واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

واحة الأرواح

أحمد الهاشمي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولeahmea@yahoo.com

 

 صالون نون الأدبي ومذاقات امرأة الشتات

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فتحية إبراهيم صرصور
الأعضاء
الأعضاء



عدد المساهمات : 137
نقاط : 381
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 26/11/2010
العمر : 71

صالون نون الأدبي ومذاقات امرأة الشتات Empty
مُساهمةموضوع: صالون نون الأدبي ومذاقات امرأة الشتات   صالون نون الأدبي ومذاقات امرأة الشتات Icon_minitimeالجمعة 15 فبراير 2013 - 13:21

بسم الله الرحمن الرحيم
عند الثالثة والنصف من بعد عصر الخميس الموافق 14 فبراير اجتمع صالون نون الأدبي بمجموعة جديدة من رواد الصالون، افتتحت الأستاذة فتحية إبراهيم صرصور اللقاء بقولها: بداية اسمحوا لي أن أوجه تحية حبٍّ وإجلال وتقدير لأسرانا القابعين خلف الزنازين، الصامدين في وجه العسف والجوع والتعذيب، وتحية أخرى مماثلة لأحبائنا في سوريا، نجاهم الله ونصرهم على الطاغين والطغاة.
وبعد... الحضور الكريم... أهلا وسهلا بكم، نسعد بلقياكم، ونقول:
إن في القلب متسع للأديبات والأدب، وبالنون نبلغ الإرب، هكذا كان صالوننا، هكذا سيبقى، ولهذا وجد
فكلما بزغت نجمة في سماء الأدب أمسكنا بتلابيبها، ولها الرشُد علينا وجب، حفظنا لها وهجها، صعدنا بها لآفاق وأسكناها قلب رحب.
نسعد بكل إبداع جديد، نفتح قلوبنا، نفرد له جلساتنا؛ بالأمس القريب كانت هند والشعر، واليوم دولت والقصة، وغدا أخرى وأخرى إلى أن نصل بهن ومعهن لمرافئ جودة الإبداع ومزيدا من العطاء. لقاؤنا اليوم مع واحدة....
من شام القلب أتت، تاركة خلفها زوج وسند
حملت عبق حمص فعطرت به عين وكبد
بالفؤاد تسافر لها، وتترك لغزة منها الجسد
سلام عليك بلاد تسكن هدب العين ويرعاها الصمد
دعونا لك؛ نصر مؤزر وصبر وعضد
سلام عليك وصبا بردى ينعش الكهل والولد
سلام عليك وعليهم سلام أبطال بالصدق عقد
إيمان قلب على نصر من الله معتمد
ضيفتنا هي دولت محمد المصري من مواليد مدينة حمص في العام1976، تنقلت مع أسرتها في عدة بلدان عربية حتى استقرت في غزة عام 1995 حيث أكملت دراستها الجامعية وحصلت على البكالوريوس من كلية العلوم قسم رياضيات -حاسوب
بدأت كتابة الخواطر الشعرية منذ الصغر ورعى موهبتها في سوريا الأستاذ والشاعر نصر الدين فارس..الذي استضافها في أمسيات شعرية كان يعقدها في دار المعارف بحمص
حصلت في مسيرتها على عدة جوائز منها:الجائزة الثالثة في القصة القصيرة للإبداع النسوي في فلسطين عن مجموعة( الهائمون في الرماد) عام 1998.
الجائزة الثانية في القصة القصيرة للإبداع الشبابي في فلسطين عن قصة اغتيال عام 2000.
الجائزة الثانية في القصة القصيرة للإبداع الشبابي في سوريا عن قصة الرغبة والصمت 2001
جائزة الإبداع الشبابي لمجلة العربي بالتعاون مع البي بي سي عام 2007 عن قصة أسرة فردية.
الجائزة الثالثة في القصة القصيرة التابعة لاتحاد الكتاب الفلسطينيين في سوريا عام 2009 عن قصة الرهان الكبير)
لديها مجموعتان مطبوعتان هما: الصراخ عاليا - كأكثر من فكرة، بالإضافة لمخطوط: العتبات المتكسرة

وقالت الأستاذة فتحية: تحدثت دولت في كتاباتها عن طريقة اختيار البابا في الفاتيكان وربطت بينها وبين ما يحدث في سوريا وتختتم بقولها: لا تؤاخذونا النخوة طارت مع الدخان..وما زاد مقدار الناقص بالكلام.
بعد أن أنهت الأستاذة فتحية حديثها قالت نترك الميدان لفارسة هذا اللقاء دولت.
بدأت دولت حديثها مرحبة بالحضور شاكرة لهم مشاركتها هذه الجلسة، ثم الشكر الكبير للأب والراعي الأديب غريب عسقلاني لما قدمه لي ولمواهب أخرى من خلال نادي القصة التابع لوزارة الثقافة، ولما أحاطني به من رعاية واهتمام، فأخذ بيدي منذ خطواتي الأولى، ثم قرأت جزء من قصة: "كأكثر من فكرة" والتي سيتناولها الدكتور عبد الله في قراءته: كـَأكـثر مـن فـكـرة
يحنو بشكل قدري على طاقتي السادسة ..يحدق في خبثي..يركل ازدرائي ..ينهض ليلملم الحيرة المنثورة في قفص عصفوري المتسلط ..ليحرقها بهدوء ..كالهدوء الذي يرافق حضوره. بحضوره النرجسي أفقد ميزان نفسي .. يرحل احترافي لفن الكلام .. يغيب ردي ويتأهب ترددي .. ماذا أجيب هذا الكائن في ملعب وجودي ؟.. في ردهات عالمي الغامض .. أهمس له :
- لا تحاول أن تفتح المزيد من طيات أوراقي ,لا تنبش في قبور أحلامي ..قد لا تجد نفسك هناك , وسترغم حينها للترجل كفارس يرفض الهزيمة .
- ملعونة أنت .. سماؤك بساط قلبي .. وريحانك تذكاري أ ُجدله في مطر يغازل وجهك.
- دعك من هذا الجدل ,لنصوغ تلألأ اللحظة.. ونرحل.. خلقنا لنرحل حين يورق الأمس فينا ولا يبقى غدا.. نواصل حديثنا المسن خربشة على جدارية تحتفظ بالتواقيع إلى حين .. نتبادل الإيقاعات الساكنة لنتألم.. تعال ننضج كأكثر من فكرة تعال نبقى بلا قيود.. أبقني حلما.
- وما الجدوى إذا لم يتحقق الحلم .
- وما الجدوى أن يتحقق.
-لن يكون هناك استمرارية لأحلام نكتشف من خلالها لذة الحياة .
- بلى نستمر لأن الحلم أجمل.. وسنبقى هكذا نرحل.
أطوّر حيرني وشكوكي عنقاء لا تحترق.. تنهض لتقول لك.. أعتذر..لا أستطيع أن أثق بك يا متهور العينين..أنت عبق من وجع يجرّنا إلى الحضيض.. والحضيض موسوم على جلدي كأغنية ناحبة.. كما حين ولدتني أمي قالت (جئتِ لمصائبك) غطت وجهها.. ندَبَت حظي قبل أن تصل صرختي إلى أذني.. و من يومها ,لا أميز صوتي..أعتبره نشازا.. أمارس حياتي لتلقي المصائب ..لإعدام ما أستطيع منها.. فتقتلني ببرودة القاتل.. أدِبٌّ لإبعاد الأشباح في البيت ..المدرسة ..الشارع .. وأخيرا الجامعة والعمل ..أنفي كوني أنثى ..أطرد ما يمكن من المشاعر ..أتحجر ضمن دائرة جسدي الأصم ..المصمت .. فلم أشك يوما بقدرتي على كره الرجال ..تفانيت في مهنتي هذه حتى لم يعد هناك جدوى للأشياء.. والرجل شيء يستغنى عنه في الذاكرة وأنت يا سيدي شيء لا يهم نسيانه ..فلا تأتي .. واترك لحلمي سحر الأسطورة ..فإن لم تكن بحجمها لن أدخلك بوابة تاريخي النائي إلا عن ذاتي .

