واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

واحة الأرواح

أحمد الهاشمي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولeahmea@yahoo.com

 

 رواية الأسود يليق بك في صالون نون الأدبي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فتحية إبراهيم صرصور
الأعضاء
الأعضاء



عدد المساهمات : 137
نقاط : 381
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 26/11/2010
العمر : 71

رواية الأسود يليق بك في صالون نون الأدبي Empty
مُساهمةموضوع: رواية الأسود يليق بك في صالون نون الأدبي   رواية الأسود يليق بك في صالون نون الأدبي Icon_minitimeالأربعاء 9 يناير 2013 - 21:07

عند الثالثة والنصف من بعد عصر الثلاثاء الموافق الثامن من يناير كان اللقاء في صالون نون الأدبي مع رواية "الأسود يليق بك" للأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي
بدأت الأستاذة فتحية صرصور الجلسة مقدمة الشكر والتقدير لكل من جاء لجلستنا رغم هذا الجو العاصف، والأمطار المنهمرة من هذا اليوم الأربعيني، ومن ثم قدمت لهم التهنئة بالعام الميلادي الجديد، متمنية للجميع عام سعيد يملأه الأمن والأمان، والحب والسلام.
ثم قالت الأستاذة فتحية: أحلام مستغانمي التي نضع روايتها اليوم على مائدة صالوننا: هي كاتبة وروائية، شاعرة ومذيعة جزائرية ولدت في (13 أبريل 1953)، من مواليد تونس، ترجع أصولها إلى مدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري كان والدها مشاركا في الثورة الجزائرية،ّ عملت في الإذاعة الوطنية مما خلق لها شهرة كشاعرة، ثم انتقلت إلى فرنسا في سبعينات القرن الماضي، حيث تزوجت من صحفي لبناني، وفي الثمانينات نالت شهادة الدكتوراة من جامعة السوربون. تقطن حاليا في بيروت. وهي حائزة على جائزة نجيب محفوظ للعام 1998 عن روايتها ذاكرة الجسد.
مؤلفاتها
& على مرفأ الأيام عام 1973. & كتابة في لحظة عري عام 1976.
& ذاكرة الجسد عام 1993. ذكرت ضمن أفضل مائة رواية عربية. وفي 2010 ثم تمثيلها في مسلسل سمي بنفس اسم الرواية للمخرج السوري نجدة أنزور.. ( بطولة جمال سليمان و أمل بوشوشة )
& فوضى الحواس 1997. & عابر سرير 2003. & نسيان وهو من أفضل الروايات
& قلوبهم معنا قنابلهم علينا أصدرته أحلام مستغانمي تزامناً مع إصدار نسيان & الاسود يليق بك 2012
قال نزار عن "ذاكرة الجسد":
وعن الكاتبة "أحلام روايتها دوختني. وأنا نادرا ما أدوخ أمام رواية من الروايات، وسبب الدوخة ان النص الذي قرأته يشبهني إلى درجة التطابق فهو مجنون ومتوتر واقتحامي ومتوحش وإنساني وشهواني وخارج على القانون مثلي. ولو ان أحدا طلب مني أن أوقع اسمي تحت هذه الرواية الاستثنائية المغتسلة بأمطار الشعر.. لما ترددت لحظة واحدة ويتابع نزار قباني قائلا: "هل كانت أحلام مستغانمي في روايتها ( تكتبني) دون أن تدري لقد كانت مثلي تهجم على الورقة البيضاء بجمالية لا حد لها وشراسة لا حد لها.. وجنون لا حد له.. الرواية قصيدة مكتوبة على كل البحور بحر الحب وبحر الجنس وبحر الايديولوجيا وبحر الثورة الجزائرية بمناضليها، ومرتزقيها وأبطالها وقاتليها وسارقيها هذه الرواية لا تختصر "ذاكرة الجسد" فحسب ولكنها تختصر تاريخ الوجع الجزائري والحزن الجزائري والجاهلية الجزائرية التي آن لها أن تنتهي..." وعندما قلتُ لصديق العمر سهيل إدريس رأيي في رواية أحلام, قال لي: " لا ترفع صوتك عالياً.. لأن أحلام إذا سمعت كلامك الجميل عنها فسوف تجنّ..أجبته: دعها تُجن..لأن الأعمال الإبداعية الكبرى لا يكتبها إلا مجانين
ثم قالت لن أطيل لنلتقي مع الورقة التي أعدتها الدكتورة مي نايف والمعنونة بـ:
ثيمة الثورات العربية أو ما يطلق عليه الربيع العربي، قراءة في رواية "الأسود يليق بك" للروائية الجزائرية أحلام مستغانمي
بدأت الدكتورة مي قراءتها بمقولة الرئيس الجزائري أحمد بن بله:" إن أحلام مستغانمي شمس جزائرية أضاءت الأدب العربي".
ثم قالت: رواية "الأسود يليق بك" هي الرواية الخامسة للكاتبة أحلام مستغانمي بعد ثلاثيتها " ذاكرة الجسد، 1993"، و" فوضى الحواس،1997"، و" عابر سبيل، 2003" وكتابها الرابع " نسيان كم، 2009" . صنفتها مجلة فوربس الأمريكية في العالم العربي، بتجاوز مبيعات كتبها المليوني نسخة.
عنوان الرواية: الأسود يليق بك
أطلقت على روايتها عنوان:" الأسود يليق بك"، وذلك لأن "هالة الوافي" الشخصية الرئيسة في الرواية، قالت ببيروت في مقابلة تلفزيونية لها للمذيع عندما سألها عن سر لبسها للون الأسود بشكل مستمر، إنها تلبسه حداداً بعد وفاة والدها وأخيها في الجزائر. وأنها لن تخلعه. وبعد انتهاء اللقاء الثاني لها في التلفزيون في بيروت في يوم الحب، أرسل لها طلال هشام، الرجل الذي أعجب بها باقة ورد كتب لها عليها " الأسود يليق بك"، وعند لقائها به سألته إن كان أحب حدادها ولذلك قال لها الأسود يليق بك؟ أجابها:" إنه يريد أن يقول لها الأسود يا سيدتي يختار سادته. ولم تجد ما ترد عليه فهكذا هم المشارقة من وجهة نظرها، لا يمكن لأحد ان يجاريهم في انتقاء كلماتهم عند الحديث عن المرأة. وهو اعتبرها سيدة التانغو، حتى الأسود الذي ترتديه خلق لهذه الرقصة: رقصة الثأر. وهو يدرك أنها تخفي تحت السواد وتحت الحداد شهوة للحياة فمن مكر الأسود قدرته على ارتداء عكس ما يضمر. ولكنها تقول إن الأسود محرمها مذ لم يبق لها محرماً. وهو يميزها عن غيرها من المطربات وهي بالأصل تحب هذا اللون. وعندما افترقا في فيننا سافرت هي مع ركاب الدرجة الأولى التي حجزها لها، وسافر هو بطائرته الخاصة. شعرت أنه يتعامل معها كإله، ولذلك قالت كان يكفي أن يعتذر. لكن الآلة لا تعتذر، هي دائما على حق.
قال لها: سأظل أتعرف إليك ما دام الأسود لونك.. أعني لوننا. ولكنها لما أعلنت تمردها على كل سلطاته التي مارسها عليها، غنت باللون اللازوردي. معلنة المعارضة والانقلاب على كل أشكال السلطة والقهر الاجتماعي والسياسي. وقالت له: أنا امرأة من أنغام وأنت رجل من أرقام .. وليس بإمكان لون أن يجمعنا.
