المسالك المغلقة محمود أسد
أحب أن يزرع في بيته ما افتقده في معترك الحياة والشارع
والعمل . فكانت المواجهة قاسية وكانت الضريبة أقسى . فالطرق مسدودة والآذان مغلقة . والعقول موصدة . تحسر وتألم . وقلب النظر . فقال : لم يعد يختلف الشارع عن البيت .. يالروعة المساواة المجنحة .
المساواة
العصفور الجميلُ ، توقَّف عن الزقزقة و اللعب في قفصه الواسعِ الجميلِ الذي وضع على شرفة يُطلُّ منها على حديقة الأطفال . يراهم عن بعد فيزقزق لهم ، ويغنّي أعذب الأغاني ، فيفرح الأطفال و يهزجون له . يرتفع صوته من جديد . هو تعب وحزين لأن الحديقة خَلَتْ من الأطفال و تحوّلتْ إلى سوق ... لكنه كان ينصت إلى حديث الزوجين . قال الزوج لزوجته : بدأت أكره عملي .. قالت له : و لمَ تكرهُهُ ؟ ما شاء الله ! مكتبك كبير و أنيق .. آذن – هاتف – سكرتيرة جميلة .. و لا أغار منها .. قال لها بعد تثاؤب و حركات لا إرادية : أشعر أنني عصفور في قفص . فلا أقدر على حركة . و لا أقدر على التصرّف. و لا أملك حق القول : لا ... لا.... نظرتْ زوجته و قالت له : أنا في البيت مثل هذين العصفورين ، وأشارتْ بيدها