[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
ابن فارس الأربعاء, 02 مايو 2007
نسبه وموطنه:
هو أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب، أبو الحسين، الرازي،
القزويني، المعروف بالرازي، المالكي، اللغوي، صاحب "المجمل" في اللغة.
وقد ادّعى ابن الجوزي في "المنتظم" أن اسمه: أحمد بن زكريا بن فارس،
ولكن هذه التسمية وذلك القول - بحسب تعبير ياقوت في رده على ابن الجوزي -
لا يعاجّ به.
وفي تاريخ ولادته فلم نجد أيا من كتب التراجم - على كثرة تلك التي ترجمت
له - ذكرت أو عينت تاريخا لذلك.
وفي موطنه فقد ذكر الذهبي في تاريخه وفي سيره أنه ولد بقزوين ونشأ
بهمذان، فهو نزيل همذان، وكان أكثر مقامه بالري، وقد نسب إليها، وذكر ذلك
أيضا ابن تغري بردي في "النجوم الزاهرة"، والرافعي في "التدوين في أخبار
قزوين"، وقال (الرافعي): "وله بقزوين في الجامع صندوق فيها كتب من وقفه،
سنة إحدى وستين وثلاثمائة".
إلا أن ياقوت ذهب إلى غير ذلك حين قال في معجمه: "وجدت على نسخة قديمة
بكتاب المجمل، من تصنيف ابن فارس ما صورته: تأليف الشيخ أبي الحسين، أحمد
بن فارس بن زكريا الزهراوي، الأستاذ خرزي، واختلفوا في وطنه، فقيل: كان من
رستاق الزهراء، من القرية المعروفة بكرسفة وجياناباذ، وقد حضرت القريتين
مراراً، ولا خلاف أنه قروي. حدثني والدي محمد بن أحمد، وكان من جملة حاضري
مجالسه، قال: أتاه آت فسأله عن وطنه، فقال: كرسف، قال فتمثل الشيخ:
بلاد بها شُدّت على تمائمي ... وأول أرض مس جلدي ترابها
وكتبه مجمع بن محمد، بن أحمد بخطه، في شهر ربيع الأول، سنة ست وأربعين
وأربعمائة".
ولعل كثرة تنقلات أبي الحسين بن فارس في بلاد شتى - على نحو ما سيأتي -
هو ما جعل هذا الخلاف قائما في عدم معرفة وطنه الأول على وجه الدقة، وإن
كنا نراه كما ذكرناه أولا من أنه ولد في بقزوين ونشأ بهمذان، وكان أكثر
مقامه بالري، وإلى ذلك ذهبت أكثر كتب التراجم.
نشأته ومذهبه وصفاته:
رغم أنه ولد بقزوين إلا أن ابن فارس كان قد استقر به المقام بعض
الشيء في
همذان، وفي ذلك يقول ابن خلكان: "وكان مقيماً بهمذان،
وعليه اشتغل بديع الزمان الهمذاني - كما سيأتي في موضعه - صاحب المقامات".
وإنه لما اشتهر أمره بهمذان وذاع صيته بها، استدعي منها إلى بلاط آل
بويه بمدينة
الري، ليقرأ عليه أبو طالب بن فخر الدَّولة علي بن ركن
الدَّولة الحسن بن بويه الدَّيلمي، فسكنها، وحصل بهما مالاً، وبرع ذلك
الأمير في الأدب.
وهناك وفي مدينة الري التقى بالصاحب إسماعيل بن عباد (هامش: هو أبو
القاسم إسماعيل بن عباد بن العباس بن عباد، أول من لقب بالصاحب من الوزراء،
وذلك لأنه كان يصحب أبا الفضل بن العميد، فقيل له: "صاحب ابن العميد"، ثم
أطلق عليه هذا اللقب لما تولى الوزارة، وبقي علماً عليه، وقيل: إنما سمي
الصاحب لأنه صحب مؤيد الدولة أبا منصور بويه بن ركن الدولة بن بويه
الديلمي، وتولى وزارته بعد أبي الفتح علي بن أبي الفضل بن العميد، فلما
توفي مؤيد الدولة في سنة 373 بجرجان استولى على مملكته أخوه فخر الدين أبو
الحسن علي، فأقر الصاحب على وزارته، توفي سنة 385 بالري)، والذي كان يبغي
صلته وهو بمدينة همذان، حتى لقد أنفذ إليه منها كتاباً من تأليفه، هو "كتاب
الحجر"، والذي لم تطب به نفس الصاحب فقال: رد الحجر من حيث جاءك، ثم أيضا
لم تطب نفسه بتركه فنظر فيه، وأمر له بصلة، وكان سبب ذلك هو انتساب ابن
فارس إلى خدمة آل العميد، وتعصبه لهم.
ثم إن الصاحب في هذه الآونة كان قد زال ما بينه وبين ابن فارس من
انحراف، واصطفاه حينئذ، وأخذ عنه الأدب، واعترف له بالأستاذية والفضل، وكان
يقول فيه: "شيخنا أبو الحسين ممن رزق حسن التصنيف، وأمن فيه من التصحيف".
وبعد أن استوطن الري كان أن انتقل ابن فارس من مذهب الإمام الشافعي إلى
مذهب الإمام مالك في الفقه، وذلك في آخر عمره، وحين سُئل عن ذلك أجاب:
"أخذتني الحمية لهذا الإمام المقبول على جميع الألسنة أن يخلو مثل هذا
البلد عن مذهبه؛ فإن الري أجمع البلاد للمقالات والاختلاف".
وإلى جانب ذلك فقد كان ابن فارس يرى نحو الكوفة وكان يقول: "ما رأيت مثل
أبي عبد الله أحمد بن طاهر المنجم ولا رأى هو مثل نفسه".
وعن صفاته الخُلُقية، فقد غلب على ابن فارس صفة الكرم والجود، لدرجة أن
لا يبقي معه شيئاً، وربما سئل فيهب ثياب جسمه وفرش بيته، قال سعد بن علي
الزنجاجي: "وكان ابن فارس من الأجواد، حتى أنه يهب ثيابه وفرش بيته".