واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

واحة الأرواح

أحمد الهاشمي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولeahmea@yahoo.com

 

  قصص قصيرة جدا

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
محمود أسد
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
محمود أسد


عدد المساهمات : 188
نقاط : 566
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/08/2010
العمر : 73

               قصص قصيرة جدا Empty
مُساهمةموضوع: قصص قصيرة جدا                  قصص قصيرة جدا Icon_minitimeالإثنين 17 يناير 2011 - 5:15

قصص قصيرة محمود أسد

-1-اغتيــــــــــــــال الزهــــــــــر


وصلت إلى البيت دعوة للحضور إلى المدرسة في التوقيت المحدد . حملها الأب ببرود وبأعصاب هادئة . ذهب بالوقت المحدد دون أن يفكر بالأمر أو يعطيه أهمية . كل ما قاله في ذهنه :
" الولد وقد ترك المدرسة ولم تعد لنا علاقة بها . العلم بالقوة . الأولاد ليس عقلهم بالدراسة .."
فوجئ بأن هناك رتلاً من الرجال والنساء قد سبقوه اجتمعوا في قاعة واسعة عُلِّقَ على أحد جدرانها لوحة كتب عليها :
(( بالعلم تشرق الحياة .." ولوحة أخرى " .. بالعلم تقتل الفقر والجهل ))
جلس المدير ومعاونه وتواجد بعض المهتمين . لم يعرف شيئا بعد .. بدأ الاجتماع بالترحيب وإظهار قيمة العلم . ثم توجهوا بالسؤال وراء السؤال وبصيغة واحدة . لماذا ترك ابنك المدرسة ؟ وهل توافق على ذلك ؟
وكان يقول بنفسه : " هل هناك علم ومدرسة " .
ثم يسمع سؤال آخر :
لماذا يغيب ابنك من أسبوعين ؟
- لقد بعثته ليعمل في معمل البلاط .
وآخر يجيب :
- إنه يبيع الدخان ..
وثالث يجيبهم بانكسار :
- يعمل معاونا على سيارة أجرة .
يتضايق المسؤول القانوني وبنبرة قوية :
- سوف نحاسبكم ، أولادكم دون السن القانوني للعمل ... هذا خطأ وخطر ...
تأتيه الصدمة القوية وبصوت واحد من الجميع :
- نحن نعم ... عاقبونا ... وأما أولادنا فلا .. إنهم يفتحون بيوتنا ويصرفون عليها .. نريد السترة لا غير ...
- وحالة من الاستغراب والوجوم . وما زال الاجتماع متجدداً ومستمراً في كل مدرسة وفي كل عام . لكن القادمين أكثر . يتوافدون ومعهم بطاقات الدعوة ..




-2-اغتـيـال مُتـَقاعِـد

الأستاذ نبيل تبلَّغَ دعوةَ نقابته لحضور حفل تكريم المتقاعدين بالتأكيد هو واحدٌ من المكرَّمين … قال في نفسه :
خدمتُ لثلاثين عاماً في سلكٍ يصعب على المرء أن يستمرَّ فيه … كنْتُ أعيش بسبع أرواح … قبلْتُ التحدِّي مع الكثيرين … بالفعل حدَّثَ نفسَهُ بعد انقطاعٍ عن العالمِ و انزواءٍ. حرّكتْهُ هذه الدعوة … أعدَّ عدَّتهُ، بحثَ عن أحدثِ الثيابِ التي مرَّ عليها عقدٌ من الزمن … اشتراها بمناسبة زواج ابنه البكر و كرّر ارتداءَها يومَ زواج ابنته ليلى … و هاهو يقول من جديد :
(( المهمُّ رتابةُ الروحِ و نظافةُ اليدِ و حسنُ الختام … و أخذ نظرةً من مرآةٍ مغبَّرةٍ متشظّية و قال في نفسِهِ : الحمد لله … الحمد لله … هناك بقيَّة من صحة و نضارة …
جرى الاحتفالُ الذي أشْعلَ ذكرياتِهِ و أعادَه لسنوات خَلَتْ … كان احتفالاً أنيقاً جمع مسؤولي البلد . استمع إلى كلمات التمجيد التي لم تشأْ ذكرَ فضلِهِ على الموجودين . قُدِّمَتِ الهدايا للمكرَّمين … كان وحيداً … لا زوجةً معه .. لا أولادَ يباركون له .. جرَّ قدميه و هو يحمل شهادة التكريم و بطاقةَ دعوة لشخصين في مطعم مشهور …
منذ البداية شعر بالفرحِ و السرور ، و لكن سرعان ما عادَ إلى التفكير و الاستسلام لتداعي الأفكار و لنشاط الذاكرة التي كانت خامدة …
نظر إلى شهادة التكريم و عادَ إلى الوراء … إلى ذلك اليومِ المغروس في ذاكرته منذ ثلاثين عاماً … فيه تسلَّمَ قرار التعيين بفرح غامرٍ و إرادةٍ متوقّدة .. و بعد فترةٍ استسلمَ للتفكير حينها، و صحبه فتورٌ عجيب … لا يريد تفسيراً لفرحِهِ و لا يحاول معرفة سبب فتوره عندها قال : (( المرءُ أقدرُ على قراءة نفسه و تحليلها … )) و هي العبارة التي اصطادَها من مدّرس علم النفس التربوي … حقَّقَ أمنيّة طالما سعى إليها و تمنَّاها … كان يتابع أستاذَ التاريخ بأناقته و ثقته … أعطاهُ كثيراً من الاعتبار .. كان يقرأ التاريخ بحياديّة و عقليّة متفتّحة … و هذا أمرٌ هامٌ بالنسبة له … عاش نبيل طفلاً عاديّاً تحيطُ به أسرة أمِّيّةٌ لا تعرف القراءة و لا تقدِّرُ العلمَ و المتعلّمين و مرَّة شكا أمرَه لأستاذِهِ فقال له : ( يا نبيل ! المرءُ عدوُّ ما يجهل … ) تذكَّرَ قَلقَهُ و هو متوجِّهٌ إلى تلك القرية النائية سيـبتعد عن والديه و أختِهِ العانسِ … إنه أمامَ تجربة جديدةٍ بعيداً عن محيطه …
ركب حينها سيارة أكل عليها الدهر و شربَ … كانوا يسمّونها ( البوسطة ) تَنْهَبُ الطريق على دفعات و محطّاتٍ كثيرةٍ ينظر إلى الركاب و يقرأ معالمَ الوجوهِ … ثم يرمي نظرةً إلى الأراضي الجرداء … و هو الوحيد الذي لا يتكلّم باستثناءِ قراءته لصحيفة بين يديه … يقطعُ عليه صمتَهُ صوتُ بعضِ الحيوانات التي حظيت بشرف مصاحبته …
يتذكر من جديدٍ ، و ينتقل إلى مرحلةٍ أخرى … تتوقّفُ السيَّارة ثم يتابع السيرَ على قدميه … إلى أين ؟! إلى قرية تُدْعى (( المهدومة )) تناثرت بيوتها هنا و هناك … و عندها تذكَّرَ معلقة امرئ القيس الذي بكى و أبكى و اشتكى … خالطَهُ شيْءٌ من الرهبة …
كيف أعيش هنا ؟ .. كيف سأمضي الوقت ؟ و لأجلِ مَنْ جئْتُ ؟ ..
تناثرت نظراتُهُ و تتشتَّتُ هنا و هناك … القرية خاوية سوى بعض البيوت … نظر من جديدٍ حوله … و جاءتْ نظرتُهُ وليدةَ خيبة … فقد كان يتوقَّعُ التفافَ الأولادِ و أهلِ القرية حوله … تصوَّرهم يسرعون مبتهجين و مرحِّبين … أبدى تضايقه … تذمَّر … سأل عن بيت المختار … و كانت أمامه خيبة أخرى .. القرية لا يوجد فيها مختار … و لا حاجة للمختار بعد سوء معاملة المختار السابق … و عندما ماتَ فَرِحَ الجميعُ و لكنهم كتموا فرحَهُمْ في أعماقهم … سأل عن المدرسة … جاءَتهُ الإشارةُ مصحوبةً بنـزقٍ و جفوةٍ : - .. هناك عند الأغنام ِ و الأبقارِ … انظر … على سطحها دجاجةٌ و ديك …
ذهب وحيداً يجرُّ الحَيْرةَ و سأل نفسهُ :
أين الشّجَرُ ؟ أينَ العطاءُ ؟ أينَ الخضار ؟ أينَ الأولادُ ؟ و أخيراً قال : أين أنا ؟ ..
لم يجد سوى شجيرات طاعناتٍ رماهنَّ الفقرُ و الجفاف .. إحدى الشجيرات تمازُحها نعجة و حولها أطفالٌ يُقَطِّعون أغصانها … تقرَّبَ أحدهم قائلاً :
خذ يا أستاذ – إنَّهُ قضيبٌ سيلزمك كثيراً …
قال له الأستاذ : - لن تحتاجوا إليه إن شاء الله … و تابع الطفلُ من جديد : - سيلزمك لتبعد عنك الذباب و الحشرات … بعد أيَّام تحبُّ القرية و تحبُّك … و أمضى سنوات سعيدةً رائعة الخضرة …
ها هو نبيل في طريقه إلى بيته وحيداً ، يحمل قرار التقاعد ، و شهادة التكريم و بطاقة الدعوة ، و هو يفتِّش عن شخصِ ثانٍ يصطحبه للمطعم … بيده عصا يتكئ عليها … طريقهُ مزدحمةٌ … الأرصفة مكتظةٌ بالسيَّارات و الأبنية و الناس …
كان التفكير جيشاً من الوساوس و كتيبة من التساؤلات يحاول أن يربط بين سنواتٍ مضَتْ و أيَّامٍ تبقَّتْ … قطع عليه تفكيرَهُ سهمٌ جارِحٌ من سائقٍ أرعن … (يضربك العمى) … أين عيناك ………
هزَّ نبيلٌ رأسَهُ و قال لهُ : أنتَ لم تمرَّ على أستاذٍ في حياتك يا ولدي …




-3-اغتيال من نوع خاص

عندما وقفت منتظراً الحافلة انتابني حالة من حالات التّعب والقلق , فأنا مرهق ولا بد أن أستسلم للهواجس . أمور البيت لا تنتهي وطلبات الحياة لا ترحم ومريرة . هواجس تحيط بي وتلاحقني كالمطرقة والسندان ألفناها كما ألفنا مشاهدة المسلسلات ... بيننا وبين اللامألوف علاقة ود إجبارية ... الحافلة تصل ، صعدنا على طريقتنا الشرقية المألوفة أخذت مكاناً وكنت محاطاً بعدة نساء طاعنات مترهلات جذبهن الحديث بحرقة ومرارة إحداهن :
- خرجت من الصباح وتركت الأولاد يدبرون أمورهم . وأخذت آهة معجونة بدخان السكائر وغبار الأحذية ثم تبعتها بأخرى أشد وقعاً في النفس وكأنها أغنية مليئة بالنشاز ويأتيها صوت آخر يقتحم آهة الأولى :
نعم الحياة متعبة وأنا كذلك أعمل شغالة لدى أسرة ميسورة أخدمها محتملة الصغير والكبير مقابل سد فم أطفالي اليتامى وبين أسبوع وآخر لا يقصرون .. اللقمة مرة .
وأخذَتْ آهة أعمق من الأولى وأدارت وجهها هذا الحديث جعله يتثاءب ويندب حظه تذكر بأنه بعث ابنه في هذا اليوم للعمل في معمل للبلاط وسلمه بأمانة الله كما سلم أخوته من قبل ..


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد الهاشمي
مدير عام
مدير عام
أحمد الهاشمي


عدد المساهمات : 10896
نقاط : 13569
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 03/04/2010

               قصص قصيرة جدا Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص قصيرة جدا                  قصص قصيرة جدا Icon_minitimeالإثنين 17 يناير 2011 - 10:53

نعم اديبنا القدير

محمود اسد

رائع ما خط قلمك

سرد ونسج محكم

لله درك حتى ترضى

ولك خالص تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصص قصيرة جدا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  قصص قصيرة
»  قصص قصيرة جدا
»  قصص قصيرة جدا (2)
»  قصص قصيرة جدا
» قصص قصيرة جدا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
واحة الأرواح  :: أقسام الكتاب و الأدباء و الشعراء :: واحة الأديب الأستاذ..(((محمود أسد)))-
انتقل الى: