في صالون نون الأدبي جماليات التشكيل الشعري في قصائد: الشاعر المهندس عمر الهباش
في قاعة مركز عبد الله حوراني، وعند الثالثة والنصف من عصر يوم الأحد 17 فبراير 2019م كانت جلسة دوحة الأدب في صالون نون الأدبي
افتتحت الأستاذة فتحية صرصور اللقاء مرحبة بالحضور وقالت: الحضور الكريم أهلا بكم
بالحب نلتقي، وبخير خصال رسولنا الكريم نقتفي، فالله محبة، ومن أسمائه الودود، محب لعبادة رحيم بهم
في هذه الأجواء من المحبة نلتقيكم، على مائدة واحد يعتبر أحد أهم الداعمين لصالون نون الأدبي، يحضر جلساتنا، يمتعنا بقصائد يبقيها على مسامعنا، حريص على استمرارية الصالون ويدعمه بكل ما أوتي من ثقافة وإبداع
إنه الشاعر المهندس، عمر الهباش، مهندس المباني، ومهندس الكلمة الشاعرة
تخرج من كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية، تنقل في سوق العمل بالدول العربية؛ من أفريقية لآسيا، من ليبيا لليمن
وبعد عودته لأرض الوطن تدرج في المناصب كان آخرها مدير عام بكدار لقطاع غزة حتى وصل لزهرة العمر بالتقاعد
اشتهر بسعة اطلاعه وثقافته الواسعة، قرأ الشعر العربي قديمه وحديثه، واطلع على المدارس النقدية لكبار النقاد، كما قرأ الكثير من الروايات العربية والعالمية
قبل سبعة عشر عاما بدأ يكتب الشعر، وحرص على تطوير أدواته فالتحق بدورة في صالون نون الأدبي لتعليم موسيقى وعروض الشعر على يد الدكتورة مي نايف
بعدها كتب الشعر العمودي وشعر التفعيلة، والشعر النثري، كما كتب القصة القصيرة
كان ولازال ينشر إنتاجه عبر المواقع الالكترونية والصحف، ومنتديات العالم العربي المختلفة
صدر له ثلاثة دواوين هي:
ديواني: عطر البتول وأمنيات مغردة، وتقدم بهما لاتحاد الكتاب للحصول على العضوية
ومؤخرا صدر ديوانه الثالث بعنوان: بنفسجة الحكاية
كما أن لديه عدة دواوين في مرحلة ما قبل النشر؛ يعكف حاليا على مراجعتها وتدقيقها
وهو ناشط في حضور المنتديات الثقافية ويلقي بها أشعاره خاصة صالون نون الأدبي والذي يشعر بالانتماء الشديد له، لذا أصر على أن يحتفل معنا بمولد ديوانيه الأول والثاني
كما كان يلقي أشعاره في ملتقى شواطئ الأدب
نرحب به وبكم جميعا ونبدأ بالاستماع له يحدثنا عن بدايات الكتابة عنده، ثم نستمع لبعضا من نصوصه
بدأ المهندس عمر كلمته فقال: السيدات والسادة كلا باسمه وباسمها ولقبه لقبها أسعد الله مساءكم بالخير والمسرة.
سعدت بحضوركم الجميل الذي يدل عل اهتمامكم بكل الأجناس الأدبية كما أن حضوركم هذا يشرفني ويعطيني دفعة لأكتب الشعر واستمر فيه بشكل دائم ومثري للذائقة
في البداية الشكر الجزيل والتقدير لصالون نون العزيز وعلى رأسه الأستاذة فتحية صرصور والدكتورة مي نايف كما أقدم الشكر والتقدير للأديب القدير الأستاذ شفيق التلولي على تلبيته الدعوة لتقديم أعمالي الشعرية للجمهور الكريم
في الواقع بداياتي كانت كأي كاتب مبتدئ يحاول أن يكون له مكانا في هذا العالم الساحر الجميل عالم الشعر الحقيقي الذي نسعى للوصول إليه وقد بدأت مع بدايات انتشار الصحف الإلكترونية وأخص بالذات دنيا الوطن حيث كانت لنا في البداية قصائد نثرية بسيطة أقرب للخواطر وبعض القصص القصيرة وقد كنت سابقا من هواة قراءة كل ما يتعلق بفن الشعر
من دواوين قديمة وشعر حديث وكذلك كل ما يتعلق بهذا الفرع الأدبي من نقد وشروحات كثيرة كما أنني من هواة الموسيقى الشرقية والعالمية قديمها وحديثها وهذا جعلني أقرب بكثير للشعر العمودي وموسيقاه الغنية وتنوعها والتفعيلة أكثر من الأجناس الأخرى لكن لم يمنع ذلك أن يكون لي محاولات نثرية كثيرة
ثم قال: اسمحوا لي أن ألقي على مسامعكم مختارات مما جاء في قصائدي وهي مقتطفات من ديواني الأول "عطر البتول"
عِطْرُ البَتُوْلْ
عَلَىْ فَرْعِكِ الَّليْلُ أَرْخَىْ السُّدُولْ/ وَفَاضَ المُحَيَّا بِعِطْرِ البَتُوْلْ
وَنَجْمَةُ حَظٍّ دَنَا طَيْفُهَا/ إِلَى مُقْلَةٍ رَغْمَ رِيْحِ التَّلُوْلْ
فَأَصْغَيْتُ لِلْقَلْبِ عَلَّ الهَوَى/ صَبَاحُ الأمَانِيْ بِزَهْوٍ يَجُوْلْ
يَرَوْقُ الفُؤَادُ صَفَا هَمْسَةٍ/ مَنَ الثَّغْرِ تُرْوَىْ حَفِيْفَ الخَمِيْلْ
فَكَمْ رَاقَ للرُّوْحِ إِطْلَالَةٌ/ عَلَى رَبْوَةِ الحُسْنِ بَيْنَ النَّخِيْلْ
يُغَرِّدُ قَلْبِيْ صَدَىْ لَحْنِهَا/ فَتَعْزِفُ لِلصَّدْرِ لَحْنَاً خَضِيْلْ
بِرَوْضِ الدَّلَالِ أَرَىْ ظِلَّهَا/ فَيَذْوِيْ لَهَا الصَّدْرُ عِنْدَ المُثُوْلْ
**
ثم قرأ جزء من القصيدة التالية لنفس الديوان وهي بعنوان: نِدَاءُ الغَائِبْ
تَعَالَيْ لِقَلْبِيْ رَحِيْقَا جَرَى/ فَلَا زَالَ فِيْكِ بَرِيقٌ سَرَى
وَمَا زَالَ فِيْ الرِّوْحِ تَغْرِيْدَةٌ/ تَدَانَتْ إِلِيْكِ صَدَىً فِيْ الكَرَى
أَنَخْتُ بِشَطِّكِ رَكْبَ الهَوَى/ وَخُضْتُ لَيَالِيْكِ كَيْ أُأْسَرَا
أَيَا رَبَّةَ السِّحْرِ خَيْلِيْ كَبَا/ بِدَرْبِكِ وَالْعُمْرُ مَا أَقْفَرَا
أَيَا هَالَةً مِنْ عَبِيْرِ الدُّنَى/ تَدَانَيْ, فَغُصْنُكِ قَدْ أَزْهَرَا
أَيَا هَالَةَ النُّوْرِ مِنْكِ السَّنَا/ وَمِنْكِ الدَّلَالُ وَقَدْ أَقْمَرَا
بِعَيْنَيْكِ نَبْعٌ يَرُوْقُ الجَنَى/ وَأَنْهَارُ ذِكْرَىْ بِهَا عَنْبَرَا
**
وجزء آخر من قصيدة ثالثة بعنوان: أَخْيِلَةٌ غَافِيَةٌ
يُؤَرِّقُنِيْ ابْتِعَادُكِ كَلُّ حِيْنِ/ وَتَذَوِيْ دَمْعَةٌ بَيَنَ الجُفُونِ
وَأَخْيِلَةٌ بَدَتْ فَيْ القَلْبِ تَخْبُوْ/ طَوَاهَا الجَزْرُ فِيْ مَدِّ السَّنِيْنِ
كَأَنِّيْ بَيْنَ أَرْوِقَةِ الأَمَانِيْ/ أُسَافِرُ فِيْ الدُّرُوْبِ بَلَا مُعِيْنِ
فَكَمْ تَاهَتْ خُطَاكِ بِلَا حَنَيْنِ/ كَأَشْرِعَةٍ غَفَتْ رَهْنَ السَّفِيْنِ
وَكَمْ ذِكْرَىْ تَمُرُّ بِلَا ارْتِعَاشٍ/ وَلَا طَيْفٌ يَمُرُّ إِلَىْ العُيُوْنِ
فَقَدْ ضَاعَتْ ظِلَالُكِ فِيْ ارْتِحَالٍ/ وَضَاعَ سِرَاجُ عُمْرِيَ فِيْ الظِّنُوْنِ
تَرِفُّ الرُّوْحُ تَبْحَثُ عَنْ لِقَاءٍ/ فَتُشْعِلُ جَذْوَةَ القَلْبِ الضًنِيْنِ
**
بعد أن شكرت الأستاذة فتحية المهندس عمر قالت: ضيفنا لهذ اليوم هو الأستاذ الأديب شفيق التلولي الذي تتبع قصائد الشاعر المهندس عمر الهباش
لكن بداية، حق علينا، وله حق أن نبارك للأستاذ شفيق بحصوله على درجة الماجستير، وعقبال الدكتوراة، ونبارك له وللأخت الصديقة الدكتورة سهام بمناسبة زفافهما الميمون
نستمع له وهو محدثنا عن جماليات التشكيل الشعري في قصائد الشاعر المهندس عمر الهباش
بدأ الأستاذ شفيق مرحبا بالحضور وشاكرا رائدتي صالون نون الأدبي ثم قال: جماليات التشكيل الشعري في قصائد: الشاعر المهندس عمر الهباش
قراءة الكاتب والأديب: شفيق التلولي
يعد الشعر من أكثر الأجناس الأدبية تعبيراً عن الذات وغوصاً معرفياَ في عوالمها، وهو موقف فلسفي يستند على رؤية الشاعر العميقة، كما أنه أحد حوامل اللغة التي تبرز الهوية، وأداة تصوير جمالية للتعبير عن الذات الشاعرة في رؤيتها للعالم ومكنوناته.
يقول المنفلوطي في روايته " ماجدولين " أنت شاعرٌ يا مولاي وقلب الشاعر مرآة تتراءى فيها صور الكائنات صغيرُها وكبيرُها، ودقيقها وجليلها، فإن أوعزتك السعادة ففتش عنها في أعماق قلبك، فقلبك الصورة الصغرى للعالم الأكبر وما فيه، أما عمر الهباش المهندس الشاعر أو الشاعر المهندس والذي نحتفي به اليوم ونقدم إصداريه الأدبيين ديواني الشعر " أمنيات مغردة وعطر البتول فيقول: لستُ للشعر سوى ذاك الفتى...
في انتظار الوحي يبقى ساهما روح أجدادي هنا في أضلعي...
تنشر الفكر مناراً دائما... كشراعٍ في مداه ناظرُ...
موئلي الضاد وقلبي ناظماً.. في عيوني تتجلى صورةً...
تسعدُ الدنيا وصدري غائماً من أزاهير الخوالي أجتلي... صورة الدنيا وأجفو لائماً...
هذه الأبيات التي جاءت في قصيدة الشاعر عمر الهباش " مدارات الشعر " في ديوان " أمنيات مغردة " اختزلت مفهوم الشعر لديه، فسار عمر الهباش في كتابته للشعر على منوال أجداده... وظهر ذلك جلياً من خلال ما جاء في ديوانه " أمنيات مغردة وعطر البتول "...
حيث يتكون ديوان " أمنيات مغردة " من ثلاثة وأربعين نصاً شعرياً في حين ضم ديوان " عطر البتول " اثنين وثلاثين نصاً شعرياً من الشعر العمودي، بينما كتب قصيدة " يا وجع المهجر " من ديوان عطر البتول وجاءت على شكل شعر التفعيلية.
وقد تفاعلت نصوص المجموعتين لتعبر عن تجربة الشاعر تجاه العالم والوجود بحس رومانسي في قالب كلاسيكي...
عتبات النص:
العنوان هو مفتاح النص، والوقوف عليه قد يفض مغاليق النص ويسهم في تقريب الدلالة لذهن المتلقى.
العنوان الأول " أمنيات مغردة " يتكون من دالين تجمع بينهما علاقة مجازية على سبيل الاستعارة المكنية، فقد شبه الشاعر الأمنيات بالطيور المغردة وعنوان الديوان هو عنوان القصيدة الأولى فيه، وقد قدم الشاعر لوحة جمالية للطبيعة الغناء التي توحد بها توحداً صوفياً ورأى المحبوبة كمفردة من مفرداتها.
" أراك كنهر جرى في دمي... رواءٌ من الغيب يشفي الغليل " حتى أن الطبيعة ذاتها تهيم عليها عشقاً " ونجم تمادى بجنح الدجى... يسامر عينيك شوقاً يسيلٌ "
وفعل الأمر " تعالي " في قوله: " تعالي نروض عشقاً رنا... ونثمل حتى انزواء الرحيل.."
يؤكد على أمنية الشاعر في القرب من المحبوبة وعدم رغبته في الرحيل، ليكون عنوان القصيدة دالاً إشارياً يشير الى امنية الشاعر في عدم رغبته في رحيل محبوبته، ولهذا قام باستحضارها في الخطاب الشعري عبر تفعيل ضمير المخاطب (ة): " أهاديك – عينيك – أراك " بعدما استحضرها في بداية النص عبر ضمير الغائبة " في خدرها" ثم بعد ذلك استخدم ضمير المتكلمين: " نعتق – نثمل – نرشف " للتأكيد على حضورها معاً تأكيداً للانصهار والتوق وهي أمنية الشاعر التي غردت في نفسه وفي الطبيعة حيث زاوج الشاعر بينها وبين محبوبته، وكذلك فعل في ديوان " عطر البتول " الذي يحمل نفس الحالة الشعورية فكرةً ومعنى وضمنوناً عبر لغة شفيفة.
السمات الأسلوبية لقصائد عمر الهباش:
1. اعتمد على الشكل العمودي للشعر من ناحية الإيقاع، كما اعتمد معجمه الشعري على ألفاظ القصيدة القديمة الكلاسيكية، فنجده يتناص أحياناً مع الشعر الجاهلي لغة وصوراً.
2. يخاطب المحبوبة بضمير المخاطب واستدعاء الغياب.
3. بروز ضمير أنت تأكيداً على حضور الغائب.
4. تعد المرأة الموضوع الملهم للشاعر في معظم قصائده الغزلية.
5. تفعيل الياء الندائية بكثرة مثل قصيدة " أحلام الناي " يا... يا.... يا.....تأكيداً على استدعائها وحضورها.
6. يرى ذاته من خلال حضور المرأة في وجدانه وبالتالي نجده لا يتحدث عن نفسه مباشرة إلا في ثنايا أبياته الشعرية.
7. يلاحظ أن غزله للمرأة لم يكن صريحاً إنما حمل مشاعر نبيلة مركزاً على عيني محبوبته فكثيراً ما قال عيناك... عيناك....
8. استخدم أفعال الأمر التي تفيد الرغبة في القرب وخاصة الفعل " تعالي " في أكثر من مرة.
9. ترتبط الأمنيات عند الهباش بالغياب فهو يتمنى عدم رحيل المحبوبة أو أن تعود من الغياب.
هو تائه بلا محبوبته أو معلق في المتاهة لذلك دوماً يناجيها ألا ترحل مثل قوله في قصيدة " هلي من الجنح الدّجى "
حيث يقول:
" لم يبق غير متاهةٍ ممهورةٍ.... بين الأضلاع حرها لا ترحلي "
ورغم أنها رحلت إلا أنها خالدة في وجدانه حيث يقول:
في قصيدة " ممشاك فوق صراطٍ "...." في عزة النفس في الأضلاع حاضرةُ، أنت البداية، أنت الغيث والنعم "
فحياته جرداء قاحلة دون محبوبته فهي بمثابة الغيث الذي يحيي بداخله الحياة.
يلاحظ استخدام الضمير أنت المخاطب بكثرة... حيث لا يكاد تخلو قصيدة من قصائده من تكرار " أنت " أو ضمير المخاطب الملحق بالفعل مثلما يقول في قصيدة " كأنك في الضلوع "...
" مداري أنت يا نجم الأماني "
" وأحلامي وطيفك عاد قربي.... ربيعك أنت يصحو في اختيالٍ...
يغني للحياة يسير صوبي..."
- من هنا نجدها مرتبطة بأمنياته ولذلك جاء عنوان الديوان " أمنيات مغردة ".
ورغم غيابها إلا أنه على يقين بأنه سيجتمع بها، إذ يقول في قصيدة " سأحيا بظلك "...
