واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

واحة الأرواح

أحمد الهاشمي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولeahmea@yahoo.com

 

 الوفاء...لزمن الحب والحرب (10 )

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
قصي المعتصم-1
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip



عدد المساهمات : 21
نقاط : 45
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 15/10/2010
العمر : 69

الوفاء...لزمن الحب والحرب (10 ) Empty
مُساهمةموضوع: الوفاء...لزمن الحب والحرب (10 )   الوفاء...لزمن الحب والحرب (10 ) Icon_minitimeالأربعاء 15 ديسمبر 2010 - 0:53

الوفاء..... لزمن الحب والحرب (10)
(الطموح)
قصي المعتصم

كانت ليلة رأس السنة، خرجنا لنحتفل أسوةً بالآخرين في تلك المدينة التي تقع أقصى جنوب الاتحاد السوفيتي ، حيث كان مكان تدريبنا أواخر عام 1977.
كان عبد الكاظم واحداً من مجموعة من الشباب العراقيين العسكريين الذين يتدربون في ذلك المكان..لم تكن تلك المدينة كبيرة جداً..فيها بعض المطاعم وتقدم المشروبات مع الطعام وتقوم بإقامة الاحتفالات في المناسبات ومنها مناسبة رأس السنة.
كان ورفاقه ، يجلسون في الجانب البعيد من المسرح الصغير ، حيث كان يتواجد بعضاً من أبناء المدينة شبّاناً وشابّات مشغولون بالرقص والمرح، لم يكن الأمر بالنسبة له ومن معه، إلاّ وقتاً ممتعاً يقضونه بمشاهدة فعاليات تلك الاحتفالية ، حيث أنهم غرباء عن المكان وهم ضيوف وليس معهم فتيات ليرقصوا معهم، اكتفوا بالشراب والمشاهدة فقط...
حانت الدقيقة الأخيرة من نهاية السنة، أطفأت الأضواء، بدأ الصراخ والغناء..والموسيقى الصاخبة، ثم أضيئت الأنوار، وإذا بهم يرون أحد زملائهم الجالس معهم ساقطاً على الأرض مضرجاً بدمائه وعرفوا أن أحداً ما قذف بقنينة كبيرة فارغة باتجاههم، سقطت على رأس (قيس)... لم تمض إلا أيام معدودة، لم تفلح كل المحاولات لإنقاذه... وفارق الحياة..وبدأت السلطات تحقيقاتها، واستمرت لفترة طويلة، عرف الجاني بعدها وهو من أحد أبناء المنطقة وكان مخموراً ولم يعي ما يفعل ليلتها، وحين عودة البعثة إلى العراق، تم إعلام السلطات العراقية بأنه تم القبض على الجاني، تبين انّه يهودياً ، حسبما علمنا لاحقآ وحكم عليه بالسجن خمسة عشر عاماً لتسببه بمقتل أحد العراقيين.
مرت أشهر... قام خلالها عبد الكاظم وكان حينذاك نائب ضابط فني بالتقديم لكلية القوة الجوية حين كنت انا وهو واثنين من زملاءنا قد أنهينا الدراسة الإعدادية وأصبحنا مؤهلين لدخول الجامعة أو الكليات العسكرية..وفعلاً أنهى الفحوص وبقي بانتظار نتائج القبول.
فجأةً..ورد كتاب لوحدته يشير بإحالته ومن كان جالساً معه حينما قتل زميلهم إلى القضاء العسكري، والتهمة .."التواجد بمكان لا يجوز التواجد فيه للعسكريين" مما أدّى إلى مقتل أحد رفاقهم !..
استمرت المحاكمة شهرين حكم على كل منهم بالحبس مدة ستة أشهر. كان ذلك الحكم بالنسبة له هو الموت بعينه، لقد تعب سنين طويلة ليحقق حلمه وبعد أن صار قاب قوسين أو أدنى من تحقيقه فوجئ بهذا الأمر الذي لا علاقة له فيه.
