أبجدية القلب
- 1-
تقولين أن الريح قد أخطأت مسارها
وأن النجوم لم تعد تحفل بنا
وأن الشمس تشرق عند مغيبنا
وتغيب عند بزوغنا
وأن القمر لم يعد ينثر بسماته على وجوهنا
وأن النهر قد نسي عاداته في النوم تحت أقدامنا
وأن الشجر لم يعد يقينا زمهرير القلب وجحيم الموت
وأن السماء لم تعد زرقاء
وأن الغربان قد غزتها وعاث بها الرماد
وأن البحر قد استثار حيتانه وأقرا شه
ولم يعد ينجب لؤلؤه المكنون
وأن المروج قد أحرقت أعشابها
والورود علقت براعمها على حبال المشانق
وأن البلابل قد احتزت حناجرها
ولم تعد تصدح بالغناء
تقولين أن النهار قد أطفئت مجامره
وعاد كالليل سواء بسواء
ولكنك يا سيدتي قد أوغلت في ظلمة الليل
فقد تعلمت اغتيال المسافات
وابتكرت أبجدية جديدة للقلب
تسكنين في حرف الفاء
وأسكن في حرف الزاي
فنعطي للأشياء معانيها
والبحر يستعيد هدوءه فيلفظ حيتانه وأقرا شه
ويستبقي المحار واللؤلؤ والمرجان
والطيور تعود تغني
على إيقاع لحن سرمدي
ابتدأ في مبتدانا ولا ينتهي في منتهانا
- 2 –
تقولين أن آدم لم يتقن لغة القلب
وأنه امتهن الكهانة في محراب الجسد
وأن حواء لم تتعلم كيف تروض الشمس
أو تسخر من لغة القمر
وكانت تكرر أخطاءها كالبُلهَاء
ولكنك يا سيدتي تجترحين طبيعة أخرى للبشر
فآدم هو آدم
وحواء هي حواء
طين وملح وماء
وقبل الغواية الأولى لم يكونا كالبدر التمام
ولو كانا كذلك لما كان آدم ولما كانت حواء
ملاكين كانا؟!
ربما!
لكنهما لا يستحقان اكتمال القمر
لأن الذي يستحق ذلك
هو الذي يضع الماء والنار في يد واحدة
فلا الماء يطفئ النار
ولا النار تلتهم الماء
ولكنه يجري النار وقتما يريد
ويجري الماء وفق ما يريد.