واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

واحة الأرواح

أحمد الهاشمي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولeahmea@yahoo.com

 

 صالون نون الأدبي وقراءة في ديوان هند جودة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فتحية إبراهيم صرصور
الأعضاء
الأعضاء



عدد المساهمات : 137
نقاط : 381
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 26/11/2010
العمر : 71

صالون نون الأدبي وقراءة في ديوان هند جودة Empty
مُساهمةموضوع: صالون نون الأدبي وقراءة في ديوان هند جودة   صالون نون الأدبي وقراءة في ديوان هند جودة Icon_minitimeالثلاثاء 5 فبراير 2013 - 21:12

صالون نون الأدبي يقرأ مجموعة هند جودة
عند الثالثة والنصف من بعد عصر يوم الثلاثاء الخامس من فبراير 2013م اجتمع رواد صالون نون الأدبي والمهتمين بالشأن الثقافي للمشاركة في قراءة لديوان الشاعرة الواعدة هند جودة
افتتحت الأستاذة فتحية صرصور الجلسة فقالت: الحضور الكريم ... أهلا بكم ومرحبا، وصلاة وسلام على النبي المصطفى.
أهلا بكم في لقاء جديد من لقاءات صالون نون الأدبي، هذا الصرح الثقافي، أول المشاهد الثقافية في غزة، بل وفلسطين الكبيرة، منذ أحد عشر عاما ونيف ونحن نلتقيكم على ثقافة وشعر ... اليوم نلتقيكم روادنا الكرام ... لقاء جديد بطعم ونكهة جديدة، بروعة الفيروز ورائحة العنبر لأنها:
عندما تمطر شعرا يكون صباحُنا بلا غيوم
تنظم قصائدها حباتِ لآلئ في عُقدٍ منظوم
تُخرج من بين حناياها صرخاتِ نبضٍ مكلوم
تئن تحن تعود لأرض وأهل وحق محسوم
إنها هند جودات جودة، من مواليد مخيم البريج في الخامس عشر من آب للعام 1983
اكتشفت قدرتها على الكتابة في سن مبكرة، وكانت تكتب إسكتشات مسرحية بسيطة تمثلها مع زميلات الفصل في المرحلتين الابتدائية والإعدادية/ في المرحلة الثانوية .. اكتشفت قدرتها على كتابة الشعر وأصبحت لديها محاولات في هذا المجال امتدت إلى مرحلة الجامعة والتي تعتبر مرحلة البروز وظهور الموهبة وممارستها بقوة
عملت في إذاعتين محليتين هما العمال والحرية
تكتب القصة القصيرة ولها مجموعة تجريبية في هذا المجال تمت طباعتها في جمعية الثقافة والفكر الحر/ كتبت عددا من المسرحيات بالمشاركة مع الشاعر والإعلامي سائد السويركي
لديها ثلاث مجموعات شعرية غير منشورة/ شاركت في عدد من الأمسيات الشعرية
وتنشر في عدد من المواقع الالكترونية
أتتنا هند تحمل معها حتمية الرحيل عبر مجموعتها: دائما يرحل أحد
فهل هو رحيل الأموات، أم رحيل الأحياء، أم كليهما؟ ما الذي تفتقده هند حتى بلغ بها الأمر أن تقول:
كانت احتمالات الفرح أن أبكي
أن أضع أصابع الثلج على جبين الوقت كي ألملم سخونة الغياب
حاولت زفّ قلبي إلى الريح/ حافظتُ على ابتسامة الصبر
قبّلتُ جبين الأمنيات / فتحت ُ نوافذي
ظللتُ على موعدي مع ظلّي حتى آتتْ حرقتي أكُلها
وخفقتُ بأجنحةٍ لا ترتوي إلّا من الشمس
بهذه المفردات بدأت مجموعتها التي كتبت نصوصها بين العامين 2008-2012م وبين منطقتين جغرافيتين مختلفتين بين غزة والسعودية
جعلت هند الإهداء للوالدين والزوج والابنة، لتشمل أحبتها أصولا وأجنحة وفروع. لن أطيل لأترك المجال لها.
بعد الترحيب بالحضور قالت هند اسمحوا لي أن أغرد خارج السياق وأبدأ بقصيدة أهديها لأبي صاحب البصمة الواضحة في حياتي، ولكل الآباء، هذه القصيدة ليست من المجموعة التي نحن بصدد الحديث عنها اليوم فقالت:
ارتعاش الياسمين
لحروفكَ تصطفُّ عقداً / حول عمري/ أرسل القلب يغنيكَ / ويبكي .. فوق كفيك الحنين
ولعينيك التي / رَسَمتْ بقلبي نوافذَ نحو طريقي / كم تمنيت بقائي / بين ظلّك أستكين
أنت للروح / المنارة والدليل/ بعتم عمرٍ مؤلمٍ / يعطي شحيحا ً/ ثمّ يأخذه الجنون
تبقى وصاياك الحميمة / والقريبة والصديقة / بي تعشّش ُ ضمن قلبي كالجنين
يسقيها حبك يا أبي / يسقيها عطفك والأماني / تسقيها أصداء الطفولة / وارتعاش الياسمين
فوق باب البيت يعرشُ / كي يودعك ويلقاك ويرسل / لانعقادات جبينك/ قبلات الياسمين
يا لكفك حين تلقاها الأصابع طفلة ً/ كيف تملأ راحتي / فتغنيلي السنين / يا صغيرة هذا رجل ٌ
لا يكرّر مرتين / فاظفري بالقرب وامضي/ نحو وضّاء الجبين/ إني آتيك بضعفي واحتراقي
باعتقال الحزن قلبي/ أو بفرح قرب عطرك / بي يحين
يا قصّة لا تنتهي / يا ظلنا .. يا شمسنا/ الحرف عندك قاصرّ / وأمام روحك لا يُــبين
يا حبر ما نقص الهوى / أعرف أبي / سيعزّ ذكره كاملا/ أعرفك عنده لا تكون
بلّغ حناياك الرحيبة أنني/ لا لستُ أنسى/ رحمَ عمرك كيف قد حمل المشقّة / دون شكوى
وابتسامك / كيف أصبح ثمّ أمسى/ رغم عالمنا الحزين/ أحفظ حروفك يا أبي /كالوصايا و الحكايا
و خطانا حين يغفو إصبعي / في حارة الكفّ الحنون
كنتُ الصغيرة في عيونك دائما / وجعلتني أبدو الكبيرة دائما / وجعلت حلمي ممكناً/ في كل حين
دمعي يقدّم من حنيني باقتين/ وضلوع صدري يا أبي/ تعطيك قلبي راجفاً/ ومن اشتياقي وردتين

وكان لهذه المجموعة قراءة من الدكتور عاطف أبو حمادة بعنوان: هوامش القلق طريق لاحتدام الصراع
قال فيها: تستطيع هذه المقاربة لديوان دائما يرحل أحد للشاعرة هند جودة الزعم أن هذه القصائد تجليات لصراع عنيف يحتدم في أعماق الذات وينعكس في لغة الديوان عبر مستويات عدّة هي:
أولا المعجم الشعري: يستطيع المتأمل للمعجم الشعري للشاعرة أن يكتشف حضورا قويا لمنظومتين متضادتين من الألفاظ، يمكنه تصنيفها كعنوان من عنوانات الصراع المتأجج في قصائد الديوان.
أما المنظومة الأولى فتتشكل من سلسلة طويلة من الألفاظ الحالمة التي تشكل معسكر الروح والقلب ونبضه، والحنين والشوق إلى الضوء، وترصد درب الخلاص الذي تسلكه الفراشات والعصافير عندما ترحل إلى زهر الحدائق حالمة بمستقبل مشرق تتربع فيه على عرش الإمارة وقلب الأمير.
أما المنظومة الثانية فتشكلها مجموعة من الألفاظ تمهد للاصطدام بأمواج صاخبة تثيرها رياح عاتية؛ تتشكل ظلاما حالكا، وعتمة تتراقص فيها الأشباح والغيلان، مما يخلق حالة قلق وانتظار للخلاص من هذا التيه الذي يمتلك وخز برد الشتاء، وعذاب الانتظار، وحرقة الاغتراب.
ثانيا الصورة الفنية: تأتي الصورة الفنية عنوانا ثانيا من عناوين الصراع في ديوان دائما يرحل أحد" إذ إن الصورة تجسد الصدام بين مكنوناتها الدلالية، الأمر الذي يعمق الإحساس بالصراع من خلال رؤية الشاعرة للأشياء على غير حقيقتها، أو بعبارة أخرى هي "إن للحقيقة وجوه متعددة" قد تصل في كثير من الأحيان إلى مستوى التضاد الذي يحقق القلق والضبابية والاغتراب؛ تقول:
مدينتي صاخبةٌ
موحشة في الليل وضاريـة
مدينتي غجرية مقيّدة..
أو قولها: الماءُ ضعيفٌ.. تكسرهُ صخرة
الماءُ قاتلٌ محترف
فالشاعرة ترى الأشياء بعيون متعددة تستلهم نورها من وحي الخيال والأحلام التي تقودها لإعادة تشكيل الواقع بصورة فريدة عبر ما تمتلكه من لغة ناعمة، يتحول فيها الحرف إلى جمرة لا تطفئها إلا نشوة الوصول إلى فردوس القصيدة.
ثالثا الضمائر: تلعب الضمائر المختلفة في ديوان دائما يرحل أحد" دورا بارزا في احتدام الصراع منذ اللحظة الأولى حيث تحاول الشاعرة لملمة الأشياء، والسيطرة عليها من خلال ضمها لذاتها خوفا من أن تفرّ منها، ويبدو ذلك جليّا في إسناد الأشياء إلى ياء المتكلم التي تمثل الذات الشاعرة، في حين يمثل ضميرا المخاطب والغائب.
المحور الثاني من محاور الصراع وهو الذي يحاول إخراج المتكلم من المشهد وتغييبه، لكنه لا يستطيع فعل ذلك نظرا للحضور القوي والمتكرر بكثرة لضمائر المتكلم المقترنة بالأسماء والأشياء أو الأفعال والأحداث (ياء المتكلم – تاء المتكلم – همزة المتكلم) كما في قولها: لبلاب غياب / لا زال يتسلّق عمري / لن تقتحمني أنيابك بسهولة ٍ / مصفحة ٌ أنا ضدّك أيها اللّيل
هذا الصراع المشتعل في قصائد الديوان ألجأ الشاعرة إلى وسائل أخرى لاستخدامها في حسم الصراع؛ كان من أهمها العودة إلى الجذور والاحتماء بالذاكرة التي شكلتها حكايات الجدة والوصايا العشرون للوالد، مما أهلها لتحقيق النصر في نهاية المطاف، تماما كما تفعل الأميرات في الحكايات الخرافية حيث تتعرض للخطف والاعتداء والتعذيب، فتنضج شخصيتها بالقدر الذي يؤهلها للارتقاء إلى أعلى درجات البطولة التي تتمثل في هزيمة الغول وتحقيق الحلم بالاقتران ببطل الحكاية وأميرها، سواء أكان هذا البطل شخصا حقيقيا أم وطنا غائبا، أم إرثا حضاريا أم شخصا متخيلا "فارس الأحلام" وجميعهم من المعادلات الموضوعية والرموز التي تشير إلى الإخلاص الذي تسعى إليه الشاعرة في قولها:
وأعلم أنني سأخطو وقلبي درب الخلاص
هذه الرموز التي تسكن خلف الغيم البعيد تسري في دم الشاعرة، وتتحول إلى حجارة وحروف وبنادق في خارطة الجسد المتدفق حنينا سيحوّل الغياب إلى حضور يرفض التيه، الموت، الصمت.
