية في الطبيعة، الالتفات إليها
أدل على فهم الطبيعة من آلاف القصائد عن البحر والشفق والنجوم".
والأدب الإسلامي عميق عمق النفس البشرية لذلك يتحدث عنها بخيرها وشرها
يدعو إلى الخير.. ويحارب الشر، يعاضد الصالح ويهدي الطالح.. غير أن هذا لا
يعني – بالضرورة - أن يرتدي ثوب (التقريرية) المقيت، أو التكلف المشين، أو
أن يلبس لبوس الوعظ المباشر، كما لا يعني أن يخلع دثار الواقع ويلتحف ثوب
الخيال الجامح.. فالأدب الإسلامي يتخفى خلف شخصية المؤمن التقي كما يتخفى
خلف شخصية الفاجر العصي، الأولى ليؤيد نهجها، ويدعم صفها، والثانية ليقوي
ضعفها و يبين خطرها أو ليعرض مشكلتها أو ليحلل أسباب وجودها.
مميزات الأدب الإسلامي:
يتميز الأدب الإسلامي عن غيره بأنه:
أدب رسالي:
فالأديب المسلم يعلم أنه صاحب رسالة، وطالب غاية، ولا يؤمن بالمقولة
الشائعة: الأدب لأجل الأدب، وإنما الأدب وما للأدب لله؛ ولهذا تنتفي عنه
الإباحية ومسايرة الأهواء.
أدب إنساني:
إذ أن محور خطابه هو الإنسان روحاً وعقلا، فكراً وعاطفة؛ لذلك يعمل
الأدب الإسلامي على انتقاء المواقف التي تنمي رصيد الفكر الإنساني
البَنَّاء.
أدب شمولي:
إذ أنه لا يحده قالب من قوالب الأدب المعروفة في القصة أو الشعر أو
غيرها وإنما يخوض كل الفنون الأدبية لذلك لم يقف الشعر الإسلامي عند أوزان
الخليل فحسب، وإنما اقتحم ما يسمى بشعر التفعيلة، وفي مجال القصة اخترق
مجال التاريخ والواقع المعاصر والخيال المبدع والتجارب الشخصية والعقل
الباطن وغيرها من مصادر التجارب الإنسانية، وكذلك فالأدب الإسلامي لا تحده
مدرسة من مدارس الأدب كلاسيكية كانت أو رمزية أو واقعية بل يضرب في كل
غنيمة بسهم، ولا يعني هذا أن يتخلى عن الأساس الذي يجعل الأدب أدبا.
أدب عالمي:
فالأدب الإسلامي عالمي المنـزع والوجهة، يعمل على تقريب الفوارق بين بني
الإنسان، ويسعى لمخاطبة كل الجماعات البشرية–من نصارى ويهود وملوك وفقراء
وسود وبيض..الخ.
أدب متنوع:
ذلك أن الأدب الإسلامي يتنوع تنوعاً يروي ظمأ الروحانيين.. ويشفي غلة
المفكرين.. ويستوعب طاقة الرياضيين..يسد حاجة الفقراء.. ويرضي تطلعات
الأغنياء، يخاطب الروح والعقل والجوارح... يجتذب الشعراء والأدباء
والتشكيليين ويبين مظاهر الجمال والزينة في أرجاء الكون.... إذ أن خالق
الكون جميل يحب الجمال.. خلق فأحسن.. وصور فأبدع.. وقدر فهدى.كما لا يغفل
الأدب الإسلامي العلماء والأكاديمين والمشاكل المعاصرة..
أدب وسطي:
ذلك أن الأدب الإسلامي يراعي التوازن بين العقل والوحي، وبين المادة
والروح، بين الحقوق والواجبات، بين الفردية والجماعية، بين الإلهام
والالتزام، بين الواقع الموجود والمثال المنشود.
أدب إيجابي:
لأنه يعرف دوره في الوجود ويرى الإسلام منهج حياة، ودافع بقاء، وباعث
عمارة، ومنشئ حضارة. فيهدف لتحقيق هذه المقاصد. ))
نزار محمد عثمان موقع المختار الإسلامي
تطور الأدب في الإسلام:
لعلَّ أعظم تأثير أحدثه الإسلام في الأدب، تمثل في عنايته الكبيرة
بالنثر. ظهر ذلك في لغة القرآن والحديث النبوي، وفي لغة الخلفاء الراشدين
والقادة والقضاة والولاة، وكلّها كانت نثرًا. ولا يعني ذلك، بطبيعة الحال،
أن الإسلام أهمل الشعر، بل حرص على الإبقاء عليه، وصار حَسَّان بن ثابت
شاعر الرسول، ولقي هو وغيره من شعراء الإسلام تشجيعًا من النبي صلى الله
عليه وسلم وتأثر الشعر بالإسلام: لغة ومضامين. واتخذ عبد الله بن عباس من
الشعر الجاهلي مادة لتفسير غريب القرآن الكريم، وكان من صحابة النبي صلى
الله عليه وسلم من يتذاكر الشعر الجاهلي وأيام العرب في الجاهلية والنبي
صلى الله عليه وسلم لا يُنكر عليهم ذلك.
أثر الإسلام في النثر:
كانت عناية الإسلام بالنثر أكبر من عنايته بالشعر، وتأثيره في النثر
أعمق. وهذا أمرٌ بدهي، إذ كان النثر أداة الدعوة الأولى، وأداة الإسلام
الأولى للتعليم وتوجيه شؤون الجماعة الإسلامية، حين صار للعرب دولة منظمة
مهيبة الجانب، ثم أصبح النثر فيما بعد أداة الإسلام في التأليف والتدوين
العلمي، وفي نشأة شتى العلوم الإسلامية، والعلوم العربية المساندة لها،
وعرف تاريخ الفكر الإنساني تراثًا معرفيًا عظيمًا للمسلمين.
ازدهرت الخطابة في صدر الإسلام ازدهارًا عظيمًا، إذ صارت الأداة القولية
الفعالة في الدَّعوة، وفي تنظيم شؤون الدولة، وفي توجيه الجماعة
الإسلامية. بل صارت الخطابة مرتبطة بالشعائر الإسلامية، وتمثَّل ذلك في
خطبة الجمعة ويوم عرفة والعيدين وصلاة الاستسقاء والخروج إلى الجهاد.
وكثيرًا ما نطالع في كتب السيرة والسنة، صعود النبي صلى الله عليه وسلم إلى
المنبر يخاطب المسلمين في أمور شتى: أمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر،
وتُعدّ خطبة الوداع أشهر خطبه صلى الله عليه وسلم، وكذلك كان الخلفاء
الراشدون وولاتهم من بعدهم.
صارت الخطابة ـ في العصر الإسلامي ـ أداة الجماعات الممثلة لشتى القبائل
عند وفادتها على النبي صلى الله عليه وسلم، أو الخلفاء الراشدين من بعده.
وكانت الخطبة الإسلامية تبدأ باسم الله ثم بحمده والصلاة والسلام على نبيه.
ويُستشهد فيها بالقرآن الكريم، وتقوم على المعاني الإسلامية. وقد سجلت لنا
المصادر الكثير من نصوص الخطابة وأسماء الخطباء، بما يعكس هذه النهضة
الكبيرة التي أحدثها الإسلام في هذا الفن، فتفوّق العرب على أقرانهم من
اليونان والرومان. وكان للأحداث دورها في تنشيط الخطابة، فضلاً عن الجهاد،
واستعداد العرب الفطري لهذا الفن الذي عرفوا به، منذ العصر الجاهلي، كما
عرفوا بالشعر.
نشط في هذا العصر فن آخر، هو فن الرسالة حيث اضطلع بما لم تضطلع به
الخطبة والقصيدة، وتمثَّل ذلك في رسائل النبي صلى الله عليه وسلم، وأولها
يتمثل في الكتاب الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم حين نزل المدينة،
يخاطب فيه المهاجرين والأنصار، ويحدد المعالم الأساسية للجماعة المسلمة في
وحدة عقيدتها وزوال الفوارق والنعرات القبلية. كما بعث النبي صلى الله عليه
وسلم برسائل شتى إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام، ومن أبرزها رسالته إلى
هرقل ملك الروم، وإلى المقوقس عظيم مصر
ويلحق بالرسائل نصوص المعاهدات، ومنها تلك المعاهدة المكتوبة بين النبي
صلى الله عليه وسلم وبين قريش عام الحديبية، وفيها اتفاق على هدنة مدتها
عشر سنوات "وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل، ومن أحب أن يدخل في
عقد قريش وعهدهم دخل». ومن هذه المعاهدات معاهدته مع أهل نجران، يبين لهم
فيها ما عليهم من خراج ثم يقول: "ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد
النبي رسول الله على أموالهم وأنفسهم وملّتهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم
وتبيعهم، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير".
وفي هذا المقام يُشار إلى حقيقتين مهمتين: الأولى، كثرة ما ورد إلينا من
العصر النبوي من نصوص خطابية ورسائل ومعاهدات، وقد نالت هذه النصوص عناية
كبيرة من رجال الحديث والمؤرخين، حتى صارت متواترة مشهورة في كتب السيرة
والأحاديث والتاريخ، ولها أسانيدها ورواتها. والحقيقة الثانية، أن قدرًا
كبيرًا من تلك النصوص قد أصبح معروفًا واستفاضت به المصادر، لأنها اعتُبرت
وثائق تاريخية، ومصادر دينية، ونصوصًا أدبية رفيعة المستوى، تعكس هذا
التحوّل الكبير الذي أحدثه الإسلام في النثر على وجه الخصوص.
والأمر الذي لا شك فيه أنه كان لانتشار الكتابة منذ عصر النبوّة أكبر
الأثر في حفظ هذه النصوص النثرية وتدوينها، بل والثقة بها. ولا شك أيضًا في
أن الإسلام قد نشط في محو الأمية، وحث المسلمين على تعلُّم الكتابة
والقراءة ونشرها بين الأفراد والجماعات، حتى تمكنوا من تدوين القرآن الكريم
على نحو بلغ من الدقة ما لم يبلغه كتاب سماوي، كماشهدت السنّة النبوية
بدايات التدوين الدقيق الموثق منذ العهد النبوي. وكان ذلك نواةً لنشأة حركة
التأليف والترجمة فيما بعد.
أثر الإسلام في الشعر:
تَمَـثَّـل أول أثر للإسلام في الشعر في تلك المعاني الإسلامية الجليلة
التي حملها الشعر الإسلامي، فصارت قيمًا راسخة في العقيدة والأدب الإسلامي.
كما كان للإسلام أثره في توجيه أهداف الشعر، إذ لم يَعُد هدف الشاعر
المسلم التفوق والتميز، أو دعم القيم القبلية، أو التكسُّب وإراقة ماء
الوجه. بل صار هدفه، الدِّفاع عن العقيدة والقرآن والنبي صلى الله عليه
وسلم.
لم يقتصر الشعر على عصر النبوة وحدها، بل تجاوزه إلى عصر الخلافة
الراشدة، وكان له دوره في الأحداث الكبرى خلال هذا العصر، كحروب الردّة في
خلافة أبي بكر الصديق، وفتوحات عمر وحُسْن بلائه، وأحداث الفتنة الكبرى بين
معاوية وعلي بن أبي طالب، رضي الله عنهما، وأشياع كل منهما.
وتردَّدت خلال عصر الخلافة الراشدة أسماء شعراء من أمثال: المخبَّل
السَّعْدي، والنابغة الجَعْدي، وأبي الأسود الدُّؤلي، وخُزيمة الأسَدِيِ،
وغيرهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

الأدب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأدب   الأدب Icon_minitimeالأربعاء 19 مايو 2010 - 19:51

