حريق القاهرة 1952
في يوم 26 يناير 1952 إنتشرت أخبار حادثة الاسماعيلية في القاهرة واستقبل المصريون الأنباء بالغضب وبدأ التمرد من صباح ذلك اليوم.
بتمرد عمال الطيران في مطار ألماظة (القاهرة) ورفضوا تقديم الخدمات لأربع طائرات تابعة للخطوط الجوية الإنجليزية. تبعها تمرد بلوكات النظام (البوليس) في ثكنات العباسية تضامنا مع زملائهم الذين تعرضوا للقتل والأسر في الإسماعيلية.
ثم زحف المتظاهرون تجاه الجامعة وانجرف معهم الطلبة واتجهوا جميعا إلي مبني رئيس الوزراء مطالبين بقطع العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا وإعلان الحرب عليها، فأجابهم عبد الفتاح حسن وزير الشئون الإجتماعية بأن الوفد يرغب في ذلك ولكن الملك يرفض، فقصد المتظاهرين قصر عابدين وإنضم إليهم طلبة الأزهر وتجمعت حشود المتظاهرين الساخطين علي الملك وأعوانه والإنجليز.
بدأت الشرارة الأولي للحريق من ميدان الأوبرا باشعال النيران في كازينو أوبرا، كما انتشرت النيران في فندق شبرد ونادي السيارات وبنك بركليز، وغيرها من المتاجر ومكاتب الشركات ودور السينما والفنادق والبنوك.
وكان التركيز علي الأماكن والملاهي الليلية التي ارتبطت بإرتياد الملك فاروق لها، وأيضا المؤسسات ذات العلاقة بالمصالح البريطانية، وطالت الحرائق أيضاً أحياء الفجالة والظاهر والقلعة وميدان التحرير وميدان محطة مصر.
ونتيجة لاندلاع الحرائق سادت الفوضي وأعمال السلب والنهب حتي نزلت فرق الجيش إلي الشوارع قبيل الغروب، فعاد الهدوء إلي العاصمة واختفت عصابات السلب والنهب، كما أعلنت الحكومة الأحكام العرفية، ولكن لم يتم القبض علي أي شخص في هذا اليوم.
خسائر الحريق
اندلع الحريق في العديد من منشأت مدينة القاهرة, وخلال ساعات قلائل التهمت النار نحو 700 محل وسينما وكازينو وفندق بوسط القاهرة.
بعد ثلاثة أسابيع من الحريق
ففي الفترة مابين الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرًا والساعة الحادية عشرة مساءً التهمت النار نحو 300 محل بينها أكبر وأشهر المحلات التجارية في مصر مثل شيكوريل وعمر أفندي وصالون فيردي (الصالون الأخضر), و 30 مكتبًا لشركات كبرى , و 117 مكتب أعمال وشققا سكنية , و 13 فندقًا كبيرًا منها : شبرد ومتروبوليتان وفيكتوريا , و 40 دار سينما بينها ريفولي و راديو و مترو و ديانا و ميامي , و 8 محلات و معارض كبرى للسيارات، و 10 متاجر للسلاح , و 73 مقهى ومطعمًا و صالة منها جروبي و الأمريكين , و 92 حانة , و 16 ناديًا .
وأسفرت حوادث ذلك اليوم عن مقتل 26 شخصًا، كما بلغ عدد المصابين بالحروق والكسور 552 شخصًا, وأدي اندلاع الحرائق في كل مكان إلى تشريد الآلاف من العاملين في المنشآت التي احترقت.
وأجمعت المصادر الرسمية وشهود العيان على أن الحادث كان مدبرًا، وأن المجموعات التي قامت بتنفيذه كانت على مستوى عالي من التدريب والمهارة, فقد اتضح أنهم كانوا على معرفة جيدة بأسرع الوسائل لإشعال الحرائق، كما أن اختيار التوقيت يعد دليلاً آخر على مدى دقة التنظيم والتخطيط لتلك العمليات, فقد اختارت هذه العناصر بعد ظهر يوم السبت حيث تكون المكاتب والمحلات الكبرى مغلقة بمناسبة عطلة نهاية الأسبوع، وتكون دور السينما مغلقة بعد الحفلة الصباحية
من وراء حريق القاهرة؟
أجمعت المصادر الرسمية وشهود العيان على أن الحادث كان مدبرًا وأن المجموعات التي قامت بتنفيذه كانت على مستوى عالٍ من التدريب .
سينما ريفولى وهى محترقة
فقد اتضح أنهم كانوا على معرفة جيدة بأسرع الوسائل لإشعال الحرائق، وأنهم كانوا على درجة عالية من الدقة والسرعة في تنفيذ العمليات التي كلفوا بها، كما كانوا يحملون معهم أدوات لفتح الأبواب المغلقة ومواقد إستيلين لصهر الحواجز الصلبة على النوافذ والأبواب، وقد استخدموا نحو 30 سيارة لتنفيذ عملياتهم في وقت قياسي، كما أن اختيار التوقيت يعد دليلاً آخر على مدى دقة التنظيم والتخطيط لتلك العمليات، فقد اختارت هذه العناصر بعد ظهر يوم السبت حيث تكون المكاتب والمحلات الكبرى مغلقة بمناسبة عطلة نهاية الأسبوع، وتكون دور السينما مغلقة بعد الحفلة الصباحية
يختلف المؤرخون عمن يكون وراء حريق القاهرة في ذلك اليوم، فهناك من يقول أن الملك فاروق كان وراءها ليتخلص من وزارة النحاس باشا، وهناك من يقول الإنجليز للتخلص من وزارة النحاس التي ساءت علاقتها بها بعد إلغاء معاهدة 1936م، وهناك من يقول حزب مصر الفتاة والإخوان المسلمين. ولكن لم تظهر حتي الآن أدلة مادية تدين أي طرف في إشعال هذه الحرائق. لذلك سيبقي حريق القاهرة لغزاً ينتظر الحل.
وقد فتحت الثورة تحقيقا في حريق القاهرة ولم يتم التوصل حتى الآن للفاعل الحقيقي .