كانت حالته النفسية قد ساءت كثيراً ، يسهر الّليل بطوله ولا ينام ، حتى فوجئت بأحد الليالي بأنه في حالة سكر شديد على ما يبدو..سحبته إلى مكان لا يراه فيه أحد، لأن ذلك قد يصّعب الأمر عليه، وبدلاً من أن يقضي فترة السجن في وحدته، قد يرسل إلى السجن المركزي، وهناك سيعامل معاملة المجرم، عرفت منه بعد أن أفاق ، أن أحد ما رأى حالته ونصحه بأن يضع خرقةً في حوض البنزين ويشم رائحتها، ولعدة مرات حينها سيشعر بالخدر ويستطيع النوم.
كادت تلك النصيحة أن تودي بحياته لأن ذلك يسبب تسمماً في الدم من جراء استنشاق أبخرة البنزين لمدة طويلة..كانت حالته النفسية تسوء يوم بعد يوم ، لا يدري ما يفعل، كان ينتظر القبول وإذا به يزج في السجن.
بعد أيام قليلة وصل كتاب قبوله في كلية القوة الجوية بصفة طالب ليصبح طياراً فيها وعليه الالتحاق خلال فترة 60 يوماً وهو موعد بدأ الدورة وبعكسه يلغى قبوله.
بقدر ما أفرحه هذا الأمر ، راح يجهش بالبكاء ، لأن مستقبله قد ضاع !.. فكيف سيلتحق بالكلية وهو محكوم بالسجن ؟..كما أن القوانين لا تقبل هكذا شخص في القوات المسلحة.
يوماً بعد يوم ، بدأت حالته تتدهور، كنا نحاول جهد الإمكان أن نهون عليه الأمر، وكنت أحدثه عما جرى لي قبله بسنين عندما قبلت في تلك الكلية، ولكن في آخر مقابلة..أصبت بالرشح وتأجل التحاقي عدة أيام لحين شفائي..لكن لسبب نفسي تطورت حالة الرشح إلى حساسية مزمنة، وفقدت فرصة الالتحاق لأكون طياراً وكنا كثيراً ما نتحدث عن تلك المفارقة ونحن خارج العراق في تلك الدورة العسكرية.
مرّت أيام وهو بهذه الحالة، وإذا بمسؤول مكتب الوحدة يستدعيه لتبليغه بأن محكمة التمييزطلبت استدعاء المتهمين الذين حكم عليهم بتلك القضية للمثول امام المحكمة للمرّة الثانية.
كان في حيرة من أمره ..أفهمته كيف يشرح لهم الأمر ، وكيف انه لم يكن ، لا هو ولا أحد من رفاقه صلة بذلك الموضوع ، وأن ذاك المكان كان مطعماً يرتاده الجميع ومسموح بدخوله، وأخبرته أن يطلب العديد منّا للشهادة إذا ما تطلب الأمر، فنحن جميعاً كنّا نرتاده لتناول الطعام ولم يرد أي تبليغ بالمنع من الدخول إليه، وهذا قد يفيده خاصةً إذا أعاد المعلومة التي وردت بقرار اللجنة الروسية من أن المخمور الذي ضرب العراقي كان يهودياً متطرفاً ولكن القضاء حينها كانت له مبرراته في إصدار الحكم بحق الجاني، وحينها فأنتم كنت جميعاً مهددين بالموت مثله ، فالزجاجة رميت باتجاهكم جميعاً ، والنور مطفأ. فأصابت أحدكم ، فلم يحكم عليهم ، وكان ممكناً أن يكون اياً من الجالسين هو الضحية....
ذهبوا إلى محكمة التمييز وجرى إعادة التحقيق وكانوا قلقين خشية من ان تزيد مدة الحكم الذي صدر بحقهم ...
ومرت الأيام..كان هناك بصيص أمل لا يتجاوز الواحد بالألف أن يخفف الحكم أو يلغى، ولم يتبق على الموعد النهائي لالتحاقه إلا يومان فقط لم يعد هناك من أمل، حتى لو تمت تبرئته فقد ضاع حلمه بالقبول ولن يحق له التقديم ثانيةً.
استسلم لمصيره ورضي بنصيبه في الدنيا وكنا قد عقدنا العزم لنقدم الى كليات مدنية وهذا كان من حقنا وأقنعته بذلك للتخفيف عن مدى خسارته الفادحة.
كنا نجلس على العشاء ، كنت أحاول التخفيف عن ألمه وإحباطه وإذا بمسؤول المكتب يدخل، ويصيح:
ـ بشرى..بشرى..مبروك عبد الكاظم..لقد ألغي الحكم عليكم من قبل المحكمة..لقد رأيت الكتاب بنفسي في مقر الفرقة الآن وأنا في زيارة لأحد أصدقائي، ممكن أن يصل الكتاب بعد غد ويطلق سراحك.
نهض عبد الكاظم كالمجنون وترك عشاءه لا يدري مالذي يفعله، احتضن حامل النبأ ورفعه للأعلى..تغير لون وجهه، شعرت أنه كاد يطير من الفرحة، سحبني من يدي.
ـ مالذي أفعله الآن..الكتاب يأتي بعد غد وقد يتأخر ، وآخر يوم لالتحاقي بعد غد..
قال مسؤول المكتب:
ـ هل بالإمكان إطلاق سراحي وإعطائي كتاب الالتحاق غداً؟
أجابه:
ـ كلا. فلا بد من وصول الأمر إلينا لنجري إطلاق سراحك ومن ثم نرسلك في اليوم التالي إلى الكلية.
أجابه:
ـ لكن بعد غد ينتهي حقي بالقبول.
ـ لا أدري..فآمر الوحدة لن يستطيع إرسالك وأنت ما زلت قيد السجن ثم إن الكتاب ما زال في الفرفة، وقد يستغرق يومين ليصل فأنت تعرف ترتيب وصول هكذا أوامر..
غمزت له بعيني وسحبته من يده. وقلت له:
ـ أكمل عشاءك وغداً نحاول التكلم إلى الآمر عسى أن يفعل شيء بخصوصك.
وعصرت يده بقوة لكي يقطع الكلام .
ـ أكمل عشاءك غداً يتبين كل شيء.
أكملنا عشاءنا بصورة طبيعية، خشيت أن ينطق بكلام ممكن أن يصل إلى ضابط الخفر..خرجنا من المطعم عائدين إلى قاعة نومنا، في الطريق سألني:
ـ لماذا غمزت لي؟ ولم عصرت يدي؟
قلت له:
ـ قرأت في داخلك ما أردت أن تتفوه به، ألم تفكر بالقول بأنك ستذهب الآن وليكن ما يكون..
ـ والله صحيح كدت عازماً على قول ذلك، ولكن إشارتك لي وسحبي منعني من الكلام حتى أعرف لماذا فعلت ذلك.
ـ لو كنت قد بحت بما في داخلك لكنت الآن داخل غرفة السجن لأن ضابط الخفر لن يتحمل مسؤولية هروبك خاصةً وأنت مطلق السراح بيننا لاعتبارات إنسانية بأمر الآمر.
ـ نعم..ولكن ما العمل؟ لا بد أن أذهب الآن وليكن ما يكون.
ـ تريث ليوم غد وسنطلب من مسؤول مكتب الوحدة السعي لجلب الكتاب بصورة مستعجلة بطريقته الخاصة، فلقد فكرت بموضوع ذهابك وممكن أن يتسبب عملك هذا حالياً ضرراً كبيراً عليك، وغداً سنرتب كل شيء وإذا لم يحصل تطوراً في موضوعك نفّذ ما عزمت عليه ولكن..حذاري أن تبوح بما فكرت به... بل تظاهر وكأن الأمر طبيعي وأنت غير مهتم.
خرجنا إلى عملنا صباح اليوم التالي وكأن شيئاً لم يكن وقد كلمنا مسؤول المكتب بمحاولة التسريع بعملية وصول قرار العفو عن عبد الكاظم ووعدنا خيراً.. لم يحاط الأمر علماً بأمر الكتاب الوارد، فتلك أمور سرية لا يجوز التحدث بها ما لم تكن قد وصلت إلى الوحدة، والمعلومة التي حصل عليها الشخص المعني عن طريق شخصي يحاسب عليها القانون، لذا فكتمان الأمر حتمي ولا يمكن لأحد التحدث به لأن ذلك يسبب أذى للآخرين.
ولكن الرجل لشعوره بمعاناة عبد الكاظم ومحبته له وفرحه بالقرار لم يستطع أن يكتم الأمرعلينا....
كان عبد الكاظم وكأنه بركان ثائر، يحاول جهده كتم ما في داخله، غداً آخر يوم لفرصة العمر..مستقبله..حياته.....ليس سهلاً أن تضيع تلك الفرصة ، فقد لا تتكرر.
انتظرنا حتى نهاية الدوام، وخرج الآمر إلى بيته ولم يصل الكتاب، أخبرنا مسؤول المكتب أن الكتاب وصل إلى مقر تشكيلنا وهو أكثر ما استطاع للأسراع بإيصاله ، وغداً بالتأكيد سيكون في وحدتنا وسيقوم هو شخصياً بجلبه ، كنت لا أترك عبد الكاظم لكي لا يستثار ويتفوه بكلام ممكن أن يتسبب بسجنه وبذلك تذهب الفرصة الأخيرة التي اتفقنا عليها.
أكملنا غداءنا بشكل طبيعي، ولعبنا الرياضة عصر نفس اليوم، كانت كل دقيقة تمر وعبد الكاظم يتوتر أكثر، حتى جاء المساء ، أنهينا عشاءنا ، وخرجنا بعدها من المطعم بشكل طبيعي ، وبات تنفيذ خطة الهرب لعبد الكاظم للالتحاق بالكلية أمراً لا مفر منه، فلن يحصل الأسوأ..
مهما كان ، فالكتاب يصل غداً، والوقت ينفذ منه....
مع ظلام الليل ارتدى ملابسه العسكرية وجمع أغراضه ووضعها بحقيبة صغيرة ، وبكل هدوء ودّعته ، وخرج من خلف المعسكر وأنا أتابع سيره كي لا ينتبه أحد لخروجه.
كان اليوم التالي يوماً مميزاً في تاريخ حياته، وصل إلى الكلية والتحق بها، استناداً إلى الكتاب السابق بقبوله ، وتم بنفس اليوم تأشير التحاقه كطالب في كلية القوة الجوية العراقية، وأرسل كتاب إلى وحدته لإعلامها بالتحاقه وفك ارتباطه بهم نهائياً وباشر بنفس اليوم كطالب.
أما في وحدتنا فبعد ذهابه كنّا ثلاثة فقط نعرف بخطته وهم المجموعة التي أكملت دراستها الإعدادية قبل ذهابنا إلى الاتحاد السوفيتي وتنتظر دورها للالتحاق بإحدى الكليات العسكرية أو المدنية لكي يصبحوا ضباطاً في الجيش.
كان عبد الكاظم لا يخرج إلى التدريب معنا صباحاً، لكونه محكوم عليه بل يساعد في أمور فنية أخرى وهذا يجعله بعيداً عن أعين الآمر..وبعد انتهاء الفترة الأولى للتدريب وقبل المباشرة بالفترة الثانية قبل الظهر بقليل، استطاع مسؤول المكتب جلب الكتاب بجهد شخصي وقدمه مع البريد الوارد إلى الآمر، اطّلع الآمر على الكتاب ، وشعر بسرور كبير لأنه يعلم كل تفاصيل الموضوع، وأخبر الكاتب بأن يأتي عبد الكاظم لمقابلته.
جاء إلينا وطلب تبليغه بالذهاب إلى الآمر، أخبرته أنه غير موجود، قلت له:
ـ صحونا صباحاً فلم نجده في فراشه !.. نقل الكاتب هذا الخبر إلى الآمر، فأرسل بطلبي ، كان يعتمد عليّ كثيراً ويثق بي، خاصةً وأن سمعتي المهنية لدى الخبراء السوفييت كانت مثار إعجابه واعتزازه، اضافةً إلى اعتماده عليّ في رفع مستوى التدريب في الوحدة ومساهمتي بحصول وحدتنا على جوائز وكتب شكر عديدة بسبب مساهماتي سواء في التدريب أو الرمي السنوي.
وصلت إليه، رحب بي، ثم بادر:
ـ أين عبد الكاظم؟ كانت علاقتي به تختلف عن باقي أفراد الوحدة واحترامه لي كبير جداً، ومن الصعب أن أخفي عنه الحقيقة، خاصةً وقد حصل ما حصل وأصبح عبد الكاظم في كليته، وحياته الجديدة.
شرحت له بالتفصيل عمّا حدث وأعلمته بحقيقة كانت غائبة عنه ، وهو أن اليوم آخر يوم لالتحاقه، وقد عرف من أصدقاءه المتهمين معه في الوحدة القريبة منّا بقرار البراءة بحقهم....
كان النقيب وليد وهو من ابناء شهربان ، ضابطآ رائعآ ، ذكيآ ، ذو شخصية قوية ، عادلآ ، صارمآ ، مقتدرآ ، يتمتع باحترام كبير من كل افراد وحدتنا...
لقد ترك سلوكه ونمط قيادته لوحدتنا أثراً كبيراً في نفسي..لا بل ، بعد سنوات..عندما وصلت إلى الرتبة التي كان فيها آمراً لوحدتنا ، شعرت وكأنه يعيش في داخلي ويدير كل شيء، مما أكسبني احترام من عملت معهم من قادة وآمرين، وكسبت محبة من عملوا تحت إمرتي.
ابتسم نقيب وليد.. فبادرت..سيدي أرجو أن تقدر حجم معاناته وما تحمل طيلة الأشهر الماضية، وقد حملّني اعتذاره الشديد لك..ولو لم يكن يعرف أن كتاب براءته سيصل اليوم إليك لما ذهب.
استدعى مسؤول المكتب..وطلب منه نشر براءة عبد الكاظم وإطلاق سراحه بنفس اليوم، واعتباره غائباً من اليوم التالي..وهذا إجراء طبيعي..حيث سيلغى هذا الغياب حين ورود كتاب الكلية التي التحق بها بنفس اليوم...
بعد عدة أيام ، وصل إلى وحدتنا كتاب من الكلية..يشير بالتحاقه بناءً على الأمر السابق بذلك، وألغي غيابه ، ولم يتخذ النقيب وليد أي إجراء ممكن أن يعيق استمرار عبد الكاظم بمسيرة حياته، وكان ذلك واحداً من المواقف الرجولية لذلك الضابط، الذي ألتقيه منذ اندلاع الحرب العراقية الإيرانية عام 1980 أتمنى أن يكون حيّاً..فتحية لهكذا رجال..من جيش العراق.
أما الثلاثي الذي بقي وأنا منهم فقد التحقنا بالكلية العسكرية وتخرجنا منها عام 1983 وكنّا من الأوائل على دورتنا آنذاك..وكان رابعنا عبد الكاظم قد أصبح طياراً قبلنا بسنة ونصف..ومن المفارقات..التقيت به في تلك الفترة في بيتهم كان خارجاً من المستشفى..والسبب انقلاب السيارة التي كانت يزفّونه فيها وعروسه، وإصيب الاثنان بكسور وجروح، شفوا منها لاحقاً..وهكذا..تستمر الحياة لنخبة من رجال هذا الوطن الغالي، فقدنا واحداً من تلك المجموعة .....رابعنا ، (محمد فاضل)..استشهد أثناء الحرب ..(علي) ذهب للدراسة في الكلية العسكرية البريطانية..وانا كنت من الأوائل على دورتي في الكلية العسكرية.....
عبد الكاظم لم أسمع أخباره منذ أن عرفت أنه أصبح طياراً وزرته بعد زواجه ، اقصد ، بعد ان كسرت رقبته اثناء زفافه !...ويتحدثون عن براعته ،وتفانيه في انجاز واجباته ، و( أنا وعلي) مهاجرون في الغربة !... لأننا كنا يوماً سوراً نحمي الوطن..جرحنا..وعانينا..من اجل أن يبقى العراق عزيزاً....ولكن .....لابد ان نعود يومآ ...
واليوم نتجرع ذل الغربة وأجسادنا حملت اثر الجراح التي أصبنا بها ونحن ندافع عن وطننا الغالي ...وساهمنا مع كل الشرفاء والأبطال..من استشهد منهم ، ومن بقي على قيد الحياة في أن يبقى الوطن عزيزاً شامخاً.. ليرووا للأجيال قصة شعب عظيم وبلد يشهد التاريخ ببطولاته وعلماءه وقادته وجنوده منذ آلاف السنين..
واليوم.....
مبعثرون في أصقاع الأرض..في الغربة متهمون أيها الرجال ..حماة الوطن..أنكم دافعتم عن العراق ..
متهمون أيها الرجال... أنكم وقفتم سداً منيعاً بوجه الغزاة..
وبقي هذا الوطن بفضل تضحياتكم ..عزيزاً..مصاناً..حتى حدث ما حدث..وللحديث بقية..فقصص الرجال..الأبطال...والشهداء....بحر لا ينضب..
فهل أوفينا هؤلاء الرجال حقهم؟
فمن جاء ذليلاً مع المحتل ...لايعرف معنى الدفاع عن الوطن ...
لايعرف معنى الشرف العسكري الذي صانته دماء الأبطال طوال عقود من الزمن ...
لا يعرف حب الوطن ...والأرض ...والكرامة ..
فمن باع وطنه للأجنبي ...ويساهم بقتل أبناءه ....هل يمتلك ذرّةً من الغيرة ...أو الشرف ؟
في عليّين ياشهداء العراق الأبطال ، وتحية حب وتقدير لأبناءكم وأهلكم ...
فقد أوفيتم للوطن ...والوطن لن ينساكم ...
وأخوتكم الشرفاء من ابناء العراق سيكملون الطريق الذي بأتم به ...
ولن يضيع العراق مادام فيه أبطالاً يعشقون الموت لأجل أن يحيا الوطن ...
وان غداً ...لناظره قريب ...
(أمّة لاتكرّم من ضحّى لأجل عزّتها.....لن تجد اليوم...... من يضحّي لأجلها ...
وهكذا.......تموت الأوطان...)

qosay55@yahoo.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد الهاشمي
مدير عام
مدير عام
أحمد الهاشمي


عدد المساهمات : 10896
نقاط : 13569
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 03/04/2010

الوفاء...لزمن الحب والحرب (10 ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الوفاء...لزمن الحب والحرب (10 )   الوفاء...لزمن الحب والحرب (10 ) Icon_minitimeالأربعاء 15 ديسمبر 2010 - 1:19

الله عليك اخي الحبيب

استاذ قصي المعتصم

رائع

كل مقالاتك روائع

سلسلة من الوطنيات التي يفتقدها جيل كامل

بل اجيال

لك تحياتي

ولاتحرمنا تواجدك وعطاءك التراثي


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قصي المعتصم-1
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip



عدد المساهمات : 21
نقاط : 45
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 15/10/2010
العمر : 69

الوفاء...لزمن الحب والحرب (10 ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الوفاء...لزمن الحب والحرب (10 )   الوفاء...لزمن الحب والحرب (10 ) Icon_minitimeالإثنين 27 ديسمبر 2010 - 0:10

شكراً أخي الأستاذ أحمد الهاشمي على مشاعرك الفياضة واهتمامك ببطولات أبناء العراق ...أنا مازلت في المرحلة الأولى من كتاباتي في هذا المجال ، واتطلع لاحقاً لتدوين حقائق وأسرار تدحض الكثير من الدراسات والمفاهيم التي بنيت عليها وتبين للعالم عظمة هذا الشعب ووفاءه وتاريخه المشرف ...اذا ماطال بنا العمر ...
وتوفرت لي الظروف الملائمة...
مع فائق تقديري وامتناني ..
قصي المعتصم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جهاد أحمد الهاشمي
إدارة
إدارة
جهاد أحمد الهاشمي


عدد المساهمات : 636
نقاط : 679
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 27/06/2010

الوفاء...لزمن الحب والحرب (10 ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الوفاء...لزمن الحب والحرب (10 )   الوفاء...لزمن الحب والحرب (10 ) Icon_minitimeالجمعة 31 ديسمبر 2010 - 22:11

جميل جدا

سلمت يداك

لك مني اجمل تحيه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الوفاء...لزمن الحب والحرب (10 )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
واحة الأرواح  :: أقسام الكتاب و الأدباء و الشعراء :: واحة الأديب قصي المعتصم-
انتقل الى: