تشجيع الأمراء الإخشيديين للحياة العلمية عندما حكم الإخشيديون مصر ازداد تيار
العلم والأدب قوة وتدفقًا وذلك لأن الأمراء الإخشيديين وكبار رجال دولتهم
كانوا يعطفون على العلماء والأدباء ويسدون إليهم كثيرًا من الأيادي، وقد
روي أن الإخشيد أعجب بعلم أحد الفقهاء فولاه على سواحل مصر.
وذكر ـ أيضًا ـ أن كافورًا أمر بعشرين ألف دينار لتفرق على
فقهاء الشافعية عندما علم أن الخليفة عبد الرحمن الناصر الأندلسي أرسل عشرة
آلاف دينار لتفرق على فقهاء المالكية، وأن الوزير محمد بن علي بن مقاتل
كان يجري على سيبويه المصري مبلغًا من المال في كل شهر[1].
علماء الشرع لقد تميز عهد الدولة الإخشيدية بظهور عدد كبير من أعلام
الفقه من أبناء مصر حظوا برعاية طيبة من الأمراء الإخشيديين، وكان لهم نشاط
علمي ملحوظ في الحياة العلمية وكان على رأس الفقهاء الشافعية في هذا العهد
أبو بكر محمد بن جعفر الكناني المصري المعروف بابن الحداد
( ت 344 هـ/ 955 م ) الذي تولى القضاء والتدريس بمصر قال
عنه ابن خلكان: "كان متصرفًا في علوم كثيرة من علوم القرآن الكريم والفقه
والحديث والشعر وأيام العرب والنحو واللغة وغير ذلك، ولم يكن في زمانه
مثله، وكان محببًا إلى الخاص والعام، وحضر جنازته الأمير أبو القاسم أنوجور
بن الإخشيد وكافور وجماعة من أهل البلد"[2].
وظهر من فقهاء الشافعية ـ أيضًا ـ أبو رجاء محمد بن أحمد بن
الربيع الأسواني (ت 335 هـ / 946م )، وعبد الله بن محمد الخصيبي (ت 348 هـ
/ 959 هـ ) وعبد الله بن محمد بن عبد الله بن الناصح (ت 365 هـ / 976 م)[3].
أما فقهاء المالكية فيأتي في مقدمتهم هارون بن محمد بن
هارون الأسواني ( ت 327 هـ / 939م )[4]
وعلي بن عبد الله بن أبي مصر الإسكندراني ( ت 330 هـ / 942م ) وأبي بكر
أحمد بن عمرو الطحان ( ت 333هـ / 944 م ) ومحمد بن أحمد بن أبي يوسف الخلال
(ت 339 هـ / 950م )[5]
ومحمد بن يحيى بن مهدي بن هارون الأسواني ( ت 340 هـ / 951م ) وأحمد بن
محمد بن جعفر الأسواني ( ت 364 هـ / 975م )[6]
وغيرهم من العلماء.
الأدباء والشعراء ازدهر الأدب في مصر في العصر الإخشيدي، لكن يلاحظ أن حظ
النثر كان أوفر من حظ الشعر، وأن الشعر كانت فيه المسحة العراقية والميل
إلى السجع والمزاوجة مع إطناب في اللفظ وتكرار المعنى وإقبال على الجمل
القصيرة وكان فارس حلبة النثر الفني في العصر الإخشيدي إبراهيم بن عبد الله
بن محمد النجيرمي[7]
وممن برز من أبناء مصر في الأدب في العصر الإخشيدي سيبويه المصري وهو أبو
بكر محمد بن موسى بن عبد العزيز الكندي الصيرفي (ت 358 هـ / 968 م)[8].
أما الشعر في العصر الإخشيدي فكان هزيلاً نحيلاً ولا نكاد
نجد من الشعراء المصريين من يصل إلى مكانة شعراء العراق أمثال أبي تمام
والبحتري وابن الرومي ومن شعراء مصر في هذا العصر أحمد بن محمد بن إسماعيل
بن القاسم بن إبراهيم بن طباطبا ( ت 345 هـ / 956 م ) وقد روى الثعالبي
أبياتًا من مختاراته منها:
خليلي إني للثريا لحاسد ... وإني على صرف
الزمان لواجد
أيبقى جميعًا شملها وهي سبعة ... وأفقد من
أحببته وهو واحد؟
كذلك من لم تخترمه منية ... يرى عجبًا فيما
يرى ويشاهد
والقاسم بن أحمد الرسي وهو ابن الشاعر
السابق، وأدرك القاسم الدولة الفاطمية، وسعيد قاضي البقر، وكان مقربًا إلى
الإخشيد لما امتاز به من حلو الفكاهة وحسن الحديث، ومحمد بن الحسن بن
زكريا، ومهلهل بن يموت وغيرهم[9].
وقد زار مصر في العصر الإخشيدي بعض الشعراء المشهورين منهم
أبو الطيب المتنبي، فأقام بها أربع سنوات عند كافور الإخشيدي يمدحه بغرض
الحصول على منصب هام ولكنه لم ينل بغيته؛ فانقلب على كافور يهجوه هجاءً
قاسيًا.
ومما قاله المتنبي في مدح كافور:
كفى بك داءً أن ترى الموت شافيًا ... وحسب
المنايا أن يكن أمانيا[10]
كما مدحه بقوله:
قواصد كافور توارك غيره ... ومن قصد البحر
استقل السواقيا
فجاءت بنا إنسان عين زمانه ... وخلَّت
بياضاً خلفها ومآقيا[11]
ولما لم يحقق المتنبي ما كان يطمع فيه من مناصب؛ نظم قصيدته
الدالية المشهورة التي هجا فيها كافور ومطلعها:
عيدُ بأيّة حالٍ عُدْتَ يا عيدُ ... بما مضى
أمِ لأمر فيكَ تجديدُ
ومنها:
لا تشتر العبد إلا والعصا معه ... إن العبيد
لأنجاس مناكيد
من علم الأسود المخصي مكرمة ... أقومه البيض
أم آباؤه الصيد؟
أم أذنه في يد النخاس دامية ... أم قدره وهو
بالفلسين مردود؟
وذاك أن الفحول البيض عاجزة ... عن الجميل
فكيف الخصية السود[12]
ومنها:
أكلما اغتال عبدُ السوءِ سيده ... أو خانه
فله في مصرَ تمهيدُ
صار الخَصيُّ إمامَ الآبقين بها ... فالحرُّ
مستعَبدُ والعبدُ معبود[13]
النحاة أما النحو فقد نبغ فيه جماعة من العلماء من أشهرهم محمد بن
عبد الله بن مسلم ( ت 330 هـ / 941م ) وابن ولاد أبو العباس أحمد بن محمد
بن الوليد التميمي المصري مصنف كتاب " الانتصار لسيبويه " (ت 332 هـ /
943م )، وأبو جعفر النحاس أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس المرادي المصري (
ت 338 هـ / 949 م )[14].
وأبو بكر محمد بن موسى بن عبد العزيز الكندي المصري. يعرف
بابن الجبي، نسبة إلى جبة موضع بمصر، يلقب بسيبويه (ت 358 هـ / 969 م)[15].
القصاص كان بمصر في ذلك العصر جماعة من القصاص نذكر منهم: أبو
الحسن علي بن محمد بن أحمد بن الحسن البغدادي المصري (ت 338 هـ / 949 م )[16]
ومنهم أيضًا أئمة جامع عمرو بن العاص رضي الله عنه في ذلك العصر وهم عمر
بن الحسن الهاشمي، وسليمان بن محمد بن رستم، والحسن بن موسى الخياط[17].
المؤرخون أما المؤرخون في العصر الإخشيدي فكان لهم شأن عظيم منهم
الحسن بن القاسم بن جعفر بن دحية أبو علي الدمشقي ( ت 327 هـ )[18]
وأبو عمر الكندي محمد بن يوسف بن يعقوب بن حفص بن يوسف التجيبي ( ت 350 هـ
) يقول السيوطي: إن أبا عمر الكندي صنف كتاب فضائل مصر، وكتاب قضاة مصر في
زمن كافور[19].
كذلك المؤرخ الحسن بن إبراهيم المعروف بابن زولاق ( ت 387
هـ / 997 م ) ممن اهتموا بتدوين تاريخ مصر وخططها ومن مؤلفاته كتاب "فضائل
مصر" و"سيرة محمد بن طغج الإخشيد" و"أخبار سيبويه المصري" وغيرها من
المصنفات[20].
وابن يونس وهو أبو سعيد عبد الرحمن بن أبي الحسن أحمد بن
أبي موسى يونس بن عبد الأعلى بن موسى بن ميسرة بن حفص بن حيان الصدفي
المصري ( ت 347 هـ ) صاحب تاريخ مصر، كان خبيرًا بأيام الناس وتواريخهم[21]
جمع لمصر تاريخين أحدهما وهو الأكبر يختص بالمصريين، والآخر وهو صغير
يشتمل على ذكر الغرباء الواردين على مصر[22].
ومن المؤرخين الذين أدركوا العصر الإخشيدي سعيد بن البطريق (
ت 328 هـ / 939 م ) فقد كان بطريركًا على الإسكندرية، كما مارس الطب فترة
من الزمن بالفسطاط، وألف كتابه المشهور " التاريخ المجموع على التحقيق
والتصديق " تناول فيه التاريخ منذ الخليقة إلى العصر الذي عاش فيه[23].
الأطباء ظهر عدد كبير من الأطباء في الدولة الإخشيدية نذكر منهم:
نسطاس بن جريج كان نصرانيًا عالمًا بصناعة الطب، وكان في خدمة دولة الإخشيد
بن طغج، ولنسطاس بن جريج من الكتب: كناش، ورسالة إلى يزيد بن رومان
النصراني الأندلسي في البول[24].
والبالسي فقد كان طبيبًا فاضلاً متميزًا في معرفة الأدوية
المفردة وأفعالها، وله من الكتب كتاب " التكميل في الأدوية المفردة "
ألَّفه لكافور الإخشيدي[25].
والتميمي أبو عبد اللّه محمد بن أحمد بن سعيد التميمي، فقد
كان مقامه أولاً بالقدس ونواحيها وله معرفة جيدة بالنبات وماهياته والكلام
فيه، وكان متميزًا أيضًا في أعمال الطب والاطلاع على دقائقها، وله خبرة
فاضلة في تركيب المعاجين والأدوية المفردة.
انتقل إلى الديار المصرية، وأقام بها إلى أن توفي رحمه
اللّه.
وقال الصاحب جمال الدين بن القفطي في كتاب "إخبار العلماء
بأخبار الحكماء" إن التميمي محمد بن أحمد بن سعيد كان جده سعيد طبيبًا،
وكان له غرام وعناية تامة في تركيب الأدوية، وحسن اختيار في تأليفها، وعنده
غوص على أمور هذا النوع، واستغراق في طلب غوامضه، وهو الذي أكمل الترياق
الفاروق بما زاده فيه من المفردات، وذلك بإجماع الأطباء على أنه الذي
أكمله، وله في الترياق عدة تصانيف ما بين كبير ومتوسط وصغير، وقد كان
مختصًا بالحسن بن عبد اللّه بن طغج المستولي على مدينة الرملة، وما انضاف
إليها من البلاد الساحلية وكان مغرمًا به وبما يعالجه من المفردات
والمركبات، وعمل له عدة معاجين ولخالخ طبية ودخن دافعة للوباء وسطر ذلك في
أثناء مصنفاته، ثم أدرك الدولة العبيدية عند دخولها إلى الديار المصرية
وصحب الوزير يعقوب بن كلس وزير المعز والعزيز وصنف له كتاباً كبيراً في عدة
مجلدات سماه
" مادة البقاء بإصلاح فساد الهواء، والتحرز من ضرر الأوباء
".
كما ركب ترياقًا سماه مخلص النفوس قال عنه: هذا ترياق ألفته
بالقدس وأحكمت تركيبه مختص، نافع الفعل، دافع لضرر السمومات القاتلة
المشروبة والمصبوبة في الأبدان، بلسع ذوات السم من الأفاعي والثعابين،
وأنواع الحشرات المهلكة والعقارب الجرارات وغيرها، وذوات الأربع والأربعين
رجلاً، ومن لدغ الرتيلاء والعضايات مجرب ليس له مثل، ثم ساق مفرداته وصورة
تركيبه في كتابه المسمى بمادة البقاء، ولما كان بمصر صنف جوارشن وركبه
وسماه "مفتاح السرور من كل الهموم ومفرح النفوس" ألفه لبعض إخوانه بمصر،
وكان التميمي هذا موجودًا بمصر في سنة سبعين وثلاثمائة.
وللتميمي من الكتب " رسالة إلى ابنه علي بن محمد في صنعة
الترياق الفاروق والتنبيه على ما يغلظ فيه من أدوية، ونعت أشجاره الصحيحة
وأوقات جمعها وكيفية عجنه، وذكر منافعه وتجربته"، وكتاب آخر في الترياق،
وقد استوعب فيه تكميل أدويته وتحرير منافعه، وكتاب مختصر في الترياق، وكتاب
مادة البقاء بإصلاح فساد الهواء والتحرز من ضرر الأوباء " صنفه للوزير أبي
الفرج يعقوب بن كلس بمصر، ومقالة في ماهية الرمد وأنواعه وأسبابه وعلاجه،
وكتاب الفحص والأخبار[26].
السياسيون كان محمد بن طغج الإخشيد من السياسيين البارعين ومما يذكر
له في هذا المجال أنه حاول نفس المحاولة التي قام بها أحمد بن طولون من قبل
وهي نقل الخلافة العباسية إلى مصر لتكون تحت حمايته، وكانت محاولة الإخشيد
سنة 333هـ / 944م حينما استبد الأمراء الأتراك بالخليفة العباسي المتقي
بالله (329 هـ ـ 333هـ ) وتقاعس الحمدانيون في حلب عن نجدته فالتقى به
الإخشيد في الشام وأبدى له بالغ الاحترام والتقدير، ودعاه إلى ترك بغداد
والمجيء إلى مصر والإقامة بها وكان مما قاله للخليفة: " يا أمير المؤمنين
أنا عبدك وابن عبدك، وقد عرفت الأتراك وغدرهم وفجورهم، فالله في نفسك سر
معي إلى الشام ومصر فهي لك وتأمن على نفسك ".
ولكن الخليفة فضل ألا يترك عاصمة ملكه، ورفض عرض الإخشيد[27].
ولا شك أنه لو أتيح للإخشيد أن ينجح في جذب الخليفة إلى مصر
لتغير ـ إلى حد ما ـ مستقبل الخلافة ومستقبل مصر.
وكان كافور الإخشيدي من أبرز السياسيين في العصر الإخشيدي،
فقد عقد محمد بن طغج الإخشيد قبل وفاته لولده الصغير أبي القاسم أنوجور
الذي لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره عندما ولي الحكم، فتولى الوصاية عليه
غلام أبيه كافور الإخشيدي الذي أصبح صاحب النفوذ المطلق في الدولة
الإخشيدية.
فبعد وفاة محمد بن طغج الإخشيد سنة 334 هـ / 946م انفرد
كافور بالسلطة وأصبح صاحب الأمر والنهي، وكان يخرج لأنوجور كل سنة أربعمائة
ألف دينار لتغطية نفقاته، وعندما بلغ أنوجور سن الرشد حرضه بعض المتصلين
به على الثورة ضد كافور وتدبير شئون الدولة بنفسه، فابتعد أنوجور عن كافور
وقرر التوجه إلى الرملة لمناوأته، ولكن أمه خافت عليه وأخبرت كافور بخبره،
وانتهى الأمر بالصلح بينهما، وقد استطاع كافور أن يحافظ على الدولة أثناء
وصايته على أنوجور[28].
[1]
د/ حمدي عبد المنعم: محاضرات في تاريخ مصر الإسلامية، ص 349.
[2]
ابن خلكان: وفيات الأعيان 4 / 197، 198. د/ محمود الحويري: مصر في العصور
الوسطى الأوضاع السياسية والحضارية، ص134.
[3]
الأدفوي: الطالع السعيد لأسماء نجباء الصعيد، ص 485. السيوطي: حسن
المحاضرة 1 / 401.
[4]
الأدفوي: الطالع السعيد لأسماء نجباء الصعيد، ص686 .
[5]
السيوطي: حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة 1/ 449.
[6]
الأدفوي: الطالع السعيد لأسماء نجباء الصعيد، ص 638 ، 639، 643. السيوطي:
حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة 1/ 442، 449.
[7]
د/ سيدة إسماعيل كاشف: مصر في عصر الإخشيديين، ص325. د/ محمود
الحويري: مصر في العصور الوسطى الأوضاع السياسية والحضارية، ص137.
[8]
المقريزي: المقفى 7 / 313. د/ محمود الحويري: مصر في العصور
الوسطى الأوضاع السياسية والحضارية، ص137.
[9]
السيوطي: حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة 1/ 240. الثعالبي: يتيمة
الدهر 1 / 370. د/ مصطفى طه بدر: مصر الإسلامية، ص 279. د/ محمود الحويري:
مصر في العصور الوسطى الأوضاع السياسية والحضارية، ص137. د/ حمدي عبد
المنعم: محاضرات في تاريخ مصر الإسلامية، ص363 ـ 365.
[10]
النويري: نهاية الأرب في فنون الأدب 2 / 306. د/ محمود الحويري: مصر في
العصور الوسطى الأوضاع السياسية والحضارية، ص 137، 138. د/ حمدي عبد
المنعم: محاضرات في تاريخ مصر الإسلامية، ص 365، 366.
[11]
السيوطي: حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة 1/ 200 .
[12]
الثعالبي: يتيمة الدهر 1/ 66.
[13]
يوسف البديعي: الصبح المنبي عن حيثية المتنبي، ص32. د/ محمود الحويري: مصر
في العصور الوسطى الأوضاع السياسية والحضارية، ص 138.
[14]
السيوطي: حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة 1/ 531. د/ محمود الحويري:
مصر في العصور الوسطى الأوضاع السياسية والحضارية، ص 138، 139. د/ حمدي عبد
المنعم: محاضرات في تاريخ مصر الإسلامية،ص357.
[15]
السيوطي: حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة 1/ 228.
[16]
السيوطي: حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة 1/ 227.
[17]
د/ سيدة إسماعيل كاشف: مصر في عصر الإخشيديين، ص197. د/ حمدي
عبد المنعم: محاضرات في تاريخ مصر الإسلامية،ص358.
[18]
ابن كثير: البداية والنهاية 11 / 215.
[19]
السيوطي: حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة 1/ 185.
[20]
ابن خلكان: وفيات الأعيان 2 / 91، 92. السيوطي: حسن المحاضرة 1/ 553، 554.
ابن كثير: البداية والنهاية 11/ 221.
[21]
السيوطي: حسن المحاضرة 1 / 147. الذهبي: العبر في خبر من غبر 1 / 142.
[22]
ابن خلكان: وفيات الأعيان 3 / 137.
[23]
د/ سيدة إسماعيل كاشف: مصر في عصر الإخشيديين، ص 345. د/ محمود
الحويري: مصر في العصور الوسطى الأوضاع السياسية والحضارية، ص 140.
[24]
ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء في طبقات الأطباء 3/ 354.
[25]
ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء في طبقات الأطباء 3/ 355.
[26]
ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء في طبقات الأطباء 3/361 ـ 366.
[27]
المقريزي: المقفى 5/ 749، 750. ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة 3 / 254 ،
255. د/ محمود الحويري: مصر في العصور الوسطى الأوضاع السياسية والحضارية، ص
130، 131.
[28]
ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة 3 م 292، 293. د/ محمود الحويري: مصر في
العصور الوسطى الأوضاع السياسية والحضارية، ص 131.
الدولة الإخشيدية في عيون المؤرخين المسلمينلقد أشاد المؤرخون بمحمد بن طغج الإخشيد ومدحوه فوصفه
المقريزي قائلاً: "وكان حازمًا شديد التيقظ في حروبه حسن التدين مكرمًا
للأجناد شديد القوى لا يكاد يجر قوسه غيره حسن السيرة في الرعية نجيبًا
شهمًا"[1].
ويقول عنه ابن تغري بردي: "... وكان كافور عاقلاً سيوسًا".
وقال الذهبي: "وكان كافور يدني الشعراء ويجيزهم، تقرأ عنده
في كل ليلة السير وأخبار الدولة الأموية والعباسية وله ندماء، وكان عظيم
الحمية ... زاد ملكه على ملك مولاه الإخشيد، وكان كريمًا كثير الخلع
والهبات، خبيرًا بالسياسة، فطنًا ذكيًا جيد العقل داهية، كان يهادي المعز
صاحب المغرب ويظهر ميله إليه، وكذا يذعن بالطاعة لبني العباس، ويداري ويخدع
هؤلاء وهؤلاء، وتم له الأمر"[2].
كان مغرمًا بالرمي، وكان يداوم الجلوس غدوة وعشية لقضاء
حوائج الناس، وكان يتهجد ويمرغ وجهه ساجدًا ويقول: اللهُمَّ لا تُسلِّط
عليَّ مخلوقاً[3].
أما الدكتورة/ سيدة إسماعيل كاشف فتقول:
ومع أن استقلال مصر في العصر الإخشيدي كان استقلالاً ملموسًا لا شك فيه وإن
ظلت الروابط الروحية ومقتضيات الأحوال السياسية تربطها بالحكومة المركزية
في بغداد من غير أن تصل بها إلى التبعية المطلقة شأنها في ذلك شأن الدولة
الطولونية، إلا أن استقلال الطولونيين كان يبدو لبعض الباحثين أوضح وأظهر
أثرًا، ولعل السبب في هذا أن الإخشيديين لم يحاربوا الحكومة المركزية في
بغداد صراحة كما فعل أحمد بن طولون وابنه خمارويه[4].
ويقول الدكتور/ محمود الحويري: "هنا نلاحظ أن استقلال مصر
في عصر الإخشيديين في ظل تبعية اسمية للخلافة العباسية لهو خير دليل على
احتفاظ مصر بشخصيتها على نسق فريد، يختلف تمامًا عن الدويلات التي قامت في
العالم الإسلامي، والتي نزعت إلى الاستقلال القومي في فارس في القرنين
الثالث والرابع الهجري ( التاسع والعاشر الميلادي )"[5].
ويقول الدكتور/ حسن أحمد محمود ، والدكتور/ أحمد إبراهيم
الشريف: "... إن الدولة التي أقامها الإخشيد في مصر أتاحت للشعب المصري أن
يعيش فترة من الزمن في هدوء واستقرار بعيدًا عن الفوضى والفتن التي انتابت
الخلافة العباسية، ومن أجل المحافظة على نفوذه في مصر والشام أسس الإخشيد
جيشًا قويًا ليعزز سياسته الداخلية والخارجية على غرار ما فعله أحمد بن
طولون قبله كما سار على نفس السياسة التي سار عليها وهي تقربه من المصريين
واكتساب ودهم والفوز بولاء الأقباط الذين كانوا لا يزالون في ذلك الوقت قوة
يحسب لها حساب"[6].
[1]
المقريزي: المقفى 5 / 752.
[2]
الذهبي: تاريخ الإسلام 6 / 174. ابن تغري بردي: النجوم
الزاهرة 1/ 390.
[3]
ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة 1/ 390.
[4]
د/ سيدة إسماعيل كاشف: مصر في عصر الإخشيديين، ص393.
[5]
د/ محمود الحويري: مصر في العصور الوسطى، ص127.
[6]
د/ حسن أحمد محمود، د/ أحمد إبراهيم الشريف: العالم الإسلامي في العصر
العباسي، ص438.
الدولة الإخشيدية في عيون غير المسلمينيقول آدم متز عن لقب الأمراء: "بهذا الاسم
كان يسمى ولاة البلاد ـ وكذلك أبناء بيت الخلافة ـ إلا كافورًا بمصر امتنع
من التسمي بالإمارة ورأى تواضعًا أن يجرى على رسمه في المخاطبة بالأستاذية"[1].
"وقد حسن حال مصر على يديه وعنى بالنظام
فيها وأمر بضرب الدينار الإخشيدي على عيار كامل وصلحت النقود في عهده بعد
فسادها، وكان جيشه أعظم جيوش عصره"[2].
"كان الغالب على الإخشيد الحياء ورقة
الوجه، وكان إذا صادر أحدًا لم يعذبه ولم يضربه ولم يضيق عليه ولم يره حتى
تنتهي المصادرة، وكان رسمه ألا يتعرض للحرم، وكان يحب الصالحين ويكرمهم
ويركب إليهم ويطلب دعاءهم"[3].
"وكان الثلج يحمل من الشام إلى قصر كافور
الإخشيدي بمصر ليستعمل في تبريد المشروبات"[4].
"في عام 324 هـ شرع الإخشيد في إجراء حلبة
السباق على رسم أحمد بن طولون"[5].
أما لينبول فيقول: "إن حكومة الإخشيديين
كانت من الناحية الشرعية لا تزيد عن كونها حكومة إقليمية تابعة للخلافة
العباسية، أما من ناحية الواقع فإن هذه الحكومة كانت مستقلة استقلالاً يكاد
يكون تامًا، وكانت لها جميع مظاهر الحكومات المستقلة تقريبًا"[6].
كما شهد البابا شنودة للدولة الإخشيدية،
ومؤسسها محمد بن طغج الإخشيد [323 – 334 هـ / 935 – 946 م] "الذي كان يبنى
الكنائس بنفسه وتولى ترميمها"[7].
ويقول ـ أيضًا ـ " ونذكر أيضًا بعض
نواحي محبة وتعاون ؛ فمثلاً في الدولة الإخشيدية كان
محمد بن طغج الإخشيدي يحتفل مع الأقباط بعيد
الغطاس في جزيرة في النيل، وقد أوقدوا حوله ألف قنديل
"[8]
[1]
آدم متز: الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، نقله إلى العربية/
محمد عبد الهادي أبو ريدة 1 / 27.
[2]
آدم متز: الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، نقله إلى العربية/
محمد عبد الهادي أبو ريدة 1 / 53.
[3]
آدم متز: الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، نقله إلى العربية/
محمد عبد الهادي أبو ريدة 1 / 54.
[4]
آدم متز: الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، نقله إلى العربية/
محمد عبد الهادي أبو ريدة 2 / 211.
[5]
آدم متز: الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، نقله إلى العربية/
محمد عبد الهادي أبو ريدة 2 / 215، 216.
[6]
Lan Poole:Ahist Of Egypt In The Middle Ages. P.86.
[7]
من خطاب البابا شنودة في احتفال وضع حجر الأساس لمستشفى مارمرقس
بحضرة الرئيس أنور السادات في 11 أكتوبر سنة 1977م، انظر مجلة "وجهات نظر" ص
18، 20. عدد ديسمبر سنة 2005م، القاهرة.
[8]
المؤتمر العام السادس عشر للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية في الفترة
من 8 ـ 11 ربيع الأول عام 1425 هـ / 28 إبريل ـ 1 مايو 2004 م ، وكان
موضوع المؤتمر " التسامح في الحضارة الإسلامية " ، وكان ممن تحدث في هذا
المؤتمر البابا شنودة الثالث.
سقوط الدولة الإخشيدية بعد وفاة كافور الإخشيدي في جمادى الأولى
سنة 357 هـ / أبريل 968 م عمت الفوضى والاضطرابات معظم أنحاء مصر، وتدهورت
أحوالها الاقتصادية، فأصابها القحط والوباء والغلاء الشديد الناجم عن نقص
فيضان النيل، وهاجم القرامطة بلاد الشام وامتد نفوذهم إليها، في الوقت الذي
عجزت فيه الخلافة العباسية عن إعادة الأمور إلى نصابها في مصر، ولذلك اتصل
المصريون بالفاطميين في بلاد المغرب، ودعوهم للحضور إلى مصر رغبة في
التخلص من الأحوال السيئة التي تردوا فيها، وساعدوهم على فتحها وإسقاط
الدولة الإخشيدية[1].
[1]
د/ محمود الحويري: مصر في العصور الوسطى الأوضاع السياسية
والحضارية، ص133.