واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

واحة الأرواح

أحمد الهاشمي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولeahmea@yahoo.com

 

 بشير الثاني الشهابي

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
أحمد الهاشمي
مدير عام
مدير عام
أحمد الهاشمي


عدد المساهمات : 10896
نقاط : 13569
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 03/04/2010

بشير الثاني الشهابي Empty
مُساهمةموضوع: بشير الثاني الشهابي   بشير الثاني الشهابي Icon_minitimeالجمعة 23 أبريل 2010 - 22:17

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


الأمير بشير الثاني الشهابي الكبير هو أحد أمراء لبنان من آل شهاب، الذين حكموا البلاد من عام 1697 حتى 1842. يُعتبر أحد أشهر الأمراء في تاريخ لبنان وبلاد الشام عموما، وأحد أبرز ولاة الشرق العربي في العصور الحديثة، كما إنه أخر الأمراء الفعليين للبنان، إذ أن الأمير الذي تلاه كان مجرد أمير صوري تمّ تعينيه من قبل العثمانيين على عكس الأمراء السابقين الذين كان أعيان الشعب يختاروهم. حكم الأمير بشير الثاني لبنان خلال الربع الأخير من القرن الثامن عشر وصولا حتى منتصف القرن التاسع عشر، وبهذا كان الأمير الثاني الذي حكم لفترة طويلة كهذه، بعد الأمير فخر الدين المعني الثاني

عاصر بشير الثاني الفترة التي كانت الدولة العثمانية تمر خلالها بمرحلة من الضعف والعجر مما جعل الدول الأوروبية تزداد أطماعها فيها وتتدخل في شؤونها، ومن أبرز الأحداث التي شهدها لبنان في عهده: الحملة الفرنسية على مصر وفلسطين خلال عهد الوالي أحمد باشا الجزار، والحملة المصرية على بلاد الشام والمعارك العديدة التي خاضها الجيش المصري مع الجيش التركي للسيطرة على سوريا الكبرى. يُقسم المؤرخون تاريخ الأمير بشير الثاني في الحكم إلى ثلاثة أدوار: الدور الأول (1788 - 1804)، الأمير في عهد أحمد باشا الجزاز، وقد امتد ستة وعشرين عاما، وكان موقف الأمير فيه مضطربا، وخاضعا لوالي عكا؛ الدور الثاني (1804 - 1831)، دور القوة والازدهار، وقد امتد سبعة وعشرين عاما، وفيه بلغ الأمير ذروة مجده وقوته، وقد عاصره في هذا الدور في عكا الواليان سليمان باشا ثم عبد الله باشا؛ الدور الثالث (1831 - 1840)، عهد الحكم المصري لبلاد الشام، وقد دام تسع سنوات، وكان الأمير خلاله متحالفا مع محمد علي باشا والي مصر ضد الدولة العثمانية، وبانهزام المصريين بنهاية المطاف، غادر الأمير لبنان إلى المنفى وكانت تلك نهاية الإمارة اللبنانية "الأصيلة"

نشأته
*****
هو بشير بن قاسم شهاب، يُعرف بالثاني لأن أول أمير من آل شهاب كان يُدعى بشير أيضا،. ويُقال له "الكبير" لأنه يعتبر من أكبر وأعظم أمراء لبنان عبر التاريخ، كما يُعرف عند الإنكليز "بالمالطي" لأنه لجأ إلى جزيرة مالطة، المستعمرة البريطانية عندما انهزم المصريون وانهار حكمهم في لبنان

كان الأمير ملحم بن حيدر الشهابي، الذي حكم لبنان بين عاميّ 1729 و 1754 قد رشّح الأمير قاسم، ابن أخيه عمر، ليخلفه في الإمارة، ولكن الأميرين أحمد ومنصور، عميّ قاسم، تجاهلا هذا الترشيح وانفردا بالإمارة، فنزح قاسم إلى بلدة غزير في كسروان وأقام فيها

وفي عام 1767 توفي قاسم بعد أن ترك ولدا في شهره الرابع، هو بشير الثاني. ولم تلبث والدته أن تزوجت وأقامت في منطقة الحدث، قرب بيروت، أما بشير فاحتضنته امرأة من آل الشعلاني كانت في خدمة أبيه، فنشأ يتيم الأب، بعيدا عن الأم، فقيرا، على الرغم من جذوره النبيلة. فبشير الثاني بالتالي، هو ابن قاسم بن عمر بن حيدر الشهابي، وحيدر هو ثاني أمراء آل شهاب، وبطل معركة عين دارة التي وقعت عام 1711 وقضي بها على الحزب اليمني وتمّ توزيع الأراضي بعدها على الأسر اللبنانية الكبرى

بعد أن أمضى بشير شطرا من صباه في منطقة برج البراجنة، في بيت مربيته، بالقرب من الحدث حيث كانت تقيم والدته المتزوجة والتي كان يزورها بين الحين والأخر، انتقل إلى دير القمر، عاصمة الإمارة. وهناك قام ببعض الأعمال التي كلفه بها الأمير في ذلك الوقت، يوسف الشهابي، فكان يشرف على أملاكه ويفضّ الخلافات التي كانت تنشأ بين رجال الإقطاع

وكانت سلطة الأمير يوسف في ذلك الوقت قد أخذت تضعف، فقد كان الجزار والي عكا، الذي كان لبنان يدفع ضرائبه إلى الدولة العثمانية عن طريقه، يلحّ عليه بطلب المال من جهة، ورجال الإقطاع يتبرمون من كثرة الضرائب، ويتلكأون في تلبية طلبات الأمير يوسف من جهة ثانية. ومالبث بشير الثاني أن لفت انتباه خصوم الأمير يوسف، وأكثرهم من الحزب الجنبلاطي، ورأوا فيه شخصا مؤهلا ليحل مكان الأمير حين يكون الوقت مناسبا، فالتفّوا حوله، ولكنه كان يشعر أنه فقير لا يستطيع النهوض بأعباء الإمارة، وفي مقدمتها توفير الأموال الكافية لإرضاء الجزار

كان الأمير يوسف قد شعر بتعاظم شخصية بشير والتفاف رجال الإقطاع حوله، فأراد أن يبعده قليلا عن عاصمة الإمارة، فأوفده في مهمة إلى حاصبيا بجنوب لبنان، حيث كان الأمير يوسف قد قتل أميرا شهابيّا من وادي التيم، وكان الأمير القتيل ثريّا، فأوفد يوسف بشيرا إلى حاصبيا عام 1787 لتقدير تركته. وبينما كان بشير يؤدي مهمته التقى بالأميرة "شمس"، أرملة الأمير القتيل، وكانت ثرية مثل زوجها، فاغتنم الأمير بشير الفرصة وتزوج منها، وعاد إلى دير القمر بثروة كبيرة اشترى ببعضها أرض قصر بيت الدين الذي بناه لاحقا، واستعان بالبعض الأخر على تنفيذ خططه السياسية

تولي مقاليد الحكم
***************
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

علم الإمارة الشهابية (1697-1842)

ما كاد عام 1788 يشرف على نهايته حتى كان بشير الثاني الشهابي هو الرجل المؤهل لكي يتبوأ إمارة الجبل، فهو الذي كان بوسعه أن يرضي نهم الجزار إلى المال، ويُرضي الحزب الجنبلاطي وسائر الإقطاعيين الذين كانوا يتناوئون الأمير يوسف، ويُرضي الأمير يوسف نفسه الذي شعر بعجزه عن الإستمرار في الحكم، بعد أن دعم انقلابا قام به مماليك الجزار على سيدهم ظنا منه أنه سينجح ويتخلص من سلطان ذلك الوالي عليه، فلما اخفق الإنقلاب وجد يوسف نفسه في مأزق، وظن أن وجود الأمير بشير في إمارة الجبل معناه استمرار لحكم الأمير يوسف نفسه واستمرار نفوذه. فتنازل عن الحكم، وانتخب أعيان البلاد بشيرا، وما لبث الأخير أن توجه إلى عكا وعاد منها بعد أن تسلم منصب الولاية رسميّا من الجزار

كان على الأمير أن يواجه عددا من العقبات، كان في طليعتها مطاردة سلفه الأمير يوسف، هذه المطاردة التي أصر عليها الجزار كي يجعل من الأمير السابق عبرة لمن يُفكر بالتمرد على الولاية، وكان الجزار على دراية بطباع الأمير بشير الشجاعة وقدراته الباكرة، فأعطاه جيشا من المرتزقة الألبان والمغاربة وأمره بطرد الأمير يوسف من الجبل أو القبض عليه واقتياده إلى عكا. كان بشير الثاني عند انتخابه قد وعد قريبه الأمير يوسف بالحماية، ولكنه عاد وأدرك أن سلطته لا يمكن أن تقوى أو تستقر بوجود يوسف إلى جانبه، فقد سبق واعتزل الأخير الحكم عددا من المرّات ثم عاد بعد أن راضى الجزار، وليس هناك ما يمنع أن يعاود الكرّة، ويغتنم أية اضطرابات تحصل ليفعل بقريبه بشير ما فعله بإخوته، أي قتله كي لا ينازعه على الحكم. انطلاقا من هذا انقلب الأمير بشير على وعده وقامت بينه وبين سلفه بضعة مناوشات هرب بنتيجتها الأمير يوسف إلى حوران، وعقد العزم على الإنتقام، فاتجه إلى عكا بغض النظر عن الخطر المحدق به، وظهر أمام الوالي مع حبل معقود في رقبته كاستعداد لأن يُشنق، وبدون مقدمات عرض على الجزار أن يُرجعه حاكما على لبنان على أن يقدم جزية سنوية قيمتها 600 ألف قرش، فأعجب الجزار بالاقتراح وكاد أن يوافق ويعفي عن الأمير يوسف

علم الأمير بشير بالمساومات التي كانت تجري في عكا، فأسرع بنفسه وعرض على الجزار أن يدفع له في السنة الأولى ضعفي ما يقترحه الأمير يوسف، مشترطا أن يُشنق الأخير مع مستشاره "غندور"، فوافق الجزار على هذا الإقتراح ونفذ حكم الإعدام بالأمير يوسف. وبهذا أصبح بشير الثاني الشهابي حاكم لبنان الأوحد ولم يبق له منافس فعلي أخر، وضمن والي عكا إلى جانبه لفترة من الوقت على الأقل

تمرّد وعصيان الشعب
*******************
أثارت حادثة شنق الأمير يوسف بعض اللبنانيين في المتن على الأمير بشير، وانتشرت الثورة ضده في مقاطعات الغرب، والجرد والشحّار، وسرعان ما تحول هذا إلى عصيان عام في لبنان سنة 1790، أي في العام الثاني لحكمه. لم يبقى إلى جانب الأمير أنذاك سوى حراس الجزار، الذين كانوا قد ألحقوا به لجمع كمية الأموال الموعودة، ولكن الجزار ما لبث أن استرد حراسه، بعد أن أعطي بشليك دمشق فتسمى وقتها أميرا للحج وقرر الذهاب إلى مكة المكرمة على رأس قافلة الحجاج، فاضطر الأمير بشير، والحال هذه، إلى الهرب واللجوء إلى "متسلّم" صيدا التركي، فانتخب أعيان الجبل مكانه أميرين من أقربائه هما حيدر وقعدان الشهابيين

بعد عودته من مكة، أرسل الجزار جيوشه لمساعدة الأمير بشير، ولكن سكان الجبل وقفوا وقفة واحدة في وجه إعادة بشير إلى الحكم، فدارت بينهم وبين جيش الأمير والجزار معارك لمدة سنتين بقي لبنان خلالها منيعا أمامهم. لكن القدر سمح لوالي عكا أن ينتقم من الجبليين بقسوة ويُعيد الأمير إلى منصبه عنوة، ففي عام 1793 عمّ القحط بلاد الشام، وكانت المراكب المحملة بالقمح تفرغ حمولتها في بيروت وبالرغم من أن بعض القرى كانت تعاني من الجوع، إلا أن الباشا منع وصول القمح إلى الجبل، وعندها فقط استوفى الجزار كل ديونه. ولتهدئة الشعب التعيس المعذب والجائع، والذي فقد كل إمكاناته في دفع الجزية والفدية، طلب الجزار من الأمير بشير بأن يغرب عن جبل لبنان لفترة، فالتحق الأخير بقبائل الأنصاريين في شمال لبنان، حيث استطاع من هناك أن يجتذب إلى جانبه حزب الجنبلاطيين. وكان الجزار في هذه الفترة يُغذي الإنقسامات بين الأمراء الشهابيين ويثير النزاع بين الإقطاعيين، فيبتز المال من كل راغب بمنصب الإمارة ويؤلب بعضهم على بعضهم الأخر، واستمر في خطته هذه حتى عام 1798 عندما أصدر أمرا بإعادة بشير إلى الحكم، فعاد الأمير بشير إلى منصبه بتأييد من الجزار، الذي فسح له المجال للتخلص بنفسه من منافسيه، وبدعم من الجنبلاطيين


الأمير يبطش بخصومه
********************
أراد الأمير بشير أن ينتقم من الذين ثاروا عليه، أو ساعدوا خصومه خلال تخليه عن الحكم، فبطش بهم وفي طليعة هؤلاء كان آل نكد، وطارد أبناء الأمير يوسف ونكّل بكل من وقع بين يديه وأنزل بهم ألوان العذاب والإذلال. ولمّا أيقن أبناء الأمير يوسف أن نهايتهم ستكون على يد الأمير بشير، جمعوا أموالا كثيرة، وتوجهوا إلى الجزار راغبين في "شراء" إمارة الجبل

وأغرت هذه الأموال الجزار، فنسي وعده ودعمه للأمير بشير، وانقلب عليه علنا، وأنعم على أبناء الأمير يوسف بإمارة الجبل من جديد. وما كاد الجزار يفعل ذلك، حتى بلغته أنباء الجيش الفرنسي بقيادة نابليون بونابرت، الذي نزل أرض مصر، فجزع الجزار جزعا شديدا، وتريث في عزل الأمير بشير، فاستبقى أبناء الأمير يوسف في عكا ريثما تنجلي نتائج الحملة الفرنسية. وارتاح الأمير بشير، بعض الوقت، من تقلبات مزاج الجزار

يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد الهاشمي
مدير عام
مدير عام
أحمد الهاشمي


عدد المساهمات : 10896
نقاط : 13569
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 03/04/2010

بشير الثاني الشهابي Empty
مُساهمةموضوع: رد: بشير الثاني الشهابي   بشير الثاني الشهابي Icon_minitimeالجمعة 23 أبريل 2010 - 22:19

[b]الحملة الفرنسية على مصر وفلسطين
********************************
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

معركة الأهرام، 21 يوليو 1798، بريشة فرانسوا لويس-جوزيف واتو، قرابة عام 1798-99.

تغلب الجيش الفرنسي، بقيادة نابليون بونابرت، على المماليك في مصر، في معركة الأهرام قرب القاهرة وكانت الجمهورية الفرنسية تقصد من احتلال مصر، السيطرة على طريق بريطانيا إلى الهند آنذاك ورأت الدولة العثمانية في احتلال بونابرت مصر اعتداءً عليها، ووقف الإنكليز والروس إلى جانب العثمانين، وعرضوا على الباب العالي المساعدة العسكرية، برّا وبحرا لإخراج الفرنسيين من مصر.

ولما رأى بونابرت تجمّع أساطيل العثمانيين والإنكليز والروس في البحر المتوسط، عزم على مفاجأة الدولة العثمانية باحتلال بلاد الشام قبل أن يستكمل العثمانيون استعداداتهم، فاحتل غزة ويافا والرملة وحيفا ووصل إلى صور في جنوب لبنان، ولكن جنوده لم يستطيعوا اقتحام حصون عكا لمناعتها. وكان أحمد باشا الجزار قد زوّد حاميتها بالمدافع، كما كان الأسطول الإنكليزي بقيادة الأميرال سدني سميث يُساعد رجال الجزار

موقف الأمير بشير
***************
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

السيف الذي أهداه نابليون إلى الأمير بشير.


عندما تساوت قوى الفريقين، ووقف كل من بونابرت والجزار يتربص بالأخر، التفت كل منهما إلى الأمير بشير، فوجدا فيه مرجّحا لكفة من يُساعده فيما يُقدمه الأمير من رجال ومؤن، فكتب كل منهما إليه: أما بونابرت فقد طلب إليه المساعدة ووعده بتوسيع حدود إمارته وتخليص بلاد الشام من حكم الجزار المتقلّب الذي دائما ما يخلف بوعوده ويغدر بمن حوله؛ وأما الجزار فأصرّ على الأمير أن يمده بجيش ليقاوم الحملة الفرنسية، ووعده مقابل ذلك بإعادة مدينة بيروت إلى إمارته. وكان موقف الأمير حرجا للغاية، فالمعارك لم تكن تنبئ عن نجاح مؤكد لأحد الفريقين، والواقع أنه كان من الصعب على أمير لبنان، أي أمير، أن يتخلص من التورط السياسي عندما تتدخل قوة أجنبية في المنطقة. فالأمير لم يكن ليضمن وفاء الجزار بوعده، فهو قد خلف وعود عديدة من قبل مقابل المال، كما أنه كان يريد أن يعين أبناء الأمير يوسف بدلا من بشير، وليس هناك ما يمنع أن يعاود الكرّة إن انتصر على الفرنسيين، كذلك ليس هناك من ضمانة لنوايا بونابرت تجاه الأمير ولبنان.

سكت الأمير بشير عن الرد على رسالة بونابرت، وتجاهل المؤن التي زود بعض الأهالي بها الجيش الفرنسي، وردّ على الجزار يعتذر عن تقاعسه في نجدته، زاعما أن أهل البلاد امتنعوا عن طاعته بعد أن بلغهم أن الجزار عزله عن الحكم، وولّى مكانه أبناء الأمير يوسف. فكان هذا الاعتذار أشد وقعا في نفس الجزار من الرفض الصريح. ومن حسن حظ الأمير بشير أن رسالة ثانية بعث بها بونابرت إليه، وقعت في يد "متسلّم" صيدا، فأرسلها إلى رئيسه الجزار، وكان فيها عتاب من بونابرت للأمير بشير، لعدم رده على رسالته الأولى. عندئذ اطمأن والي عكا بعض الاطمئنان إلى سلامة موقف الأمير من الفاتح الفرنسي.

وكان هذا الموقف المحايد الذي التزمه الأمير بشير، موقفا حكيما أنقذ فيه نفسه وبلاده من التورّط بين القوتين المتنازعتين. وكان القائد الفرنسي قد جامل الأمير بشير فأهداه سيفا تاريخيّا، فقدم له الأمير بندقية ثمينة.
عندما اجتاز الجيش العثماني سهل البقاع متوجها إلى عكا لنجدة الجزار، اتصل الأمير بشير بالصدر الأعظم يوسف باشا ضيا، الذي كان يقود الجيش، وأمده بالرجال والمؤن والهدايا، وطلب إليه التدخل لرفع ظلم الجزار وسطوته عنه، ورغب إليه أن يكون لبنان مستقلا عن ولاية عكا، وأية ولاية أخرى، وأن يخوله الاتصال مباشرةً بحكومة إسطنبول، وإرسال الأموال المجموعة من الضرائب إليها دون وساطة والي عكا، فوعده الصدر الأعظم بتحقيق رغبته.

إخفاق الحملة الفرنسية
*********************
إزاء مناعة حصون عكا، ووصول النجدات العثمانية إليها، واشتراك الأسطول البريطاني في مساعدة العثمانيين، وشدة وطأة وباء الملاريا ثم الطاعون اللذين فتكا بالجنود الفرنسيين فتكا ذريعا، اضطر بونابرت إلى رفع الحصار عن عكا والتراجع إلى مصر عام 1799، ثم عاد إلى فرنسا عندما بلغه نبأ اضطراب الأحوال في أوروبا، وترك للجنرال كليبر قيادة القوة الفرنسية. ولم تلبث هذه القوة الفرنسية أن انسحبت من مصر عام 1801 عائدة إلى بلادها، بسبب اضطراب الأحوال الداخلية في فرنسا.

الصراع بين الأمير والجزار
************************
كان الجزار يُراقب تحركات الأمير بشير واتصالاته، فلما بلغ الصدر الأعظم حدود مصر، سارع الجزار إلى قطع الطريق على الأمير بشير ورغباته، فاتصل بخصوم الأمير، وأثارهم عليه، وزودهم بالجند والذخيرة، وولّى أبناء الأمير يوسف الحكم وأرسلهم إلى لبنان واحتفظ بأخيهم الأصغر رهينة لديه. اضطر بشير الثاني أزاء هذا الأمر أن يلجأ إلى بلدة الكورة فالهرمل، وأرسل أفراد أسرته والمخلصين من حاشيته إلى بلدة صليما؛ ومن ثم التحق بهم هناك وبقي فيها لأكثر من سنة، متوارياً عن عيون الجزار والأميرين قعدان وسلمان شهاب، أبناء الأمير يوسف. وبينما كان الأمير يحاول الوصول إلى حوران، بلغته دعوة الأميرال سميث الذي كان في زيارة بيروت وعلم بما حدث للأمير.

كان سدني سميث أميرال الأسطول البريطاني في البحر المتوسط، قد اطلع على موقف الأمير بشير المحايد من بونابرت وتفهم موقفه وأسباب عدم اقدامه على تقدمة المساعدة لأي من الطرفين، فبادل الأمير بالهدايا والرسائل، وأرسل ابن أخته الجريح ليقيم في ضيافته، ريثما يشفى من جراحه، فأحسن الأمير بشير وفادته وأكرمه.وعندما زار الأميرال سميث بيروت، اجتمع بالأمير بشير في قرية عين عنوب، القريبة من المدينة، واستمع إليه يشكو من طغيان الجزار ونكثه بالوعود. وسعى الأميرال سميث لدى الجزار من أجل تحسين علاقاته بالأمير بشير، فوعده الجزار بتأييد الأمير، ولكنه ما لبث أن نكث وعده كعادته، بعد أن غادر الأسطول البريطاني ميناء عكا، وكان سميث قد اشتكى لسفارة بلاده التي نقلت الشكوى بدورها إلى الصدر الأعظم، يوسف باشا ضيا، الذي كان قد عبر بلاد الشام مع 100 ألف جندي ووصل حدود مصر

اتجه الأمير بشير إلى طرابلس حيث استقل مركبا إنكليزيّا نقله إلى بلدة العريش في سيناء، وهناك قابل الصدر الأعظم بحضور الأميرال سميث، فعرض الصدر الأعظم أن يمد الأمير بعشرة آلاف جندي لاحتلال لبنان رغما عن الجزار، ولكن الأمير استبعد هذا الاقتراح واكتفى بوعد من الصدر الأعظم بعزل الجزار بعد عودته من مصر، كما وعده الأميرال سميث بمساعدته عسكريّا إذا اعتزم الجزار المقاومة في عكا. وهكذا اتفق الثلاثة على التخلص من الجزار من ناحية، كما أخذ الإنكليز "يعمقون" علاقتهم بالإمارة اللبنانية.
ولم يستطع الصدر الأعظم أن يفي بوعده، لأنه مني بالهزيمة أمام الجيش الفرنسي، فلم يعد يقوى على الجزار. أما الأمير بشير، فبعد أن تأكد بأن لا وعود الصدر الأعظم ولا مساعي الإنكليز ولا فرمانات السلطان، تمكنه من استعادة الإمارة المفقودة، قرر تجربة حظه مرة أخرى معتمدا على شوق الناس لحكمه بعد تذمرهم من معاملة بدائله لهم. عاد بشير إلى طرابلس ليجد الاضطرابات تعمّ أرجاء لبنان، فقد أساء أبناء الأمير يوسف معاملة الشعب، فثار الناس عليهم، وكان الجزار يُعين أميرا بعد أمير، فانتشرت الفوضى واضطرب حبل الأمن.

ورأى الأمير بشير أن الفرصة مواتية، من غير أن ينتظر مساعدة من الخارج، فجمع أنصاره وبطش بخصومه وجدد توطيد حكمه. وعندما وجد الجزار ان قوة الأمير بشير تتعاظم، وإن اللبنانيين بأكثريتهم يريدونه حاكما، أعترف به حاكما على البلاد بشرط أن يقدم 400 ألف قرش، ضرائب متأخرة عن السنوات الماضية، ونصف مليون قرش جزية سنوية، وكتب إليه بالولاية عام 1803.

عمل الأمير على إقرار النظام بالبلاد، ولكن قلقه من تقلّب الجزار لم يزل إلا عام 1804، عندما توفي الجزار، فانتهى بموته الصراع الطويل بينه وبين الأمير بشير، الذي استراح من والي عكا المتقلب، وانصرف إلى توطيد حكمه وترسيخه، مستندا بذلك إلى بعض الطمأنينية التي شعر بها الشعب عند تولي سليمان باشا، خلف الجزار، ولاية عكا، وإلى علاقته الحسنة مع هذا الباشا الجديد.

البطش بالشهابيين المنافسين
**************************
أمن الأمير بشير جانب الجزار بموته، وجانب سليمان باشا بإرضائه بالمال، وانصرف إلى تقوية مركزه في الإمارة، وذلك بالتخلص من أقربائه الشهابيين الذين نافسوه أو ناصروا منافسيه على الحكم. وكان في مقدمة هؤلاء أبناء الأمير يوسف الثلاثة، وكان العقاب الذي أنزله بهم قاسيا إذ سمل عيونهم وصادر أملاكهم ومنعهم من الزواج حتى لا يتركوا ذرية. وأقدم عام 1807 على قتل جرجس باز، وعبد الأحد باز، وكانا مدبرين، أي مستشارين أو وزيرين، لأبناء الأمير يوسف، وقد سعيا في تعكير العلاقات بين الجزار والأمير بشير، ليخدما أبناء الأمير يوسف. وضيّق الأمير بشير على أقربائه من الشهابيين الذين يُحتمل أن يبرز منهم مرشح للإمارة يُخاصم الأمير، وصادر أملاكهم.

إضعاف الإقطاعيين
*****************
رأى الأمير بشير أن الإقطاعيين يقاسمونه الحكم، وأن الولاة العثمانيين يتلاعبون بهم، ويوجهونهم كما يريدون، ويتخذونهم وسيلة للتدخل في شؤون لبنان، فعزم على البطش ببعضهم، والحد من نفوذ بعضهم الأخر، وإرغام الجميع على طاعته. ولكنه لم يكن يملك جيشا يقوى على تنفيذ خطته، فأخذ يغتنم فرصة تذمر الشعب منهم، فجردهم من السلطة القضائية، وضيّق من صلاحياتهم، وهكذا تنكر لهم أتباعهم، وأصبح ولاء الشعب للأمير ولاءً مباشرا.

هكذا فعل الأمير بآل الخازن الذين ساعدوا خصومه، فعزلهم عن حكم كسروان، وآل تلحوق وآل عبد الملك إقطاعيي الغرب الذين كانوا يعارضونه، فصادر أملاكهم وضيّق عليهم، والأمراء الأرسلانيين الذين نكّل بهم.بثّ الأمير بشير بهذا، الرعب في قلوب الأقوياء، فهابه الجميع، وساد الهدوء والسكينة والنظام لسنين طويلة ازدهرت خلالها البلاد في الفترة التي يُطلق عليها البعض "عهد الإزدهار الشهابي" أو "العهد الزاهر الشهابي".
[/b]

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسات الروح
الأعضاء
الأعضاء
همسات الروح


عدد المساهمات : 1392
نقاط : 1674
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 10/04/2010
العمر : 41

بشير الثاني الشهابي Empty
مُساهمةموضوع: رد: بشير الثاني الشهابي   بشير الثاني الشهابي Icon_minitimeالسبت 24 أبريل 2010 - 1:20


أحمد الهاشمي

سلمتَ للتذكير لعظماء توارو عن الأنظار وبقيت ذكراهم مخلدة على مر العصور

لا حرمناااااك يا الغلا

لكَ ودِ لا ينقطع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نبض أنثى
الأعضاء
الأعضاء
نبض أنثى


عدد المساهمات : 298
نقاط : 294
السٌّمعَة : -1
تاريخ التسجيل : 17/04/2010
العمر : 44

بشير الثاني الشهابي Empty
مُساهمةموضوع: رد: بشير الثاني الشهابي   بشير الثاني الشهابي Icon_minitimeالسبت 24 أبريل 2010 - 1:28

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

باقة رد

يسلموووو سيدي


لطرح


نبض أنثى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




بشير الثاني الشهابي Empty
مُساهمةموضوع: رد: بشير الثاني الشهابي   بشير الثاني الشهابي Icon_minitimeالأربعاء 5 مايو 2010 - 16:04

والله طرح روعة وجميل

لشخصية تاريخية صنعت الكثير للحضارة اللبنانية

تسلم أنامك الرائعة أستاذي

أحمد الهاشيمي

باقة ورد


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

دمت بخير سيدي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد الهاشمي
مدير عام
مدير عام
أحمد الهاشمي


عدد المساهمات : 10896
نقاط : 13569
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 03/04/2010

بشير الثاني الشهابي Empty
مُساهمةموضوع: رد: بشير الثاني الشهابي   بشير الثاني الشهابي Icon_minitimeالثلاثاء 18 مايو 2010 - 1:40

همسات الروح كتب:

أحمد الهاشمي

سلمتَ للتذكير لعظماء توارو عن الأنظار وبقيت ذكراهم مخلدة على مر العصور

لا حرمناااااك يا الغلا

لكَ ودِ لا ينقطع


أشكركِ همسات الروح

لمرورك الرائع

وتواصلكِ

تسلمي

تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زينب بابان
مشرفة عامة
مشرفة عامة
زينب بابان


عدد المساهمات : 10543
نقاط : 16309
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 04/05/2010
العمر : 52

بشير الثاني الشهابي Empty
مُساهمةموضوع: رد: بشير الثاني الشهابي   بشير الثاني الشهابي Icon_minitimeالأربعاء 18 أغسطس 2010 - 12:19

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بشير الثاني الشهابي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مكتبة البرامج المتنقلة بين يديك الجزء الأول
» إنكلترا إلى الدور الثاني بشق الأنفس
» مكافأة 15 ألف دولار للزواج الثاني بالكويت
» لقاء سلوفينيا هو مفتاح التأهل إلى الدور الثاني
» حسام حسن يطلب من لاعبي الزمالك الحفاظ على المركز الثاني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
واحة الأرواح  :: الأقسام العامة :: واحة الشخصيات الدينية والتاريخية والأدبية والسياسية-
انتقل الى: