واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

واحة الأرواح

أحمد الهاشمي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولeahmea@yahoo.com

 

 ابن فارس

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

ابن فارس Empty
مُساهمةموضوع: ابن فارس   ابن فارس Icon_minitimeالسبت 5 يونيو 2010 - 12:50


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]











ابن فارس











الأربعاء, 02 مايو 2007
نسبه وموطنه:

هو أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب، أبو الحسين، الرازي،
القزويني، المعروف بالرازي، المالكي، اللغوي، صاحب "المجمل" في اللغة.


وقد ادّعى ابن الجوزي في "المنتظم" أن اسمه: أحمد بن زكريا بن فارس،
ولكن هذه التسمية وذلك القول - بحسب تعبير ياقوت في رده على ابن الجوزي -
لا يعاجّ به.


وفي تاريخ ولادته فلم نجد أيا من كتب التراجم - على كثرة تلك التي ترجمت
له - ذكرت أو عينت تاريخا لذلك.


وفي موطنه فقد ذكر الذهبي في تاريخه وفي سيره أنه ولد بقزوين ونشأ
بهمذان، فهو نزيل همذان، وكان أكثر مقامه بالري، وقد نسب إليها، وذكر ذلك
أيضا ابن تغري بردي في "النجوم الزاهرة"، والرافعي في "التدوين في أخبار
قزوين"، وقال (الرافعي): "وله بقزوين في الجامع صندوق فيها كتب من وقفه،
سنة إحدى وستين وثلاثمائة".


إلا أن ياقوت ذهب إلى غير ذلك حين قال في معجمه: "وجدت على نسخة قديمة
بكتاب المجمل، من تصنيف ابن فارس ما صورته: تأليف الشيخ أبي الحسين، أحمد
بن فارس بن زكريا الزهراوي، الأستاذ خرزي، واختلفوا في وطنه، فقيل: كان من
رستاق الزهراء، من القرية المعروفة بكرسفة وجياناباذ، وقد حضرت القريتين
مراراً، ولا خلاف أنه قروي. حدثني والدي محمد بن أحمد، وكان من جملة حاضري
مجالسه، قال: أتاه آت فسأله عن وطنه، فقال: كرسف، قال فتمثل الشيخ:


بلاد بها شُدّت على تمائمي ... وأول أرض مس جلدي ترابها


وكتبه مجمع بن محمد، بن أحمد بخطه، في شهر ربيع الأول، سنة ست وأربعين
وأربعمائة".


ولعل كثرة تنقلات أبي الحسين بن فارس في بلاد شتى - على نحو ما سيأتي -
هو ما جعل هذا الخلاف قائما في عدم معرفة وطنه الأول على وجه الدقة، وإن
كنا نراه كما ذكرناه أولا من أنه ولد في بقزوين ونشأ بهمذان، وكان أكثر
مقامه بالري، وإلى ذلك ذهبت أكثر كتب التراجم.


نشأته ومذهبه وصفاته:

رغم أنه ولد بقزوين إلا أن ابن فارس كان قد استقر به المقام بعض
الشيء في همذان، وفي ذلك يقول ابن خلكان: "وكان مقيماً بهمذان،
وعليه اشتغل بديع الزمان الهمذاني - كما سيأتي في موضعه - صاحب المقامات".


وإنه لما اشتهر أمره بهمذان وذاع صيته بها، استدعي منها إلى بلاط آل
بويه بمدينة الري، ليقرأ عليه أبو طالب بن فخر الدَّولة علي بن ركن
الدَّولة الحسن بن بويه الدَّيلمي، فسكنها، وحصل بهما مالاً، وبرع ذلك
الأمير في الأدب.


وهناك وفي مدينة الري التقى بالصاحب إسماعيل بن عباد (هامش: هو أبو
القاسم إسماعيل بن عباد بن العباس بن عباد، أول من لقب بالصاحب من الوزراء،
وذلك لأنه كان يصحب أبا الفضل بن العميد، فقيل له: "صاحب ابن العميد"، ثم
أطلق عليه هذا اللقب لما تولى الوزارة، وبقي علماً عليه، وقيل: إنما سمي
الصاحب لأنه صحب مؤيد الدولة أبا منصور بويه بن ركن الدولة بن بويه
الديلمي، وتولى وزارته بعد أبي الفتح علي بن أبي الفضل بن العميد، فلما
توفي مؤيد الدولة في سنة 373 بجرجان استولى على مملكته أخوه فخر الدين أبو
الحسن علي، فأقر الصاحب على وزارته، توفي سنة 385 بالري)، والذي كان يبغي
صلته وهو بمدينة همذان، حتى لقد أنفذ إليه منها كتاباً من تأليفه، هو "كتاب
الحجر"، والذي لم تطب به نفس الصاحب فقال: رد الحجر من حيث جاءك، ثم أيضا
لم تطب نفسه بتركه فنظر فيه، وأمر له بصلة، وكان سبب ذلك هو انتساب ابن
فارس إلى خدمة آل العميد، وتعصبه لهم.


ثم إن الصاحب في هذه الآونة كان قد زال ما بينه وبين ابن فارس من
انحراف، واصطفاه حينئذ، وأخذ عنه الأدب، واعترف له بالأستاذية والفضل، وكان
يقول فيه: "شيخنا أبو الحسين ممن رزق حسن التصنيف، وأمن فيه من التصحيف".


وبعد أن استوطن الري كان أن انتقل ابن فارس من مذهب الإمام الشافعي إلى
مذهب الإمام مالك في الفقه، وذلك في آخر عمره، وحين سُئل عن ذلك أجاب:
"أخذتني الحمية لهذا الإمام المقبول على جميع الألسنة أن يخلو مثل هذا
البلد عن مذهبه؛ فإن الري أجمع البلاد للمقالات والاختلاف".