بنية الرواية الدائرية: سردت الراوية الرواية وكانت هي الراوي العليم على طول الرواية، ولقد بدأت الرواية من المشهد النهائي حيث يفترق طلال هاشم وهالة الوافي ويبقى طلال مصراً لا يعترف حتى لنفسه بأنه خسرها، ويدعي أنها خسرته، يشعر أنه يريد أن يبكي ويتذكر قولها له:"لا أثق في رجل لا يبكي"، ويتساءل:" هل يبكي البحر لأن سمكة تمردت عليه؟ كيف تسنى لها الهروب وليس خارج البحر من حياة للأسماك. ويحاول أن يتساءل عما سبب افتراقهم.
وتنتهي بعد تقدم أحداث الرواية عبر أربعة حركات عند هالة وافي ترفض أن يشتري لها في باريس ساعة فاخرة من محل ضخم لأنه اشترى للكثير من النساء اللواتي أحبهن منه، وتحرجه أمام صاحب المحل إنها تحب الاحتفاظ بساعتها. وأخيراً ترفض المال الذي رماه عليها في فيننا حتى تشتري لأمها الهدايا، وما يحلو لها تشتريه لنفسها، حيث ترفض شراءه لها ولكرامتها، وتعتبر ذلك إهانة لها، وهو يرفض إهانة ماله ويعتبرها إهانة له فيقطع صلته بها. يقول مارسيل بروست"لم أنلها مرة بكاملها، كانت تشبه الحياة". أغلقت الباب بينها وبينه في الفندق وجمعت أغراضها وتركت الفندق لتمضي اليومين الأخيرين في فندق آخر قبل أن تعود لبيروت، ومع ذلك تجده قد دفع لها ثمن إقامتها في الفندق، فهو متأكد أنها لا تملك ذلك. يقول كلود لولوش " لا نراقص عملاقاً من دون أن يدوس على أقدامنا"
تقول الراوية:" " المال لا يجلب السعادة لكن يسمح لنا أن نعيش تعاستنا برفاهية". لقد خافت هالة وافي كما قالت ابنة خالتها نجلاء أن يشوش طلال علاقتها بالمال. ثم تكتشف انها كانت تنفق بمقاسه لا بإمكانياتها. وشعرت أنه يريد إهانتها والسيطرة عليها وشراء صوتها، فرفضت ذلك وحافظت على كرامتها وعزة نفسها.
وهذا البناء الدائري للرواية يناسب الدائرتين اللتين يقوم عليهما بناء الرواية؛ دائرة الدولة المدنية التي تتحول إلى دينية ثم مع الزمن تعود الدولة الدينية إلى مدنية. ودائرة الرجل والمرأة ولمن تكون السلطة في ظل المجتمع الأبوي. وهكذا تبقى الحياة مستمرة في الدوران والتصاعد والانتقال بين الطرفين.
وهذه دائرة بين الرجل والمرأة تبقى مستمرة في الدوران والتصاعد في المجتمع العربي الأبوي.
فصول الرواية: أهدت أحلام مستغانمي روايتها إلى صديقتها الجميلة التي تعيش على الغبار الذهبي لسعادة غابرة، وترى في الألم كرامة تجمل العذاب، نثرت كل هذه النوتات الموسيقية في كتاب... كما قالت علني أعلمها الرقص على الرماد. من يرقص ينفض عنه غبار الذاكرة. وقالت كفي مكابرة. قومي للرقص.
الرقص حياة ولذلك تقول الكاتبة في الرواية "حاذر أن تغادر حلبة الرقص كي لا تغادر الحياة"، ولذلك حتى لا نغادر الحياة في الرواية، جعلت الكاتبة الرواية على شكل أربع حركات، هي حركات راقصة، جعلتنا مرتبطين بالحياة من بداية الرواية حتى نهايتها.
وفي ختام الرواية قالت: إنها عثرت ذات يوم على حكمة أبقتها في ذهول:
"ارقص كما لو أن لا أحد يراك
عنّ كما لو أن لا أحد يسمعك
أحب كما لو أن لا أحد سبق أت جرحك".
قد تكون الحركات هي حركات الرقص، وقد تكون الحركات هي حركات الميثة التي ستقوم عليها الرواية بشكلها في التراث وفي الواقع.
ثيمة الوراية: تعتبر الرواية بمثابة ثيمة للثورات العربية والمعطيات التي استجدت على المنطقة وما يطلق عليه الربيع العربي، والتي تعتبرها الكاتبة بدأت بالجزائر وذلك في العشرية السوداء من عام 1991-2001، وستتكرر الثيمة في كل البلاد العربية لاحقاً، كما حدث في العراق، فلسطين، تونس، مصر، ليبيا، وسوريا التي ما زال حتى كتابة هذا البحث الوضع فيها ملتبساً.
في العشرية انتشر الموت وغدا له صرعاته وموضاته من قتل وموت حرقاً، وغرقاً وغيره... ولقد اعتمدت الكاتبة في بناء روايتها على حكاية شعبية حدثت في مروانة في الجزائر حيث تدور أحداث الرواية، وهي أول ثيمة أو الثيمة الأساس في الرواية لظلم السلطة الحاكمة وبطشها والذي مثلته الكاتبة أنه متوارث منذ الحكاية الشعبية المتوارثة والتي ستكون في بنيتها هي بنية قصة الرواية ككل، فلقد قامت هذه الحكاية على أربع حركات: الحركة الأولى هي حركة الظلم ومحاولة السيطرة من صاحب السلطة على امرأة من الشعب ورغبته في الزواج منها حتى دون رغبتها. الحركة الثانية: رفض المرأة وتمردها عليه وزواجها من ابن عمها. الحركة الثالثة: قتل صاحب السلطة لزوجها. والتقدم لها مرة ثانية ورفضها له أيضاً للتفرغ لتربية ابنها، الحركة الرابعة: قتل صاحب السلطة لابنها، ثم جنون المرأة لفقدهما وتمسكها بالغناء تعبيراً عن حزنها حتى الموت.
والحكاية تقول : إنه ذاع صيت جمال إحدى الفلاحات حتى تجاوز حدود قريتها، فتقدم لخطبتها أحد الباشاغات، لكنها رفضته لأنها كانت تحب ابن عمها، عندما علم الباشاغا بزواجها، استشاط غضباً ولم يغفر لها أن تفضل عليه راعياً، فدبر مكيدة لزوجها وقتله. كانت حاملا، فانتظر أن تضع مولودها، وتنهي عدتها، ثم عاود وطلب الزواج منها، وكانت قد اطلقت اسم زوجها على مولودها فردت عليه" ان كنت اخذت مني عياش الأول فإني نذرت حياتي لعياش الثاني"، فازداد حقده، وخيرها بين أن تتزوجه أو يقتل وليدها، فأجابته أنها لن تكون له مهما فعل.
ذات يوم عادت من الحقل فلم تجد رضيعها، وبعد أن أعياها البحث، هرعت إلى المقبرة، فرأت تراباً طرياً لقبر صغير، فأدركت أنه قبر ابنها، وراحت تنوح عند القبر " وتعدد" بالشاوية بما يشبه الغناء "آااعياشي يا ممي". فأقبل الناس عند سماعها تنادي " يا عياش يا ابني" يسألون ما الخطب، وما استطاعوا العودة بها، فلقد لزمت القبر الصغير وظلت تغني حتى لحقت بوليدها وزوجها. ففي مروانة يقتدى الراحلون بالغناء حتى اللحاق بهم. ذلك أن لا وسط ولا اعتدال في طباع أبنائها، انهم يمارسون كل شيء بلا رحمة.
لقد تناصت الكاتبة مع هذه الحكاية من التراث، وتناصت كذلك مع مقولة ل فلاديمير ماياكوفسكي وهي " حيثما سأموت ، سأموت وأنا أغني" .
الرواية تربط المشرق والمغرب العربي: تقول مستغانمي: "كتبت تعلقًا إنسانيًا متضامنًا مع الشعب السوري على صفحتي الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" فشُنت ضدي حملة شرسة لأني أتدخل بشؤون بلد ليست بلدي، على حد تعبير المهاجمين، رغم أنني أتعاطف مع الشعب الأعزل الذي يذبح ويهجر ويعاني. ولذلك كتبت بوعي كامل وشامل لكل ما يحدث للمرحلة الحالية ليكون واضحاً لكل الشعوب العربية التي تتحول الآن من الدولة المدنية إلى الدولة الإسلامية. وتؤكد أنه إذا كان ما يحدث في المغرب العربي كان يبدو منفصلاً عن المشرق في الماضي، فإن الوضع قد اختلف الآن فلقد أصبح العالم قرية صغيرة. وكل الدول العربية مشرقاً ومغرباً عربياً تمر الآن بحركة تحول متشابهة. وإذا كانت تتحدث عن شخوص وأحداث تدور في الجزائر بلدها، إلا أنها وبتقنية ذكية في بنائها للرواية ربطت المشرق بالمغرب حين جعلت هالة وافي الشخصية النسائية الرئيسة ابنة لأب جزائري وأم سورية. وبذلك كتبت عن الشرق الأوسط من المشرق للمغرب بفنية وتمكن.
الانتقال بحركة بندولية بين الشرق والغرب: كل شخصيات الرواية كانوا من ضحايا الحرب الأهلية، ولذلك كانوا يهربون بين المشرق والمغرب العربي تحاشياً للموت.
أ‌- الانتقال من المغرب إلى المشرق: تمنى دائما أهل المغرب الذهاب للمشرق، وتطلعوا دائما لكل ما يحدث فيه، ولذلك صورت الكاتبة والد هالة يذهب إلى سوريا لتعلم الموسيقى والغناء، وهناك تعرف على أمها وتزوجها.
ب - الانتقال من الشرق للغرب: ولكن والدتها التي عاشت فاجعة نتيجة الحرب الأهلية قبل ثلاثين سنة في سنة 1982 في زمن الرئيس حافظ الأسد، لا تنسى يوم غادرت وهي صبية مع والدتها وإخوتها في حماه، لتقيم لدى أخوالها في حلب، فما عادوا يستطيعون العيش في بيت ذبح فيه والدهم، وهم مختبئون تحت الأسرة، حيث سمعوا صوته وهو يستجدي قتلته، ثم شهقة موته وصوت ارتطام جسده بالأرض. وعندما غادروا مخابئهم بعد وقت. كان أرضاً وسط بركة دم، رأسه شبه مفصول عن جسده، ولحيته مخضبة بدمه. كانت لحيته هي شبهته، فقد دخل الجيش إلى حماه لينظفها من الإسلاميين، فمحاها من الوجود. والأكثر ألماً، أن رجلاً في مقامه دفن سراً، كما يدفن قطاع الطرق على عجل، رقم بين الأرقام، لا أحد مشى في جنازته، ولا أحد عزى فيه، كانت حماة تدفن ثلاثين ألف قتيل في بضعة أيام. هذه الأم تزوجت الجزائري قبل ثلاثين سنة وهربت إلى أبعد مكان عن رائحة الموت، إلى الجزائر. واستقرت في مروانة، كما تذكر الرواية.
ومروانة لم يحدث أن أفتى أحد فيها بتحريم صوت امرأة، كيف ومروانة اسم أنثوي كدندنة، تخاله أغنية، هي صغيرة وغير مرئية، كنوتة موسيقية، لا توجد على خرائط المدن الجزائرية، بل على خريطة السولفيج.
كل صباح يصعد رعاتها السلم الموسيقي، أثناء تسلقهم مع أغنامهم جبالها. يطلقون حناجرهم بالغناء، فيحمل الصدى مواويلهم عابرا الوديان إلى الجبال الأخرى. لذا منذ الأزل يباهي رجالها بحناجرهم لا بما يملكون. ففي مروانة فقط، يرفع الرجال إلى السماء ذلك الدعاء العجيب الذي لم يرفعه يوماً بش إلى الله" يا ربي نقص لي في القوت.. وزد لي في الصوت" لزهد الطلب، استجاب لهم الله، كما تقول الرواية. ومروانة مغرورة بلدة تعتقد أن مضاربها تصل حيث يصل صوتها.
الجد: من " أولاد سلطان" الذين يقال عنهم " سلاطين وما ملكوا" لسخائهم هم سلاطين بما وهبوا لا بما ملكوا، وهم أشرس المدافعين عن قيم العروبة. واجهوا الفرنسين حين اعتقدوا أنهم انهوا الثورة في جبال اوراس. وهو رجل بسيط، حكيم، زاهد في بهارج الحياة وقشورها، يحضر الأعراس ويغني مع المنشدين، ويغني مع المغنيين ما يحفظ من التراث البربري الشاوي، لا يقبل مالاً من أحد حتى لو من أبنائه، كل ما يحتاجه يوجد في مزرعته. عاش متصوفاً على طريقته، لم يستهلك يوما بذلات أو ربطات عنق ولا أحذية جديدة، ولا حتى أدوية يلبس اللبس الشعبي البرنس، كريم ينام في بيته الضيوف وإذا غادروا أعطاهم الكثير من الهدايا، توفي قبل عيد ميلاد حفيدته هالة السابع عشر. في طفولتها كانت تقاسمه نزهته، تتسلق معه الجبال وعندما يصل ويجلس تحت شجرة يأخذ نايه المعلق إلى ظهر برنسه، ويشرع بالغناء، غناء كأنه نواح. والناي آلة مروانة. أثناء حرب التحرير كان يصعد إلى أبعد مرتفع في الجبل، للقيام بنوبة حراسة للقرية، وعندما يرى الفرنسيين ينادي منبها، لا تذكر أنها سمعت جدها يغني أغنية فرحة، برغم ذلك ما رأته يوما حزيناً حقاً، أدركت أن رجال مروانة يتجملون بالحزن، يتنافسون على من يحتفي بالشجن أكثر، فالشجن حزن متنكر في الطرب، ذلك أن الطبيعة جعلتهم قساة وعاطفيين والتقاليد الصارمة أهدت إليهم أكثر قصص الحب استحالة. فكيف لا يكونون سادة الأساطير والغناء؟
يقول مولانا جلال الدين الرومي:" تراك استمعت إلى حكايا الناي واغترابه، إنه يشكو ألم الفراق، يقول:" إنني منذ قطعت من منبت الغاب لم ينطفئ بي هذا النواح، لذا ترى الناس رجالا ونساء يبكون لبكائي، فكل إنسان أقام بعيداً عن أصله، يظل يبحث عن زمان وصله إن صوت الناي نار لا هواء، فلا كان من لم تضطرم في قلبه هذه النار".
ج- العودة من الغرب إلى الشرق
لكن الموت عاد بالأم، هاربة مرة أخرى من حيث جاءت، الموت كان ينتظرها في سيناريو آخر هذه المرة ليس من الجيش الذي يقتل الأبرياء بشبهة إسلامهم. بل من الإرهابيين الذين يقتلون الناس بذريعة أنهم أقل إسلاماً مما يجب. ولذلك قتل زوجها وابنها علاء.
زوجها: ضحية الحرب الهلية في الجزائر، تقول الرواية إنه مات ذات مساء، وهو عائد من حفل زفاف كان قد غنى به، وقبله غنى في عرس ابن أحد الموظفين، احدى فرق الموت وضعت نهاية لصوته، آخر موسيقى سمعها موسيقى الرصاص. حيث اطلقت على رأسه رصاصتين والثالثة في عوده، كان برفقة أحد العازفين في طريقهما إلى السيارة سقط كلاهما متكئاً على آلة عزفه. تشك زوجته في جارهم (عمار) الذي يعمل على المراقبة في المنطقة التي يعيشون فيها، ويعتبره مغن يروج لبضاعة الشيطان. اختفى بعد مقتله ونزل بعد عام أميراً لكتيبة، حيث عاد مع التائبين مغسول اليدين من جرائمه بحكم قانون العفو العام.
علاء: بحسب الرواية لم يكن منتمياً لأي اتجاه فقد كان يكره أصحاب البزات وأصحاب اللحى بالتساوي، وقضى عمره مختطفاً بينهما بالتناوب، وجد نفسه خطأ في كل تصفية حساب، يحتاج إلى لحيته حيناً ليثبت لهؤلاء تقواه، ويحتاج إلى حلقها ليثبت للآخرين براءته، حاجة الضحية إلى دمها ليصدقها القتلة. انتهى به الأمر أن أصبح ضدهما معاً. أدرك متأخراً أن اللعبة أكبر مما تبدو، فالخيار إذا بين قتلة يزايدون عليك في الدين، وبذريعته يجردونك من حريتك.. وآخرين مزايدين عليك في الوطنية، يهبون لنجدتك، فيحمونك مقابل خزينتك.
أصر على دخول جامعة القسنطينة وهي جامعة إسلامية وتعتبر من وجهة نظر الراوية ممراً لكل الفتن، ما ارتاحت أمه أبداً لقراره الإقامة في قسنطينة لمتابعة دراسته في الطب. كان عذره أنها الجامعة الأكبر في الشرق الجزائري، وكان مأخذها أنه ذاهب إلى بؤرة الأصولية، محملاً بعقيدة الحياة. حاول أن يضع فيها مسافة بينه وبين الشباب، ولم يستطع أن يضع هذه المسافة مع الفتيات، برغم قدر الاحترام بينهم، وفي أيام الرئيس بو ضياف قامت السلطات بمداهمة الجامعة، وإلقاء القبض على عشرات الإسلاميين وإرسالهم إلى معتقلات في الصحراء بعد أن ضاقت المدن بمساجينها، عندها قرر أن يترك الجامعة بعد سنة رابعة بعد الامتحانات، وبسبب إلحاح أمه أن يتابع تعليمه في العاصمة ولكن قبل شهرين من انتهاء العام الدراسي حضر رجال الأمن للجامعة واقتادوه مع اثنين آخرين. سجن في معتقلات الصحراء التي تضم عشرات الآلاف من المشتبه فيهم، قمع بينهم الكثير من الأبرياء، فلا وقت للدولة للتدقيق في قضاياهم، أو محاكمتهم، لانشغالها بمن احتلوا الغابات والجبال، وأعلنوا الجهاد على العباد والبلاد. وجد علاء نفسه متعاطفاً مع الأسرى بعدما رآه من مظالم وتعذيب وما عاشه من قهر وهو يحاول اثبات براءته. بعد خمسة اشهر أطلق سراحه، لم يبق مع أهله سوى شهرين كانت شبكات تجنيد الأطباء والتقنين وكل من يحتاج الإرهابيون إلى مهاراته. قد أقنعته أن يلتحق بالجبال ليضع خبرته في إسعاف إخوته أقنعوه أن ما حدث معه من مصائب بسبب ابتعاده عن الإسلام، ولكونه قضي عامين في العسكرية في خدمة الوطن ولم يعط عمره لخدمة الإسلام. أغروه بالالتحاق بالجبل لخدمة المرضى الاسلاميين لم يقبل تضرعات أمه ولا غضب أبيه من تصرفه، والتحق بهم. بعدها قضى عامين متنقلاً بين المخابئ في الجبال يعالج الجرحى ويولد النساء اللائي سباهن الإرهابيون بذريعة أنهن بنات وزوجات موظفين أو عاملين في " دولة الطاغوت". وهذا كله لم يشفع له حين طلب السماح له بالعودة. شكوا به أنه جاسوس أرسله الجيش عليهم بسبب جهله في أمور الدين. وقال لهم أحدهم إن عليهم أن يختبروه اذا كان قد اعتنق الجهاد حقيقة عن طريق أن يطلبوا منه أن يقتل والده المغني، حتى يتخلصوا من "مزامير الشيطان". أمام هول الاختبار قال لهم: إنه أتى ليعالج لا ليقتل وأنه سيعمل معهم بشرط ألا يقتلوا والده. ولكنه وهو يعمل معهم أرسلوا من يقتل والده. وعندما نزل هو مع التائبين من الجبل في إطار العفو والمصالحة الوطنية وصل لأهله نصف مجنون من هول ما رأى من طرق تعذيب، وقد غدا غريبا عن نفسه وأهله، وكان يفاجأ حين ينادى باسمه فهو مع الإرهابيين "أبو اسحق" ، ولقد بقي بنظر الإرهابيين الموجودون في الجبال خائن من الممكن أن يشي بأماكنهم للجيش فأرسلوا من يصفيه بعد شهرين من وجوده مع أهله.
نجلاء : ابنة خالتها كانت تختار مع هالة ملابسها وتحكي لها أسرارها فتحفظها وتنصحها. كانت والدتها تريد تزويج علاء بنجلاء، تقول انهما خلقا لبعض حتى في تقارب اسميهما، وأنهما ما شاء الله الاثنين " حلوين". وكانت تغريها بوسامته وأخلاقه، كانت أمه تخطط لجعله يغادر الجزائر، وينجو من بلاد بدأ يهيمن عليها الجنون، ويحكمها الخوف والحذر. لكنه هو كان يريد أن يخطب الصحافية (هدى) أخت صديقه نديم وعندما ذهب للجبال، خسرها وخسر صديقه. حيث اعتبرت أنه قد اختار صف القتلة ورفضت التحدث إليه. أما هي فلقد ذهبت للخليج للعمل في قناة الجزيرة مثل الكثير من الصحفيين الجزائريين الذين تركوا وطنهم وذهبوا للعمل في أوروبا أو في الخليج. ونديم صديقه بسبب ضيق الحال قرر الهجرة في رمضان على سفينة إن نجا عمل في بلاد المهجر وان غرق كان للبحر، ولقد غرق.
قتل الزوج والابن والأم لم تسامح من قتلوا والدها في حماة، حتى تسامح من قتلوا زوجها وابنها قبل عامين في الجزائر. رفضت الدية التي قدمتها الدولة لأهالي ضحايا الإرهاب. فوفقاً لقانون العفو والوئام الوطني لم يحدث القتل، ويسقط عن مرتكبه حق الملاحقة مهما كانت فظاعة جرمه.
بعد موت زوجها وولده وعندما فصلت ابنتها هالة من العمل كمدرسة لأنها تغني ولم تكن قد غنت إلا في أربعين والدها، ومرة في برنامج تلفزيوني. قال لها الأهالي إنهم يريدون معلمة لأبنائهم وليس مغنية. عندها غادرت الأم الجزائر إلى سوريا مصطحبة ابنتها فهي لا تريد في الجزائر قبراً ثالثاً.
هالة وافي: سرقوا طفولتها، لفرط ما رافقت جدها على مدى سنوات إلى الجبل اعتادت أن ترى العالم بساطاً تحتها. لم تكن ذات نظرة متعالية على العالم لكن تعلمت وهي على أعلى منصة للطبيعة، ألا تقبل أن يطل عليها أحد من فوق. هكذا تحكم جبل الأوراس في قدرها.
هي الآن في السابعة والعشرين من العمر، ليس لديها سر تخفيه، أو مكسب تخاف عليه، قالت عنها الراوية:" امرأة تضعك بين خيار أن تكون بستانياً، أو سارق ورد، لا تدري أترعاها كنبتة نادرة أم تسطو على جمالها قبل أن يسبقك إليه غيرك؟
حين سألها مقدم البرنامج:" لم تظهري يوماً إلا بثوبك الأسود... إلى متى سترتدين الحداد؟ قالت الحداد ليس في ما نرتديه بل في ما نراه. إنه يكمن في نظرتنا للأشياء. بإمكان عيون قلبنا أن تكون في حداد.. ولا أحد يدري بذلك.
عملت معلمة في مروانة، وغنت أول مرة في الحفل الذي نظمه بعض المطربين في الذكرى الأولى لاغتيال والدها بأداء أغانيه، غنت الأغنية الأحب إلى قلبه كي تنازل القتلة بالغناء ليس أكثر. وهي تدرس الموسيقى حتى تطور نفسها.
بدأت مشاكلها حين راحت تصرح للصحافة الحرة، بأن ثمة جزائر للقلوب وأخرى للجيوب، وإرهاباً سافراً وآخر ملثماً، وأن كبار اللصوص هم من أنجبوا للوطن القتلة، فالذين حملوا السلاح ما كانوا يطالبون بالديمقراطية بل بديمقراطية الاختلاس وبحقهم في النهب ما دام لا سارق اقتيد إلى السجن. حينها بدأ الغربان ومتعهدوا الدماء يحومون حول صوتها النازف، ويشجعونها على رفع النبرة، ويزودونها بالأسماء وبأعواد الكبريت. كل حكم يصنع وحوشه، ويربي كلابه السمينة التي تطارد الفريسة نيابة عنه.. وتحرس الحقيقة باغتيال الحق.
كانت مخطوبة من قبل شاب اسمه قادر في المغرب وقبل سنتين من انتقالها إلى سوريا تخلت عن هذه الخطبة حيث وجدت أن له إيقاعاً خاطئاً، كان نشازاً مع موسيقاها الداخلية، وباتت تخاف أن تذبل في انتظار خطيب لا يأتي.
أحبت مصطفى المدرس معها في المدرسة ذاتها، أحبت طلته المميزة وأناقته وشجاعته وطرافة سخريته حين يغازلها بطريقة جزائرية مبتكرة حسب الأحداث، كيوم قال لها: أفضل، على إرهاب البنات، الإرهابيين". لكنه تزوج حين غادرت إلى سوريا.
بعد مغادرتها إلى سوريا والانتقال إلى بيروت لترميم ألبومها الأول، تعرفت على طلال هاشم وكانت تخاف أن يخلط بينها وبين إناث الشهوة، وصائدات الثروة، لا تحب أن تكون من نساء الانتظار، بقيت معه سنتين بين مد وجزر. كانت تقول له:" أنت رجل باذخ المهام، دائم الانشغال، لا وقت لك للحب، تهاتفني في مساء الضجر، وتريدني أن انتظرك ما بقي من العمر. ثم تعددت اللقاءات بينها وبينه وتحولت إلى عشيقة له ترافقه في سفراته. وقالت له في فيننا إنه يعمل عاشقاً بعض الوقت، وطاغية بداوم كامل، فلقد تركها أرضاً محروقة، ورماها بعد أن أوصلها إلى ارتفاع شاهق، وتركها.
طلال هاشم: رجل لبناني سافر أثناء الحرب الأهلية على بيروت وترك دراسته الجامعية، هو أيضاً ضحية الحرب الأهلية. ترك حلمه بأن يكون أستاذ أدب مقارن أو أستاذ فلسفة وهاجر إلى البرازيل، حيث قام بعمل مطعم يقدم الوجبات اللبنانية، حيث يوجد في البرازيل خمسة ملاين مهاجر لبناني، ثم قام بعمل سلسلة مطاعم أمريكية حول الجامعات.
كانت تتردد على مطعمه قبل خمس وعشرين سنة فتاة لبنانية لافتة الجمال، كانت تدرس الحقوق وتحلم في الواقع ان تعمل في المسرح. فتاة أنيقة رصينة في بلاد السامبا. كان يدري بعد اللقاء الأول بها أنها ستكون له بالرغم من اسم عائلتها الكبير. قال لها:" حبنا هو أول قضية عليك كسبها.. سأمنحك فرصة المرافعة لتكوني امرأة حياتي". حاربت أسرتها ذلك لأنه لا يعمل في مهنة طب أو سياسية ثم وافقوا عليه. أنجب منها ابنتين في جمالها. لكنه لا يثق بالمرأة، ولذلك يقول: أحب أن أنفق ثروتي في إغراء الحياة.. ما دام مالي سينتهي لدى رجال سيبرعون في إغراء نسائي. وهو يقصد بنسائه زوجته وابنتيه، حيث يرى أن زوجته ستتزوج من بعده لو مات فما زالت جميلة، وابنتاه سيتدافع الرجال للفوز بهما. وهو لا يثق بالنساء فلا أمه انتظرت أبيه ولا تلك الفتاة التي أحببها انتظرته يوم سافر للبرازيل.
تقول الراوية: هو رجل أعمال خمسيني بابتسامة على مشارف الصيف، بكآبة راقية ليس لها سبب واضح، وبشعر لم يقربه الشيب بفضل الصبغة. مهذب النظرات، مهذب النوايا، يتعامل بأرستقراطية، يشرب النبيذ ويستغرب انها لا تشرب، يحب اللغة والقراءة، ويقول عن نفسه إنه شاعر بدوام كامل ويعمل بين الحين والآخر رجل أعمال، يحب النغم والرقص، يحب الورد ويقول لو كان لي الخيار لما كنت غير بائع ورد فإن فاتني الربح لا يفوتني العطر، له كاريزما خاصة وله جاذبة. ليس من طبعه المجازفة بسمعته، لم تعرف له أية علاقة نسائية في بيروت حيث يحمي صورته كرجل كامل. ولذلك لديه الكثير من الأسرار في كل بلد. وكون من أعماله ثروة كبيرة ، وكانت لديه الكثير من المصالح التجارية والأعمال في بلاد العالم المتفرقة، ولذلك هو كثير السفر لمتابعة أعماله في كل مكان.
صاحب إرادة قوية وهي صفته الأولى ترك التدخين حين شعر أنه بدأ يدخن من العلبة الثانية، عنيد وصارم، لا يقبل الخسارة، ما أراد شيئاً إلا وناله شرط أن يبلغه كبيراً، يأبى أن يسلك أزقة التحايل والنصب الضيقة لتحقيق أحلامه. له قوة ونضج رجل صنع ثراءه بذكائه، هو نفسه لا يدري لماذا فعل ذلك بكل امرأة أحبها أو توهم حبها. كان يعاني من عجز عاطفي يحول دون تسليم قلبه حقاً لامرأة. ربما لم يشف من خيانة المرأة الأولى في حياته، تلك التي تخلت عنه لتتزوج غيره،. طوال عمره، سيشك في صدق النساء، وسيتخلى عنهن خشية أن يتخلين عنه، كشهريار، سيقاصصهن عن جريمة لا علم لهن بها.
تغرب نصف ربع قرن في البرازيل بأمريكا اللاتينية، وهناك في أرض الكرنفالات ، أضاع ملامح وجهه الأصلية. في رأسه لا يتوقف البرازيلي عن الرقص. حسدها لأنها تملك قضية، وما عادت له قضية منذ زمن. يمتلك سلسلة من أشهر المطاعم في العالم، له بيت في باريس وبيت في كان، وهو يؤمن أنه حيث تصل احلامك بإمكان أقدامك أن تصل.
اهتم بتجارة البن، والعقارات، يتقن لعبة الغموض، كان لا يجمع بين زوجتين في مدينتين ولكنه سعادته الآن في التوفيق بين حياتين متوازيتين، عليهما ألا تلتقيا ويحتاج إليهما معاً ليحيا.
الإعجاب هو التوأم الوسيم للحب: يوم شاهدها لأول مرة في الساعة التاسعة تتحدث في حوار تلفزيوني في بيروت، كان لا يعرف شيئاً عنها، ولا يعرف اسمها، ولكنه كان واثقاً أنها لا تتجه لسواه. وأنه بحاجة إلى امرأة مثلها كي يتعافى من حياة فقدت كل مباهجها. يقول نيتشة لحظة رأى " لو" لأول مرة من أي نجوم أتينا لنلتقي أخيراً "
بدأ يبحث عنها عند بياعي الأشرطة ولكنه لا يعرف اسمها، ولكنه في اليوم التالي وهو يسافر إلى باريس ويتصفح صحف الصباح في الطائرة وجد صورتها مرفقة بمقال عن ألبومها الجديد، وعندما سمع انه سيكون معها لقاء آخر بعد شهر في عيد الحب أرسل لها إلى التلفزيون باقة من ورد التوليب بدون اسم أو رقم تلفون.
يعمل بين بيروت وباريس، بعد كل مقابلة كانت تستضيف هالة الوافي كان يرسل لها باقة من أزهار التوليب والتي لا يهديها لغيرها حتى لو لم يكن في البلدة ذاتها فالعالم بحكم العولمة بات صغيراً . وكان يرسلها مع ثلاثة كلمات كانت أولها " الأسود يليق بك"، ثم " أملك كل الوقت" " احتف بورود الانتظار" وكلها بدون اسم أو رقم هاتف، حيث يريد أن يتقدم نحوها بتأن لأنه يعتقد أن الحب هو ذكاء المسافة. في المرة الرابعة كتب لها رقمه وانتظر ان تتصل به.
أراد التعرف عليها وصنع ذكريات خيالية لها قال لها يوما:" تدرين .. لا أفقر من امرأة لا ذكريات لها" وأضاف:" كانت النساء، قبل أن توجد المصارف، يخبئن ما جمعن على مدى العمر من نقود ومصاغ في الوسادة التي ينمن عليها، تحسباً لأيام العوز والشيخوخة. لكن أثرى النساء ليست التي تنام متوسدة ممتلكاتها، بل من تتوسد ذكرياتها".
بدأت هالة حياتها الفنية في سوريا ووجدت ان بيروت الأفضل للانتشار، ولذلك كثيرا ما كانت تغادر إلى بيروت، بدأت بتسويق ألبومها الأول في بيروت. ولكنها باتت بعد ملاحقة طلال لها عشيقته كان يلاحقها حتى عندما لم ترد عليه أخذ تلفونها في باريس من أهلها وكلمها وقابلها في فندقها المتواضع في باريس، وحجز لها أيامها الثلاثة الباقية في فندق خمسة نجوم. واصطحبها في رحلة في غابة البولونيا، ثم اشترى لها شقة في باريس تطل على الغابات. وطبخ لها فيها وهو لا يطبخ إلا لامرأة أحبها. ثم حجز لها للسفر إلى فيننا وذلك بعد غنائها في الإمارات. ولفترة كان يأتي بها حين يشاء، أين يشاء، وبالشكل الذي يريده. حجز غرفتين له ولها بينهما باب مشترك في فيننا. وتركها فهو يلتقي بها حسب برنامج عمله ومواعيده، وعليها وحدها أن تضحي بأعمالها. وهو لا يريدها ان تعمل يقول عن تقدمها أنت لا تتقدمين إلى الأمام ، أنت تتقدمين نحو الرداءة مثل الجميع، لن أقبل بأن تقدمي حفلاً قبل سنة من الآن. ولا أكثر من حفل في السنة. سأعوض كل خساراتك المادية. أريد أن تتفرغي لدراسة الموسيقى في معهد محترم بدل هدر وقتك في إقامة حفلات لا تضيف إلى رصيدك الفني شيئاً. وابنة خالتها تقول لها أتراه يحجم عن النجمة ليتمكن من الأنثى. أصفار كثيرة بينها وبينه تجعلها لا تصدقه، وهو أيضاً لا يصدقها، إلا يوم أن تتخلى عن كل شيء من أجله.. وتصبح فقيرة إليه. ربما كما تقول الراوية يفضل لو خانته مع رجل، على أن تخونه مع النجاح. يريدها أن تشرب النبيذ معه أن تلعب الشطرنج التي يحبها، يريدها كما يشاء.
كانت تحتار ماذا تريد ان تقدم له، حيث إنها تريد أن تقدم له ما هو غير موجود لديه وهي ترى أنه يملك كل شيء، ولقد سألته في الحركة الرابعة ماذا ينقصك لتكون سعيداً، فأجابها وهو ثمل بما فاجأها- ثمل من سكر الخمر وسكر المال بعد توقيعه صفقة كبيرة في فيننا- وماذا أملك؟ تقول الراوية كان يريد أن يقول لها ينقصني الشباب .. الموهبة.. الصحة. وهو قال لها ينقصني الشجاعة. فنحن كلما نزداد ثراء نزداد جبناً، خوفاً على مكاسبنا، أحسدك على خساراتك لأنها ما عادت في متناولي. وينقصني الطمأنينة.. أنت تثقين في الجميع.. أنا لا أثق بأحد. تدرين شقاء الإنسان ألا يصدق أحداً، لأن لا أحد يحبه لنفسه. ثم قال لها ما أريده هو صبي.. صبي يحمل اسمي، يرث ثروتي، يحرس شرفي.. لكنها أمنية مستحيلة زوجتي لت تستطيع أن ترزق بطفل ثالث. وهذه قسمتي في الحياة. لن أطلقها. ولن ألجأ لذرائع دينية لأتزوج عليها. إنها أم بناتي وأنا أحبها. ولما قالت له وأنا؟ قال لها انت أم ابني الذي لن يأتي.
واعترف لها أنه يلهث في الحياة كالكلب بين القارات والاجتماعات. وقال لها هل لاحظت أن الكلب المشرد الذي لا سيد له، يتبعك ويظل يمشي خلفك حتى تتبنينه؟ أما الكلب الذي يخرج في نزهة مع سيده، فهو يركض أمامه حتى ليصعب على سيده اللحاق به. إن الذين ترينهم في الأمام لاهثين دوماً خلف الأشياء. ليسوا السادة بل الكلاب. السادة لا يلهثون خلف شيء بل تأتيهم الأشياء لاهثة. لكن الكلب وهو يركض أمام سيده، يعتقد أنه سيد، إنه لا ينتبه أن من ينتظره حبل سيعيده إلى بيت الطاعة يظل كلباً.
لكنه في اليوم التالي بعد أن يستيقظ يندم على بوحه لها، يتساءل أو ليست الحياة أنثى، في كل ما تعطيك تسلبك ما هو أغلى منه"، ويرمي لها المال حتى تشتري لأمها ولنفسها ما تريد فترفض وتنقطع العلاقة بينهما وتعود لبيروت ولا يعود للاتصال بها.
عز الدين الجزائري الذي يعمل في حقوق الإنسان ويتنقل بين جنيف والجزائر من أجل حقوق المظلومين. وهو الذي التقت به في باريس، ورآه طلال فلم يسر لحديثها معه، وطلب منها ألا تحادث أحداً أو تعطيه رقم هاتفها.
هاتفها يقول لها: كنا نريد وطناً نموت من أجله، وصار لنا وطن نموت على يديه. عرض عليها مشروعا للغناء مع نجوم عالميين مما يؤهلها لشهرة عالمية، حفل سيقام في ميونخ لأن جالية عراقية كبيرة تعيش في ألمانيا وسيعود ريعه للاجئي العراق الذين يعيشون في المخيمات والشتاء على الأبواب.
في الحفل والذي سيراه العالم في الفضائيات ومن المؤكد سيراه طلال خلعت سوادها، حتى يدرك أنه من خلعت، تركت له الأسود حتى يرتد الحداد عليه. ولبست ثوباً لازوردياً لون اختارته امها ليبعد عنها العين لفرط بهائها. اليوم تغني للناس دونه وهي التي غنت يوماً له دون الناس.
الثورات العربية في المشرق والمغرب العربي: لم تقتصر رواية احلام مستغانمي على الثورة في الجزائر، وهذا ما أرادت ان توصله للمتلقين وخاصة للمتلقين في سوريا حيث ما زال لوضع ملتبساً، إن درس الجزائر تكرر الآن في العديد من الدول العربية، والبعض يتأهب للوصول إليه، ولذلك رأيناها تارة تأخذنا لعرض مشهد من مشاهد الثورة في العراق وتارة في مصر وتارة في لبنان.
العراق: في العراق تحدثت عما أطلقت عليه الصحافة اسم " أشجع أوركسترا في العالم" على الأوركسترا الوطنية العراقية، التي تقيم حفلات سرية لا يرغب المنظمون في الإعلان عنها، بل يفضلون ان يعلم بأمرها أقل عدد ممكن! دمرت الصواريخ الأمريكية قاعة حفلاتها وخطف البعض من أفرادها، وقتل آخرون لأسباب طائفية، وفر نصف أعضائها للخارج.. وما زال من بقوا على قيد الحياة يقطعون حواجز الخطف والموت، ويصلون إلى المسرح ببزاتهم السوداء، حاملين آلاتهم في أيديهم ليعزفوا وسط دوي المتفجرات مقطوعات سمفونية لباخ وفيفالدي.. كما لو كان كل شيء طبيعياً.. مشهد سريالي الفرقة والجمهور مرعوبون لكنهم يستعينون على خوفهم بالموسيقى.
ووصفت أم هالة وجدت التي في العرق ما ينسيها همها، صارت تقضي جل وقتها أمام الفضائيات الإخبارية لمتابعة مسلسل الغزو الأمريكي وسقوط بغداد.
وتقول الراوية كان الله في عون العراقيين، كم دفعوا ثمن وجودهم، لمصادفة جغرافية، على أغنى أرض عربية، لحظة حدوث أكبر عملية سطو تاريخية قام بها بلد لنهب بلد آخر. ولكن العراق تعاني ولذلك يقوم الناشط في حقوق الإنسان عز الدين الجزائري بعمل حفل خيري لمساعدة سكان العراق الذين تهجروا ويعيشون في الخيام، وفصل الشتاء على الأبواب يقول لها:" تصوري منذ أشهر ونحن نعمل على الإعداد لحفل سنجمع فيه على أقصى حد مليون دولار، إنها أقل من زكاة أصغر لص أنجبه العراق الجديد. لننجو من طاغية، نستجد محتلاً، فيستنجد بدوره بقطّاع طرق التاريخ ويسلمهم الوطن.
اللبنانيون: وترجع أحياناً إلى لبنان أحياناً بالتلميح واحياناً بالتصريح، كما حدث عندما جعلت الشخصية الرئيسة في الرواية (طلال هاشم ) لبنانياً هاجر إلى البرازيل بسبب الحرب الأهلية وهو يقول:" في لبنان ما من قضية إلا وتصب في جيب أحد. فليعمل المرء إذا لجيبه.. بدل ان يموت ليصنع ثراء لصوص القضايا، واثرياء النضال المقيمين في القصور والمتنقلين بطائراتهم الخاصة. شرفاء الزمن الجميل ذهبت بهم الحرب، كما ذهبت بأبي طلا هاشم وقذف البحر بما اعتاد أن يرمي به للشواطئ، عندما تضع الحرب أوزارها.
ووصف لنا طلال الوضع في لبنان قبل أن يهاجر منها إلى البرازيل وهي الفترة التي أطلق عليها فترة مراهقته السياسية كما يقول: وفيها يقول عن نفسه: فيما مضى في سبعينات القرن الماضين أيام الحرب الأهلية كان جاهزاً للموت حتى من أجل ملصق على جدار يحمل صورة قائد حزبه أو زعيم طائفته. الان وقد تجاوز مراهقته السياسية، أدرك سذاجة رفيقه الذي مات في " معركة الصور" دفاعاً عن كرامة صورة لمشروع لص. أراد ساذج آخر أن يقتلعها ليضع مكانها صورة زعيم آخر لميليشيا. فمات الاثنان وعاش بعدهما اللصان. هل ثمة ميتة أغبى.
بلي ثمة حماقة أكبر، كأن تموت بالرصاص الطائش ابتهاجاً بعودة هذا أو إعادة انتخاب ذاك، من دون ان يبدي هذا ولا ذاك حزنه أو أسفه لموتك، لأنك وجدت لحظة احتفال " لأربعين حرامي" بجلوس " علي بابا" على الكرسي.
ويقول:" الشعوب العربية حتى وهي تطمح للتحررـ تحن لجلادها.
وثمة عبثية الشهيد الأخير في المعركة الأخيرة، عندما يتعانق الطرفان فوق جثته.. ويسافران معاً ليقبضا من بلاد أخرى ثمن المصالحة.. إلى حين.
عندما أدرك هذا انشق عن حزب " النضال" واستقل الطائرة هارباً إلى البرازيل، انخرط في حزب الحياة وما عاد من ولاء له إلا للحياة، وصل إلى البرازيل مفلساً وما عاش فيها يوماً فقيراً، بل مستمتعاً بكل مباهج الحياة.
ومن لبنان نقلت الرواية لنا مشهداً آخر لسهى بشارة بطلة المقاومة اللبنانية التي ساقها الإسرائيليون إلى ساحة الإعدام، أوهموها أنهم سيعدمونها، قيدوا يديها ورجليها وصوبوا فوهة المسدس إلى رأسها وسألوها عن أمنيتها الأخيرة في الحياة، ردت" أريد أن أغني" وراح صوتها يترنم بموال جبلي، أشبعوها ضرباً وعادوا بها إلى الزنزانة، واصلت الغناء وعلى مدى أعوام، اعتاد أسرى سجن الخيام سماع غنائها. صوتها البعيد الواهن، القادم من خلف قضبان زنزانتها أبقاهم أشداء. فمن يغني قد هزم خوفه.. إنه إنسان حر، كما تقول الرواية.
السياسي والاجتماعي خطان متوازيان
أ- لمحات للقضايا الاجتماعية في الرواية: سارت الروائية في بناء السرد الروائي في خطين متوازيين، خط سياسي وآخر اجتماعي. والمعروف أن الجمعيات النسائية كانت قد تركت الاهتمام بالهم الاجتماعي مدة احتلال البلاد بحجة أن السياسي والتخلص من المستعمر وتحرير البلاد أهم من القضايا الاجتماعية وتحرير المرأة وأن لا قيمة للمرأة ولا تحررها ووطنها محتل. ولكن الكاتبة تؤكد ضرورة العمل على السياسي والاجتماعي في خطين متوازيين. وأن تحرر المرأة لا يقل في قيمته عن تحرر الوطن. خاصة في المجتمع الأبوي كما يقول جورج طرابيشي في كتابه شرق وغرب، رجولة وأنوثة، يقول :" في مجتمع أبوي شرقي، متخلف ومـخر، مشحون حتى النخاع بأيديولوجيا طهرانية، متزمتة وحنبلية، يغدو مفهوم الرجولة والأنوثة مفهوماً موجهاً لا للعلاقات بين الرجل والمرأة فحسب، بل أيضاً للعلاقات بين الإنسان والعالم.
ولذلك عرضت في الجانب السياسي للوضع السياسي في الجزائر في الفترة العشرية، وبشكل متواز عرضت للجانب الاجتماعي في الجزائر وجعلت هالة رافضة إرهاب القتلة، وإرهاب الدولة، وإرهاب العائلة.. كانت تضفر السياسي بالاجتماعي لتعلن في النهاية أنه ما من شيء اجتماعي وكل ما هو اجتماعي هو سياسي أكثر من كونه اجتماعي ولذلك علقت الراوية بقولها على تصرفات هالة مع طلال: أقدرها أن تلجأ لطاغية كلما هربت من آخر. فهي كالشعوب التي تستبدل بالطغاة الغزاة. كل من استنجدت به كان ينوي احتلالها. وما هربت من إرهاب، إلا ووقعت في قبضة إرهاب مقنع آخر. تصدت لإرهاب القتلة، ولإرهاب الدولة، ولإرهاب العائلة.. وها هي أمام الاستبداد العاطفي. غير مصدقة، أن رجلاً لجأت إليه أملاً في سند أبدي، ليس سوى إرهابي، استحوذ على صوتها بسلطة المال. لم يكن يحمي صوتها. بل هي بالنسبة له مهرة ليس من حقها أن تصهل خارج حظيرته.
ولقد ظهرت العديد من الملامح للبنية الثقافية في المجتمع الجزائري وذلك من خلال العديد من المحطات، مثال ذلك:
- الرجل العربي لا يعترف بأنه قد خسر من أحبها إذا اختلفا بل هي التي خسرته دائما.
- عندما سألها مقدم البرنامج أما خفت أن تشقي طريقك إلى الغناء بين الجثث؟ قالت:" لقد غير تهديد الأقارب سلم مخاوفي. إن امرأة لا تخشى القتلة، تخاف مجتمعاً يتحكم حماة الشرف في رقابه. ثمة إرهاب معنوي يفوق جرائم الإرهابيين. .. أنا ابنة مدينة ( مروانة) عند أقدام الأوراس لا تساهل فيها مع الشرف.
- عمها: كان يعيش في فرنسا ويرفض أن تغني متهما إياها بأنها تدنس شرف العائلة، لكونها لم تجد رجلا يتحكم بها". عمها سافر في السبعينيات للعمل في فرنسا، وعندما عاد للجزائر ليتقاعد، بدا وكأن كل تلك السنين في أوروبا لم تترك أثرا في عقليته. فجأة طالت لحيته، وتغيرت لغته، واعتمد لباساً يقارب زي الأفغان، وأصبح لا يتردد على بيتهم، ودون ان يعلن ذلك، كان واضحاً أنه رأى في احتراف أخيه للغناء ارتكاباً لفعل مستهجن يقارب الحرام. كانت تخفي عنه عود والدها لأنه لو تمكن منه سيعتبره أداة شيطانية وكسره ثواب،
- أما ابنه جمال – ابن عم هالة- كان يختلف تماماً عن أبيه، شاب عصري أنيق منفتح فيه شيء من علاء أخوها وكان ويرافقها في باريس بحفلاتها، وهذا حال الأفراد داخل الأسر، فالأسرة تحتوي على كل الاتجاهات الوطنية.
- وعندما سألها المذيع عن الحب، قالت إنه ليس ضمن أولوياتها بالرغم من ان كل أغاني ألبومها أغان عاطفية. فهي لا تمتلك الجرأة لتتحدث عن الحب.
- كانت أول مرة تشارك فيها بعيد الحب في الشام حيث لا يوجد عيد حب في الجزائر.
- وكانت هي التي تنازل الإرهابيين بملء حنجرتها، عندما تتحدث عن الحب تخفت طبقة صوتها حتى درجة البوح.
- يقول الملحن الحب تعتير.. لا شهيق ولا زفير. جيب لي مرا بتحبك لنفسك مو لجيبك .. ع أيامنا الحب عملية نصب عاطفي.. مرا بتتجمل لك .. تتغنج .. تتبرج.. لتوقعك، وبس تجن وتتزوجها ما تعود تعرفها. ما في حب، في صفقة حب، يا زلمة بشرفك تعرف شي مرا بتقبل تتجوز واحد معتر لأنا بتحبو؟!
- في مدينتها تلك، الحب ضرب من الإثم، لا يدري المرء أين يهرب ليعيشه.. في سيارة؟ أم في قاعة المعلمين؟ أم على مقعد في حديقة عامة؟ .. آخر مرة حاولت الجلوس فيها مع زميلها في التدريس مصطفى على كرسي في حديقة، كان مجرد الجلوس معا فضيحة انتشرت بسرعة "خبر عاجل" كان يمكن أن تكون الكارثة أكبر، فيحدث أن تقوم قوات الأمن بمداهمة الحدائق والتحقيق مع كل اثنين يجلسان متجاورين.
- في نوبة من نوبات العفة، تم إلقاء القبض ذات مرة في العاصمة على أربعين شاباً وصبية معظمهم من الجامعيين، واودعوا السجن فيما كان الإرهابيون يغادرونه بالمئات مستفيدين من قانون العفو! كان زمناً من الأسلم فيه أن تكون قاتلاً على أن تكون عاشقاً.
- قال الأستاذ مصطفى لزميلته الأستاذة هالة الوافي أنه قرر الهجرة إلى أمريكا وعندما سألته عن سبب اختياره أمريكا قال:" لأنه في استطلاع أخير، جاء الأمريكي أكبر مستهلك لكلمة"أحبك". تصوري أنه يلفظها بمعدل ثلاث مرات في اليوم. كأنه يتناولها مع وجباته الثلاث. أريد أن أهاجر كي أسمعها ولو مرة في حياتي. هنا قد يموت المرء ولا يسمعها حتى من أمه برغم ان كل شيء يشي بحبها له.
- وهناك قصة الطفل الصغير الذي نقلت الصحافة الجزائرية قصته. حيث كان المسكين قد اقترف جرم كتابة " أحبك" على ورقة، ووضعها على طاولة زميلة له في الصف. وما إن وقع الأستاذ على الورقة. حتى ألغى الدرس وأعلن حالة الاستنفار بحثاً عن صاحب الرسالة. أمام انكار الجميع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رواية الأسود يليق بك في صالون نون الأدبي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» رواية الأسود يليق بك في صالون نون الأدبي
» رواية الأسود يليق بك في صالون نون الأدبي
» رواية الأسود يليق بك في صالون نون الأدبي
» رواية باب العامود لنردين أبو نبعة في صالون نون الأدبي
» صالون نون الأدبي والسيرة الذاتية والبنية الروائية في رواية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
واحة الأرواح  :: الأقسام الأدبية :: واحة المقهى الادبي-
انتقل الى: