أهالي الأنبار وسياسيوها: لن نسمح للشركات الأجنبية باستغلال غازنا ما لم تلب مطالبنا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]يطالبون بفرص عمل لأبناء المحافظة.. ويتهمون حكومة المالكي بتجاهلهم لاعتبارات مذهبية
فيما تبدو الكتل السياسية في العراق عاجزة عن تشكيل حكومة وطنية، يتحدى المشرعون والأهالي في محافظة الأنبار السيطرة المركزية على الموارد الطبيعية في محافظتهم. ويضيف هذا الصراع – الذي يضع محافظة سنية في مواجهة إدارة ذات أغلبية شيعية – عنصرا صداميا جديدا إلى أحد أكثر القضايا تقلبا وتسببا في الخلاف داخل العراق. ويدور هذا حول من له الحق في أن يسيطر على احتياطي النفط والغاز الطبيعي غير المستغل على نطاق واسع واللازم من أجل انطلاق الاقتصاد العراقي المتعثر مجددا.
ويرتبط النزاع في محافظة الأنبار بحقل غاز طبيعي يطلق عليه «عكاز». ومنذ أكثر من عام يتودد مشرعون محليون وقيادات قبلية إلى شركات أجنبية من أجل فتح الحقل كجزء من خطة تنموية اقتصادية إقليمية تتضمن إنشاء مصانع كهرباء ومعامل تكرير، يقولون إنها ستوفر الكهرباء وما يصل إلى 100 ألف وظيفة في المحافظة.
وعندما قامت وزارة النفط بطرح ترخيص تطوير الحقل الأسبوع الماضي في مزاد، لم تتضمن عملية البيع هذه المزايا، ونزل سكان المحافظة إلى الشوارع احتجاجا على ذلك، وحذر مشرعون من أن ذلك لن يسهم في ضمان أمن الجهة الفائزة بالترخيص، وهو تحالف يضم شركات كورية وأخرى من كازاخستان. وقال محافظ الأنبار قاسم عبد: «لن نسمح للشركات بالعمل هنا، ما لم يضعوا مطالبنا في اعتبارهم. ولن نستخدم العنف، ولكن سنتخذ إجراءات قانونية». ويقول محمد صالح العنيمة، وهو تاجر في الرمادي: «ستواجه أي شركة تأتي من خلال وزارة النفط الكثير من الصعوبات، لأنها ستأتي على الرغم من إرادة شعب الأنبار».
يشار إلى أن المحافظة، التي تقع غرب بغداد، كانت مهدا لأعمال تمرد سنية، وتتجلى فيها آثار الحرب الأهلية، مثل ثقوب خلفتها أعيرة نارية ومنازل متهدمة، إلى جانب ملامح الثراء النفطي. وقد أدت ثلاثة أعوام من الحرب الطائفية إلى تدمير الاقتصاد داخل المنطقة، مما ألحق ضررا بالغا بالكثير من الشركات والمدارس والطرق وغيرها من البنية التحتية فيها. وبالنسبة إلى سكان المحافظة، فإن أملهم الرئيسي من أجل تحقيق انتعاشة، يعتمد على احتياطي النفط والغاز داخلها.
ولكن يبقى زعمهم في أحقية هذه الموارد، مثل الكثير من الأشياء داخل العراق، عرضة للتأويلات. وقد جُمدت قوانين تحدد إطارا لسياسة وطنية فيما يتعلق بالطاقة، تتضمن المشاركة في العوائد مع المحافظة، منذ عام 2007. ويخول الدستور لوزارة النفط التفاوض بشأن الصفقات، ولكن فقط بالتشاور مع الحكومات المحلية. وحاولت الوزارة جذب مستثمرين أجانب تتنازعهم الرغبة في اقتناص الفرصة والخوف من الوضع السياسي والأمني المتقلب. وفي الأنبار، يقول مسؤولون محليون إنه يتم تجاهلهم لأسباب مذهبية من جانب حكومة رئيس الوزراء المنتهية ولايته، نوري كامل المالكي، التي يسيطر عليها الشيعة. ويقول ربيع محمد نائل، وهو عضو مجلس المحافظة: «إنها مواردنا، وأرضنا، ولم يتشاوروا معنا يوما. وفي الوقت الحالي، ستذهب كل الموارد إلى مواطنين آخرين. لا توجد أمامنا فرص للعمل هنا، ولا توجد كهرباء. ويجب أن تذهب المنافع إلى مواطنينا». ويقول مشرعون إنهم سيطلبون من المحاكم وقف عملية البيع، على الرغم من أنهم يخشون سيطرة المالكي على المحاكم.
وقد أصبح حقل الغاز جزءا من خلاف سياسي على المستوى الوطني. وقال مشرعون من القائمة العراقية: إن المزاد الذي أقيم على حقل «عكاز» وغيره من الحقول باطل لأنه لم يوافق عليها البرلمان. وقال تكتل العراقية، الذي حصل على دعم داخل مناطق سنية، ومن بينها الأنبار، في بيان: إنه يتعامل مع هذه المزادات على أنها «غير قانونية على ضوء الفراغ السياسي والدستوري الحالي».
ويؤكد عاصم جهاد، وهو متحدث باسم وزارة النفط، أن الوزارة وحدها لها سلطة التفاوض بشأن حقوق حقول النفط والغاز، مثل «عكاز»، وأن مفاوضات مجالس الحكم المحلية مع الشركات «تأتي ضد مبدأ الشفافية والصراحة المرتبط بالتوقيع على العقود، ولا يمكن قبول ذلك».
لكن يمكن أن تؤدي الاحتجاجات داخل المحافظة إلى مرحلة من الجمود، بحسب ما يقوله لؤي جواد الخطيب، المدير التنفيذي لمعهد الطاقة العراقي، وهي مؤسسة غير ربحية تقدم استشارات للبرلمان العراقي. وأضاف «ربما يكون الوضع مريعا»، إذا قام المواطنون المحليون بالتشويش على الاتفاق. وقال: «عندما يتعلق الأمر بالتنفيذ، تحتاج إلى السلطات المحلية والقبائل، فهم من يوفرون الأمن». وقد حاربت محافظات أخرى، ومن بينها البصرة الغنية بالنفط، من أجل المزيد من السيطرة على مواردها. وقامت حكومة إقليم كردستان بالتفاوض بشأن أكثر من 20 اتفاقية نفط في المنطقة. وفي الوقت الذي تسعى فيه التكتلات البرلمانية من أجل الفوز بالدعم الكردي، يصر الائتلاف الكردي على الحصول على اعتراف رسمي بالحقوق الكردية في الموارد داخل المنطقة.
ويتخذ حاجم الحسني، وهو عضو في تحالف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي، اتجاها وطنيا، ويؤكد أن كل الصفقات والعوائد يجب أن تذهب إلى الحكومة المركزية، وبعد ذلك يجرى توزيعها على المحافظات. ويقول الحسني: «عندما تقول إن الأكراد لهم الحق في القيام بذلك، ستقول كل محافظة إن لهم الحقوق نفسها، بما في ذلك البصرة».
لكن مشرعين في الأنبار يؤكدون أنهم لا يريدون عوائد من النفط، ولكنهم يريدون توفير وظائف في المحافظة. ويقول جاسم الحبوصي، رئيس مجلس محافظة الأنبار: «هذا خطأ وزارة النفط وليس خطأنا نحن. وأعتقد أنها مشكلتهم. وعليهم أن يعودوا إلى العقد من أجل تغيير ذلك». وأضاف أنه إذا لم يوافق تحالف الشركات على بنود الحكومة المحلية، فيجب على وزارة النفط طرح الحقل مرة أخرى في مزاد بعد ذلك. ويقول: «هذا مطلب المواطنين، ويحظى بقاعدة قوية».