روّاد الأدب من المسلمين


* ابن قتيبة.. أديب الفقهاء ومحدث الأدباء
لما أنشئت بغداد وأصبحت حاضرة الخلافة ومقر الحكم، أقبل الناس على
سكناها، وامتد إليها العمران، فغدت في سنوات قليلة واسعة الأرجاء، جميلة
البناء، زاهرة بقصورها ومساجدها وحدائقها ومرافقها، وجذبت إليها أهل العلم
والفضل وذوي الأدب والمعرفة، يلقون في كنفها كل تقدير وإجلال، ويجدون من
خلفائها ووزرائها وأعيانها كل عون وتشجيع، فامتلأت المساجد بحلقات الفقه
والحديث واللغة والأدب وعلم الكلام، وازدهرت حلقات الجدل والمناظرة، واحتشد
ببغداد أئمة العلم، ونوابغ الأدب، وجهابذة الفقه، وأعلام الحديث، وكبار
الشعراء، وعباقرة الموسيقى والغناء، وتحولت بغداد إلى جامعة كبرى تظل هؤلاء
جميعًا. وكان ابن قتيبة واحدًا ممن ازدانت بهم حلقات العلم ببغداد.
المولد والنشأة:
لا يُعرف على وجه اليقين المدينة التي وُلد بها أبو محمد عبد الله بن
مسلم بن قتيبة، فيذهب بعض المؤرخين إلى أنه ولد بالكوفة، في حين يذهب آخرون
إلى أن مولده كان ببغداد، لكن الراجح أنه ولد بالكوفة سنة (213هـ=828م)،
لكنه لم يُقم بها طويلاً، وانتقل صغيرًا إلى مدينة بغداد؛ حيث نشأ بها
وتثقف على علمائها، وكانت تموج بحركة علمية زاهرة، ونشاط ثقافي خصب، فتردد
على حلقاتها ولزم علماءها، فأخذ الحديث عن أئمته المشهورين وفي مقدمتهم
إسحاق بن راهويه، وكان أحد أئمة الإسلام ومن أصحاب الإمام الشافعي، وله
مسند معروف، وإلى جانب ذلك كان من أعلم الناس بتفسير القرآن، وحسبه منزلةً
أن البخاري ومسلم والترمذي كانوا من تلاميذه ورووا عنه.
وأخذ اللغة والنحو والقراءات على أبي حاتم السجستاني، وكان إمامًا
كبيرًا ضليعًا في العربية، وعن أبي الفضل الرياشي، وكان عالمًا باللغة
والشعر كثير الرواية عن الأصمعي، كما تتلمذ على عبد الرحمن ابن أخي
الأصمعي، وحرملة بن يحيى، وأبي الخطاب زياد بن يحيى الحساني، وغيرهم.
العمل بالقضاء والتدريس:
وبعد أن اشتد عود ابن قتيبة، ونهل من المعرفة وأخذ بقسط وافر من علوم
اللغة والشرع، اختير قاضيًا لمدينة "الدينور" من بلاد فارس، وكان بها جماعة
من العلماء والفقهاء والمحدثين، فاتصل بهم، وتدارس معهم مسائل الفقه
والحديث، ثم عاد إلى بغداد، واتصل بأبي الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان
وزير الخليفة المتوكل، وأهدى له كتابه "أدب الكاتب"، وكان يجمع بينهما
وشائج من العلم والأدب.
استقر ابن قتيبة في بغداد، وأقام حلقة للتدريس، يقرأ كتبه على تلاميذه
الذين التفوا حوله، وكانت شهرته قد طبقت الآفاق، ومن تلاميذه: ابنه القاضي
أبو جعفر أحمد بن قتيبة، وأبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه، وعبيد
الله بن عبد الرحمن السكري، وغيرهم.
ثقافة ابن قتيبة:
كان ابن قتيبة مرآة لثقافة عصره الواسعة، فهو محدث متمكن روى عن أئمة
الحديث وحُفّاظه، وله بصر بعلم الكلام والجدل والمناظرة، وكان قد اتجه إلى
حلقات المتكلمين في مطلع حياته، وأخذ عنهم، وقد أفاده اطلاعه على آراء
المتكلمين في جداله معهم ومقارعتهم الحجة بالحجة، وذلك في معرض دفاعه عن
أهل السُّنَّة، وهو مؤرخ عالم بتاريخ العرب وأيامهم، وتاريخ المسلمين
وفتوحاتهم وغزواتهم، وضليع فيما يتصل بالفقه وعلوم القرآن، وفوق ذلك أديب
لغوي تشهد مؤلفاته على علو كعبه وتميزه في عصرٍ امتلأ بالنوابغ في ميادين
اللغة والأدب.
وخلاصة القول: إن "ابن قتيبة" كان من أغزر علماء المسلمين إنتاجًا،
وأكثرهم تنوعًا فلم يقتصر إنتاجه على فن واحد أو اثنين، بل ضرب بسهم وافر
في أكثر ميادين الثقافة العربية والإسلامية، يمده في ذلك ذكاء فطري وموهبة
عظيمة، وعزيمة قوية، وهمة عالية، وشغف بالمعرفة ملك عليه نفسه، فانصرف إليه
كلية.
ابن قتيبة المحدث الفقيه:
لم يكن ابن قتيبة محدثًا مثل البخاري ومسلم وأضرابهما من المحدثين
العظام ممن يهتمون بالرواية والتصنيف، وإنما كان معنيًا بجانب آخر يحتاج
إلى ثقافة عربية واسعة، ووقوف على مناهج المتكلمين وطرائقهم في الجدل
والمناظرة، هذا الجانب هو جانب الدفاع عن الحديث، وشرح غريبه، وتأويل
مُختلفه، ورد الشبهات عن أهله والذود عنهم؛ ولذا لقّبه ابن تيمية بحجة
الأدب المنتصب للدفاع عن أهل الحديث، ويمثل كتابه "تأويل مختلف الحديث" هذا
الاتجاه في التأليف؛ حيث وضعه ليوفق بين الأحاديث التي يُدَّعى فيها
التناقض والاختلاف، وله كتب لا تزال حبيسة المكتبات تدور حول الحديث، مثل:
"غريب الحديث"، و"إصلاح غلط أبي عبيد في غريب الحديث".
وله فيما يتصل بالدراسات القرآنية كتابه المعروف "مشكل القرآن"، تكلم
فيه عن العرب وما خصَّهم الله به من العارضة (القدرة على الكلام) وقوة
البيان، واتساع المجاز، ووجوه القرآن واللحن والتناقض والاختلاف، والمتشابه
من القرآن، والقول في المجاز، والاستعارة، والحذف والاختصار، وتكرار
الكلام والزيادة فيه، ومخالفة ظاهر اللفظ معناه، واللفظ الواحد للمعاني
المختلفة.
وتتجلى في الكتاب ثقافة ابن قتيبة الواسعة، وإلمامه الدقيق بخفايا
الأسلوب العربي وأسراره إلى جانب اطلاعه على الكتب السماوية الأخرى، وقد
طبع الكتاب بتحقيق السيد أحمد صقر.
وله أيضًا كتاب "غريب القرآن" تناول فيه تفسير غريب الألفاظ الواردة في
القرآن الكريم، وقد جمع العلامة ابن مطرف الكناني بين هذا الكتاب وكتاب
"مشكل القرآن" في كتاب سماه: القرطين، وألّف في الفقه كتاب "الأشربة"،
و"الميْسر والقداح".
تناول في الكتاب الأول مسألة تحريم الخمر، والدواعي التي حرمت من أجلها،
وعرج إلى مصادرها وكيفية صنعها، والأنواع التي تُصنع منها، ثم تعرض لمسألة
النبيذ الذي عُرف في عصره، وهو ماء الزبيب وماء التمر دون غليان، وسُمي
نبيذًا لأنه كان يتخذ وينبذ، أي يترك، وينتهي ابن قتيبة بعد استعراض لآراء
الفقهاء إلى أن التحريم منصب على المسكر من الخمر بأنواعها، وإنما يجب
الاحتياط بتجنب القليل مما كثيره مسكر، أو ما يُخشى من إسكاره من منقوع
التمر والزبيب ومخلوطه، وإن اختلفت أسماؤه. وقد طبع الكتاب بتحقيق محمد كرد
علي سنة (1366 هـ= 1947م).
وتناول في الكتاب الآخر مسألة الميسر، بعد أن طُلب إليه ذلك. يقول في
المقدمة:
"أما بعد فإنك كتبت تعلمني تعلق قلبك بالميسر وكيفيته، والقداح وحظوظها،
والمياسرين (المقامرين) وأحوالهم، ومعرفة ما في الميسر من النفع الذي ذكره
الله في القرآن"، ولم يقتصر في تناول مسألة تحريم الميسر على الناحية
الفقهية، وإنما عرض للموضوع عرضًا لغويًا وتاريخيًا واجتماعيًا. وقد طبع
الكتاب بالمطبعة السلفية بتحقيق محب الدين الخطيب سنة ((1342 هـ= 1923م)).
ابن قتيبة والمعارف العامة:
وضع ابن قتيبة عددًا من كتب المعارف العامة التي تمتاز بالاختصار
والتنوع، والإلمام بضروب المعرفة الإنسانية، التي تحتاج الطبقة المثقفة إلى
معرفتها والتزود بها، والإلمام منها بطرف، ويأتي في مقدمة تلك الكتب:
"المعارف"، ويشمل كما يقول مؤلفه على فنون كثيرة من المعارف، تبدأ من مبتدأ
الخلق وقصص الأنبياء، وقبائل العرب وبطونها، وأخبار النبي (صلى الله عليه
وسلم)، وأولاده وأزواجه ومواليه، وتراجم الصحابة المشهورين والخلفاء، ثم
تراجم العلماء من فقهاء ومحدثين ونسابين ورواة، كما تعرض للمساجد المشهورة
وبنائها، وتناول أيام العرب المعروفة، وفتوح المسلمين، وغير ذلك. وقد طُبع
الكتاب محققًا بعناية الدكتور ثروت عكاشة، ونشرته دار الكتب المصرية.
وله في هذا الاتجاه كتابه المعروف "عيون الأخبار"، وضعه لكُتَّاب الدولة
أو لمن يريد أن يشتغل بالكتابة، وألمَّ فيه بضروب المعرفة التي تعينه في
عمله، من التبصر بأحوال الدنيا، والإلمام بخبايا النفس، وإدراك أمور
السياسة وتدبير الحكم، وقسَّمه إلى عشرة كتب: هي كتاب السلطان، والحرب،
والسؤدد، والطبائع والأخلاق، والعلم، والزهد، والإخوان والحوائج، والطعام،
والنساء. وقد طُبع الكتاب محققًا بدار الكتب المصرية سنة 1348هـ=1930م.
ابن قتيبة الأديب اللغوي:
كان ابن قتيبة إلى جانب علمه باللغة أديبًا واسع الاطلاع، صاحب ذوق
وبيان، ناقدًا نافذ البصيرة، عالمًا ببواطن الجمال في الأدب، له مقدمات في
أصول النقد الأدبي، وجمع إلى جانب ذلك كثيرًا مما يتصل بثقافة الكاتب
والأديب من معارف عامة، وهو في ذلك يسير على الدرب الذي انتهجه من قبل أديب
العربية الكبير أبو عثمان الجاحظ، والأديب الموسوعي أبو حنيفة الدينوري؛
ولذا كان كثير من كتبه الأدبية يدور حول تربية الملكة الأدبية، وإرشاد طبقة
الكتاب وتعليمهم كما ذكرنا.
ويمثل كتابه "أدب الكاتب" هذا الاتجاه خير تمثيل، قدّم فيه ابن قتيبة
قدرًا من الثقافة اللغوية الضرورية لكتاب الدواوين في زمانه خاصة، وللكتاب
والأدباء عامة، ليزودهم بالأدوات التي تعينهم في الكتابة، وتعصمهم من
الوقوع في الخطأ والزلل. وهذا الكتاب يعد أول كتاب منظم في هذا الموضوع، لم
يسبقه إلا أقوال أو رسائل توجيهية، مثلما فعل عبد الحميد الكاتب في رسالته
إلى الكُتاب.
وقد نال هذا الكتاب إعجاب كثير من العلماء وتقديرهم، فعدَّه ابن خلدون
من أمهات كتب الأدب العربي؛ حيث قال: "وسمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم
أن أصول هذا الفن وأركانه أربعة دواوين، وهي أدب الكاتب لابن قتيبة، وكتاب
الكامل للمبرد، وكتاب البيان والتبيين للجاحظ، وكتاب النوادر لأبي علي
القالي البغدادي، وما سوى هذه الأربعة فتبع لها وفروع منها".
وقد قام بشرح الكتاب والتعليق عليه جماعة من العلماء، منهم ابن السيد
البطليوسي، فقد سمَّى شرحه "الاقتضاب في شرح أدب الكتاب"، وكذلك شرحه أبو
منصور الجواليقي، وسمَّى شرحه: "شرح أدب الكاتب" والشرحان مطبوعان، أما
الكتاب نفسه فقد طُبع طبعات متعددة.
ابن قتيبة الناقد الأدبي:
تصدَّى ابن قتيبة لفن النقد الأدبي، وأودع منهجه النقدي في كتابه
المعروف "الشعر والشعراء"، ثم أردفه بكتابه "معاني الشعر"، أما الكتاب
الأول فقد استهله بمقدمة في غاية الأهمية، وضع فيها أصول النقد المعروفة في
عصره، وجمع قدرًا من مقاييس النقاد وأحكامهم، ثم اجتهد في بسط آرائه
النقدية ومقاييسه العامة التي تلائم الشعر الجديد الذي ازدهر في عصره،
بعيدًا عن المقاييس الجامدة التي درج اللغويون على تحكيمها متأثرين بمعايير
أصول الشعر القديم، فتحدَّث ابن قتيبة عن ماهية الشعر وطبيعة الشاعر،
وبناء القصيدة، والمطبوع من الشعراء والمتكلف، وموضوعات الشعر، وعيوبه.
وبعد المقدمة أفاض في ترجمة الشعراء المعروفين بدءًا من العصر الجاهلي
حتى زمن المؤلف، وقد بدأ تراجمه بامرئ القيس أمير شعراء الجاهلية، ملتزمًا
في إيراد تراجمه الترتيب التاريخي، فبدأ بشعراء الجاهلية القدماء الذين لم
يدركوا الإسلام، ثم الذين أدركوا الإسلام كـ لبيد بن ربيعة والنابغة
الجعدي، ثم الشعراء الأمويين فالعباسيين، وكان يطيل في الترجمة أو يقصر حسب
مكانة الشاعر وما يروى من شعره وما يستجاد. وقد طُبع الكتاب محققًا بعناية
الشيخ أحمد شاكر في مصر.
أما الكتاب الآخر فهو "معاني الشعر"، وهو يتناول أبوابًا من المعاني
المختلفة، مثل: النساء والغزل، والسباع والوحوش، والإبل والخيل، ويذكر ما
جاء فيها من الشعر، ثم يشرح غريبه، والكتاب يجمع ذخيرة أدبية قيمة من الشعر
العربي القديم في موضوعات تتصل بمناح مختلفة من الحياة عند العرب، وتكشف
عن عاداتهم وتقاليدهم، ويفسر كثيرًا من الألفاظ الغريبة، ويعمد إلى شرح بعض
الصور البيانية من استعارة وتشبيه. وقد طُبع الكتاب في الهند سنة (1368
هـ= 1949م) في ثلاثة مجلدات.
ولابن قتيبة مؤلفات كثيرة غير ما ذكرنا، بعضها مطبوع وبعضها الآخر لا
يزال مخطوطًا، أو امتدت إليه يد الإهمال فضاع مع ما ضاع من تراثنا الضخم.
ومن كتبه المطبوعة:
* "المسائل والأجوبة"، وقد طُبع بمصر سنة (1349 هـ= 1930م).
* "كتاب الأنواء في مواسم العرب"، وطُبع ببغداد سنة (1408 هـ= 1988م).
* "فضل العرب والتنبيه على علومها"، وطُبع بـ "أبو ظبي" سنة (1408 هـ=
1988م).
وفاة ابن قتيبة:
قضى ابن قتيبة حياته كلها في خدمة الأدب والدين، والدفاع عن عقيدة
الأمة، مستغلاً ثقافته الواسعة وقوة عارضته (قدرته على الكلام) في الذود عن
القرآن والحديث؛ ولذا لقي ثناء المعاصرين له وتقديرهم، كما عرف قدره من
جاء بعده من علماء الإسلام، فوصفه الذهبي: بأنه من أوعية العلم، وقال عنه
السيوطي: "إنه كان رأسًا في العربية واللغة والأخبار وأيام الناس".
وقد لبَّى ابن قتيبة نداء ربه في (15 من رجب 276هـ=13 من نوفمبر 899م)
بعد حياة حافلة بجلائل الأعمال. "إسلام أون لاين"
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

