إيقاعات للموتِ المقدَّس محمود أسد
من مجموعتي المنشورة "تراتيل للموت المقدس"
للشهيدِ الطفلِ محمد جمال الدرّة و شهداءِ الانتفاضة :
نظر الفتى و تشهَّدا.
نظر الرّدى في الطّلقة العمياءِ
أطْلَقَ زَفْرَةً و تنهّدا.
و مضى الفتى ليزيحَ ذاك الخوفَ عَنَّا
بلْ أتانا فارساً مُتَرَجِّلا.
ـ ـ ـ
صَرَخَ الأبُ المفجوعُ
أرغى ، أزبدا ..
صَرَخَ الأبُ المُلْتاعُ :
رفقاً بالمطرْ
رفقاً بغصْنِ القلبِ
مِنْ أجلِ الحياةِ رمى الحَجَرْ.
و لأجلِهِ ماءُ الحياةِ سقى البشرْ.
رفْقاً بعصفورِ البهاءِ
فإنَّني من بعدِهِ نارٌ
و حقْدٌ مُسْتَعر ..
ـ ـ ـ
و رمى اللئيمُ رصاصةً تأبى المسيرَ
تخافُ مِنْ غَضَبِ الحَجَرْ ..
و رمى شهيقاً يرفضُ الإذعانَ،
كرَّرَ ، بَعْدَ لَأْيٍ سَدَّدا ..
شَطَرَتْ قلوبَ القومِ
و لأبُ حاضِنٌ أحْلامَهُ
و العَبْرَةُ الثّكلى صَحَتْ تتحدَّى ،
الكونُ من أجلِ البراءَةِ ندَّدا ..
ـ ـ ـ
غَضِبَ الإلهُ لما رأى
غضِبَ الإلهُ لأنَّنا ..
غضِبَ الإلهُ و أنذرا ..
القدسُ نارٌ ،
و الرجولةُ بيْنَنا مأسورةٌ
فربيعُ عُمْرِكَ ـ يا مُحمّدُ ـ ساكنٌ
في بؤبؤِ العينِ التي أمْسَتْ
على جمرِ القرابةِ تُكوى ..
ـ ـ ـ
و دفاتِرُ الأشواقِ للقدسِ الجريحِ
سعيرُها في القلبِ يَسْكُنُ ،
يَزْرَعُ الأحجارَ و الأقمارَ ،
فالحجرُ الشّقيُّ على رصيفِ النارِ
معصورٌ و مَرْمِيٌّ بكفٍّ أقوى ..
غَضِبَ الإلهُ و ما غضبْنا ،
زُلْزِلَتْ قدسُ الطّهارةِ و النبوَّةِ بَيْننا
قَتْلُ البراءةِ و الهدى هَدَفُ اللّئامِ
فحقْدُهُمْ في الذاكرةْ.
و صمودُنا في الناصِرَةْ.
تِلْكَ المجازِرُ غصَّةٌ
نحنُ الألى لمْ نَعْتَبِرْ
نحنُ الألى لمْ نتَّحِدْ
نحنُ الألى كنّا وقوداً للرّدى ..
آهٍ فنفسي صاغِرةْ ..
قلبي لأمٍّ صابرةْ ..
ـ ـ ـ
ماذا رأيْنا في المساءِ ؟
و أينَ غابَ الصَّوْتُ ؟
نامَ على الرصيفِ فأبكى .
هُزِمَ البيانُ و سحرُهُ .
هَرَبَ الرِّجالُ إلى المقاهي
فالمنابِرُ موصَدَةْ ..
لم تبقَ إلّا صرخةٌ مُسْتنكرةْ ..
هربَتْ سيوفُ أرومتي
و توجَّهَتْ نحوَ العشيرةِ و الطّوائفِ ،
أُغْمِدَتْ في الخاصرةْ ..
و تكسَّرتْ قبلَ اللقاءِ حِرابُنا
هَرَبَ الرّغيفُ عن العيونِ
و لم تزلْ عينُ البراءةِ ثائرةْ ..
في القدسِ أشرقتِ الطّفولةُ
فالمواسِمُ قبضةٌ عَزَفَتْ لنا
لَحْنَ الفِدا ..
ـ ـ ـ
النّارُ في أحداقهنَّ رسالةٌ
و مزارِعٌ و مدارِسٌ سكبتْ بياناً للعِدا ..
هُزِمَ الخِطابُ يَمينُهُ و يَسارُهُ .
قُهِرَ السَّلامُ قريبُهُ و بعيدُهُ .
عرَّافُ أهلِ البيتِ
يبحثُ عن طريقٍ مِنْ ورقْ
و مضى بهمْ للمؤتمرْ .
اسمعْ كلامَ الثائرين من الأزلْ
أحرِقْ بيانَ الهاربينَ إلى الصورْ
و انشدْ معي :
نَطَقَ الرّصاصُ فما يُباحُ كلامُ و جرى القصاصُ فما يُتاح ملامُ
الحقُّ و الرّشَّاشُ إنْ نطقا معـاً عَنَتِ الوجوهُ، و خَرَّتِ الأصنامُ
ـ ـ ـ ـ
تنويه : البيتان لشاعر الثورة الجزائرية "مفدي زكريا"