| |
قرأت هذا المقال وأعجبنى وودت نقله لكم لأنه يلمس قلب كل عربى مسلم | |
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
مازالت غزة تعلمنا كيف نحيا!! | |
وأنا أجلس مع عائلتي أمام التلفاز نشاهد ونسمع ما يقوله المتضامنون مع غزة في أسطول الحرية والملحمة البطولية التي سطرّوها في وجه برابرة العصر، لفت انتباهي ذلك الشيخ الثمانيني، أكبر من شارك في أسطول فك الحصار الذي قال لحظة وصوله الأردن، معبّراً عن إصراره على مواجهة صلف الصهاينة : (سوف نعود! سوف نعود!).
تنهدت وأنا أقول لزوجتي وأطفالي: كم من المعيب أن يكون هذا الثمانيني مع أسطول الحرية ويتخلف أربعيني مثلي!!
رمقتني زوجتي بنظرة استغراب ولم تتحدث لكني قرأت في نظرتها سؤالاً يقول: ماذا تخرّف وبماذا تهذي؟ معها حق فما قلته ليس سوى أمنية يطلقها مترف آثر السلامة وأخلد إلى الأرض. وأما نهضة الأمم فلا تقوم على الأمنيات بل تحتاج لإيمان يقر في القلب ويصدّقه العمل، ودونها تجرّع العلقم وتجاوز لعقبات كأداء.
ابني ذو الثمانية أعوام لا يدرك مغزى نظرة أمه لي ولا يعرف تلك العقبات التي دارت في خلدي إنما يعرف شيئاً واحداً، هو أن أهلنا في غزة دون كهرباء ودون دواء وغذاء وأنهم يعيشون في خيام وهذا ببساطة يستدعي أن نفعل شيئاً، وبتلقائية وبراءة سألني: هل فعلا تريد الذهاب مع أسطول الحرية يا أبي؟
أجبته بدعاء (أسأل الله يا بني أن نكون معهم.) وضعت يدي على كتفه وذكرتني بساطة سؤاله ببراءة وفاعلية موقفه هو وتوأمه عندما أصرّا على إرسال بعضاً من ألعابهما لأطفال غزة أثناء العدوان الصهيوني على غزة في شتاء سنة 2008، وهي ذات البراءة الفاعلة التي حملت أخوهما الأكبر أن يصنع حصالة غزة ويطوف بها بيوت الجيران ويأخذها إلى مدرسته ليجمع المال من أجل أهل غزة ثم يرفق المال برسالة لأهل غزة يحمّلها لمندوب النقابات المهنية التي جمعت المساعدات المادية والعينية لأهل غزة في معركة الفرقان الثانية، وفي رسالته الطفولية طالب أهل غزة بالصبر فهو قادم لنصرتهم وأطلعهم على خطته بأنه سيدعو المسلمين في سائر الأقطار عبر القنوات الفضائية إلى الجهاد وعند اجتماع جموع المجاهدين سيأتي من فوره لنصرة أهل فلسطين ودحر عدوهم.
أحداث أسطول الحرية الأخيرة التي أيقظت ضمير العالم لم تكن لولا غزة المحاصرة، ولولا غزة المرابطة على الثغر، ولولا غزة المدافعة حصرياً عن كرامة الأمة، إذاً هي غزة تردنا إلى صوابنا مرة أخرى، بعد أن أحيتنا في معركة الفرقان الثانية التي كنت أنظر إلى انعكاسها علينا فأجد روحاً وثابة تسري في مجالسنا وشوارعنا وبيوتنا وكنت أرى في أسرتي أثراً من تلك الروح، فبعد صلاة العشاء أقف لأصلي ركعات أختمها بدعاء القنوت لنصرة أهلنا في غزة لأجد العائلة بكبيرها وصغيرها مصطفٌ خلفي فوالدتي على مرضٍٍ مزمنٍ في قدمها تأبي الأخذ برخصة الجلوس في صلاة النافلة، وابني ذو العاشرة يصرّ على استكمال كل الركعات ليشهد دعاء القنوت، وخادمتنا الأندونيسية التي أضناها العمل المنزلي تصرّ على الصلاة والبكاء من أجل أهل غزة، وابن أخي الطالب الجامعي يترك هواياته واهتماماته ويصلي إلى جواري ويؤكد عليّ أن أوقظه ليشهد صلاة الفجر في المسجد.
أثناء انصباب فوسفور الحقد الصهيوني على غزة كان شهداؤها يصعدون أحياء إلى ربهم ولا ينقطع عملهم على الأرض بل تمتزج أرواحهم لتعود إلى الأرض روحا واحدة تسري في أمة الإسلام فتوقظها وتذكرها بأن النصر ممكن إذا عادت إلى رحاب ربها واعتزت بنبيها ودينها. والآن هذه الروح توقظ العالم ليفيق من تخدير اليهود ويصحو من كابوس زمن إفسادهم.