واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

واحة الأرواح

أحمد الهاشمي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولeahmea@yahoo.com

 

  قصة --صحوة --

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
محمود أسد
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
محمود أسد


عدد المساهمات : 188
نقاط : 566
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/08/2010
العمر : 73

                         قصة  --صحوة  -- Empty
مُساهمةموضوع: قصة --صحوة --                            قصة  --صحوة  -- Icon_minitimeالأربعاء 25 أغسطس 2010 - 22:33


السلام عليكم ورحمته وبركاته



صحوة
محمود أسد

أقمت في المشفى أياماً دون أن أعرف النهاية التي سوف تحيط بي . كل ما أعرفه أنني فتحت عيني وغشاوة عليهما . فركتهما أعدت فتحهما من جديد . فارتسمت ابتسامة على وجه أمي الشاحب الذي كان مُورَّداً في يوم من الأيام ..
وأعترف بأنني السبب في عذابها وشقائها . ها هي تذبل وقد غاصت عيناها وتجعَّد خداها وجبينها فبَدَتْ عجوزاً وهي في الأربعين وأنا بكرها لم أتجاوز الثامنة عشرة .. نظرت حولي من جديد ، فوجدت وجوهاً مستبشرة ومبتسمة يتلفتون إلى بعضهم . عيونهم تتكلم تحتضر أشياء كثيرة هم أعلم بها .
أمامي ممرضة حسناء ، تمكنت من أحاسيسي ، وشدَّتْني إليها بأسلوبها ، فكنت أسمع نصائحها وأنفِّّذها براحة تامة. غَرَسَتْ في نفسي الأمان بصوتها الرقيق والشفاف :
- ألف حمد على سلامتك . إنْ شاء الله أصبحت جيداً وقوياً يا نبيل ؟
وهَزَزْتُ رأسي بتراخٍ وذبولٍ كغصنٍ خريفي تساقطتْ أوراقه وعبثتْ به الرياح العاتية من كل جهة .. فكَّرْتُ ملياً بما حولي وبما اسمعه منها :
- أنا بخير والحمد لله طالما أنت قريبة مني .. جزاك الله كل خير . سوف أنظم لك قصيدة شعر رائعة . هل تسمحين يا آنسة حميدة ..؟
هذا أول حديث أُصرِّح به بعد فترة علاج قاسية ومريرة . آخر ما أذكره أنّني بدأت أترنَّح بلا سبب ، وقد تعاقبت عليَّ نوبات تشنُّج بين حين وآخر دون أن تعلم أمي المسكينة سبباً لحالتي ، وهي الوحيدة حولي بغياب والدي الذي يعمل في بعثة تعليميَّة خارج البلد .. كانت تفرك يداً بيدْ وتردِّد :
" لا حول ولا قوَّة إلا بالله العلي العظيم "
وتدعو الله مع مطلع كل صلاة ونهاية كل صلاة وأنا أسمع وأتألم لها ولي :
- يا إلهي أرجوك العفو والمغفرة والعافية وحسن الختام .. أرجوك يا إلهي أن تشفي نبيلاً . فلا أعرف سبباً لعلته وأنت العليم والحكيم .
بطبيعة الحال أمي بسيطة وعفوية . تمكنت من إقناعها في الدراسة خارج البيت مع زملائي وأنا في السنة الثانية الثانوي وبحجة الملل والفائدة والمناقشة ... وبدأت أتأخر يوماً بعد يوم . وأشعر بالراحة وأنا أرى .. الشلَّة .. تمرح وترمي الطرائف ويتبادلون الألغاز ، ويتحدثون عن مغامراتهم مع البنات والمقالب والكيف .. فذاك يقول :
" اشتقت للحبيبة الصغيرة البيضاء .. ناعمة كالقطن .. منعشة للقلب العليل .. "
وآخر يرد عليه :" سأبعثها إليك مجهَّزةً مع برقية مستعجلة . خذْها آخر مزاج واستمتعْ . إنه يوم العمر الذي لا ينسى . وقد لا يأتي ثانية .. "
وكأنني أمام ألغاز منها المفهوم وأكثرها غير مفهوم . في كل يوم تشمُّ أمي فمي خشية من التدخين وخوفاً علي من المشروبات . ولكنني وقعت في الشرك الذي هو أقسى وألعن ..
لقد عرضوا عليَّ حبة بيضاء , عندها آلمني رأسي وشعرت بالصداع الشديد والاضطراب النفسي .. أخذت البلعة فشعرت بعدها بانشراح ونشاط ملحوظ . ومع كل يوم كنت أشعر بحاجة إليه . وعندما استبدَّ بي دون علم أمي المسكينة التي كانت تبعث لوالدي كل أسبوع تقريراً مفصَّلاً عن أحوالي . لأنه يعتبرني الأمل والجسر الذي تعبر عليه الأسرة إلى أفق أرحب .
" نبيل بخير ودراسته منتظمة وهو الأول . وفي البيت مطيع ، ومشتاق لعودتك ، وسوف يحقق أمنياتك ويكون طبيباً ناجحاً .. "هذه التقارير تضايقني وتوخزني من أعماقي ولكن دون أن أتمكن من الخروج من البؤرة .
في المدرسة بدأت أشرد كثيراً . ضعفت مشاركاتي ومتابعتي . صرت أقصِّرُ في أداء الواجبات . علاماتي لم تكن جيدة في المذاكرات الخطية ولجأت إلى الغش أكثر من مرة . شعرت بوخز الضمير وعشت صراعاً عنيفاً ولكن ما العمل ؟
لقد سرقت خاتم أمي الغاليَ عليها وهو هدية والدي يوم خطبتها . فتلوَّعتْ وهي تبحث عنه ولا تستطيع أن ترتاب أحداً .
تغيّرت طباعي مع إخوتي الصغار ... أهملتهم ولم أتابعهم دراسياً . أخذت بالانطواء والعصبية . أُكثر من النوم في القسم، تعرضت للتوبيخ والمعاتبة ، وأخيراً استدعى المشرف التربوي والدتي .. دخل القلق إلى قلبها وارتبكت وحام حولها الشك .. ماذا عملت يا نبيل ؟ هذه بادرة جديدة .
فأجيبها متوتراً :" لا علم لي بشيء .. أموري تسير طبيعية . وأنا قلق مثلك ... "
وصلت أمي إلى المدرسة , وجدتْ ترحيباً وصدمة قاسية . فتحوا سجل الطلاب فكانت صفحتي مخجلة .. تأخر متكرر . تقصير وغياب وتسيّب .. شعرت بالخجل .. جبل ثقيل حطَّ فوق ظهري . تمنَّيتُ أن تنشقَّ الأرض وتبتلعني . وقفت أمي مذهولة . تماسكت أمام الواقع .. استدارت وأخرجت منديلاً .. نظرت إليَّ دون كلمة وكأنها تقول لي :
" ماذا أقول لوالدك . وكيف نواجهه .. ؟ يا خسارتي فيك ... ! "
في المساء أعلنت أمي موقفها بقسوة :" لا خروج من البيت بعد هذا اليوم . الدراسة في البيت وسوف أسأل عنك كل يوم " .
أنا لم أستغرب هذا الموقف بعد الذي جرى . ولم أُبْدِ ردَّة فعل . قبلته قانعاً ، ولكنني شعرت بفتور وخيبة ونعاس فأنا على موعد مع ضيف خبيث يسكن في دمي . انكففت على نفسي .. أصابتني حالات الإعياء والإقياء . وحالات من التشنُّج .
استدعت والدتي الطبيب . وكان التحليل والتشخيص وكشف العلة . وها أنا في المشفى ... حولي الممرضات والأطباء . وأمامي الورقة والقلم وديوان شعري رقيق وآلة تسجيل صغيرة ... في كل يوم يزورني أحد أساتذتي ، يمدُّني بوجبة من الثقة والاعتزاز بالنفس . كانت عينا أمي ساهرتين وقلبها ينبض مع كل حركة تبدر مني ... شعرت من جديد بعودة الرجاء والأمل .. في المساء قلت لأمي :
- أرجوك أن تسمحي عني .. أرجوك ألَّا تخبري والدي البعيد ... أريد الخروج من المشفى ما عدت بحاجة إليه ، أنا نبيل الذي تعرفينه ..، "
ارتسمتْ بسمة على وجهها ، وشعرتْ بأن شبابها قد عاد وتورَّدَ خداها . ثم استدعتْ الممرضة المشرفة لتسمع ما أقول لها :
- قم يا نبيل ، كيف ترى نفسك بعد هذه الأيام ؟ "
وبضحكة صافية وقلب متوثب رفعت يدي إلى الأعلى ووقفت على رجليَّ :
- أنا نبيل الإنسان ، أريد أن أبقى إنساناً .. فغداً سوف أعود إلى المدرسة وأتابع دروسي . وأعوِّض ما فاتني من دروس . ناوليني ورقة وقلماً سأكتب رسالة لوالدي وقصيدة لك ."
وألقيت نظرة حنونة إلى الممرضة والسرير وحديقة المشفى ووضعتها في صباح اليوم التالي على جدران المدرسة والطلاب والمدرسين معلناً مشواري الجديد . وقد كتبت حكمة اليوم على السبورة والكراس " تباً للتدخين .. تباً للسم القاتل .. تباً لرفاق السوء " ضع يدك بيدي لنحاربهم ...


* * *













الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر الزمان
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
قمر الزمان


عدد المساهمات : 1443
نقاط : 1805
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 11/04/2010
العمر : 54

                         قصة  --صحوة  -- Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة --صحوة --                            قصة  --صحوة  -- Icon_minitimeالأربعاء 25 أغسطس 2010 - 22:51

ت
اقتباس :
باً للتدخين .. تباً للسم القاتل .. تباً لرفاق السوء " ضع يدك بيدي لنحاربهم ...


مااروع مانسجت استاذى

اديبنا السامق

محمود اســــد

ابعد الله عنك

كل سوء

وبارك قلمك الماسى

وروعة حرفك

ابدعت

تحياتى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد الهاشمي
مدير عام
مدير عام
أحمد الهاشمي


عدد المساهمات : 10896
نقاط : 13569
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 03/04/2010

                         قصة  --صحوة  -- Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة --صحوة --                            قصة  --صحوة  -- Icon_minitimeالخميس 26 أغسطس 2010 - 0:10

رائع اخي الحبيب

الأديب/محمود اسد

اسف للتاخير

عطل بجهازي

وفضلت امر عليك

وساعود مرة اخرى

تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زينب بابان
مشرفة عامة
مشرفة عامة
زينب بابان


عدد المساهمات : 10543
نقاط : 16309
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 04/05/2010
العمر : 52

                         قصة  --صحوة  -- Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة --صحوة --                            قصة  --صحوة  -- Icon_minitimeالخميس 26 أغسطس 2010 - 9:41

                         قصة  --صحوة  -- 95499334je6
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة --صحوة --
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
واحة الأرواح  :: أقسام الكتاب و الأدباء و الشعراء :: واحة الأديب الأستاذ..(((محمود أسد)))-
انتقل الى: