[b][size=25]تحضيرات معركة القادسية [/b][/size]
[b][size=25]لقد كانت هي المعركة الفاصلة الكبرى التي ببشائر نصرها تم الإعلان عن تحرير العراق نهائيا عندما هزم بها الجيش الفارسي فيها رغم كثرته وعدته وعديده بذلك التفاوت التعبوي بين جيشهم والجيش العربي الإسلامي .[/b][/size]
[b][size=25]تعليمات ووصايا الخليفة إلى القائد سعد بن أبي وقاص [/b][/size]
[b][size=25]لقد كانت وصايا الخليفة عمر بن الخطاب إلى القائد سعد بن أبي وقاص متواصلة منذ انطلاقة الجيش العربي الإسلامي واستمرت بحسب الموقف وفق مراسلات متواصلة كان أولها أن /_[/b][/size]
[b][size=25]ثم أوصاه أيضا قبيل الحركة أن/_[/b][/size]
[b][size=25]( اني وليّتُكَ حرب العراق فاحفظ وصيتي فانك تقدم على أمر شديد كريه ,وكانت العرب تسمي الحرب كريهة أحيانا,لا يخلص منه إلا الحق فعّود نفسك ومن معك الخير واستفتح به واعلم إن لكل عادة عتادا فعتاد الخير الصبر فالصبر الصبر على ما أصابك أو نابك تجتمع لك خشية الله واعلم إن خشية الله تجتمع في أمرين في طاعته واجتناب معصيته وانما إطاعة من أطاعه ببغض الدنيا وحب الآخرة وعصيان من عصاه بحب الدنيا وبغض الآخرة وللقلوب حقائق ينشئها الله منها السر ومنها العلانية فأما العلانية فان تكون حامدة ذامّة في الحق سواء أما السرّ فيعرف بظهور الحكمة من قلبه ولسانه وبمحبة الناس فلا تزهد في التحبب فان البنين قد سألوا محبتهم وان الله إذا احبَّ عبدا حببه إلى خلقه فاعتبر منزلتك من الله بمنزلك من الناس واعلم إن مالك عند الله مثل ما للناس عندك).[/b][/size]
[b][size=25]وقد أوصاه عند الحركة أيضا[/b][/size]
[b][size=25](لا يهولنّك كثرة عُددهم وعَددهم فانهم قوم خدعة مكرة وان انتم صبرتم وأحسنتم ونويتم الأمانة رجوت أن تنصروا عليهم ثم لم يجتمع شملهم ابد إلا أن يجتمعوا وليست معهم قلوبهم وان كانت الأخرى فارجعوا إلى ما وراءكم حتى يأتي بالفتح عليهم ويرد لكم الكرّة).,وهنا يوضح إليهم الخليفة بوجوب القتال جوار الصحراء وعلى حافتها لأهميتها عند الحاجة للانسحاب في حال الاحتياج إليه ولان عدوهم لا يستطيع لحاقهم فيها مطاردا لأن الفرس يتجنبون الإيغال في مواطن العرب ثم أرسل إليه موصيا بعد الحركة أن/_[/b][/size]
[b][size=25](اكتب إليّ بجميع أحوالكم وتفاصيلها وكيف تنزلون وأين يكون منكم عدوكم واجعلني بكتبك اليّ كأني انظر إليكم واجعلني من أمركم على الجليّة). [/b][/size]
[b][size=25]ثم أرسل إليه بعد ذلك مجددا أن/_ [/b][/size]
[b][size=25](إذا بلغت القادسية فتكون مسالحك على انقابها ويكون الناس بين الحجر والمدر, والحجر هي الصحراء بلغة العرب أما المدر فهي المدن والقرى,وإذا كان يوم كذا فارتحل بالناس حتى تنزل فيما بين عذيب الهجانات وعذيب القواديس وشرّق بالناس وغرّب بهم وان منحك الله أدبارهم فلا تنزع حتى تقتحم عليهم المدائن فانه خرابها إن شاء الله وانه قد القي في روعي إنكم ستهزمونهم فلا تشكّن في ذلك).[/b][/size]
[b][size=25]ثم أوصاه أخيرا أن/_[/b][/size]
[b][size=25](إذا جاءك كتابي هذا فعشّر الناس وعرّف عليهم وأمّر عليهم وقدّرهم وهم شهود ثم وجههم إلى أصحابهم وواعدهم بالقادسية واضمم إليك المغيرة بن شعبة في خيله واكتب اليّ بالذي يستفز عليه أمرهم).[/b][/size]
[b][size=25]أي اجعل الجيش على هيئة مجاميع بنحو عشرة جنود واجعل عليهم عرفاء وامراء على التشكيلات بالتتابع واجعل الميعاد عند موقع القادسية وفي الرسالتين الأخيرتين ما يدلل على دراية الخليفة ومجلسه الاستشاري كنظم حركات مثلى تصلح شان القطعات المتقدمة للقتال خاصة بتسلحها بالصبر والثبات الذي أكد عليه الخليفة.[/b][/size]
[b][size=25]ولما وصل سعد بالجيش إلى منطقة العذيب في المرحلة الثانية من المسير وهو الجزء الجنوبي من ميدان القادسية ويبعد عنه نحو أربعة أميال ثم تقدم سعد بالمرحلة الثالثة والأخيرة إلى ميدان القادسية وجعل قصر قديس مقرا له ومن سطحه أدار المعركة كما سيتقدم وفي العذيب كانت قد وصلته رسالة الخليفة الأخيرة وبها وصايا هامة هي أن/_ [/b][/size]
[b][size=25](أما بعد فاني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال فان تقوى الله افضل العدة على العدو وأقوى المكيدة في الحروب وآمرك ومن معك أن تكونوا اشد احتراسا من المعاصي منكم من عدوكم فان ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوّهم وانما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة لان عددنا ليس كعددهم ولا عدتنا كعدتهم فان استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة وإلا ننصر عليهم بفضلنا أن لم نغلبهم بقوتنا واعلموا أن عليكم في مسيركم حفظة من الله يعلمون ما تفعلون فاستحيوا منهم ولا تعملوا بمعاصي الله وانتم في سبيل الله ولا تقولوا أن عدونا شرّ منّا فلن يسلط علينا وان أسأنا فرب قوم قد سلّط عليهم شرّ منهم كما سلّط على بني إسرائيل لما عملوا بمساخط الله كفاّر المجوس(فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا) وأسالوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوكم أسال الله ذلك لنا ولكم وترفّق بالمسلمين في مسيرهم ولا تجشمهم مسيرا يتعبهم ولا تقصر بهم ترفق بهم حتى يبلغوا عدوهم والسفر لم ينقض قوتهم فانهم سائرون إلى عدو مقيم حامي الأنفس الكراع ,أي الخيل, وأقم بمن معك في كل جمعة يوما وليلة تكون لهم راحة يحيون فيها أنفسهم ويرمون أسلحتهم وأمتعتهم ونِح,أي ابعد,منازلهم عن قرى أهل الصلح والذمة فلا يدخلها من أصحابك إلا من تثق بدينه ولا يرزأ أحدا من أهلها شيئا فان لهم حرمة وذمة ابتليتم بالوفاء بها كما ابتلوا بالصبر عليها فما صبروا لكم فتولوهم خيرا ولا تنصروا على أهل الحرب بظلم أهل الصلح وإذا وطئت ارض العدو فاذك العيون بينك وبينهم ولا يخف عليك أمرهم وليكن عندك من العرب أو من أهل الأرض من تطمئن إلى نصحه وصدقه فان الكذوب لا ينفعك خيره وان صدقك في بعضه والغاش عين عليك وليس عينا لك وليكن منك عند دنوك من ارض العدو أن تكثر الطلائع وتثبت السرايا بينك وبينهم فتقطع السرايا إمدادهم ومرافقهم وتتبع الطلائع عوراتهم وانتقِ للطلائع أهل الرأي والبأس من أصحابك وتخير لهم سوابق الخيل فان لقوا عدوا كان أول ما تلقاهم القوة من رأيك واجعل أمر السرايا أهل الجهاد والصبر على الجلاد لا تخص بهذا أحدا بهوى فتضيع من رأيك وأمرك اكثر مما حبيت به خاصتك ولا تبعثنّ طليعة ولا سرية في وجه تتخوف عليها فيه غلبة أو ضيعة أو نكاية فإذا عانيت العدو فاضمم إليك أقاصيك وطلائعك وسراياك واجمع إليك مكيدتك وقوتك ثم لا تعاجلهم المنازلة ما لم يستكرهك قتال حتى تبصر عورة عدوك ومقاتله وتعرف الأرض كلها معرفة أهلها بها فتصنع بعدوك كصنعه بك ثم اذك أحراسك على عسكرك وتيقظ من البيّات,أي المفاجآت, جهدك ولا تؤتى بأسير ليس له عقد إلا ضربت عنقه لترهب عدو الله وعدوك والله ولي أمرك ومن معك وولي النصر لكم على عدوكم والله المستعان) [/b][/size]
[b][size=25]وهنا يقف القارئ المنصف إجلالا إزاء كل ما صدر من الفاروق رضي الله عنه من فرط إيمانه وتقواه وورعه وزهده وثقته بنصرة الله في حال توافر مخافته وطاعته ولزوم أوامره ولا ننسى عدله وهو يوصي بالناس خيرا من جنده وأهل الصلح والذمم من غير المعنيين بالحرب ولا يرضى بالاعتداء عليهم واستلاب حقوقهم ووجوب احترامهم وعدم المساس بهم وغير ذلك كثير مما يوحي بأخلاق وسياسة حرب مثلى توجب تقديرها والوقوف عندها والتفكر بها مليا. [/b][/size]