" ومهما تباعد خطوك عني... سألقاك بين رذاذ السحاب "
- ويقرنها بالأمل والأماني فيقول في نفس القصيدة : " فما زلت أنت الهوى... بريق الأماني كحلمٍ مجاب
- والأمنيات لدى الشاعر الهباش هي الأمل الذي يغرد في خاطره، لكنه ربط همس المحبوبة بالتغريد فيقول في قصيدة " سأحيا بظلك " " ومازال همسك في مسمعي ... رنين يغرد عبر الرحاب "
هناك نزعة وجودية في بعض قصائده مثل قصيدة " دموع القهر " حيث تتوالى الأسئلة الوجودية " أين المسير – وأين درب الغابر..." ومقطع آخر " ما هذه – الأفلاكُ – أين مدارٌها "
الشاعر متأثر بالمذهب الرومانسي وشعراء المهجر مثل: إيلياء أبو ماضي – وميخائيل نعيمة – وندرة الحداد..
فمعجمه الشعري يتضمن ألفاظ الطبيعة ومشحونة بالعاطفة والرمز وألفاظه، رقراقة سهلة... وعلى الرغم من أن الشعر الرومانسي سمته التشاؤم والحزن واجترار الآلام إلا أنه فيه من تفاؤل إيلياء أبو ماضي فرغم الألم الذي تنضح به نصوصه إلا أن طاقة الأمل تنفخ في نصوصه وتتردد في فضائلها.
لقد برع عمر الهباش كمهندس وكشاعر في هندسة القصيدة وأتقن معمارية النص من خلال ما يملك من ثراء معرفي وإمساكه باللغة ومفرداتها الخصبة بجدارة، نستطيع القول أنه يمتلك موهبة شعرية ما جعلت قصائده ثرية وتستحق كل الدراسة.
بعد عرض ورقة الأستاذ شفيق قالت الأستاذة فتحية: مرة أخرى نستمع لمقتطفات من ديوانه الثاني: "أمنياتٌ مُغَرِدَةٌ"
دَفَّةُ الرِّيِحِ تَصْحُوُ
مَاذَا أَقُوْلُ وَفِيْ عَيْنَيْكِ إٍبْحَارِيْ/ وَدَفَّةُ الرِّيْحِ تَصْحُوْ عِنْدَ أَسْفَارِيْ
وَزَوْرَقُ الرُّوْحِ يَجْريْ فِيْ أَعِنَّتِهِ/ عَلَىْ بِسَاطِ المَدَىْ يَرْتَادُ أَنْظَارِيْ
مِجْدَافُ قَلْبِيْ أَنِيْنٌ كِدْتُ أَسْمَعَهُ/ فَيَعْزِفُ المَوْجُ فِيْ الأَحْلَامِ أَوْتَارِيْ
شِرَاعُنَا نَسْمَةٌ وَالرِّيْحُ دَاعَبَهَا/ كَالحٌلْمِ يَصْحُو بِنَا فِيْ لُجِّهِ الجَارِيْ
قَدْ شَفَّنِيْ مَا بَدَا فِيْ العَيْنِ يَسْكُنِنِيْ/ تَسَاقَطَ القَلْبُ فِيْهِ ذَاتَ مِشْوَارِ
قُلْتُ أُسْكُبِيْنِيْ بَأَقْدَاحِ الهَوَىْ ثَمِلاً/ وَسَاهِرِيْ أًضْلُعِي يَا نَجْمَ أَسْماري
يّا رَسْمَهَا فِيْ وَتِيِنِ القَلْبِ مُذ قَدِمَتْ/ وُلُوْعَهَا قَدْ بَدَا فِيْ الرُّوُحِ أَقْدَارِيْ
**
ثم قصيدة شُرْفَةُ القَلبِ
يَا أَغَارِيدَ بِلَادِيْ جَدِّدِيْ/ أُغْنِيَاتِ المَجْدِ هَيَّا غَرِّدِيْ
إرْفَعِيْ رَايَاتِ عِزٍّ غَابِرِ/ وَاهْتِفيْ لِلْحَقِّ دَوْمَا وَاصْعَدِيْ
زَوْرُقُ الأَحْرَارِ يَجْرِيْ فُلَكُهُ/ هَاتِفَاً رَغْمَ أَسَانَا فَاصْمُدِيْ
كُلَّمَا مَرَّ بَريْقٌ يَعْتَلِيْ/ أُفُقَ المَجْدِ تَعَالَيْ واسْجُدِيْ
أَرْضُنَا يَا أَرْضَ طُهْرٍ فِيْ الدُّنَىْ/ إِنَّهَا القُدْسُ تُنَادِيْ رَدِّدِيْ
سَوْفَ نَحْيَا سُؤدَدَاً رَغْمَ الرَّدَىْ/ وَنُدَاوِيْ جُرْحَنَا كَيْ تَسْعَدِيْ
هَذِهِ أَرْضِيْ وَهَذِيْ عَوْدَتِيْ/ لِدِيَارٍ فِيْ حِمَاهَا مَوْلِدِيْ
كَمْ شَهِيْدَاً قَدْ رَوَاهَا بِالدِّمَا/ وَعَبَرْنَا رَغْمَ أَنْفِ المُعْتَدِي
كَمْ جَرِيْحَاً قَدْ تَنَادَىْ لِلْفِدَا/ لِسِلَاحِ الحَقِّ دَوْمَاً يَهْتَدِيْ
كَمْ أَسِيْرَاً خَلفَ قُضْبَانِ العِدَا/ يَنْشُدُ المَجْدَ وَيَرنُوْ لِلْغَدِ
**
بعدها فتحت الأستاذة فتحية باب المداخلات أمام الحضور، وقد شارك فيها كل من: الدكتور علاء الغول والدكتور محمود الشيخ على والأستاذ محمود روقة والأستاذ عبد الكريم عليان والأديب غريب عسقلاني والأستاذ حمدي الكحلوت والدكتورة سهام أبو العمرين، والشاعرة نيفين درويش، وقد أثنى الجميع على كتابات الشاعر المهندس
كانت مداخلات الدكتور علاء والأستاذ عبد الكريم تركز على المدارس الأدبية، من رومانسية لكلاسيكية، وغيرها
وهياكل الشعر من عمودي لتفعيلة وغيرها
وقال الأستاذ عبد الكريم: تعرفت به في العام 2006م لم تكن ظهرت مواقع التواصل فكنا ننشر في صحيفة دنيا الوطن؛ أنا أكتب المقامة والهباش يكتب الشعر، ولأنه مهندس مال للبناء العمودي، وقال: لو السنباطي بيننا اليوم لقام بتلحين قصائد المهندس عمر
الدكتور الشيخ علي قال: الشعر شعور وهو من يحدد لون النص وطريقة كتابته، وقال: تخصصي بعيد عن الأدب، ومع ذلك أكتب شعرا وأنا أتابع كتابات المهندس عمر وهي تهزني بقوة
الأستاذ محمود روقة قال: شكرا لصالون نون الذي يجمعنا على موسيقى الشعر والأدب المتنوع في موضوعاته، والشكر لشفيق على هذه الاطلالة على ديواني المهندس عمر الذي أتابع كتاباته عبر مواقع التواصل، وكلما قرأت شعره أجد نفسي فيه، وهو يجدف كثيرا في الحب والعشق والبحر وكأني أستمع لعازف جيتار وناي، هذه الموسيقى تغزو القلوب
غريب عسقلاني: هنأ الشاعر وهنأ هذا الجمهور الحاشد الذي جاء ليستمع لهذا الجهد الأدبي
وقال: هل تقاس معاصرة الكتابة بالمفردة، فهل ممكن أن نوظف مفردة العصر الجاهلي ليحافظ على ديباجته أم أنه لكل زمن ديباجته
فهذا شوقي والجواهري وعبد الله البرادوني، من عصور ثلاثة تطورت القصيدة لديهم مع المحافظة على الأصالة
والشاعر الهباش حافظ على البحر ولم يتخلص من ميراث اللغة القديمة، وطالما أنه قادر على الإمساك كي تكتمل الدائرة معنى ومبنى.
الأستاذ حمدي الكحلوت صديق للشاعر الهباش ويتابع كتاباته عبر مواقع التواصل واليوم يراه للمرة الأولى وجها لوجه، والفضل لصالون نون، ثم قرأ نص شعري من كتابته
الدكتورة سهام: ذائقتي لا تستسيغ الشعر الكلاسيكي، إلا أن الشاعر عمر جعلني أغير منظوري للشعر الكلاسيكي فقد أحدث لدي اندهاش
اختتمت الأستاذة فتحية اللقاء بوعد على أن يظلا الصالون منارة للثقافة والإبداع