وإلى جانب ذلك فقد كان ابن فارس يرى نحو الكوفة وكان يقول: "ما رأيت مثل
أبي عبد الله أحمد بن طاهر المنجم ولا رأى هو مثل نفسه".


وعن صفاته الخُلُقية، فقد غلب على ابن فارس صفة الكرم والجود، لدرجة أن
لا يبقي معه شيئاً، وربما سئل فيهب ثياب جسمه وفرش بيته، قال سعد بن علي
الزنجاجي: "وكان ابن فارس من الأجواد، حتى أنه يهب ثيابه وفرش بيته".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

ابن فارس Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابن فارس   ابن فارس Icon_minitimeالسبت 5 يونيو 2010 - 12:51

شيوخه:
من أبرز من تعلم منهم وأخذ عنهم ابن فارس كان أبوه فارس بن زكريا،
فقد كان عالماً بفنون العلوم، وروى عنه الأئمة، وقد مات ببغداد سنة تسع
وستين وثلاثمائة، وكان ابن فارس يحدث عنه، وكان من ذلك أنه قال: سمعت أبي
يقول: حججت فلقيت ناساً من هذيل، فجاريتهم ذكر شعرائهم، فما عرفوا أحداً
منهم، ولكني رأيت أمثل الجماعة رجلاً فصيحاً وأنشدني:
إذا لم تحظ في أرض فدعها ... وحث اليعملات على وجاها
ولا يغررك حظ أخيك فيها ... إذا صفرت يمينك من جداها
ونفسك فز بها إن خفت ضيماً ... وخلا لدار تنعى من بكاها
فإنك واجد أرضاً بأرض ... ولست بواجد نفساً سواها
وحين رحل ابن فارس إلى قزوين سمع أيضا أبا الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة
القطان، الأوحد في العلوم، وقد أكثر ابن فارس من الرواية عنه في كتابه
"الصاحبي"، ونص في مقدمة "المقاييس" أنه قرأ عليه كتاب العين المنسوب إلى
الخليل، وأيضا سمع علي بن محمد بن مهرويه، وسليمان بن يزيد الفامي
القزوينيين.
وكان من شيوخه أيضا عبد الرحمن الجلاب، وأحمد بن حميد الهمذانيين، وأبي
الحسن علي بن عبد العزيز صاحب أبي عبيد القاسم ابن سلام، وقد روى عنه ابن
فارس كتابَيْ أبي عبيد: غريب الحديث، ومصنف الغريب، كما نص في المقدّمة.
وقد رحل إلى زنجان فأخذ عن أبي بكر أحمد بن الحسن الخطيب راوية ثعلب،
ورحل أيضا إلى أبي عبد الله أحمد بن طاهر المنجم، وكان يقول فيه: "ما رأيت
مثل أبي عبد الله أحمد بن طاهر المنجم ولا رأى هو مثل نفسه".
وقد رحل ابن فارس أيضا إلى بغداد طلبا للحديث، وفي ذلك يقول عن نفسه:
دخلت بغداد طالباً للحديث، فحضرت مجلس بعض أصحاب الحديث وليست معي قارورة،
فرأيت شاباً عليه سمة جمال، فاستأذنته في كتب الحديث من قارورته، فقال: من
انبسط إلى الإخوان بالاستئذان، فقد استحق الحرمان.
وكان من شيوخه كذلك أبي بكر محمد بن أحمد الأصفهاني، وعلي بن أحمد
الساوي، وأبو القاسم سلمان بن أحمد الطبراني، وعلي بن عمر الصيدناني، ومما
سمعه منه كتاب مكة لأبي الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي، بسماعه
من عبيد بن محمد بن إبراهيم الكشوري الأزرقي.

تلاميذه:
في وصف بليغ لابن فارس قال الذهبي: "وكان رأسا في الأدب... وتخرج
به أئمة"
. فمن أشهر هؤلاء الذين تخرجوا به أديب همذان المعروف بديع
الزمان الهمذاني، صاحب المقامات المتقدمة على مقامات الحريري، وذلك حين كان
ابن فارس في همذان، حتى إن الثعالبي ذكر في ترجمة بديع الزمان ما نصه:
"... وقد درس على أبي الحسين بن فارس وأخذ عنه جميع ما عنده واستفد علمه
واستنزف بحره".
وكان ممن تتلمذ أيضا على ابن فارس أبو طالب بن فخر الدَّولة البويهي،
والصاحب إسماعيل بن عباد، وذلك حين انتقل إلى الري مقيما بها كما أسلفنا
القول، وكان يكرمه ذلك الأخير ويقول: "شيخنا أبو الحسين، ممن رزق حسن
التصنيف وأمن فيه من التصحيف".
وقد روى عنه أيضاً أبو سهل بن زيرك، وأبو منصور بن عيسى الصوفي، وحمزة
بن يوسف السهمي الجرجاني، والقاضي أبو عبد الله الحسين بن علي الصميري،
وأبو منصور بن المحتسب، أبو ذر الهروي، والقاضي أبو زرعة روح بن محمد
الرازي، وأبو العباس الغضبان، والقاضي أبو عبد الله الديباجي، وعلي بن
القاسم الخياط المقرئ، وقد قرأ عليه كتابه "أوجز السير لخير البشر".

ابن فارس الشاعر الأديب:
يقول الذهبي: "وكان (ابن فارس) رأسا في الأدب... جمع إتقان العلم
إلى ظرف أهل الكتابة والشعر".
ويقول القاضي عياض: "وكان أديباً شاعراً مجيداً في ذلك، وقد ذكره أبو
منصور الثعالبي في يتيمته في جملة شعراء أهل الجبل من كتابه".
وفي ذلك أيضا يقول الشيخ عبد السلام هارون: "لم يكن ابن فارس من العلماء
الذين ينْزَوُون على أنفسهم ويكتفون بمجالس العلم والتعليم، بل كان متصلاً
بالحياة أكمل اتصال، مادّاً بسببه إلى نواحٍ شتى منها، فهو شاعر يقول
الشعر ويرقّ فيه، حتى لَينمّ شعره عن ظَرفه وحسن تأتِّيهِ في الصنعة على
طريقة شعراء دهره".
ومما جاء في شعره قوله:
يا ليت لي ألف دينار موجّهة ... وإن حظي منها فلس إفلاس
قالوا: فما لك منها؟ قلت: يخدمني ... لها ومن أجلها الحمقى من الناس
وأيضا:
قيل لي: اختر فقلت ذا هيفٍ ... بي من وصالي وصده برح
بدرٌ مليح القوام معتدلٌ ... قفاه وجهٌ ووجهه ربح
وقد قال ناصحا:
اسمع مقالة ناصحٍ ... جمع النصيحة والمقه
إياك واحذر أن تكو ... ن من الثقات على ثقه
وقال متهكما يتغزل:
مرت بنا هيفاء مجدولة ... تركيةٌ تعزى لتركي
ترنو بطرف فاتنٍ فاترٍ ... أضعف من حجة نحويّ
وقال يخاطب طلاب العلم:
إذا كان يؤذيك حر الصيف ... وكرب الخريف وبرد الشتا
ويلهيك حسن زمان الربيع ... فأخذك العلم قل لي متى؟
وله أيضاً:
وصاحب لي أتاني يستشير وقد ... أراد في جنبات الأرض مضطرباً
قلت اطلب أي شيء شئت واسع ورد ... منه الموارد إلا العلم والأديبا
وله أيضاً:
عتبت عليه حين ساء صنيعه ... وآليت لا أمسيت طوع يديه
فلما خبرت الناس خبر مجرب ... ولم أر خيراً منه عدت إليه
وله أيضاً:
تلبس لباس الرضا بالقضا ... وخل الأمور لمن يملك
تقدر أنت وجاري القضا ... ء مما تقدره يضحك
وقد أنشد يتحدث عن نفسه:
وقالوا كيف حالك؟ قلت خير ... تقضى حاجة وتفوت حاج
إذا ازدحمت هموم الصدر قلنا ... عسى يوماً يكون لها إفراج
نديمي هرتي وشفاء نفسي ... دفاتري لي ومعشوقي السراج
ومن شعره في همذان:
سقى همذان الغيث لست بقائل ... سوى ذا وفي الأحشاء نار تضرم
وما لي لا أصفي الدعاء لبلدة ... أفدت بها نسيان ما كنت أعلم
نسيت الذي أحسنته غير أنني ... مدين وما في جوف بيتي درهم
وقد أنشد له أبو الريحان البيروني في كتاب "الآثار الباقية عن القرون
الخالية":
قد قال فيما مضى حكيم ... ما المرء إلا بأصغريه
فقلت قول امرئ لبيبٍ ... ما المرء إلا بدرهميه
من لم يكن مَعْهُ درهماه ... لم تلتفت عِرسُه إليه
وكان من ذُلّهِ حقيرا ... تبول سِنَّورُه عليه
هذا وقد قال الصفدي: "وكان ابن فارس بالجبل نظير ابن لنكك بالعراق، جمع
إتقان العلماء الظرفاء والكتاب الشعراء"، ومثل ذلك أيضا قاله الذهبي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

ابن فارس Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابن فارس   ابن فارس Icon_minitimeالسبت 5 يونيو 2010 - 12:51

استعمال الشعر في تقييد مسائل اللغة:
يقول الشيخ عبد السلام هارون: "ولعلّ ابن فارس من أقدم من استعمل
أسلوب الشعر في تقييد مسائل اللغة والعربية"، وإن ذلك ليظهر بوضوح في قول
ياقوت: "قرأت بخط الشيخ أبي الحسن، علي بن عبد الرحيم السلمي، وجدت بخط ابن
فارس على وجه المجمل والأبيات له، ثم قرأتها على سعد الخير الأنصاري،
وأخبرني أنه سمعها من ابن شيخه أبي زكريا، عن سليمان بن أيوب، عن ابن فارس:
يا دار سعدى بذات الضال من غضم ... سقاك صوب حياً من واكف العين
العين: سحاب ينشأ من قبل القبلة.
إني لأذكر أياماً بها ولنا ... في كل إصباح يوم قرة العين
العين ههنا: عين الإنسان وغيره.
تدني معشقة منا معتقة ... تشجها عذبة من نابع العين
العين ههنا: ما ينبع منه الماء.
إذا تمززها شيخ به طرق ... سرت بقوتها في الساق والعين
العين ههنا: عين الركبة، والطرق: ضعف الركبتين.
والزق ملآن من ماء السرور فلا ... تخشى توله ما فيه من العين
العين ههنا: ثقب يكون في المزادة، وتوله الماء: أن يتسرب.
وغاب عذالنا عنا فلا كدر ... في عيشنا من رقيب السوء والعين
العين ههنا: الرقيب.
يقسم الود فيما بيننا قسماً ... ميزان صدق بلا بخس ولا عين
العين ههنا: العين في الميزان.
وفائض المال يغنينا بحاضره ... فنكتفي من ثقيل الدين بالعين
العين ههنا: المال الناض.

رأيه في النقد:
يقول الشيخ عبد السلام هارون: "وابن فارس يلم أيضاً بالحياة الأدبية
في عصره، ولا يتزمّت كما يتزّمت كثير من اللغويين الذين ينصرفون عن إنتاج
معاصريهم ولا يقيمون له وزناً فهو يصغي إلى نشيدهم، ويروي لكثير منهم،
وينتصر للمحسن وينتصف له من المتعصبين الجامدين، الذين يزيفون شعر المحدثين
ويستسقطونه".
وإن ما يعبر عن هذا الاتجاه عنده هو رسالة مشهورة له، حسنة طويلة، كان
قد كتبها لأبي عمرو محمد بن سعيد الكاتب في شأن كتاب الحماسة، وفيها يظهر
بجلاء مذهبه النقدي وأسلوبه الفني وحسه الأدبي، يقول ابن فارس:
"ألهمك الله الرشاد، وأصحبك السداد، وجنّبك الخلاف، وحبب إليك الإنصاف،
وسبب دعائي بهذا لك إنكارك على أبي الحسن محمد بن علي العجلي تأليفه كتاباً
في الحماسة وإعظامك ذلك، ولعله لو فعل حتى يُصيبَ الغرض الذي يريده، ويرد
المنهل الذي يؤمُّه، لاستدركَ من جيّد الشعر ونقيِّه، ومختاره ورضيّه،
كثيراً مما فات المؤلّف الأول، فماذا الإنكار؟ ولمَه هذا الاعتراضُ؟ ومن ذا
حَظَر على المتأخّر مضادَّة المتقدِّم؟ ولمَه تأخذ بقوله من قال: ما ترك
الأول للآخر شيئا، وتدع قول الآخر: كم ترك الأوّل للآخِر؟
وهل الدّنيا إلا أزمان، ولكل زمان منها رجال؟ وهل العلوم بعد الأصول
المحفوظة إلا خطرات الأوهام ونتائج العقول؟ ومن قصر الآداب على زمانٍ
معلوم، ووقفها على وقت محدود؟! ولمَه لا ينظر الآخر مثلما نظر الأوّل حتى
يؤلف مثل تأليفه، ويجمع مثل جمعه، ويرى في كل مثل رأيه؟
وما تقول لفقهاء زماننا إذا نزلت بهم من نوادر الأحكام نازلة لم تخطر
على بال من كان قبلهم؟ أوما علمت أن لكل قلب خاطراً، ولكل خاطر نتيجة؟ ولمه
جاز أن يقال بعد أبي تمام مثل شعره ولم يجز أن يؤلف مثلُ تأليفه؟ ولمه
حجرت واسعاً وحظرت مباحاً، وحرّمت حلالاً وسددتَ طريقا مسلوكاً؟
وهل حبيبٌ إلا واحد من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم؟ ولمه جاز أن
يُعارض الفقهاءُ في مؤلفاتهم، وأهل النحو في مصنفاتهم، والنظّار في
موضوعاتهم، وأرباب الصناعات في جميع صناعاتهم، ولم يجز معارضة أبي تمام في
كتاب شذ عنه في الأبواب التي شرعها فيه أمرٌ لا يدرك ولا يدرى قدره؟
ولو اقتصر الناس على كتب القدماء لضاع علم كثير، ولذهب أدب غزير، ولضلت
أفهام ثاقبة، ولكلَّت ألسن لسِنة، ولما توشّى أحد بالخطابة، ولا سلك شعباً
من شعاب البلاغة، ولمجت الأسماع كل مردود مكرر، وللفظت القلوب كل مرجّع
ممضَّغ، وحَتَّامَ لا يسأم:
لو كنتُ من مازن لم تستبح إبلي
وإلى متى
صَفحْنا عن بني ذهل؟
ولمه أنكرت على العجليّ معروفاً، واعترفت لحمزة بن الحسين ما أنكره على
أبي تمام، في زعمه أن في كتابه تكريراً وتصحيفاً، وإيطاءً وإقواءً، ونقلاً
لأبياتٍ عن أبوابها إلى أبوابٍ لا تليق بها ولاتصلح لها، إلى ما سوى ذلك من
روايات مدخولة، وأمور عليلة؟ ولمه رضيت لنا بغير الرضى؟ وهلا حثثت على
إثارة ما غيبته الدهور، وتجديد ما أخلقته الأيام، وتدوين ما نُتِجته خواطر
هذا الدّهر، وأفكار هذا العصر؟ على أن ذلك لو رامه رائم لأتعبه، ولو فعله
لقرأتَ ما لم ينحط عن درجة من قبله، مِن جدٍّ يروعك، وهزل يروقك، واستنباط
يعجبك، ومزاح يلهيك.
وكان بقزوين رجل معروف بأبي حامد الضرير القزويني، حضر طعاماً وإلى جنبه
رجل أكول، فأحسَّ أبو حامد بجودة أكله فقال:
وصاحب لي بطنه كالهاويه ... كأن في أمعائه معاويه
فانظر إلى وجازة هذا اللفظ، وجودة وقوع الأمعاء إلى جنبِ معاوية، وهل ضر
ذلك أن لم يقله حماد عجرد وأبو الشمقمق؟ وهل في إثبات ذلك عار على مثبته،
أو في تدوينه وصمة على مدوِّنه؟!
وبقزوين رجل يعرف بابن الرياشي القزويني، نظر إلى حاكم من حكامها من أهل
طبرستان مقبلاً، عليه عمامة سوداء وطيلسان أزرق، وقميص شديد البياض،
وخُفٌّ أحمر، وهو مع ذلك كله قصير، على برذون أبلقَ هزيل الخلق، طويل
الحلق، فقال حين نظر إليه:
وحاكمٍ جاء على أبلقِ ... كعَقْعَقٍ جاء على لقلقِ
فلو شهدت هذا الحاكم على فرسه لشهدت للشاعر بصحّة التشبيه وجودة
التمثيل، ولعلمت أنه لم يقصر عن قول بشار:
كأن مثار النقع فوق رؤوسهم ... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه
فما تقول لهذا؟ وهل يَحسن ظلمه، في إنكار إحسانه، وجحود تجويده؟
وأنشدني الأستاذ أبو علي محمد بن أحمد بن الفضل، لرجل بشيراز يعرف
بالهمذاني وهو اليوم حي يرزق، وقد عاتب بعض كتابها على حضوره طعاماً مرض
منه:
وُقيتَ الردى وصروفَ العلل ... ولا عَرَفت قدماك العللْ
شكا المرضَ المجدُ لما مرضـ ... ـتَ فلما نهضت سليماً أبلّ
لك الذنب لا عتب إلا عليك ... لماذا أكلت طعام السِّفَلْ
وأنشدني له في شاعر هو اليوم هناك يعرف بابن عمرو الأسدي، وقد رأيته
فرأيت صفة وافقت الموصوف:
وأصفر اللون أزرق الحدقه ... في كل ما يدعيه غير ثقه
كأنه مالك الحزين إذا ... همّ بزَرْقٍ وقد لوى عنقَه
إن قمتُ في هجوه بقافيةٍ ... فكل شعرٍ أقوله صدقَه
وأنشدني عبد الله بن شاذان القاري، ليوسف بن حمويه من أهل قزوين؛ ويعرفُ
بابن المنادي:
إذا ما جئتَ أحمد مستميحاً ... فلا يغرركَ منظرُه الأنيقُ
له لطف وليس لديه عرفُ ... كبارقةٍ تروق ولا تريق
فما يخشى العدو له وعيداً ... كما بالوعد لا يثق الصديق
وليوسفَ محاسن كثيرة، وهو القائل – ولعلك سمعت به:-
حجُّ مثلي زيارةُ الخمارِ ... واقتنائي العَقارَ شُربُ العُقارِ
ووقاري إذا توقر ذو الشَّيْـ ... بةِ وَسْطَ النديِّ تركُ الوقارِ
مـا أبالي إذا المدامةُ دامتْ ... عَذْلَ ناهٍ ولا شناعةَ جارِ
رُبّ ليلٍ كأنه فرعُ ليلى ... ما به كوكبٌ يلوح لساري
قد طويناه فوق خِشفٍ كحيلٍ ... أحورِ الطرفِ فاترٍ سَحّارِ
وعكفنا على المُدامة فيه ... فرأينا النهار في الظهر جاري
وهي مليحةٌ كما ترى، وفي ذكرها كلها تطويل، والإيجاز أمثل، وما أحسبك
ترى بتدوين هذا وما أشبهه بأساً.
ومدح رجلٌ بعض أمراء البصرة، ثم قال بعد ذلك وقد رأى توانياً في أمره،
قصيدةً يقول فيها كأنه يجيب سائلاً:
جوّدتَ شعرَك في الأميـ ... رِ فكيف أمرُك قلتُ فاترْ
فكيف تقول لهذا؟ ومن أي وجه تأتي فتظلمه؟ وبأي شيء تعانده فتدفعه عن
الإيجاز، والدلالة على المراد بأقصر لفظٍ وأوجز كلام؟ وأنت الذي أنشدتني:
سَدَّ الطريقَ على الزما ... نِ وقام في وجه القطوب
كما أنشدتَني لبعض شعراء الموصل:
فدَيتك ما شبت عن كُبرةٍ ... وهذي سِنِيَّ وهذا الحسابُ
ولكن هُجِرتُ فحَلَّ المشيبُ ... ولو قد وُصِلتُ لعاد الشبابُ
فلِمَ لم تخاصم هذين الرجلين في مزاحمتها فحولة الشعراء وشياطين الإنس،
ومَرَدة العالَم في الشعر؟ وأنشدني أبو عبد الله المغلسي المراغي لنفسه:
غداةَ تولت عِيسُهم فترحلوا ... بكيت على ترحالهم فعميتُ
فلا مقلتي أدّت حقوقَ وِدادهم ... ولا أنا عن عيني بذاك رضيتُ
وأنشدني أحمد بن بندار لهذا الذي قدمت ذكره، وهو اليوم حي يرزق:
زارني في الدُّجى فنمَّ عليه ... طيبُ أردانِه لدى الرقباءِ
والثريا كأنها كفُّ خَودٍ ... أُبرِزَت من غِلالةٍ زرقاءِ
وسمعت أبا الحسين السروجي يقول: كان عندنا طبيب يسمى النعمان، ويكنى أبا
المنذر، فقال فيه صديقٌ لي:
أقول لنعمانٍ وقد ساق طبُّه ... نفوساً نفيساتٍ إلى باطن الأرضِ
أبا منذر أفنيتَ فاستبقِ بعضَنا ... حنانيك بعضُ الشرِّ أهون من بعض

وإن مثل هذا الفصل الذي أورده الثعالبي في "يتيمة الدهر" ليظهر لنا مدى
اتصال أبي الحسين ابن فارس بالحركة الأدبية في عصره، وموقفه منها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

ابن فارس Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابن فارس   ابن فارس Icon_minitimeالسبت 5 يونيو 2010 - 12:52


ابن فارس اللغوي:
كان أهم ما غلب على ابن فارس واشتهر به - بخلاف ما سبق - هو تعمقه
في اللغة وإتقانه إياها، وإذا كان قد اشتهر من معاجم اللغة كتب مثل: العين،
والجمهرة، والصِّحاح، فإن "المجمل" لابن فارس لا يقل أهمية وشهرة
عنهم. يقول ابن خلكان: "كان (ابن فارس) إماماً في علوم شتى وخصوصاً اللغة،
فإنه أتقنها وألف كتاب "المجمل" فيها، جمع على اختصاره شيئاً كثيراً". وقال
سعد بن علي الزنجاجي: "كان أبو الحسين بن فارس من أئمة اللغة محتجاً به في
جميع الجهات غير منازع". وقد أورد الذهبي قول بعضهم: "كان إذا ذكرت اللغة
فهو صاحب مجملها، لا بل صاحبها المجمل لها".
وعن كتابه "المجمل" هذا فقد اهتم فيه بإيراد كل صحيح وواضح من
كلام العرب، مبتعدا عن الوحشي والمستنكر، يقول السيوطي في "المزهر" بعد أن
قام بسرد طائفة من كتب اللغة المشهورة: "وغالب هذه الكتب لم يلتزم فيها
مؤلفوها الصحيح، بل جمعوا فيها ما صح وغَيْرَه، وينبهون على ما لم يثبت
غالباً، وأول من التزم الصحيحَ مقتصراً عليه، الإمامُ أبو نصر إسماعيل بن
حماد الجوهري، ولهذا سمى كتابه "بالصِّحاح"".
ثم قال: "قد ذَكرنا الواضحَ من كلام العرب والصحيحَ منه، دون الوَحْشيّ
المُسْتَنْكر، ولم نألُ في اجتباءِ المشهور الدَّالِّ على غُرَر، وتفسير
حديث، أو شعر؛ والمقصودُ في كتابنا هذا من أوّله إلى آخره التقريبُ
والإبانةُ عما ائْتَلف من حروف العربية، فكان كلاماً، وذِكْرُ ما صحَّ من
ذلك سماعاً، أو من كتابٍ لا يشكُّ في صحَّةِ نَسَبه، لأنَّ مَنْ عَلِم أن
اللّه تعالى عند مَقَالِ كلِّ قائل فهو حَرِيٌّ بالتَّحَرُّج من تطويل
المؤلَّفات وتكثيرها، بمُسْتَنْكَرِ الأقاويل، وشنيع الحكايات، وبُنَيَّات
الطُّرُق؛ فقد كان يُقال: مَنْ تتبَّع غرائبَ الأحاديث كَذَب، ونحن نعوذ
باللّه من ذلك.
وقال في آخر المجمل: قد توخيت فيه الاختصار، وآثرت فيه الإيجاز، واقتصرت
على ما صح عندي سماعاً، ومن كتاب صحيح النسب مشهور، ولولا تَوَخِّي ما لم
أشكُك فيه من كلام العرب لوجدْت مقالاً".
على أن ابن فارس لم يقتصر على مثل تواليف من كان عليه سابقوه، إذ أنه قد
بلغ من حبه للغة وعشقه لها أن استجد فنونا أخرى من التأليف في اللغة نفسها
ولكن في قالب آخر، حيث ألف للفقهاء فناً من الإلغاز سماه "فتيا فقيه
العرب"،
وضع لهم فيه مسائل الفقه ونحوَها ولكن في معرض اللغة يحاجيهم
بها؛ إذ كان غرضه - كما يقول الذهبي - أن يحث الفقهاء على معرفة اللغة،
ويلقي عليهم ويخجلهم ليتعلموا اللغة، وكان يقول: من قصر علمه على الفقه
وغولط غلط. ومن هذه الطريقة اقتبس الحريري صاحب المقامات ذلك الأسلوب، ووضع
المسائل الفقهية في المقامة الطيبة وهي مائة مسألة، على حد تعبير ابن
خلكان.

كتاب المقاييس.. وحجة اللغة
حين كان ياقوت يستعرض مؤلفات ابن فارس في معجمه، جاء عند "المقاييس"
وقال: "كتاب مقاييس اللغة، وهو كتاب جليل لم يصنف مثله"، وعلى ما
يبدو فإن هذا الحكم لا بد وأن يكون جراء مطالعة ودراسة جيدة، إلا أن الملفت
للنظر أن أحدا غير ياقوت لم يذكر هذا الكتاب لابن فارس، وفي هذا يقول
الشيخ عبد السلام هارون: "ولعله من أواخر الكتب التي ألَّفها، فلذلك لم
يظفر بالشهرة التي ظفر بها غيره".
وفي معنى اسم "المقاييس"، يقول الشيخ عبد السلام هارون: "هو ما يسميه
بعض اللغويين "الاشتقاق الكبير"، الذي يرجع مفردات كل مادة إلى معنى أو
معانٍ تشترك فيها هذه المفردات.. وابن فارس لا يعتمد اطراد القياس في جميع
مواد اللغة، بل هو ينبه على كثير من المواد التي لا يطرد فيها القياس، كما
أنّه يذهب إلى أن الكلمات الدالة على الأصوات وكثيراً من أسماء البلدَان
ليس مما يجري عليه القياس، ويفطن إلى الإبدال فطنة عجيبة، فلا يجعل للمواد
ذات الإبدال معنى قياساً جديداً، بل يردها إلى ما أبدلت منه".
وفي المقاييس نفسه يقول أيضا الشيخ عبد السلام هارون: "على أن ابن فارس
في كتابه هذا "المقاييس" قد بلغ الغاية في الحذق باللغة، وتكنُّه أسرارها،
وفهم أصولها؛ إذ يردُّ مفرداتِ كل مادة من مواد اللغة إلى أصولها المعنوية
المشتركة فلا يكاد يخطئه التوفيق، وقد انفرد من بين اللغويين بهذا التأليف،
لم يسبقه أحدٌ ولم يخلُفْه أحد".
ويقول: "وأرى أن صاحبَ الفضل في الإيحاء إليه بهذه الفكرة العبقرية هو
الإمام الجليل أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد؛ إذ حاول في كتاب "الاشتقاق"
أن يرد أسماء قبائل العرب وعمائرها، وأفخاذها وبطونها، وأسماء ساداتها
وثُنيانها، وشعرائها وفرسانها وحكامها، إلى أصول لغوية اشتُقَّت منها هذه
الأسماء... ومما هو بالذكر جدير، أن ابن فارس كان يتأسّى بابن دريد في
حياته العلمية والأدبية والتأليفية، وهو بلا ريب قد اطَّلع على هذه الإشارة
من ابن دريد، فحاول أن يقوم بما عجز عنه ابن دريد أو نكص عنه، فألَّف
كتابه هذا المقاييسَ، يطْرُد فيه قاعدة الاشتقاق فيما صحَّ لديه من كلام
العرب".

