توبة محمود أسد
في النّفسِ جوعٌ للهدى. فَتمايلي
طَرَباً، فإنِّي للضَّلالِ مُشَيِّعُ
في الأربعينَ قطعْتُ شوطاً – با منى
قلبي – بعيداً ليسَ فيه مَرْجِعُ
أنتِ المنى بعد الضّياعِ لعاشقٍ
بل أنتِ غيثٌ للنّفوسِ ومِبْضَعُ
بعدَ الضّياعِ وجَدْتُ درباً للهدى
فيه رجوعٌ للإله ومَطْمَعُ
تلك العيونُ هجَرْتُها عنْ رغبةٍ
إنِّي فداءٌ للحَبيبِ. أيَشْفَعُ؟
لا ترجعي فالقلبُ نحوك موصَدٌ
إنْ شئْتِ نصحي, فالعقيدةُ ترفَعُ
فتَسَلِّحي وتحصَّني بعبادةٍ,
فيها ضياءٌ للقلوبِ ومَرْتَعُ
وتذَوَّقي طعْمَ الهدايةِ، واهنئي.
حبُّ الإله وراءَهُ نَتَجَمَّعُ
جرِّبْتُ كلَّ الموبقاتِ، ولم أجدْ
أحلى منَ الإيمانِ، فَهْو المنْبَعُ
ليسَ الشّبابُ بدائمٍ وكذا الثّرا
فالورْدُ سوف يفوحُ ثمَّ يُقَطَّعُ
يا حسرتي! إنِّي أضَعْتُ مغانماً
أسعى وراء الغانياتِ ,وأرتَعُ
في كلِّ يومٍ جلسةٌ في الملتقى
نصطادُ حسناً فاتناً، نتسكَّعُ
ويدورُ بين الجمع هَزْلٌ مُفْرِطٌ:
انظرْ لتلكَ فصَدْرُها مُتَضَرِّعُ
ويبوحُ مفتونٌ: كأني طوقُها
مُتَنَقِّلاً بينَ الوهادِ, وأُقْطَعُ
خَفْقُ الفؤادِ يهزُّني مُتَرَنِّحاً
قلبي إليها طائِرٌ مُتَسَرِّعُ
-اسكتْ فأنْتَ أسيرُها لغوايةٍ
تسعى إليها. إنَّها المستَنْقَعُ
هذا قليلٌ من حديثٍ بيننا
فيه الحياءُ يموتُ، ذكرُهُ يلْسَعُ
كلُّ الدّروبِ سلكْتُها في غفلةٍ
لم تأتِ إلاّ بالرذائِلِ تلمَعُ
يا ليتني ذقتُ الهدايةَ يافعاً
أجني ثماراً من هدىً يتف
أسلمْتُ قلبي مستعيناً بالهدى
وحفظْتُ آياتٍ أقومُ وأركَعُ
في اللّيلِ دعوةُ تائبٍ ,في نفسهِ
خوفٌ وحبٌّ دافقٌ وتورُّعُ
قد ذقْتُ طعْمَ الخير ,في كلِّ الخطى
أحْسَسْتُ بالإنسانِ روحاً تُرْفَعْ
فمحمَّدٌ خيرُ البريَّةِ في الدُّنا
وبهِ زَهَتْ دنيا العروبةِ تقرَعُ
حَمَلَ الرّسالةَ مؤمناً مُتَحَمِّلاً
نارَ الأسى. عَنْ دربِهِ لا يَرْجِعُ
رَفَضَ النِّساءَ ومغرياتٍ ,حوَّلَتْ
إيمانَهُ جبلاً، فهلْ يتزَعْزَعُ؟
أحبِبْ بقرآنٍ يقوِّي عزْمنا!
وهو الطبيبُ لأمَّةٍ تتوجَّعُ
هذا شفيعي بل دليلٌ للورى
آمنْتُ بالإسلامِ ديناً ,يَجْمَعُ
با فرحتي! أبصَرْتُ نفسي تائباً
دربُ الفَلاحِ سبيلُنا، من يَزْرَعُ؟
** **