بعدها قدّم الأديب عبد الله تايه قراءته لمجموعة دولت المعنونة بـ" كأكثر من فكرة" فقال: مذاقات لامرأة مضطهدة
قراءة في المجموعة القصصية"كأكثر من فكرة" للكاتبة دولت محمد المصري قصص قصيرة
كأكثر من فكرة 2009م
عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم_الإمارات
مؤسسة ثقافة للنشر والتوزيع - القطع: متوسط - الصفحات95
تضمنت المجموعة خمسة عشر نصا وكمعظم المجموعات التي تنشر وفق مسابقات أو منح نشر يتم التأكيد كما جاء على الغلاف الأول على اسم الكاتبة دولت محمد المصري الفلسطينية الموزعة بين فلسطين والشام، وعنوان المجموعة القصصية "كأكثر من فكرة" عنوان يشي برغبة الكاتبة التأكيد على أن مجموعتها تتضمن أفكارا متعددة ومحاورا كثيرة، فمجموعتها مزدحمة الأفكار في السياسة والاجتماع والفلسفة والاغتراب والألم والفقد، والمقاومة الإنسانية والوطنية، والأحلام عناصر بارزة في المجموعة، فهي مجموعة القلق والأسئلة الدائمة التي تشي بإنكار الظلم، والتأشير على العلاقات المتشابكة للناس خاصة ما يقع من ظلم واضطهاد على المرأة من الرجل ومن المجتمع،إننا ننتج مسلكيات غريبة مريضة تحت شعار استخدام أسماء الإشارة (هذا،هذه) فـ (هذا) اسم شاء له علماء الأسماء والحروف أن يكون بالألف الممدودة لتناسب ذكورية الأشياء أما (هذه) فشاءوا أن تتلاءم مع استدارة التشريح الفسيولوجي لكنها خدعة لاستمرار التمييز والاضطهاد، ناس قصصها أنهكتهم الأيام ولا يزالون يحلمون ويتصدون.
لوحة الغلاف تظهر هذا الواقف الثابت كأنه في صلاة،قدميه على تشابك الأسلاك، أسلاك الزنازين والحدود والاغتراب وسجن الروح والجسد،تنيرها قبضة مقاومة واثقة من وراء الأسلاك تبعث أملا لتبديد الظلام المحيط بالمكان، هذا وقوف ثابت وملتزم بقضايا الإنسانية وأولها حرية الروح والإنسان، جاء الغلاف معبرا حتى بألوانه الباهتة عن عمق التنغيص الدائم على هدأة الروح وانطلاق الأحلام.
وقد ذكرتني مجموعة دولت القصصية بمجموعة قصصية للكاتبة المغربية "لطيفة باقا" حول ظلم المرأة واضطهادها في مجموعتها "ما الذي نفعله؟"،والتي آمل أن أقدم قراءة لها في أقرب وقت.
بدأت المجموعة بما يشبه المقدمة "شكرا أيها..." واختتمتها بتوقيع اسم الكاتبة، ربما يؤشر هذا الشكل بأنها تقدم للمجموعة، تتحدث في حوار فلسفي عميق جذاب ذو هدف ورؤية بينها وبين القارئ لتصل في النهاية إلى أهدافها، ورأيت أن ما ورد في "شكرا أيها..." من قص وفن هو في الحقيقة نص قصصي، تتحدث في حوارها عن القارئ ودور الكاتب "القارئ هو المجهول الدائم في نظري، الذي أحسب له ألف حساب.. كم فكرة ستصل إليه..كم ألم سيحمل فوق ألمه" وتقول الكاتبة في محاورتها للقارئ المتخيل "كل من يكتب حرفا سيكون منبها يرن..ويرن..حتى تتلف مفاصل ذلك المنبه وتتكسر عقاربه فإما أن تستيقظ على صوت المنبه وتنهض لممارسة الأعباء الجديدة وإما أن تغلقه في وجه عالمك وتمضي إلى النوم، والنوم عميق ومريح"،إنها تمضي في الحوار الفني واللغة التي تنبض بالحياة والتحليل الفلسفي لتبيان أن الكتابة لها دور في الحفز والخروج من حدود الجسد، أو من متعة القراءة إلى متعة التصدي والفعل تقول "من أراد أن ينهض.. ينهض من جراحه، وليس من كلماتي أو كلمات غيري"،إنها تدفع بلغة واضحة إلى أن تأخذ ذواتنا زمام المبادرة،وبدون ذلك ستكون العلاقة بين الكاتبة والقارئ علاقة منقوصة. إنه نص اعتمد على الحوار بلغة وأفكار خدمت فكرة القص.
& أما قصتها "أحلام طفلة"، فجاءت بشكل فني آخر،هي خمسة مقاطع، كل مقطع عبارة عن حلم، القصة خمسة أحلام، في كل حلم تتضح مرارة ذات مذاق خاص،الحلم الأول رغبة بتحرر الأب من زنزانته، والثاني الصغار الذين من المأساة يصبحون كبارا، والثالث تمرد ورفض للعادات الاجتماعية في الزواج المبكر، والرابع فكرة ومعتقد ديني عن تحول الأطفال الموتى لفراشات وطيور في الجنة، والخامس تعاطفها مع الفقراء حيث تريد من الساحرة أن تحول شعرها ذهبا كي تعطي لكل فقير خصلة لتسعده، على أن يخرج مكان كل شعرة تنزعها عشرات من الشعر الذهبي لتواصل العطاء.
من يرى الشكل الفني لكتابة الأحلام سيرى كأن الكاتبة تكتب قصيدة في طريقة توزيعها للعناوين والأرقام، وكأنها اختارت هذا الشكل القصير من أسطر الكتابة ليذهب السأم عن القارئ وينقله من الأسطر الطويلة إلى الأسطر الصغيرة، فتشرك القارئ في مزاج أعلى للقراءة، وتغيير فضاء الصفحة. والقصة محملة بلغة جذابة، بعيدة عن السرد المطول، في مخاصمة لتهويمات اللغة غير المفهومة، لأن الفكرة واضحة لدى الكاتبة فهي تناقش مبادئ وأفكار يعاني منها المجتمع بأسلوب فني ولغة متألقة، بعيدة عن الحشو، وينتهي القص في اللحظة التي تشعر فيها الكاتبة أنها وصلت لهدفها.
في قصتها "انتصار"، قرأت القصة عدة مرات، فالكاتبة جندت فيها كل إمكانياتها الإبداعية بطريقة واعية جعلتني لا أندم أبدا على أنني اعتقدت منذ إطلاعي على ملف عضويتها في الاتحاد قبل سنوات أنها موهوبة ومثقفة ومحملة بأسرار وأدوات الكتابة الناضجة. "انتصار" اسم له دلالته، وفي قصتها هذه استخدمت الحوار الذي يضيء الأفكار ويفتح فضاءات جديدة، ويستكشف دواخل الشخصيات فيفضحها فكأنها تحت ضوء الشمس عارية. وتستخدم تاء المخاطبة " قمتِ، كسرتِ التلفاز الغبي الذي لم ينفك يصور مصائبها دون أن ينبس العالم بكلمة.."واستخدام تيار الوعي المونولوجي الداخلي وهي تكلم نفسها "أين تذهبين؟ الليل طويل شاق في فضاء ملغوم بالرصاص والقلق والدم..." وتقول "والعالم بأسره يتفرج على سحرة العصر يا انتصار"، وتعالج في قصتها فكرة الحواجز ومرور الناس عن جند الاحتلال، هذه "انتصار" نموذج المقاومة التي ظن الناس أنها مجرد إنسانة بسيطة، تقف كل يوم لتساعد الناس على المرور وتمر هي تحمل حقيبة كبيرة، اعتاد الجنود على مرور انتصار عن الحاجز بعد أن تساعد الأمهات والشيوخ وأصحاب الأحمال والأطفال، حين فتشها الجندي أول مرة شاكا ً في حقيبتها الكبيرة لم يجد فيها إلا ساندويتشا من الزعتر فابتسم مستهجنا ً أن كل هذه الحقيبة من أجل ساندويتش، وفي المرة الثانية يفتشها نفس الجندي فيجد في الحقيبة مجرد وردة، يسألها الجندي كل يوم ماذا في الحقيبة؟ لا ترد عليه إنما تقدم له الحقيبة ليفتشها، اعتاد عليها جندي الحاجز كانت كلما عبرت الحاجز تحمل الحجارة إلى نقطة الاشتباك بين الناس والجنود إلى أن جاءت المروحية " وانهمر رصاص المروحية على الإحداثيات البشرية " " إنهم مشعوذون قتلة " كانت تقول انتصار. في القصة تعدد وتنوع للأسئلة " من يجرؤ أن يقول لانتصار إلى أين؟ "، السرد مقتضب، الألفاظ منتقاة، يتزعم الفعل المضارع جمل القص دلالة الاستمرار " تتقلب، يتسكع، يوقظها، يتميز، يتسلل، يطارد، تضرب، تحث، تنحني... يبشرك.." وغيرها كثير، إنها قصة الفعل المضارع، لماذا استخدمت دولت الفعل المضارع بكثافة في هذه القصة؟ إنها ليست أفعال تتقافز وحيدة بدون جمل، إن جمل القص تبدأ بالأفعال المضارعة، جمل متزنة وألفاظ مختارة في حدود حاجة التعبير الفني اللازم، مشحونة بألم عميق، يساندها حوار فني يعطي السرد حيويته وفعل مضارع يؤشر على الاستمرار.. استمرار المعاناة واستمرار المقاومة. وعندما بدأت الجموع تصل إلى جثمان الشهيد الذي أسقطته رصاصات المروحية، تجيئ "انتصار" لتشارك فيقول لها البعض " ليس وقتك يا انتصار.. ابتعدي " تتراجع وتصرخ إلى جهة الشهيد " أعطني الأمانة، سلمني الأمانة.. الأمانة غالية " ثم يغيب صوتها وهي تبكي الشهيد، تضع في قبره وردة وتتساءل " كم شهيدا ً سنودع؟ تبتسم الشهداء يعطوننا ظلالهم". في المرة الأخيرة اكتشف الجندي أن في حقيبة "انتصار" سكين، صُدم الجندي الذي كان يعتقد أنها بلهاء، تعاركت معه، بادر الجنود إلى زميلهم لنجدته، يطلقون الرصاص فتضحك انتصار، تقول :" ها أنا أسلّم ظلي الآن "، تطير انتصار، تستشهد،تحلق حمائم في أفق وردي خجول، الصبية انتصار تقف في عليين مع فتى من جيلها، يراقبان المارين على الطرقات بلا حواجز.
قصة "الكرسي" قصة رمزية، تدور حول تساؤل قديم حديث " من أهم الغاية أم الوسيلة؟ " لتحقيق الأهداف، إنها قصة تتناول رمزية الصراع على الحكم وميل معظم الجماهير للفائز، بنية النص تدور حول لعبة الكراسي الموسيقية وكل من يصل إلى الكرسي ليجلس عليه يبادره منافسه بفعل يمنعه من الجلوس وحسب النص إما " بالإزاحة الإجبارية أو خلع العينين أو إطلاق الرصاص أو ضرب الآر بي جي" ليبق على الكرسي صاحب الغاية تبرر الوسيلة، ورغم أن رجل الكرسي كسرت أثناء الصراع عليه والذي هو أحد أهداف الترميز، إذ أن الصراع يقوم على الكرسي أي كرسي، حتى لو كان لا يُمكن الجالس من الاستقرار والجلوس المطمئن عليه، بل الفائز الأخير بدون وجه حق صنع من بقايا أشلاء منافسه بديلاً عن رجل الكرسي التي تحطمت رجلا بديلة، تقول الكاتبة " خلطها بإمكانات ضخمة.. صانعا ً رجلا ً لن تنكسر أبدا ً "، ولم لا ألم يتخلص من منافسيه، والإمكانيات الضخمة التي أشارت لها الكاتبة ترمز إلى الدعاية والإعلام والشعارات الكاذبة وتفخيم الزعيم وتقزيم منافسيه بل وقتلهم لإرهاب الناس فيسوق الحاكم الناس للطاعة، وقد ثبت كرسيه بالقمع، وهو بين الحين والآخر يظل مشغولا ً كما تقول الكاتبة " بأعمال التصليح والنجارة للكرسي الذي بدأ يتهرأ " فيتضح لنا انشغال الحاكم عن إصلاح شئون الرعية بإصلاح وتثبيت سلطاته. في القصة تناوب بين استخدام الفعل المضارع والماضي خلال السرد، لكن جاء المضارع ثلاثة أضعاف الماضي في العدد، بما يشي أن الكاتبة تعرف أن أمر الحكم والصراع عليه قديم حديث، لكن وطأة الحديث صارت أشد، والوسائل أصبحت أكثر تطورا ًعن الماضي، المضارع (79) والماضي (18)، وفعل الأمر تم استخدامه مرة واحدة (1)، ما معناه أن لا مستقبل دون تثوير وتغيير الحاضر، وأنه لا ينبغي التطلع كثيرا ً إلى الماضي، ولا أمل في المستقبل دون إصلاح الحاضر، ولو أن القصة كتبت فيما يسمى الربيع العربي لما التفت كثيرا لاستخدامات الأفعال لكن القصة مكتوبة في العام 2003،والمفارقة استخدام فعل أمر واحد إذ كيف ننظر للمستقبل ونحن لم نهندس الحاضر.
أما نص " في زجاجة "، إذا أرادت الكاتبة أن تكون " في زجاجة " قصة على شكل قصيدة في توزيع جملها فلنا كلام، وإذا كانت تقصد بها نصا شعريا فلنا كلام آخر،
إذ لا يفضل خلط القصائد بالقصص في مجموعة قصصية إلا بفصل واضح أو إشارة واضحة كي يعرف القارئ أنه انتقل من القص إلى الشعر. وعند قراءتي لها تمنيت أن تكون الكاتبة عنت الفكرة الأولى، أي قصة سردتها ورتبتها على هيئة الشعر، فاللغة شعرية والنص فيه فكرة واضحة، وهي رسالة شوق من الاغتراب إلى الحضور، مليئة بالصور والفاجعة والتشوق والأحلام والتمني لاجتياز حواجز الجسد من الأسلاك إلى انطلاق الروح، أشبه ما تكون بتغزل واشتياق سجين إلى وطنه ومشتاق إلى اشتياقه، إنها قصة لو كتبت على الطريقة العادية لصف الكلام على السطور لكانت قصة متكاملة الشكل والفن وتحمل ما تحمل من دلالات،ولو بقيت على شكلها الحالي وكانت الكاتبة تعني بها قصة وقد ضمتها إلى مجموعة القصص لقلت أنها أتت بشكل جديد للقص لسنا معتادين عليه، تمنيت لو كتبت تحت العنوان " في زجاجة " كلمة قصة للتأكيد على ذلك، فهذا النص أكثر تماسكا ً من " لا مكان " و " فنجان قهوة " إذا أصرت الكاتبة على أن " في زجاجة " نص شعري، فإن ترتيب الأسطر الشعرية ليست حكرا ً على الشعر.
قصة الغلاف " كأكثر من فكرة "، تقول الكاتبة دولت المصري " تعال ننضج كأكثر من فكرة، تعال نبقى بلا قيود.. أبقيني حلما ً "، في القصة تـتـنقل الكاتبة في عدة أساليب للقص مستخدمة الفعل المضارع والحوار والأنا ضمير المتكلم " المونولوج الداخلي " وتاء المخاطبة، والسرد يدور حول فكرة الحلم، جدلية بينها ( شخصية النص وربما الكاتبة) وبين المخاطب ( ربما الحبيب أو القارئ) الذي يرى أن لا جدوى إذا لم يتحقق الحلم، وهي ترى أنه ما الجدوى من أن يتحقق؟ مناقشة فلسفية تظهر تناقض الرغبات الحاد، أو أنه لم يعد من شيء يثيرها، حتى تحقق الأحلام لم تعد ذات قيمة، فهل هناك من الإحباط ما يعادل ذلك؟ تقول الكاتبة " بل نستمر لأن الحلم أجمل وسنبقى هكذا حتى نرحل " ويظهر اليأس في تذكرها لقول أمها عند ولادتها " جئت لمصائبك "، هذا الإحباط والتذمر ناتج من نظرة المجتمع القاصرة للأنثى، تقول دولت " أمارس حياتي لتلقي المصائب... أدب ُّ لإبعاد الأشباح في البيت.. المدرسة.. الشارع..وأخيرا ً الجامعة والعمل، أنفي كوني أنثى...لم أشك يوما ً بقدرتي على كره الرجال"، إنها تلاحظ كيف فقدت الأشياء جدواها، حتى تصل لدرجة أن " الرجل شيء يُستغنى عنه في الذاكرة" لاحظ كلمة (شيء)، الرجل يصبح في نظرها شيئا، يعني خالٍ من الحرارة والعواطف والحياة، إنه مجرد شيء، وتقول " لا يهم نسيانه فلا تأتِ... واترك لحلمي سحر الأسطورة "، ثم ينبري خصمها أو قرينها الرجل في القصة متظلما ً من تركها له، وأن الحياة كلها حروب حتى للحصول على زجاجة حليب الرضاعة، وحين تلد الأم بنتا ً تسميها " منتهى " علّها تكون آخر البنات في العائلة، وتصل الكاتبة من خلال سرد وحوار ومونولوج إلى تحديد الفكرة بأنها حملت الكثير من قيم المجتمع القاسية،فتقول الكاتبة :"مارست تجاهلي للحياة، أنهكت بالبحث عن منفذ يروقني "،هذا أكثر من إحباط ويأس مصدره قيم المجتمع التي تنظر للمرأة نظرة قاصرة وقاسية، وتأتي الكاتبة على علاقة الأم والأب،تقول أن : " الأب ثورجي تجده في كل المظاهرات ولا يمل من إنجاب الأفواه التي تظل جائعة لأنه لا يبحث عن الحصول على ما يسد جوع هذه الأفواه، أب قاس ٍ لم يتحمل شتيمة في حقه من الزوجة المظلومة في لحظة غضب " فأدبها بيدين غليظتين خارج القانون "، شخصية النص تتذكر (الكاتبة لم تذكر لها اسما ً) وهذا ذكاء من الكاتبة فمعاناة امرأة النص والتمييز ضدها وقمعها هو لكل بنات جنسها فما جدوى ذكر الاسم؟! إنها تمثل أي امرأة.
وترى أن ذات المعاناة التي لاقتها أمها ها هي الأخرى تتجرع نفس المعاناة من زوجها، ولا مفر ولا سبيل للهروب. ثم تأتي على تجربة سجنها في الزنازين وتعذيبها، وزميلتها التي تلد في عتمة السجن فترى " أن الحياة في نظري مؤلمة كعروس لا تدري أنها ستفرح لآخر مرة في ليلتها المنفتحة على الأضواء والناس والبهرجة الزائفة، ستعرف معنى طرحة بيضاء تغطي الوجه الكسول بعباءة من ليل طويل حتى الاحتضار وتعلم أن من اقتيدت له سجان ".كما تتناول القصة أفكارا ً ضد سلطة الرجل وغوغائيته، ونظام الأسر، والتملك،والأنانية،وكل ذلك كما تقول "لئلا يتنازل لاحترام امرأة كإنسان لها حقوقها مثل ما له من واجبات عليها"، زوجها كان سجينا فترى فيه خلق السجان يمارسه على أعز الناس، وفكرة التغيير للأحسن أو الأسوأ، وفكرة أننا أسرى لأفكارنا تظل تلح علينا، بل إن ذكرها لمروحة السقف وهي تدور كأنما تشير إلى استمرار الحالة رغم حركة الزمن، فالمروحة تدور لكنها لا تغادر المكان، والناس يتحركون لكنهم لا يغادرون طباعهم القاسية ضد المرأة والتمييز بينها وبين الرجل، تنهي دراستها الجامعية بعد 34 سنة من عمرها، تذهب للعمل لكنها لا تجرؤ على إزعاج زوجة الأب ولا تذكير الأب بحسرتها، هي امرأة صارت كارهة لكل ما حولها حتى ترى جنسها موتى مؤقتي الإقامة، بل صارت ترى ابنها أحمقا شرب حقد والده يسألها الولد الابن "لماذا طُلقتِ منه؟"، وتناقش الكاتبة نظرة المجتمع للمرأة المطلقة وظلم الناس لها، إن الكاتبة تأتي بهذا النموذج السوداوي المتشائم المحبط الحانق لتعري قيم مجتمعية متخلفة وجاهلة ولا إنسانية، وتـنتـقل الكاتبة بأفكارها ومونولوج شخصياتها حتى تأتي أخيرا على أستاذها في الجامعة الذي يذكرها بأن أمه توفيت قبل خروجه من السجن بشهر واحد عندما وصلت أخبار خروجه من المؤبدات مع تبادل الأسرى فماتت قبل خروجه تقول :"هكذا هن نساؤنا ولدن للمعاناة المؤطرة باحتلال ينفث سمومه فينا"، ثم يعرض الأستاذ عليها الزواج " هل تقبلين برجل بترت يده في معتقله" فتوافق قائلة:"سأمسك يدك الأخرى بفخر أركض مع شهودي إلى من يخط وثيقة قراني بك".
قصة تستحق أن تأخذ اسم المجموعة،فالكاتبة تحاول باستخدام كثير من الأساليب الفنية التي عرفتها من حوار ومونولوج داخلي وتاء المخاطبة ونا الفاعلين وسرد ذكريات الماضي والحاضر مستخدمة لغة مؤلمة وتساؤلات صادمة وموجعة وشخصيات للمرأة التي نصادفها طول الوقت لتظهر لنا الكاتبة هذه المعاناة التاريخية الدائمة للمرأة بلغة جادة، وألفاظ وتراكيب تضفي على حزن الموضوع وقسوته جملة من مهاراتها في القص،والإبداع،والذوق الفني، والانشغال بالأسئلة الكبيرة حول نظرة المجتمع العربي للمرأة حيث لا يزال ينظر لها نظرة فيها كثير من التمييز وهدر الحقوق والاضطهاد في الوقت الذي يصعقنا الإعلام الكاذب كل يوم بعبارات عن الحرية والمساواة والحقوق.
أخيرا قال الدكتور عبد الله: المجموعة القصصية "كأكثر من فكرة" للكاتبة دولت المصري مليئة بالتساؤلات بلغة مختارة، وأسلوب نابض بالحياة، وأساليب فنية متعددة، تلك الأسئلة التي بالتأكيد تعرف الكاتبة إجاباتها لتحقيق واقع أفضل لبنات جنسها، لكنها تترك القارئ لوعيه، ليغوص في ذاته ويطور انحيازه الإيجابي نحو قضايا المرأة وكل القضايا الاجتماعية والوطنية،وليجيب بنفسه على ذات الأسئلة، لحفز فاعلية التلقي، والتذوق الفني والجمالي، واستكشاف ثقافة الرفض،ثم الانطلاق نحو التغيير.وليظل الحافز نحو مزيد من الوعي للاقتراب من لحظة الخلاص.
بعد أن أنهى ورقته قالت الأستاذة فتحية: تأكيدا لما قاله الدكتور عبد الله عن كتابة دولت الشعرية والشعر المنثور، فسأقرأ لها ما كتبته في حرب العامين 2008/ 2009م حيث كتبت:
حقيبة مدرسية / كراسات صارت رماد
الكراسة وطن مرتبك / قف دقيقة قتل.... استمر / فقط هنا يستطيع الهواء
أن يستحم من رجس الكلام / يؤجل محاولة انتحار / يتأمل........
... بقعة عصافير متناثرة/ فتات خبز واقف في حلق طفل وطفلة
في غرفة الصف المعتمة / والسبورة السوداء / ومقاعد صارت أسرة
طليت بفورة الدماء./ وعلم الأمم المتحدة / يغطي عينيه بيد القتلة
يدس لونه في ظل خشبة/ و يقول من منبره العالي :
أنا لم أر سوى الدخان/وما تحته كابوس يحتمل الوجهان :إدانة و نكران/أو لعله خطأ يا عربان.

• بعدها قرأت دولت قصة أخرى بعنوان أريد أن أنام
أنا هنا أستطيع أن أتذكر عندما كنت في رحم أمي جيدا..وإيماني-بأن الروح هي الذاكرة وما العقل إلا وسيلة للعرض- دفعني طوال سني عمري أن أتساءل كيف للجنين في رحم أمه أن يعيش فترة زمنية معينة وبعد أن يخرج إلى العالم
يكون قد نسي كل شيء مر به
كل المغامرات الجميلة هناك ..كيف لمثل ذاك العالم الأكثر تجسيدا لحقيقة الإنسان والأكثر صدقا أن ينسى,فالجزء المشترك بين كل حياة نعيشها هي الروح..لذلك هنا تستطيع أن تستعيد الجزء المقطوع من ذاكرته قبل الخروج إلى الحياة بصرخة ...لكن الذي لم أتوصل له ,ولم أذكره هو هل كنت أعلم قبل أن تنفصل المشيمة عن جسدي أني كنت أملك جسدا مشوها ....بإعاقة ...ولو علمت هل كنت سأخرج للبحث عن مغامرة أكبر.
وأيضا قرأت دولت قصة بعنوان: وفي كل صباح
تفرد الضفائر الطويلة عند الفجر..تلقي بعصيان الخصل من نافذة البيت القديم المطل على كل ما هو قديم ..تنتظر من يمشط الخصلات الهائمة..أمواج بحر لا تمل اللعب مع الريح تتبعثر ..تتشابك وعندما يصحو الصغار ,يتشبثون بدفء الشعر المترامي على جوانب طفولة بطلة..ينادون بأصوات عصفورية على الصغيرة ذات الربع قرن من تهافت السنين بلا جدوى ...
يهتفون لها أن تنزل قبل أن تفقد الأسرار روعتها ...قبل أن يكتشف أحد هذا المجهول الذي في عيونها السمراء,لا تستجيب ..ترفع شعرها المسبل ..تفقد أطرافها من جديد وهي تعيد تضفيره ..تكبر مع كل ثلاث خصل تتداخل في رتابة , وتكبر ..تكبر حتى تنتهي... تنزوي وينزوي الحلم في الإنحاء القاتمة لشيء لا يأتي ..من يعيد ترتيل الحلم بتمعن
وفي كل صباح............

بعد ذلك فتح باب المداخلات فكانت أولاها للأديب غريب عسقلاني حيث قال: أعتذر من الحضور لأنحيازي المسبق لابنتي دولت والتي أعتبر أن شهادتي فيها مجروحة، لأن ما يمكن أن يكون بين الأب وابنته لا يصادره موقف الأغيار إذا وقفوا بيني وبينها في منتصف المسافة.
ثم أردف قائلا: عرفت دولت من بداياتها، وقد بدأت واثقة جدا، ولم تدخل مجال الكتابة للتزين أو التجميل، أو اكتراث الشهرة بتعدّي على الشهرة دون امتلاك مسوغاتها.
في رأيي أن هذه البنت التي أصبحت أما كانت تختصر المسافات، وقبل أن تعرف تقنيات الكتابة، وما يؤدي إليها.
ولعلي أعيد السؤال على نفسي وعلى من يتعامل مع الكتاب: هل القراءات النظرية تسبق الكتابة، أم أن القراءة تستنبطها؟
لعلي وجدت في قراءة الأستاذ الكبير عبد الله تايه ما لم يكن مسبّقا من جهة الكاتبة، واستطاع هو أن يستنبطه بعلمه الكبير.
إن إثراء معارف هذه الكاتبة وما اختزلته من عاملين: الأول: معرفة عميقة بالفن الذي تتعامل معه.
والآخر: رؤية خاصة بها للحياة من حولها.
وإلا لما استطاعت أن تطرح نفسها، وتطرح رأيها المعلن عبر النمنمات الصغيرة التي ترد؛ كاستحضار المضارع دائما؛ "ماذا نحن فاعلون" "هل ما يجري الآن إلا تراكم.." هذه أسئلة عميقة يطرحها الكاتب الذي يعتبر الكتابة موقفا من الحياة.
دولت تعاني وتشتاق لفنها فتمتزج به فتأتي بلغة طافحة بالشعرية، ثم التماهي بين الذات الفردية والمجموع العام. تستطيع أن تقرأ أفكار دولت، لكن في إطار الواقع المعاش.
قد تكون هذه المرأة البطلة هي دولت، وقد تكون أي امرأة أخرى.

للأستاذ صالح عابد مداخلة قال فيها: نعلم أن النص الجيد يحتمل العديد من القراءات، ذكر الأستاذ عبد الله نسب للأفعال الواردة في قصص دولت، وأنا أسأله: هل كان المضارع يسلب الماضي حضوره، أم العكس؟ لأنه في العمل القصصي الزمن الحقيقي للأفعال يعزز الزمن للقصة.

الشاعر باسم محيسن كانت له قصيدة قال فيها
أردتك دوما يا حبيبي
أن تغني
أردت سحرك أن يلاعبني
والنجوم البيض
تغمرني بكاء
تبحر في خطايا الروح
وفي ارتعاش النبض
في عمري
وفي ظني
أردتك أن تسافري في حقيبتي
أن تتسللي إلى ولايتي
أريجا من عطور
فالروح تحمل كبريائي
وتحمل كبرياء الشعر في لغتي
أسرار فني
أن تأتي إلى إمارتي
إلى غزة
أن تبرهني ولكل
صديقاتك
عن جسارة
في العبور
عن مهارة
في شطب
بنود الدستور
فلا دستور عندي
سوى فني
سوى نبضي المسافر في
في الغيوم
و في البحور
ولا بنود عندي سوى
قلبي
وترنيمات شعري
وأغنياتي للطيور

بعدها تطرق الأستاذ عبد الله للحديث عن واقعة قد تكون فيها إجابة لما طرحه الأستاذ صالح عابد فقال: في العام 1995 أردت أن أنتج قصة تكون مختلفة عن القصص السابقة، وأكون أتيت بشيء جديد، عكفت على كتابتها ثلاث سنوات، كنت مهموما في توظيف الفعل المضارع.
بعد أن أنجزتها دفعت بها لصديق ليقرأها ويعطيني رأيه بها قبل طباعتها، جلست وإياه لمناقشتها، أثنى عليها في نقاط عديدة، وأنا أقول له: ليس هذا ما أود أن أسمع رأيك فيه، تحدث وناقش ولكن لم يقترب من موضوع الأفعال من قريب أو بعيد، وهذا يدل على أن كل مثقف وأديب وقارئ أو كاتب للعمل الأدبي له رؤية وقراءة تختلف عن الآخر، وكل قراءة للنص هي نص جديد، قد نستكشف أشياء لم يكن الكاتب قد التفت له، ويؤكد ما قاله الأديب الكبير الأستاذ غريب: إن حجم التجربة، وحجم المعاناة يجعلك تأتي بما لم تفكر به، وسيكتشفه الناقد، وقد لا يستكشفه، لأن لكلّ قراءته الخاصة به.
وكما ذكرت سابقا لو أردنا دراسة الأفعال عند دولت فإن ذلك يحتاج لحلقة خاصة.
اختتمت دولت اللقاء بقراءة قصة: الـظّـل و َالسّـوْط
مازال هناك.. يتربص بعينيه الحمراوتين خيالي.. ظلي الذي أسحبه بلا جدوى ,أدعو عليه بالقصر و الموت على أن يلمس الجسد الآخر المتنفس بشراسة الظلم ,أيها الباكي في الزنزانة المنفردة ,أما أطلّ عليك إيكاروس , عندما يطل خذ منه شموع جناحيه , انهبها أنت الآخر من تراث القسوة..لنُرِحْه من عناء الخسارة و السقوط كنقطة في بحر جاف ثم ألقي لي واحدا من صحوة. يخيل إليّ أن هذا المدبب سيهب من زاويته الحادة ليقتلع ما في نفسي من خواطر..لا تخصّه..صدّقني إنها تخصّني.. تخصّ فاجعتي ووجعي..أًغلق رأسي بين قدمي..أحشو أذني بشعر رأسي الطويل.. (سادتي يا سادتي أغلقوا وجوهكم بالدهشة والصمت..لن نكلفكم عناء المشاهد)
صه..لا تفكر..لا تناج..لا تسمع..احلم بموت لذيذ.. حنون, ينقذك من المكان الموحش, ألم أقل لك أيها المسبل على قائمة انتظار العدالة أن تلقٍِِِ بشباكك المنسوجة بصبر المتصوفين إلي..أرجوك..دعني أستمتع باصطياد ذاك الرابض غولا.. يسـمّنني.. يغذيني بالذل.. والقهر.. يكسر فسيفساء روحي..ليقتات بي زهوا ,أنمو فيه جبروت سلطة..أثمر داخله حقارة حشرة تتضخم مروّعة ً البشر ,لعنة الله على ظلي الغبي..إنه يودي بي إلى جهنم.. يستطيل من ضوء بارد لا أدري من أين يأتي , ليتهم يقتلون كل الأضواء, علـّني أبقى وحيدا بلا رؤية.. وكيف لي أن أعيد المغامرة و تجربتي الملتوية - في الحياة السوية - التي تتناقض مع مفهوم الاتزان والعقلانية , من قال أن المغامرة لا تبدأ بقرار متهور قد ينجح أو يفشل لينهار كل شيء أمام مجتمع فقد القدرة على الرفض و الإجماع..ليكون الإنسان فيه نقيض أبتر لا يمكنه أن يفعل أكثر من التبول في فراشه حين تداهمه فكرة اللا مغفرة..أو يحلم بصرخة أخرى غير تلك التي أطلقها عند ولادته.
الحمد لله..أخيرا حلت الظلمة.. راحة نفسي كبيرة..أغفو مع أحلام مصرّح بها رسميا, ما الضير بكوب ماء لا يحتوي على جراثيم العالم الثالث ينساب إلى قديد جوفي..أو أغفو على لوح خشب.. يفرد جسدي المشلول بانثناءات قصرية تتناسب وشكل الرقعة أرضى بلوح المغْـتـَسَـل , وتدليك رقيق من يدي الحانوتي , بعد أن صرت مربع متوائم مع فضاء يتسع لكلب لا ينبح..هَـــوْ... هَـــوْ.. أعض على بسمتي المرتعشة التي تهرب فجأة ناعتة شخصي بأقبح الصفات..أنا المسكين المرتجف من هدير الكائن هناك..صدقني يا سيدي أنا مجرد ظلٌ لإنسان فانْ..أنا مجرد فكرة بإمكانك قتلها وقطع لسانها.. و شيّها على نار هادئة.. فقط خذ المبادرة لإنهاء مسرحي..إعدامي عليه..اهدأ.. إذا كان هذا لا يروقك يا سيد التاريخ.. مازال أمامنا الكثير لنتقاسمه نحن الأبرياء.
عنكَ..هاتِ عنكَ يا سيزيف.. ولو لمرة..اقذف صخرتك المقدسة على بعضي.. ودمائي ستنجيك من محاولة أخرى يائسة لأني سأطرد لعنة العذاب للأبد.. فجر على منحدرك الوعر لحمي.. قصة الثورة التي تنطفئ وتقلع عيون الخارجين عن القانون , وما الجدوى..ماذا قلت ؟ لماذا أنا هنا..أي مصيبة اقترفت ؟قتلت.. سلبت..حرقت.. تآمرت.. المحقق جزم بأني متورط , بينما أجزم أني شبه فقدت ذاكرتي ,وما يصلها من إشـارات يدعوني للتأكيد على استحقاقي لكل هذا..أنا مغضوب الوالدين..لم أبرّ بهما.. ألحقت عار الحقيقة بشيبتهما.. مرغت وجهيهما الحبيبين في علقم أنانيتي.. مضيت أحرر العالم..أحمق لم ينضم إلى صفوفه إلا الخونة الذين أوقعوه في شر أعماله.. أنا لست بالثائر..أنا ظل لإنسان فان.
يزمجر الرابض قبالتي في ذكرياتي.. يزجر هلوستي.. يهب لتأديبي من جديد بحديد كاوي..على بطيختي..على رغيف وجهي.. على درع رئتاي المثقوبتان بالحمى ,ما أجمل أن يغمى علي في خضم التعذيب..إنها النعمة التي أستحق لتحمل المزيد..إذا لم أمت يا ربي..أوعز عبادك الصالحين لقتلي.. ليفقدوني عقلي إلا ما لانهاية , فلن أشعر بعدها بذنوبي.. تبور خطاياي ,و ما لفائدة من البقاء حيا إلا إذا كنت فأر تجارب من الرتبة الأولى.. باختبار أنجع طرق التعذيب ,وأفعل الأدوية الكيمائية المركبة , ومدى تأثير الطعومات المبتكرة على الفيروسات المحقونة في جسدي ,إذن لم عناء العزل إن لم أكن فأر تجارب.. من قال أن المشنقة والمقصلة والرصاص و البوتاسيوم ليس عدلا إنسانيا..إذا لم يكن الموت حق فهل الإهانة والذل وعذاب السعير و اجتراع الآداب الحيوانية بكل الرضا حق , يأتي الصوت الأجش كالخناجر المسمومة : - يا خنزير كفاك ثرثرة و إلا شطبت فمك من أذنك إلى الأخرى وأسلت دماغك من ثقب في حلقك المهووس بالحقوق.
و أسلت أفكاري مع فضلاتي حين عقد الخوف مساماتي ,فلم تعد شعيرات بدني إلى مكانها الطبيعي يوما.. بل ظلت إبرا تنخز اتكاءاتي المحصورة في مربعي اللعين.. أرتعب من التفكير العابر بمغادرته ,لألا ينقض عليّ المجتر.. المتسلط.. فيمزقني.. بادئا من جديد معاناة الجراح التي ترقى لمستوى الذبيحة الحلال...
أسأل نفسي تكرارا.. متى يستطيع الإنسان غض النظر عن ألم الجراح في غياب المسكنات.. المورفينات.. والمميتات في نهارات تتجسد بأوقات استفاقتي.. وليل يحسب بوقت نومي ألكابوسي..أعرف الثانية وجزء الثانية من دقات قلبي والكارثة تداهمني حين يتوقف النبض أو يبطئ أو يسرع لأبدأ العد من جديد في حساب الزمن , محنط بحاجة لمن يكتشف جثتي المتشرنقة.. لمن يباغت ملحمتي..
اسأل نفسي تكرارا...هل مازال الكون رحبا..أم أنه ضاق حتى صار بحجم زنزانتي.. والناس هل يمشون حين يريدون.. يتكلمون.. يرفضون أم أن الأقفاص زخرت بهم .
فكّاي المنتفخان من الورم يثقلان جمجمتي..أبلل فتات الخبز بالماء ليمرق إلى جوفي بأيسر ما يمكن.. دون أن أزعج الكتل الزرقاء والخضراء والمسامير والدمامل وبقايا أعقاب السجائر التي تمنحني النيكوتين كسر من أسرار الخلود....آواه..آه يا أنكيدو.. وما الفائدة من معرفة أسرار الخلود إذا كانت لا تستطيع حماية قوافيك المحطمة, يا قراصنة المدائن..لا تتاجروا بنبذ روحي.. لا تقامروا بحصتي في الوجود..تشتهون الحرب الطازجة.. وقطاف الفاكهة.. فاكهة من لحم المتعبين في دائرة حفاري القبور من الطراز الفاخر , أتضور قلقا لنحول الجبال التي تحدّني..أتقيء عبثا روائح عبقة بالزحام , مغموسة برشاوى غبية لا تورق إلا أرضا نائية وبعض الصامتين كصمت المقابر..الطيّعين كموتى يتلذذون بالرثاء , لنعود يا رفاقي في الزنزانات إلى أعمالنا.. نستيقظ كمحاربين أثخنتهم الجراح وجعلوا هزيمتهم دودة..دودة...أنا الدودة.
منذ فترة مجهولة لم أر حارسا من أولئك الذين يملكون فتحة خاوية عند صدورهم.. وأقراص صلبة في جباههم مبرمجة بتعليمات محددة..صارمة..إنهم نتاج التكنولوجيا المتطورة ,لعل فيروس من فيروساتي الكامنة جعلهم يُضَيّعوا خريطة السرداب المؤدي إلى الهياكل العظمية في رمقها الأخير.. لكن..لحظة..ألتقط شيء غريب..أصوات غاضبة.. طرقات رهيبة.. مريعة في صمت البؤرة.. البوابات تفتح..أضواء غريبة تنتزع من العتمة كبريائها.. أصوات تنادي كالشارات الضوئية : - أَُخرج..أيها الغبي.. أخرج. أراقب الكائن المتربص بي..أطمئنه أنني لن أستمع لغواية المعتوهين , وقد تخليت عن نزقي وطيشي حتى رضيت الأرض وما فيها عني , كوني لا أزعج أحد بخطواتي ولا بترّهاتي ,لكن الصوت مازال يغلق أذني بالصمم..أُخرج..أُخرج... يقترب الضوء والصوت من فوهة احتضاري..تتراقص القضبان الحديدية أمام خياراتي المنتهية..أتأمل رفيق دربي الظالم في سجني..أعتذر منه : -لا تغضب من الكفرة..المشركين.. و من ظلي المتمدد. اصمتوا أيها الأغبياء.. الفقراء.. المعذبين.. توقفوا..لا تزعجوا سيدي الراقد , إلا أن سيدي لم يكن حاضرا بكل أُبّهتِه حين انقشع آخر خيط للظلمة.. فتحت عيوني بأصابعي المتخمة بروماتيزم التعفن.. ناجيت سريرتي.. هل هذا ما كان يحدق بي طيلة عهود من الزمن... سـوطٌ غبي أحمق.. معلق في زاوية سجني يقطر دما ,الأصوات تصرخ..أُخرج.. وأنا أبكي لوحدي بعد أن نسيت مصطلح الدموع.. ووحدي لم أستطع إلا أن أرحل عن صمتي الهزلي و أقول لهم : - أنـا مـجـرد ظـلٌ لإنـسـان فـانْ..لا تـكـتـرثـوا لبكائه...
........ ولـم أَخـــــرج.
رفعت الأستاذة فتحية الجلسة على أن يتواصل اللقاء على أدب وثقافة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد الهاشمي
مدير عام
مدير عام
أحمد الهاشمي


عدد المساهمات : 10896
نقاط : 13569
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 03/04/2010

صالون نون الأدبي ومذاقات امرأة الشتات Empty
مُساهمةموضوع: رد: صالون نون الأدبي ومذاقات امرأة الشتات   صالون نون الأدبي ومذاقات امرأة الشتات Icon_minitimeالأربعاء 20 فبراير 2013 - 19:07

ماشاء الله تبارك الله

استاذة فتحية

جزاكم الله خيرا

وحفظكم ورعاكم

ولكم خالص تحياتي

وبساتين الورد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
صالون نون الأدبي ومذاقات امرأة الشتات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صالون نون الأدبي وطموح امرأة مبدعة
» في صالون نون الأدبي مادلين كلاب امرأة تتحدى الموج
» في صالون نون الأدبي الدكتور معاذ الحنفي من أقبية السجون إلى مرافئ النقد الأدبي
» صالون نون الأدبي يناقش موضوع الإبداع الأدبي والحرب
» صالون نون الأدبي يناقش موضوع الإبداع الأدبي والحرب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
واحة الأرواح  :: الأقسام الأدبية :: واحة المقهى الادبي-
انتقل الى: