يتكلم عرب جبل الطور اللغة العربية وبلهجة خاصة تعرف باللهجة المحلمية ، وهي لهجة المنطقة الممتدة من الموصل الى بازبدي وماردين
وصولا إلى طور عبدين وبعض المناطق الواقعة في اقليم ديار بكر والتي تعرف بلغة أهل الجزيرة أو اللغة الجزراوية والتي قال عنها المقدسي:
( وأهل الجزيرة لغتهم حسنة أصح من لغة أهل الشام لأنهم عرب وأحسنها الموصلية ) 1 .
وهي لهجة المناطق التي سكنتها قبائل بكر وتغلب والتي حملت معها لهجاتها الى هذه المناطق وحافظت عليها حسب ما ذكر عادل البكري في كتابه اللهجة
الموصلية ( ورغم ذلك فإن اللهجة الموصلية تعتبر أقرب أللهجات إلى اللغة ألفصحى ... ويعود ألفضل في ذلك إلى وجود القبائل العربية التي نقلت معها
لهجاتها وتقاليدها وحافظت عليها ) 2 .
واللهجة المحلمية لهجة عريقة واصيلة ومازال أصحابها متمسكين بها حتى في خارج موطنها ولها خواص وقواعد مستمدة من اللغة الفصحى ، ومنها
عندما ينادي احدهم على الآخر من بعيد فيجيبه المنادى ( لبييييي ) اي ( لبيك ) وعندما يسالونك عن شيء لا يتمنون حدوثه فيقولون ( سقط فلان كت
مات ) وكلمة سقط تعني سقطا مجرد كلام لامعنى له ويقال سقط في كلامه وبكلامه سقطا وعندما يتمنون حدوثة فيقولون (حقا فلان كت مات ) ورديفها
في الفصحى ( حقا فلان قد مات ) وكت = قد وهو حرف تحقيق .
ويقولون للقادم من السفر قوّاك الله وعندما تقل للمحلمي في الاعياد عيد مبارك عليك فيجيبك عليك وعلى كل من لك واحيانا يختصرها إلى كمن لك ،
وجملة ( الله يطعمك كماه تقال ) للرد على تهنئه بقدوم مولود اواقتناء شيء
وعندما ينتهي من طعام أو شراب قدم له من باب الضيافة فيقول : ( دايمة قط وقط ) وقط من الفصحى وتعني أبدا كأن تقل ( لم أره قط ) ، وعندما
يسألك عن صحتك فيقول
كيف انت انشا الله متروّح ) اي مرتاح ، ويسمي شوربة العدس ( مخلوطة ) وأحيانا ( مشوشة ) وللأسمين
معنى واحدا كأن تقل اختلط عليه الأمر أو تشوش علية الأمر .
ويستعمل أين كنت و من أنت وكيف انت ، ويطلق على فرخ الأرنب خرنق وبئر الماء جب وعلى الغزو سبي ويختصر هكذا الى هاك ويضيف
الواو والنون في آخر الفعل المضارع للجمع ( يقولون - يرون ..... ) ويضيف الضمة فوق تاء الفاعل في الفعل الماضي مثل ( قلت - نمت ... )
ويستعمل الكسرة في كاف المؤنثة المخاطبة مثل ( لك - بيتك ... ) و يقول تنام أي تأنام (سوف أنام ) وينادي جده ( سيدي ) و جدته ميمتي
ويستعمل (ت) بدلا من (السين ) مثل تينامون ويضع السكون فوق الياء مثل بيت و أين و ليش وغيرها .
و لهذه اللهجة خواص أهمها :
- تبديل حرف الواو بالياء مثل يليق تصير يلوق ,و أحيانا بالعكس مثل يعدو تصير( يعدي ) يركض وهذا ما يعرف بالوقف باللغة العربية .
- إمالة ألألف إلى ياء انكليزية E مثل ضبع تصير ضبيع ويعرف بالاصطناج بالفصحى
- تقديم حرف وتأخير آخر في بعض الكلمات مثل ( عصفور - ملعقة - رأيت ) فتصير ( عفصور - معلقة - اريت)
- قلب الضاد ظاء مثل ضبع = ظبع.. ( لا تلفظ مثل حرف الظاء القريب من الزين )
- قلب السين صاد إذا تبعها حرف النون مثل سنور = صنور ( الهر )
- التعقيب بين الفاء والثاء مثل فم = ثم والعرب تعقب بين الفاء والثاء
- زيادة الباء في أول الفعل المضارع مثل أروح = بروح.. وهذه الخاصية يستعملها الراشدية والمخاشنية فقط .
- إبدال الهمزة قاف مثل سؤال = سقال ويلفظها البدو سعال وهذه الخاصية للراشدية والمخاشنية ايضا .
- قلب الميم نون وخاصة حالة الجمع كما في فيكم = فيكن ، بيتكم = بيتكن
-إبدال الهمزة عينا انقرا تصير عنقرا وتعرف بالعنعنة
وهنا قائمة ببعض الأسماء المستعملة في اللهجة المحلمية :
الجوف = البطن
فؤاد = قلب
ساق = رجل
غلام = خادم
الختن = الصهر
دقيق = طحين
زاغ = صوص
هرم = عجوز
موضع = مكان
كما = مثل
الشعفة = الشعر
الخوصة = الخاتم المذهب
الهبوة = ذرات الثلج الناعمة
قال الأخطل :
ولو كنت أبصرت القنابل والقنا **** وهبوة يوم هيجتها الحوافر
القيلة = الفتاق
الاست = مؤخرة الانسان
قال سويد بن كاهل يهجو بني شيبان:
فلما التقوا بالمشرفية ذبذبت **** موالية إستاه شيبان تقطر
بعير = جمل
الجون = الاسود الغامق
وقال إمرؤ القيس :
ونشرب حتى نحسب النخل حولنا **** نقادا وحتى نحسب الجون أشقرا
القوبا = ألقوباء (مرض جلدي )
نفسا = نفساء
ربية = ورم
جرب = أجرب
سخلة = رذيلة
القز = الحرير
القبا = القباء (رداء يلبسه العرب فوق ثيابهم )
ويقول هذا البيت من الشعر المحلمي :
قامتكي الصنوبرة ومن الهوا تهتز **** وتلوق لخوي وسط الشال والقبا والقز
النقد = مهر العروس
أثمان = دراهم
وهناك بعض الأفعال التي تستخدم في هذه اللهجة
يرى = يشاهد
يستخبر = يسأل
يعلق = يشعل
يزعق = يصرخ
يحزق = يشد
يصغي = يستمع
يشتم = يسب
يكدي = ( يجذي ) يشحذ
يحوّل (العروس) = يزفها
يقمع = يقتلع
يهتك = يفضح
متروّح = مرتاح
وقال ابو محنف في خروج صالح بن مسرح في دارا : ( فحدثني المحلمي فقال: فلمّا امسوا رجعوا الى عسكرهم ورجعنا الى عسكرنا
فصلينا وتروّحنا ( ارتحنا ) واكلنا من الكسر .
و يطلقون ايضا على من شفي من مرضه (تروّح )
وغيرها الكثير من الكلمات والأفعال التي لا يستعملها احد غيرهم
ويبق سؤال أخير هل هذه اللهجة هي نفسها التي كانوا يستعملوها قبل أن يتحضروا ويدخلوا القرارات أقول نعم وإن كانت قد تطورت قليلا
فما زالوا يسكنون المتحرك استخفافا كأن يقولوا, ايش بك ، من انت ، وهذه اللغة هي في كثير من
تغلب، ثم إذا تناسبت الضمتان أو الكسرتان في كلمة خففوا أيضاً، فيقولون في طرقات ، طر قات ،وما زالوا يستعملونها الى اليوم وغيرها
و تخلوا عن الكثير من الكلمات ثقيلة اللفظ كالكسكسة ..التي عرفت بها بكر وهي اضافة السين ، بعد كاف ألمؤنثه المخاطبة ، مثل أبوك
فكانوا يلفظوها ابوكس ،
وهل اللهجة البدوية اليوم هي اللهجة نفسها التي كان يستعملها الإعراب في تلك الأوقات فأجيب بما قاله الأستاذ الشاعر خير الدين الزركلي في
كتابه ( أدب البداة )
ليس من الخطأ في شيء أن يقول قائل : أن عرب الجاهلية وصدر الإسلام وما بعد هذين العصرين اللذين اينعت فيهما ثمار الأدب والشعر
واتت قرائح أبنائهما بالمعجب و المطرب لم يبرحوا يراهم من يرى عرب هذا الجيل في الكثير من عاداتهم أو أخلاقهم وآدابهم إلا ما فقدوه
وهو الخسارة الكبرى أعني ( الأعراب ) في لغتهم 3.
منقول من موقع المحلمية
///////////////////////
1 - المقدسي - أحسن التقاسيم - ص 139
2 - عادل البكري - الفصيح في اللهجة الموصلية - ص 115
3 - أحمد وصفي زكريا - عشائر الشام - ص 303