تقول: لو أن لي صوتاً آخر سوى الصمت / لتحدثت طويلاً
فالحكاية طويلة مع هذا الليل ــــ الغول ــــ العدو الذي نشر الرعب وثقب الحناجر وخطف الوطن، تقول:
وأظل أفتش عن وجهي الذي غاب
ستظل تتمسك بإصرارها وعنادها في العودة إلى الوطن حتى تستيقظ ذات يوم على مرآةٍ تبتسم
، فتقتنص لحظات من الفرح من بين أنياب الواقع المرير، وهي بذلك تعكس ما بداخلها على الطبيعة، حيث يتحول القلق إلى عواء، تقول: ربما هي ريح غاضبة تعوي / لا تصدقوا / إنه رأسي
يربي حديقة كلام فوق جفني / وتصفق له الرموش
من هنا يمكن القول: إن حالة الصراع المتأججة التي تجلت في قصائد الديوان شكلت رافدا قويا من روافد الشعرية فيه؛ إضافة إلى الروافد الأخرى التي يمكن متابعتها فيما يأتي:
1- التناص: استطاعت الشاعرة أن توظف بعض التناصات توظيفا سلسا عن قدرة واعدة في تطريز نص شعري قوي، ويضفي على النصوص بعدا جماليا إضافيا كما في قولها:
وتعود بخفين / يقدّ قميصه من كلّ صوب / لا يمكنك أن تعيش الليل نفسه مرتين
2- الصورة الفنية: إذا كانت الصورة هي روح الشعر، وأساس الحكم عليه لما تمتلكه الصورة من قدرة على الإدهاش والتأثير، فقد استطاعت الشاعرة أن تحقق هذه الخاصية من خلال الصور الواردة في الديوان كما في قولها: ويحلب لقمته من ضجيج الخطوات المثقلة !
أو قولها: الغيماتُ تتجاسـدُ لتنجب المطر
أو قولها المتدفق أمومة وحنانا:
لازلتِ عصفورةً تلتقط الحُبّ من فم قلبي/ وترضعه من زجاجة روحي
أضف إلى ذلك ما تتمتع به الصورة من بساطة في بنائها التركيبي، حيث إن معظم الصور الواردة تتشكل من خلف علاقات تلازم لغوية غريبة؛ كطريقة الإضافة كما في قولها:
صهوة جمري / ركبة تعبي : عنق الزمن
أو طريقة الوصف بالجار والمجرور المبين للجنس كما في قولها:
أصابع من جليد / بئران من حنين
كذلك ما تمتلكه من قدرة على التأمل أسهمت في تشكيل بعض الصور العميقة الرائعة، كما هو الحال في قصيدتي "كف رمل – ماء.. ريثما يتضح الأمر.
3- الإيقاع: استعاضت الشاعرة عن الإيقاع الخارجي بالإيقاع الداخلي الذي تتصاعد أنغامه الرقيقة من اختيار الألفاظ الهامة المشفوعة بأنوثة تميل إلى الإكثار من استخدام حروف اللين وحروف الهمس مما أدى إلى تشكيل نوع خاص من الإيقاع الخفي سأطلق عليه اسم "الإيقاع البؤري" وهو الإيقاع الناجم عن تكرار أصوات معينة، ومقاطع صوتية بعينها في المقطوعات الشعرية؛ وهو إيقاع خفيّ الأنغام، تطرب له الأذن، وتأنس به النفس؛ كما هو الحال في قولها:
جناحانِ لا أكثر
تكفي لأرتدي الريحَ
وأحلِّقُ عصفوراً
يحملُ عينيَّ وجسدَ الحلمْ
إن نظرة مدققة لحروف "الراء والحاء واللام والنون" التي تشكل الإيقاع السائد في هذا المقطع الشعري، سنكتشف سريعا أنها تكون الكلمة "نرحل" التي تلائم أجواء الرحيل المسيطرة على المقطع الشعري، أضف إلى ذلك ما يمكن اكتشافه عند تحليل النص إلى مقاطع صوتية حيث تتعاقب المقاطع القصيرة والطويلة بنوعيها بطريقة تحقق إيقاعا خفيا يسري في جسد النص، ويلائم الإحساس الذي يدفع الشاعرة إلى الكتابة.
إذا نحن أمام نوع من الإيقاع أسميته "الإيقاع البؤري" ينجم من سيادة نوع معين من الأصوات في المقطع الشعري "البؤرة" هذه الأصوات يجمعها التشابه أو التكرار، أو التجانس أو التنافر، بالإضافة إلى المقاطع الصوتية بأنواعها المختلفة "القصير أو الطويل أو الزائد في الطول" التي يجمعها التعاقب المنتظم أو الاطراد والتوالي، أو التبادل بنظام يحقق إيقاعا خفيا تطرب له الأذن وترتاح له النفس، وهو ما يمكن استخدامه مدخلا لدراسة الإيقاع في قصيدة النثر أو النصوص النثرية من الأجناس الأدبية المختلفة.
ومن مكونات الإيقاع التي لجأت إليها الشاعرة في قصائد الديوان الجناسات الاشتقاقية مثل: "العقاب، العاقبة" أو "الروح، الريح" التي لجأت إليها الشاعرة في كثير من المواضع، فأغنت الجانب الإيقاعي في النص أو الجناسات العادية كقولها: الشوق/ الشوك، ومن مكوناته أيضا التكرار والتوازي في الإنسان كما في قوله:
لا يتوقف / لا يعرف / لا يعرف
و قولها: يذوب السكر / يذوب الملح
و قولها: نهر لا يشبه بحر / نبع لا يشبه بئر
وقولها: أعُد/ أعُد/ أعُد
أما القافية فقد أهملت الشاعرة القوافي النهائية؛ أي التي تقع في نهاية السطر الشعري إهمالا شبه نهائي حيث لم يرد منها في الديوان إلا القليل من القوافي، وقد كان ذلك لصالح القوافي الداخلية التي تشكل ظاهرة قوية في الديوان ومنها قولها: كان معتما كقبر/ مخيفا كعينين مغلقتين/ للماء أن يبحث عن فرصة للاختباء/ بين الكهرباء والماء حُبٌّ يقتل
ختاما أجدني مدفوعا إلى القول إن هذه البداية القوية للشاعرة الشابة هند جودة تبشر بشاعرة كبيرة إذا أخلصت لنصها واجتهدت في تطوير ذاتها سعيا للوصول إلى الشعرية الحقيقية عبر مكوناتها الشعرية الأصيلة التي تحسست بذورها في قصائد هذا الديوان الذي وسمته بالعنوان "دائما.. يرحل أحد" بوصفه بوابة من بوابات الرحيل ونافذة من نوافذ العودة.
بعد أن أنهى الدكتور عاطف ورقته أحيل الكلام لهند فقالت تأكيدا لما قاله الدكتور عاطف فحكايات جدتي أم العبد شكلت الوعي لدي، وأقول فيها:
جدتي
كانتْ بحفنة ياسمين وحناء / في كفٍّ مسافرة عبر حقولٍ من غيم
وذاكرة ٍلا تترك للنسيان حصّة فيها / تعرف ما مضى كملامح وجهٍ في مرآة
صفرةُ تعتُّـقٍ / تغطي جبينَ أمسياتٍ كما الصباحات / مرّت مسرعة
تتوقف في متحفٍ سينمائي الطابع / تروي لروحٍ تتسلق غيماً
عبر تينة ٍعتيقة لا تبخل في مدّ ضفائرها/ في أروقة من ظلال وركض
حيث قصرٍ من دخان / تفتح مدينة عجائب أسرارها
كانتْ تهزج بدلعونتها/ فلا يتبقى لظريف الطول سوى أن يمارس دبكته على خشبة الصوت
راحة الليل تقلق / فضوله تثير / بإعاداتٍ تصهل في وجه ِ نومٍ عرف أنه جاء قبل الموعد بكثير!
كان للبدر رقصةُ صمتٍ وثبات/ بين جدائل حالكة / تحملني،تشيرُ، وبدوري أمدّ أصبعاً إليه !
مقتنصة استدارته كل شهرٍ/ كنتُ / أهرع لها شادّة على الأصابع / عاضّة على اهتزاز فرحة في القلب
كانتْ / تعجن من دقيق الخيال / خبز وعيي! / ترسلني إلى جيب غول الحكاية / لأسرق شعراتٍ ثلاث،
توقفني في حديقةٍ من ذهب/ تتركني أبلل شعري / في نهر أميرةٍ لا تختلف عني كثيرا.. [كما ترى]
سكاكرها المخبّأة / حملت قصصاً تلتها على سمع الروح / بعفوية قصدت دائما وضعي حيث:
تمطر أرضٌ وتنبت سماء
تركتني../ أعدُّ بطولاتٍ في ممالك لم أزرها / أحصي خيباتٍ في ليل غادر دون صوتها
تركتني ألملم الذاكرة
ثم قرأت قصيدة بعنوان نصـف
غابة صغيرة.../ عشر أشجار، ربما أكثر../ طاولةٌ / كرسيٌّ يرافق ظلّك
وربما فنجان قهوة منسيّ في زاوية مهملة
مكان ٌ ملائم وكأنّه معدٌّ ليستقبل / حيرةً، شغباً وجنون / اخضرار الغابة ينقلب سوادا كل ليلة
تهجره العصافير / وتنبتُ على غصنه بومةً أو اثنتين/ من لك في تلك الساعة الحالكة؟
شوارع المدينة ترتدي خدرها / وأنت تهرب بك إلى برودةٍ في الهواء / تحرّر خفّة قلبك
تطلب كائناً من تيهٍ (مثلك) / يسكن غيما / حافي القدمين / ينبت في أصابعه مشطٌ لا يخطئ هياجك
يلمّ أطراف كلامك كشعرك / ويعيد ترتيب أزرار قميصك!/ طفلٌ عابثٌ / يعدو في طرقاتِ الحلكة
تائه، يطفو على سطح الأرق/ مثقوب العينين والحنجرة / مهلهل ٌ كأخي كليب!
عن ماذا تبحث في صمت الطرقات؟؟/ وتترك الليل يبلع عواءه لأجلك / لم لا تترك له حرية العواء؟
هو يريد أن يتحرّر منك../ أن يبكي../ يشهق.. / يقد قميصه من كل صوب / ويندب نصفا لا يجيء!

الليل نصفٌ معذّب مثلك تماما/ ارحمه من قعقعة خطاك على رأسه،/ ولـــتنمْ.
بعدها فتحت الأستاذة فتحية الحديث للجمهور فكان الأديب أبو هاني شحادة أول المداخلين فقال: شكرا لصالون نون الأدبي على ما يقدمه لنا من إبداعات ثقافية وأدبية، وشكرا للدكتور عاطف الناقد والشاعر، الشكر له على ما قدمه لنا من دراسة قيمة خاصة بمجموعة هند جودة، وأقول بمتابعتي لما قرأته في قصيدتها لأبيها نجدها جاءت على الأوزان العروضية إلا أنها تعرضت في كثير من الأوقات للزحافات والخبن، إنني أسجل إعجابي وأتمنى لها التوفيق.
أما الشاعر أحمد يعقوب فقال: أنا هنا لأهنئ هند جودة، ولأشارك في الاحتفاء بالإعلان عن شاعرة متميزة، لقد قال الدكتور عاطف كل ما يمكن أن يقال ولم يبق لنا ما نقول، لكن أقول أن ما حدث مع الدكتور عاطف حدث معي، فعندما قرأت لهند وجدت أنني أمام شاعر مكتمل الأدوات والتجربة، وينحو نحو صوته الخاص به.
التجربة لم تكتمل بعد، جميعنا هواة ولم نحترف بعد، لكن هند لديها كيمياء لغة بحسب عمرها وتجربتها شدّني جيدا، فكانت تستند للغة أكثر من المخيلة والصور، كما أنها حولّت تجرتها الذاتية لنص مفتوح، فنقلت الحالة الخاصة بها لتجربة شعرية منفتحة، أنا سعيد جدا بها، وأهنئها وأتمنى لها المتابعة.
الشاعر صالح عابد قرأ بعضا من كتابات هند:
لقلبٍ ملّ من صمتي .. وناور يرقب الآتي
يقول: مللتُ من وجهٍ تشابه والمعاناة ِ
أما شبعت عيونك سكب دمعاتٍ
أما سئمت حروفك نفث آهات ِ
سئمت الوجد والندبَ
سئمت رحيل نجماتي

الشاعر عثمان حسين قال: أثني على نبوءة الدكتور عاطف بأنها شاعرة سيكون لها مستقبل زاهر، وأضاف: أنا أتابع هند منذ سبعة أشهر بشكل يومي وأرى أن تجربتها ناضجة.
الشاعر خالد شاهين قال: ما تكتبه هند جميل لكن أنصحها أن تقلل من استخدام حرف الواو، والتعامل مع أل التعريف بشكل مناسب؛ بأن تضعها بالمكان المناسب، وتشطبها في غير موضعها.
وقال: تكررت كلمة غياب لديها ما يزيد عن خمسين مرة، هند تمتلك مفردات خاصة بها، ومع ذلك نصها ناضج ويترك لنا سؤال خطير هو: ماذا ستكتب هند بعد هذا الجمال الموجود لديها، وإن كنت أتوقع أنها بعد هذا التشجيع ستبدع.
الشاعر وسام عويضة قال: هند واحدة من مجموعة من الكتاب الذين يكتبون عبر بوابة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لم يطلع الكثيرون عليه، أتمنى على الجميع أن يهتم بهذا الواقع الافتراضي.
بعد أن استكملت المداخلات رد الدكتور عاطف على بعضها فقال: الناقد عندما يقرأ الشعر للمرة الأولى من الصعب أن يصدر حكما على ما قرأ، وأنا عندما أصدرت هذا الحكم أمام هذا الجمهور لم أكن عبقريا، لا أخفيكم سرّا أنني عندما قرأت الصفحة الأولى بعنوان تهريب
هل في جيبِكِ متّسعٌ لنَجْمَةٍ جديدةْ؟
[سألَ الليلُ] / هرّبتُ واحدةً داخلَ جوربِي/ أجبتُ: نعم
سطر واحد قرأته وبدأت أستجمع قواي لأنني أمام نص مدهش، وكل قصيدة كانت تسلمني لنص قوي آخر، وعندما أتيت عليه ألقيته على المكتب وقلت: وربك إنك شاعرة.
إذا أخذت هند بالنصائح التي قدمت لها ستكون أشعر من الشاعرات، الجميع يعرف عني أنني لا أجامل، وعندما قرأت لهند لم أكن أعرفها شخصيا أو شعريا أو روائيا، لذا كانت ملاحظاتي مستخلصة مما قرأت.
بعد أن أتم الدكتور عاطف رده قرأت هند القصيدة التي تحمل المجموعة عنوانها: دائما يرحل أحد
أرنو إلى تنفسٍ/ فيواصلني الغرق / مشكاتك لا تكفّ عن زيتي / دعني أضيء ببعض نار
عينان من أمنية / تفتح ستائرَ رموشها في عُقر غدي / تعمى!/ تلملمني مسافة ذاكرة
في حارة ٍ بعيدة / تصفّقُ كفٌّ بفرح / خمسةُ أصابع أخرى / تخون سعادتي/ [.. تتركني قيد الوعي!..]
طلع حلمٌ / على صهوة جمري/ فاحترق!/أنت تعادِلُ وجهك في مرآة / بعضُك للوهم /وآخرُ لصدق الحضور قهوتي مرّةٌ / تحلو بكونها بنية كــ عينيك ـ / تعتنقني خرافة الأشياء دون إذن ٍ/ أصيخُ لها بأذُن
لبلاب غياب / لا زال يتسلّق عمري / لن تقتحمني أنيابك بسهولة ٍ / مصفحة ٌ أنا ضدّك أيها اللّيل
تعال كــ الخريف / وأسقط ما تبقى منك على أعصابي / لماذا حين لا أريد / تكثر ابتساماتي!
ما بيني وبيني/ مساحة حلم / تكفي لأنا أخرى / لا تلوّث أصابعي / بسكّر كفيك / ترهقني حلاوة اللحظة!
قصص شتاء ٍ عتيق / تترك للمخيم ركضاً في عروقي / ذات القصص / تحتوي وحلا /وأحذيةً جلديةً طويلة/ دائما ً / يجب أن يرحل أحد
ثم اختتمت بقصيدة "فراشة" كتبتها لابنتها: فراشة
أمشّط شعرك،/ أزرع وردة/ فراشات عينيك تغمز روحي/ لا تبتعد عن حديقة كفي
لازلتِ عصفورةً تلتقط الحُبّ من فم قلبي/ وترضعه من زجاجة روحي/ تقهقهين..
تضحك اﻷماكن/ ترتفع سحبا ونجمات/ ترسمين../ فيتلون بياض بكل ألوانك المتاحة

تنادين"ماما"/ يبدأ مهرجانُ فرحٍ / تخرج أرانب بيضاء من جحور القصص
تهتزّ أراجيح/ ينبتُ الجوري فوق قلبي / تصفق طفولة بعيدة / وأعدو لحضن أمي
لاتنامي على ذراعي/ وانزرعي بصدري/ لأقرّب حواسي / وأتنفس.
انتهى اللقاء على وعد بجلسات أدبية دائمة بإذن الله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
صالون نون الأدبي وقراءة في ديوان هند جودة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
واحة الأرواح  :: الأقسام الأدبية :: واحة المقهى الادبي-
انتقل الى: