واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

واحة الأرواح

أحمد الهاشمي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولeahmea@yahoo.com

 

  قصة اجتماع طارئ

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
محمود أسد
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
محمود أسد


عدد المساهمات : 188
نقاط : 566
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/08/2010
العمر : 73

  قصة اجتماع طارئ Empty
مُساهمةموضوع: قصة اجتماع طارئ     قصة اجتماع طارئ Icon_minitimeالسبت 28 أغسطس 2010 - 13:54


قصة اجتماع طارئ
محمود أسد

حمل أبو علي كتاب المدير وتوجه إلى موظفي الدائرة وراء مكاتبهم يمشي بخُطا وئيدة تدلّ على التعب والملل وعبء السنين وراء هذا العمل الروتيني صباح مساء .. من عشرين عاماً في هذه الدائرة ، وهو أول من يفتح الأبواب وآخر من يخرج من الدائرة ... عارف بكل شاردة وواردة في هذه الملفات القديمة ، فيعرف تصنيفَها وتبويبَها ...
تغيرتْ عليهِ وتعاقبتْ أشكالٌ وأشكال من مديرين وموظفين ،وترفَّعَ الجميعُ في مناصبهم ولكنه باقٍ في منصبِهِ .
(( آذن )) يستقبلُ ويودِّعُ وهو من أثاث الدائرة .. " دائرة الأحوال المدنية " ولو جلسْتَ إليهِ لوجدْتَ أمامَكَ إنساناً ألِفَ الحياةَ في أحزانِها وأفراحِها وحُلْوِها ومُرِّها . في كلِّ يومٍ شهاداتُ ميلادٍ ومثلُها شهاداتُ وفاةٍ ومعاملاتُ زواج .. وهو يلبِّي الأصواتَ : (( أبو علي .. ملف الزواج الفلاني .. وصوت آخر : أبو علي بسرعة ملف الزواج رقم س .... " ومن زاوية أخرى
" أبو علي ... أبو علي .ملف الوفاة .... أبو علي قهوة للمدير ...... لا يجيب أبو علي إلا بكلمةِ حاضر ... دقيقة ويقولُها ببرودةِ أعصابِ وكأنَّها في ثلَّاجة ... ينتقلُ من طاولةٍ إلى طاولةْ ، والكلُّ يقولُ : حاضر .. نحنُ في انتظارِ الاجتماع ... فرفَعَ الجميعُ أقلامَهم وصَرَفوا المواطنينَ رُغْمَ رجائِهمْ وإلحاحِهمْ فأجْمعوا على كلمةٍ " اجتماعٌ فوريٌّ وعاجل .. إلى الغد .. وراءنا أمور هامة وعاجلة .. " .
توجَّه الجميع إلى غرفة المدير وأخذَ كلُّ واحدٍ مكانَه بعد أن رمى تحيَّاتِهِ ووزَّعََ ابتساماتِهِ على المديرِ . وبدأتِ العيونُ تتابـِعُ الفَرْشَ الجديدَ لمكتبِهِ وكانَ آخرُهم خالداً . دخل الغرفَة بلا مبالاة وكأنَّه مارٌّ في سوقِ مزدحمٍ لا يلتفتُ ولا يرمي بصرَهُ على لائحةِ الأسعارِ المخيفةِ للمعروضاتِ يخيَّلُ إليكَ لأوِّلِ مرَّةٍ أنه متعب وغير منسجم مع زملائه .
خالد في العَقْدِ الثالثِ من عُمْرِهِ وقد وصل إلى آخره . زادُهُ سمعةٌ عَطِرَةٌ وخُلُقٌ حسن . عُرِفَ بصراحتِهِ ونزاهتِهِ وجرأتِهِ . يقولون : إنه تأثّرَ بوالدِهِ وبيئتهِ الشعبية التي زرعَتْ فيه فكرةَ الحلال والحرام والواجبِ والاحترامِ .. ، لا يعرفُ في دائرتِهِ إلا الحضورَ في الوقتِ المناسبِ والمحدَّدِ وتلبيةِ معاملاتِ المواطنينَ التي تخصُّهُ دونَ مماطلةٍ أو عرقَلَةٍ . (( لا يبغي مصلحةً شخصية )) .
دخلَ غرفةَ المديرِ رافعاً رأسَهُ غيرَ مهتمٍّ بالذينَ حولَهُ فكلُّ شيء يقولُ لنا : إن معركةً مستمرّةً تقومُ بينهُمْ . نظراتُهُ مشتَّتةٌ هنا وهناكَ ولسانُ حاله يقول للآخرين :
- " تحتي يابسٌ وتحتَكم يعلَمُ الله ! ... "
الاجتماعُ لم يبدأْ بعد ... فلا بُدَّ من حديثٍ ودِّي متبادَلٍ بين الموظفينَ والمديرِ . ويبدأُ الحديثَ ذالكَ الموظفُ الخبيثُ وقد رفَعَ نظارتَهُ الطبيةَ القديمة :
- " مبروكٌ أثاثُ المكتبِ يا أستاذ واللهِ جميلٌ ويليقُ بالغرفةِ وبكَ .... "
ببرودٍ وثباتٍ يجيبه المديرُ :
- " إنهُ هديَّةٌ من الوزارةِ وتقديرٌ لإنجازاتنا التي أشادَتْ بها الوزارةٌ والرَّقابة " .
هنا يهزُّ خالدٌ رأسَهُ ويرمي نظرة ساخرة فيها الإيجاز والردُّ السريعُ ، ويدورُ حديثٌ جانبي بين اثنين يتبادلان الأفلامَ
بينهما . ولا همَّ لهما سوى الحديث عن المغامرات والجنس .....
يدخل أبو علي وبين يديه فناجينُ القهوةِ لتقديمها قبل الاجتماعِ . الوحيدُ الذي يعرِفُ طباعَ الجميعِ وأسرارَهُمْ ، ولكنَّ لقمةَ العيشِ تمنعه عن البوحِ فلا يجدُ أمامَهُ إلا خالداً الذي عَرَفَ فيه الصّدْقَ والإخلاص .. وفي هذه اللحظةِ يقلِّبُ خالدٌ صحيفةً بين يديهِ فيجدُ خَبَراً عن مبادرات الوفاق بين أمريكا والسوقِ الأوروبيةِ وآخرَ عن استمرار الحرب بين البوسنةِ والصربِ وفشل مجلس الأمن في إيجاد حل لها فيهزُّ رأسَهُ بحسرةٍ وأسى فيقطَعُ عليه تفكيرَه وحسرتَهُ سؤالٌ من زميلٍ قريبٍ يحب التجارة بالعملةِ والسوقِ السوداء ...
- ما لك يا سيد خالد ؟! هل هناك تحسُّنٌ بأسعارِ العملةِ والذهبِ ؟! . وسؤالٌ آخرٌ : " هل هناكَ خبرٌ رياضي جديد ؟ ألديك خبر فني لافت ؟ ذكر التلفزيون أن وحش الشاشة- فريد شوفي- قد توفي ... " . ينظرُ بطرفِ عينهِ وتتوقَّفُ الكلمةُ على حدودِ شفتيهِ كما يتوقَّف العربي على حدودِ كل قطر عربي . ثم تابع قراءته ...
يرحِّبُ المديرُ بالموظفينَ ويشكُرُهُمْ على جهودِهمْ بعد أن أخذَ مكانَهُ وراءَ طاولتِهِ التي وُضعَتْ عليها حُزْمَةٌ من الأوراقِ ومشاريعٌ ومسودَّات ... وعن يمينِهِ هاتفٌ أخذَ قسطاً من الراحة لدقائقَ وبنبرة قاسية:
- " اقفلِ الباب يا أبا علي ، ولا تسمح لأحد بالدُّخول ... الزياراتُ ممنوعة ... "
ويتابع حديثَه الموجَّه للموظفين :
" يا جماعة ما دعانا للاجتماع أمرٌ هامٌّ وضروريٌّ أليسَ كذلك ... ؟
بصوتٍ واحدٍ بلى .. بلى . باستثناء خالد الذي كان منهمكاً في قراءةِ نشرةِ أسعارِ التموين ، يتأملها . وهناك خبر طالما كرَّرته الصحافة وصولُ السيارات السياحية وتوزيعُها عما قريب ، ويلفتُ انتباهَهُ خبرٌ (( تعاني شوارع المدن الضيقة من كثرة السيارات وإشغال الأرصفة .... )) يضطرُّ للابتسامةَ الصفراءِ ويعيدُ هزَّ رأسِهِ ويأخُذُ بقلمٍ يحرِّكُهُ بينَ أصابعِهِ فيلفِتُ انتباهَ المديرَ ولكنَّهُ لمْ يأبَهْ أحدُهُما بالآخرِ وكأنّهُ أمرٌ مألوفٌ وعاديٌّ ....
- ما دعانا للاجتماعِ تعليماتٌ وزاريةٌ وقد وصلَتْنا بالأمْسِ ونريدُ أن نبحَثَ في أمرِها على عَجَلٍ قبلَ وصولِ الهيئةِ المركزيةِ للرقابةِ والتفتيشِ فأريدُ ...... يقاطعه أحدهم : _ (( نعمْ . هذا واجبٌ . يجبُ أنْ نأخُُذَ بتعليماتِ الوزارةِ حرفياً ، أليسَ كذلك يا جماعة ؟ ..... وبصوت واحد يُجْمعونَ على الإجابة :
- " بلى ... بلى .. " باستثناءِ خالدٍ الذي ينهمِكُ في حلِّ الكلماتِ المتقاطعة فيأتيه السؤال من المدير :
- " أليس كذلك يا سيد خالد ؟ ألست معنا فيما نقولُ ونبحثُ ..... ؟
يرفع رأسه ببرود .. آ ... آ .. نعم كلمة معكوسة بمعنى (( روتين )) علَّني أجِدُها من بعد ... " قهقهَ الجميعُ وبصوتٍ مرتفعٍ . فرمَقَهُمْ بنظرةٍ كالسَّهْمِ مما جَعَلَ المديرَ يأخذُ موقفاً ويدقُّ بقلمه ويتابع :
- " علينا أن نتقيَّد بالدوامِ ، وأن نوقِّعَ على دفترِ الحضورِ بشكلٍ منتظمٍ . وأن نحسِنَ استقبالَ المراجعين وأن .... " فجاءَهُ الجوابُ مباشرةً .. نعمْ .. نعمْ .. وأما الموظفةُ التي كانتْ إلى جانِبِهِ وقد أبدَتْ محاسنَها المثيرةَ بعدَ أن وضعَتْ رِجْلاً على رجلٍ وبانَ طرف فخذيها المرصَّعين وفتحَتْ قسماً من قميصها ليتحرَّرَ نهداها من بعد قسوة ويتنفسانِ بعد حصار .. أجابَتْ بدلعٍ : " بالتأكيد " وقد بعثَتْ إليه ابتسامةً رقيقةً فَهِمَها مَنْ لاحظَها وشاهَدَها ..
- " إذاً نتابعُ اجتماعَنا العاجلَ ، فالمطلوبُ منَّا أن نظهَرَ بالمظهرِ اللائقِ ولذلك علي .... " يقاطِعُهُ جرسُ الهاتفِ .. يتناولُ سماعةَ الهاتفِ .. يتبادلُ الموظفون الأحاديثَ تتكلًَّم معهُ زوجتُهُ فيبدو عليه الرضا . ويهز رأسَهُ ويُخْرِجُ لِفافةَ سجائرٍ من عُلْبَتِهِ الأجنبيَّةِ الفاخرةِ " .. حاضر .. حاضر.. طيب .. دقائقٌ والسيارةُ تكون عندَكِ ، في المساءِ لقاؤُنا .. نعمْ في المساءِ إنَّني مدعوٌّ مع جماعةٍ .. من بعد أشرح لكِ لماذا ... لن أتأخَّرَ ، مع السلامة .. "
في هذه اللحظةَ كانَ خالدٌ يضعُ إصبعَهُ على رأسِ شفتِهِ السُّفْلى مفكِّراً في كلمةٍ مستعصيةٍ عليهِ . فلم يسمَعِ المخابرة ، أو أنه اعتادَ على هذه المخابرات ولكنَّهُ وجد الكلمة الضائعة ...
حاجة ماسة افتقادها يشلُّ الحياة الاقتصادية .. " آ - آ- أجل (( الكهرباء .. " وابتسامة ساخرة جديدة يبعثها متسائلاً: " يا حسرة أين هي الآن .. أين تباع ... ؟ "
من جديد يضرِبُ المديرُ بقلمِهِ نتابع: " علينا أن نرتِّبَ الأضابيرَ وأنْ.... " يقاطِعُهُ الهاتفُ من جديدٍ ويبدي تضايُقاً مصطَنعاً
ويظهَرُ الضيقُ على الموظفينَ الذين أخذوا يتململونَ وينظرونَ بساعاتهم من تحت الطاولةِ . ومنهُمْ مَنْ جَمَعَ حاجياتِهِ وكأنَّ شيئاً هاماً يريدون البحثَ عنه أو الحرصَ عليه .
- آلو .. مين ؟ أهلاً – أهلاً .. طيب بالحال .. خلالَ دقائقَ أكونُ موجوداً .. هل حضر الجميع وأصبح كلُّ شيء جاهزاً ؟ الدعوى ناشفةٌ أم طريَّةٌ ؟ .. بإمكانِنا تأجيلُ الاجتماع ... مع السلامة .. ويقفُ بسرعةٍ ويتوجَّهُ إليهم :
- " أسمعتُمُ المكالمة فلا بُدَّ أنْ ..." فوقف الجميع وبصوت واحد :
- " لا بد أن نؤجِّلَ اجتماعَنا فالضروراتُ تبيحُ المحظورات .. "
خالدٌ الوحيدُ الذي كانَ موجوداً وغيرَ موجودٍ . قد ملَّ هذه الاجتماعاتِ بل تُقْلِقُهُ لأنها غيرُ مجديةٍ . وقفَ بعد خرجَ الجميعُ وتوجَّه إلى أبي علي ...
- " كلمة بمعنى التأجيل المستمر هل تعرِفها ؟ "
- " وما عِلْمي بذلك فأنا لا أفهم بالسياسة و .... "
حملَ صحيفَتَهُ . تحمِلُهُ خطاهُ إلى البابِ فلفتَتْ انتباهَهُ كلمةٌ مخطَّطةٌ وموضوعةٌ على الجدار (( تذكروا أن الوظيفة تكليفٌ وليست تشريفا )) . وهنا يهتف لنفسه وجدتها يا لها من وقحة ( المماطلة – المماطلة ) .











