في مدينتي نخيل تحت الارض؟

على مبعدة 12 كم الى الشمال الشرقي من مدينة هيت، وفي منطقة سهلية متموجة ذات صخور كلسية، ابدعت الطبيعة احدى غرائبها المعروفة باللهجة المحلية لابناء المدينة باسم (مغارة ام الجذوع) التي يصعب العثور عليها من غير ادلاء لانها بمستوى سطح الارض.
تقدم المغارة نفسها من الخارج على هيئة فتحتين دائريتين متجاورتين، يبلغ قطر الواحدة قرابة 80 سم وبعمق يصل الى 5 امتار ونصف المتر، يفصلهما جدار صخري سميك ولكنهما تلتقيان في نفق واحد وعمقه 2.5م تحت سطح الارض، والوصول من الفوهة الى قاع المغارة، هو نوع من المغامرة المحفوفة بالمخاطر الا لمن أوتي الشباب والعافية والرشاقة.
وهذه المغارة او التجويف الارضي، عبارة عن قاعة بيضوية الشكل تقريبا، واسعة الحجم، تبلغ مساحتها قرابة 330م2، ابعادها من الجنوب الى الشمال 22 م ومن الشرق الى الغرب 15م، واجمل ما في هذا المكان يتمثل بالاعمدة الحجرية النازلة من سقف المغارة الى الارض، وعددها 12 عمودا (سقط منها اثنان) واهم ما يميز هذا الصف الجميل من الاعمدة هو الشبه الكبير بينها وبين جذوع النخيل الصغيرة، ومن هنا جاءت التسمية الشعبية مغارة ام الجذوع.

اساطير ووقائع
كان من الطبيعي ان يثير هذا التكوين الارضي، المخيلة الشعبية، فقال من قال: بانها كانت صالة طعام لاحد ملوك او قصرا لزوجة امبراطور او مخبأ للسلاح والذخيرة او بيتا للاسود او سجنا او متنزها للجان!
والحق فان المكان يصلح لهذه الافتراضات كلها، ولكن الجيولوجيين لا يتلفتون الى خيالات واساطير الناس على ظرافتها، ويقدمون تفسيرات علمية ملغومة بالمصطلحات التي تسد الشهية، ولهذا سأكتفي من كلامهم بالجزء القابل للهضم، فالمغارة هذه تدعى علميا (كهف تحت ارضي) في منطقة صخور جبسية وليس كلسية كما كنت اعتقد، تكونت فيها ظواهر غريبة ابرزها الاعمدة النازلة من السقف، وهي ـ اي المغارة ـ تقع ضمن بادية الجزيرة المحصورة بين دجلة والفرات، وانها جزء من هضبة جبسية لا يزيد ارتفاعها على 130 م فوق سطح الارض، ويسود الاعتقاد بانها تكونت في اثناء الفترة المطيرة حيث كان مستوى الفرات بمستوى المغارة التي هي حاليا اعلى بكثير من مستوى النهر، وقد نشأت كنتيجة طبيعية لعوامل الاذابة، لان المياه الجوفية كانت اعلى مما هي عليه الان، وكانت الامطار اغزر كذلك، وعندما عمق الفرات مجراه لاحقا وانخفض تبعا لذلك مستوى المياه الجوفية اخذت عوامل الاذابة تزداد في الطبقات الجبسية الاكثر رخاوة، اما الاعمدة فتشكلت نتيجة لعمليات التنقيط من السقوف الى الارض.
ويرى الجيولوجيون بان الشقين النازلين من الفوهتين لم يكونا متوازيين لذلك تأثرت الاعمدة، فلم تتوزع بابعاد ولا ارتفاعات متساوية وقد اكتست سطوحها باشكال كروية متلاصقة تمثل طبقات الاذابة والحركة الدائرية للمياه في اثناء التنقيط، وتتراوح اطوال الاعمدة بين 1- 1.9 م اما
ارضية المغارة فذات طبقات صفائحية لمادتي الصلصال والطين وغالبا ما تكون رطبة. ويوجد عند الجهة الشمالية منها منفذ يتولى تصريف المياه في مواسم المطر.
يلاحظ على السقف ذلك الكم الكبير من التشكيلات الزخرفية حيث الدرنات والكتل الكروية الجبسية والبروزات الابرية، وهو الامر الذي يعزز فكرة الاذابة والترسيب وعمليات النحت المستمرة التي تعرضت لها المغارة عبر الاف السنين..

اللهم احفظ هيت وامن اهلها وكل المناطق التي بجانبها واحفظ جميع المدن العراقيه

لاتنسونا من خالص الدعاء

اخوكم خالد الهيتي- الانبار- العراق

الله يسلمك استاذ احمد مشكور لمروك الكريم