منهج ابن فارس في المجمل والمقاييس:
من بين كتب المعاجم التي وضعت في اللغة انفرد ابن فارس في معجميه
"المجمل" "والمقاييس" بطريقة خاصة تنسب إليه وحده، يقول الشيخ عبد السلام
هارون: "جرى ابن فارس على طريقة فاذَّةٍ بين مؤلفي المعجم، في وضع معجميه:
المجمل والمقاييس؛ فهو لم يرتّب موادهما على أوائل الحروف وتقليباتها كما
صنع ابن دريد في الجمهرة، ولم يطردها على أبواب أواخر الكلمات كما ابتدع
الجوهري في الصحاح، وكما فعل ابن منظور والفيروز اباديّ في معجميهما، ولم
يَنْسُقْها على أوائل الحروف فقط كما صنع الزمخشري في أساس البلاغة،
والفيومي في المصباح المنير، ولكنه سلك طريقاً خاصَّاً به، لم يفطن إليه
أحد من العلماء ولا نَبَّه عليه".
وفي هذا النظام الجديد أدع الشيخ عبد السلام هارون أيضا ليقول: "وكنت قد
ظننت أنه لم يلتزم نظاماً في إيراد المواد على أوائل الحروفِ، وأنه ساقها
في أبوابها هملاً على غير نظام، ولكنه بتتبُّع المجمل والمقاييس ألفَيْته
يلتزم النظام الدقيق التالي:
1- فهو قد قسم مواد اللغة أوَّلاً إلى كتب، تبدأ بكتاب الهمزة وتنتهي
بكتاب الياء.
2- ثم قسم كل كتاب إلى أبواب ثلاثة أولها باب الثنائي المضاعف والمطابق،
وثانيها أبواب الثلاثي الأصول من المواد، وثالثها بابُ ما جاء على أكثر من
ثلاثة أحرفٍ أصلية.
3- والأمر الدقيق في هذا التقسيم أن كل قسم من القسمين الأوَّلين قد
التُزم فيه ترتيب خاص، هو ألا يبدأ بعد الحرفِ الأوَّل إلا بالذي يليه،
ولذا جاء بابُ المضاعف في كتاب الهمزة، وباب الثلاثي مما أوله همزة وباء
مرتباً ترتيباً طبيعياً على نسق حروفِ الهجاءِ.
ولكن في "باب الهمزة والتاء مايثلثهما" يتوقع القارئ أن يأتي المؤلف
بالمواد على هذا الترتيب: (أتب، أتل، أتم، أتن، أته، أتو، أتي)، ولكن الباء
في (أتب) لا تلي التاء بل تسبقها، ولذلك أخرها في الترتيب إلى آخر الباب
فجعلها بعد مادة (أتي).
وفي باب التاء من المضاعف يذكر أوَّلاً (تخ) ثم (تر) إلى أن تنتهي
الحروف، ثم يرجع إلى التاء والباء (تب)؛ لأن أقرب ما يلي التاء من الحروفِ
في المواد المستعملة هو الخاء.
وفي أبواب الثلاثي من التاء لا يذكر أولاً التاء والهمزة وما يثلثهما،
بل يؤخر هذا إلى أواخر الأبواب، ويبدأ بباب التاء والجيم وما يثلثهما، ثم
باب التاء والحاء وما يثلثهما، وهكذا إلى أن ينتهي من الحروف، ثم يرجع
أدراجه ويستأنف الترتيب من باب التاء والهمزة وما يثلثهما؛ وذلك لأن أقرب
ما يلي التاء من الحروفِ في المواد المستعملة هو الجيم. وتجد أيضاً أن
الحرفَ الثالث يراعى فيه هذا الترتيب، ففي باب التاء والواو وما يثلثهما
يبدأ بـ(توي) ثم (توب) ثم (توت) إلى آخره، وذلك لأن أقرب الحروفِ التي تلي
الواو هو الياء.
وفي باب الثاء من المضاعف لا يبدأ بالثَّاء والهمزة ثم بالثَّاء والباء،
بل يُرْجئ ذلك إلى أواخر الأبواب، ويبدأ بالثَّاء والجيم (ثج) ثم بالثَّاء
والراء (ثر) إلى أن تنتهي الحروف، ثم يستَأنف الترتيب بالثَّاء الهمزة
(ثأ) ثم بالثَّاء والبَاء (ثب).
وفي أبواب الثلاثي من الثَّاء لا يبدأ بالثَّاء والهمزة وما يثلثهما ثم
يعقّب بالثَّاء والباء وما يثلثهما، بل يدع ذلك إلى أواخر الأبواب؛ فيبدأ
بالثَّاء والجيم وما يثلثهما إلى أن تنتهي الحروف، ثم يرجع إلى الأبواب
التي تركها، وتجد أيضاً أن الحرف الثَّالث يراعى فيه الترتيب، ففي باب
الثَّاء واللام وما يثلثهما يكون هذا الترتيب (ثلم، ثلب، ثلث، ثلج...) الخ.
وفي باب الجيم من المضاعف يبدأ بالجيم والحاء (جح) إلى أن تنتهي الحروف
(جو) ثم ينسقُ بعد ذلك (جأ، جب).
وفي أبوب الثلاثي من الجيم يبدأ بباب الجيم والحاء وما يثلثهما إلى أن
تنتهي الحروف، ثم يذكر باب الجيم والهمزة وما يثلثهما، ثم باب الجيم
والباء، ثم الجيم والثاء، مع مراعاة الترتيب في الحرف الثالث، ففي الجيم
والنون وما يثلثهما يبدأ أوّلاً بـ (جنه) ثم (جني) ويعود بعد ذلك إلى (جنأ،
جنب، جنث) الخ.
وبعد ذلك يقول الشيخ عبد السلام هارون: هذا هو الترتيب الذي التزمه ابن
فارس في كتابيه "المجمل" و"المقاييس"، وهو بِدْع كما ترى".اهـ.

مؤلفاته:
غير ما سبق فقد كان لابن فارس الكثير والكثير من المؤلفات الأخرى؛
إذ أنه قد أخذ من كل فن بسهم، ولم يرتض لنفسه أن تقف عند حدود تحصيل
المعرفة والتدريس، فكان له باع ليس بالهين في مجال التأليف أيضا، ومما ورد
له من مؤلفات حسب ما جاء في كتب التراجم ما يلي:
كتاب "الإتباع والمزاوجة" - كتاب "متخير الألفاظ" - كتاب "غريب إعراب
القرآن" - كتاب "تفسير أسماء النبي عليه السلام" - كتاب "مقدمة نحو" - كتاب
"دارات العرب" - كتاب "حلية الفقهاء" - كتاب "الفرق" - "مقدمة في الفرائض"
- "ذخائر الكلمات" - "شرح رسالة الزهري إلى عبد الملك بن مروان" - "كتاب
الحجر" - "سيرة النبي صلى الله عليه وسلم" - كتاب "الليل والنهار" - كتاب
"العم والخال" - كتاب "أصول الفقه" - كتاب "أخلاق النبي صلى الله عليه
وسلم" - "الصاحبي" صنفه لخزانة الصاحب - "جامع التأويل في تفسير القرآن"
أربع مجلدات - كتاب "الشيات والحلى" - كتاب "خلق الإنسان" - كتاب "الحماسة
المحدثة" - كتاب "كفاية المتعلمين في اختلاف النحويين"، وغيرها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

ابن فارس Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابن فارس   ابن فارس Icon_minitimeالسبت 5 يونيو 2010 - 12:52


وفاته:
في تاريخ وفاته كان هناك آراء خمسة، يبدأ أولها بسنة ستين وثلاثمائة
من الهجرة، وينتهي آخرها بسنة خمس وتسعين وثلاثمائة، وهذا القول الأخير هو
أصح الأقوال وأرجحها؛ وذلك أن أغلب أصحاب التراجم ذهبوا إليه، بل وهناك من
حدده فقال سعد بن علي الزنجاجي ونقله عنه الذهبي وكذا أرخه عبد الرحمن بن
مندة وغيره - قال: توفي في صفر، سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.
بل إن ياقوت في معجمه ذكر أنه عثر على نسخة قديمة من كتاب "المجمل"،
وكان في آخرها ما صورته: "قضى الشيخ أبو الحسين، أحمد ابن فارس - رحمه الله
- في صفر سنة خمس وتسعين وثلاثمائة بالري، ودفن بها مقابل مشهد قاضي
القضاة، أبي الحسن، علي بن عبد العزيز، يعني الجرجاني".
وعن بعض الآراء الأخرى التي أرخت لوفاته قبل ذلك التاريخ قال ياقوت بعد
أن عرض لاثنين منها: "وكل منهما لا اعتبار به، لأني وجدت خط كفه على كتاب
"الفصيح" تصنيفه، وقد كتبه في سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة".
على أن الإجماع بين المؤرخين كان على أنت ابن فارس قضى نحبه في مدينة
الري، أو المحمدية (محلة بالري)، وأنه دفن بها - كما ذكرت - مقابل مشهد
قاضي القضاة، أبي الحسن، علي بن عبد العزيز، يعني الجرجاني.
وقد روى أكثر من ترجم له أنه أنشد قبل وفاته بيومين:
يا ربّ إنَّ ذنوبي قد أحطتَ بها ... علماً وبي وبإعلاني وإسراري
أنا الموحِّد لكني المقرُّ بها ... فهب ذنوبي لتوحيدي وإقراري

مراجع البحث:
- الصفدي: الوافي بالوفيات (2/ 474).
- القاضي عياض: ترتيب المدارك وتقريب المسالك (1/ 492).
- ابن الجوزي: المنتظم (4/ 245).
- اليافعي: مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان (1/ 393).
- ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة (1/ 434).
- الرافعي: التدوين في أخبار قزوين (1/ 238).
- الذهبي: تاريخ الإسلام (6/ 379).
- ياقوت الحموي: معجم الأدباء (1/ 155).
- الباباني: هدية العارفين (1/ 36).
- الزركلي: الأعلام (1/ 193).
- الذهبي: سير أعلام النبلاء (17/ 103).
- ابن خلكان: وفيات الأعيان (1/ 118).
- الثعالبي: يتيمة الدهر (2/ 66).
- السيوطي: المزهر (1/ 32).
- مقدمة معجم مقاييس اللغة - لعبد السلام هارون.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زينب بابان
مشرفة عامة
مشرفة عامة
زينب بابان


عدد المساهمات : 10543
نقاط : 16309
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 04/05/2010
العمر : 52

ابن فارس Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابن فارس   ابن فارس Icon_minitimeالأربعاء 18 أغسطس 2010 - 12:40

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ابن فارس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
واحة الأرواح  :: الأقسام العامة :: واحة الشخصيات الدينية والتاريخية والأدبية والسياسية-
انتقل الى: