كلمات في تأريخ هيت
تعتبر مدينة هيت من المدن التاريخية القديمة في العراق والعالم والشواهد على ذلك كثيرة.. حيث ارجع الشيخ رشاد الخطيب في كتابه (هيت في اطارها القديم والحديث) بناء مدينة هيت الى ماقبل الطوفان وكيف ان نوحاً عليه السلام لما بنى سفينته طلاها من قار هيت ، وان مدينة بابل التاريخية وبرجها المعروف بنيا من القار نفسه لمقاومته الظروف الطبيعية اذ مازالت مدينة هيت تشتهر بعيون القير بشكل واسع اضافة الى العيون الكبريتية التي يقال انها تشفى الكثيرمن الامراض كما ان سرجون الاكدي (2400ق.م) قدم الى هيت لتقديم القرابين الى الآله (دكان) الذي من المرجح انه آله الجبال ومازالت هذه المنطقة تعتبر المصدر الرئيسي للحجارة في مناطق اعالي الفرات وبنيت الكثير من المعامل لتقطيعة باشكال فنية لتزيين واجهات المنازل وكان سوقه رائجاً في الفترة الاخيرة في بغداد والمحافظات الاخرى.. وحفر الملك الساساني خندقاً بالقرب من هيت ينحدر الى البصرة بعد غزوات الاعراب وهو مايعرف محلياً (بجري سعده) والحكايات الشعبية حوله كثيرة ومن بينها.. ان احد امراء البصرة اقترن بفتاة من هيت فحفر لها هذا النهر لتنقل عبره في يوم زفافها.
وماتبقى الان من هيت القديمة هو القلعة التي تقع على الجهة اليمنى من نهر الفرات والتي مازالت اطلالها تنتصب بشموخ تحكي قصة اجيال خلت لاقدم حضارة عرفتها الانسانية في موطن هيت.
ويتفق المؤرخون على ان قلعة هيت هي واحدة من القلاع الثلاث في العراق مثلها مثل قلعتي اربيل وكوك.. الا ان لقلعة هيت خصوصيتها رغم التباين في وجهات النظر فمنهم من قال انها قائمة على تلة من الارض قام الناس ببناء بيوتهم عليها حفاظاً على ارواحهم وممتلكاتهم من فيضانات النهر المدمرة، وذهب آخرون الى وجهة نظر مغايرة تقول ان القلعة تكونت نتيجة لتراكم انقاض البيوت بعضها فوق البعض لقرون خلت وهذا الرأي هو الراجح باعتبار ان سقوف تلك البيوت متكونة من طبقات من الطين بارتفاعات متباينة ومطلية من الاعلى بالقير المتوفر من خلال العيون المنتشرة في المدينة والسبب الرئيسي لاندثار الغالبية العظمى من هذه البيوت هو الكثافة السكانية الكبيرة ولان الكثير من مساحاتها يتراوح بين (20-100) متر مربع على اكثر تقدير والتي تبدو وكأنها متداخلة مع بعضها وازقتها ضيقة لاتتعدى من (1-2) متر.. وبالرغم من ذلك لاتزال مجموعة كبيرة من العوائل تقطن فيها حيث يقع ضمن القلعة جامع الفاروق الذي تم بناؤه في عهد الخليفة عمر بن الخطاب (رض) ومازال قائماً لحد الان بمئذنته التي لايوجد لمدرجاتها مثيل حيث ان المدرجات (البايات) تشكل كل اربعة منها سلماً لتكون اخيراً شكلاً دائراً بزاوية قائمة ويستقطب الكثير من الزائرين لاداء الصلاة في هذا الجامع تبركاً رغم الجوامع الكثيرة الموجودة في هيت.. ويحيط بالقلعة سور ومن خلف السور خندق ليكونا حصناً منيعاً لحماية المدينة ويضم السور اربعة ابواب هي باب السنجة والغربي والشرقي والسور وان الباب الغربي يتكون من بابين احدهما اعلى ارتفاعاً وعرضاً من الاخر وفوق كل واحد منها قوس لمنع الغزو ومراقبة السفن والمارة في النهر ويقال ان المدينة كانت محاطة بالمياه من ثلاث جهات مما يسهل على اهلها الدفاع عنها..
كما تضم قلعة هيت المدينة التاريخية الكثير من اضرحة الائمة الصالحين ومنها ضريح نبي الله ايوب (رض) كما تضم قبوراً لاربعين من الاولياء والكثير من الآثار والكنوز التاريخية حيث لم تمتد اليها يد التنقيب بعد..
وابناء هيت اناس يهتمون بالثقافة كثيراً والدليل على ذلك المؤلفات الكثيرة التي تجدها عن تاريخ المدينة وحضارتها وتراثها فقد اهدانا الحاج نجاح صالح الهيتي نسخة من كتابه (شذرات من تراث هيت) واهدانا المساح عامر عفات العنزي اصداراً بالكمبيوتر عن تاريخ المدينة جغرافيا وخلال زيارتنا المتحف الشهيد (احمد) للتراث/ وهو متحف زاخر بالكثير ومعروف على مستوى المحافظة اهدانا صاحبه الحاج حمدي فتان الشندي مجموعة من التقاويم لهذا العام تحمل صوراً جميلة لمدينة هيت
وشكرا
تحياتي