أحيّيكم وأرحب بكم العنوان ((قصة اجتماع طارئ))

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد الهاشمي
مدير عام
مدير عام
أحمد الهاشمي


عدد المساهمات : 10896
نقاط : 13569
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 03/04/2010

  قصة اجتماع طارئ Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة اجتماع طارئ     قصة اجتماع طارئ Icon_minitimeالسبت 28 أغسطس 2010 - 15:46

لرائع ما نزف قلمك هنا

وما جاد به فكرك

لك مودتي وتقديري

وكل عام وانتم بخير

اديبنا القدير

محمود اسد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زينب بابان
مشرفة عامة
مشرفة عامة
زينب بابان


عدد المساهمات : 10543
نقاط : 16309
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 04/05/2010
العمر : 52

  قصة اجتماع طارئ Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة اجتماع طارئ     قصة اجتماع طارئ Icon_minitimeالسبت 28 أغسطس 2010 - 22:51

  قصة اجتماع طارئ 95499334je6
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة اجتماع طارئ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  اجتماع العيد والجمعة
» رفض إثيوبيا وتنزانيا يجبر مصر على سحب دعوتها لعقد اجتماع استثنائي بالقاهرة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
واحة الأرواح  :: أقسام الكتاب و الأدباء و الشعراء :: واحة الأديب الأستاذ..(((محمود أسد)))-
انتقل الى: