لاخلاف بين العلماء في جواز السفر ليلة الجمعة قبل طلوع الفجر إلا ما حكاهالعبدري عن إبراهيم النخعي أنه قال : لا يسافر بعد دخول العشاء من يومالخميس حتى يصلي الجمعة . ذكر هذا الإمام النووي و قال : و هذا مذهب باطللا أصل له (6). و أما السفر من طلوع الفجر إلى الزوال فاختلف العلماء في جوازه على خمسة أقوال ذكرها الإمام الشوكاني : الأول الجواز : قال العراقي : و هو قول أكثر العلماء ، فمن الصحابة : عمر بن الخطاب ، والزبير بن العوام ، و أبو عبيدة بن الجراح ، و ابن عمر . و من التابعين :الحسن و ابن سيرين و الزهري . و من الأئمة : أبو حنيفة ، و مالك فيالرواية المشهورة عنه ، و الأوزاعي ، و أحمد بن حنبل في الرواية المشهورةعنه ، و هو القول القديم للشافعي ، و حكاه ابن قدامة عن أكثر أهل العلم .
و القول الثاني المنع منه : و هو قول الشافعي في الجديد ، و هو إحدى الروايتين عن أحمد و عن مالك . و الثالث :جوازه لسفر الجهاد دون غيره : و هو إحدى الروايات عن أحمد . و الرابع : جوازه للسفر الواجب دون غيره : و هو اختيار إسحاق المروزي من الشافعية ، و مال إليه إمام الحرمين . و الخامس :جوازه لسفر الطاعة واجباً كان أو مندوباً : و هو قول كثير من الشافعية من الشافعية و صححه الرافعي (1). و قال النووي : " … و أما السفر بين الفجر و الزوال فقد ذكرنا أن الأصحعندنا تحريمه و به قال ابن عمر و عائشة و النخعي ، و جوزه عمر بن الخطاب والزبير بن العوام و الحسن و ابن سيرين و مالك و ابن المنذر . و احتج لهمبحديث ابن رواحة رضى الله عنه و هو حديث ضعيف جداً و ليس في المسألة حديثصحيح " (2). و قال ابن القيم : بعد أن ذكر الخلاف في السفر قبل الجمعة : " … هذا إذالم يخف المسافر فوت رفقته ، فإن خاف المسافر فوت رفقته و انقطاعه بعدهم ،جاز له السفر مطلقاً ، لأن هذا عذر يُسقط الجمعة و الجماعة . و لعل مارُوي عن الأوزعي- أنه سُئل عن مسافر سمع أذان الجمعة و قد أسرج دابته ،فقال : ليمض على سفره – محمول على هذا ، و كذلك قول ابن عمر رضى الله عنهالجمعة لا تحبس عن السفر . و إن كان مرادهم جواز السفر مطلقاً ، فهي مسألة نزاع . و الدليل هو الفاصل. على أن عبد الرازق قد روى في مصنفه عن معمر ، عن خالد الحذَّاء ، عن ابنسيرين أو غيره ، أن عمر بن الخطاب رأى رجلاً عليه ثياب سفر بعدما قضىالجمعة ، فقال : ما شأنك ؟ قال : أردت سفراً ، فكرهت أن أخرج حتى أصلي ،فقال عمر : إن الجمعة لا تمنعك السفر ما لم يحضر وقتها (3). فهذا قول يمنعالسفر بعد الزوال ، و لا يمنع منه قبله . و ذكره عبد الرازق أيضاً عن الثوري ، عن الأسود بن قيس ، عن أبيه قال :أبصر عمر بن الخطاب رجلاً عليه هيئة السفر ، و قال الرجل : إن اليوم يومالجمعة و لولا ذلك لخرجت ، فقال عمر : إن الجمعة لا تحبس مسافراً ، فاخرجما لم يحن الرواح (1). "(2) . و قد استدل المانعون من السفر يوم الجمعة قبل دخول وقتها بحديث ابن عمرمرفوعاً بلفظ : " من سافر يوم الجمعة دعت عليه الملائكة أن لا يصحب فيسفره "(3) ، و حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ : " من سافر يوم الجمعة دعاعليه ملكاه أن لا يصاحب في سفره و لا تقضى له حاجة " (4). و ذكر الشوكاني الحديثين و أورد ما يدل على ضعفهما ، ثم قال : " و الظاهرجواز السفر قبل دخول وقت الجمعة و بعد دخوله لعدم المانع من ذلك ، و حديثأبي هريرة ة كذلك حديث ابن عمر لا يصلحان للاحتجاج بهما على المنع لماعرفت من ضعفهما و معارضة ما هو أنهض منهما و مخالفتهما لما هو الأصل ، فلاينتقل عنه إلا بناقل صحيح و لم يوجد . و أما وقت صلاة الجمعة فالظاهر عدم الجواز لمن قد وجب عليه الحضور إلا أنيخشى حصول مضرة من تخلفه للجمعة ، كالانقطاع عن الرفقة التي لا يتمكن منالسفر إلا معهم و ما شابه ذلك من الأعذار ، و قد أجاز الشارع التخلف عنالجمعة لعذر المطر ، فجوازه لما كان أدخل في المشقة منه أولى " (5) أﻫ . و قال الألباني رحمه الله: " و ليس في السنة ما يمنع من السفر يوم الجمعةمطلقاً ، بل روي عنه صلى الله عليه و سلم أنه سافر يوم الجمعة من أولالنهار ، و لكنه ضعيف لإرساله … " (6). و كذا ذهب الشيخ ابن عثيمين أن السفر قبل الزوال يوم الجمعة جائز ، قال :و ذلك لأنه لم يؤمر بالحضور فلم يتعلق الطلب به ، فجاز له أن يسافر قبلالزوال …(7)
شجرة الدر كبار الشخصياتvip
عدد المساهمات : 4808 نقاط : 6181 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 14/05/2010 العمر : 55
موضوع: رد: فقه الجمعه الخميس 14 أكتوبر 2010 - 23:06
و أما السفر بعد الزوال يوم الجمعة : فذهب عامة العلماء من المالكية والشافعية و الحنابلة و داود و غيرهم إلي أنه لا يجوز السفر بعد الزوال منيوم الجمعة . و ذهب أبو حنيفة و الأوزاعي إلي جوازه كسائر الصلوات . قال الشوكاني : " و أما وقت صلاة الجمعة فالظاهر عدم الجواز لمن قد وجبعليه الحضور إلا أن يخشى حصول مضرة من تخلفه كالانقطاع عن الرفقة التي لايتمكن من السفر إلا معهم و ما شابه ذلك من الأعذار … " (1). و ذهب ابن القيم إلي أنه لا يجوز السفر في يومها لمن تلزمه الجمعة قبل فعلها بعد دخول وقتها (2). و قال الشيخ ابن عثيمين في شرحه علي زاد المستنقع عند تعليقه علي قولالمصنف : " و لا يجوز لمن تلزمه السفر في يومها بعد الزوال " قال :" … أيلا يجوز السفر في يومها بعد الزوال لمن تلزمه بنفسه ، أو بغيره ، و ذلكأنه بعد الزوال دخل الوقت بالاتفاق ، و الغالب أنه إذا دخل الوقت يحضرالإمام و تُصلى الجمعة فيحرم أن يسافر " . فإذا قال قائل : ما الدليل ؟ الجواب : قلنا : قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة منيوم الجمعة فاسعوا إلي ذكر الله و ذروا البيع ) [ الجمعة : 9 ] فأمربالسعي إليها و ترك البيع ، و كذا يترك السفر ، لأن العلة واحدة ، فالبيعمانع من حضور الصلاة ، و السفر كذلك مانع من حضور الصلاة ، لكن المؤلف علقالحكم بالزوال ، لأن الزوال هو سبب وجوب صلاة الجمعة ، إذ إنه يدخل بهالوقت و دخول الوقت سبب ، فعلق الحكم بالسبب ، و الأولى أن يعلق الحكم بماعلق الله به ، و هو النداء إلي يوم الجمعة ، لأنه من الجائز أن يتأخرالإمام عن الزوال ، و لا يأتي إلا بعد الزوال بساعة ، فلا ينادى للجمعةإلا عند حضور الإمام ….
شجرة الدر كبار الشخصياتvip
عدد المساهمات : 4808 نقاط : 6181 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 14/05/2010 العمر : 55
موضوع: رد: فقه الجمعه الخميس 14 أكتوبر 2010 - 23:07
و يستثنى من تحريم السفر مسألتان :
الأولى : إذا خاف فوات الرفقة … لأن هذا عذر في ترك الجمعة نفسها ، فيكونعذراً في السفر بعد الزوال(3) . لأن علة التحريم هو خوف فوات الجمعة ، وهنا الجمعة لن تفوت "(2).
الثانية : إذا كان يمكنه أن يأتي بها في طريقه(1)
شجرة الدر كبار الشخصياتvip
عدد المساهمات : 4808 نقاط : 6181 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 14/05/2010 العمر : 55
موضوع: رد: فقه الجمعه الخميس 14 أكتوبر 2010 - 23:07
ساعة الإجابة من يوم الجمعة:
و قد اختلف الناس في هذه الساعة : هل هي باقية أو قد رفعت ؟ على قولين ، حكاهما ابن عبد البر و غيره ، و الذين قالوا هي باقية و لمترفع ، اختلفوا : هل هي في وقت من اليوم بعينه ، أم هي غير معينة ؟ عليقولين . ثم اختلف من قال بعدم تعيينها : هل هي تتنقل في ساعات اليوم أولاً ؟ علي قولين أيضاً . و الذين قالوا بتعيينها ، اختلفوا أحد عشر قولاً : الأول : هي من طلوع الفجر إلي طلوع الشمس ، و بعد صلاة العصر إلي غروب الشمس ، حكاه ابن المنذر عن أبي هريرة . الثاني : أنها عند الزوال . حكاه ابن المنذر عن الحسن البصري و أبي العالية . الثالث : أنها إذا أذن المؤذن بصلاة الجمعة . حكاه ابن المنذر عن عائشة . الرابع : أنها إذا جلس الإمام علي المنبر يخطب حتى يفرغ . حكاه ابن المنذر عن الحسن البصري أيضاً . الخامس : هي الساعة التي اختار الله وقتها للصلاة . قاله أبو بردة . السادس : هي ما بين زوال الشمس إلي أن تدخل الصلاة . قاله أبو السوار العدوي . السابع : هي ما بين أن ترتفع الشمس شبراً إلي ذراع . قاله أبو ذر . الثامن : أنها ما بين العصر إلي غروب الشمس . حكاه ابن المنذر عن أبي هريرة و عطاء و عبد الله بن سلام و طاءوس
التاسع : أنها آخر ساعة بعد العصر . و هو قول أحمد و جمهور الصحابة و التابعين . العاشر : أنها من حين خروج الإمام إلي فراغ الصلاة . حكاه النووي . الحادي عشر : أنها الساعة الثالثة من النهار . حكاه صاحب المغني . قال ابن القيم بعد سرد هذه الأقوال ، و أرجح هذه الأقوال : قولان تضمنتهما الأحاديث الثابتة ، و أحدهما أرجح من الآخر : الأول : أنها من جلوس الإمام إلى انقضاء الصلاة . و حجة هذا القول ما روى مسلم في صحيحه من حديث أبي موسى أن عبد الله بنعمر قال له : أسمعت أباك يُحدث رسول الله صلى الله عليه و سلم في شأن ساعةالجمعة ، قال : نعم ، سمعته يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلميقول " هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة " (1) . و القول الثاني : أنها بعد العصر ، و هذا أرجح القولين ، و هو قول عبد الله بن سلام و أبي هريرة و الإمام أحمد ، و خلق . و حجة هذا القول ما رواه أحمد في مسنده من حديث أبيسعيد و أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه و سلم قال " إن في الجمعة ساعةلا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيراً إلا أعطاه الله إياه ، و هي بعدالعصر " (2) .
و روى أبو داود و النسائي عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه و سلم ، قال :" يوم الجمعة اثنا عشر ساعة ، فيها ساعة لا يوجد مسلم يسأل الله فيهاشيئاً إلا أعطاه ، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر " (1) . و في سنن ابن ماجة : عن عبد الله بن سلام ، قال : قلتُ و رسولُ الله صلىالله عليه و سلم جالس : إنا لنجد في كتاب الله ( يعني التوراة ) في يومالجمعة ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يُصلي يسأل الله عز و جل شيئاً إلا قضىالله له حاجته . قال عبد الله : فأشار إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم : أو بعض ساعة . قلتُ : صدقتَ يا رسول الله ، أو بعض ساعة . قلتُ : أيساعة هي ؟ قال : هي آخر ساعة من ساعات النهار . قلتُ : أنها ليست ساعةصلاة ، قال : بلى ، إن العبد المؤمن إذا صلى ثم جلس لا يجلسه إلا الصلاةفهو في صلاة " (2) (3) . قال ابن القيم : " و عندي أن ساعة الصلاة تُرجى فيها الإجابة أيضاً ،فكلاهما ساعة إجابة ، و إن كانت الساعة المخصوصة هي آخر ساعة بعد العصر ،فهي ساعة معينة من اليوم لا تتقدم و لا تتأخر ، و أما ساعة الصلاة ،فتابعة للصلاة تقدمت أو تأخرت ، لأن لاجتماع المسلمين و صلاتهم و تضرعهم وابتهالهم إلي الله تعالى تأثيراً في الإجابة ، فساعة اجتماعهم ساعة ترجىفيها الإجابة ، و علي هذا تتفق الأحاديث كلها ، و يكون النبي صلى اللهعليه و سلم قد خص أمته علي الدعاء و الابتهال إلي الله تعالى في هاتينالساعتين . و نظير هذا قوله صلى الله عليه و سلم و قد سئل عن المسجد الذي أسس عليالتقوى ، فقال : " هو مسجدكم هذا " و أشار إلي مسجد المدينة . و هذا لاينفي أن يكون مسجد قباء الذي نزلت فيه الآية مؤسساً على التقوى ، بل كلمنهما مؤسس على التقوى . و كذلك قوله في ساعة الجمعة : " و هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تنقضيالصلاة " لا ينافي قوله في الحديث الآخر : " فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر" … و هذه الساعة هي آخر ساعة بعد العصر ، يُعظمها جميع أهل الملل ، و عندأهل الكتاب هي ساعة الإجابة ، و هذا مما لا غرض لهم في تبديله و تحريفه ،و قد اعترف به مؤمنهم . و أما من قال بتنقلها ، فرام الجمع بذلك بين الأحاديث ، كما قيل ذلك فيليلة القدر ، و هذا ليس بقوي ، فإن ليلة القدر قد قال فيها النبي صلى اللهعليه و سلم : " فالتمسوها في خامسة تبقى ، في سابعة تبقى ، في تاسعة تبقى" (1) و لم يجئ ذلك في ساعة الجمعة . و أيضاً فالأحاديث التي في ليلة القدر ، ليس فيها حديث صريح بأنها ليلةكذا و كذا ، بخلاف أحاديث ساعة الجمعة ، فظهر الفرق بينهما . و أما قول من قال : أنها رفعت ، فهو نظير قول من قال : إن ليلة القدر رفعت، و هذا القائل ، إن أراد أنها كانت معلومة ، فرفع علمها عن الأمة ، فيقالله : لم يُرفع علمها عن كلَّ الأمة ، و إن رفع عن بعضهم . و إن أراد أنحقيقتها و كونها ساعة إجابة رُفعت ، فقول باطل مخالف للأحاديث الصحيحةالصريحة ، فلا يعول عليه . و الله أعلم " (2) . و ذكر الحافظ بن حجر الاختلاف في هذه الساعة و أوصل الأقوال فيها إلياثنين و أربعين قولاً ثم زاد قولاً آخر فصار مجموعهما ثلاثة و أربعينقولاً : ، ثم قال : و لا شك أن أرجح الأقوال المذكورة حديث أبي موسى و حديث عبد الله بن سلامكما تقدم . قال المحب الطبري : أصح الأحاديث منها حديث أبي موسى ، و أشهرالأقوال فيها قول عبد الله بن سلام و ما عداهما إما موافق لهما أو لأحدهما، أو ضعيف الإسناد أو موقوف استند قائله إلى اجتهاد دون توقيف . و لا يعارضهما حديث أبي سعيد في كونه صلى الله عليه و سلم أنسيها بعد أنعلمها ؟ لاحتمال أن يكونا سمعا ذلك منه قبل أن أنسي . أشار إلي ذلكالبيهقي و غيره . و قد اختلف السلف في أيهما أرجح ، فروى البيهقي من طريق أبي الفضل أحمد بنسلمة النيسابوري أن مسلماً قال : حديث أبي موسى أجود شيء في هذا الباب وأصحه ، و بذلك قال البيهقي و ابن العربي و جماعة . و قال القرطبي : هو نصفي موضع الخلاف فلا يلتفت إلى غيره . و قال النووي : هو الصحيح ، بل الصواب . و جزم في الروضة بأنه الصواب ، ورجحه أيضاً بكونه مرفوعاً صريحاً و في أحد الصحيحين . و ذهب آخرون إلى ترجيح قول عبد الله بن سلام ، فحكى الترمذي عن أحمد أنهقال : أكثر الأحاديث على ذلك . و قال ابن عبد البر : أنه أثبت شيء في هذاالباب . و روى سعيد بن منصور بإسناد صحيح إلى أبي سلمة بن عبد الرحمن أنناساً من الصحابة اجتمعوا فتذاكروا ساعة الجمعة ، ثم افترقوا فلم يختلفواأنها آخر ساعة من يوم الجمعة . و رجحه كثير من الأئمة أيضاً كأحمد و إسحاقو من المالكية الطرطوشي ، و حكى العلائي أن شيخه ابن الزملكاني شيخالشافعية في وقته كان يختاره و يحكيه عن نص الشافعي . و أجابوا عن كونه ليس في أحد الصحيحين بأن الترجيح بما في الصحيحين أوأحدهما إنما هو حيث يكون مما انتقده الحفاظ ، كحديث أبي موسى هذا فإنه أعلبالانقطاع و الاضطراب … " (3) . و قال ابن المنير في الحاشية : إذا علم أن فائدة الإبهام لهذه الساعة ولليلة القدر بعث الداعي على الإكثار من الصلاة و الدعاء ، و لو بيَّنلاتكل الناس على ذلك و تركوا ما عداها ، فالعجب بعد ذلك ممن يجتهد في طلبتحديدها (4) . و قريب من هذا قول ابن عمر : إن طلب الحاجة في يوم ليسير . و معناه : أنهينبغي المداومة على الدعاء يوم الجمعة كله ليمر بالوقت الذي يستجاب فيهالدعاء . و كان كعب الأحبار يقول : لو أن إنساناً قسم جمعة في جمع لأتى علي تلكالساعة . قال ابن المنذر : معناه أنه يبدأ فيدعو في جمعة من الجمع من أولالنهار إلي وقت معلوم ، ثم في جمعة أخرى من ذلك الوقت إلي آخر ، حتى يأتيعلى آخر النهار . قال الحافظ : و الذي قاله ابن عمر يصلح لمن يقوى علي ذلك ، و إلا فالذي قاله كعب الأحبار سهل على كل أحد (1) .
شجرة الدر كبار الشخصياتvip
عدد المساهمات : 4808 نقاط : 6181 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 14/05/2010 العمر : 55
موضوع: رد: فقه الجمعه الخميس 14 أكتوبر 2010 - 23:07
اختلف العلماء في حكم إفراد يوم الجمعة بالصوم ؟
فكرههأحمد ، قال الأثرم : قيل لأبي عبد الله : صيام يوم الجمعة ؟ فذكر حديثالنهي عن أن يفرد ، ثم قال : إلا أن يكون في صيام كان يصومه ، و أما أنيفرد فلا . قلت : رجل كان يصوم يوماً و يفطر يوماً ، فوقع فطره يوم الخميس، و صومه يوم الجمعة ، و فطره يوم السبت ، فصار الجمعة مفرداً ؟ قال : هذاإلا أن يتعَّمد صومه خاصة ، إنما كُرِه أن يتعمد الجمعة . و أباحمالك و أبو حنيفة صومه كسائر الأيام ، قال مالك : لم أسمع أحداً من أهلالعلم و الفقه و من يُقتدي به ينهى عن صيام يوم الجمعة ، و صيامه حسن ، وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه ، و أراه كان يتحراه . قال ابن عبد البر :اختلفت الآثار عن النبي صلى الله عليه و سلم في صيام يوم الجمعة ، فروىابن مسعود رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصوم ثلاثة أياممن كل شهر ، و قال قلما رأيته مفطراً يوم الجمعة (1) … و الأصل في يوم الجمعة أنه عمل بر لا يُمنع منه إلا بدليل لا معارض له .
قال ابن القيم : قد صح المعارض صحةً لا مطعن فيها البتة ، ففي الصحيحين عنمحمد بن عباد ، قال : سألت جابراً : أنهى رسول الله صلى الله عليه و سلمعن صيام يوم الجمعة ؟ قال : نعم (2) و في صحيح مسلم عن محمد بن عباد قال :سألت جابر بن عبد الله ، و هو يطوف بالبيت : أنهى رسول الله صلى الله عليهو سلم عن صيام يوم الجمعة ؟ قال : نعم و ربَّ هذه البَنيَّة (3) . و في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يُصوم يوماً قبله ، أو يوماًبعده "(4) . و في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لاتخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ، و لا تخصوا يوم الجمعة بصيام منبين سائر الأيام ، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم " (5) . و في صحيح البخاري عن جويرية بنت الحارث أن النبي صلى الله عليه و سلم دخلعليها يوم الجمعة و هي صائمة ، فقال : " أصمت أمس ظ قالت : لا . قال :فتريدين أن تصومي غداً ؟ قالت : لا . قال : فأفطري " (6)(7) .
قال الحافظ في الفتح : " و هذه الأحاديث تقيد النهي المطلق في حديث جابر و تؤيد الزيادة التيتقدمت من تقييد الإطلاق بالإفراد ، و يؤخذ من الاستثناء جوازه لمن صامقبله أو بعده ، أو اتفق وقوعه في أيام له عادة بصومها ، كمن يصوم الأيامالبيض أو من له عادة بصوم يوم معين كيوم عرفة فوافق يوم الجمعة ، و يؤخذمنه جواز صومه لمن نذر يوم قدوم زيد مثلاً أو يوم شفاء فلان "(1) .
شجرة الدر كبار الشخصياتvip
عدد المساهمات : 4808 نقاط : 6181 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 14/05/2010 العمر : 55
موضوع: رد: فقه الجمعه الخميس 14 أكتوبر 2010 - 23:08
علة كراهة صوم يوم الجمعة :
قال ابن القيم في الزاد : و ذكر ابن جرير عن مغيرة عن إبراهيم أنهم كرهواصوم الجمعة ليقووا علي الصلاة . قلت - أي ابن القيم - : المأخذ في كراهيته: ثلاثة أمور ، هذا أحدها ، و لكن يشكل عليه ، زوال الكراهية بضم يوم قبله ، أو بعده إليه . و الثاني : أنه يوم عيد ، و هو الذي أشار إليه صلى الله عليه و سلم ، , قد أورد علي هذا التعليل إشكالان : أحدهما : أن صومه ليس بحرام ، و صوم يوم العيد حرام . و الثاني : أن الكراهة تزول بعدم إفراده . و أجيب علي الإشكالين ، بأنه ليس عيد العام ، بل عيد الأسبوع ، و التحريمإنما هو لصوم عيد العام ، و أما إذا صام يوماً قبله ، أو يوماً بعده ، فلايكون قد صامه لأجل كونه جمعة و عيداً ، فتزول المفسدة الناشئة من تخصيصه ،بل يكون داخلاً في صيامه تبعاً ، و علي هذا يجمل ما رواه الإمام أحمد رحمهالله في مسنده و النسائي و الترمذي من حديث عبد الله بن مسعود إن صح قال :قلما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يفطر يوم الجمعة . فإن صح هذاتعين حمله علي أنه كان يدخل في صيامه تبعاً ، لا أنه كان يفرده ، لصحةالنهي عنه … و المأخذ الثالث :
سد الذريعة من أن يُلحق بالدَّين ما ليس فيه ، و يوجب التشبه بأهل الكتابفي تخصيص بعض الأيام بالتجرد عن الأعمال الدنيوية ، و ينضم إلي هذا المعنى: أن هذا اليوم لما كان ظاهر الفضل علي الأيام ، كان الداعي إلي صومهقوياً ، فهو في مظنة تتابع الناس في صومه و احتفالهم به ما لا يحتفلونبصوم يوم غيره ، و في ذلك إلحاق بالشرع ما ليس منه ، و لهذا المعنى – والله أعلم – نهي عن تخصيص ليلة الجمعة بالقيام من بين الليالي ، لأنها منأفضل الليالي ، حتى فضَّلها بعضهم علي ليلة القدر ، و حكيت رواية عن أحمد، فهي في مظنة تخصيصها بالعبادة فحسم الشارع الذريعة ، و سدًّها بالنهي عنتخصيصها بالقيام . و الله أعلم (2) .
شجرة الدر كبار الشخصياتvip
عدد المساهمات : 4808 نقاط : 6181 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 14/05/2010 العمر : 55
موضوع: رد: فقه الجمعه الخميس 14 أكتوبر 2010 - 23:08
هل يُستحب جماع الأهل قبل الجمعة ؟
ذهببعض العلماء إلى استحباب ذلك ، و احتج بألفاظ بعض الأحاديث التي استنبطمنها ذلك ، و من ذلك : ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرةمرفوعاً " من اغتسل يوم الجمعة غُسل الجنابة … " . قال الحافظ في الفتح : " قوله ( غسل الجنابة ) بالنصب علي أنه نعت لمصدرمحذوف ، أي غسلاً كغسل الجنابة ، و هو كقوله تعالى : ( و هي تمر مر السحاب) [ النمل ] و في رواية ابن جريج عن سمي عند عبد الرازق : " فاغتسل أحدكمكما يغتسل من الجنابة " و ظاهره : أن التشبيه للكيفية لا للحكم ، و هو قولالأكثر . و قيل : فيه إشارة إلي الجماع يوم الجمعة ، ليغتسل فيه من الجنابة ، والحكمة فيه أن تسكن نفسه في الرواح إلي الصلاة و لا تمتد عينه إلي شيءيراه ، و فيه حمل المرأة أيضاً علي الاغتسال ذلك اليوم… قال النووي : ذهب بعض أصحابنا إلي هذا و هو ضعيف أو باطل ، و الصواب الأول . أ ﻫ . و قد حكاه ابن قدامة عن الإمام أحمد ، و ثبت أيضاً عن جماعة من التابعين ،و قال القرطبي : أنه أنسب الأقوال فلا وجه لادعاء بطلانه ، و إن كان الأولأرجح ، و لعل عنى أنه باطل في المذهب " (1). قال النووي في المجموع : " و قوله صلى الله عليه و سلم : " غسل الجنابة "معناه غسلاً كغسل الجنابة في صفاته ، و إنما قال ذلك لئلا يتساهل فيه و لايكمل آدابه و مندوباته لكونه سنة ليس بواجب ، هذا هو المشهور في معناه ، ولم يذكر جمهور أصحابنا و جماهير العلماء و غيره . و حكى القاضي أبو الطيب في تعليقه ، و صاحب الشامل و غيرهما من أصحابنا أنبعضهم حمله علي الغسل من الجنابة حقيقة . قالوا : و المراد به أنه يستحب له أن يجامع زوجته إن كان له زوجة أو أمتهلتسكن نفسه في يومه ، و يؤيده الحديث المذكور بعد هذا " من غسل و اغتسل "علي أحد المذاهب في تفسيره (*). -و من ذلك أيضاً ما رواه أصحاب السنن من حديث أوس بن أوس مرفوعاً : " مناغتسل يوم الجمعة و غسَّل ، و بكَّر و ابتكر … "(2) الحديث .
قال المباركفوري : " قوله : ( من اغتسل و غسَّل ) رُوي بالتشديد و التخفيف(1)، قيل : أراد به غسل رأسه ، و بقوله ( اغتسل ) غسل سائر بدنه . و قيل : جامع زوجته فأوجب عليها الغسل ، فكأنه غسَّلها و اغتسل . و قيل : كرر ذلك للتأكيد . و يُرجح التفسير الأول ما في رواية أبي داود في هذا الحديث بلفظ : " منغسل رأسه و اغتسل " ، و ما في البخاري عن طاءوس ، قلت لابن عباس : ذكرواأن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " اغتسلوا و اغسلوا رءوسكم … " . و قال وكيع : اغتسل هو و غسَّل امرأته . قال الجزري في النهاية : ذهب كثيرمن الناس أن غسَّل أراد به المجامعة قبل الخروج إلي الصلاة ، لأن ذلك يجمعغض الطرف في الطريقين ، يقال : غسَّل الرجل امرأته بالتشديد و التخفيف ،إذا جامعها ، و قد روي مخففاً ، و قيل : أراد غسَّل غيره ، و اغتسل هو ،لأنه إذا جامع زوجته أحوجها إلي الغسل ، و قيل : هما بمعنى ، كرره للتأكيد" (2).
شجرة الدر كبار الشخصياتvip
عدد المساهمات : 4808 نقاط : 6181 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 14/05/2010 العمر : 55
موضوع: رد: فقه الجمعه الخميس 14 أكتوبر 2010 - 23:09
هل تجب الجمعة علي المسجون ؟
صرح الفقهاء بأن للوالي و القاضي منع المسجون من الخروج للجمعة و الجماعة و نحوهما … فإن كان حبسه لسبب يمكن دفعه كالمماطلة في دفع الدين فهو آثم ، و إن كانحبسه لسبب لا يمكن دفعه كمن حُبس ظلماً كما هو حال كثير من الدعاة والعلماء في كثير من بلاد الإسلام حيث يتعرضون للحبس و السجن أعواماً طويلةو غالباً ما يمنعون من شهود الجمعة حتى في السجن ، في حين يسمح لغيرهم ، وهذا معلوم مشاهد ، فهل يجب علي من كان هذا حاله إقامة الجمعة في محبسه ؟!و إذا علمنا أن في كثير من السجون يكون المسجونون موزعين علي غرف "زنزانات " لا يسمح لساكنيها بالخروج منها و الالتقاء بغيرهم ، فمعنى ذلكأن تقام جمعات بعدد الغرف " الزنزانات " فما حكم ذلك ؟ ذهب ابن حزم و كثير من الشافعية علي أن السجناء يقيمون صلاة الجمعة في السجن . قال ابن حزم : " و سواء فيما ذكرنا- من وجوب الجمعة – المسافر في سفره والعبد و الحر المقيم ، و كل ما ذكرنا يكون إماماً فيها ، راتباً و غيرراتب ، و يصليها المسجونون ، و المختفون ركعتين في جماعة بخطبة كسائرالناس ، و تصلى في كل قرية صغرت أم كبرت ، كان هناك سلطان أو لم يكن ، وإن صليت الجمعة في مسجدين في القرية فصاعداً جاز ذلك " (1). و قال صاحب رسالة حكم الحبس في الشريعة الإسلامية : " و إذا كان أهل السجنلا يخرجون للجمعة فإنه يلزمهم إقامتها في السجن ، إذا توفرت شروطها ، ويعين لهم الإمام خطيباً منهم ، أو من خارج السجن ، و ذلك لعموم قول عمر بنالخطاب رضى الله عنه : " جمعوا حيثما كنتم " (2). و في الاحتجاج بهذا الأثر المروي عن عمر رضى الله عنه علي ما ذهب إليه نظر، إذ إن عمر رضى الله عنه قد خالفه غيره من الصحابة في هذه المسألة ، وقال الحافظ : " فلما اختلفت الصحابة وجب الرجوع إلي المرفوع "(3) و هذا فيمسألة اشتراط المدينة للجمعة ، فكيف يستفاد العموم من هذا القول إذن ؟! .
و جاء في طبقات الشافعية الكبرى أن الإمام أحمد رحمه الله كان يصلي بأهلالسجن عندما سجن في فتنة القول بخلق القرآن ، و كان يقول : " إني كنت أصليبأهل السجن و أنا مقيد "(1) . و كان الإمام البويطي رحمه الله و هو في الحبس بسبب هذه الفتنة يغتسل كلجمعة و يتطيب و يغسل ثيابه ، ثم يخرج إلي باب السجن إذا سمع النداء ،فيرده السجان ، و يقول : ارجع رحمك الله ، فيقول البويطي : " اللهم إنيأجبت داعيك فمنعوني "(2) .
شجرة الدر كبار الشخصياتvip
عدد المساهمات : 4808 نقاط : 6181 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 14/05/2010 العمر : 55
موضوع: رد: فقه الجمعه الخميس 14 أكتوبر 2010 - 23:09
مسألة : حكم تعدد الجمعة في المصر الواحد :
اختلف العلماء في هذه المسألة علي أقوال(1) : الأول : أنه لا يجوز جمعتان في بلد لا يعسر الاجتماع فيه في مكان . و هو مذهب الشافعي و حكاه ابن المنذر عن ابن عمر و مالك و أبي حنيفة . الثاني : أنه إذا عظم البلد كبغداد و البصرة جاز جمعتان فأكثر إن احتاجوا و إلا فلا يجوز أكثر من جمعة واحدة . و هو مذهب أحمد . الثالث : يجوز في بغداد دون غيرها ، و هو قول أبي يوسف ، لأن الحدود تقامفيها في موضعين ، و الجمعة حيث تقام الحدود ، و مقتضى قوله أنه لو وجد بلدآخر تقام فيه الحدود في موضعين ، جازت إقامة الجمعة في موضعين . الرابع : يجوز جمعتان سواء كان جانبان أم لا . و هو قول محمد بن الحسن . الخامس : يجوز في البلد جمع دون تقيد بحاجة أو بغيرها . و هو قول عطاء و داود و ابن و الشوكاني .
و يمكن أن نخلص من ذلك إلى ثلاثة أقوال : الأول : أن التعدد ممنوع مطلقاً . الثاني : أنه جائز بقدر الحاجة . الثالث : أنه يجوز مطلقاً من غير حاجة .و هو قول عطاء و داود و ابن حزم و الشوكاني .
احتج الأولون على مذهبهم بالآتي : 1-أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يكن يُجمع إلا في مسجد واحد ، و كذلكالخلفاء بعده ، و لو جاز لم يعطلوا المساجد . حتى إن الإمام أحمد سئل عنتعدد الجمعة ؟ فقال : ما علمت أنه صلي في المسلمين أكثر من جمعة واحدة . 2-ما نقله ابن حجر عن ابن عساكر في مقدمة تاريخ دمشق " أن عمر كتب إلي أبيموسى و إلي عمرو بن العاص و إلي سعد ابن أبي وقاص أن يتخذوا مسجداً جامعاًللقبائل ، فإذا كان يوم الجمعة انضموا إلي المسجد الجامع فشهدوا الجمعة " . قالوا : فلو لم يكن الموضع الواحد شرطاً في صحتها لما أمرهم عمر رضى اللهعنه بتحمل هذه المشقة الناتجة عن تركهم لقبائلهم و اجتماعهم في المسجدالكبير الجامع .
3-قول ابن عمر : لا تقام الجمعة إلا في المسجد الأكبر الذي يصلي فيه الإمام .
4-أن القول بتعدد الجمعة يؤدي لفوات المقصود الأعظم و هو اجتماع المسلمين و ائتلافهم .
و احتج القائلون بجواز التعدد مطلقاً بالآتي : 1-قول عمر : جمعوا حيث كنتم .
2-قول عطاء : لكل قوم مسجد يجمعون فيه ، ثم يجزئ ذلك عنهم .
3-لو كان منع التعدد شرطاً لصحة الجمعة لبينه النبي صلى الله عليه و سلملصحابته ، لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز .و أما ترك النبي صلىالله عليه و سلم إقامة جمعتين فلغناهم عن إحداهما ، و لأن أصحابه كانوايرون سماع خطبته و شهود جمعته و إن بعدت منازلهم ، لأنه المبلغ عن اللهتعالى ، و شارع الأحكام ، و لما دعت الحاجة إلي ذلك في الأمصار صليت فيأماكن ، و لم يُنكر فصار إجماعاً ، و قول ابن عمر يعني أنها لا تقام فيالمساجد الصغار ، و يترك الكبير ، و أما اعتبار ذلك بإقامة الحدود فلا وجهله .
4-قياساً على جواز التعدد في صلاة العيد ، فكان على يخرج يوم العيد إلىالمصلى و يستخلف على ضعفة الناس أبا مسعود فيصلي بهم ، فتقاس الجمعة علىالعيد بجامع أن كليهما صلاة شرع لها الاجتماع و الخطبة .
5-أن في القول بإقامة الجمعة في موضع واحد حرجاً بيناً ، و الحرج مدفوع شرعاً . قال الشوكاني : " هذه المسألة – تعدد الجمعة – قد اشتهرت بين أهل المذاهبو تكلموا فيها ، و صنف فيها من صنف منهم ، و هي مبينة على غير أساس ، وليس عليها إشارة من علم قط ، و ما ظنه بعض المتكلمين من كونه دليلاً عليهاهو بمعزل من الدلالة ، و ما أوقعهم في هذه الأقوال الفاسدة إلا ما زعموهمن الشروط التي اشترطوها بلا دليل و لا شبهة دليل . فالحاصل أن صلاة الجمعة صلاة من الصلوات ، يجوز أن تقام في وقت واحد كماتقام جماعات سائر الصلوات في المصر الواحد ، و لو كانت المساجد متلاصقة ،و من زعم خلاف هذا ، فإن كان مستند زعمه مجرد الرأي فليس ذلك بحجة علي أحد، و إن كان مستند زعمه الرواية فلا رواية "(1) و احتج أصحاب القول الثاني القائلين بجواز التعدد للحاجة ، بأدلة القولالأول إلا أنهم حملوها علي أنه لم يكن هناك حاجة لتعدد الجمعة فلما دعتالحاجة إلي ذلك في الأمصار صليت في أماكن و لم ينكر فصار إجماعاً .(1) قال ابن قدامة : " فأما مع عدم الحاجة فلا يجوز أكثر من واحدة ، و إن حصلالغنى باثنتين لم تجز الثالثة ، و كذلك ما زاد ، لا نعلم في هذا مخالفاًإلا أن عطاء قيل له : إن أهل البصرة لا يسعهم المسجد الأكبر . قال : لكلقوم مسجد يجمعون فيه ، و يجزئ ذلك من التجميع في المسجد الأكبر . و ماعليه الجمهور أولى ، إذ لم ينقل عن النبي صلى الله عليه و سلم و خلفائهأنهم جمعوا أكثر من جمعة ، إذ لم تدع الحاجة إلي ذلك ، و لا يجوز إثباتالأحكام بالتحكم بغير دليل … "(2) . قال ابن عثيمين : " و المراد بالحاجة هنا ما يشبه الضرورة … و مثل الحاجةإذا ضاق المسجد عن أهله و لم يمكن توسيعه … و كذا إذا تباعدت أقطار البلدو صار الناس يشق عليهم الحضور فهذا أيضاً حاجة … و من الحاجة أيضاً أنيكون بين أطراف البلد حزازات و عداوات يخشى إذا اجتمعوا في مكان واحد أنتثور فتنة ، فهنا لا بأس أن تعدد الجمعة ، لكن هذا مشروط بما إذا تعذرالإصلاح ، أما إذا أمكن الصلح وجب الإصلاح و توحيدهم علي إمام واحد . و ليس من الحاجة أن يكون الإمام مسبلاً أو فاسقاً ، لأن الصحابة صلوا خلفالحجاج بن يوسف ، و هو من أشد الناس ظلماً و عدواناً يقتل العلماء والأبرياء … "(3) . و بعد عرض الأدلة و النظر في أقوال كل فريق ، فإذا كانت أدلة القائلينبعدم جواز التعدد مطلقاً لا تخلو من نظر و اعتراض ، كذا فإن القول بجوازهمطلقاً خروجاً عن مقصود الجمعة من الاجتماع ، و يبقى القول بجوازها للحاجةهو أقربها ، إلا أن القول بعدم صحة الصلاة و بطلانها إذا كان التعدد لغيرحاجة لا دليل عليه من كتاب أو سنة أو إجماع أو دليل صحيح ، و غاية عدمالفعل لا تدل علي بطلان الفعل أو عدم جوازه ، و قد سبق إجابة ابن قدامة وغيره عن تركه صلى الله عليه و سلم إقامة جمعتين ، و ما نقل من آثار وأقوال فمع وجود ما يعارضها فيمكن حملها علي اعتبا مصلحة راجحة في حينها ،و ربما كان راجعاً لرغبتهم في تكثير سواد المسلمين بالنسبة لمن حولهم منغير المسلمين ، خاصة في البلدان المفتوحة حديثاً و التي تضم المسلمين وغيرهم ، و الله أعلم .
شجرة الدر كبار الشخصياتvip
عدد المساهمات : 4808 نقاط : 6181 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 14/05/2010 العمر : 55
موضوع: رد: فقه الجمعه الخميس 14 أكتوبر 2010 - 23:09
مسألة : اجتماع الجمعة مع العيد :
اختلف العلماء في هذه المسألة علي أقول : الأول : وجوبها علي أهل البلد و سقوطها عن أهل القرى . و هو مذهب الشافعي ، قال النووي : و به قال عثمان بن عفان و عمر بن عبد العزيز و جمهور العلماء . و احتج الشافعية و من وافقهم بما رواه البخاري في صحيحه عن عثمان رضى اللهعنه قال في خطبته : " أيها الناس قد اجتمع عيدان في يومكم ، فمن أراد منأهل العالية أن يصلي معنا الجمعة فليصل ، و من أراد أن ينصرف فلينصرف "(1). و لأنهم إذا قعدوا في البلد لم يتهيئوا بالعيد ، فإن خرجوا ثم رجعواللجمعة كان عليهم في ذلك مشقة ، و الجمعة تسقط بالمشقة . الثاني : تسقط الجمعة عمن صلى العيد من أهل القرى و أهل البلد ، و لكن يجب الظهر . و هو مذهب الإمام أحمد ، و اختاره ابن قدامة و احتج له بحديث زيد بن أرقمقال : صلى النبي صلى الله عليه و سلم العيد ثم رخص في الجمعة فقال : " منشاء أن يُصلي فليصل "(2) . و في لفظ لأحمد : " من شاء أن يجمع فليجمع "(3) . قال ابن قدامة : " و لأن الجمعة إنما زادت عن الظهر بالخطبة ، و قد حصلسماعها في العيد فأجزأ عن سماعها ثانياً ، و لأن وقتهما واحد بما بيناه ،فسقطت إحداهما بالأخرى ، كالجمعة مع الظهر . و في وجوبها على الإمام روايتان : الأولى : لا تسقط ، لقوله عليه الصلاة و السلام : " قد اجتمع في يومكم هذاعيدان ، فمن شاء أجزأه من الجمعة ، و إنا مجمعون "(4) . و لأن الإمام لو تركها لامتنع فعل الجمعة في حق من تجب عليه ، و من يريدها ممن سقطت عنه ، بخلاف غيره من الناس .
الثانية : تسقط ، لعموم قوله : " فمن شاء " ، و لما أخرجه النسائي و أبوداود عن وهب بن كيسان قال : اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير ، فأخَّرالخروج حتى تعالى النهار ، ثم خرج فخطب ثم نزل فصلى ، و لم يصلَّ للناسيوم الجمعة فذكرت ذلك لابن عباس فقال : أصاب السنة (1). و في رواية أبي داود : " فجمعهما جميعاً فصلاهما ركعتين بكرة لم يزد عليهما حتى صلى العصر "(2) . قال الشوكاني : " و يدل علي أن الترخيص عام لكل أحد ترك ابن الزبير للجمعة، و هو الإمام إذ ذاك ، و قول ابن عباس : أصاب السنة ، رجاله رجال الصحيح، و عدم الإنكار عليه من أحد من الصحابة ، و أيضاً لو كانت الجمعة واجبةعلي البعض لكانت فرض كفاية ، و هو خلاف معنى الرخصة "(3) . قال المنبر: و هذا الذي ذكره الإمام الشوكاني رحمه الله فيه نظر ، إذيحتمل أن يكون ابن الزبير رضى الله عنه قد قدَّم الجمعة إلي قبل الزوالعلي القول بذلك ، بل هذا هو الظاهر لأن الزبير أخر الصلاة عن الخطبة ، ومعلوم أن خطبة العيد تتأخر عن الصلاة بخلاف الجمعة . و يؤيده قول ابن عباس : أصاب السنة ، إذ السنة في حق الإمام صلاة الجمعة وإن صلى العيد ، كما هو ظاهر قوله صلى الله عليه و سلم : " و إنا مجمعون "، و الله أعلم . الثالث : لا تسقط عن أهل البلد و لا أهل القرى . و هو قول أبي حنيفة ، و ابن حزم . و احتج أصحاب هذا القول بعموم الآية ، و الأضرار الدالة علي وجوبها ،قالوا : و لأنهما صلاتان واجبتان ، فلم تسقط إحداهما بالأخرى . و قال ابن حزم : و لا يصح أثر بخلاف ذلك (4). و قد أجاب ابن قدامة علي أدلة أصحاب القول الثالث فقال : " ما احتجوا بهمخصوص بما رويناه ، و قياسهم منقوض بالظهر مع الجمعة " (5).
و أما الشافعية و من وافقهم فقد تأولوا الأخبار في سقوط الجمعة عمن صلىالعيد علي أهل القرى .و حديث زيد نص في موضع النزاع ، و هو عام في أهلالبلد و غيرهم . و أما الإمام فلا تسقط عنه لما ذكرناه ، و الله أعلم .
شجرة الدر كبار الشخصياتvip
عدد المساهمات : 4808 نقاط : 6181 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 14/05/2010 العمر : 55
موضوع: رد: فقه الجمعه الخميس 14 أكتوبر 2010 - 23:10
هل يُصلى الظهر إذا ترك الجمعة ؟ اختلف العلماء في هذه المسألة علي قولين : الأول : تجب الظهر علي من صلى العيد و لم يصل الجمعة . و هو قول جمهور العلماء . الثاني : لا تجب الظهر علي من صلى العيد . وهذا قول عطاء ، و قال ابن المنذر : و روينا نحوه عن علي بن أبي طالب و ابن الزبير رضى الله عنهم(1) . و احتج عطاء بما رواه هو قال : " اجتمع يوم الجمعة و يوم عيد علي عهد ابنالزبير ، فقال : عيدان اجتمعا فجمعها جميعاً فصلاهما ركعتين بكرة لم يزدعليهما حتى صلى العصر "(2) . قال الشوكاني : " قوله : " لم يزد عليهما حتى صلى العصر " ، ظاهره أنه لميصل الظهر ، و فيه أن الجمعة إذا سقطت بوجه من الوجوه المسوغة لم يجب عليمن سقطت عنه أن يصلي الظهر ، و إليه ذهب عطاء "(3) . قال الخطابي : " و هذا لا يجوز أن يحمل إلا علي قول من يذهب إلي تقديمالجمعة قبل الزوال ، فعلى هذا يكون ابن الزبير قد صلى الجمعة فسقط العيد والظهر ، و لأن الجمعة إذا سقطت مع تأكدها ، فالعيد أولى أن يسقط بها ، أماإذا قدم العيد ، فإنه يحتاج إلي أن يُصلي الظهر في وقتها إذا لم يصلالجمعة "(4) . و تعقب الشوكاني هذا التوجيه فقال : و لا يخفى ما في هذا الوجه من التعسف (5). و يشهد لتوجيه الخطابي ما جاء في رواية النسائي : اجتمع عيدان علي عهد ابنالزبير فأخّر الخروج حتى تعالى النهار ، ثم خرج فخطب ثم نزل فصلى ، و لميصل للناس يوم الجمعة ، فذكرت ذلك لابن عباس فقال : أصاب السنة(1) . ففيهاأن الصلاة بعد الخطبة و هذا معلوم أنه في الجمعة لا في العيد . و كذلك قولابن عباس : أصاب السنة ، ظاهره أنها الجمعة ، إذ السنة في حق الإمام صلاةالجمعة و إن صلى العيد كما هو الظاهر قوله صلى الله عليه و سلم : " و إنامجمعون " . و الله أعلم
عدل سابقا من قبل شجرة الدر في الجمعة 15 أكتوبر 2010 - 9:07 عدل 1 مرات
أحمد الهاشمي مدير عام
عدد المساهمات : 10896 نقاط : 13569 السٌّمعَة : 7 تاريخ التسجيل : 03/04/2010
موضوع: رد: فقه الجمعه الخميس 14 أكتوبر 2010 - 23:10
يثبت
استمري
بارك الله لك
اتابع
شجرة الدر كبار الشخصياتvip
عدد المساهمات : 4808 نقاط : 6181 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 14/05/2010 العمر : 55
موضوع: رد: فقه الجمعه الخميس 14 أكتوبر 2010 - 23:13
شكرا لمرورك استاذ احمد لقد تم الملف بحمد الله اتمنى للجميع الافادة وشكرا ثانيه استاذى العزيز تثبيت الملف المهم دمت بحفظ الله وامنه
أحمد الهاشمي مدير عام
عدد المساهمات : 10896 نقاط : 13569 السٌّمعَة : 7 تاريخ التسجيل : 03/04/2010
موضوع: رد: فقه الجمعه الخميس 14 أكتوبر 2010 - 23:15
بارك الله لك
واثابك خيرا كثيرا
واجزل لك العطاء
وحفظك من كل سوء
دُمتِ بخير
شجرة الدر
تحياتي
شجرة الدر كبار الشخصياتvip
عدد المساهمات : 4808 نقاط : 6181 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 14/05/2010 العمر : 55
موضوع: رد: فقه الجمعه الثلاثاء 26 أكتوبر 2010 - 9:04
شكرا لمرورك الكريم استاذ احمد تسعدنى دائما طلتك ومرورك موضوعى دمت فى حفظ الله وامنه