ترى دول الخليج ان العقوبات الجديدة على ايران لن تؤدي الى لجم طموحاتها، وهي تخشى ان تكون المتضررة الاولى من ضرب طهران ومن مواصلتها برنامجها النووي على حد سواء، حسبما افاد محللون الاحد.
فعلى الرغم من كونها على خط التماس الاول مع ايران، لا تبدو السعودية وباقي دول الخليج، لاعبا في المعادلة الدولية في شأن برنامج طهران النووي.
وقال خبير الامن والدفاع في مركز الخليج للدراسات الذي مقره دبي مصطفى العاني لوكالة فرانس برس ان "دول الخليج ليست صانعة قرار في هذه الازمة، لا تستطيع الضغط على ايران، لا تستطيع الضغط على الولايات المتحدة ولا تستطيع منع اسرائيل من ضرب ايران".
واضاف العاني الذي اكد انه متخوف من حصول ضربة اسرائيلية للجمهورية الاسلامية، ان دول مجلس التعاون الخليجي "ستكون الضحية الاولى لهذه الضربة خاصة ان الانتقام الايراني قد يحصل في هذه الدول الخليجية".
وتبدو هذه الدول امام معضلة حقيقية بحسب العاني لانه في المقابل "اذا سارت ايران قدما في برنامجها النووي مع عدم تعرضها لضربة، فهذا يعني ان ايران ستصبح +سوبر+ قوة اقليمية"، الامر الذي تخشاه دول الخليج.
وفرض مجلس الامن الاربعاء حزمة رابعة من العقوبات على ايران ضمن القرار 1929 الذي تضمن خصوصا حظر بيع ثمانية انواع من الاسلحة الثقيلة لايران وامكانية تفتيش السفن في عرض البحر بينما كانت العقوبات السابقة تتيح اجراء عمليات تفتيش في الموانئ فقط.
وعن تاثير هذه العقوبات ومساهمتها في تغيير المعادلة القائمة حاليا، قال العاني ان "العقوبات الاقتصادية لن تؤثر على القرار السياسي في ايران". وبحسب الخبير العراقي، فان "النظام الايراني نجح في شيء فشل فيه النظام العراقي، وهو بيع المشروع النووي للشعب"، في اشارة الى التفاف الايرانيين في المشروع النووي الايراني ما يساهم في "تقبلهم للعقوبات".
من جانبه، اعلن الكاتب والاكاديمي الاماراتي عبدالخالق عبدالله ان "العقوبات لن تؤدي الى اي تغيير في موقف طهران، لكنها ستؤدي الى ازدياد التوتر في منطقة متوترة اصلا". وبحسب عبدالله، فان ايران ستكون في مواجهة اكبر مع الولايات المتحدة "ونحن سنتأثر بذلك".
وفي مؤشر على تصاعد هذا التوتر، اضطرت السعودية السبت الى تكذيب "مزاعم" صحافية بعد نشر صحيفة "تايمز" البريطانية نقلا عن مصادر عسكرية في الخليج خبرا حول سماح المملكة لاسرائيل بالتحليق فوق مجالها الجوي في حال توجيه ضربة الى ايران.
كما رأى عبدالله ان دول الخليج "ستتضرر ماليا واقتصاديا" من العقوبات، فايران هي الشريك التجاري الاول لدبي مثلا مع مبادلات تزيد عن 10 مليارات دولار سنويا مع الامارة.
وفي هذا الاطار، يقول مرتضى معصوم زاده صاحب احدى اقدم شركات النقل البحري الايرانية في دبي ان اعمال شركته "تراجعت بنسبة 60%" في الاشهر الاخيرة. ويضيف معصوم زاده الذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس الاعمال الايراني في دبي، ان التراجع جاء "بسبب الازمة الاقتصادية والعقوبات على حد سواء".
وابدى عبدالخالق عبدالله تخوفه من ان يؤدي اي "استفزاز" مثل تفتيش السفن الايرانية في عرض البحر، الى رد ايراني تكون له عواقب وخيمة على الجيران الخليجيين.
لكن الخبير في الشؤون الاستراتيجية اللبناني ابراهيم خياط استبعد في حديث مع وكالة فرانس برس ان تحصل هكذا عمليات تفتيش في الخليج، وانما اتفق مع العاني وعبدالله حول ان "العقوبات لن يكون لها تاثير". وقال خياط في هذا السياق "لن يتم اي تفتيش في الخليج، بل ربما في اماكن اخرى مثل المتوسط". واعتبر ان جميع الاطراف ستتحاشى تفتيش السفن الايرانية في الخليح لان البحرية الايرانية موجودة في المنطقة ولان احدا لا يريد تحمل ثمن انفجار غير محسوب.
وبحسب خياط، فان الغرب "لم يفهم ان الايرانيين لن يتراجعوا"، اما دول الخليج، فهي "غير مرتاحة على الاطلاق" حيال الوضع الحالي "لكن لا دور لها".
وكان الحرس الثوري الايراني حذر من اي عمليات تفتيش للسفن الايرانية في الخليج مهددا ب"رد ساحق" من الجانب الايراني.
وفي ظل هذه التحديات امام دول الخليج، دعا المفكر والبرلماني الكويتي السابق عبدالله النفيسي الامارات والكويت والبحرين وقطر الى الالتحاق بالسعودية في كيان واحد ل"حماية وجودها"، وحذر من امكانية "زوال" بعض هذه الدول. ولم تشمل دعوة النفيسي سلطنة عمان التي تربطها علاقات وثيقة بايران التي تتشاطر معها السيطرة على مضيق هرمز، في وقت تبدو قطر من جهتها ايضا اقل ميلا لاتخاذ مواقف متشددة مع طهران.
وقد كرر الكاتب السعودي داود الشريان هذه الدعوة وقال في مقاله الذي نشر الاحد في صحيفة الحياة انه "لا بد من الاحتماء بالرياض في نهاية المطاف" في مواجهة التهديدات الوجودية في اشارة ضمنية على ما يبدو الى ايران.