واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

واحة الأرواح

أحمد الهاشمي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولeahmea@yahoo.com

 

 الوفاء ...لزمن الحب والحرب (3)

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
قصي المعتصم-1
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip



عدد المساهمات : 21
نقاط : 45
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 15/10/2010
العمر : 68

الوفاء ...لزمن الحب والحرب (3) Empty
مُساهمةموضوع: الوفاء ...لزمن الحب والحرب (3)   الوفاء ...لزمن الحب والحرب (3) Icon_minitimeالإثنين 25 أكتوبر 2010 - 12:21

الوفاء ...لزمن الحب والحرب ..(3)

(شهداء... ولكن بعد حين)

قصي المعتصم

كنت وعدت في قصتي الثانية التي سردت فيها وقائع ما حدث أواخر شباط عام1986... والتي تكلمت فيها عما حدث معي ورفاقي ،بأن أتكلم في قصتي القادمة عن الأحداث التي تعرض لها رجالآ أبطال كانوا معنا في تلك المعركة ، والذي حدثت في اليوم التالي من المعركة:-

العقيد(نجاة) آمر اللواء(23) مشاة، رجلاً، شجاعاً، بطلاً، وفياً لوطنه ، كان من أوائل الضباط الذين حصلوا على أنواط شجاعة لبسالتهم في الدفاع عن أرض العراق..
التقينا هذا الرجل ، حينما وصل لوائه إلى منطقة الفاو، كان مرهقاً ومجهداً من طول التنقل ما بين السليمانية وصولاً إلى الفاو، تلك الرحلة الطويلة التي استغرقت يومين ما بين تسليم مواقعهم لوحدات أخرى ورزم معداتهم والتنقل ..
فتح خريطة منطقة الفاو أمامنا نحن ضباط الرصد، أشار بإصبعه إلى المنطقة التي تم تكليف لوائه بالهجوم عليها واستعادتها من أيدي الإيرانيين، وسماها بالاسم الذي نعرفه نحن، كان إصبعه يشير لمواقع أكبر مما حدد له، نظرنا واحدنا للآخر مستغربين ما يفعل ولكن لم نجرؤ على الكلام لكوننا نعرف أن المشاة بشكل عام لديهم ضعف بقراءة الخريطة بدقة كما نفعل نحن ذوي الاختصاص وتلك مسألة طبيعية تعودنا عليها..
اليوم الأول للمعركة كان موقعه مع آمر كتيبتنا بموقع آمن نسبياً خلف القطعات التي ستنفذ الواجب، وعندما لم يتم استعادة المواضع تم استدعاءه إلى مقر قيادة العمليات، ومعه آمر كتيبتنا وجرى تحقيق عن أسباب الفشل الذي حصل وتحديد المقصر، وكي لا أعيد ما سردته في القصة السابقة سأدخل في التفاصيل اللاحقة..
لقد تم توجيه إنذار مشدد من قبل القائد العام للقوات المسلحة إلى العقيد(نجاة) من أن الهدف الذي تم تحديده للوائه لاستعادته، يجب أن يتم مهما يكن الأمر وإلا سيتعرض لعواقب وخيمة..تلك الصيغة كانت تستخدم أثناء المعارك ويقصد بها تعرض المسؤول عن عدم تنفيذ الواجب كما يريد القائد العام إلى الإعدام رمياً بالرصاص كأقصى عقوبة يليها سحب الرتبة أو تنزيلها إلى أدنى أو نقله إلى وحدات غير متتالية..
خرجنا في اليوم التالي لتنفيذ نفس الواجب الذي لم يتم في الليلة الماضية، تلك الليلة كان آمر اللواء ومعه المقدم حسين آمر كتيبتنا في الخط الأمامي تماماً، كان معهم 4 ضباط رصد من وحدتنا، وعين 4 آخرين كنت واحداً منهم كاحتياط إلى الخلف بمسافة 1 كم للتعويض في حال استشهد او جرح واحد منهم..
بدأت المعركة كما بدأت يوم أمس ..وبالفعل كان آمر اللواء ومعه آمر الكتيبة أول الواصلين إلى الأهداف المحددة وسيطروا عليها..ولكن لم يصل إلى الهدف إلا بضعة جنود ... ومن المستحيل أن يستطيعوا السيطرة على الهدف الذي استعيد لأن الإيرانيون باشروا بهجوم مقابل لاستعادته ولكن الخسائر الكبيرة في صفوف قطعاتنا منعتهم من الوصول إلى الموقع الذي وصله آمر اللواء......شعر الرجل أنه غير قادر على الحفاظ على ما تحقق بعدد قليل من القوة، والقضاء عليهم أصبح مسالة وقت، استدار إلى المقدم حسين وقال له: "عد أنت إلى الخلف واتركني وحدي هنا"..
أجابه: "كيف أتركك لوحدك هنا؟ الموقف يتطلب أن نرجع إلى نقطة انطلاقنا"
قال له وهو يخرج من جيبه رمانة يدوية: "أرجو أن تبتعد عني لأفجر نفسي هنا,انتحر، فذلك أشرف لي ولسمعة عائلتي من أن يصيبني ما أخشاه، إذا ما عدت دون أن نستعيد ذلك الهدف".
رد عليه: "ولكنك أديت واجبك واستعدت الهدف وها نحن نقف على المواضع التي كانت محتلة من قبل الإيرانيين ولكن القوة الإضافية لم تتمكن من الوصول بسبب الخسائر التي لحقت بهم نتيجة ظروف المعركة التي لا يد لك فيها"
أجابه: "أرجوك أن تذهب وتتركني أموت هنا شهيداً على هذه الأرض بدلاً من أن يساء إلى سمعتي وسمعة عائلتي وأتهم بأمور أخرى"...
رد عليه مقدم حسين: " سيدي...ما تفكر به مستحيل، لن أتركك تموت هنا، عد معي وأنا وأنت سنواجه مصيرنا أياً كان وإذا كنت المقصود فانا سأشهد بكل ما حدث لأنني كنت معك لحظة بلحظة وقد أديت واجبك وما حدث لا ذنب لك فيه"..
وتحت اصرار آمر الكتيبة ورجاءه لآمر اللواء، اضطر للانصياع لرأيه وانسحبوا عائدين إلى نقطة انطلاقهم لعدم جدوى البقاء وحيدين في موقع باشر الإيرانيون بالتقدم بكثافة لاستعادته..
كانت مأساة اليوم الثاني لا تقل عن سابقتها..ودمر هذا اللواء..وتكبد خسائر جعلته يخرج من الخدمة لإعادة تشكيله من جديد، كان ذلك بسبب تقصير القيادات العليا، وليس الوحدات المقاتلة التي كلفت بالواجب..
تم استدعاء آمر اللواء وآمر الكتيبة إلى مقر قيادة العمليات حال انتهاء المعركة، جرى التحقيق مع آمر الكتيبة وعن دوره في المعركة تحدث الرجل بكل أمانة عما حدث لحظة بلحظة، وجرى التحقيق مع آمر اللواء حول نفس الموضوع، بعد ساعتين من الانتظار أخبروا آمر كتيبتنا بأنه أدى ما عليه من واجب ويستطيع العودة إلى وحدته.
بقي العقيد نجاة ينتظر القرار، كان قرار القيادة العسكرية هو إعدامه رمياً بالرصاص بتهمة التخاذل والجبن في تنفيذ الواجب.
تم تنفيذ حكم الاعدام فيه فوراً، تم وضع جثمانه ببطانية عتيقة وسلم إلى أهله، وطلبوا منهم ثمن الرصاصات التي أطلقوها أثناء إعدامه، كما منعوهم من إقامة الفاتحة أو الإشارة بأنه شهيد، واتهموه بالجبن.
تلك كانت أقسى ما يخشاه الضابط العراقي أثناء الحرب الظالمة، أن تقاتل بشرف وتحقق أهدافك ولكن ظروفاً أخرى لا يد لك فيها تخذلك وتتهم بالجبن والتخاذل، لا أستطيع أن أتصور حجم الألم والمعاناة والبؤس الذي أصاب عائلته، ربع قرن من الزمن خدم هذا الرجل وطنه كان بعيداً عن أسرته وأولاده طوال سنين خدمته، حرمت زوجته وأبناءه من حنانه وتواجده معهم طيلة حياتهم بسبب ظروف عمله المضنية، خدم في الجبل والسهل والبحر، اشترك في أغلب المعارك وتم تكريمه مرتين لشجاعته، فجأةً يأتيهم جثمانه ملفوفاً بخرقة بائسة، متهماً بالتخاذل والجبن، كيف كان شعورهم آنذاك؟! لقد حرموه من كل شيء..وكأنه لم يكن موجوداً في يوم من الأيام، تركوهم مشردين بلا مورد يعتاشون عليه، بلا سمعة، بلا أمل في المستقبل.. لقد ضاعت كل تضحيات هذا الرجل بين ليلة وضحاها...
مرت ثلاثة أشهر على تلك الأحداث..تغيرت أمور وأمور واتضحت صورة ما كان جلياً، من أن الخلل لم يكن من تلك القطعات التي زجت في أتون الجحيم لتحقيق المستحيل ومن أن كل ما حدث كان بسبب العنجهية الفارغة والاعتزاز بالنفس غير المبرر لبعض القادة الذين كانوا يرومون الحصول على المجد، حتى لو كان ذلك على حساب دماء أبناء شعبهم..
صدر قرار باعتبار العقيد نجاة غير مقصر فيما نسب إليه حينما أعدم!! واعتبر شهيداً!! وردت إليه كافة حقوقه!! والاعتذار لعائلته!! فهل ذلك كاف للئم جراح عائلته؟!
هل سمعتم أغرب من ذلك؟!
هل ترون ما كان يعاني أبناء العراق ...في زمن الحرب؟
لمصلحة من حصل كل ذلك..ولماذا؟؟
أعود لكتيبتنا التي أصابها الدمار أيضاً وخسرت معظم ضباطها وبعض من جنودها، وصدر الأمر بانتقالنا إلى شمال العراق لغرض إعادة تنظيمنا وسد نقص وحدتنا جراء الخسائر التي لحقت بها. وصلنا إلى مشارف بغداد بعد ثلاث أيام بلياليها من أهوال المعارك والتعب والإرهاق ونفوسنا الجريحة وألمنا على خسارة إخوتنا..استأذنت من الآمر أن أسبقهم بعجلتي لأطمئن على زوجتي وأطمأنهم بسلامتي، كان بيت أهلها بمنطقة المشتل بغداد الجديدة، وصلت إلى باب بيتهم فوجدت سيارة تقف عند المدخل ومغطاة بقماش بالكامل، لم يكن يبدو عليها شكل سيارة، بل كأنها كومة حديد، قلقت من هذا الأمر! رفعت الغطاء ، وإذا بها سيارتي وقد دمرت بالكامل وكان سقفها قد نزل إلى المقاعد.
لا اعرف كيف أصف شعوري وأنا بمواجهة مصيبة جديدة، جئت لأطمئنهم على سلامتي فإذا بي أواجه كارثة، ماذا حل بزوجتي ؟ هل خرجت سليمة من هذا الدمار الذي أصاب السيارة؟ هل كانت داخلها حينما حصل الحادث؟
أفكار..وأفكار..وأفكار...وهموم فوق همومي تراكمت تلك اللحظة..بقيت لحظات قبل دخولي بيتهم في محاولة للسيطرة على مشاعري لما قد ألاقيه من خبر..فتحت الباب ودخلت وعيوني حيرى تبحث عن جواب، هل هي بخير؟
استقبلتني خالتي حالما رأتني مذهولاً رفعت يدها وقالت:"الحمد لله ماكو شي ماكوشي الله سلمها لا تقلق إنها بخير"
قلت لها: "هل هي في الداخل؟"
أجابتني: "كلا هي في مدينة الطب يتوجب عليها البقاء عدة أيام للاطمئنان على صحتها، ولكن لا تقلق الله لطف بكم"
أسرعت إلى مدينة الطب لأطمئن عليها، وصلت إلى المشفى ودخلت إلى الغرفة التي كانت فيها لوحدها، كان وجهها شاحباً وجسدها سالماً ولكن شيئاً ما يربط رأسها إلى السرير سألت أمها عن حالتها، أجابتني أن هناك كسر في إحدى الفقرات العنقية تطلب وضعها بذلك الشكل خوفاً على حياتها .
اقتربت منها..أمسكت يدها..نظرت في عينيها..حمدت الله على سلامتها، ولا أعرف كيف دار في ذهني ساعتها أكوام جثث الشهداء المتروكة في العراء ولا يعرف أهلهم شيئاً عنهم وكأنه حدثت مقارنة بين ما صادفني من أهوال وبين الرعاية والاهتمام الذي تتلقاه زوجتي هنا، بمكان نظيف وحولها أهلها وأحبتها وكونها بخير وتتلقى الرعاية اللازمه .
لم أستطع أن أعبر عن ما يجول بخاطري من مواساة لها في تلك اللحظة فقط هنأتها على سلامتها..وكان لا بد أن أغادر لوحدتي التي تركتها على الطريق وقد وعدتهم بطعام ( بيتي ) بعد أن حرمنا من الطعام لعدة أيام..دقائق فقط قضيتها معها....ثم غادرت...
لم يكن مضى على زواجنا حينها سوى 45 يوماً، لم أخبرها أي شيء عما مررت به ...وحالتها لاتسمح بهموم اخرى... فمهما قلت لن يقدر الآخرون حجم همومنا..وآلامنا..ومعاناتنا...
عدت لوحدتي لنكمل طريقنا، لنعيد بناء وحدتنا، استعداداً لمعارك قادمة..


فهل نلنا ما نستحق من أحبتنا؟ هل كانوا يشعرون بآلامنا ومعاناتنا؟ هل أحبونا...كما أحببناهم؟ هل أوفينا شهداءنا وعوائلهم حقهم ......لاأعتقد....

(أمة لاتكرم من ضحّى لأجل عزّتها.....لن تجد اليوم من يضحّي لأجلها...وهكذا تموت الأوطان )

والى قصة أخرى .....
لبعض من الوفاء ...لزمن الحب والحرب..(4)

( قصي المعتصم )

Qusay_almuatasim@yahoo.com
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد الهاشمي
مدير عام
مدير عام
أحمد الهاشمي


عدد المساهمات : 10896
نقاط : 13569
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 03/04/2010

الوفاء ...لزمن الحب والحرب (3) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الوفاء ...لزمن الحب والحرب (3)   الوفاء ...لزمن الحب والحرب (3) Icon_minitimeالثلاثاء 26 أكتوبر 2010 - 0:49

سيدي

صدقت فيما خط قلمك

الأمم التي تنسي ولاتكافئ من احبها وضحى من اجل ترابها

لن تجد من يبكي لاجلها

تحياتي لك وتقدير

قصي المعتصم

استاذي

كن بخير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زينب بابان
مشرفة عامة
مشرفة عامة
زينب بابان


عدد المساهمات : 10543
نقاط : 16309
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 04/05/2010
العمر : 52

الوفاء ...لزمن الحب والحرب (3) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الوفاء ...لزمن الحب والحرب (3)   الوفاء ...لزمن الحب والحرب (3) Icon_minitimeالجمعة 29 أكتوبر 2010 - 17:02

الله يبارك فيك على هذا الابداع استاذي العزيز

كون بخير وسلام

تقديري


الوفاء ...لزمن الحب والحرب (3) OUkE3-5Uh3_709219294
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الوفاء ...لزمن الحب والحرب (3)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الوفاء...لزمن الحب والحرب(7)
» الوفاء...لزمن الحب والحرب _9)
» الوفاء...لزمن الحب والحرب (10 )
» الوفاء...لزمن الحب والحرب (2)
» الوفاء..لزمن الحب والحرب (4)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
واحة الأرواح  :: أقسام الكتاب و الأدباء و الشعراء :: واحة الأديب قصي المعتصم-
انتقل الى: