عصامية رجل عجوز

عصامية رجل عجوز

دخل علينا بخطوات ثقيلة يجرها ولا يعينه عليها إلا ذلك العكاز يتكيء عليه، بقايا إنسان أكلته الدنيا وتركت عليه أثارها، لقد أصبح مجعد الوجه ضعيف البصر خائر القوى ولكن مازال يحتفظ بذاكرة قوية مازال يحتفظ بروح الشباب.
سلم علينا واخذ مجلسه وعرفناه على أنفسنا فتعرف على بعضنا وتذكر معارفه القديمة وسألنا عنهم وحينها عاد به الحنين إلى الماضي والى أيام قد خلت مع صحبة يعتبرها أعظم قدرا من صحبة هذه الأيام صحبة خالية من المصالح والأنانية.
فلم يربطهم ببعضهم علاقات آنية أو خدمات يطلبها من الآخرين فقد كانت صحبة أساسها الاحترام والتقدير المتبادل وحسن الجوار.
وبدأ يحكي لنا عن بعض من سيرته مع رفاقه الذين رحلوا عن هذه الدنيا والذين يفتقدهم وحكى لنا كثيرا عن تلك المواقف التي تعرضوا لها وكيف واجهوها برجولة وشرف وكيف كانت صولاتهم وجولاتهم في معارك الجهاد التي حضروها ضد قوات تفوقهم عددا وعدة وهم لا يملكون من متاع الحياة إلا الحصان وبقايا بندقية قديمة الصنع هذا ما يتزود به المجاهد في تلك الفترة من عتاد وبعض من حبات التمر إن وجد يتقاسمونه فيما بينهم.
حكى لنا عن بعض من رفقته بعد انتهاء هذه المرحلة.
حكى لنا عن صعوبة الحياة التي عاشوها فلم يكونوا في حال ميسور وان حالة الناس في تلك الأيام مثل بعضها فالغني يعاني مثل الفقير ومن يمتلك عددا من الماعز أو الإبل لا يتجاوز عدد أصابع اليد أحيانا يكون ميسور الحال ولكن طريقة الحياة كانت واحدة.
تذكر كيف انه في إحدى المرات وهم يقومون بعملية الحرث على تلك الدابة (الجمل عادة ) وقد داهمهم الغيث من السماء وهم بالعراء بدون مأوى كيف التجأوا إلى بقايا برميل معدني من آثار القوات الأجنبية الغازية التي رحلت وبقوا تحته لمدة يوم وليلة بكاملها ولباسهم عبارة عن قطعة قماش وهم حفاة.
وظل يحكي لنا عن الكثير من القصص وكلها عن معاناتهم أيام شبابهم وكيف أنها تختلف كثيرا عن هذه الأيام وتجده يقول لك ماذا رأيتم انتم من الحياة وماذا وجدتم فيها من مصاعب ومخاطر.
انتم في حياة رغيدة هنيئة سهلة فكل شيء متوفر لديكم من كل صنوف المأكولات والمشروبات والخدمات سهلة وميسرة.
انتم
لا ينقصكم شيء في هذه الدنيا غبر التوكل على الله،
ينقصكم الإرادة القوية والعزيمة الصادقة للعمل والعطاء،
ينقصكم الإيمان بالله وان الحياة ترفض الضعفاء ولا تعترف بغير الأقوياء.
نعم لقد قالها ذلك العجوز ولم يبالي بآرائنا ولم ينتظر منا ردا فهو يريد أن يوصل رسالته إلينا وقد وصلت.
عصامية ذلك الشيخ كانت مذهلة وعصامية أقرانه ومن عاش في تلك المراحل
هل يمكننا أن نقلدها؟.
العصامية اليوم لابد وأنها لا تختلف كثيرا عن الماضي.
هل هي موجودة بين شبابنا اليوم؟
وماهو السبيل إلى خلق شباب عصامي؟
هل هي توجد بالفطرة أم يمكن اكتسابها؟
أخيرا
من هم العصاميون؟

شاركونا الحوار؟
ادلوا يارائكم؟