يبدأ محمد درويش قصيدته بسؤال "من أنا" ثم يعرف نفسه بأنه لاعب نرد يربح حينا و يخسر حينا ثم يفصل فيرى الأمور كلها مصادفة فيقول" مصادفة أن أرى قمرا شاحبا مثل ليمونة يتحرش بالساهرات" محمود درويش اتجه في طرق الفلسفة الشعرية و الرسم السوريالي بالكلمات المشوقة و الاسلوب المشوق .تاركا صديقه سميح القاسم رافعا راية العروبة و المقاومة وكأن هناك اتفاقا بينهما ليكون كل منهما قمرا شعريا بمذاق خاص ينير سماء فلسطين عوضا عن أن يكرر أحدهما الآخر.
لحسن الحظ كانت بوابة الدار التي ولد فيها محمود درويش جنوبية .يقول: " كان يمكن ألا أكون مصابا بجن المعلقة الجاهلية لو أن بوابة الدار كانت شمالية لا تطل على البحر". وفي قصيدته الأخيرة ترد كلمة الكنيسة مرة واحدة و كذلك كلمة المسجد و في ذلك دلالة على وحدة الأرض العربية أرض الاسلام و المسيحية.يقول" من أنا لأقول لكم ما أقول لكم عند باب الكنيسة
ولست سوى رمية النرد بين مفترس و فريسة "
لاحظ كيف تحول لاعب النرد الى رمية نرد .وعلى ماذا خاف محمد درويش في الماضي؟يقول :"خفت كثيرا على اخوتي و أبي و خفت على زمن من زجاج و خفت على قطتي و على أرنبي وعلى قمر ساحر فوق مئذنة المسجد العالية و خفت على عنب الدالية "
رحلت أيها الشاعر و تركت الصهاينة يرتعدون خوفا من نبوءتك و هم يشعرون أنهم مجرد عابرين في كلام عابر. و أن خديجة ستأتي لتطردهم من هواء الجليل و من حبال الغسيل .و أن حبوب سنبلة تموت ستملأ الوادي سنابل .رحلت أيها الشاعر فخيبت ظن العدم بوفاتك كما خيبته في حياتك .ذلك أن الأجيال ستبقى طويلا تغني مع مارسيل خليفة "أحن الى خبز أمي و قهوة أمي-و تغني-أنا أحمد العربي فليأت الحصار_وتغني-في البال أغنية يا أخت عن بلدي .، نامي لأكتبها وشما على جسدي –و تغني-بيروت للمطلق و عيوننا للرمل، في البدأ لم نخلق في البدأ كان القول و الآن في الخندق ظهرت سمات الحمل"
ماذا نقول في رثائك أيها الشاعر.. غير ما قلته أنت في رثاء لوركا
" هكذا الشاعر زلزال و اعصار مياه ..و رياح ان زأر
يهتف الشارع للشارع قد مرت خطاه فتطاير يا حجر"