الأدب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأدب   الأدب Icon_minitimeالأربعاء 19 مايو 2010 - 19:52

* أبو فراس الحمداني:
هو الحارث بن سعيد بن حمدان، كنيته "أبو فراس". ولد في الموصل واغتيل
والده وهو في الثالثة من عمره على يد ابن أخيه جرّاء طموحه السياسي، لكنّ
سيف الدولة قام برعاية أبي فراس.
استقرّ أبو فراس في بلاد الحمدانيين في حلب. درس الأدب والفروسية، ثم
تولّى منبج وأخذ يرصد تحرّكات الروم. وقع مرتين في أسر الروم. وطال به
الأسر وهو أمير، فكاتب ابن عمه سيف الدولة ليفتديه، لكنّ سيف الدولة تباطأ
وظلّ يهمله.
كانت مدة الأسر الأولى سبع سنين وأشهراً على الأرجح. وقد استطاع النجاة
بأن فرّ من سجنه في خرشنة، وهي حصن على الفرات. أما الأسر الثاني فكان سنة
962 م. وقد حمله الروم إلى القسطنطينية، فكاتب سيف الدولة وحاول استعطافه
وحثّه على افتدائه، وراسل الخصوم. وفي سنة (966) م تم تحريره.
وفي سجنه نظم الروميات، وهي من أروع الشعر الإنساني وأصدقه.
لماذا تأخّر سيف الدولة في تحريره؟
علم سيف الدولة أن أبا فراس فارس طموح، فخاف على ملكه منه، ولهذا أراد
أن يحطّ من قدره، وأن يكسر شوكته ويخذله ويذلّه بإبقائه أطول فترة ممكنة في
الأسر.
ولهذا قام بمساواته مع باقي الأسرى، رغم أنه ابن عمه، وله صولات وجولات
في الكرم والدفاع عن حدود الدولة وخدمة سيف الدولة الحمداني.
أبو فراس الحمداني بين فكّي التاريخ:
سقوط الفارس في ساحة الميدان
بعد سنة من افتداء الشاعر، توفي سيف الدولة (967) م وخلفه ابنه أبو
المعالي سعد الدولة، وهو ابن أخت الشاعر. وكان أبو المعالي صغير السن فجعل
غلامه التركي (فرعويه) وصياً عليه.
وعندها عزم أبو فراس الحمداني على الاستيلاء على حمص، فوجّه إليه أبو
المعالي مولاه فرعويه، فسقط الشاعر في أوّل اشتباك في الرابع من نيسان سنة
968 م وهو في السادسة والثلاثين من عمره.
وهكذا نجد أنّ رأي سيف الدولة الحمداني فيه كان صادقاً وفي محله. فقد
كان أبو فراس الحمداني طموحاً إلى الإمارة؛ الأمر الذي جرَّ عليه الويلات.
أبو فراس الحمداني الشاعر والفارس الذي لا يهاب الموت عاني الكثير من
سيف الدولة الذي خاف من فروسيته وشعبيته فأحبّ أن يبقيه في أسر الروم. أما
نحن القراء فأمتعنا ما كتبه الشاعر من كتابة صادقة في الحب والفخر والرثاء
والشكوى.
يقول:
لم أعدُ فـيـه مفاخري ومديح آبائي النُّجُبْ
لا في المديح ولا الهجاءِ ولا المجونِ ولا اللعبْ
ولما تحرر من أسره حاول ردّ اعتباره واستعادة مجده لكنّ يد الموت كانت
أطول. وفي معركة غير متكافئة سقط شاعرنا ومات وهو يلفظ الشعر الصادق، فهو
لم يكن يكتب الشعر للتكسّب مثل شعراء العصر العباسي وشعراء البلاط في
عصرنا.
* أبو علي القالي:
هو إسماعيل بن القاسم بن عيذون بن هارون بن محمد بن سليمان القالي
البغدادي. أبو علي. ولد في بلدة (ملاذكرد) بديار بكر (شمالي العراق) قرب
بحيرة (آن) وينسب إلى قرية (قاليلقلا) وهي من قرى (ملاذكرد) ، ولم يكن منها
وإنما صحب بعض أهلها إلى بغداد فنسبوه إليها. كان دخول القالي إلى بغداد
سنة 303هـ وفيها أقام خمسا وعشرين سنة، ثم رحل إلى الأندلس سنة 328هـ ودخل
قرطبة أيام الخليفة الأموي عبد الرحمن الناصر فنال عنده وعند ابنه الحكم
المستنصر حظوة عظيمة، وكان الحكم يحضّه على التأليف وينشّطه بواسع العطاء
والإفراط في الإكرام. هو أول من نقل علم الأدب إلى الأندلس وكان من أعاظم
علماء العربية في اللغة والشعر، واسع المعرفة والرواية، وكتبه على غاية
التقييد والضبط والإتقان، وكان أكثرها مما أملاه. من تصانيفه: كتاب الأمالي
وهو أهم أعماله، وكان أملاه على تلاميذه الأندلسيين في جامع قرطبة وهو
يتضمن فصولا متفرقة عن العرب ولغتهم وشعرهم وأمثالهم وأخبارا تاريخية
وأدبية تتصل بشعرائهم. ومن تصانيفه كتاب (البارع) في اللغة وكتاب (المقصور
والممدود) وكتاب (الإبل ونتاجها) وكتاب (تفسير المعلقات السبع) ، وكتاب
(مقاتل الفرسان) ، وغير ذلك توفي عن 68 عامًا. " موقع الإسلام"
* إنجازات المسلمين في الأدب:
أشهر كتب الأدب:
قال ابن خلدون في علم الأدب: وأركانه أربعة دواوين وهي: (أدب الكاتب)
لابن قتيبة، وكتاب (الكامل) للمبرّد، وكتاب (البيان والتبيين) للجاحظ،
وكتاب (النوادر) لأبي علي القالي.
ولكنا لا نستطيع أن نغفل بعض كتب الأدب الأخرى البارزة، أمثال (العقد
الفريد) لابن عبد ربه، و(الأغاني) لأبي الفرج الأصبهاني وغيرهما...
* وقد كان للأدب الإسلامي تأثير في أوربا وحضارتها؛ فلقد أثَّر الأدب
الإسلامي على هوية الغرب الثقافية وتجلى ذلك في دراسات الأدب المقارن التي
تدرس مواطن التلاقي بين الآداب المختلفة ومدى التأثير والتأثر فيها من حيث
الأصول والفروع الفنية والتقنية، وكذلك بواسطة دراسات المستشرقين، وهنا يجب
توضيح معلومة هامة وهي أن الأدب الإسلامي تسمية مجازية للفنون والآداب
التي ظهرت في الدول الشرقية الهند وفارس وتركيا والدول العربية، وكذلك كل
الدول التي ازدهرت ونمت آدابها في ظل الحكم الإسلامي، كما كان الحال في
الأندلس وحضاراتها الرائدة.
هذا.. وإن على الإنسان الواعي إدراك أن الأدب هو نتاج الفكر والإبداع
الإنساني، وهو ليس حكراً على فئة معينة تملك حقوق استغلاله.
ومن ثم فإن إمكانيات النقل والتأثير والتأثر بين الآداب الخاصة بأي شعب
من الشعوب متاحة، فهي لا تنكر أصالة الأدب القومي بل تثبت إمكانياته
للتفاعل مع الآخر.
والآداب الشرقية والعربية لا تنكر التأثر بالأدب الغربي في أوجه عديدة
كان له فيها الريادة والسبق مثال القصة القصيرة والرواية الحديثة والمسرح؛
فهذه جوانب لم يعرفها العرب إلا عن طريق الاتصال بالغرب.
لذا، فإن التأثر سواء الإيجابي أو السلبي بأي أدب من قبل أي شعب يتوقف
على قدراته على التفاعل الناضج للحفاظ على الأصالة القومية، وليس هذا مدعاة
للانكسار بل الإنصاف بحق كل شعب في الاعتراف بفضله وريادته في أي مجال.
وللتأكد على وجهه النظر الإسلامية في دورها وأثرها على الأدب الغربي
يلوح لنا طريقان:
كيفية الانتقال:
انتشر الإسلام في شبه الجزيرة العربية ومنه إلي العالم أجمع، ثم أصبح
يحتل المساحة من المحيط الهندي إلى المحيط الأطلنطي جغرافيًا وتاريخيًا.
وكانت الحضارة الإسلامية قد تفاعلت وصارت فاعلة في هذا المحيط الإنساني
الشاسع، فقد استمر حكم المسلمين منذ القرن العاشر الميلادي ولمدة تزيد عن
ثمانية قرون بعد ذلك أثرت فيها الحياة الأندلسية والأوروبية في كافة فروع
الحضارة الإنسانية حتى صارت الأندلس كعبة يحج إليها طلاب المعارف من كل
أنحاء أوروبا ومن الأندلس وجنوب أسبانيا، انتقل هذا التفاعل الإنساني إلى
بقية مجتمعات أوروبا، فقد استمر حكم المسلمين في صقلية مدة قرنين، وصارت
دول مثل فرنسا وإيطاليا مجتمعاً متمدينا على غرار الحضارة والثقافة
الإسلامية.
وفي الشرق الإسلامي انتقلت الحضارة منه إلى أوروبا عبر تركيا الإسلامية،
ومن مصر والشام كانت للحملات الصليبية أكبر الأثر في جعل الحضارة
الإسلامية رافداً رئيسيًا
مؤثراً في الحضارة الغربية بما حملوه معهم من فنون وآداب الشرق... إسلام
أون لاين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

الأدب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأدب   الأدب Icon_minitimeالأربعاء 19 مايو 2010 - 19:52




رأي الغربيين في إسهامات المسلمين في علم الأدب


قامت صلة وثيقة بين طائفة من عباقرة الشعر في أوربا بأسره، خلال القرن
الرابع عشر الميلادي وما بعده، وموضوعات الأدب العربي والثقافة الإسلامية
على وجه لايقبل التشكيك. ونخص بالذكر من هؤلاء "بوكاشيو وبترارك ودانتي"
وهم من أعلام النهضة الايطالية، و"شوسر" الكاتب الانجليزي الشهير،
و"سرفانيتس الأسباني"، وإلى هؤلاء يرجع الأثر والتأثير البارز في قيام
النهضة الأوربية في أورب.
ففي عام 1346م كتب "بوكاشيو" حكاياته التي سماها "الليالي العشرة"، وحذا
فيها حذو ليالي ألف ليلة وليلة التي كانت منتشرة حكاياتها في مصر والشام،
وقد ضَمَّن حكاياته مائة حكاية على غرار ألف ليلة وليلة وأسندها إلى سبع من
السيدات وثلاثة من الرجال الذين اعتزلوا في بعض ضواحي المدينة فرارا من
مرض الطاعون. وفرضوا على كل منهم حكاية يقصها على أصحابه في كل صباح لقضاء
وقت الفراغ وقتل الملل، وقد ملأت هذه الحكايات أقطار أوربا واقتبس منها
الكاتب الإنجليزي "وليم شكسبير" موضوع مسرحية "العبرة بالخواتيم" كذلك
اقتبس منها "ليسينج الألماني" مسرحية "ناتان الحكيم". وكان "شوسر" إِمام
الشعر الحديث في اللغة الإنجليزية من أكبر المقتبسين من "بوكاشيو" في
زمانه؛ لأنه التقى به حين زار إيطاليا ونظم بعد ذلك قصصه المشهورة باسم
"قصص كانتربري".
وكانت صلة "دانتي" بالثقافة الإسلامية وثيقة؛ لأنه أقام في صقلية في عهد
الملك فردريك الثاني، الذي درس الثقافة الإسلامية من مصادرها العربية
الأصيلة. وقد لاحظ أحد المستشرقين أن الشبه قريب جدًا بين وصف الجنة في
كلام الصوفي الكبير محي الدين بن عربي (1164-1240م) في مؤلفه الكبير
الفتوحات المكية وأوصاف دانتي لها في الكوميديا الالهية.
وقد كان "دانتي" يعرف شيئا غير قليل من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم،
فاطلع على الأرجح من هذا الباب على قصة الإسراء والمعراج ومراتب السماء،
ولعله اطلع على رسالة الغفران لأبي العلاء المعرى، واقتبس من كل هذه
المصادر معلوماته عن العالم الآخر التي أوردها في "الكوميديا الإلهية"،
وأكبر القائلين بالاقتباس على هذا النحو هو عالم من أمة الأسبان انقطع
للدراسات العربية: وهو الأستاذ "آسين بالسيوس) "Asin Palacion.
وقد عاش "بترارك" في عصر الثقافة الإسلامية بإيطاليا وفرنس، ودرس العلم
بجامعتي "مونبلييه وباريس" بفرنسا وكلتاهما قامتا على تلاميذ علماء
المسلمين في الجامعات الأندلسية.
أما "سرفانتيس" فقد عاش في الجزائر بضع سنوات وألف كتابه دون كيشوت
بأسلوب لا يشك من يقرأه في اطلاع كاتبه على العبارات العربية والأمثال التي
لاتزال شائعة بين العرب حتى هذه الأيام. وقد جزم "برسكوت" Prescott صاحب
الاطلاع الواسع على تاريخ الإسبان بأن فكاهة دون كيشوت كلها أندلسية في
اللباب.
أما عن الشعر، فقد قال "دانتى" إِنّ الشعر الايطالي ولد في صقلية بفضل
الشعر العربي وبتأثير منه، ولقد شاع نظم الشعر بالعامية في إقليم بروفانس
في جنوب فرنس، وانتشر الشعر في ذلك الإقليم على يد الشعراء الجوالين الذين
عرفوا باسم التروبادور وواضح أن الأوربيين اشتقوا هذا الاسم من كلمة طروب
العربية. وقد وجدت في أشعار الأوربيين بشمال الأندلس كلمات عربية وأشارات
لعادات إسلامية.
والشعر العربي الأندلسي في الموشحات والزجل كان السبب في نشأة الشعر
الإسباني نفسه، والمرجح أن أول من ابتكر الموشح هو مقدم بن معافر القبري
الضرير 992م وثلاثة آخرون أثروا هذا اللون من النظم لسهولة تناوله وقرب
طريقته كما يقول ابن خلدون في مقدمته.
والزجل يكون عادة باللغة الدارجة بينما يكون الموشح بالعربية الفصحى.
وهذان اللونان من النظم من ابتكار أهل الأندلس وهما اللذان أثرًا في نشأة
الشعر الأوربي، وقد أثبت الباحثون انتقال بحور الشعر الأندلسي والموسيقي
العربية إلى أوربا.
وامتد التأثير العربي في نشأة الشعر الأوربي إلى بعض الموضوعات
كالمغامرات، وطريقة علاج هذه الموضوعات، كما يتمثل هذا في فكرة الحب العذري
التي تسود الغزل في الشعر البروفنسالي، فإنه يرتد إلى الشعر الأندلسي،
وأزجال ابن قزمان، وقد عرض فكرة الحب العذري، ابن حزم في كتابه طوق
الحمامة.
أما في مجال القصة الأوربية فنجد أن هذه القصة تأثرت في نشأتها بما كان
عند العرب من فنون القصص في العصور الوسطى وهي: المقامات، وأخبار الفروسية،
وأمجاد الفرسان ومغامراتهم لإحراز المجد أو في سبيل الحب.
وترى طائفة من النقاد الأوربيين أن رحلات جليفر التي ألفها سويفت، ورحلة
روبنسون كروزو التي ألفها ديفوى، تدين لقصص ألف ليلة وليلة، ولرسالة حى بن
يقضان التي ألفها الفيلسوف الأندلسي المسلم ابن الطفيل، وقد وضح أنه كان
لترجمة ألف ليلة وليلة إلى اللغات الأوربية أول القرن الثاني عشر أثر عظيم
وبالغ الخطورة على الأدب الأوربي.
ولم تنقطع الصلة بين الأدب الإسلامي والآداب الأوربية الحديثة حتى
اليوم. ويكفي لبيان الأثر الذي أبقاه الأدب الإسلامي في آداب الأوربيين
أننا لا نجد أديبا واحدا من نوابغ الأدباء عندهم قد خلا شعره أو نثره من
الإشارة إلى بطل إسلامي، أو نادرة إسلامية. ومن هؤلاء: شكسبير، أديسون،
بايرون، سودى، كولردج، شيلي من أدباء الإنجليز، ومن أدباء الألمان، جيته،
هرور، وليسنج، ومن أدباء فرنس: فولتير، لافونتين. وقد صرح لافونتين
باقتدائه في أساطيره التي ألفها بكتاب كليلة ودمنة الذي عرفه الأوربيون عن
طريق المسلمين.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

الأدب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأدب   الأدب Icon_minitimeالأربعاء 19 مايو 2010 - 19:53

من روّاد الأدب المعاصرين


الأدب 14.22_01_rafaie
مصطفى صادق الرافعي:

ولد مصطفى صادق الرافعي على ضفاف النيل في قرية بهتيم من قرى مدينة
القليوبية بمصر في يناير عام 1880م. لأبوين سوريَّين؛ حيث يتصل نسب أسرة
والده بعمر بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم في نسب طويل من أهل
الفضل والكرامة والفقه في الدين. وقد وفد من آل الرافعي إلى مصر طائفة
كبيرة اشتغلوا في القضاء على مذهب الإمام الأكبر أبي حنيفة النعمان حتى آل
الأمر أن اجتمع منهم في وقت واحدٍ أربعون قاضياً في مختلف المحاكم المصرية؛
وأوشكت وظائف القضاء أن تكون حِكراً عليهم، وقد تنبه اللورد كرومر لذلك،
وأثبتها في بعض تقارير إلى وزارة الخارجية البريطانية.
أما والد الرافعي الشيخ عبد الرزاق سعيد الرافعي فكان رئيساً للمحاكم
الشرعية في كثير من الأقاليم المصرية، وقد استقر به المقام رئيساً لمحكمة
طنطا الشرعية، وهناك كانت إقامته حتى وفاته، وفيها درج مصطفى صادق وإخوته
لا يعرفون غيرها، ولا يبغون عنها حولاً.
أما والدته فهي من أسرة الطوخي وتُدعى " أسماء " وأصلها من حلب، سكن
أبوها الشيخ الطوخي في مصر قبل أن يتصل نسبهم بآل الرافعي. وهي أسرة اشتهر
أفرادها بالاشتغال بالتجارة وضروبها.
ثقافته وأدبه: لهذه الأسرة المورقة الفروع ينتمي مصطفى صادق، وفي فنائها
درج، وعلى الثقافة السائدة لأسرة أهل العلم نشأ؛ فاستمع من أبيه أول ما
استمع إلى تعاليم الدين، وجمع القرآن حفظاً وهو دون العاشرة، فلم يدخل
المدرسة إلا بعدما جاوز العاشرة بسنة أو اثنتين، وفي السنة التي نال فيها
الرافعي الشهادة الابتدائية وسنه يومئذٍ 17 عاماً أصابه مرض التيفوئيد فما
نجا منه إلا وقد ترك في أعصابه أثراً ووقراً في أذنيه لم يزل يعاني منه حتى
فقد حاسة السمع وهو بعد لم يجاوز الثلاثين.
وكانت بوادر هذه العلة هي التي صرفته عن إتمام تعليمه بعد الابتدائية.
فانقطع إلى مدرسته التي أنشأها لنفسه وأعد برامجها بنفسه؛ فكان هو المعلم
والتلميذ، فأكبَّ على مكتبة والده الحافلة التي تجمع نوادر كتب الفقه
والدين والعربية؛ فاستوعبها وراح يطلب المزيد، وكانت علته سببًا باعد بينه
وبين مخالطة الناس، فكانت مكتبته هي دنياه التي يعيشها وناسها ناسه، وجوها
جوه وأهلها صحبته وخلانه وسمّاره، وقد ظل على دأبه في القراءة والاطلاع إلى
آخر يوم في عمره، يقرأ كل يوم 8 ساعات لا يكل ولا يمل كأنه في التعليم
شادٍ لا يرى أنه وصل إلى غاية.
نتاجه الأدبي والفكري:
استطاع الرافعي خلال فترة حياته الأدبية التي تربو على خمسٍ وثلاثين سنة
إنتاج مجموعة كبيرة ومهمة من الدواوين والكتب أصبحت علامات مميزة في تاريخ
الأدب العربي.
(1) دواوينه الشعرية:
كان الرافعي شاعراً مطبوعاً بدأ قرض الشعر وهو في العشرين، وطبع الجزء
الأول من ديوانه في عام 1903 وهو بعد لم يتجاوز الثالثة والعشرين، وقد قدّم
له بمقدمة بارعة فصّل فيها معنى الشعر وفنونه ومذاهبه وأوليته. وتألق نجم
الرافعي الشاعر بعد الجزء الأول واستطاع بغير عناء أن يلفت نظر أدباء عصره،
واستمر على دأبه فأصدر الجزأين الثاني والثالث من ديوانه. وبعد فترة أصدر
ديوان النظرات، ولقي الرافعي حفاوة بالغة من علماء العربية وأدبائها قلَّ
نظيرها، حتى كتب إليه الإمام محمد عبده قائلاً: " أسأل الله أن يجعل للحق
من لسانك سيفاً يمحق الباطل، وأن يقيمك في الأواخر مقام حسان في الأوائل ".
(2) كتبه النثرية:
قلَّ اهتمام الرافعي بالشعر عما كان في مبتدئه؛ وذلك لأن القوالب
الشعرية تضيق عن شعوره الذي يعبر عن خلجات نفسه وخطرات قلبه ووحي وجدانه
ووثبات فكره، فنزع إلى النثر محاولاً إعادة الجملة القرآنية إلى مكانها مما
يكتب الكتاب والنشء والأدباء، أيقن أن عليه رسالة يؤديها إلى أدباء جيله،
وأن له غاية هو عليها أقدر، فجعل هدفه الذي يسعى إليه أن يكون لهذا الدين
حارساً يدفع عنه أسباب الزيغ والفتنة والضلال، وينفخ في هذه اللغة روحاً من
روحه، يردّها إلى مكانها ويرد عنها فلا يجترئ عليها مجترئ، ولا ينال منها
نائل، ولا يتندر بها ساخر إلا انبرى له يبدد أوهامه ويكشف دخيلته. فكتب
مجموعة من الكتب تعبر عن هذه الأغراض عُدت من عيون الأدب في مطلع هذا
القرن. وأهمها:
1. تحت راية القرآن: المعركة بين القديم والجديد: وهو كتاب وقفه –كما
يقول- على تبيان غلطات المجددين الذي يريدون بأغراضهم وأهوائهم أن يبتلوا
الناس في دينهم وأخلاقهم ولغتهم، وهو في الأصل مجموعة مقالات كان ينشرها في
الصحف في أعقاب خلافه مع طه حسين الذي احتل رده على كتاب " في الشعر
الجاهلي " معظم صفحات الكتاب.
2. وحي القلم: وهو مجموعة من مقالاته النقدية والإنشائية المستوحاة من
الحياة الاجتماعية المعاصرة والقصص والتاريخ الإسلامي المتناثرة في العديد
من المجلات المصرية المشهورة في مطلع القرن الماضي مثل: الرسالة، والمؤيد
والبلاغ والمقتطف والسياسة وغيرها.
3. تاريخ الأدب العربي: وهو كتاب في ثلاثة أجزاء، الأول: في أبواب الأدب
والرواية والرواة والشواهد الشعرية، والثاني: في إعجاز القرآن والبلاغة
النبوية، وأما الثالث: فقد انتقل الرافعي إلى رحمة ربه قبل أن يرى النور؛
فتولى تلميذه محمد سعيد العريان إخراجه؛ غير أنه ناقص عن المنهج الذي خطه
الرافعي له في مقدمة الجزء الأول.
4. حديث القمر: هو ثاني كتبه النثرية وقد أنشأه بعد عودته من رحلة إلى
لبنان عام 1912؛ عرف فيها شاعرة من شاعرات لبنان ( مي زيادة )، وكان بين
قلبيهما حديث طويل، فلما عاد من رحلته أراد أن يقول فكان " حديث القمر ".
5. كتاب المساكين: وهو كتاب قدّم له بمقدمة بليغة في معنى الفقر
والإحسان والتعاطف الإنساني، وهو فصول شتى ليس له وحدة تربطها سوى أنها صور
من الآلام الإنسانية الكثيرة الألوان المتعددة الظلال. وقد أسند الكلام
فيه إلى الشيخ علي الذي يصفه الرافعي بأنه: " الجبل الباذخ الأشم في هذه
الإنسانية التي يتخبطها الفقر بأذاه "، وقد لقي هذا الكتاب احتفالاً كبيراً
من أهل الأدب حتى قال عنه أحمد زكي باشاً: " لقد جعلت لنا شكسبير كما
للإنجليز شكسبير وهيجو كما للفرنسيين هيجو وجوته كما للألمان جوته ".
6. رسائل الأحزان: من روائع الرافعي الثلاثة؛ التي هي نفحات الحب التي
تملكت قلبه وإشراقات روحه، وقد كانت لوعة القطيعة ومرارتها أوحت إليه
برسائل الأحزان التي يقول فيها " هي رسائل الأحزان لا لأنها من الحزن جاءت؛
ولكن لأنها إلى الأحزان انتهت؛ ثم لأنها من لسان كان سلماً يترجم عن قلب
كان حرباً؛ ثم لأن هذا التاريخ الغزلي كان ينبع كالحياة وكان كالحياة
ماضياً إلى قبر ".
7ـ. السحاب الأحمر: وقد جاء بعد رسائل الأحزان، وهو يتمحور حول فلسفة
البغض، وطيش القلب، ولؤم المرأة.
8. أوراق الورد رسائله ورسائلها: وهو طائفة من خواطر النفس المنثورة في
فلسفة الحب والجمال، أنشأه الرافعي ليصف حالةً من حالاته ويثبت تاريخاً من
تاريخه، كانت رسائل يناجي بها محبوبته في خلوته، ويتحدث بها إلى نفسه أو
يبعث بها إلى خيالها في غفوة المنى، ويترسل بها إلى طيفها في جلوة الأحلام.
9. على السَّفُّود: وهو كتاب لم يكتب عليه اسم الرافعي وإنما رمز إليه
بعبارة إمام من أئمة الأدب العربي؛ وهو عبارة عن مجموعة مقالات في نقد بعض
نتاج العقاد الأدبي.
الرافعي ومعاركه الأدبية: كان الرافعي ناقداً أدبياً عنيفاً حديد اللسان
والطبع لا يعرف المداراة، ولا يصطنع الأدب في نضال خصومه، وكانت فيه غيرة
واعتداد بالنفس، وكان فيه حرص على اللغة كما يقول: " من جهة الحرص على
الدين إذ لا يزال منهما شيء قائم كالأساس والبناء لا منفعة بأحدهما إلا
بقيامهما معاً ". وكان يهاجم خصومه على طريقة عنترة، يضرب الجبان ضربة
ينخلع لها قلب الشجاع، فكانت له خصومات عديدة مع شخصيات عنيدة وأسماء نجوم
في الأدب والفكر والثقافة في مطلع القرن، فكانت بينه وبين المنفلوطي خصومة
ابتدأها هذا الأخير بسبب رأي الرافعي في شعراء العصر. وكانت له صولات مع
الجامعة المصرية حول طريقة تدريس الأدب العربي، وجولات أخرى مع عبد الله
عفيفي وزكي مبارك. على أن أكثر معاركه شهرةً وحدة هو ما كان بينه وبين طه
حسين، وبينه وبين العقاد، بل لعلها أشهر وأقسى ما في العربية من معارك
الأدب.
خصومته مع طه حسين:
كانت هذه الخصومة بسبب كتاب طه حسين " في الشعر الجاهلي " الذي ضمّنه
رأيه في أن جُلّ الشعر الجاهلي منحول، وهي مقولة خطيرة تنبه لها الرافعي؛
فحمل عليه حملة شعواء في الصحافة المصرية واستعدى عليه الحكومة والقانون
وعلماء الدين، وطلب منهم أن يأخذوا على يده وأن يمنعوه من أن تشيع بدعته
بين طلاب الجامعة، وترادفت مقالاته عاصفة مهتاجة تفور بالغيظ والحميّة
الدينية والعصبيّة للإسلام والعرب، كأن فيها معنى من معاني الدم، حتى كادت
هذه الحملة تذهب بـ " طه " وشيعته؛ إذ وقف معقود اللسان والقلم أمام قوة
قلم الرافعي وحجته البالغة، وقد أسرّ " طه " هذا الموقف للرافعي، فما سنحت
له سانحة ينال بها من الرافعي إلا استغلها كي يرد له الصاع صاعين. غير أن
الرافعي كان يقارعه حجة بحجة ونقداً بنقد حتى توفي رحمه الله.
خصومته مع العقاد:
وكان السبب فيها كتاب الرافعي " إعجاز القرآن والبلاغة القرآنية " إذ
كان العقاد يرى رأياً مخالفاً لما يرى الرافعي، وقد نشبت بينهما لذلك خصومة
شديدة تجاوزت ميدانها الذي بدأت فيه، ومحورها الذي كانت تدور عليه إلى
ميادين أخرى؛ جعلت كلا الأديبين الكبيرين ينسى مكانه، ويغفل أدبه ليلغو في
عرض صاحبه، ويأكل لحمه من غير أن يرى ذلك مَعابة عليه، وكان البادئ الرافعي
في مقالاته " على السفود " التي جمعها له في كتاب صديقه إسماعيل مظهر،
وتوقفت المعركة بينهما فترة وجيزة ما لبثت أن اشتعل أوارها مرة أخرى عندما
نشر العقاد ديوانه " وحي الأربعين " فكتب الرافعي نقداً لديوانه، تلقفه
العقاد بالسخرية والتهكم والشتم والسباب، ولم تزل بينهما الخصومات الأدبية
حتى توفي الرافعي رحمه الله.
وفاته:
توفي الرافعي في مايو سنة 1937 عن عمر يناهز 57 عاماً وكان الرافعي إذ
ذاك ما يزال يعمل كاتباً ومحصلاً مالياً في محكمة طنطا، وهو العمل الذي بدأ
به حياته العملية عام 1900م.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

الأدب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأدب   الأدب Icon_minitimeالأربعاء 19 مايو 2010 - 19:53

نجيب الكيلاني: الأدب 14.21_01_NagibKilany

هو الرجل الذي وظف نفسه لخدمة دينه وإخوانه المسلمين في ربوع الدنيا
كله، وكانت قصصه ورواياته ومسرحياته وشعره وأدبه بل ومهنته الطبية كلها في
سبيل هذا الهدف الكبير والغاية العظمى التي تبتغى مرضاة الله وتنشد العزة
للإسلام والمسلمين والحرية والاستقلال في أوطان المسلمين.
نشأته:
ولد الدكتور نجيب الكيلاني عام 1350هـ - 1931م في قرية شرشابة من أسرة
تعمل في الزراعة في الريف المصري نال الشهادة الثانوية عام 1369هـ في طنطا
ثم التحق في كلية الطب بجامعة القاهرة وقد اعتقل وهو في السنة الجامعية
الأخيرة عام 1375هـ بسبب انتمائه الديني وحكم عليه بالسجن عشر سنوات وتعرض
لألوان من التعذيب في السجن الحربي وسجن أسيوط ثم أفرج عنه عام 1379هـ
لأسباب صحية فتابع دراسته الجامعية حيث تخرج في كلية الطب عام 1378هـ
وانطلق يعمل في مهنة الطب وتأليف القصص والروايات والمسرحيات الهادفة ثم
اعتقل مرة أخرى عام 1385هـ ثم أفرج عنه بعد هزيمة يونيو "حزيران" عام
1387ه.
إنتاجه:
ويعتبر الكيلاني في مقدمة الأدباء الإسلاميين المعاصرين من حيث غزارة
الإنتاج وتنوعه وتأليفه؛ فقد كتب أكثر من سبعين كتاباً في الرواية والقصة
والشعر والنقد والفكر والطب وكان في سائر كتاباته أديبا موهوبا محلقا
متمكنا من أدواته الفنية داعيا إلى الخير والفضيلة والتسامح وغيرها من
القيم الإنسانية والإسلامية، ونحن إذا ما نظرنا إلى إنتاج أديبنا الكبير
نجد أنه يبعد عن الإسفاف والإباحة والعري ويهتم بمشكلات الشعوب الإسلامية
والعالم الإسلامي.
ففي عالم الرواية – وهو ميدانه الأخصب - استلهم التاريخ الإسلامي في
كتبه:
" نور الله " و "قاتل حمزة "و "عمر يظهر في القدس ".
واستلهم واقع الشعوب الإسلامية في كتبه:
" عذراء جاكرتا " الذي تناول الحرب بين الشيوعية والشعب الإندونيسي
المسلم، و"عمالقة الشمال " التي تناولت مشكلة المسلمين في نيجيريا وغيره.
هذا المنهج الرائع الذي كشف عن معاناة المسلمين في هذه الأقطار منهج
متفرد للكيلاني يُعتبر الرائدَ فيه.
أما في القصة القصيرة فقد استلهم التاريخ والواقع والمهنة كما نرى ذلك
في كتبه:
"فارس هوازن "و "موعدنا غداً " و " حكايات طبيب "...
وفي الشعر ترك حوالي عشرة دواوين منها:
" عصر الشهداء "و" أغاني الغرباء " و "مدينة الكبائر ".
وفي ميدان النقد أصدر كتاب:
" الإسلام والمذاهب الأدبية" و " إقبال الشاعر الثائر " و " رحلتي مع
الأدب الإسلامي " و " آفاق الأدب الإسلامي ".
وفي ميدان المسرح:
" على أسوار دمشق " و "حول المسرح الإسلامي " و " على أبواب خيبر " و "
نحو مسرح إسلامي ".
وفي ميدان الفكر أصدر:
" تحت راية الإسلام " و " الطريق إلى اتحاد إسلامي " و " أعداء
الإسلامية " و "حول الدين والدولة ".
وفي مهنته كطبيب أصدر:
" الغذاء والصحة " و " مستقبل العالم في صحة الطفل " و " احترس من ضغط
الدم " و " الدين والصحة " و " في رحاب الطب النبوي ".
ويرى البعض أن الدكتور نجيب الكيلاني قد تساهل في بعض رواياته من
الالتزام الكامل بالأدب الإسلامي كرواية " رأس الشيطان " و " الربيع والصيف
" و " النداء الخالد " و غيره، ولكن هذا يضيع في بحر حسناته، وإخلاصه في
خدمة دينه ودعوته من خلال الأدب، ولا يسلم من الخطأ بشر، والكمال لله وحده.
يقول الأستاذ الكبير أبو الحسن الندوي في تقديمه للعدد الخاص من مجلة "
الأدب الإسلامي " عن الدكتور الكيلاني: ((... إن حياة الدكتور نجيب
الكيلاني حافلة بالعطاءات الأدبية، وقد خلَّد بقلمه آثاراً قيمة نالت
الاعتراف من رجال الفن والأدب، وغطَّت أعماله جميع أقسام الأدب، فقد كان
كاتبا قصصي، له اتجاه خاص في القصة، ولم يكن الكاتب كالأدباء الآخرين مصورا
لواقع الحياة، وإنما كان معالجا ومحللا لقضايا الحياة، وكانت كثير من قصصه
مستوحاة من واقع الحياة التي عاشها الأديب أو عايشه، ثم كان الكيلاني
شاعرا له مكانة معروفة في مجال الشعر...
إن حياة الكيلاني ليست حياة أديب أو شاعر – مهما كانت قيمته ومكانته
الأدبية وثراؤه الأدبي – إنها حياة مكافح، ومناضل في سبيل الحق والكلم
الطيب، وقد وعد الله برفع الكلم الطيب، ورفع شأن من يرفع الكلم الطيب،
وإعلاء شأن من يسعى إلى اعتلاء الحق، ولذلك من حقه ومن حق الأدب الإسلامي
أن تُخَلَّد آثاره، وتذكر مناقبه، لتكون إرشادا وريادة للأجيال الناشئة من
الأدباء الذين يحبون أن يسيروا على درب الكفاح من أجل كلمة الحق...)).ه.
وقد كرمته رابطة الأدب الإسلامي بجائزة " رائد القصة الإسلامية ".
ثم أصيب الدكتور الكيلاني بمرض خطير في آخر حياته وأُدْخِلَ المستشفى
التخصصي بالرياض على حساب خادم الحرمين الشريفين، وامتد به المرض شهورا
طويلة قاربت السنة ولم يكن يعلم بخطورة المرض الذي كتمه الطبيب عنه، كما
كتمته زوجته الصابرة، وابنه الطبيب المرافقان له.
وقضى أواخر أيامه صابرا محتسبا يصارع المرض حتى وافاه الأجل في الخامس
من شهر شوال 1415هـ حيث توفى ودفن بمصر.
الأدب 14.21_02_AboAlHasanأبو
الحسن الندوي
"رباني الأمة"
عالم رباني وداعية مجاهد وأديب تميز بجمال الأسلوب وصدق الكلمات، إنه
الداعية الكبير ورباني الأمة الشيخ أبو الحسن الندوي ـ رحمه الله ـ صاحب
كتاب من أشهر كتب المكتبة الإسلامية في هذا القرن وهو كتاب "ماذا خسر
العالم بانحطاط المسلمين"
فمن أبو الحسن الندوي؟ الشيخ أبو الحسن الندوي غني عن التعريف فقد عرفه
الناس من خلال مؤلفاته الرائدة التي تعد من المصابيح التي أضاءت الطريق
أمام طلاب العلم من جيله والأجيال التي تلته، ونذكر هنا سطورا ومواقف لا
تنسى من حياته.
ولد بقرية تكية، مديرية رائي بريلي، الهند عام 1332هـ/ 1913م.
تعلم في دار العلوم بالهند (ندوة العلماء)، والتحق بمدرسة الشيخ أحمد
علي في لاهور، حيث تخصص، في علم التفسير، ومن يوم تخرجه أصبح شعلة للنشاط
الإسلامي سواء في الهند أو خارجها، وقد شارك رحمه الله في عدد من المؤسسات
والجمعيات الإسلامية، ومنها تأسيس المجمع العلمي بالهند، وتأسيس رابطة
الأدب الإسلامي كما أنه: عضو مجمع اللغة العربية بدمشق، وعضو المجلس
التنفيذي لمعهد ديوبند، ورئيس مجلس أمناء مركز أوكسفورد للدراسات
الإسلامية.
يعد من أشهر العلماء المسلمين في الهند، وله كتابات وإسهامات عديدة في
الفكر الإسلامي، فله من الكتب: موقف الإسلام من الحضارة الغربية، السيرة
النبوية، من روائع إقبال، نظرات في الأدب، من رجالات الدعوة، قصص النبيين
للأطفال وبلغ مجموع مؤلفاته وترجماته 700 عنواناً، منها 177 عنوانا
بالعربية، وقد تُرْجِمَ عدد من مؤلفاته إلى الإنجليزية والفرنسية والتركية
والبنغالية والإندونيسية وغيرها من لغات الشعوب الإسلامية الأخرى.
كان سماحة الشيخ كثير السفر إلى مختلف أنحاء العالم لنصرة قضايا
المسلمين والدعوة للإسلام وشرح مبادئه، وإلقاء المحاضرات في الجامعات
والهيئات العلمية والمؤتمرات، تولى منصب رئيس ندوة العلماء منذ عام 1961م
وظل فيه حتى وفاته، وقد مُنِحَ عددا من الجوائز العالمية منها جائزة الملك
فيصل العالمية لخدمة الإسلام.
الملكة الأدبية:
ووهب اللهُ للشيخ الندوي البيان الناصع والأدب الرفيع، كما يشهد بذلك كل
من قرأ كتبه ورسائله، وكان له ذوق وحس أدبي، فقد نشأ وتربي في حجر لغة
العرب وأدبها منذ نعومه أظفاره، وألهم الله شقيقه الأكبر أن يوجهه هذه
الوجهة في وقت لم يكن أحدٌ يُعْنَى بهذا الأمر، لحكمة يعلمها الله تعالى،
ليكون همزة وصل بين القارة الهندية وأمة العرب، ليخاطبهم بلسانهم، فيفصح
كما يفصحون، ويبدع كما يبدعون، بل قد يفوق بعض العرب الناشئين في قلب بلاد
العرب.
يقول الدكتور القرضاوي: لقد قرأنا الرسائل الأولى للشيخ الندوي التي
اصطحبها معه حينما زارنا في القاهرة سنة 1951م، ومنها: من العالم إلى جزيرة
العرب، ومن جزيرة العرب إلى العالم.. معقل الإنسانية دعوتان متنافستان..
بين الصورة والحقيقة.. بين الهداية والجباية.. وغيرها، فوجدنا فيها نفحات
أدبية جديدة في شذاها وفحواها، حتى علّق الشيخ الغزالي -رحمه الله- على تلك
الرسالة بقوله: هذا الدين لا يخدمه إلا نفس شاعرة! فقد كانت هذه الرسائل
نثرًا فيه روح الشعر، وعبق الشعر. وقرأنا بعدها مقالة: اسمعي يا مصر.. ثم
اسمعي يا سورية. اسمعي يا زهرة الصحراء.. اسمعي يا إيران.. وكلها قطرات من
الأدب المُصفى.
وقرأنا ما كتبه في مجلة "المسلمون" الشهرية المصرية، التي كان يصدرها
الداعية المعروف الدكتور سعيد رمضان البوطي: ما كتبه من قصص رائع ومشوق عن
حركة الدعوة والجهاد، التي قام بها البطل المجاهد أحمد بن عرفان الشهيد،
وما كتبه من مقالات ضمنها كتابه الفريد "الطريق إلى المدينة" الذي قدمه
أديب العربية الأستاذ علي الطنطاوي -رحمه الله-، وقال في مقدمته: يا أخي
الأستاذ أبا الحسن! لقد كدت أفقد ثقتي بالأدب، حين لم أعد أجد عند الأدباء
هذه النغمة العلوية، التي غنى بها الشعراء، من لدن الشريف الرضي إلى
البرعي، فلما قرأت كتابك وجدتها، في نثر هو الشعر، إلا أنه بغير نظام.. هـ.
ولا غرو أن رأيناه يحفظ الكثير والكثير من شعر إقبال، وقد ترجم روائع
منه إلى العربية، وصاغه نثرًا هو أقرب إلى الشعر من بعض من ترجموا قصائد
لإقبال شعراً ))
موقع طريق الإيمان
(( عن دور فضيلته في قيام "رابطة الأدب الإسلامي" فيقول الدكتور
"عبدالقدوس أبو صالح" رئيس الرابطة: "كان فضيلة الشيخ أبوالحسن الندوي أول
من دعا إلى رابطة للأدب الإسلامي في ندوة عالمية للأدب الإسلامي، أقيمت في
مدينة "لكنو" في الهند سنة 1401هـ، وقد اتخذت في هذه الندوة توصيته بإقامة
رابطة عالمية للأدباء الإسلاميين، وكان بعض الأدباء الإسلاميين كونوا هيئة
تأسيسية تدعو لإقامة رابطة للأدب الإسلامي، وقامت هذه الهيئة بالاتصال
بفضيلة الشيخ الندوي، وعرضت عليه ما قامت به من أعمال تمهيدية، واتصالات
موسعة، ورغبت إليه أن يتبنى إنشاء هذه الرابطة، فاستجاب لذلك بما عرف عنه
من صدر رحب، وبصيرة نافذة، ووعي وحكمة بالغين، وإدراك لدور الأدب في وجدان
الأمة، وترشيد مسارها، وإنارة طريقها في العود الحميد إلى الإسلام، وفي
صياغة جيل مؤمن بالله، متمسك بأخلاقه الإسلامية، معتزاً بتراث أمته".
و يقول عنه الأديب الشيخ على الطنطاوي ــ رحمه الله: "أبوالحسن الندوي بنى
للإسلام في نفوس تلاميذه حصوناً أقوى وأمتن من حصون الحجر، بنى أمة صغيرة
من العلماء الصالحين والدعاة المخلصين، لقد تمنيت إن لم يكتب لي أن أعود
لدمشق وإن لم يكتب لي أن أستمر بجوار بيت الله الحرام أن أذهب إلى "لكنو"
لأعيش مع أبي الحسن، لقد وجدت أنّ الله أكرمه فاستكمل مزايا الداعية
الإسلامي".
ويقول عنه الدكتور "مانع بن حماد الجهني" الأمين العام للندوة العالمية
للشباب الإسلامي: "إنّ الندوي عَلَمٌ في دنيا الدعوة والأدب، أعجميٌّ
أَعرَبُ من كثير من فصحاء العرب الآن، ومفكر إسلامي نحرير حمل هم الدعوة
والإصلاح، وجاب الدنيا داعياً إلى الله مبشراً بالإسلام، خلَّف مداده
أسفاراً مباركة تقف واعية واثقة جميلة بين عرائس تراث المسلمين وإنتاجهم
العلمي. ضبط بفكره الواعي إيقاع حركة المسلمين في الهند، فلم يهن وقت أن
طلب الحزم، ولم يغل حين كانت الرويّة والحكمة، سمع صوته في المنتديات
العلمية والمؤتمرات الثقافية والأدبية، وقف في وقت مبكر يبشِّر وينذر ويبين
أنَّ أسس إصلاح حال المسلمين والعالم أجمع أن يتبع منهج الإسلام في
الحياة".

ويذكر الدكتور "يوسف القرضاوي" أنَّ الندوي عندما زار قطر منذ أكثر من
ثلاثين عاماً، وكان يشكو قلة موارد "دار العلوم" بندوة العلماء، واقترح
عليه بعض المشايخ أن يزوروا معاً بعض الأثرياء وكبار التجار ليشرحوا لهم
ظروف الدار، ويطلبوا منهم بعض العون لها، قال: لا أستطيع أن أفعل ذلك.
ويقول الدكتور القرضاوي سألناه: لماذا؟ قال: إنَّ هؤلاء القوم مرضى، ومرضهم
حب الدنيا ونحن أطباؤهم، فكيف يستطيع الطبيب أن يداوي مريضه إذا مدَّ يده
إليه يطلب عونه؟ يطلب منه شيئاً من الدنيا التي يداويه منها؟ قلنا له: أنت
لا تطلب لنفسك، أنت تطلب للدار ومعلميها وتلاميذها حتى تستمر وتبقى. قال:
هؤلاء لا يفرقون بين ما تطلبه لنفسك، وما تطلبه لغيرك، ما دمت أنت الطالب
وأنت الآخذ. وكنا في رمضان ــ والكلام للقرضاوي ــ وقلنا له حينذاك: ابقَ
معنا إلى العشر الأواخر، ونحن نقوم عنك بمهمة الطلب، فقال: إن لي برنامجاً
في العشر الأواخر لا أحب أن أنقضه أو أتخلى عنه لأي سبب، إنها فرصة لأخلو
بنفسي وربي. وعرفنا أن للرجل حالاً مع الله لا تشغله عنها الشواغل، فتركناه
لما أراد، محاولين أن نقلده فلم نستطع، وكل ميسر لما خلق له!
يقول الدكتور "عبدالقدوس أبو صالح" (خليفة الشيخ في رئاسة الرابطة): كان لي
مع سماحة الشيخ الندوي ــ رحمه الله ــ موقف جعلني أوقف حياتي للأدب
الإسلامي ورابطته العالمية، فقد عقدت الرابطة مؤتمر الهيئة العامة الثالث
في مدينة (استانبول)، وكنت لاقيت صعوبة بالغة في إرضاء بعض أعضاء الرابطة،
فرجوت من الشيخ الندوي أن أنفرد به في لقاء خاص، أطلعه فيه على ما أعانيه
في رئاستي لمكتب البلاد العربية نائباً له، ورجوته أن يقبل استقالتي.

ولكن الشيخ الذي يعرف بهدوئه ورحابة صدره انتفض غاضباً، وقال لي: "...لو
أنك زرتني في منزلي لرأيتني أستعين بعجلة المعوقين لأنتقل من منزلي إلى
المسجد القريب الذي لا يبعد أكثر من خمسين متراً، وقد قطعت من بلدي إلى
(استانبول) مئات الكيلومترات ثقة بك وبإخوانك.. والله لا تستقيل.. لا
تستقيل.. أما ما تعانيه في رئاستك لمكتب البلاد العربية من المشكلات فسدد
بها وقارب.
وهكذا لم أجد بداً أمام غضبة الشيخ، وأمام ثقته الغالية، إلا أن أعاهده على
ألا أترك العمل في الرابطة حتى ألقى وجه الله، الذي أرجو أن يسدد خطاي،
وأن يتقبل ما أقوم به خالصاً لوجهه الكريم، وهو ولي التوفيق والعالم بما في
القلوب.
للشيخ مجموعة كبيرة من المؤلفات، إذ بلغت عناوين مؤلفاته وترجماته (700)
عنوان، منها (177) عنواناً بالعربية، وقد ترجم عدد من مؤلفاته إلى
الإنجليزية والفرنسية والتركية والبنغالية والأندونيسية وغيرها من لغات
الشعوب الإسلامية الأخرى.

وقد تولى منصب رئيس ندوة العلماء منذ عام 1961م حتى وفاته، كما شارك في
تأسيس هيئات إسلامية دعوية وعلمية مختلفة، واختير عضواً في مجالسها، منها
رابطة العالم الإسلامي، والمجلس الاستشاري الأعلى للجامعة الإسلامية
بالمدينة المنورة، ورابطة الجامعات الإسلامية، ومركز الدراسات الإسلامية في
"أكسفورد" (ببريطانيا) والمجمع الإسلامي لبحوث الحضارة الإسلامية في
الأردن، ومجمع اللغة العربية في دمشق، ومجمع اللغة العربية في الأردن. كما
منح الشيخ عدداً من الجوائز العالمية، منها جائزة الملك فيصل العالمية
لخدمة الإسلام، وذلك عام 1400هــ.
وقد انتقل إلى جوار ربه في صباح يوم الجمعة 23 من رمضان 1420هــ الموافق
1999/12/31م. موقع شهود
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

الأدب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأدب   الأدب Icon_minitimeالأربعاء 19 مايو 2010 - 19:54

الشيخ: علي الطنطاويالأدب 14.21_03_ShikhTantawy
أصل الشيخ و أسرته:

أسرة الشيخ علي الطنطاوي أصلها من من طندتا المعروفة حالياً بطنطا عاصمة
إقليم الغربية في مصر،نزح منها جده وعمه عام 1255ه.
أبوه مصطفى الطنطاوي كان واحداً من العلماء المعدودين آنذاك في الشام ووصفه
علي الطنطاوي بأنه: ( من صدور الفقهاء ومن الطبقة الأولى من المعلمين
والمربين (
وقال عنه أيض: ( كنت منذ وعيت أجد - إذا اصبحت - مشايخ بعمائم ولحى يقرؤون
على أبي (
وقد توفي والد الشيخ في عام 1925 وقد كان عمر الشيخ آنذاك ست عشرة سنة
وثلاثة أشهر.
فإذا علمنا أن والده كان كما رأينا فلا ريب بأن يصبح الولد عالماً من
العلماء، ونزداد يقيناً بذلك إذا علمنا أن أسرة أمه من الأسر العلمية
الكبيرة في الشام فمثل: خاله، أخو أمه، هو محب الدين الخطيب الذي استوطن
مصر، وأنشأ فيها صحيفتي الفتح و الزهراء، وكان له أثر كبير في الدعوة
هنالك.

نشأة الشيخ وتعليمه:
يعتبر علي الطنطاوي من الأوائل الذين درسوا بطريقتين، هم:
1- التلقي على المشايخ.
2- الدراسة في المدارس النظامية.

حصل على شهادة البكالوريا المعروفة بشهادة الثانوية العامة سنة 1928م.
بعد ذلك ذهب إلى مصر وكان هو الطالب الأول من الشام الذي يؤم مصر للدراسة
العالية، ولكنه لم يكمل السنة الأولى فعاد إلى دمشق في السنة التالية فدرس
الحقوق في جامعتها حتى نال الليسانس أو ما يعرف بالبكالوريوس.
وقد علمنا أن أباه توفي وعمره ست عشرة سنة، فكان عليه أن يقوم بمسؤوليات
أسرته التي تضم أمه وخمسة من الإخوة والأخوات كان هو كبيرهم.
لذلك فكر شيخنا علي الطنطاوي بترك الدراسة والاشتغال بالتجارة، ولكن الله
أبعده عن طريق العمل بالتجارة وعاد إلى الدراسة وكان مّما قال: ( لقد فقدت
أبي وأنا في مطلع الشباب، واضطررت إلى أن أكتسب قبل سن الاكتساب، وتعلمت
ودرست على ضيق الحال وقلّة الأسباب، وأكرمني الله فعلمني وكفاني، فما
أحوجني أن أمدّ يدي يوماً إلى أحد ممّن خلق الله(.
ثم ماتت أمه وهو في الرابعة والعشرين، فكانت تلك واحدة من أكبر الصدمات
التي تلقاها في حياته، وقد قال حفيده مجاهد: ( ولقد شهدته مراراً يذكرها
ويذكر موتها -وقد مضى على موتها ستون سنة - وأشهد ما كان ذلك إلا وفاضت
عيناه(

اشتغاله بالصحافة:
بدأ الشيخ الطنطاوي العمل في الصحافة عام 1926 حيث نشرت له أول مقالة،
ولهذه المقالة قصة طريفة نذكرها لأخذ العبرة بعدم التقليل من النفس، وقد
رواها الشيخ بنفسه: ( كتبت مقالاً و قرأته على رفيقي أنور العطار، فأشار
علي أن أنشره. فاستكبرت(1) ذلك، فما فتيء يزينه لي حتى لنت له، وغدوت على
إدارة المقتبس(2) فسلمت على الأستاذ أحمد كرد علي -رحمه الله ورحم جريدته-
ودفعت إليه المقال.
فنظر فيه فرأى كلاماً مكتهلاً(3)، ونظر في وجهي فرأى فتى فطيراً، فعجب أن
يكون هذا من هذا، وكأنه لم يصدقه فاحتال عليَّ حتى امتحنني بشيء أكتبه له
زعم أن المطبعة تحتاج إليه فليس يصح تأخيره، فأنشأته له إنشاء من يسابق
قلمه فكره، فازداد عجبه مني ،ووعدني بنشر المقال غداة الغد. فخرجت من حضرته
وأنا أتلمس جانبيّ أنظر هل نبت لي أجنحه أطير بها لفرط ما استخفني السرور(
ثم أكمل قائل: (حتى إذا انبثق الصبح وأضحى النهار أخذت الجريدة، فإذا فيها
المقال وبين يديه كلمة ثناء لو قيلت للجاحظ لرآها كبيرة عليه (
وقد كتب الشيخ في الكثير من الصحف منها على سبيل المثال لا الحصر( الفتح و
الزهراء و ألف باء و الأيام و الرسالة(
أما من الصحف الحالية فقد كتب في ( الشرق الأوسط والمدينة بالإضافة إلى
مجلة الحج(
والصحافة هي العمل الأفضل لديه على حسب كلامه.
حياته و التعليم:
التعليم فهو العمل الذي ملأ حياته بأكملها، فقد بدأ بالتعليم وهو ما يزال
طالباً في الثانوية في إحدى مدارس الشام.
ثم انتقل بعد ذلك ليعلم في مناطق أخرى في داخل سوريا وخارجها حيث عمل
مدرساً في العراق، وللعراق قصص مشوقة في مذكراته، كما عمل معلماً في الرياض
ومكة وبيروت.

الشيخ والقضاء:
ربع قرن قضاها الشيخ في القضاء كانت من أخصب سنيّ حياته.
وقد قال الشيخ عن تلك الفترة: ( لقد تنقلت في البلاد ورأيت اصنافاً من
العباد، ولكني لم أخالطهم ولم أداخلهم. كنت ألقاهم من فوق أعواد المنابر أو
من خلال أوراق الصحف والمجلات أو من على منبر التدريس، والذين لقيتهم إنما
كان لقائي بهم عارضاً؛ ألامسهم ولا أداخلهم، فلما وليت القضاء رأيت ما لم
أكن أعرف من قبل (
وعند توليه القضاء ظهر نبوغ علي الطنطاوي وبان تميزُه مجدد، فلقد أراد أن
يكون متقناً لعمله، مجيداً ومخلصاً له، فلما نجح في امتحان القضاء وعُين،
طلب من الوزارة أن تمهله شهر، هل تعرفون لم؟؟
إليكم ماقاله الشيخ: ( لا لألعب فيه وأستمتع، ولا لأسافر وألهو، بل لأواظب
في المحكمة الشرعية في دمشق حتى أعرف المعاملات كلها: من عقد النكاح، وحصر
الأرث، وتنظيم الوصية، إلى الحكم في قضايا الإرث والوقف والزواج...(
وقد عمل الشيء الكثير حين توليه القضاء وغير كثيراً من الأخطاء الواقعة في
تلك الأيام.
وفي عام 1960 كُلِّفَ بوضع مناهج الدروس فوضعها وحده بعد سفره لمصر
والتقاءه بعلماء الأزهر وإدارة التعليم، واعتمدت كلها كما وضعه.
ولا تفوتكم قراءة مذكراته لمعرفة المزيد والمزيد عن تلك الفترة وغيرها.

انتقال الشيخ إلى المملكة العربية السعودية:
1963 انتقل الشيخ للرياض مدرساً في (الكليات والمعاهد ) المعروفة حالياً (
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية(
وعاد نهاية العام إلى دمشق لإجراء عملية جراحية مبيتاً النية على عدم
العودة مجدداً للمملكة إلا أن عرضاً بالتدريس في مكة قد جعله يغير قراره.
انتقل بعدها الشيخ ليقيم في مكة وجدة خمسة وثلاثين سنة أي إلى أن توفاه
الله.
بدأ علي الطنطاوي بالتدريس في كلية التربية بمكة، ثم لم يلبث أن كُلِّف
بتنفيذ برنامج للتوعية الإسلامية، فترك الكلية وذهب ليجوب مدراس وجامعات
السعودية لإلقاء المحاضرات والندوات، ثم تفرغ للإجابة عن الفتاوى في مجلس
خُصِّص له في الحرم أو في بيته، ثم بدأ بإذاعة برنامجيه: ( مسائل ومشكلات)
في الإذاعة، وبرنامج (نور وهداية(في الرائي(4)والشيخ يعد من أقدم مذيعي
العالم بأسره حيث بدأ يذيع لأول مرة في أوائل الثلاثينات من القرن الفائت.

ذكرياته:
كان الشيخ ينشر كل يوم خميس حلقة من ذكرياته في الصحف إلى أن تعب من العمل
فودع القراء( وكانت حلقات الذكريات قد قارب مئتين وخمسين حلقة) أقول: فودع
القراء قائل: ( لقد عزمت على أن أطوي أوراقي، وأمسح قلمي، وآوي إلى عزلة
فكرية كالعزلة المادية التي أعيشها من سنين، فلا أكاد أخرج من بيتي، ولا
أكاد ألقى أحداً من رفاقي وصحبي(

آخر آيامه ووفاته:
ذكرت فيما سبق اعتزال الشيخ للرائي والإذاعة والصحف، فقد أغلق بيته واعتزل
الناس إلا قليلاً من المقربين.
وقد قال حفيدة مجاهد عن آخر أيام شيخنا الحبيب علي الطنطاوي: (وبات الشيخ
في - في آخر أيامه- ينسى بعضاً من شؤون حياته ؛ فيصلي الصلاة مرتين خشية أن
يكون نسيها، ولكن الله مَنَّ عليه وأكرمه بأن حفظ له توقد ذهنه ووعاء
ذاكرته حتى آخر يوم من حياته. وصار يتورع من الفتوى خشية الزَّلَل
والنسيان، وكان حتى الشهر الذي توفي فيه تفتح بين يديه القصيدة لم يرها منذ
عشرات السنين فيُتم أبياتها ويبين غامضها،وربما اختُلِفَ في ضبط مفردة من
مفردات اللغة أو في معناها؛ فيقول: هي كذلك، فنفتح القاموس المحيط ( وهو
إلى جواره، بقي كذلك حتى آخر يوم ) فإذا هي كما قال.
فلما كانت آخر السنوات تعب قلبه الكبير فأدخل المستشفى مراراً، فصار يتنقل
بين البيت والمستشفى، حتى فاضت روحه لبارئها بعد عشاء يوم الجمعة، الثامن
عشر من حزيران، عام 1999 م في قسم العناية المركزة بمستشفى الملك فهد بجدة،
ودُفِن في مكة في اليوم التالي بعدما صُلي عليه في الحرم المكيّ الشريف.
اللهم ارحمه برحمتك رحمة واسعة، اللهم اغفر له وأحسن إليه حيث هو، اللهم
أبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وأدخله الجنة، وأعذه من
عذاب القبر ومن عذاب النار، آمين يارب العالمين.
مؤلفاته:
1- ذكريات علي الطنطاوي( 8 أجزاء )
2- فِكَر ومباحث
3- صور وخواطر
4- مع الناس
5 - هتاف المجد
6- مقالات في كلمات
7 - فصص من الحياة
8 - صيد الخاطر(تحقيق وتعليق)
9- من حديث النفس
10- من نفحات الحرم
11- بغداد:مشاهد وذكريات
12- في أندونيسيا
13- أبو بكر الصديق
14- أخبار عمر
15- رجال من التاريخ
16- أعلام من التاريخ(7أجزاء(
17- قصص من التاريخ
18- حكايات من التاريخ
19- دمشق
20- الجامع الأموي
21- فصول إسلامية
22- في سبيل الإصلاح
23- تعريف عام بدين الإسلام(مترجم للكثير من اللغات(
24- فتاوى علي الطنطاوي
ولم يكن ما سبق إلا جزءاً يسيراً للغاية من سيرة علي الطنطاوي الذي يحق
لنا وصفه بـ ( أديب الفقهاء، وفقيه الأدباء(
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

الأدب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأدب   الأدب Icon_minitimeالأربعاء 19 مايو 2010 - 19:54

* نصائح للمختصين:
إننا معشر المسلمين بحاجة اليوم –أكثر من أي يوم مضى- إلى منهج لأدبنا
الإسلامي المنشود، ذلك لأننا نتعرض في هذا العصر لغزو فكري ووجداني وحضاري
ما عرفنا له نظيراً من قبل.
والأدب الأصيل الهادف من أمضى أسلحتنا لمقاومة هذا الغزو، والوقوف في وجه
تياره الجارف.
إن الحركات الإسلامية المعاصرة قد أسدت للإسلام والمسلمين يداً مذكورةً
مشكورة، فهي إذا كانت لم تحق لنفسها كسباً سياسياً في مجال الحكم، فقد
استطاعت أن تحقق للمسلمين كسباً فكرياً في مجال توضيح أصول الإسلام وتوضيح
مواقفه من كثير من القضايا المعاصرة، والكشف عن قدرته على استيعاب الحياة
المتطورة المتجددة، والتصدي لخصومه المنتشرين في كل مكان.
لكن هذه الحركات نسيت أو تناست أن الدعوة إلى الله لا تقتصر على البحوث
العلمية، والدراسات المنهجية، والحجج المنطقية وحده، وإنما هي بحاجه أيضاً
أن تقدم مبادئها للناس في حلل من الأدب الرفيع الذي تلده النفوس، وتشاقه
القلوب، وتقبل عليه إقبال الظماء على الماء البرود في اليوم القائظ.
وهو أمر فطن إليه أسلافُنا الكرام وسلاح أحسنوا استخدامه...يحدثنا التاريخ
كيف استعمل المسلمون هذا السلاح في ساعات الشدة أحكم استعمال وأذكاه وأبعده
تأثيراً في النفوس.
ففي القادسية – مثلاً - جمع سعد بن أبي وقاص القرّاء وذوي الرأي وأصحاب
النجدة والمروءة، ولكنه لم يقتصر علىهم وحدهم وإنما جمع معهم الشعراء
والخطباء أيض، وكان في جملة الشعراء: الشماخ، والحطيئة، وأوس بن معزاء،
وعبدة بن الطيب، ودفع بهم إلى ساحات القتال، وقال لهم قبل أن يرسلهم:
"انطلقوا فقوموا في الناس بما يحق عليكم ويحق لهم عند مواطن البأس... إنكم
شعراء العرب وخطبائهم وذوو رأيهم ونجدتهم وسادتهم فسيروا في الناس فذكروهم
وحرضوهم على القتال، فساروا فيهم"
وتتابع الخطباء والشعراء على كتائب المسلمون يلهبون المشاعر، ويثيرون
الحفائظ، ويشدون العزائم.
وتوجّ سعد تلك الحملة الأدبية الرائعة بأن أمر أحد القراء بأن يقرأ في
الناس سورة الجهاد (وكان المسلمون كلهم يتعلمونها) فقرأها على الكتيبة التي
تليه، فقرئت في كل كتيبة، فهشت قلوب الناس وعيونهم، وعرفوا السكينة مع
قراءتها.
وفي عهد النبوة المبارك استخدم النبي صلوات الله وسلامة عليه الأدب في
انتصار للإسلام وشرعته، والذود عن المسلمين ونبيهم، والإشادة بالانتصارات،
والتخفيف من وقع الهزيمة.
وقد كان الفنان الأدبيان المعروفان لدى أسلافنا هما الشعر والخطابة
فاستخدموهما أحكم استخدام.
وإني على يقين لو أنهم عرفوا هذه الفنون الجديدة المستحدثة لانتفعوا بها في
بث دعوتهم على أوسع نطاق.
ومن سوء الحظ أن أدباءنا الإسلاميين في العصر الحديث قد تخلوا لغيرهم عن
الفنون الأدبية الحديثة، وانصرفوا على قرض الشعر وكتابة المقالات، وإعداد
البحوث ظناً منهم أن بين الدين وبين القصة والمسرحية جفوة تصل على حد
القطيعة.
وقد غفل أدبائنا عن أن القرآن الكريم استخدم الفن القصصي لتحقيق مقاصده
السامية أو في استخدام، واعتمده وسيلة ناجحة للإرشاد والتوجيه والعظة
والعبرة.
لقد كان جديراً بأدبائنا الإسلاميين أن ينتزعوا هذا الفن القصصي لصلتهم
الوثقى بالقرآن، ووقوفهم الدائم على ما قدمه من نماذج رائعة للقصة.
ولا يعلم إلا الله مدى النكبة التي حلَّت بالأدب الإسلامي من جَرَّاء هذا
التخلي، ولا مبلغ الخسارة التي لحقت بالمسلمين بسبب ذلك.
لقد غَصَّت مكتباتنا الخاصة والعامة خلال النصف الثاني من هذا القرن بآلاف
القصص الموضوعة، والترجمة، وأقبل عليها أبنائنا وبناتنا إقبالاً فاق كل
تقدير، وغبوا من سمومها وموبقاتها الشيء الكثير، ففسدت أخلاق كثير كنهم،
وتزعزع إيمانهم، واتجهوا اتجاهات تسر العدوّ وتحزن الصديق.
لقد آن الأوان لأن نرجع على أنفسن، ونجند طاقات شبابنا الموهوبين لاقتحام
هذه الساحة، فما يزال فيها حتى اليوم موطيء لأقدامنا وما تزال بين جماهير
القراء أفئدة تهفو للأدب النظيف.
إن علين، على مفكرين، على مؤسساتنا العلمية والأدبية، على أدبائنا الذين
يغارون على الإسلام وأبنائه أن ندرك أننا إذا لم نلبي حاجات النفوس المؤمنة
إلى أدب نظيف يغذي إيمانها ويزكي فطره، فلا بد من أن تبحث لنفسها عن أدب
آخر قد تجده عند فلان أو فلان ممن ملأوا الدنيا بالآثار التي تفسد الفطرة
السليمة، وتقوض الأخلاق الكريم، وتعمل على إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا.
إن إقبال جماهير القراء علي الفنون الأدبية الحديثة وخاصة القصة أو
الأقصوصة أو المسرحية يجب أن يفتح أعيننا على هذا السلاح الخطير الذي يتسلح
به الشر ليثبت قدميه في حياة أمتنا وأن يحفزنا لأن ننتزع منه هذا السلاح
وأن نضعه في الأيدي الخيّرة القادرة على استعماله في سبل الخير والبر
والإحسان.
ولقد سمعنا أكثر من دعوة أطلقت على المنابر لمقاطعة المجلات الخليعة،
والقصص الفاجرة، ولكن هؤلاء الدعاة قد غفلوا أن تلك الشرور لا تقاوم بخطبة
يلقونها على المنابر، أو صرخة استنكار يطلقونها في المحافل وإنما تتم
بالعمل الإيجابي البناء، فلأن توقد شمعة واحدة خير لك من أن تسب الظلام ألف
مرة.
وإن كنا نريد التصدي لهذا الغزو الهائل من الفنون المنحرفة المدمرة التي
تشيع الإباحية والانحلال بين الناس فلا يكون ذلك باستنكارها أو الإعراض
عنه، ولا يتحقق بالصراخ والعويل –كما يقول الدكتور نبيل الكيلاني- وإنما
يكون بالعمل الإيجابي البناء وذلك بأن نواجه الأدب الذي نريده بالأدب الذي
لا نريده.
بكلمة موجزة لابد لنا من أن نقدم للناس البديل، ولنكن على ثقة بأن هذا
البديل الخير الطيب الأصيل سيلقى من أكثر الناس القبول والإقبال، لأن الناس
ميالون بفطرهم إلى الخير مؤثرون له، ونحن حين ندعو إلى أدب إسلامي بعيد عن
روح العصر ويعالج قضايا المسلم المعاصر، ويصور أشواقه لا نريد أن نولي
ظهورنا لأدبنا الإسلامي القديم وإنما نريد أن نستمد منه، ونبني عليه، وأن
نصل حاضر هذا الأدب بماضيه.
ومن الحق علينا أن نقرر أن أدبنا الإسلامي القديم قد أدَّي رسالته في
الماضي أداءً يثير الإعجاب، فلقد وقف منذ فجر الإسلام سنداً للدعوة، وظل
على مر التاريخ يواجه الأوضاع الفاسدة، ويتصدى للفرق الزائغة، ويخلص
النصيحة لله ولرسوله ولعامة المسلمين
ولقد ارتبط الأدب الإسلامي في كل زمان بقضايا عصره وتلاحم معها تلاحماً
مثيراً للدهشة، فلقد تصدى للزندقة والزنادقة، ووقف في محنة خلق القرآن
موقفاً صلباً كريماً وقال فيها كلمته التي يجب أن تقال، ومجد البطولات
الإسلامية، ونوه بالأبطال والمواقف.
فلما غزا الكفار ديار المسلمين هَبَّ هذا الأدب يثير العزائم ويضمد الجراح،
ويهنئ المسلمين بالنصر إذا انتصرو، ويخفف من آثار هزيمتهم إذا انهزموا
ويدعوا إلى مواصله الكفاح ويحث عليه ويرغب فيه.
ولم يكن موقفه من غزو التتار بأقل من موقفه من الغزو الصليبي. وإذا كان
أدبنا الإسلامي القديم قد عبر بكفاية عن عصوره ومشكلاتها وقضاياها وناسه،
فمن الخطأ أن نطلب منها لتعبير عن عصرنا ومشكلاتنا وقضايانا وناسنا...
إنه ليس من المنطق في شيء أن نطلب من أدبنا الإسلامي القديم أن يعالج
أوضاعنا الحاضرة، وإن في هذا الطلب تعسفاً يشبه تعسفنا فيما لو طلبنا من
أدبنا المعاصر أن يعالج الأوضاع التي ستجِدُّ بعد ألف عام.
وكما نحن بحاجه إلى أدب إسلامي معاصر يواكب حياتن، ويعبر عنه، فنحن بحاجه
إلى نقد إسلامي معاصر يواكب هذا الأدب ويؤصل له أصوله ويضع له معالمه
وصوابه.
نعم، نحن في حاجة إلى مذهب إسلامي ونقده.
الداعون السابقون إلى هذا المذهب:
نحن لسنا أول من دعا إلى إقامة مذهب إسلامي في الأدب وإنما اقتفينا آثار
طائفة من أعلام المسلمين، وأدبائهم الموهوبين. وقد كان أول من كتب في هذا
الموضوع ونبه إليه فضيلة العالم العامل الشيخ أبو الحسن الندوي، وذلك حين
اختبر عضوا في المجمع العلمي العربي في دمشق.
حيث قدم بحثاً دعا فيه إلى إقامة أدب إسلامي، والعناية به، فكان أول
الداعين إلى ذلك وطليعة المنبهين إليه. ثم تلاه شهيد الإسلام والمسلمين
"سيد قطب" فكتب مقالاً في هذا الموضوع ثم نشر في كتابه "التاريخ فكرة
ومناهج".
وقد نبه في هذا المقال إلي وجود أدب إسلامي متميز، ودعا إليه وحَضَّ عليه.
وقد كان أول من استجاب لدعوته أخوه الأستاذ "محمد قطب" مَدَّ الله في عمرة،
حيث ألف كتاب "منهج الفن الإسلامي" فكان كتابه أول كتاب نشر في هذا
الموضوع.
ثم تلاه الطبيب الأديب الدكتور نجيب الكيلاني، فألف كتابه "الإسلام
والمذاهب الأدبية" واتجه فيه وجهة أدبية إسلامية، بينما اتجه كتاب الأستاذ
محمد قطب وجهة إسلامية بحتة.
ثم تلاهما الدكتور عماد الدين خليل فخطى خطوة رائدة في هذا الطريق حين نشر
كتابه " في النقد الإسلامي المعاصر" ثم أتبع خطوته هذه بخطوات أخرى
لاستكمال الموضوع.
ثم كثرت المقالات والدعوات إلى تبني هذا الأدب، فكانت جامعة الإمام محمد بن
سعود الإسلامية أول من استجاب لهذه الدعوة وعمل على نقلها من نطاق الدعوات
والنظريات إلى مجال التطبيق والتنفيذ، فأقرت مادتها في كلية اللغة
العربية، وجعلتها عنصراً أساسيا من عناصر قسم البلاغة والنقد.
ولقد أقبل طلاب الدراسات العليا على هذه المادة إقبالاً كبيراً؛ فسجلت فيها
أربع وسائل للماجستير ورسالتان للدكتوراه.
وإن أملنا كبير في أن تتحول هذه المادة إلى مركز مستقل للأدب الإسلامي
بعامة ولأدب الأطفال واليافعين والشباب خاصة.
الأدب الإسلامي في سطور:
1- الأدب الإسلامي ريادة للأمة، ومسؤولية أمام الله عز وجل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

الأدب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأدب   الأدب Icon_minitimeالأربعاء 19 مايو 2010 - 19:54

الأدب الإسلامي في سطور:
1- الأدب الإسلامي ريادة للأمة، ومسؤولية أمام الله عز وجل.

2- الأدب الإسلامي أدب ملتزم، والتزام الأديب فيه عفوي نابع من التزامه
بالعقيدة الإسلامية، ورسالته جزء من رسالة الإسلام العظيم.

3- الأدب طريق مهم من طرق بناء الإنسان الصالح والمجتمع الصالح، وأداه من
أدوات الدعوة إلى الله عز وجل والدفاع عن الشخصية الإسلامية.

4- الأدب الإسلامي مسئول علن الإسهام في إنقاذ الأمة الإسلامية من محنتها
المعاصرة، والأدباء الإسلاميون أصحاب ريادة في ذلك.

5- الأدب الإسلامي حقيقة منذ انبلج فجر الإسلام، وهو يستمد عطاءه من مشكاة
الوحي وهدي النبوة، ويمتد عبر العصور إلى عصرنا الحاضر ليسهم في الدعوة إلى
الله عز وجل، ومحاربة أعداء الإسلام والمنحرفين عنه.

6- الأدب الإسلامي هو أدب الشعوب الإسلامية على اختلاف أجناسها ولغاته،
وخصائصه هي الخصائص الفنية المشتركة بين آداب الشعوب الإسلامية كلها.

7- يقدم التصور الإسلامي للإنسان والحياة والكون – كما نجده في الأدب
الإسلامي – أصولاً لنظرية متكاملة في الأدب والنقد، وملامح هذه النظرية
موجودة في النتاج الأدبي الإسلامي الممتد عبر القرون المتوالية.

8- يرفض الأدب الإسلامي أيّة محاولة لقطع الصلة بين الأدب القديم والأدب
الحديث بدعوى التطور أو الحداثة أو المعاصرة، ويرى أن الحديث مرتبط بجذوره
القديمة.

9- يرفض الأدب الإسلامي النظريات والأدبيات المنحرفة، والأدب العربي
المزور، والنقد الأدبي المبني على المجاملة المشبوهة، أو الحقد الشخصي، كما
يرفض لغة النقد التي يشوهها الغموض وتفشو فيها المصطلحات الدخيلة والرموز
المشبوهة، ويدعو إلى نقد واضح بناء، يعمل على ترشيد مسيرة الأدب، وترسيخ
أصوله.

10-الأدب الإسلامي أدب متكامل، ولا يتحقق تكامله إلا بتآزر المضمون مع
الشكل.

11-الأدب الإسلامي يفتح صدره للفنون الأدبية الحديثة، ويحرص على أن يقدمها
للناس، وقد برئت من كل ما يخالف دين الله عز وجل، وغنيت بما في الإسلام من
قيم سامية وتوجيهات سديدة.

12-اللغة العربية الفصحى هي اللغة العربية الأولى للأدب الإسلامي الذي يرفض
العامية، ويحارب الدعوة إليها.

13-الأديب الإسلامي مؤتمن على فكر الأمة ومشاعره، ولا يستطيع أن ينهض بهذه
الأمانة إلا إذا كان تصوره العقدي صحيح، ومعارفه الإسلامية كافية.

14-الأدباء الإسلاميون متقيدون بالإسلام وقيمه، وملتزمون بمبادئه ومثله. "موقع رابطة الأدب الإسلامي العالمية"
<
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد الهاشمي
مدير عام
مدير عام
أحمد الهاشمي


عدد المساهمات : 10896
نقاط : 13569
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 03/04/2010

الأدب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأدب   الأدب Icon_minitimeالأربعاء 19 مايو 2010 - 20:39

الله عليكِ

استاذة


شجرة الدُر


تسلم يديكِ

يثبت الملف لأهميتة

مع خالص تحياتي


عدل سابقا من قبل أحمد الهاشمي في الجمعة 21 مايو 2010 - 13:05 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

الأدب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأدب   الأدب Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 11:45

اشكرك ولكن الشكر لا يكفى
فمرورك اسعدنى واضفى البهاء على متصفحى
اشكرك لتثبيت الموضوع
واتمنى ان يستفيد الجميع

محبتى للجميع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زينب بابان
مشرفة عامة
مشرفة عامة
زينب بابان


عدد المساهمات : 10543
نقاط : 16309
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 04/05/2010
العمر : 52

الأدب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأدب   الأدب Icon_minitimeالأربعاء 18 أغسطس 2010 - 11:10

الأدب 21_266266548
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأدب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
واحة الأرواح  :: الأقسام الأدبية :: واحة موسوعة الأدب بكافة العصور من الأدب الجاهلي والمعلقات-
انتقل الى: