شرح المفردات(1):
(لَحْم جَمَل غَثّ):
الْمُرَاد بِالْغَثِّ الْمَهْزُول.
(عَلَى رَأْس جَبَل وَعْر)
أَي: صَعْب الْوُصُول إِلَيْهِ. فَالْمَعْنَى أَنَّهُ قَلِيلُ الْخَيْر
مِنْ أَوْجُه: مِنْهَا كَوْنه كَلَحْمٍ لاَ كَلَحْمِ الضَّأْن, وَمِنْهَا
أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ غَثٌّ مَهْزُولٌ رَدِيءٌ, وَمِنْهَا أَنَّهُ صَعْبُ
التَّنَاوُل لاَ يُوصَل إِلَيْهِ لاَ بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ.
(عَلَى رَأْس جَبَل):
أَي: يَتَرَفَّعُ, وَيَتَكَبَّرُ, وَيَسْمُو بِنَفْسِهِ فَوْق مَوْضِعهَا
كَثِيرًا, أَي: أَنَّهُ يَجْمَعُ إِلَى قِلَّةِ خَيْرِهِ تَكَبُّره وَسُوء
الْخُلُق.
(وَلاَ سَمِين فَيُنْتَقَل)
أَي: تَنْقُلُهُ النَّاس إِلَى بُيُوتهمْ لِيَأْكُلُوهُ, بَلْ يَتْرُكُوهُ
رَغْبَة عَنْهُ لِرَدَاءَتِهِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَيْسَ فِيهِ
مَصْلَحَةٌ يَحْتَمِلُ سُوءُ عِشْرَته بِسَبَبِهَا.
(لاَ أَبُثُّ خَبَرَهُ)
أَي: لاَ أَنْشُرهُ وَأُشِيعُهُ.
(إِنِّي أَخَاف أَنْ لاَ
أَذَرَهُ): فِيهِ تَأْوِيلاَنِ أَحَدهمَا لِابْنِ السِّكِّيت
وَغَيْره: أَنَّ الْهَاء عَائِدَة عَلَى خَبَره, فَالْمَعْنَى أَنَّ خَبَره
طَوِيل إِنْ شَرَعْت فِي تَفْصِيله لاَ أَقْدِرُ عَلَى إِتْمَامه
لِكَثْرَتِهِ.
وَالثَّانِيَة أَنَّ الْهَاء عَائِدَة عَلَى
الزَّوْج, وَتَكُون (لاَ) زَائِدَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: (مَا مَنَعَك أَنْ لاَ تَسْجُدَ)
وَمَعْنَاهُ: إِنِّي أَخَاف أَنْ يُطَلِّقَنِي فَأَذَرَهُ.
(عُجَره وَبُجَره):
فَالْمُرَاد بِهِمَا عُيُوبُهُ, وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْره:
أَرَادَتْ بِهِمَا عُيُوبه الْبَاطِنَة, وَأَسْرَاره الْكَامِنَة.
وَأَصْلُ الْعُجَر: أَنْ يَعْتَقِدَ
الْعَصَب أَو الْعُرُوق حَتَّى تَرَاهَا نَاتِئَة مِن الْجَسَد.
وَالْبُجَر: نَحْوهَا لاَ أَنَّهَا فِي
الْبَطْن خَاصَّة, وَاحِدَتهَا بُجْرَة, وَمِنْهُ قِيلَ: رَجُل أَبْجَر
إِذَا كَانَ نَاتِئ السُّرَّة عَظِيمهَا, وَيُقَالُ أَيْضًا: رَجُل أَنْجَر
إِذَا كَانَ عَظِيمَ الْبَطْن, وَامْرَأَة بَجْرَاء وَالْجَمْع بُجَر. (فَالْعَشَنَّق):
بِعَيْنٍ مُهْمَلَة مَفْتُوحَة ثُمَّ شِين مُعْجَمَة مَفْتُوحَة ثُمَّ
نُون مُشَدَّدَة ثُمَّ قَاف, وَهُوَ الطَّوِيل, وَمَعْنَاهُ: لَيْسَ فِيهِ
أَكْثَر مِنْ طُول بِلاَ نَفْع, فَإِنْ ذَكَرْت عُيُوبه طَلَّقَنِي, وَإِنْ
سَكَتّ عَنْهَا عَلَّقَنِي, فَتَرَكَنِي لاَ عَزْبَاء وَلاَ مُزَوَّجَة.
(زَوْجِي كَلَيْلِ
تِهَامَة لاَ حَرَّ وَلاَ قَرَّ, وَلاَ مَخَافَة وَلاَ سَآمَة):
هَذَا مَدْح بَلِيغ, وَمَعْنَاهُ: لَيْسَ فِيهِ أَذَى, بَلْ هُوَ رَاحَة
وَلَذَاذَة عَيْش, كَلَيْلِ تِهَامَة لَذِيذ مُعْتَدِل, لَيْسَ فِيهِ حَرّ,
وَلاَ بَرْد مُفْرِط, وَلاَ أَخَافُ لَهُ غَائِلَة لِكَرمِ أَخْلاَقه,
وَلاَ يَسْأَمُنِي وَيَمَلُّ صُحْبَتِي.
(زَوْجِي إِنْ دَخَلَ
فَهِد, وَإِنْ خَرَجَ أَسِد, وَلاَ يَسْأَل عَمَّا عَهِدَ)
هَذَا أَيْضًا مَدْح بَلِيغ , فَقَوْلهَا : فَهِد بِفَتْحِ الْفَاء وَكَسْر
الْهَاء تَصِفُهُ إِذَا دَخَلَ الْبَيْت بِكَثْرَةِ النَّوْم وَالْغَفْلَة
فِي مَنْزِله عَنْ تَعَهُّد مَا ذَهَبَ مِنْ مَتَاعه وَمَا بَقِيَ,
وَشَبَّهَتْهُ بِالْفَهِدِ لِكَثْرَةِ نَوْمه, يُقَال: أَنْوَم مِنْ فَهِد.
(وَلاَ يَسْأَل عَمَّا
عَهِدَ): أَي: لاَ يَسْأَلُ عَمَّا كَانَ عَهِدَهُ فِي الْبَيْت
مِنْ مَاله وَمَتَاعه, وَإِذَا خَرَجَ أَسِد بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَكَسْر
السِّين, وَهُوَ وَصْف لَهُ بِالشَّجَاعَةِ, وَمَعْنَاهُ: إِذَا صَارَ
بَيْن النَّاس أَوْ خَالَطَ الْحَرْب كَانَ كَالْأَسَدِ, يُقَال: أَسِدَ
وَاسْتَأْسَدَ.
قَالَ الْقَاضِي: وَقَال ابن أَبِي أُوَيْس:
مَعْنَى فَهِد إِذَا دَخَلَ الْبَيْت وَثَبَ عَلَيَّ وُثُوب الْفَهد
فَكَأَنَّهَا تُرِيدُ ضَرْبهَا, وَالْمُبَادَرَة بِجِمَاعِهَا, وَالصَّحِيح
الْمَشْهُور التَّفْسِير الْأَوَّل.
(اللَّفّ): فِي
الطَّعَام الْإِكْثَار مِنْهُ مَعَ التَّخْلِيط مِنْ صُنُوفه حَتَّى لاَ
يَبْقَى مِنْهَا شَيْء.
(وَالاِشْتِفَاف): فِي الشُّرْب أَنْ يَسْتَوْعِبَ جَمِيع مَا فِي
الْإِنَاء, مَأْخُوذ مِن الشُّفَافَة بِضَمِّ الشِّين, وَهِيَ مَا بَقِيَ
فِي الْإِنَاء مِن الشَّرَاب, فَإِذَا شَرِبَهَا قِيلَ: اِشْتَفَّهَا,
وَتَشَافَهَا.
(وَلاَ يُولِجُ الْكَفّ
لِيَعْلَم الْبَثّ): قَالَ أَبُو عُبَيْد: أَحْسِبُهُ كَانَ
بِجَسَدِهَا عَيْبٌ أَوْ دَاءٌ كنت بِهِ, لِأَنَّ الْبَثَّ الْحُزْنُ,
فَكَانَ لاَ يُدْخِلُ يَده فِي ثَوْبِهَا لِيَمَسّ ذَلِكَ فَيَشُقّ
عَلَيْهَا, فَوَصَفَتْهُ بِالْمُرُوءَةِ وَكَرَم الْخُلُق.
وَقَالَ الْهَرَوِيُّ: قَالَ ابن الْأَعْرَابِيّ:
هَذَا ذَمّ لَهُ, أَرَادَت: وَإِن اضْطَجَعَ وَرَقَدَ اِلْتَفَّ فِي
ثِيَابه فِي نَاحِيَةٍ, وَلَمْ يُضَاجِعْنِي لِيَعْلَمَ مَا عِنْدِي مِنْ
مَحَبَّتِهِ. قَالَ: وَلاَ بَثَّ هُنَاكَ لاَ مَحَبَّتهَا الدُّنُوّ مِنْ
زَوْجهَا.
وَقَالَ آخَرُونَ: أَرَادَتْ أَنَّهُ لاَ يَفْتَقِد
أُمُورِي وَمَصَالِحِي.
(عَيَايَاء) بِالْمُهْمَلَةِ, وَفِي
أَكْثَر الرِّوَايَات بِالْمُعْجَمَةِ, وَأَنْكَرَ أَبُو عُبَيْد وَغَيْره
الْمُعْجَمَة, وَقَالُوا: الصَّوَاب الْمُهْمَلَة, وَهُوَ الَّذِي لاَ
يُلْقِح.
وَقِيلَ: هُوَ الْعِنِّين الَّذِي تَعِيبُهُ
مُبَاضَعَة النِّسَاء, وَيَعْجِز عَنْهَا.
(غَيَايَاء) بالغَيْنِ الْمُعْجَمَة؛ مِن الْغَيّ, وَهُوَ
الِانْهِمَاك فِي الشَّرّ, أَوْ مِن الْغَيّ الَّذِي هُوَ الْخَيْبَة.
قَالَ اللَّه تَعَالَى : (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ
غَيًّا).
(طَبَاقَاء)
فَمَعْنَاهُ: الْمُطْبَقَة عَلَيْهِ أُمُوره حُمْقًا.
وَقِيلَ: الَّذِي يَعْجِز عَن الْكَلاَم,
فَتَنْطَبِق شَفَتَاهُ.
وَقِيلَ: هُوَ الْعِيّ الْأَحْمَق الْفَدْم.
(شَجَّك) أَي:
جَرَحَك فِي الرَّأْس, فَالشِّجَاج جِرَاحَات الرَّأْس, وَالْجِرَاح فِيهِ
وَفِي الْجَسَد.
(فَلَّك)
الْفَلُّ الْكَسْر وَالضَّرْب.
وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا مَعَهُ بَيْن شَجّ رَأْس,
وَضَرْب, وَكَسْر عُضْو, أَوْ جَمْع بَيْنهمَا. وَقِيلَ: الْمُرَاد
بِالْفَلِّ هُنَا الْخُصُومَة.
(كُلّ دَاء لَهُ دَاء)
أي: جَمِيع أَدْوَاء النَّاس مُجْتَمِعَة فِيهِ.
(الزَّرْنَب):
نَوْع مِن الطِّيب مَعْرُوف. قِيلَ: أَرَادَتْ طِيب رِيح جَسَده.
وَقِيلَ: طِيب ثِيَابه فِي النَّاس.
وَقِيلَ: لِين خُلُقه وَحُسْن عِشْرَته.
(وَالْمَسّ مَسّ أَرْنَب) صَرِيح فِي لِين
الْجَانِب, وَكَرَم الْخُلُق.
(رَفِيع الْعِمَاد):
وَصْفه بِالشَّرَفِ, وَسَنَاء الذِّكْر. وَأَصْل الْعِمَاد عِمَاد
الْبَيْت, وَجَمْعه عُمُد, وَهِيَ الْعِيدَانِ الَّتِي تُعْمَدُ بِهَا
الْبُيُوت, أَي: بَيْته فِي الْحَسَب رَفِيع فِي قَوْمه.
وَقِيلَ: إِنَّ بَيْته الَّذِي يَسْكُنُهُ رَفِيع
الْعِمَاد لِيَرَاهُ الضِّيفَان وَأَصْحَاب الْحَوَائِج فَيَقْصِدُوهُ,
وَهَكَذَا بُيُوت الْأَجْوَاد.
(طَوِيل النِّجَاد):
بِكَسْرِ النُّون تَصِفُهُ بِطُولِ الْقَامَة, وَالنِّجَاد حَمَائِل
السَّيْف, فَالطَّوِيل يَحْتَاجُ إِلَى طُول حَمَائِل سَيْفه, وَالْعَرَب
تَمْدَح بِذَلِكَ.
(عَظِيم الرَّمَاد):
تَصِفُهُ بِالْجُودِ وَكَثْرَة الضِّيَافَة مِن اللُّحُوم وَالْخُبْز,
فَيَكْثُرُ وَقُوده, فَيَكْثُر رَمَاده. وَقِيلَ: لِأَنَّ نَاره لاَ
تُطْفَأُ بِاللَّيْلِ لِتَهْتَدِي بِهَا الضِّيفَان, وَالْأَجْوَاد
يُعَظِّمُونَ النِّيرَان فِي ظَلاَم اللَّيْل, وَيُوقِدُونَهَا عَلَى
التِّلاَل وَمَشَارِف الْأَرْض, وَيَرْفَعُونَ الْأَقْبَاس عَلَى
الْأَيْدِي لِتَهْتَدِي بِهَا الضِّيفَان.
(قَرِيب الْبَيْت مِن
النَّادِي) قَالَ أَهْل اللُّغَة: النَّادِي وَالنَّاد
وَالنَّدَى وَالْمُنْتَدَى مَجْلِس الْقَوْم, وَصَفَتْهُ بِالْكَرَمِ
وَالسُّؤْدُد, لِأَنَّهُ لاَ يَقْرُب الْبَيْت مِن النَّادِي لاَ مَنْ
هَذِهِ صِفَته; لِأَنَّ الضِّيفَان يَقْصِدُونَ النَّادِي, وَلِأَنَّ
أَصْحَاب النَّادِي يَأْخُذُونَ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي مَجْلِسهمْ
مِنْ بَيْت قَرِيب النَّادِي, وَاللِّئَام يَتَبَاعَدُونَ مِن النَّادِي.
(1) ينظر: شرح صحيح مسلم للنووي، 15/ 213-221.