واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

واحة الأرواح

أحمد الهاشمي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولeahmea@yahoo.com

 

 قصه الاسلام فى العالم

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 11:50

لم يترك الإسلام أرضًا إلا دخلها، وله في كل بلد قصة وتاريخ، وله في كل بلد
حضارة وآثار دليل على عظمته ونبل غايته، وما زالت هذه الآثار باقية إلى
اليوم، والغريب أن له في كل بلد قصة تختلف عن أختها في طريقة وصوله وقناعة
أهل البلد به، فمع دراسة تاريخ الإسلام في إفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا
والهند، لنترك التاريخ يرد بنفسه على أصحاب الشبهات والافتراءات التي
يثيرها الغربيون المتعصبون
.



عدل سابقا من قبل شجرة الدر في الخميس 15 يوليو 2010 - 18:23 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 11:51













قصة الإسلام في مصر



كانت مصر تابعة للدولة الرومانية، وبعد انقسامها تبعت الإمبراطورية
البيزنطية الشرقية، وانتصر عليها الفُرس فدخلوا مصر.
وعند انتهاء المسلمين من فتح الشام كان قائد الروم قد هرب إلى مصر قُبيل
فتح المسلمين لبيت المقدس، وبدأ يحشد جنود الروم لقتال المسلمين، فرأى
عمرو بن العاص t
أن على المسلمين أن يُوقِعوا بالروم قبل أن يستفحل أمرهم، فحاصر حصن
بابليون، واستطاع الزبير بن العوام t
أن يدخل الحصن، فعقد المقوقس معاهدة مع المسلمين على الرغم من دخولهم مصر
عَنْوة، وبمقتضى هذه المعاهدة دخل كثير من المصريين في دين الله.
عانى الشعب المصري من الظلم والاضطهاد؛ لذا رحّب بالمسلمين، وأعاد
المصريون بناء الكنائس التي خرَّبها الفرس أثناء احتلالهم لمصر، وأرسل عمرو
بن العاص t
قوةً إلى الصعيد والفيوم ودمياط وتِنِّيس، ثم سار إلى الغرب ففتح برقة
وصالح أهلها، وأرسل عقبة بن نافع ففتح زويلة، واتجه نحو بلاد النوبة
ففتحها.
فظلَّت مصر تابعة للخلافة الإسلامية، حتى خرجت مصر عنها تحت مسمى الدولة
الطولونية، ثم الإخشيدية، ثم العبيدية (الفاطمية)، فالأيوبية، فدولة
المماليك، ثم خضعت للخلافة العثمانية حتى خروجها مرة أخرى على يد محمد علي
باشا في القرن التاسع عشر الميلادي.
شيَّد عمرو بن العاص t
الفسطاط وجامعه، وعُرف بتاج الجوامع، وبالجامع العتيق، وفي عهد الخليفة
عثمان بن عفان تم تجهيز أسطول ضخم، واستطاع المسلمون أن يحطموا السيادة
البيزنطية في البحر المتوسط؛ إذ قَدِم أسطول لغزو الإسكندرية، فخرج الأسطول
المصري لصدهم، وبعث معاوية بن أبي سفيان t
أسطوله، وتقابل الأسطولان مع الأسطول البيزنطي في معركة ذات الصواري؛ وكان
القتال عنيفًا بين الطرفين، إذ ربطوا السفن الإسلامية بالسفن البيزنطية،
ثم اتخذوا من السفن ميادين قتال، وبذلك حقق المسلمون أول انتصار بحري في
الإسلام.
وفي عصر الولاة اهتم حكام مصر بكافة شئونها، ثم أصبحت مصر إمارة
عثمانية، ثم احتلتها إنجلترا، وفي مطلع القرن العشرين ظهرت مجموعة من القوى
السياسية، حاملة جذوة النهضة للأمة المصرية -وإن كانت تحت الاحتلال
الإنجليزي- فكان الحزب الوطني.
أما فترات التدهور والاضطرابات فكانت الفتنة في عهد عثمان بن عفان، وفي
نهاية عصر الدولة الطولونية، ثم العبيديون يحوِّلون مصر لدولة شيعية، وبعد
صلاح الدين البيت الأيوبي في صراع، وأخذت دولة المماليك الجراكسة تمر بحالة
ضعف شديد في بدايات القرن العاشر الهجري؛ ثم فترة الضعف في عهد الدولة
العثمانية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 11:52

الفتح الإسلامي لمصر


أصبحت مصر ولاية رومانية تابعة مباشرة للدولة الرومانية منذ عام 31 ق.م،
حين استولى الرومان عليها وقضوا على حكم البطالسة فيها[1]،
واتخذها الإمبراطور أغسطس قيصر مخزنًا يُمِدّ روما بحاجتها من الغلال.
وقد اتصف الحكم الروماني بالتعسف، فظلَّت مصر تحت الحكم الروماني ما
يزيد على أربعة قرون، وبعد انقسام الإمبراطورية الرومانية عام 395م، أضحت
مصر تابعة لسيادة الإمبراطورية البيزنطية الشرقية؛ ولأن مصر كانت تحت الحكم
المركزي البيزنطي، فإنها كانت تتأثر تأثرًا مباشرًا بما كان يحدث في
البلاط البيزنطي من صراعات ومؤامرات، وكانت هزيمة الإمبراطورية البيزنطية
من الفُرس في آسيا الوسطى والبلقان سببًا من الأسباب المباشرة لدخول الفرس
مصر، وسقوط الإسكندرية عام 619م[2].
بدأت الفتوحات الإسلامية في عهد الصِّدِّيق t،
واستمرت في عهد الفاروق t؛
فعندما فرغ المسلمون من فتوح الشام، وانتهى عمرو بن العاص t
من فتح فلسطين، طلب من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t
أن يسير إلى مصر للفتح، وقد استطاع عمرو إقناع عمر بن الخطاب بفتح مصر، في
لقاء الرجلين سنة ثماني عشرة من الهجرة بالجَابية، وكان عمر بن الخطاب
حَرِيًّا بالاقتناع، حتى لا تكون أرض الشام معرّضة لخطر مهاجمتها من الروم
شمالاً، وجنوبًا من مصر عن طريق سيناء البريّ، وغربًا من بحر الروم، وبخاصة
أن (أرطبون) قائد الروم في فلسطين، قد هرب من فلسطين ولحق بمصر قُبيل فتح
المسلمين لبيت المقدس، وقد اصطحب معه جيشًا من جيوش الروم، وكان يحشد جنود
الروم في مصر لقتال المسلمين في حالة محاولتهم فتح مصر، أو يحاول استعادة
فلسطين، إن استطاع إلى ذلك سبيلاً، فرأى عمرو بن العاص أن على المسلمين
ألاَّ يضيِّعوا الوقت سُدًى دون مسوِّغ، وأن يُوقِعوا بالأرطبون وقوات
الروم قبل أن يستفحل أمرهم، وقد أيّده الفاروق عمر بن الخطاب، المعروف
بتفكيره الحصيف المتميّز[3]، ثم
أمدَّه بالزبير بن العوام، ومعه بُسر بن أبي أرطاة، وخارجة بن حذافة، وعمير
بن وهب الجمحي، فاتجه عمرو إلى حصن بابليون وضيَّق عليه الخناق بضعة أشهر،
وعندما طال وقت القتال، أرسل المقوقس برسالة إلى عمرو يتهدده فيها
ويتوعده؛ إذ الروم مؤيدون للمقوقس، وهم قوة معه على قوته في مواجهة عمرو
ومَن معه، لكن عمرو بن العاص أرسل للمقوقس قائلاً: "ليس بيني وبينكم إلا
إحدى ثلاث خصال، إمّا أن دخلتم في الإسلام فكنتم إخواننا، وكان لكم ما لنا،
وإن أبيتم فأعطيتم الجزية عن يدٍ وأنتم صاغرون، وإما أن جاهدناكم بالصبر
والقتال، حتى يحكم الله بيننا وهو أحكم الحاكمين"[4].
[1]
البطالسة: نسبة إلى بطليموس بن لاغوس 323- 285 ق.م، أحد قادة الإسكندر
المقدوني وأعظمهم حكمة، وكانت مصر من نصيبه بعد تقسيم تركة القائد المقدوني
بين قادته.
[2] محمد
سهيل طقوش: تاريخ الخلفاء الراشدين ص290، 291.
[3] محمود
شيت خطاب: عمرو بن العاص القائد المسلم والسفير الأمين 1/98-100.
[4]
المقريزي: الخطط 1/289.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 11:53

ابن العاص يجسد سماحة الإسلام


بعد أن تبين للمقوقس عجز البيزنطيين عن الوقوف ضد المسلمين، وافق على
عقد الصلح بشرط موافقة الإمبراطور عليه، ومع رفض الإمبراطور البيزنطي للصلح
مع المسلمين، وحثه المقوقس على محاربتهم، هاجم المسلمون الحصن بالمجانيق،
واستطاع الزبير بن العوام t
أن يدخل الحصن ببسالة فائقة منه، وتبعه المسلمون عام 20هـ/ 641م، فاضطر
المقوقس إلى عقد معاهدة مع عمرو بن العاص t،
وبمقتضى هذه المعاهدة دخل كثير من المصريين في دين الله، ومن بقي منهم على
دينه كان يدفع الجزية التي أقرها الصلح[5].
كان من الممكن لعمرو أن يرفض الصلح؛ لأنَّ المسلمين قد دخلوا الحصن
عَنْوة، ومن ثَمَّ فأرض مصر من حق المسلمين الفاتحين، ولكن المسلمين لم
يكونوا يومًا ساعين إلى مغانم دنيوية، ولا إلى رغبة في التملك على حساب
توصيل دعوة الإسلام إلى الناس برفق؛ لذا آثر المسلمون أن يعتبروا فتح مصر
صلحًا، لتبقى من حق أهلها.
فرحة مصرية بالفاتح الإسلامي
لم يكن الشعب المصري -في ذلك الوقت- محبًّا للرومان؛ لذا فإنَّ الحقائق
التاريخية تؤكد ترحيب المصريين بالمسلمين، ومساعدتهم في أثناء فتحهم لمصر،
كما تؤكد أيضًا رحمة المسلمين وعدلهم مع أهل مصر، وحماية حرياتهم وعقائدهم؛
فبنيامين بطريرك الكنيسة القبطية، قد فرَّ من الروم لبغضهم مذهبه، وبطشهم
به وبسائر المسيحيين، وعندما سمع عمرو بن العاص t
بقصته كتب إليه أمانًا، فعاد بعد غيبة طويلة إلى كرسيه في الإسكندرية،
وبالغ عمرو في الحفاوة به، والتسامح معه، ومنحه الحرية ليشرف على الكنائس،
وفي ولاية عمرو بن العاص t
أعاد بنيامين بناء الكنائس التي خرَّبها الفرس أثناء احتلالهم لمصر[6].
أرسل عمرو بن العاص t
قوةً إلى الصعيد بإمرة عبد الله بن سعد بن أبي سرح بناءً على أوامر
الخليفة ففتحها، وكان الوالي عليها، كما أرسل خارجة بن حُذافة إلى الفيوم
ففتحها وصالح أهلها، وأرسل عمير بن وهب الجمحي إلى دمياط وتِنِّيس وما
حولهما؛ فصالح أهل تلك الجهات، ثم سار عمرو بن العاص إلى الغرب، ففتح برقة
وصالح أهلها، وأرسل عقبة بن نافع ففتح زويلة، واتجه نحو بلاد النوبة ففتحها[7].
مصر ولاية إسلامية
أصبحت مصر -بعد فتح عمرو بن العاص لها- ولاية إسلامية أصيلة، تابعة
للدولة الإسلامية؛ فظلَّت تابعة للخلافة الراشدة ثم الدولة الأموية، ثم
الدولة العباسية، حتى بدأت حركة استقلالية جديدة لم تشهدها الدولة
الإسلامية من قبل، فاستقلت مصر تحت مسمى الدولة الطولونية، ثم الإخشيدية،
ثم العبيدية (الفاطمية)، فالأيوبية، فدولة المماليك، ثم خضعت للخلافة
العثمانية حتى استقلالها على يد محمد علي باشا في القرن التاسع عشر
الميلادي.
وفي كل حقبة إسلامية من هذه الحقب شهدت مصر عهود قوة، وعهود ضعف، فكانت
مصر في قمة المنحنى التاريخي والحضاري في عهد ولاة الخلفاء الراشدين: كعمرو
بن العاص (19- 25هـ/ 640- 646م)، (39- 44هـ/ 659- 664م)، وعبد الله بن سعد
بن أبي سرح (25- 35هـ/ 646- 656م).
وفي عهد الدولة الأموية: عبد العزيز بن مروان بن الحكم (65- 86هـ/ 685-
705م)، وفي عهد العباسيين: أحمد بن طولون (254- 270هـ/ 868- 884م)، وفي عهد
الإخشيديين: محمد بن طغج الإخشيد (323- 334هـ/ 935- 945م)، وكافور
الإخشيدي (355- 357هـ/ 966- 968م).
وفي عهد الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي (569- 589هـ/ 1174- 1193م)،
وفي دولة المماليك في عهد سيف الدين قطز (657- 658هـ/ 1259-1260م)، وركن
الدين بيبرس (658- 676هـ/ 1260- 1277م)، والمنصور سيف الدين قلاوون (678-
689هـ/ 1279- 1290م)، والأشرف سيف الدين قايتباي (872-
901هـ/ 1468- 1496م)، وفي الدولة العثمانية في عهد مراد بن سليم (982-
1003هـ/ 1574- 1595م)، وإبراهيم الثاني (1050- 1058هـ/ 1640- 1648م).
[5] محمود
الحويري: مصر في العصور الوسطى ص62.
[6] منسي
يوحنا: تاريخ الكنيسة القبطية ص290، 291.
[7] محمود
شاكر: التاريخ الإسلامي، الخلفاء الراشدون 3/163.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 11:53

فترات قوة الدولة الإسلامية بمصر


شرع عمرو بن العاص t
في غرس بذور الحضارة الإسلامية في مصر وبسط جناح الإسلام في أرجائها، وكان
أول عمل قام به تأسيس مدينة الفسطاط ليجعلها حاضرة البلاد ومقر الحكم. وقد
قيل: إن عمرو بن العاص أراد بعد فتحه مدينة الإسكندرية أن يتخذها عاصمة
له، كما كانت من قبل منذ الإسكندر الأكبر حتى نهاية العصر البيزنطي في مصر،
وكتب إلى الخليفة عمر بن الخطاب يستأذنه في ذلك، ولكن الخليفة رفض، وكتب
إلى عمرو قائلاً: "إني لا أحب أن تُنزِل المسلمين منزلاً يحول الماء بيني
وبينهم في شتاء وصيف". وكان من الطبيعي أن يختار عمرو عاصمة مصر في نقطة
برية سهلة الاتصال مع بلاد العرب، وفي موضع متوسط يمكن من خلاله أن يلاحظ
قسمي البلاد المصرية شمالاً وجنوبًا؛ ليسهل عليه حكمها منه.
وكان موضع الفسطاط فضاء ومزارع بين النيل والمقطم، ولم يكن في هذا
المكان من البناء سوى حصن بابليون الذي كانت تنزل به الحامية البيزنطية[8].
مؤسس الحضارة الإسلامية في مصر
وقد شيَّد عمرو بن العاص أول جامع بمصر سنة 21هـ في الفسطاط، والذي كان
يمثل ظهور الإسلام في مصر وانضواءها تحت الحكم الإسلامي، وقد عرف هذا
الجامع في عهد ازدهاره بتاج الجوامع، ثم عرف بعد أن تقادم به الزمن بالجامع
العتيق، ويقع شمالي حصن بابليون، وقد أصبح هذا الجامع منارًا ساطعًا للعلم
والثقافة، يحكي تاريخ مصر الإسلامية عبر العصور إلى اليوم[9].
وفي عهد الخليفة عثمان بن عفان t
(23- 35هـ/ 643- 655م)، بدأ المسلمون في تجهيز أسطول ليقضي على أي هجوم من
ناحية البحر، ويقوم بالجهاد ضد أملاك البيزنطيين، وقد أُسنِد بناء هذا
الأسطول إلى العناصر الخبيرة في البلاد المفتوحة في كل من مصر والشام،
وبخاصة إلى القبط الذين أسهموا بنصيب وافر في بناء الأسطول الإسلامي، بحيث
لم تأت سنة (33هـ/ 654م) حتى كان للمسلمين أسطول ضخم، استطاعوا به أن
يحطموا السيادة البيزنطية في البحر المتوسط، ويستولوا على بعض جزره[10].
ذات الصواري.. أول نصر بحري للمسلمين
وفي سنة 34هـ/ 655م، قدم أسطول لغزو الإسكندرية بقيادة الإمبراطور
قنسطانز الثاني لاسترداد مصر من المسلمين، وكان والي مصر آنذاك هو عبد الله
بن سعد بن أبي سرح من قبل الخليفة عثمان بن عفان، فخرج عبد الله بن سعد
على رأس الأسطول المصري لصد خطر البيزنطيين، وفي الوقت نفسه بعث معاوية بن
أبي سفيان أسطوله بقيادة بسر بن أبي أرطاة للتعاون مع الأسطول المصري،
وتقابل الأسطولان مع الأسطول البيزنطي بقيادة قنسطانز الثاني في فونكس على
ساحل ليكيا جنوبي آسيا الصغرى في معركة عرفت باسم ذات الصواري لكثرة صواري
السفن، وقد كان القتال عنيفًا بين الطرفين، وفي هذه المعركة حوَّل المسلمون
القتال البحري إلى اشتباك وجهًا لوجه، إذ ربطوا السفن الإسلامية بالسفن
البيزنطية، ثم اتخذوا من ظهر السفن المتلاحمة ميادين قتال أشبه بميادين
البر، وبذلك حقق المسلمون أول انتصار بحري عظيم في الإسلام، وصفه المؤرخون
بأنه اليرموك الثانية. وعلى أية حال، لم يستغل المسلمون هذا النصر ليندفعوا
إلى القسطنطينية، وربما يرجع السبب في ذلك إلى مقتل الخليفة عثمان بن عفان
الذي حدث في ذلك الوقت[11].
[8] حسن
إبراهيم حسن: تاريخ عمرو بن العاص ص131، 132. وانظر: محمود الحويري: مصر في
العصور الوسطى ص90.
[9] محمود
الحويري: مصر في العصور الوسطى ص90.
[10] السابق
نفسه ص92، 93.
[11] ابن
الأثير: الكامل 3/13، 14. وانظر: إبراهيم العدوي: قوات البحرية في مياه
البحر المتوسط ص44-52.


عصر الولاة


وعندما تولى عبد العزيز بن مروان (65- 86هـ/ 684- 705م) عامل الأقباط
معاملة طيبة، ولما بنى مدينة حلوان واتخذها عاصمة له بدلاً من الفسطاط، نقل
إليها بيت المال، وكان الأمين عليه رجلاً قبطيًّا، وطلب عبد العزيز إلى
الأقباط أن يبنوا لهم دورًا بمدينته الجديدة، ولكي يحبِّب إليهم سُكناها
أمر البطريرك ببناء كنيسته فيها[12].
وفي عصر الولاة اهتم حكام مصر بشئونها الاقتصادية، فأولوا عنايتهم
بالزراعة عقب الفتح مباشرة، وعملوا على زيادة الغلاّت والمحاصيل، واهتموا
بشئون الري، ولهذا أقاموا مقاييس للنيل لمعرفة الزيادة والنقصان في مياهه،
فبنى مسلمة بن مخلد مقياسًا في جزيرة الروضة، وبنى عبد العزيز بن مروان
مقياسًا بحلوان، وأقام أسامة بن زيد التنوخي عامل الخراج بمصر في خلافة
سليمان بن عبد الملك (96- 99هـ) مقياسًا كبيرًا بالروضة سنة 97هـ[13].
أتى عبد الله بن طاهر قائد الخليفة المأمون من الشام إلى مصر في سنة
(211هـ/ 825م)، فأعاد الهدوء والاستقرار اللذين فقدتهما مصر أثناء الفتنة
التي حدثت بين الأمين والمأمون، والتي وصلت جذوتها بين رجالات مصر الذين
تحاربوا فيما بينهم للاستئثار بسلطة مصر، وعندما وصل عبد الله بن طاهر إلى
مصر، استطاع أن يقضي على الفتن الداخلية، ويردّ الخارجين إلى طاعته، ثم
توجه إلى الإسكندرية وحاصر الأندلسيين بها، فاضطروا إلى الجلاء عنها على
مراكب أعدها لهم عبد الله، وقصدوا إلى جزيرة تكريت، وكانت في أيدي
البيزنطيين فاقتحموها، ونزلوا بها سنة 212هـ/ 827م، وأسسوا بها دولة زاهرة
استمرت نحو قرنٍ وثلث، إلى أن استعاد البيزنطيون الجزيرة من المسلمين فيما
بعد[14].
أحوال مصر الحضارية في عصر الولاة
من أهم مميزات عهود القوة في تاريخ مصر الاهتمام بالعمران والصناعة
والزراعة، ورعاية الشعب، والعناية بالفقراء والمحتاجين، وتقوية الجيوش،
ورعاية العلماء وطلاب العلم؛ فعندما خرج المسلمون من شبه الجزيرة العربية
لنشر الدين الإسلامي، كانوا يعلمون أنهم سيفتحون بلادًا عرفت الحضارة منذ
آلاف السنين، وما كاد الفتح الإسلامي لمصر يتمّ، حتى أدرك المسلمون أنهم
أمام شعب أصيل مستقر، فعاملوه باحترام، ولم يتعرضوا لعقيدته وتقاليده،
واستوعبوا حضارته وحضارة شعوب الأقطار المفتوحة الأخرى، واستفادوا منها في
تأسيس حضارة جديدة، هي الحضارة الإسلامية أعظم ما عرفته البشرية في العصور
الوسطى.
أحمد بن طولون
وقد استغل أحمد بن طولون إمكانات مصر البشرية أحسن استغلال، ويُعَدّ
عهدُه البداية الحقيقية لمصر الإسلامية، لما بلغته من نجاح في أوجه الحياة
السياسية والاجتماعية والأساليب الفنية، وفي عهده أيضًا تفوقت مصر ماديًّا
ومعنويًّا على حكومة الخلافة العباسية التي اضطرت للاعتماد على مصر، وشعر
الناس في عهد ابن طولون بالرفاهية والاستقرار والرخاء، بصورة لم نجدها في
إقليم آخر في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي،
ويكفي أنه صار حاكمًا على دولة واسعة شملت مصر إلى النوبة جنوبًا، وامتدت
غربًا إلى برقة، وشملت الشام أيضًا[15].
وهو أول من جمع له بين مصر والشام في الإسلام، وخير تعبير عن وضع مصر في
أيام أحمد بن طولون ما قاله القلقشندي: "وفي أيام أحمد بن طولون عَظُمَ
شأن مصر، وعلا قدرها، وانتقلت من الإمارة إلى الملك"[16].
أسس أحمد بن طولون مدينة جديدة سنة 256هـ/ 870م على جبل يشكر الذي يعرف
بقلعة الكبش بين الفسطاط وتلال المقطم، وقد سميت المدينة الجديدة باسم
القطائع؛ لأن كل طائفة من رجاله اتخذت لها قطيعة لسكانها، فيقال قطيعة
السودان، وقطيعة الروم، وقطيعة الفراشين، ونحو ذلك، وبَنَى القواد مواضع
متفرقة، فغمرت القطائع، وبنيت فيها المساجد والطواحين والحمامات، فصارت
القطائع مدينة كبيرة.
وبنى ابن طولون في مدينة القطائع قصرًا ضخمًا، جعل أمامه ميدانًا فسيحًا
ليستعرض فيه جيشه، ثم أقام حول القصر ثكنات لجنوده وحاشيته، ولما مات ابن
طولون وخلفه ابنه خمارويه، زاد في قصر أبيه، وجعل الميدان كله بستانًا،
وزرع فيه أنواع الرياحين وأصناف الشجر، كما بنى ابن طولون على سفح جبل يشكر[17] مسجده
المعروف باسمه، وما زال باقيًا حتى الوقت الحاضر، ويعتبر أحد الآثار
الدينية الرئيسية الإسلامية، وقد انتهى من بنائه في سنة 265هـ/ 879م[18].
وقد بنى أحمد بن طولون المارستان (المستشفى) في سنة 259هـ/ 872م لعلاج
المرضى دون تمييز بين الطبقات والأديان، وجعل العلاج فيه دون مقابل، وألحق
به صيدلية لصرف الأدوية، فإذا دخل المريض المستشفى تنزع ثيابه وتقدم له
ثياب أخرى، ويودع ما معه من المال عند أمين المارستان، ويظل تحت العلاج حتى
يتم شفاؤه، وكانت دلالة شفاء المريض قدرته على أكل رغيف ودجاجة، وعندئذٍ
يسمح له بمغادرة المستشفى، وكان ابن طولون يتفقد المستشفى ويتابع علاج
الأطباء، ويشرف على المرضى[19].
استطاع أحمد بن طولون أن يكوِّن جيشًا كثيف العدد، وكان ذلك الجيش أول
جيش مستقل في مصر في العصور الوسطى، فقد كان قائده الأعلى هو ابن طولون،
وليس لأحد غيره سلطان على الجيش ورجاله[20]، وكان
الجيش يتكون من السودان والإغريق والترك والعرب، ويشمل أكثر من أربعة
وعشرين ألفًا من الأتراك، وأربعين ألف سوداني، وسبعة آلاف مرتزق، وبلغ رزق
الجيش في أيام خمارويه تسعمائة ألف دينار[21].
قد بذل أحمد بن طولون جهده لتشجيع الزراعة، وزيادة الإنتاج الزراعي،
فأصلح الترع والقنوات التي تروي الحقول، وحفر الجديد منها، وأصلح السدود
المحطمة، وحمى الفلاحين من ظلم جُباة الضرائب وتعسفهم؛ مما أدى إلى ازدياد
مساحات الأراضي المزروعة من جهة، ووصول أسعار الحبوب إلى أدنى مستوى، وكانت
عناية خمارويه بالزراعة لا تقل عن عناية أبيه.
وازدهرت الصناعة أيضًا في مصر في العصر الطولوني، ويأتي على رأس
الصناعات التي اشتُهِرَت بها مصر آنذاك صناعة النسيج، ومن ذلك صناعة الكتان
التي اكتسبت أسواقًا جديدة، وكانت تصنع أنواعًا مختلفة من الكتان في مدن
تَنِّيس ودمياط ودبيق وشطا ودميرة وغيرها، وفي مصر العليا في مدن الفيوم
والبهنسا وإخميم، واشتهرت مصر كذلك بصناعة المنسوجات الصوفية المعروفة
بجودتها، والتي كان يتم تصدير كمياتٍ كبيرةٍ منها إلى كثيرٍ من الأقطار،
كما أن المنسوجات المطرَّزة بالذهب والموشاة التي أنتجتها مدينة الإسكندرية
عرفت بجودتها العالية.
مصر في عهد الإخشيديين
تميز عهد الإخشيديين بظهور عدد من أعلام الفقه من أبناء مصر الذين كان
لهم نشاط ملحوظ، وكان الفقه من العلوم التي أخذت حيزًا من الاهتمام، وكان
على رأس الفقهاء المالكية في هذا العهد هارون بن محمد بن هارون الأسواني
المتوفَّى (327هـ/ 939م)، وعلي بن عبد الله بن أبي مصر الإسكندراني المتوفى
سنة (330هـ/ 942م)، ومن فقهاء الشافعية يأتي في مقدمتهم أبو بكر محمد بن
جعفر الكناني المصري المعروف بابن الحداد المتوفى سنة (345هـ/ 956م)، فقد
تولى القضاء والتدريس في مصر، وقال عنه ابن خلكان: "كان متصرفًا في علوم
القرآن الكريم، والفقه، والحديث، والشعر، وأيام العرب، والنحو، واللغة وغير
ذلك، ولم يكن في زمانه مثله، وكان محببًا إلى العام والخاص..."[22].
وكذا اهتم الإخشيديون بإنعاش الأحوال الاقتصادية في مصر، وأولوا عنايتهم
إلى الزراعة والصناعة والتجارة، فالزراعة كانت الحرفة الأساسية لمعظم
السكان، وتمثل المورد الأساسي لمدخول الدولة، وقد بذل كافور الإخشيدي
جهودًا مكثفة في تنمية الزراعة، حتى زاد خراج[23] مصر
على أربعة ملايين دينار كل سنة، فبلغ خراج الفيوم وحدها سنة (356هـ/ 976م)
أكثر من 620 ألف دينار[24].
مصر في عهد صلاح الدين
وقد تبوأت مصر في عهد الناصر صلاح الدين الأيوبي مكانة عالية، ففي الوقت
الذي كان الأيوبيون يجاهدون فيه الصليبيين في بلاد الشام ومصر، عملوا على
استتباب الأمن في مصر، وتوفير الرخاء الاقتصادي لها، وهو ما ظهر على
الفلاحين؛ فقد انعدمت ثوراتهم طيلة العصر الأيوبي كله.
ترك صلاح الدين الأيوبي بصمة واضحة المعالم في التاريخ الإسلامي كله،
فبلغت مصر بنصر حطين عام (583هـ/ 1187م) ذروة سامقة مهيبة في المجال الحربي
والعسكري؛ إذ أُنشِئ "ديوان الجيش" وهو بمنزلة وزارة الدفاع في الوقت
الحاضر، ولا بد لمن يتولى رئاسته أن يكون مسلمًا، وله الرتبة الجليلة
والمكانة الرفيعة، وله اختصاصات واسعة؛ فهو مسئول عن معرفة أحوال الجند وما
يتعلق بهم. وساد في عصر صلاح الدين أيضًا نظام الإقطاع الحربي، ويُقصد به
توزيع الأراضي على كبار أمراء الدولة وأمراء الأجناد بدل منحهم الرواتب
والأعطية النقدية، مقابل تأديتهم خدمات حربية، وتقديم عدد من الجند إلى
الجيش السلطاني زمن الحرب كاملي العُدَّة والعدد[25].
وبالرغم من الظروف التي جعلت الدولة الأيوبية في مصر دولة حربية؛
لجهادها الطويل مع الصليبيين، لكن التجارة نشطت نشاطًا ملحوظًا في عهد صلاح
الدين الأيوبي، حيث أقيمت العلاقات التجارية الدولية بين مصر والجمهوريات
الإيطالية: بيزا والبندقية وجنوة، فكان التجار الإيطاليون يفدون على ثغري
دمياط والإسكندرية للحصول على سلع الشرق[26].
مصر المملوكية حاضرة العالم الإسلامي
كما أضحت مصر في عهد دولة المماليك حاضرة العالم الإسلامي، فبعد هزيمة
المغول عام 658هـ/ 1260م على يد سيف الدين قطز، أصبحت مصر قبلة الأنظار
ودرة مدن الشرق، وقُدِّر لحضارتها أن تصل إلى المغول، إلى دولة المغول
المعروفة باسم القبيلة الذهبية عند بحر قزوين جنوبي روسيا، وإلى إمبراطورية
الإيلخانات نفسها بصورة واضحة ملموسة[27].
استطاع ركن الدين بيبرس أن يجعل مصر قاعدة للخلافة الإسلامية، باستقدامه
أحد أبناء البيت العباسي من دمشق، ومبايعته بالخلافة، وهو أبو القاسم أحمد
الذي لُقِّب بالمستنصر، لكن المقريزي وصف وضع الخليفة في القاهرة بأن
خلافته "ليس فيها أمر ولا نهي، وحَسْبُه أن يُقال له: أمير المؤمنين"[28]، لكن
مصر "حين صارت دار خلافة عظم أمرها، وكثُرت شعائر الإسلام فيها، وعلت فيها
السنة، وعَفَت[29] منها
البدعة، وصارت محل سكن العلماء، ومحط رجال الفُضلاء"[30].
لم يتوقف السلاطين المماليك عند الانتصار المشهود في عين جالوت، فسار
ركن الدين بيبرس في تتبع الصليبيين في الشام حتى سقطت بعض مدنها مثل
قيسارية وحيفا وصفد في عامي (663- 664هـ/ 1265- 1266م)، وكان سقوط مدينة
أنطاكية عام 666هـ/ 1268م بمنزلة كارثة حقيقية ألمت بالصليبيين منذ سقوط
بيت المقدس على يد صلاح الدين الأيوبي عام 583هـ/ 1187م[31].
وقد وصف العلامة المغربي عبد الرحمن بن خلدون مصر في عهد المماليك
الجراكسة حين قدم إلى مصر في عام 784هـ/ 1382م قائلاً: "فانتقلتُ إلى
القاهرة أول ذي القعدة، فرأيت حضرة الدنيا، وبستان العالم، ومحشر الأمم،
ومدرج الذر من البشر، وإيوان الإسلام، وكرسيّ الملك، تلوح القصور والأواوين
في جوه، وتزهر الخوانق والمدارس بآفاقه، وتضيء البدور والكواكب بين
علمائه، وقد مثَلَ بشاطئ بحر النيل نهر الجنة، ومدفع مياه السماء، يسبقهم
النهل والعلل سيحه، ويجبى إليهم ثمرات شجه..."[32]. ثم
أضاف قائلاً: "ونحن لهذا العهد (المماليك الجراكسة) نرى أن العلم والتعليم
إنما هو بالقاهرة من بلاد مصر، لما أن عمرانها مستبحر، وحضارتها مستحكمة
منذ آلاف السنين، فاستحكمت فيها الصنائع وتفنَّنت، ومن جملتها تعليم
العلم..."[33].
عَظُمَت أحوال مصر الاقتصادية على عهد سلاطينها المماليك، فاهتموا
بالزراعة باعتبارها مصدر الثروة الأول الذي عاش عليه المصريون منذ قديم
الأزل، وفي عهدهم قُسمت الأراضي الزراعية إلى أربعة وعشرين قيراطًا، اختصَّ
السلطان بأربعة قراريط للكلف والرواتب وغيرها، وخصص عشرة قراريط للأمراء،
أما العشرة الباقية فكانت من نصيب الأجناد[34]. وقد
ارتقت الصناعة في عهدهم وأصبحت على درجة كبيرة من الجودة والإتقان، ومن أهم
الصناعات في العصر المملوكي صناعة المنسوجات من الحرير والصوف والكتان
والقطن.
لم يألُ سلاطين المماليك جهدًا في تشجيع تجارة البحر الأحمر، فرحبوا
بتجار الشرق المترددين على موانئ مصر المطلة على البحر الأحمر، وخاصة ميناء
عيذاب التي وصفها الرَّحّالة ابن جبير بأنها: "أحفل مراسي الدنيا؛ بسبب أن
مراكب الهند واليمن تحط فيها وتقلع منها، زائدًا إلى مراكب الحجّاج
الصادرة والواردة..."[35].
[12] محمود
الحويري: مصر في العصور الوسطى ص74.
[13] السابق
نفسه ص75.
[14] ابن
تغري بردي: النجوم الزاهرة 2/191، 192.
[15] محمود
الحويري: مصر في العصور الوسطى ص109.
[16]
القلقشندي: مآثر الأناقة في معالم الخلافة 1/251.
[17] يشكر
بن جديلة‏:‏ قبيلة من قبائل العرب أقامت عند الفتح بهذا الجبل، فعُرف بجبل
يشكر لذلك‏.‏
[18] مصطفى
بدر: مصر الإسلامية ص148.
[19] مختار
العبادي: في التاريخ العباسي والفاطمي ص132، سيدة كاشف: أحمد بن طولون
ص252، 253، إبراهيم العدوي: مصر والشرق العربي ص129.
[20] علي
إبراهيم حسن: مصر في العصور الوسطى ص323.
[21]
المقريزي: الخطط 1/317.
[22] ابن
خلكان: وفيات الأعيان 4/197، 198.
[23]
الخراج: ضريبة الأرض الزراعية.
[24] علي
إبراهيم حسن: مصر في العصور الوسطى ص437.
[25] حسنين
محمد ربيع: النظم المالية في مصر زمن الأيوبيين ص35، وانظر ص69، 70.
[26] أبو
شامة المقدسي: الروضتين في أخبار النورية والصلاحية 1/243.
[27] محمود
الحويري: مصر في العصور الوسطى ص247.
[28]
المقريزي: السلوك في معرفة دول الملوك 2/492، وانظر محمود الحويري: السابق
ص249.
[29] عَفَت:
خلت.
[30]
السيوطي: حسن المحاضرة 2/94.
[31] محمود
الحويري: مصر في العصور الوسطى ص250، 251.
[32] ابن
خلدون: المقدمة 1/105.
[33] المصدر
السابق 3/991.
[34]
المقريزي: الخطط 1/87.
[35] ابن
جبير: رحلة ابن جبير ص45.


مصر إمارة عثمانية


بعد سقوط دولة المماليك على يد العثمانيين في عام 923هـ/ 1517م، بدأت
مصر مرحلة جديدة تختلف كل الاختلاف عن المراحل السابقة لها؛ إذ كانت مصر في
عهد المماليك دولة مستقلة ذات سيادة، ثم أصبحت إمارة عثمانية تابعة للباب
العالي في إسطنبول، وقد مرَّت مصر خلال تلك الفترة ببعض عهود القوة
والبروز.
تولَّى الخازندار المسبِّح باشا، حكم مصر في عهد السلطان العثماني القوي
سليم الثاني الذي تولى مقاليد الخلافة العثمانية ما بين عامي (1566-
1574م/ 973- 982هـ)، فحكم مصر مدة خمس سنوات وخمسة أشهر ونصف، ووجه اهتمامه
خصوصًا إلى إبطال السرقات والتعديات، فكان يقبض على اللصوص، ويقتلهم دون
شفقة[36]،
فارتاحت البلاد من شرورهم، ثم عكف على إصلاح شئون الرعية، وكان نزيهًا لا
يقبل الرشوة ولا الهدية، ومن آثاره مسجد عظيم في ضواحي القرافة لا يزال
يُعرف باسمه، وقد بناه على اسم الشيخ "نور الدين القرافي"، وجعله له ولنسله
ملكًا حرًّا، وخصص دخلاً معينًا للنفقة عليه، وأمر المسبح باشا أن تستهل
الأوامر والكتابات الرسمية والأحكام بهذه العبارة: "الحمد لله، والصلاة
والسلام على نبينا وآله وصحبه وسلم، إنَّما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين
أخويكم واتقوا الله". لذا فقد استقرت أحوال مصر الداخلية في عهده، وأصبحت
إمارة عثمانية قوية[37].
[36] ليس
عقاب السارق في الشريعة الإسلامية القتل، بل قطع اليد بعد استيفاء شروط
الحد؛ لذا يُعَدّ هذا التصرف تجاوزًا من الوالي، إلا إذا كان اللصوص يقطعون
الطريق ويروعون الناس، فيُعتبر هذا من الحرابة، ويقام عليهم حدُّ الحرابة
بالقتل، أو أنه قتل هؤلاء اللصوص تعزيرًا؛ ردعًا للمجرمين لانتشار الجريمة
في وقته.
[37] جورجي
زيدان: مصر العثمانية ص130، 131.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 11:53

صحوة إسلامية في القرن العشرين


وفي مطلع القرن العشرين ظهرت مجموعة من القوى السياسية، حاملة جذوة
النهضة للأمة المصرية -وإن كانت تحت الاحتلال الإنجليزي- كان الحزب الوطني
الذي حمل راية الكفاح ضد الاستعمار، والذي خاض المعارك من أجل التأكيد على
القيم الإسلامية كالحجاب؛ إذ دخلت صحيفة اللواء الناطقة باسم الحزب الوطني
هذه المعركة ضد قاسم أمين وصحافة حزب الأمة التابع للاستعمار الإنجليزي.
وقد كان الحزب الوطني الذي دافع عن القيم الإسلامية ورفض السلوك الغربي
وقيمه، سببًا من الأسباب الدافعة لقيام ثورة 1919م/ 1337هـ[38].
وصل الحزب الوطني بعد زعيميه مصطفى كامل ومحمد فريد إلى درجة كبيرة من
الضعف والتفكك؛ لذا ظهرت حركة الإخوان المسلمين عام 1928م/ 1346هـ، وحركة
مصر الفتاة عام 1933م/ 1351هـ.
خاضت حركة الإخوان المسلمين التي أنشأها الإمام حسن البنا معاركها ضد
الاستعمار والصهيونية والجهل والتبعية، وكان همها الأكبر الانحياز إلى
الفقراء والمستضعفين، وناضلت ضد الاستبداد السياسي، واعتمدت الحركة على
أسلوب التربية لبناء الفرد المسلم، والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم،
والأمة المسلمة. أمَّا حركة مصر الفتاة التي نشأت على يد مؤسسها الأستاذ
أحمد حسين، فإنها ركزت على العمل السياسي المباشر، وناهضت الاستعمار
والاستبداد، وانحازت إلى الفقراء ودافعت عن حقوق الشعب، لكنها لم تصل في
قوتها وانتشارها على المدى الذي وصلت إليه حركة الإخوان المسلمين[39].
[38] كان
نفي سعد زغلول ورفاقه الشعلة التي جعلت المصريين يثورون ضد المحتل
الإنجليزي، بعد مماطلته في استقلال مصر بعد الحرب العالمية الثانية التي
وقفت فيها مصر بجانب إنجلترا أمام الدولة العثمانية.
[39] محمد
مورو: الحركة الإسلامية في مصر من عام 1928 إلى 1993م ص64.


فترات التدهور والاضطرابات


كما مرَّت مصر الإسلامية على مرِّ عصورها بفترات قوة وازدهار، ألمَّ بها
عهود تدهور وانحسار؛ إذ شهدت اضطرابات داخلية، ومجاعاتٍ وأوبئة، ومحاصرات
عسكرية واقتصادية، ومنازعات حول السلطة؛ وقد أدَّى كل هذا إلى تبدد قواها،
وبؤس أهلها، وضياع منزلتها الحضارية بين الأمم والشعوب، حتى أصبحت في
أحايين كثيرة تابعة بعد أن كانت متبوعة، وأصابها الضعف بعد القوة، والجدب
بعد الرغد والسعة، ونحن نذكر هذه العهود الضعيفة التي مرَّت بها مصر
محاولين أن نستقصيها معلِّلين الأسباب، لنتدارسها متلافين العيوب
والمشكلات.
الفتنة تطل برأسها على مصر
بدأت الاضطرابات تطل برأسها على مصر منذ عهد قريب لها بالإسلام ففي عهد
عثمان بن عفان t
ظهرت بعض الشخصيات التي كان غرضها الكيد للإسلام وهدمه، فأخذت تثير السخط
على الخليفة الراشد بين أهل الأمصار، ومنها مصر، من ذلك ما قام به رجل
يهودي من اليمن هو عبد الله بن سبأ الذي استقر المقام به في مصر حيث وجد
أرضًا خصبة لنشر دعوته، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أخذ عبد الله بن
سبأ يدعو لعلي بن أبي طالب t،
ويتحدث إلى الناس بأن لكل نبي وصيًّا، وأن عليًّا وصي محمد r.
ومهما يكن من أمر ففي شوال سنة 35هـ/ 656م جاء إلى المدينة المنورة عرب
مصر وجموع من أهل الكوفة والبصرة، وكان المصريون أشدهم نقمة على عثمان t
بسبب ما سمعوه وصدَّقوه من ابن سبأ، وكان نتيجة ذلك أنهم قتلوا عثمان بن
عفان t،
وبذلك هبت ريح الفتنة بين المسلمين[40].
وقد سعى أهل مصر في هذه الفتنة الشنعاء منساقين وراء ادِّعاءات ابن سبأ
الباطلة، ولم يحاولوا تمحيصها، ولم يحسنوا الظن برجل من أفضل الصحابة y،
ولم يرتدعوا عن سفك دمه t.
وكان هذا من سوء تفكيرهم وتدبيرهم.
فترة الضعف الطولوني
وبعد سنين طوال من الاستقرار والازدهار، وفي نهاية عصر الدولة
الطولونية، وبعد وفاة خمارويه، لم تستطع مصر الاحتفاظ باستقلالها الذي تعب
أحمد بن طولون في تحقيق وجوده؛ إذ أصبحت مصر ميدانًا للضعف والفوضى من
ناحية، ومسرحًا لأحداث دامية أطاحت بوحدة الطولونيين، وعجَّلت بزوال دولتهم
ونفوذهم من ناحية أخرى.
وقد حكم مصر بعد وفاة خمارويه ثلاثة من البيت الطولوني لم يزد حكمهم على
عشر سنوات، وخلف خمارويه ابنُه (أبو العساكر جيش) 282- 284هـ/ 895- 897م،
وكان صبيًّا طائشًا منغمسًا في اللهو؛ فأقبل على الشرب، واتخذ من سفلة
الناس حاشية له، وخرجت بلاد الشام وما يليها عن طاعته، وانتهى الأمر بخلعه
وسجنه وتولية أخيه الأصغر أبي موسى هارون (284- 292هـ/ 897- 905م) وكان
صغيرًا لم تزد سنّه على الرابعة عشرة من عمره، وفي عهده ظهرت طائفة سياسية
شيعية اتخذت الدعوة إلى إمامة إسماعيل بن جعفر الصادق وسيلة لتحقيق
أغراضها، وقد أسس أحد قوادهم أبو سعيد الجنابي دولة القرامطة ببلاد البحرين
سنة 286هـ/ 899م[41].
العبيديون يحولون مصر لدولة شيعية
وفي عصر الدولة الإخشيدية كان هناك أحد عصور الضعف؛ فبعد وفاة كافور
الإخشيدي في عام 357هـ/ 968م، عمَّت الفوضى والاضطرابات معظم أنحاء مصر،
وتدهورت أحوالها الاقتصادية، فأصابها القحط والوباء والغلاء الشديد الناجم
عن نقص فيضان النيل، وهاجم القرامطة بلاد الشام، وامتد نفوذهم إليها، في
الوقت الذي عجزت الخلافة العباسية عن إعادة الأمور إلى نصابها في مصر،
فانتهز العُبيديون في بلاد المغرب الفرصة، ودخلوا مصر، وتحولت مصر لدولة
شيعية[42].
ومن العوامل التي أضعفت مصر، وأدَّت إلى سوء الأوضاع الداخلية فيها
أثناء عصر الدولة العُبَيْدية (الفاطمية)، فساد عقيدة هذه الدولة، وعدائها
الشديد للمسلمين في كل مكان، واضطراب أحوالها الاقتصادية التي كانت إحدى
جوانبها حدوث المجاعات، ولا سيما التي حدثت سنة 457هـ/ 1064م في عهد
الخليفة المستنصر بالله، نتيجة لانخفاض النيل، واستمرت سبع سنين متوالية،
وهو ما يعرف في التاريخ بالشدة المستنصرية العظمى؛ فقد انعدمت بمصر
الأقوات، وارتفعت الأسعار، واشتد بلاؤها على أهل مصر، مما حمل الكثيرين على
مغادرتها والرحيل منها.
ومن بين تلك العوامل التي أسهمت في إضعاف الدولة العبيدية أنَّ معظم
خلفاء العصر الفاطمي الثاني تولوا الخلافة وهم بعدُ أطفال صغار، فعلى سبيل
المثال نجح الوزير الأفضل في تولية المستعلي الخلافة؛ لأنه صغير السن يمكن
التحكم فيه، ولأنه زوج أخته.
البيت الأيوبي.. صراعات بعد صلاح الدين
ثم استطاع صلاح الدين الأيوبي أن يخلِّص مصر وشعبها من مساوئ الحكم
الشيعي العُبيدي الذي رزحت مصر تحته منذ قدوم العبيديين، وعاشت مصر أحد
أزهى عصور قوتها تحت قيادة صلاح الدين، ولكن بعد وفاة صلاح الدين قُسِّمَت
الدولة الأيوبية بين أبنائه وإخوته وأبناء عمومته وأمراء دولته، فأكبر
الأبناء -وهو الملك الأفضل نور الدين علي- احتفظ لنفسه بدمشق والساحل وبيت
المقدس وبعلبك وصرخد وبصرى وبانياس وهونين وتبنين إلى الداروم قرب حدود
مصر، أمَّا الابن الثاني -وهو الملك العزيز عماد الدين عثمان- فكان بمصر
وقت وفاة أبيه فاحتفظ بها، على حين أخذ الابن الثالث -وهو الملك الظاهر
غياث الدين غازي- حلب وأعمالها، أما إخوة صلاح الدين، فمنهم الملك العزيز
سيف الإسلام طغتكين بن أيوب الذي احتفظ باليمن، والملك العادل سيف الدين
أبو بكر كان بيده الكرك والشوبك والبلاد الشرقية (الجزيرة وديار بكر).
وقد أدَّى ذلك التقسيم إلى إشعال نار الخلافات والعداوة بين الأشقاء؛
مما أذهب قوة الدولة، وأدى في النهاية إلى سقوطها.
وهنا نلاحظ أن البيت الأيوبي بعد وفاة صلاح الدين حتى ذهابه على أيدي
المماليك، لم يكن تاريخه سوى أحداث النزاع والحروب بين أمرائه، فكل منهم
يحاول أن يكسب أرضًا جديدة على حساب أخيه أو أبناء عمومته[43].
نهاية الدولة المملوكية
أخذت دولة المماليك الجراكسة تمر بحالة ضعف شديد في بدايات القرن العاشر
الهجري؛ فقد انهمك المماليك الجلبان في العبث والفساد، وأخذوا ينهبون
الدكاكين في القاهرة، وتعرضوا للناس بالضرر والأذى، ولم يسلم السلطان
الغوري من مضايقاتهم، بل أخذوا يطالبونه بنفقاتهم حتى ضاق به الأمر، وبكى
حتى أغمى عليه ورشوا على وجهه الماء، وهو يقول: "ما بقي لي حاجة بسلطنة،
فأرسلوني أي مكان تختارونه". والواقع أن الحماس لم يعد يملأ نفوس الجراكسة
للدفاع عن مصر؛ إذ كانوا يرون أن السلطان العثماني سليم الأول طالما أنه لم
يقم بغزو الأراضي المملوكية، فليس ثمة داعٍ للحرب أو تبريرها[44].
ومن العوامل الأساسية التي أدت إلى ضعف الحالة الاقتصادية في مصر في
أواخر العهد المملوكي وانحسار فتوحاتها شرقًا وغربًا، ظهور البرتغال
بجهودها الكشفية ذات الطابع الصليبي، والتي شجعها البابوات على أساس تطويق
المسلمين من الأمام والخلف، وتحطيم سيطرتهم على تجارة الهند التي تمثّل
المنبع الرئيسي لثورتهم ورخائهم، وقد تمكن فاسكو دي جاما من الطواف حول
إفريقيا عن طريق رأس الرجاء الصالح، والوصول إلى كاليكوت أهم موانئ ساحل
مليار الهندي، وبذلك حقق البرتغاليون إنجازًا عالميًّا جديدًا. وبعبارة
أخرى: فإن وصول فاسكو دي جاما إلى الهند يمثل تحولاً بارزًا في تاريخ
التجارة الشرقية؛ إذ كانت حاصلات الشرق تصل إلى أوربا حتى ذلك الوقت بواسطة
التجارة في مصر المملوكية، الذين كانوا يبيعونها بدورهم إلى البندقية
بأسعار مرتفعة، وقد عادت تلك التجارة في تلك الحاصلات على مصر والبندقية
بأرباح طائلة، وهكذا ذهبت حصيلة الضرائب التي كان سلاطين المماليك يحصلون
عليها وأدت إلى ثرائهم من جهة، واستمدوا منها أسباب قوتهم وعظمتهم إلى
البرتغاليين[45].
فترة الضعف في عهد الدولة العثمانية
عاشت مصر في بعض أوقات الدولة العثمانية عصورًا من الضعف؛ فقد زادت
الضرائب، واخترعت الإدارة نظام الالتزام الذي أرهق الفلاحين، وهو تضمين
الخراج لأناس يتولون جمعه عن الحكومة، ويشاركونها في نفوذها، فلا يزيدون
الأهالي إلا ضغطًا وتعسفًا.
وقد ذكر "فولني" الرَّحالة الفرنساوي في رحلته إلى مصر أواخر القرن
الثامن عشر أن تجارة مصر كان معظمها في أيدي السوريين المسيحيين، ثم أهل
البندقية والإنكليز والفرنساويين، وكانت الجمارك يومئذٍ "بالإسكندرية"
و"رشيد" و"دمياط" و"السويس" و"القصير" وفي "بولاق" و"مصر القديمة"، وكانت
الحكومة تضمن دخل هذه الجمارك (أي تلتزم به)، كما كانت تضمن خراج الأرض.
على أن الجمارك كثيرًا ما كان يتولى شئونها أمراء المماليك الذين
تعاونوا مع الدولة العثمانية وخصوصًا في أواخر القرن الثامن عشر، فعلى سبيل
المثال اقتسم "إبراهيم بك" و"مراد بك" الانتفاع بالجمارك؛ فاختص "إبراهيم"
بجمرك السويس وعهد به إلى عمال يديرونه بالنيابة عنه، واستولى "مراد" على
سائر الجمارك فضمَّنها بعض أهل الوجاهة، وكانت إيرادات الجمارك نحو مليون
ريال، أو نحو 120.000 جنيه أو أكثر تُجمَع من جمرك السويس[46].
[40] ابن
الأثير: الكامل 3/58-68.
[41]
المقريزي: الخطط 1/321.
[42] محمود
الحويري: مصر في العصور الوسطى ص133.
[43] محمود
الحويري: العادل الأيوبي ص62. وانظر الروضتين 2/234، محمود الحويري: مصر في
العصور الوسطى ص206، 207.
[44] ابن
إياس: بدائع الزهور 2/484، 485.
[45] هايد:
تاريخ التجارة في الشرق الأدنى في العصور الوسطى 4/4، 5، محمود الحويري:
المرجع السابق ص74-86.
[46] جورجي
زيدان: مصر العثمانية ص290-295.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 11:54

محمد علي.. قوة شكلية ومصالح خاصة


تولَّى محمد علي حكم مصر في عام 1805م/ 1220هـ، فبدأ يحاول توطيد الأمر
لنفسه بعيدًا عن القوى الوطنية المخلصة التي عمد إلى التخلص منها، كالزعيم
عمر مكرم.
كما عمد إلى الانفصال الفعلي عن الخلافة العثمانية مع الاحتفاظ بالصلة
الشكلية؛ لذا قام بتقوية صلاته بالدول الغربية المعادية للإسلام وللخلافة،
وتعاون معها ضد الخلافة العثمانية، كما بدأ بنهضة صناعية وزراعية وعلمية في
مصر انصبت كلها على تقوية الجيش فقط؛ وذلك ليقوي محمد علي مركزه في مواجهة
الخلافة؛ لذا لم تكن تلك النهضة حقيقية، ولم تصُبَّ في مصلحة الشعب بأي
شكل من الأشكال.
بعد استتباب الأمر لمحمد علي باشا، وتوسعه في الحدود المصرية، حتى أصبحت
السودان تابعة لمصر في عام 1822م/ 1237هـ، وكذلك الحجاز عام 1818م/
1233هـ، أنشأ محمد علي أول أسطول مصري كامل، وقام بنقل قواته من مصر إلى
الحجاز عبر البحر الأحمر سنة 1811م/ 1226هـ، وبدأ محمد علي بتطبيق مشاريعه
في مصر بنشر التعليم، واعتمد في بادئ الأمر على الأزهر وعلمائه، ثم بدأ في
إيفاد الطلبة المصريين في بعثات إلى أوربا سنة 1813م/ 1228هـ، وكذا اهتم
محمد علي بالتعليم العسكري، فأنشأ أول مدرسة حربية في أسوان على النظام
الحديث، وأخرى في فرشوط، ثم في آبار جرجا، وأنشئت في عام 1825م/ 1240هـ
مدرسة إعدادية للتعليم الحربي في القصر العيني، وبدأها بخمسمائة تلميذ،
وأنشأ مدرسة المشاة (البيادة) لتخريج ضباط فرق المشاة الحربية، وأنشئت
المدرسة الأولى للفرسان بالجيزة في قصر مراد باشا، وجعل لها معلِّمين من
فرنسا، وأنشئت مدرسة للمدفعية في طرة[47].
كما لم تصب تلك الجهود العسكرية في مصلحة الشعب المصري، فإنها لم تكن في
مصلحة العالم الإسلامي كذلك، بل وُجِّهت نحو صدور أبنائه المخلصين في
أحايين كثيرة؛ فقد قام محمد علي بقمع الحركة الوهّابية في الحجاز، والتي
قامت لمحاربة البدع العقائدية، كما واجه في بعض الفترات جيوش الخلافة
العثمانية ذاتها.
وقد ابتدع محمد علي نظام الاحتكار في أراضي مصر الزراعية؛ فجعل من نفسه
صاحب الأرض الوحيد في مصر، والمصريون كلهم أُجراء لديه، فعاش المصريون في
فقر وعسف وجور.
ولأنَّ محمد علي قد جعل مصر إقطاعية خاصة به؛ فقد اهتم بعمرانها؛
فعُنِيَ بشق التُّرَع، وإقامة الجسور والقناطر، وإصلاح جسر أبو قير، وسد
فتحات بحيرة المنزلة، وكذلك اهتم محمد علي بالتوسع الزراعي، وإدخال أنواع
زراعية جديدة، فاهتم بغرس أشجار التوت؛ لتربية دودة القز لأجل صناعة
الحرير. وفي مجال الصناعة اهتم محمد علي بصناعة السفن حاملة الجنود في
بولاق، ومرفأ السويس، وعمل في ذات الوقت على تجديد ترسانة الإسكندرية. وفي
سنة 1816م/ 1231هـ أنشأ محمد علي مصنع الغزل والنسيج بالخرنفش، واستدعى له
عمالاً فنيين من إيطاليا في غزل خيوط الحرير[48].
اتسعت تجارة مصر الخارجية في عهد محمد علي بسبب ازدياد الحاصلات، وبفضل
إصلاح ميناء الإسكندرية والسويس تمَّ إعادة الحياة لطريق التجارة بين الهند
وأوربا بالبلاد المصرية بعد أن بسط السيادة المصرية في البحر الأحمر،
وطهره من القرصان. ونظرًا لتعدد المشروعات العمرانية، ومشروعات التنمية
الزراعية والصناعية وإعداد الجيش والأسطول فقد كانت الميزانية عام 1821م/
1236هـ بشقيها: الإيرادات 199.700ج، المصروفات 947.090ج، ولكن بعد مضي عشر
سنوات بعد ذلك، وبعد الحصول على العائد من المشاريع الإنتاجية تضاعفت
الإيرادات حتى فاقت المصروفات. وفي عام 1833م/ 1248هـ كانت الإيرادات
4.525275ج، والمصروفات 1.999070ج[49].
كانت كل هذه مظاهر للعمران في عهد محمد علي، لكن كانت كلها -كما ذكرنا-
من أجل مصلحته الشخصية؛ لذا عاش جميع الشعب –رغم كل ما ذكرناه- في فقر وضنك
شديدين؛ لذا فإننا نعدها -رغم الشائع عنها- من عصور الضعف في تاريخ مصر.
فترة ضعف الأسرة العلوية
طرأت بعض التغيرات من الناحية الواقعية على مصر في عهد "عباس" و"سعيد"
من أسرة محمد علي، فقد اتسمت مصر في عهدهما بالضعف؛ فعلى سبيل المثال ساءت
أحوال المدارس وأُلغِيَ معظمها، ولكن من جهة أخرى يرجع إلى عباس الفضل في
ضبط الأمن والضرب على الأشقياء وقطاع الطرق، كما أن مشروع إنشاء السكة
الحديدية للربط بين الإسكندرية والسويس عن طريق القاهرة قد أُقِرَّ وشُرِع
في تنفيذه في عهده.
أمّا سعيد باشا فقد أعاد تنظيم الدواوين في سنة 1857م، وجعل منها أربع
نظارات هي: نظارة الداخلية، ونظارة المالية، ونظارة الحربية، ونظارة
الخارجية؛ فتقلَّصت الحكومة في عهده، كما منح حق امتياز قناة السويس
للفرنسي ديلسبس لمدة 99 عامًا؛ مما جعل فرنسا تتحكم بالقناة ومصر كلها بدون
مقابل، وزاد على ذلك أن جَمَع لهم المصريين ليعملوا بالسُّخرة في حفر
القناة إجبارًا، وقد مات الآلاف من المصريين جرَّاء الظروف القاتلة التي
عملوا فيها.
ولكن من جهة أخرى فقد كان لسعيد إصلاحات تشريعية مهمة، منها إصدار
اللائحة السعيدية سنة 1858م، وهي عبارة عن قانون خاص بإصلاح حال الفلاح
وتخويله حق الملكية العقارية للأرض الزراعية بعد أن كان محرومًا من حق
التملك في عهد محمد علي، وتعدّ هذه اللائحة أساس تشريعات ملكية الأطيان في
مصر[50].
[47] محمد
عبد الفتاح أبو الفضل: الصحوة المصرية في عهد محمد علي ص107-110.
[48] السابق
نفسه ص111-114.
[49] محمد
عبد الفتاح أبو الفضل: الصحوة المصرية في عهد محمد علي ص116-121.
[50] ناصر
الأنصاري: المجمل من تاريخ مصر ص245.


الاحتلال الإنجليزي بمساعدة توفيق


استطاعت إنجلترا احتلال مصر سنة 1882م في عهد الخديوي الخائن توفيق من
أسرة محمد علي؛ لذا ساءت أحوالها على النواحي المختلفة، ومن ثَمَّ كانت
محاولة تحرير مصر، والحصول على الاستقلال عن بريطانيا هي المحور الرئيسي في
معركة الشعب المصري وقياداته التي ابتدأت بثورة 1919م، وما تمخض عنها من
تسليم إنجلترا ببعض التنازلات لمصر، فيما عُرِفَ بتصريح 28 فبراير 1922م،
وقد فشلت جميع المفاوضات التي جرت بين الساسة المصريين وبين إنجلترا بعد
صدور هذا التصريح، ابتداءً من مفاوضات سعد زغلول ورامزي ماكدونالد في
أكتوبر 1924م، أو مع هندرسون 1930م، وأخيرًا محادثات صدقي وجون سيمون في
صيف 1932م، والتي يتضح منها جميعًا استمرار المحاولات من جانب الساسة
المصريين، لوضع حدٍّ للتدخل البريطاني في شئون مصر الداخلية، استنادًا إلى
ما احتفظت به بريطانيا لنفسها من حقوق بموجب هذا التصريح، وذلك بتسوية
العلاقة بين البلدين في شكل معاهدة، أو بعبارة أخرى: محاولة تقنين تلك
العلاقات[51].
بعد ترقي فاروق الأول عرش مصر في عام 1936م، تم تعين مجلس وصاية نظرًا
لصغر سنه، وتولى الوفد تشكيل الوزارة لفوزه في الانتخابات البرلمانية،
وتألفت جبهة داخلية لإعادة تطبيق دستور عام 1923م الذي تم إلغاؤه بدستور
عام 1930م والذي أعطى الملك سلطات أكبر وأشمل، إلا أن بريطانيا أصرت على
رفضها، فقامت العديد من الثورات والاضطرابات الداخلية، فاضطرت بريطانيا
للدخول في مفاوضات شريطة أن تتوافق كل الأحزاب المصرية، وتم الاتفاق في
لندن بوضع معاهدة عام 1936م والتي أعطت مصر استقلالاً صوريًّا؛ حيث ألزمت
مصر بتقديم المساعدات في حالة الحرب وإنشاء الثكنات التي فرضت أعباء مالية
جسيمة مما يؤخر الجيش المصري وإعداده ليكون أداة صالحة للدفاع عنها, كما
أنة بموجب هذه المعاهدة تصبح السودان مستعمرة بريطانية يحرسها جنود
مصريون!![52].
استمرت بريطانيا على عنادها وتمسكها بمعاهدة سنة 1936م، وعدم اعترافها
بالإلغاء وصممت على حفظ حقوقها في مصر بقوة السلاح، وكلَّما زادت إنجلترا
تعنتًا ازداد كفاح الشعب المصري شدة وبأسًا، وحدثت معارك بين الطرفين في
أبي صوير والتل الكبير والسويس والإسماعيلية؛ حيث وقعت مذبحة الإسماعيلية
في 25 من يناير سنة 1952م، حينما هددت القوات الإنجليزية المدينة بالضرب،
وتصدت لها قوات البوليس بناءً على أوامر صدرت إليها من الحكومة، فدكت
القوات الإنجليزية مبنى المحافظة على رءوس رجال الشرطة وهم يقاومون بما
لديهم من أسلحة قليلة العدد عدوًّا يفوقهم عددًا وعدة، فقتل في هذه المعركة
خمسون من رجال البوليس وعددٌ كبير من الأهالي[53].
حريق القاهرة
ومن الأحداث التاريخية المؤلمة التي أصابت مصر في يناير 1952م والتي لم
يُعرَف فاعلوها حتى الآن، حريق القاهرة؛ إذ استغل الفاعلون المظاهرات التي
عمَّت العاصمة ابتداءً من الساعة 12 ظهرًا، وفي ساعات قلائل التهمت النار
نحو (700) محل وسينما وكازينو وفندق ومكتب ونادٍ في شوارع وميادين وسط
المدينة. وقد أسفرت حوادث ذلك اليوم عن مقتل (26) شخصًا، وبلغ عدد المصابين
بالحروق والكسور (552) شخصًا، في الوقت الذي كان قادة الجيش في القصر
الملكي مدعوين لمأدبة الاحتفال بمولد الأمير أحمد فؤاد[54].
حركة الضباط الأحرار
وقد قامت في مصر بعد ذلك ثورة 23 يوليو 1952م بقيادة اللواء محمد نجيب
الذي عمل على تطهير البلاد من الفساد، وإعادة الحياة الديمقراطية إليها،
ولكن تمَّ عزله من مجلس قيادة الثورة، وتحديد إقامته حتى وفاته؛ لتتوقف تلك
الجهود الإصلاحية، وتدخل مصر مرحلة جديدة من تاريخها.
[51] محمد
جمال الدين المسدي وآخران: مصر والحرب العالمية الثانية ص14.
[52] انظر:
عبد الرحمن الرافعي: في أعقاب الثورة المصرية، ثورة 1919م 2/148-154،
3/25-38.
[53] محمد
محمود السروجي: دراسات في تاريخ مصر والسودان الحديث والمعاصر ص220، 221.
[54]
الرابط: http: ghariba-1.blogspot.com.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 11:57

قصه الاسلام فى اوروبا

طرق الإسلام أبواب قارة أوربا من الجهة الشرقية، وذلك
بمحاولات المسلمين المتكررة لفتح القسطنطينية منذ خلافة معاوية بن أبي
سفيان رضي الله عنه، ولكن تأخَّر فتحها لحصانتها حتى أتَّم الله U
فتحها على يد المجاهد المسلم القائد محمد الفاتح في عام 857هـ الموافق
1453م.
ومع أن دخول الإسلام إلى أوربا كان له أعظم الأثر علميًّا
وحضاريًّا وأخلاقيًّا في قارة أوربا، فإننا نتعجب من هذا العداء الدفين في
نفوس بعض الأوربيين للإسلام، والذي كانت آثاره واضحة في البوسنة والهرسك؛
حيث أعمل الصرب القتل في مسلمي البوسنة والهرسك بقصد واضح وهو التطهير
العرقي.
ويعيش المسلمون في القارة الأوربية على هيئة أقليات
متناثرة، يختلف حجمها من دولة أوربية إلى أخرى؛ وقد وَفَد السواد الأعظم من
المسلمين إلى أوربا بحكم الصلات السياسية التي كانت تربط بلدانهم بالبلدان
الأوربية المستعمرة لها. كما أن أعدادًا كبيرة من سكان أوربا دخلت الإسلام
بحكم الصلات التاريخية مع العالم الإسلامي؛مما أدَّى إلى ازدياد فرص
التفهم لطبيعة الإسلام عند هؤلاء الأوربيين على اختلاف نزعاتهم الفكرية
ومستوياتهم الاجتماعية.
ويواجه المسلمون في أوربا الكثير من المشكلات، يأتي على
رأسها جهل المسلمين هناك بكل شيء عن واقع وتاريخ أوربا التي يعيشون فيها،
وافتقاد الجاليات المسلمة للقيادة الفكرية المستنيرة الناضجة التي تستطيع
احتواء المهاجر المسلم وإرشاده إلى الطريق القويم. كما تعاني الجاليات
الإسلامية من خلافاتها الداخلية مثل الخلافات العرقية والمذهبية، وتعاني
أيضًا من مخاطر الاغتراب الفكري والروحي؛ لذا فإنَّ الحاجة أصبحت مُلِحَّة
إلى فقهٍ للأقليات الإسلامية في الخارج، يدرس أحوال المهاجرين، ويحصر أمرها
لتجد سبيلها إلى أحكام فقهية تيسِّر حياة إخواننا في الخارج.
وفي حين نجد نظرة إيجابية من بعض الدول الأوربية للمسلمين
كبريطانيا وسويسرا، نجد على النقيض من ذلك رفض إيطاليا الاعتراف بالإسلام
كدين رسمي، وينظر الألمان للمسلمين على أنهم خطر على المجتمع، ويدعو رئيس
وزراء هولندا إلى إغلاق المدارس الإسلامية.
ويلاحظ ازدياد عدد المسلمين في أوربا، وازدياد شعورهم
بالانتماء للإسلام؛ حيث يتمتع المسلمون في أوربا بصفة عامة بحقوق عديدة،
مثل حق ممارسة شعائرهم الدينية بحرية وطمأنينة، وحرية إنشاء المؤسسات
الإسلامية وبناء المساجد على الرغم من مواجهة بعض المصاعب الإدارية،
ومع ذلك يواجه المسلمون صعوبات في تطبيق دينهم في ظلِّ
مجتمع صناعي علماني اختفت منه المظاهر الدينية والروحية.
بدايات
باكرة لفتح أوربا


تبلغ مساحة أوربا حوالي عشرة ملايين كم2، وتأتي في المرتبة
الخامسة من قارات العالم من حيث المساحة، وتليها قارة أستراليا.
تُعَدُّ قارة أوربا شبه جزيرة غير منتظمة الشكل، حيث يحدها
من الشمال المحيط المتجمد الشمالي، ومن الغرب المحيط الأطلسي، ومن الجنوب
البحر المتوسط، وتحدها من جهة الشرق قارة آسيا.
قصه الاسلام فى العالم Europa
وقد طرق الإسلام أبواب قارة أوربا من الجهة الشرقية، وذلك
بمحاولات المسلمين المتكررة لفتح القسطنطينية منذ خلافة معاوية بن أبي
سفيان > (41- 60هـ).
أمَّا من جهة الغرب فقد تمكَّن القائد المسلم طارق بن زياد
من فتح الأندلس في عام (91هـ= 710م)، وتوغَّل المسلمون في شبه جزيرة
الأندلس وعبروها لفتح فرنسا، حيث اجتازت جيوش المسلمين جبال (البيرنييه)
الفاصلة بين الأندلس وبين فرنسا، وتقدموا شمالاً إلى أن وصلوا إلى مدينة
(بواتييه) الفرنسية، والتي جرت على مشارفها معركة (بلاط الشهداء) في عام
(114هـ= 723م)، وقد انهزم جيش المسلمين في هذه المعركة هزيمة قاسية
وقُتِل منه الكثير، وبهذه المعركة توقف المدّ الإسلامي للقارة الأوربية من
هذه الجهة[1].
وقد تمكَّن الأغالبة حكام تونس من فتح الجهة الجنوبية
للقارة الأوربية، وذلك بفتحهم جزيرة سردينيا عام (95هـ= 810م)، ثم جزيرة
كريت، ثم قام أسد بن الفرات بقيادة أسطول مسلم لفتح جزيرة صقلية المنفذ
الجنوبي لأوربا الوسطى عام (212هـ= 827م)، وتم فتح (باليرمو) عام (216هـ=
831م).
كانت مدن إيطاليا المتنازعة فيما بينها تستعين بالمسلمين
ليحارب بعضُها بعضًا مما يسَّر للمسلمين الاستيلاء على بعض أجزاء إيطاليا
الساحلية، بل ووصل الأمر إلى أن اضطر "البابا يوحنا الثامن" في عام (484هـ=
872م) إلى أن يدفع الجزية للمسلمين بعد أن هددوا مدينة روما نفسها، وقد
كانت جزيرة صقلية همزة الوصل التجارية بين شمال إفريقيا وأوربا، كما كانت
نقطة احتكاك حضاري على درجة عالية من الأهمية للمسلمين والأوربيين[2].
ولكن تظلُّ الأندلس هي أهم نقاط الاحتكاك الحضاري بين
المسلمين والأوربيين، حيث كانت بمنزلة مركز إشعاع وتنوير في غرب أوربا، وقد
أصبحت (مدينة طُلَيْطِلَة) التي استولى عليها الأسبان عام (478هـ= 1085م)
مركزا مهمًّا وحيويًّا لنقل العلوم وترجمتها من العربية إلى اللاتينية،
فكانت تُعَدُّ المنارة الهادية لطلاب العلم من كافة أنحاء أوربا الغربية
والوسطى، وظلت (طليطلة) قرابة أربعة قرون المركز الثقافي والديني الأول في
شبة جزيرة إسبانيا (الأندلس).
وكماذكرنا فقد حاول المسلمون فتح جنوبي شرقي أوربا عن طريق
(القسطنطينية) منذ القرن الأول الهجري، قصه الاسلام فى العالم Aia%20Sofia%20Mosquولكن تأخَّر
فتحها لحصانتها حتى أتَّم الله U فتحها على يد المجاهد المسلم
القائد محمد الفاتح في عام 857هـ الموافق 1453م، وتحقق في هذا القائد ثناء
النبي r عندما قال: "لَتُفْتَحَنَّ
الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ، فَلَنِعْمَ الأَمِيرُ أَمِيرُهَا
"[3].وقد
اتخذ محمد الفاتح مدينة القسطنطينية عاصمة لدولته، وأطلق عليها اسم (إسلام
بول) أي دار الإسلام، الذي حُرِّف بعد ذلك إلى (إستانبول)، واستمرت
المدينة عاصمة للبلاد حتى سقطت الخلافة العثمانية[4].
وكذلك يعود للخلافة العثمانية الفضل في فتح وسط أوربا؛ حيث
فتح العثمانيون منطقة البلقان في عام (756هـ= 1355م)، ودانت لهم كل بلدان
أوربا الوسطى الواحدة تلو الأخرى، فتم فتح بلغاريا في عام (774هـ= 1372م)،
وفُتِحت بلاد الصرب في عام (788هـ= 1386م)، والبوسنة والهرسك في عام
(792هـ= 1389م)، وكذلك كرواتيا وألبانيا وبلجراد وبلاد المجر. كما أن
الجيوش العثمانية بقيادة السلطان سليمان القانوني وصلت إلى أسوار فيينا
وحاصرتها في عام (936هـ= 1529م)، ولم تتمكن من فتحها كذلك بعد أكثر من مائة
وخمسين عامًا في عام (1094هـ= 1683م) في عهد السلطان محمد الرابع.
وقد بقيت معظم هذه الأراضي بيد المسلمين وتابعة للخلافة
العثمانية طوال فترة قوتها، ولكنها بدأت تتفلَّت تدريجيًّا مع دخول الدولة
العثمانية في مرحلة الضعف، ولم يبق للخلافة العثمانية في عام (1337هـ=
1918م) إلا مدينة إستانبول على أرض القارة الأوربية. وقد ترتب على
بقاء هذه المناطق الأوربية لفترات طويلة في ظلِّ الخلافة العثمانية أن
أصبحت مناطق بأسرها ذات أغلبية مسلمة، مثل: مقدونيا، وألبانيا، والبوسنة
والهرسك، والجبل الأسود، وجاليات إسلامية ضخمة في بلغاريا ورومانيا[5].
ويرجع دخول أغلب سكان المناطق التي سيطر عليها العثمانيون
في الإسلام إلى معاملة المسلمين لأهل هذه البلاد بالعدل والمساواة، فكان
الشخص القروي الضعيف الفقير يستطيع أن يرتقي إلى أعلى المراكز وأكثرها
نفوذًا في الإمبراطورية العثمانية، وهو شكل من أشكال العدالة الاجتماعية
كان مستحيلاً في المجتمعات الأوربية المعاصرة للعثمانيين. كما حلَّ
الأمن في هذه المناطق مكان الصراع والفوضى، واستفادت أوربا من التنظيم
الدقيق للعسكرية التركية، وكذلك من النظم الإدارية التي تعتمد على الكفاءة
بالدرجة الأولى.وقد تمتع أيضًا أصحاب الديانات الأخرى كالنصرانية واليهودية
في المناطق التي حكمها العثمانيون خلال عدة قرون بمعاملة كريمة تظهر
آثارها واضحة في احتفاظ أهل هذه الديانات بلغاتها وثقافاتها ودياناتها؛
وعلى النقيض نجد ما فعله الأسبان بالمسلمين بعد استيلائهم على الأندلس في
عام (897هـ= 1492م) فطردوا المسلمين إلى شمال إفريقيا والمشرق العربي، وظل
من بقي منهم - وهم قلة - يعانون من آثار الاضطهاد والتعصب النصراني الأعمى
في ظل حكم إسباني غير متسامح، وتحولوا في نهاية الأمر إلى الديانة
النصرانية تحت ضغط محاكم التفتيش التي نصبت لهم في كل مكان.


[1]
د.شوقي أبو خليل: بلاط الشهداء، دار الفكر المعاصر، بيروت، 1998م،
ص31- 45.


[2]
مصطفى دسوقي كُسبة: المسلمون في أوربا، ملحق مجلة الأزهر، شهر ذو
الحجة 1417هـ، ص39- 40.


[3]
رواه الحاكم في المستدرك (8300)، وقال: صحيح الإسناد ولم
يخرجاه. وصححه الذهبي في التلخيص. وأحمد (18977)، والطبراني
في الكبير (1216)، والهيثمي في مجمع الزوائد (10384)، والمتقي الهندي في
كنز العمال (38462). وضعَّفه الألباني، انظر ضعيف الجامع (4655)،
والجامع الصغير وزيادته (10126).


[4]
د.شوقي أبو خليل: فتح القسطنطينية، دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى،
2005م، ص57- 76.


[5]
مصطفى دسوقي كُسبة: المسلمون في أوربا، ملحق مجلة الأزهر، شهر ذو
الحجة 1417هـ، 45 – 47.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 11:57

مأساة البوسنة والهرسك.. وعداء دفين!!

لم تنتهِ معاناة المسلمين مع التعصُّب الديني بانتهاء
العصور الوسطى ودخول أوربا عصر العلم والعمل، بل نأخذ مأساة المسلمين في
منطقة البلقان، وبالتحديد في البوسنة والهرسك كدليل على استمرار هذا
المرض متأصلاً في نفوس البعض حتى عصرنا الحالي.
فقد منح مؤتمر برلين المنعقد في عام 1878م للنمسا والمجر
الإدارة المؤقتة للبوسنة والهرسك، لترحل بذلك الدولة العثمانية عن البوسنة
والهرسك، فأصبح الشعب المسلم في هذه المنطقة بحلول عام 1908م تحت سيطرة
النمسا. وبالرغم من أن معاهدة برلين نصت على احترام حقوق المواطن دون
تمييز، فقد تعرَّض المسلمون بعدها إلى حروب تصفية مستمرة لم تتوقف على
أيدي العصابات الصربية والكرواتية المدعومة من النمساويين والهنغاريين، ولم
ينتهِ مسلسل اضطهاد المسلمين؛ ففي أثناء الحرب العالمية ساعدت
ألمانيا النازية حليفتها كرواتيا لتضم البوسنة والهرسك إليها، ثمَّ شكَّل
تيتو سنة 1943م حكومة مؤقتة مهَّدت لإنشاء يوغسلافيا الاتحادية، وضمت
جمهورية يوغسلافيا ست جمهوريات هي: صربيا، كرواتيا، سلوفينيا، مقدونيا،
الجبل الأسود، والبوسنة والهرسك التي أُلحقت بيوغسلافيا سنة 1945م. ولم تكن
أيام الشيوعية بالأيام السعيدة بالنسبة للمسلمين؛ فلقد قضى الشيوعيون في
هذه الدولة على أي نشاط دعويّ للإسلام. وبالرغم من ظهور بصيص من الأمل
باعتراف الدولة الشيوعية بالقومية الإسلامية في دستور 1974م إلا أن
الاعتراف لم يلغِ العصبية الصربية وأطماعها الممتدة للاستيلاء على أراضي
البوسنة والهرسك لبناء صربيا الكبرى.
عندما بدأت يوغسلافيا في الانهيار خاصةً بعد وفاة تيتو
وانهيار الشيوعية في شرق أوربا عام 1988م بدأت الجمهوريات اليوغسلافية الست
تنفصل، وأعلن برلمان سراييفو (عاصمة البوسنة) استقلال جمهورية البوسنة
والهرسك في 15/ 10/ 1991م، وأجرت الحكومة البوسنية استفتاءً أعلن فيه 99%
رغبتهم في الاستقلال، ليعلن بذلك علي عزت بيجوفيتش استقلال الجمهورية
رسميًّا في 4/ 3/ 1992م. ولما كانت صربيا تريد تشكيل يوغسلافيا جديدة تشمل
منطقتي البوسنة والهرسك إليها، فقد تفجَّر الموقف في البوسنة والهرسك في
9/ 3/ 1992م عندما أعلن الصرب الحرب على جمهورية البوسنة والهرسك، وقَدِم
الصرب إلى البوسنة والهرسك بالمدرعات والدبابات التي ورثوها عن جيش الاتحاد
اليوغسلافي المفكَّك؛ حيث كان معظمه من الصرب، وبعثت الأمم المتحدة
بقواتها لحفظ السلام في 23/ 3/ 1992م، وإيقاف اعتداء الصرب على كلٍّ من
كرواتيا والبوسنة، وأوقف الصرب اعتداءاتهم على كرواتيا بينما امتدَّ
الاعتداء على المسلمين واتسع حتى عمَّ القتال غير المتكافئ جميع مدن
البوسنة والهرسك، لتبدأ البوسنة صفحة دامية من حياتها.قصه الاسلام فى العالم Asterlap
أعمل الصرب القتل في مسلمي البوسنة والهرسك بقصد واضح وهو
التطهير العرقي، ولجأوا إلى أبشع الوسائل وأخسِّها، ولم يفرِّق بين
محارب ومدني، بل شملت المجازر حتى الأطفال، وتم اغتصاب الآلاف من الفتيات
والسيدات المسلمات بهدف نشر الرعب والفزع، ودفع المسلمين إلى الهرب وترك
وطنهم. وقد قُدِّر عدد الفتيات والسيدات اللاتي تم اغتصابهن بعشرين ألفًا
في أقل التقديرات، ولا يزال إلى يومنا هذا اكتشاف المقابر الجماعية التي
أعدَّها الصرب للمسلمين بهدف طمس معالم جريمتهم.
ولا يعلم أحدٌ سرَّ هذا العداء الدفين في نفوس بعض
الأوربيين للإسلام، وكأنه ثأر قديم مع المسلمين، ويتعجَّب المرء لذلك أشدَّ
التعجُّب؛ فلم يسجِّل التاريخ معاملة حضارية وإنسانية من جيش فاتح
ومنتصر مثلما سجَّل للجيوش الإسلامية على مرِّ العصور، بل لقد استفاد
العالم - وأوربا على وجه الخصوص - بالفتوح الإسلامية في كل المجالات ما لا
يستطيع أن ينكره أحد.
فقدكان لدخول الإسلام في قارة أوربا أعظم الأثر، وذلك
باعتراف الأوربيين أنفسهم، وليس أدلّ على ذلك مما جاء في كتاب (حضارة
العرب) للمستشرق الفرنسي الشهير جوستاف لوبون؛ حيث ذكر صراحة أنَّ الحضارة
الأوربية في القرن التاسع والعاشر من ميلاد المسيح عليه السلام كانت غارقةً
في الجهل والتخلف، وكان أمراؤها يفخرون بأنهم لا يقرءون، وقد دامت هذه
الهمجية الأوربية البالغة زمنًا طويلاً، وعلى النقيض كانت الحضارة
الإسلامية في إسبانيا ساطعة ومشرقة، وحينما أرادت أوربا التحرر من قيود
الجهل والتأخر ولَّت وجهها شطر المسلمين الذين كانوا الأئمة وحدهم،
ثم يعترف جوستاف لوبون بأن الحروب الصليبية لم تكن هي السبب في إدخال
العلوم إلى أوربا، وإنما دخلت العلوم إلى القارة الأوربية عن طريق إسبانيا
وصقلِّيَة وإيطاليا؛ حيث بدأت في مدينة طليطلة الأندلسية حركة الترجمة التي
نقلت أهم كتب المسلمين من العربية إلى اللغة اللاتينية، ولم يتوانَ الغرب
في أمر هذه الترجمة طوال القرنين الثاني عشر والثالث عشر من الميلاد، فتمت
ترجمة كل كتب نوابغ المسلمين من أمثال الرَّازي وابن سينا وابن رشد وغيرهم
الكثير، كما لم تعرف أوربا شيئًا عن علماء اليونان القديمة أمثال جالينيوس
وأرسطو وأرشميدس إلاَّ من خلال ما قام المسلمون بنقله إلى اللغة العربية،
ولم يكن في القرن العاشر من الميلاد على مستوى العالم بلاد يمكن الدراسة
فيها غير الأندلس وبلاد الشرق الإسلامي، كما لم يظهر في أوربا حتى القرن
الخامس عشر الميلادي أيُّ عالِمٍ لم يعتمد على استنساخ كتب المسلمين؛ فقد
ظلَّت هذه الكتب طوال ستة قرون تقريبًا مصدرًا وحيدًا للتدريس في جامعات
أوربا[1].


[1]
جوستاف لوبون: حضارة العرب، ترجمة عادل زعيتر، الهيئة المصرية العامة
للكتاب، 2000م، ص567- 569.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 11:58

الجاليات المسلمة في أوربا

أمَّا الآن وفي عصرنا الحالي فيعيش المسلمون في القارة
الأوربية على هيئة أقليات متناثرة، يختلف حجمها من دولة أوربية إلى
الأخرى ما بين الآلاف والملايين.
فيُقدَّر تعداد المسلمين بالملايين في روسيا الاتحادية،
وبعض بلاد أوربا الشرقية، وهناك دولة واحدة يشكِّل المسلمون فيها الأغلبية
الساحقة من السكان وهي ألبانيا.
أمَّا المسلمون في بلاد أوربا الغربية فأحوالهم مختلفة، ذلك
أن عددهم في أيٍّ من هذه البلاد يبدأ بالمئات في بعضها، وينمو حتى
يقارب بضعة ملايين في بعضها الآخر.
والسواد الأعظم من المسلمين في هذه البلاد وفدوا إليها بحكم
الصلات السياسية التي كانت تربط بلدانهم والبلدان الأوربية التي يعيشون
فيها، وقد حضروا إلى تلك البلاد بحثًا عن عمل، أو سعيًا وراء فرصٍ أفضل في
الحياة لم تتيسر في بلادهم الأصلية.
وإذا عرفنا أن معظم بلاد العالم الإسلامي كان واقعًا تحت
وطأة الاستعمار الأوربي في آخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين،
أمكننا أن نتعرف إلى طبيعة الجاليات الإسلامية التي استقرت في كل بلد على
حدة.
ففي بلد مثل إنجلترا نجد معظم المسلمين بها قادمين من دولٍ
كانت خاضعة للاحتلال البريطاني في قارتي آسيا وإفريقيا، وخاصةً من الهند
وباكستان وبنجلاديش.
وفي فرنسا نجد غالبية المسلمين من دول المغرب العربي التي
كانت خاضعة للاحتلال الفرنسي مثل الجزائر وتونس والمغرب.
وكذلك في هولندا نجد الجانب الأكبر من المسلمين بها من
إندونيسيا التي ظلَّت خاضعة للاحتلال الهولندي فترة طويلة.
أمَّا في ألمانيا فنجد الجاليات الإسلامية بها يغلب عليها
العنصر التركي، وهم الذين هاجروا من تركيا بعد إلغاء الخلافة الإسلامية
ودعوة مصطفى كمال أتاتورك إلى العلمانية[1].
هذه الجاليات هي التي تشكل الغالبية العظمى للجاليات
الإسلامية في بلاد أوربا الغربية، وقد انضم إليها مهاجرون من بلاد إسلامية
أخرى.
كما أن أعدادًا كبيرة من سكان أوربا دخلت الإسلام بحكم
الصلات التاريخية مع العالم الإسلامي التي سبقت الإشارة إليها؛ مما
أدَّى إلى ازدياد فرص التفهم لطبيعة الإسلام عند هؤلاء الأوربيين على
اختلاف نزعاتهم الفكرية ومستوياتهم الاجتماعية، وكذلك إتاحة الفرصة
للأوربيين للقراءة عن الإسلام في مصادره الأصلية، بعيدًا عن تشويه
المستشرقين ومغالطاتهم التي حاولت الأجيال السابقة منهم أن تروِّجها عن
الإسلام بين الأوربيين.
أيضًا كان من الأسباب ذات الأثر البعيد في تغيُّر نظرة
الأوربيين للإسلام اعتناقُ عددٍ من المثقفين الأوربيين ذوي المكانة
الاجتماعية المرموقة للإسلام؛ لما اكتشفوه في الإسلام من وضوح
الرؤية، واستقامة العقيدة ومسايرتها للمنطق السليم.
قصه الاسلام فى العالم Europa_1
وتتوزع الأقليات المسلمة في أوربا على النحو التالي:

أولاً: في روسيا الاتحادية (شرق أوربا):
يبلغ عدد المسلمين في روسيا الاتحادية الفيدرالية حوالي 20
مليون نسمة، يتركزون في المناطق المتاخمة لحوض نهر الفولجا، وفي
منطقة شمال القوقاز مثل الشيشان والأنجوش وداغستان، وأيضًا في منطقة
سيبريا.

ثانيًا: الجمهوريات المستقلة عن الاتحاد السوفيتي
(شرق أوربا):

توجد أقلية إسلامية في جمهورية جورجيا تبلغ نسبتها 19% من
عدد السكان، وفي جمهورية أرمينيا يبلغ عدد المسلمين ما يقرب من نصف مليون
مسلم من إجمالي عدد السكان البالغ 3 ملايين نسمة في عام 2007م. كما
يعيش في جمهورية مولدافيا أكثر من ثلث مليون مسلم من إجمالي 4 ملايين نسمة
2007م، أي بما يمثل 12% تقريبًا من عدد السكان. وأيضًا في جمهورية ليتوانيا
توجد أقلية مسلمة تُقدَّر بخمسين ألفًا من عدد السكان البالغ 3.5 ملايين
نسمة عام 2007م[2]،
وتمثِّل 1.3% من السكان.

ثالثًا: في جمهوريات وسط أوربا والبلقان:
يتكون معظم الأقلية المسلمة في وسط أوربا والبلقان من أهل
البلاد أنفسهم، كالألبان والبوسنيين، أو من الأتراك الذين استوطنوا هذه
المنطقة. ويتراوح عدد المسلمين في هذه المنطقة بين 8- 10 ملايين
مسلم، ويتركزون في ألبانيا والبوسنة والهرسك وبلغاريا، وكوسوفو وهي جمهورية
إسلامية 100%، إضافةً إلى مقدونيا، وباقي دول وسط أوربا مثل رومانيا،
المجر، وغيرها[3].

رابعًا: بقية دول أوربا:
تتركز الجاليات الإسلامية الكبرى غرب أوربا في كل من فرنسا،
وألمانيا، وبريطانيا.
تعود بدايات الوجود الإسلامي في الأراضي الفرنسية إلى أيام
دولة الأندلس، وبعد هزيمة المسلمين في معركة بلاط الشهداء - كما ذكرنا -
حيث وقع بعض الأسرى المسلمين في قبضة الفرنسيين، تم نقلهم إلى شمال فرنسا،
واستقروا هناك، فاعتُبِر ذلك بمنزلة أول الوجود الفعلي للمسلمين في فرنسا،
وبعد سقوط دولة الأندلس، وملاحقة الفرنجة للمسلمين بالتقتيل وارتكاب
المجازر؛ اضطرَّ حوالي 150 ألف مسلم إلى اللجوء إلى جنوب فرنسا
والاستقرار فيها.قصه الاسلام فى العالم Mosqu%20in%20france
وتُعتَبَر الدفعات الأخيرة من الهجرة إلى فرنسا هي التي
وقعت في العصر الحديث في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وقد كانت معظم هذه
الهجرات قادمة من بلاد المغرب العربي، ولأسباب اقتصادية كالبحث عن فرص
للعمل، أو أسباب سياسية كالنجاة من اضطهاد الأنظمة الديكتاتورية.
أمَّا في الوقت الحالي فقد أصبح الإسلام هو الدين الثاني في
فرنسا؛ حيث يعيش فيها أكثر من 6 ملايين مسلم من أصل 63.7 مليون نسمة
وهم عدد السكان في عام 2007م[4]،
لتمثِّل نسبة الأقلية المسلمة 9.4% من سكان فرنسا. مع العلم أن الإحصائيات
غير الرسمية تشير إلى أنَّ عدد المسلمين أكثر من ذلك بكثير؛ لأن الإحصاءات
الرسمية لا تضع في حساباتها إلا المسلمين الأصليين؛ أي الذين يأتون من
بلادهم وهم مسلمون، أمَّا المسلمون فرنسيو الأصل فلا يدخلون في التعداد؛
لأن فرنسا دولة علمانية لا تضع خانة الديانة في إثبات الشخصية.
وتشير توقعات ودراسات إلى أن هؤلاء المسلمين سيتضاعفون ثلاث
مرات بحلول عام (2020م) ليقترب عددهم من (20) مليون نسمة؛ وذلك بسبب
ارتفاع نسبة الخصوبة والمواليد بين المسلمين، واستمرار تدفق المهاجرين
المسلمين لفرنسا، وكذلك دخول أعداد غير قليلة من الفرنسيين في الإسلام؛
حيث يزيد عدد المسلمين من أصل فرنسي على 100 ألف، كما يوجد الآن في فرنسا
1300 مسجد، وحوالي 600 جمعية إسلامية. وتشير الإحصاءات أيضًا إلى أن 40% من
الجاليات المغربية يحصلون سنويًّا على الجنسية الفرنسية، وهو ما يمثِّل
حالة من الفزع والتوتر لدى الحكومة الفرنسية، وظهر أثر هذا التوتر الحكومي
جليًّا فيما تعرضت له الجالية المسلمة ورموزها مؤخرًا من اضطهاد دفع بأبناء
الجالية المسلمة إلى التذمُّر والاحتجاج، كما طالعتنا وسائل الإعلام
المختلفة.
وفي ألمانيا نجد تزايدًا ملحوظًا في عدد المُقبِلين على
اعتناق الإسلام، فنجد أنَّه خلال الفترة من يونيو 2004م إلى يونيو 2005م
اعتنق الإسلام 4000 ألماني بزيادة أربعة أمثال عدد من أسلموا خلال نفس
الفترة من العام الذي سبقها[5]. ويبلغ العدد
الإجمالي للمسلمين في ألمانيا حوالي 3.5 ملايين مسلم، بما يمثل نسبة 4.2%
من عدد سكان ألمانيا البالغين 82 مليون نسمة في عام 2007م. ويعود استقرار
السكان المسلمين في ألمانيا إلى القرن السادس عشر الميلادي، وقد تم بناء
أول مسجد في مدينة بوتسدام الألمانية في عام 1731م.
أمَّا أقدم المساجد الباقية إلى الآن فهو في العاصمة برلين
وتم بناؤه في عام 1924م، ويليه مسجد في مدينة هامبورج أقيم في عام 1957م،
ويعتبر مسجد (الفتح) المقام في مدينة مانهايم منذ عام 1995م من أكبر مساجد
ألمانيا، وقد بلغ عدد المساجد وأماكن الصلاة في ألمانيا الحالية إلى 2200
مسجد ومصلَّى.
ومن المنظمات الإسلامية الفاعلة في المجتمع الألماني منظمة
(التجمع الإسلامي)، التي تأسست في عام 1958م على يد جماعة من الطلبة
الوافدين بمشاركة عدد من المسلمين المقيمين في ألمانيا، ويصدر عن التجمع
مجلة بعنوان (الإسلام)، ولها صفحة إلكترونية على شبكة الإنترنت. وقد
أسهمت المنظمة في تأسيس عدد كبير من المراكز الإسلامية بالمدن الألمانية،
وأهمها المراكز الإسلامية بمدن ميونيخ وشتوتجارت وكولونيا، ويتبع المنظمةَ
60 جمعية إسلامية، وبلغ عدد أعضائها نحو 60 ألفًا.
بجانب منظمة التجمع الإسلامي يوجد العديد من المنظمات
الإسلامية، مثل هيئة الاتحاد التركي الإسلامي التي تأسست في عام 1985م،
ومؤسسة (ميلي جوروش) التركية التي أسِّست في 1986م، والمجلس الأعلى
للمسلمين في ألمانيا الذي تأسس في عام 1994م[6].

وفي بريطانيا تعدَّى عدد المسلمين 1.6 مليون مسلم، بما يمثل
نسبة 2.7% من عدد السكان البالغ عددهم 61 مليون نسمة في عام 2007م[7].
وبالنسبة لإيطاليا فتشير آخر الإحصاءات الرسمية الإيطالية
إلى أن عدد المسلمين في إيطاليا بلغ ‏‏أكثر من مليون مسلم، من بين 58 مليون
نسمة هم عدد سكان إيطاليا في عام 2007م[8]. كما يُقدَّر
عدد المسلمين في إسبانيا - حسب (الاتحاد الإسباني للجماعات المسلمة) - بنحو
700 ألف مسلم، بينهم أكثر من 200 ألف يحملون الجنسية الإسبانية، وقد بلغ
عدد سكان إسبانيا 40.4 مليون نسمة في عام 2007م، كما يقدَّر عدد المساجد في
مختلف المدن الإسبانية بنحو 600 مسجد[9].قصه الاسلام فى العالم Mosqu%20in%20london
أيضًا توجد الجاليات المسلمة في بقية الدول الأوربية، مثل
هولندا بنسبة 5.5% من عدد السكان البالغ 16.5 مليون نسمة عام 2007م[10]. وأيضًا في
سويسرا التي تقع جنوبي أوربا الوسطى، ويصل عدد سكانها إلى حوالي سبعة
ملايين نسمة، وقد وصل الإسلام إلى سويسرا بواسطة البحَّارة الأندلسيين
المسلمين في عام 321هـ= 939م، وبعد سقوط الأندلس هاجر عدد من المسلمين
فرارًا من الاضطهاد الديني إلى جنوب سويسرا. وفي العصر الحديث بعد الحرب
العالمية الثانية لجأت إلى سويسرا أقلية مسلمة، ونتيجة لجهود بعض الدعاة
اعتنق عدد من السويسريين الإسلام، وكان عدد المسلمين بسويسرا في سنة
(1371هـ= 1951م) يقدَّر بألفين، ويقدَّر عددهم الآن بنحو 400 ألف مسلم[11].
وتوجد الجاليات المسلمة أيضًا في إيطاليا وبلجيكا واليونان وقبرص وإسبانيا
ومالطا والنمسا، وغيرها من بقية الدول الأوربية.
ويقدَّر عدد المسلمين في أوربا بكاملها بحوالي 50 مليون
مسلم[12].

ويمكن تصنيف الأقلية المسلمة في أوربا كما يلي:
1- أبناء الدول الأوربية الأصليون الذين دخلوا الإسلام منذ
قرون طويلة، وحافظوا على إسلامهم رغم كل ما واجهوه من تحديات ومحاولات لمحو
هويتهم الإسلامية، مثل الألبان والبوسنيين، والكوسوفيين المقدونيين،
والمسلمين في بلغاريا. ويضاف إليهم المسلمون الجدد، من أمثال (رجاء
جارودي) من فرنسا، و(مراد هوفمان) من ألمانيا، وغيرهما ممن اعتنقوا
الإسلام.
2- مسلمون مهاجرون تجنَّسوا بجنسية البلد المقيمين فيه، مثل
المهاجرين إلى أوربا بغرض العمل، ثم استقروا في بلد المهجر، والطلاب الذين
سافروا لاستكمال دراساتهم العليا في أوربا ثم آثروا البقاء والإقامة هناك،
وغيرهم الكثير ممن اجتذبته النهضة الأوربية الحديثة للهجرة إليها
والاستقرار بها[13].



[1]
مصطفى دسوقي كُسبة: المسلمون في أوربا، ملحق مجلة الأزهر، شهر ذو
الحجة 1417هـ، ص73- 74.


[2]
تقرير حالة السكان في العالم 2007م، الصادر عن هيئة الأمم المتحدة للسكان،
الرابط الإلكتروني: http://www.unfpa.org/swp/2007/arabic/notes/indicators/a_indicator2.pdf


[3]
مصطفى دسوقي كُسبة: المسلمون في أوربا، ملحق مجلة الأزهر، شهر ذو
الحجة 1417هـ، ص75- 78.


[4]
تقرير حالة السكان في العالم 2007م.


[5]
ملحق مجلة الأزهر، عدد شهر صفر 1428هـ، ص317.


[6]
أحمد المتبولي: دراسة بعنوان: مسلمو ألمانيا.. اندماج يعاني
التهميش. موقع إسلام أون لاين، الرابط:
http://www.islamonline.net/arabic/daawa/2005/12/article11.shtml


[7]
تقرير حالة السكان في العالم 2007م.


[8]
المصدر السابق.


[9]
مجلة المجتمع الكويتية، العدد 1741، بتاريخ 3 مارس 2007م.


[10]
تقرير حالة السكان في العالم 2007م.


[11]
موقع الشبكة الإسلامية الإلكتروني، الرابط: http://www.islamweb.net.qa/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=139084


[12]
ملحق مجلة الأزهر، شهر المحرم 1428هـ، ص106.




[13]
مصطفى دسوقي كُسبة: المسلمون في أوربا، ملحق مجلة الأزهر، شهر ذو
الحجة 1417هـ، ص79- 8
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 11:58

مسلمو أوربا.. مشكلات وتحديات

لا نستطيع أن نتخطَّى هذه النقطة بدون التعرض للمشكلات التي
تعاني منها الجاليات المسلمة في القارة الأوربية، فما زالت الغالبية
العظمى من المهاجرين المسلمين الذين يعيشون في أوربا يجهلون كل شيء عن واقع
وتاريخ أوربا التي يعيشون فيها، فهذه الغالبية لا تعرف تاريخ البلد
الذي تعيش فيه ولا مؤسَّساته ولا رموزه الفكرية ولا المسئولين عنه؛ الأمر
الذي يحرمهم من التكيف مع هذا المجتمع والاندماج فيه. كما نجد أنَّ
الأغلبية العظمى من أبناء الجالية الإسلامية ليست مثقَّفة، سواء ثقافة
إسلامية دينية أو حتى ثقافة غربية، وتفتقد الجالية المسلمة في نفس الوقت
القيادة الفكرية المستنيرة الناضجة التي تستطيع احتواء المهاجر المسلم
وإرشاده إلى الطريق القويم.
كما تعاني الجاليات الإسلامية من خلافاتها الداخلية مثل
الخلافات العرقية أو المذهبية. ومن أخطر المشاكل التي يعاني منها
المسلمون في أوربا تلك التي يواجهها الجيلان الثاني والثالث على نحو خاصٍّ،
فبينما تنحصر مشكلة الجيل الأول غالبًا في الغُربة عن وطنه، نجد الجيلين
الآخرين يعانيان من مخاطر الاغتراب الفكري والروحي؛ وذلك بسبب غياب الاتصال
بثقافة البلد الأصلي فينشأ جيل حائر متذبذب، بل وأحيانًا رافض لانتمائه
الأصلي ومتطلِّع إلى الانصهار في مجتمعه الجديد، وتبلغ المعاناة أَوْجَهَا
حين يتبرَّأ هذا الجيل من بيئته الأصلية انحيازًا إلى بيئة جديدة ولكنها
ترفضه بدورها.
كانت الهجرة العربية إلى بلدان أوربا في بدايتها مفروضة
وإلزامية خاصة بالنسبة لأبناء المغرب العربي الخاضع للاحتلال الفرنسي، ثم
أصبحت بمرور الزمن طواعية تتحكم فيها ظروف موضوعية، وكان الاستعمار هو
محرِّكها ودافعها الأساسي، وبمرور الزمن صارت دوافعها المباشرة في
الغالب اقتصادية واجتماعية[1].
وقد شهدت العقود الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في عدد العرب
المهاجرين إلى أوربا، بل وتحوَّلت الهجرة العربية خلال عقد الثمانينيات من
هجرة ذكور إلى هجرة أسرية.
وغالب الهجرة العربية إلى بلدان أوربا هجرة من أجل العمل،
ويعمل معظم المهاجرين العرب كعمَّال غير مؤهَّلين يقومون عادةً بأصعب
وأشقِّ المهن، ويتقاضون الأجور المتدنية بالنسبة إلى زملائهم الأوربيين،
ويقيمون عادةً في مساكن غير صحية وغير ملائمة، وفي أحياء معزولة عن
باقي المساكن، ويمثلون بالتالي الفئة الاجتماعية الأقل يُسْرًا من الناحية
المادية بين سكَّان أوربا.
كما يتعرض أبناء المهاجرين العرب في أوربا إلى مجموعة من
المشكلات أهمها فشل أبناء المهاجرين مدرسيًّا حيث يتسرَّب معظمهم (ثلاثة
أرباعهم تقريبًا) من المدارس، وتعتبر نسبة الفشل الدراسي بين أبناء
المهاجرين مرتفعة جدًّا. كما توجِّه السياسات التعليمية الانتقائية
المعتمدة في دول الغرب أبناء المهاجرين إلى التعليم المهني، وفي نفس
اختصاصات آبائهم؛ مما يعوق تطلعهم لممارسة ما يتطلب خبرة فنية عالية، ومن
ثَمَّ تخلق هذه الأوضاع شعورًا بالنقص عند أبناء المهاجرين يدفعهم إلى عدم
الاعتزاز بتقاليد وقيم والديهم.
ولا ننكر أنَّ الوضع المتردِّي لمعظم دول العالم الإسلامي
كان سببًا مباشرًا لهذه الهجرات المتوالية، إضافةً إلى حالة التشتت
والفردية التي يعاني منها منذ إلغاء الخلافة الإسلامية التي كانت بمنزلة
الهيئة المدافعة عن كل المسلمين في أي مكان في العالم، فلم يكن أحدٌ يجرؤ
على الانتقاص من حق المسلمين إلاَّ بعد إسقاطها، أمّا منذ سقوط الخلافة
الإسلامية إلى الآن فلم نجد على مستوى الحكومات العربية والإسلامية سياسة
واحدة واضحة ومسئولة بالنسبة إلى الوجود العربي - الإسلامي في أوربا أو
الغرب.
ومن أهم التحديات الفكرية التي تواجه الجاليات الإسلامية في
أوربا، وتشعر بها طوال الوقت أن هناك فجوة فكرية في التاريخ الإسلامي، وفي
فقه المسلمين في الغرب، ومصدر هذه الفجوة أن العلماء والفقهاء ظلُّوا على
امتداد التاريخ الإسلامي يفكرون في الجاليات غير الإسلامية التي تعيش في
ديار المسلمين، وقد وضعوا لهؤلاء كتبًا وفقهًا تغني هذا الجانب، ولكن هؤلاء
العلماء لم يفكروا - إلاَّ قليلاً - في وضع الجاليات الإسلامية التي تعيش
في الغرب.
ولذا فإنَّ الحاجة أصبحت مُلِحَّة إلى فقهٍ للأقليات
الإسلامية في الخارج، يدرس أحوال المهاجرين، ويحصر أمرها لتجد سبيلها
إلى أحكام فقهية تيسِّر وتسهِّل حياة إخواننا في الخارج[2].
وقد بدأت بالفعل جهود محمودة في هذا المضمار، منها إنشاء
المجلس الأوربي للإفتاء، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.


[1]
مصطفى دسوقي كُسبة: المسلمون في أوربا، ملحق مجلة الأزهر، شهر ذو
الحجة 1417هـ، ص94- 98.


[2]
مصطفى دسوقي كُسبة: المسلمون في أوربا، ملحق مجلة الأزهر، شهر ذو
الحجة 1417هـ، ص94- 103.





نظرة دول أوربا للمسلمين

هذا وقد اختلفت تجارب الدول الأوربية في إدماج المسلمين،
ويعتبر اعتراف الإمبراطور النمساوي فرانز جوزيف في عام 1912م بالديانة
الإسلامية كدين رسمي أقدم اعتراف رسمي بالإسلام في قارة أوربا، ورغم ذلك
فإن أول جمعية إسلامية دينية أُنشِئت في فيينا كانت سنة 1979م، أي بعد ما
يقرب من سبعين عامًا، كما لم يتم تدريس التربية الدينية لأبناء
المسلمين إلا عام 1982م. وفي إيطاليا لا تزال الحكومة الإيطالية تأبى
الاعتراف بالإسلام كدين رسمي؛ وقد أدَّى هذا التعنت إلى حدوث ازدواجية
ثقافية وصراع نفسي لدى الناشئة المسلمين الذين لا يستطيعون أن يندمجوا في
المجتمع الإيطالي؛ لأنهم مسلمون، ومع ذلك يشعرون بالانتماء إلى الأرض التي
وُلِدوا ونشئوا عليها.
أمَّا في ألمانيا فما زال الألمان ينظرون إلى المسلمين على
أنهم أجانب وخطر على المجتمع. وفي هولندا نجد رئيس وزرائها يدعو إلى
إغلاق المدارس الإسلامية وعددها 35 مدرسة؛ بحجة أنها لا تشجِّع على إدماج
الأطفال المسلمين داخل المجتمع.
وتأتي التجربتان البريطانية والفرنسية كتجربتين رائدتين في
التعامل مع قضية اندماج المسلمين في المجتمع الأوربي؛ فبحلول عام 1842م كان
يزور بريطانيا كل عام حوالي 3000 من البحَّارة المسلمين، وبعضهم استقرَّ
في مدن بريطانية مثل ليفربول ولندن، وقد تم بناء أوَّل مسجد في بريطانيا في
عام 1889م ويسمى مسجد ووكينج، وذلك بعدما اعتنق عدد كبير من صفوة المجتمع
البريطاني الإسلام.
وفي الخمسينيات من القرن الماضي، بدأت أكبر حملات الهجرة
إلى بريطانيا من قِبَل المسلمين، حيث أتى أغلبهم من القرى في جنوب
شرق آسيا، وخصوصًا من شبه القارة الهندية.
يقدَّر عدد المسلمين في المملكة المتحدة الآن - كما ذكرنا -
بحوالي 1.6 مليون مسلم، من بينهم ما يقارب 50 % من مواليد بريطانيا[1].
ويوجد في بريطانيا 600 مسجد، مقارنة بـ 13 مسجدًا في عام 1963م، كما يوجد
في بريطانيا 1400 جمعية إسلامية. ويتميز المسلمون في بريطانيا بأنهم أكثر
امتلاكًا للعنصر الشبابي من البريطانيين أنفسهم؛ لارتفاع نسبة الخصوبة بين
المسلمين، ومعدل المواليد المرتفع نسبيًّا، وتبلغ نسبة المسلمين المولودين
في بريطانيا حوالي 55% من مجموع المسلمين، إضافةً إلى وجود سياسي في مجلس
العموم واللوردات وعلى مستوى البلديات، كذلك يوجد لهم حزب إسلامي[2].
وينظر القانون البريطاني إلى الجماعات العِرْقِية المختلفة
نظرة إيجابية، ويسمح لها بقدرٍ من التمايز؛ فالعِرق في بريطانيا يشير إلى
وضع قانوني وليس إلى شيء مذموم. وفي ظل الحرية المسموحة للتعبير عن
الهوية السياسية للقوميات استطاع المسلمون أن يُعبِّروا عن أنفسهم في
النظام السياسي، وقد سعى مسلمو بريطانيا لإبراز هويتهم الدينية والثقافية
من خلال آليات متعددة، منها: التدخل في العملية التعليمية من أجل فرض ما
يجب تعليمه لأطفال المسلمين، وتشكيل جماعات ضغط من المسلمين في الانتخابات
البلدية والتشريعية تهدف لوضع مصالح المسلمين في الحسبان، إضافةً إلى فتح
قنوات للحوار مع الحكومة لتحقيق حمايتهم من الهجمات العنصرية، والاعتراف
بالزواج الشرعي الإسلامي أمام المحاكم البريطانية[3].

أمَّا في فرنسا فيوجد ارتباك ملحوظ في سياسية الدولة
الفرنسية تجاه المسلمين بالنسبة لقضية الاندماج؛ لذلك احتلَّت قضية
المهاجرين حيزًا كبيرًا في الانتخابات الرئاسية في فرنسا، وكان السبب في
صعود اليمين المتطرف هو تعهُّده بالحدِّ من الهجرة الأجنبية لفرنسا، حيث
أوضحت صناديق الاقتراع حجم الكراهية للأجانب من جانب قطاع كبير من الشعب
الفرنسي؛ ولكن عندما استفحلت ظاهرة العداء للمهاجرين، وتسببت في وقوع أحداث
شغب خطيرة أدَّت لفرض حالة الطوارئ لأول مرة منذ فترة طويلة بدأت الحكومة
تنتهج سياسة جديدة للحد من الكراهية للأجانب تجسدت في إعلانات تلفزيونية
تُظهِر ضرورة السماحة مع الملوَّنين، وتنتهي هذه الإعلانات بعبارة (بدون
عنصرية فرنسا أفضل). كما قامت الحكومة الفرنسية بمساعدة المهاجرين على
الاندماج في المجتمع، وأنشأت وزارة خاصة لهذا الشأن وجعلت على رأسها وزيرة
من أصل جزائري ، من مهامها مساعدة المهاجرين على الاندماج. كما قامت
الداخلية الفرنسية بعقد لقاءات مع مسئولي منظمات وهيئات إسلامية في فرنسا
تمهيدًا لتشكيل مجلس تمثيلي لمسلمي فرنسا يمثل المسلمين لدى السلطات العامة[4].


[1]
الموقع الرسمي لوزارة الخارجية البريطانية على شبكة الإنترنت،
الرابط الإلكتروني http://www.fco.gov.uk


[2]
الموقع الرسمي للحزب الإسلامي في بريطانيا على شبكة الإنترنت،
الرابط الإلكتروني http://www.islamicparty.com


[3]
مصطفى عاشور، إسلام أون لاين.نت، 26/1/2003م.


[4]
مصطفى عاشور، إسلام أون لاين.نت، 26/1/2003م.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 11:59

تزايد المسلمين.. وصعوبات كثيرة

لعله من الملاحظ وجود حركة إحيائية لروح الإسلام بين
المسلمين المستقرِّين في أوربا بشكل عام، وكذلك ازدياد شعورهم بالانتماء
للإسلام. كما يلاحظ ازدياد عدد المسلمين المواطنين في أوربا؛ إمَّا
بسبب إسلام الأوربيين أو بواسطة المواليد المسلمين الجدد. كما تضاعفت أعداد
المساجد في كل بلدان أوربا مع الزيادة اليومية لعدد المؤسسات والجمعيات
الإسلامية العاملة في البلدان الأوربية[1].
وبناءً على كل ما سبق يمكننا أن نقول:
إن المسلمين في أوربا بصفة عامة يتمتعون بحقوق عديدة، مثل
حق ممارسة شعائرهم الدينية بحرية وطمأنينة، وحرية إنشاء المؤسسات الإسلامية
وبناء المساجد على الرغم من مواجهة بعض المصاعب الإدارية، وهذا يعني
أن القوانين والدساتير الغربية الأوربية تحترم الإسلام كدين، وتحترم
المسلمين أيضًا. كما يعيش معظم المسلمين في أوربا بأمنٍ وسلام بالنسبة
للأمور الدينية، وهنا علينا ألاَّ نخلط بين ما سبق وبين وضع المسلمين
الاقتصادي المتردي، والوضع السياسي ومشاكله، والفقر والبطالة، وازدياد
وتيرة العنصرية والتحيز ضد المسلمين، وخصوصًا بعد أحداث الحادي عشر من
سبتمبر في أمريكا. ويجد المرء في بعض الأحيان قرارات متحيزة في حالات خاصة
مبنية على تعصب وتحيز في قراءة وتطبيق القانون، إلا أنه لا يوجد قانون
أوربي صريح يعادي المسلمين.
ومع ذلك يواجه المسلمون صعوبات في تطبيق دينهم في ظلِّ
مجتمع صناعي علماني اختفت منه المظاهر الدينية والروحية؛ فكثير من
الأوربيين يؤمنون بالله ولكن ليس لهذا الإيمان أي أثر في حياتهم وسلوكهم،
وازدياد اهتمامهم بالتكنولوجيا يصرفهم عن ممارسة الشعائر الدينية. وينطبق
هذا الأمر على كلٍّ من المسلمين والنصارى واليهود، فإذا نظرنا إلى النصف
الفارغ من الكوب وجدنا العديد من المسلمين المقصرين تجاه دينهم مع أن
القانون الأوربي لا يقف عثرة أمامهم، ونجد - بالرغم من تمتع المسلمين بهامش
كبير من الحرية في الغرب - أن ملايين منهم قد ضاعوا وذابوا في المجتمعات
الأوربية؛ فانسلخ بعضُهم من مجتمعه، وانسلخ آخرون من دينهم، وترك آخرون
الاثنين معًا.
ولا شك أنَّ المسئولية الأولى لعلاج هذا التفلُّت تقع على
الجمعيات والمؤسسات الإسلامية العاملة في أوربا، والتي هي أيضًا تعاني من
العديد من المشاكل التي تعوقها عن أداء رسالتها.
ويعتبر من أهم المشاكل والمعوقات التي تواجه المسلمين
والمؤسسات الإسلامية في القارة الأوربية - وهي مشكلة لها رواسب تاريخية -
مشكلة التمييز العنصري والديني الذي ينتشر بين بعض شرائح المجتمعات
الأوربية، وأثره في عدم استقرار الجالية المسلمة وخوفها من المستقبل،
إضافةً إلى ضعف التواصل بين الأجيال، وأثر الجهل وضعف المستوى
الثقافي والحضاري لجيل الآباء، وعدم قدرة الكثيرين منهم على توريث الهوية
والقيم الإسلامية لأجيالهم الجديدة، وتأثير آفات المجتمع الأوربي المادية
في المسلمين المقيمين في أوربا وخاصةً على الأجيال الجديدة، مثل التفكك
العائلي والانحلال الجنسي وانتشار المخدرات[2].
كما تحتل مشكلة الفقر وضعف الموارد المالية مكانًا بارزًا
في قائمة المشاكل التي تواجه المسلمين والمؤسسات الإسلامية، حيث إنَّ
الأعداد الهائلة للمسلمين في الغرب ما جاءت إلى أوربا -في الغالب - إلا
طلبًا للعمل وبحثًا عن مصادر الرزق؛ ولهذا يشكِّل الهاجس الاقتصادي لدى
المهاجرين عامل تحدٍّ كبير في بقائهم أو رجوعهم إلى أوطانهم، وتعيش النسبة
الكبرى من هؤلاء المهاجرين حياة الكفاف، وتعاني من مختلف الضغوط الاجتماعية
والنفسية، إضافةً إلى الضغوط السياسية أحيانًا[3].
وكذلك لا نستطيع أن نُهمِل الانعكاسات السلبية الناتجة عن
الخلافات العِرْقية والمذهبية والحركية للمسلمين في أوربا، والتي انتقلت
إليهم من بلاد المشرق الإسلامي وأسهمت - وما زالت تُسهِم - في عرقلة القيام
بدور ريادي متكامل للعمل الإسلامي والمؤسسات الإسلامية في أوربا.
إضافة إلى وجود مجموعات وأفراد ممن يحملون توجهات وأفكارًا متشددة، البعض
منها يمكن وصفها بالمتطرفة التي تسيء إلى الإسلام والمسلمين في أوربا، وذلك
من خلال أطروحات تدعو إلى معاداة المجتمع الأوربي بل ومحاربته، ومما يزيد
في أثرها السلبي إبراز الإعلام لها، وبالأخص الإعلام العربي والإسلامي رغم
أنها لا تمثِّل إلا شريحة صغيرة من المسلمين والمؤسسات الإسلامية في أوربا.
ونختم كلامنا عن المشاكل والمعوقات التي تواجه المسلمين
والمؤسسات الإسلامية في أوربا بالمشكلة الكبرى والعائق الضخم وهو غياب
الدولة الإسلامية التي تُعَدُّ المثل الأعلى الذي يحمل قيم الإسلام
الإنسانية والحضارية إلى العالم أجمع[4].



[1]
الجاليات الإسلامية في أوربا الغربية، مشكلات التأقلم والاندماج،
تأليف عدد من المختصين، دار النفائس، بيروت، الطبعة الأولى 1424هـ - 2003م،
23- 27.


[2]
د. أحمد الراوي - رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا، إسلام أون
لاين. نت، 30/12/2003م.


[3]
الجاليات الإسلامية في أوربا الغربية ص85.




[4]
د. أحمد الراوي - رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا، إسلام أون
لاين. نت، 30/ 12/ 2003م
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 12:00














قصـة الإسـلام في أمريـكا










قصه الاسلام فى العالم Islam_amrikaلم يأتِ
المسلمون الأوائل إلى أمريكا لتكون مقرًّا دائمًا لإقامتهم، فقد كانوا
يسعون إلى التجارة وجمع المال ثم العودة إلى أوطانهم، ولكن الكثير منهم تحت
تأثير النجاح والقدرة على التكيف مع البيئة المحيطة فضَّل الاستقرار في
الولايات المتحدة الأمريكية. ومع أنَّ الدستور الأمريكي يؤكد على علمانية
الدولة والفصل بين الدين والدولة، فإنَّ الدين يمثِّل عنصرًا أساسيًّا من
عناصر خصوصية المجتمع الأمريكي.
وقد ساعدت قوانين الهجرة الأمريكية الجديدة في بداية
الستينيات - بجانب ثورة الحقوق المدنية الأمريكية، وتوجُّه الأقلية
الإفريقية الأمريكية نحو الإسلام - على زيادة أعداد المسلمين في أمريكا
بصورة ملحوظة منذ أواخر الستينيات. وتُعَدّ قضية الوجود وتكوين الهوية
المتميزة من أهم القضايا التي واجهت المسلمين في المجتمع الأمريكي، فلقد
كانت أهم مشكلة واجهت المسلمين الأوائل في المجتمع الأمريكي، هي العقبات
النفسيَّة والدينية والثقافية والاجتماعية التي تتعلق بمصيرهم ومصير
أبنائهم، وتراثهم وعقيدتهم في مجتمع جديد عليهم في قيمه وفي عاداته.
وما زال الوجود السياسي الفعَّال للأقليات الإسلامية على
الساحة الأمريكية يتطلب مزيدًا من الوعي والاقتناع من هذه الأقليات بأهمية
دورها وقدرتها على التأثير في القرار السياسي الأمريكي؛ ليستجيب لمطالبها
واحتياجاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية.
وتمثل أزمة الحادي عشر من سبتمبر مرحلة فاصلة في تاريخ
الوجود الإسلامي في المجتمع الأمريكي؛ وذلك لِمَا لها من آثار خطيرة،
ومنها: تزايد حالات الاعتداء على الأقليات الإسلامية في المجتمع الأمريكي،
وترسيخ الصورة السلبية عن الإسلام والمسلمين في أذهان الأمريكيين، وتهديد
حقوق المسلمين في الولايات المتحدة.
ومع ذلك لم تستطع هذه الأزمة أن توقف عجلة تطور الوجود
الإسلامي في المجتمع الأمريكي؛ وذلك لطبيعة هذا الوجود من حيث استناده إلى
الهويَّة الإسلامية كمصدر للقيم والتوجهات، مما يجعل المسلمين أقل تعرضًا
لضغوط الذوبان السياسي والاجتماعي داخل المجتمع الأمريكي.
وختامًا نؤكد أنَّ الوضع الإسلامي في أمريكا إلى تحسُّنٍ،
وأعداد معتنقي الديانة الإسلامية في ازدياد. كما أنَّ العمل الإسلامي
الدعويّ أصبح لديه من العلم ومن تراكم الخبرات ما يؤهِّله لمرحلة جديدة
ومشرقة في مجال الدعوة الإسلامية، وذلك باحتكاكه المباشر بمشاكل المجتمع
الأمريكي، وتقديم الحل الإسلامي كبديل عملي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 12:00

هجرات مسلمة.. ومجتمع علماني

لا يوجد اتفاق حول بداية الوجود الإسلامي في المجتمع
الأمريكي، إلا أن هناك شبه اتفاق حول طبيعة هذه البداية، وقد وصل المهاجرون
المسلمون الأوائل إلى الولايات المتحدة الأمريكية في مجموعات صغيرة، ثم
أخذت في الزيادة على هيئة موجات متلاحقة.
وخلافًا للمهاجرين الأوربيين، لم يأتِ المسلمون الأوائل إلى
أمريكا لتكون مقرًّا دائمًا لإقامتهم، فقد كانوا يسعون إلى التجارة وجمع
المال ثم العودة إلى أوطانهم، ولكن الكثير منهم تحت تأثير النجاح والقدرة
على التكيف مع البيئة المحيطة فضَّل الاستقرار في الولايات المتحدة
الأمريكية، وقد جذبت قصص نجاحهم أقاربهم وسكان قراهم للهجرة إلى هناك، ومن
ثَمَّ بدأت تتكوَّن مجموعات من المهاجرين تجمعهم رابطة القرابة العائلية
بجانب رابطة الجوار والتفاعل في البلد المهاجر إليه، ثم نظم هؤلاء أنفسهم
استجابة للأحداث الاجتماعية والضغوط والتحديات التي واجهتهم في بداية
هجرتهم، والتي دفعت المسلمين إلى تلمُّس الوسائل التي تؤكِّد وتثبت هويتهم،
وكان أهم هذه الوسائل بناء المساجد، ووضع البذور المبكرة للتنظيمات
والمؤسسات الاجتماعية والثقافية والترويحية.
وللحق فإنه على الرغم من أنَّ الدستور الأمريكي يؤكد على
علمانية الدولة والفصل بين الدين والدولة، إلاَّ أنَّ الدين يمثِّل عنصرًا
أساسيًّا من عناصر خصوصية المجتمع الأمريكي؛ فالحياة الأمريكية تخضع
لنظام من القيم، وتتفاعل داخله العديد من الأديان ولكن بدرجات مختلفة، تفصل
بينها مسافات اجتماعية واتجاهات مذهبية وفكرية تؤكد على هذه التعددية،
ونجد الدين يوجِّه عادات المجتمع الأمريكي بواسطة العديد من المؤسسات
الاجتماعية.
لعل من أهمِّ الأسباب التي عمَّقت من دور الدين في المجتمع
الأمريكي هو ما يتعلق بقضية الهوية الأمريكية؛ حيث يرى البعض أنَّ الولايات
المتحدة الأمريكية أُمَّة من المهاجرين. ومع أن الهدف الرئيسي الذي
أكد عليه الدستور الأمريكي هو الحفاظ على وحدة الدولة، وحماية المجتمع من
التفتت والانقسام والصراع، والتأكيد على التسامح الديني والمساواة
الاجتماعية والعدالة، والديمقراطية، إلاَّ أنه ما كان الأمريكيون عبر مراحل
تاريخهم المختلفة أُمَّةً واحدة لغويًّا أو عقائديًّا أو قوميًّا، بل إنها
مجرد وحدة سياسية فحسب. وهو ما ترتب عليه تزايد دور الدين والعرقية
كمقومات للهوية في المجتمع الأمريكي، فالمواطن الأمريكي أصبح يشارك في
الحياة السياسية والاجتماعية لا بصفته مواطنًا أمريكيًّا علمانيًّا، ولكن
بصفته بروتستانتيًّا أو كاثوليكيًّا أو يهوديًّا أو مسلمًا، أو غير ذلك من
المذاهب والانتماءات الدينية والأصول والانتماءات العرقية والإثنية التي
يقوم عليها المجتمع، مما جعل وجود الأقليات والتعدد الإثني يمثِّل خاصية
أساسية للمجتمع الأمريكي، وجزءًا لا يتجزأ من أسلوب الحياة فيه[1].
قصه الاسلام فى العالم USA

والموجة الأخيرة من الهجرات المسلمة إلى الولايات المتحدة
كانت في النصف الثاني من القرن العشرين، والتي تم خلالها تأسيس العدد
الأكبر من المنظمات والمؤسسات والمراكز الإسلامية الموجودة حاليًا في
الولايات المتحدة، وهذا ساعد على استقرار مسلمي أمريكا ونموهم.
كما ساعدت قوانين الهجرة الأمريكية الجديدة في بداية
الستينيات، إضافةً إلى موجات الطلاب المسلمين القادمين للدراسة في الغرب،
بجانب ثورة الحقوق المدنية الأمريكية، وتوجُّه الأقلية الإفريقية الأمريكية
نحو الإسلام في زيادة أعداد المسلمين في أمريكا بشكل ملحوظ منذ أواخر
الستينيات.
وقد اهتمَّت المجموعة الأخيرة من المهاجرين اهتمامًا
ملحوظًا ببناء المؤسسات الإسلامية، وبنشر المعرفة الدينية بين المسلمين
المهاجرين؛ سعيًا منها للحفاظ على الهوية والديانة الإسلامية بين المهاجرين.
ومن أهم معالم هذه المرحلة تأسيس مسلمي أمريكا لمنظمات حاولت تجميع
المسلمين المهاجرين إلى الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية في
مؤسسات كبيرة تعمل في الأساس على حماية هويتهم، ونشر المعرفة والنشاطات
الإسلامية بينهم؛ ومن هذه المؤسسات اتحاد الطلبة المسلمين (MAS) الذي أُسِّس في عام 1963م، والحلقة الإسلامية لشمال
أمريكا (ICNA) التي أُسِّست في عام 1971م، والاتحاد
الإسلامي لشمال أمريكا (ISNA) الذي تأسَّس في عام
1982م[2].
بدراسة إحصائيات الهجرة والتعداد لعام 1980م، وتقديرات
المسلمين الأمريكيين من أهالي البلاد الأصليين، فإنَّ عدد المسلمين
المقيمين في الولايات المتحدة عام 1980م بلغ 3.3 مليون نسمة، ويمثل هذا
التقدير 1.5 في المائة من تعداد الولايات المتحدة عام 1980م. أما عدد
اليهود في ذلك الوقت قُدِّر بـ 5.9 مليون يهودي بما يمثل 3 في المائة من
سكان الولايات المتحدة، بينما بلغ عدد معتنقي الديانة المسيحية نسبة 55 في
المائة من السكان.
يتَّضح من هذه البيانات أن الديانة الإسلامية في ذلك الوقت
أضحت أقليَّة مؤثرة ضمن الديانات الأمريكية، وتقترب في ترتيبها من
اليهودية.
ويشكَّلُ المسلمون الأمريكيون ذوو الأصول الإفريقية حوالي
30% من المسلمين المقيمين في أمريكا عام 1980م، هذا إضافةً إلى ذوي الأصول
الأوربية الذين شكََّلوا 26.6% من المسلمين المقيمين في الولايات المتحدة
الأمريكية، وتعود أصول النسبة المتبقية من المسلمين والتي تمثل 11.5% إلى
قارة آسيا.
تصاعدت الهجرات الإسلامية والمواليد من عام 1981م حتى عام
1986م، حيث قُدِّر عدد المسلمين في عام 1986م بأربعة ملايين نسمة، وهو ما
يمثل زيادة قدرها 21% خلال ستة أعوام[3].
تم استخدام الإحصاءات السكانية منذ عام 1980م لتقدير
التكتلات الإقليمية للمسلمين المقيمين في أمريكا خلال هذه الفترة،
وبالتحديد في ثلاث ولايات تتميز بكثافة عالية من المهاجرين، وهذه
الولايات هي: كاليفورنيا، ونيويورك، وإلينوي.
وأشارت نتائج الإحصاء إلى أن ولاية كاليفورنيا هي التي
ضمَّت غالبية المسلمين عام 1980م، حيث بلغ عددهم أكثر من نصف مليون مواطن
من سكانها البالغين 24 مليونًا، وضمَّت هذه الولاية أكبر عدد من مسلمي
الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مقارنةً بأية ولاية أخرى في البلاد، وكان تسعة
عشر في المائة من مسلمي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من الإيرانيين.
قصه الاسلام فى العالم Islamic_Center_Of%20Long_Island4%20New_Yorkوبالنسبة لولاية نيويورك ففي عام 1980م كان عدد
المقيمين فيها من المسلمين أربعمائة ألف مسلم، يشكلون 2.3% من مجموع سكان
الولاية، وكانت النسبة الغالبة للمسلمين المقيمين في نيويورك من مسلمي شرق
أوربا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بينما شكَّل المسلمون الأمريكيون
الأفارقة المجموعة الكبرى التالية من حيث الحجم، ومن بين خمسة وأربعين ألف
مسلم آسيوي من المقيمين في نيويورك عام 1980م كان 26% منهم من باكستان أو
الهند، أيضًا كان ما يزيد على 56% من مجموع مسلمي الكاريبي يقيمون في
نيويورك.
أمَّا ولاية إلينوي فكان يقيم فيها عام 1980م مائة وسبعين
ألف مسلم، وقد تساوى في التمثيل داخل هذه الولاية مسلمو شرق أوربا والشرق
الأوسط وشمال إفريقيا والأمريكيون الأفارقة، وقد قلَّ عدد المسلمين
الآسيويين المقيمين في هذه الولاية، فلم تتعدَّ نسبتهم 11% من السكان
المسلمين.
وهكذا تكتَّل أكثر من ثلث السكان المسلمين المقيمين في
الولايات المتحدة عام 1980م في الولايات الثلاث: كاليفورنيا ونيويورك
وإلينوي، فتجمَّع فيها نحو 62% من المسلمين الآسيويين، و35% من مسلمي شرق
أوربا، ولم تضم ولاية أخرى في الولايات المتحدة الأمريكية مثل هذه التكتلات
الكبيرة من المسلمين.
وبالقياس إلى إجمالي عدد المهاجرين الذين وفدوا إلى
الولايات المتحدة، فقد زاد عدد المهاجرين المسلمين على الضعف خلال العقدين
الماضيين؛ حيث زاد من 4% من إجمالي المهاجرين في عام 1968م إلى 10.5% في
عام 1986م. وبينما يمثل المسلمون الآسيويون ومسلمو الشرق الأوسط
وشمال إفريقيا معًا 82% من السكان المسلمين في العالم، فإن المهاجرين
المسلمين القادمين من الدول الآسيوية ودول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
يمثلون معًا الآن جميع المسلمين المهاجرين تقريبًا، وليس هناك سوى عدد قليل
جدًّا من مسلمي جنوب الصحراء وشرق أوربا، وغيرها من الأقاليم القارية
يفدون الآن على الولايات المتحدة[4].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 12:01

ما تُقدِّم دراسة (المسجد في
أمريكا: صورة وطنية) الصادرة عن مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية كير في
عام 2001م، أوَّلَ وأشمل مسحٍ من نوعه لأهم المؤسسات المسلمة في أمريكا
وأكثرها انتشارًا، ألا وهي المساجد.قصه الاسلام فى العالم USA_1
وتشير الدراسة إلى أن 2% من المساجد في أمريكا تم تأسيسها
قبل عام 1950م، في حين تم تأسيس نصف المساجد بعد عام 1980م، كما أن 87% من
المساجد في أمريكا تم تأسيسها بعد التسعينيات.
كما أوضحت الدراسة أنَّ أحد أهمّ الأسباب لنمو أعداد
المسلمين في أمريكا يعود إلى ارتفاع معدلات اعتناق الإسلام بين الأمريكيين؛
إذ يعتنق الإسلام كل عام 20 ألف أمريكي، 70% منهم من الأفارقة الأمريكيين[5]؛
حيث تشير التقديرات إلى أن مقابل كل أمريكي أبيض يتحول إلى الإسلام، يوجد
عشرة من الأمريكيين السود يعتنقون الإسلام. ولا ننكر أن أعظم الوسائل التي
استخدمها الأمريكيون الأفارقة المسلمون للدعوة إلى الإسلام والتي حققت
نجاحًا كبيرًا، هي تقديم الإسلام إلى السجناء الأمريكيين؛ فقد تحول العديد
من هؤلاء السجناء إلى أعظم المدافعين عن الإسلام والعاملين في سبيله في
أمريكا. ولم تقتصر المنظمات الإسلامية على الدخول إلى السجون فقط، بل أقامت
المساجد داخل بعض السجون، مع تخصيص أماكن لإقامة شعائر الصلاة وأخرى
لتلاوة القرآن الكريم ودراسته. كما تفاوضت مع السلطات لتوفير الاحتياجات
الدينية الأخرى للسجناء المسلمين مثل: الطعام الخالي من لحم الخنزير،
وتمكينهم من إقامة شعائر صلاة الجمعة، وتعديل مواعيد تناول الوجبات خلال
شهر رمضان المبارك. وقد شهدت السلطات بأن السجناء المسلمين من أكثر السجناء
ميلاً للمسالمة، وأعظمهم نشاطًا وقدرةً على العمل، والنظافة الأخلاقية[6].
أيضًا يطلق البعض على المرحلة الحالية من مراحل تطور
المسلمين في أمريكا، والتي تمتد منذ تسعينيات القرن العشرين اسم (مرحلة
المسلمين الأمريكيين)؛ حيث تميَّزت هذه المرحلة بظهور عدد من
المؤسسات الإسلامية الأمريكية التي أُسِّست لتعالج بعض مشكلات المراحل
السابقة في قصة الوجود الإسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية، مثل قلَّة
التركيز على النشاط السياسي، وضعف المشاركة في فعاليات الحياة العامة
الأمريكية، والانقسام لأسباب عرقية، واختلاف المذاهب الدينية. ومن أمثلة
هذه المؤسسات: مجلس الشئون العامة الإسلامية (MPAC)
الذي أُسِّس في عام 1988م، والمجلس الإسلامي الأمريكي (AMC)
الذي أسس في عام 1990م، ومجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR) الذي أسس في عام 1994م، والتحالف الإسلامي الأمريكي
(AMA) الذي أسس في عام 1994م[7].
أمَّا في عام 2002م، فقد بلغ عدد المسلمين في المجتمع
الأمريكي حوالي 7.5 ملايين مسلم، يمكن تقسيمهم بحسب أصولهم على النحو
التالي:

م

المسلمون

العدد (بالمليون)

النسبة

1

أصحاب الأصول الإفريقية

3,61

48.2 %

2

أصحاب الأصول الآسيوية

1,8

24 %

3

أصحاب الأصول الشرق
أوسطية


1,4

18.5 %

4

أصحاب الأصول الأوربية
والأمريكية وغيرها


0,69

9.3 %



المجموع

7,5

100
%


وتعتبر قضية الوجود وتكوين الهوية المتميزة من أهم القضايا
التي واجهت المسلمين في المجتمع الأمريكي، فلقد كانت أهم مشكلة واجهت
المسلمين الأوائل في المجتمع الأمريكي، هي العقبات النفسية والدينية
والثقافية والاجتماعية التي تتعلق بمصيرهم ومصير أبنائهم، وتراثهم وعقيدتهم
في مجتمع جديد عليهم في قيمه وفي عاداته، وفي النظم والقوانين التي يسير
عليها، وفي الاعتبارات التي تحكم التفاعلات بين أفراده؛ هذه العقبات
وغيرها كان لها العديد من الانعكاسات على موقف المسلمين ونظرتهم إلى أنفسهم
وإلى المجتمع المحيط بهم، وكانت بمنزلة الأساس الذي قامت عليه هوية
المسلمين في المجتمع الأمريكي[8].
هناك نوعان مختلفان من القضايا الإسلامية بالنسبة للمسلمين
في الولايات المتحدة، الأول ما يمكن التفكير فيه بوصفه قضايا تقليدية
بالنسبة للأقليات المسلمة في كل مكان، وفي هذه القضايا يكون الهمُّ الرئيسي
هو كيف يعيش المسلم حياة إسلامية في بلد غير مسلم، والمطلب الرئيسي هنا هو
المحافظة على الإسلام كطريقة للحياة في مجتمع يصعب فيه ذلك. أمَّا
النوع الثاني من القضايا الإسلامية فيتصل بالتطورات والتحولات الكبرى التي
جرت في العقود الماضية، وقد وصف البعض هذه التغيرات بأنها ولادة مجتمع ما
بعد الصناعة.
ينظر الكثيرون في الولايات المتحدة الأمريكية إلى الدين على
أنه شأن خاص وفردي وليس شأنًا عامًّا، والإطار الاجتماعي الأساسي الذي
يعيش فيه المسلمون في الولايات المتحدة هو إطار علماني من أغلب النواحي،
وبذلك أصبحت إحدى القضايا الرئيسية بالنسبة للمسلمين هي كيف يمكن للإسلام
أن يؤدِّي دوره - وهو الذي يمثل طريقة شاملة للحياة - في مثل هذا السياق
العلماني، ومن خلال إطار قانوني واجتماعي أقرَّ الفصل الكامل ما بين الدين
والدولة.
يمكن أخذ قضية الصلاة في المدارس الحكومية الأمريكية كمثال
للمشاكل الناتجة عن إقرار سياسة فصل الدين عن الدولة في المجتمع الأمريكي؛
حيث يدور جدل محموم حول موضوع ما إذا كان ينبغي السماح بأداء الصلاة في
المدارس الحكومية الأمريكية أم لا، وذلك بالنسبة للصلاة عمومًا سواء
للمسلمين أو للنصارى، إضافةً إلى ما يحتاجه المسلم لأداء صلاته وبانتظام من
اقتطاع أوقات من ساعات عمله، بجانب احتياجه إلى مكان مناسب للصلاة لا
يتوافر بسهولة في المدارس الأمريكية أو في المكاتب والمصانع، كذلك يحتاج
المسلم لمرافق من أجل الوضوء[9].
أيضًا ارتبطت عملية التكيف مع المجتمع الأمريكي من جانب
المهاجرين المسلمين بالعديد من القضايا الداخلية، مثل قضية التعليم
الإسلامي، وقضايا العنف والمخدرات والتفكك الأسري، وقضايا التمييز العرقي
ضد المسلمين، وذلك بجانب القضايا الخارجية النابعة من الدول والمجتمعات
الإسلامية التي تنتمي إليها الجماعات الكبرى التي تتكون منها الأقليات
الإسلامية في المجتمع الأمريكي، والتي يمكن أن تؤثِّر في طبيعة دور هذه
الأقليات في المجتمع الأمريكي، مثل قضية الصراع العربي الإسرائيلي، وقضية
البوسنة والهرسك، وكوسوفا، وكشمير، والشيشان، وغير ذلك من القضايا التي
تؤثر في دور الأقليات المسلمة في المجتمع الأمريكي.


[1]
دراسة بعنوان الدروس السياسية للأقليات الإسلامية في المجتمع، منشورة على
موقع الإسلام اليوم الإلكتروني، بتاريخ 7/ 4/ 2003، الرابط الإلكتروني:
http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_content.cfm?id=71&catid=75&artid=2042


[2]
د.رضا عبد الحكيم رضوان، دراسة بعنوان كيف ساهمت الأقلية الإفريقية في
انتشار الدين الإسلامي، مجلة المستقبل الإسلامي - العدد 182 - جمادى الآخرة
1427هـ.


[3]
إيفون يزبك حداد: المسلمون في أمريكا، مركز الأهرام للترجمة والنشر، مؤسسة
الأهرام، الطبعة الأولى 1994م، ص43- 45.


[4]
إيفون يزبك حداد: المسلمون في أمريكا، ص45- 48.


[5]
د.رضا عبد الحكيم رضوان، مجلة المستقبل الإسلامي - العدد 182 - جمادى
الآخرة 1427هـ.


[6]
الأقليات المسلمة في العالم، دار الندوة العالمية، 1999م، 3/1253.


[7]
د.رضا عبد الحكيم رضوان، مجلة المستقبل الإسلامي - العدد 182 - جمادى
الآخرة 1427هـ.


[8]
علاء بيومي، مدير الشئون العربية في منظمة كير الإسلامية، مقال بعنوان
صورة الإسلام في أمريكا: الجذور والحاضر، جريدة الوطن المصرية، 9/6/2004م.


[9]
إيفون يزبك حداد: المسلمون في أمريكا ص252- 254.





مسلمو أمريكا.. والفاعلية المطلوبة

ما زال الوجود السياسي الفعَّال للأقليات الإسلامية على
الساحة الأمريكية يتطلب مزيدًا من الوعي والاقتناع من هذه الأقليات بأهمية
دورها وقدرتها على التأثير في القرار السياسي الأمريكي؛ ليستجيب
لمطالبها واحتياجاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية، داخليًّا
وخارجيًّا، وبما يسهم في تحقيق أهدافها السياسية، مثل إثبات الوجود
للمسلمين كجماعة من الجماعات التي يتكوَّن منها الشعب الأمريكي، وتأمين
حقوقهم في المجتمع الأمريكي، وتمكينهم من العيش بصورة تجعل ممارساتهم
لحياتهم وشئونهم الإسلامية أمرًا يحميه القانون، وتحترمه مختلف طوائف الشعب
الأمريكي. وكذلك إثبات الفاعلية والتأثير في المجتمع الأمريكي، وذلك بطرح
الرؤية وتقديم الحلول الإسلامية للقضايا ذات التأثير والأهمية في مختلف
المجالات الحياتية التي يمر بها هذا المجتمع، هذا إضافةً إلى التأثير في
أجهزة ومؤسسات صنع القرار الأمريكي بما يخدم قضايا وتطلعات المسلمين داخل
المجتمع الأمريكي وخارجه.
وتتوقف فاعلية الدور السياسي للأقليات الإسلامية في المجتمع
الأمريكي على ثلاث نقاط أساسية: أولى هذه النقاط هي تلك النابعة من
الأقليات الإسلامية ذاتها من حيث موقفها من المشاركة السياسية في المجتمع
الأمريكي بصفة عامة، ومدى قدرتها على بناء المؤسسات السياسية ذات الطابع
الإسلامي، ومدى توافر القيادة الإسلامية القادرة على توجيه وترشيد العمل
السياسي للمسلمين في المجتمع الأمريكي. وثاني النقاط التي تؤثر في
فاعلية الدور السياسي للأقليات الإسلامية في المجتمع الأمريكي نابعة من
المجتمع الأمريكي نفسه من حيث رؤيته لهذا الدور، وموقف النظام السياسي
الأمريكي من هذا الدور، وكذلك موقف جماعات المصالح القائمة في المجتمع
الأمريكي، إضافةً إلى القواعد والتشريعات القانونية التي تحكم العمل
السياسي، ليس للمسلمين فقط ولكن لمختلف الأقليات والجماعات التي يتكون منها
المجتمع الأمريكي. أمَّا عن النقطة الثالثة والأخيرة التي تؤثر في فاعلية
الدور السياسي للأقليات الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية، فهي
نابعة من البيئة الإقليمية والدولية المحيطة، والمتمثلة في التأثيرات
المختلفة للأحداث الدولية والإقليمية، وخاصةً تلك التي ترتبط بالدول أو
بالمصالح الإسلامية في مختلف دول العالم، وانعكاساتها على الدور السياسي
للأقليات الإسلامية في المجتمع الأمريكي.
كما يواجه الدور السياسي للأقليات الإسلامية في المجتمع
الأمريكي العديد من التحديات التي يأتي في مقدمتها التناقض وعدم القدرة على
الفهم السليم للإسلام والتراث الإسلامي، وأيضًا ضعف الوعي بأهمية العمل
السياسي لدى المسلمين، وذلك إضافةً إلى التحديات التي تواجه العمل الإسلامي
في الولايات المتحدة الأمريكية من غياب التنسيق بين التنظيمات الإسلامية‏،
وقلة الموارد المالية، ونقص الخبرات السياسية، هذا بجانب التحديات النابعة
من البيئة السياسية الأمريكية الداخلية والتي من بينها الصورة السلبية
للإسلام والمسلمين، وقوة اللوبي الصهيوني، وتشدُّد التيارات المسيحية
الأصولية، وعنف الميليشيات المسيحية المسلحة.

التحديات الخارجية.. والحادي عشر من سبتمبر

أمَّا عن التحديات النابعة من البيئة السياسية الخارجية
فترتبط هذه التحديات بدرجة كبيرة بالقضايا والأحداث والتحولات التي تشهدها
الساحة العربية والإسلامية، والتي ينتمي إليها معظم المسلمين في المجتمع
الأمريكي، وتؤثر في دورهم وممارساتهم داخل المجتمع الأمريكي. ولعل من
أبرز هذه الأحداث التي تركت تأثيرًا سلبيًّا في الدور السياسي للأقليات
الإسلامية داخل المجتمع الأمريكي الحرب العراقية الإيرانية (1980- 1988م)،
والغزو العراقي لدولة الكويت في عام 1990م، وتطورات الصراع العربي
الإسرائيلي، واستغلال ذلك لتشويه صورة الإسلام في المجتمع الأمريكي.
بنظرة واقعية نجد أنَّ الصورة الراهنة للإسلام والمسلمين في
الولايات المتحدة هي نتاج تراكمات ثقافية وحضارية تكوَّنت عبر قرون تعود -
كما يرى بعض المؤرِّخين - إلى فترة الحروب الصليبية ذاتها، مرورًا بعصور
الاستعمار الأوربي ونشأة أمريكا، ووصولاً إلى الفترة التالية للحرب
العالمية الثانية، ثم المرحلة الراهنة وتبعات أحداث الحادي عشر من
سبتمبر عام 2001م الخطيرة على صورة الإسلام والمسلمين في الولايات المتحدة[1].

تمثِّل أزمة الحادي عشر من سبتمبر مرحلة فاصلة في تاريخ
الوجود الإسلامي في المجتمع الأمريكي؛ وذلك لما ترتب عليها من آثار
في الأقليات الإسلامية ودورها السياسي الذي تقوم به داخل المجتمع الأمريكي.
فقد كان للأزمة آثارٌ سلبية جسيمة من الصعب حصرها،
مثل: تزايد حالات الاعتداء على الأقليات الإسلامية في المجتمع الأمريكي،
وترسيخ الصورة السلبية عن الإسلام والمسلمين في أذهان الأمريكيين، وتهديد
حقوق المسلمين في الولايات المتحدة، وأيضًا التأثيرات السلبية في النشاط
السياسي للأقليات الإسلامية.
وقد أصدر مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) أكثر من
تقرير واستطلاع للرأي عمَّا تعرضت له حقوق المسلمين الأمريكيين المدنية بعد
أزمة سبتمبر، وجاءت نتيجة هذه الاستطلاعات لآراء المسلمين في أمريكا موضحة
لمدى الضرر الذي حاق بالمسلمين؛ حيث كشفت أنَّ عدد المسلمين الذين
تضرروا بصورة مباشرة من موجة الاعتداءات على المسلمين خلال عام بعد الأزمة
بلغ 2250 اعتداء، بينما قُدِّر عدد المسلمين المتضررين من أحداث سبتمبر
بستين ألف مسلم، وأكثر من خمسة آلاف مسلم تم استجوابهم في التحقيقات بشأن
أحداث سبتمبر[2].
ورغم عِظَم الضرر الذي وقع على المسلمين من جرَّاء هذا
الحادث الأهوج إلاَّ أنه تم رصد بعض المظاهر الإيجابية التي ظهرت على
الأقليات الإسلامية بعد هذا الحادث؛ فقد حدث تزايد ملحوظ في عدد
الفتيات المسلمات اللاتي قرَّرن ارتداء الحجاب فيما وصف بأنه ردُّ فعل عكسي
للمضايقات التي تعرض لها المسلمون، ورغبةً منهن لإظهار اعتزازهنَّ
بدينهنَّ. كما فتحت الأزمة أمام المنظمات الإسلامية الأمريكية الطريق
للتحاور مع أكبر المؤسسات السياسية والإعلامية الأمريكية، إضافةً إلى مشاعر
الوحدة والتحدي التي شاعت داخل المجتمع المسلم الأمريكي بعد هذه الأزمة،
فزاد إقبالهم على المساجد لتعلُّم دينهم، وزاد حرصهم على التمسك بتعاليمه.
كما أنَّ أحداث سبتمبر من عام 2001م مثَّلت لحظة انقطاع في
القضايا التي تمثل محورًا لاهتمام المسلمين في المجتمع الأمريكي، حيث
وضعتهم في موقع انتظار وترقب لما ستسفر عنه الأزمة وردِّ الفعل الأمريكي
الرسمي والشعبي عليها؛ ولذلك حاولت التنظيمات السياسية ذات التوجهات
الإسلامية العاملة في المجتمع الأمريكي، إعادةَ صياغة قضاياها وتزويدها
بمجموعة من القضايا القادرة على جذب اهتمام جماهير المسلمين الأمريكيين،
وتفعيل دورهم في المجتمع.


[1]
علاء بيومي، مدير الشئون العربية في منظمة كير الإسلامية، مقال بعنوان
صورة الإسلام في أمريكا: الجذور والحاضر، جريدة الوطن المصرية، 9/6/2004م.



[2]
الموقع الرسمي لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) على شبكة
الإنترنت، الرابط الإلكتروني http://www.cair.com/





صلابة الوجود الإسلامي

لم تستطع هذه الأزمة أن توقف عجلة تطور الوجود الإسلامي في
المجتمع الأمريكي، وذلك لطبيعة هذا الوجود من حيث استناده إلى
الهويَّة الإسلامية كمصدر للقيم والتوجهات، مما يجعل المسلمين أقل تعرضًا
لضغوط الذوبان السياسي والاجتماعي داخل المجتمع الأمريكي، وكذلك طبيعة تطور
هذا الوجود كتطور طبيعي، ليس وليد فترة زمنية محدودة، ولا يرتكز على مؤسسة
بعينها أو فرد بذاته أو جماعة سياسية بعينها، إنما هو تطور طبيعي نتج على
مدار فترات تاريخية ممتدة بدأت مع اكتشاف أمريكا ذاتها، كما يعتمد هذا
التطور على قاعدة عريضة تمدُّه بقدرات بشرية وفنية هائلة من أبناء المسلمين
الأكثر قابلية وقدرة على الانخراط في المؤسسات السياسية والإعلامية
الأمريكية، كما يرتكز على مئات المساجد والمراكز الإسلامية، بجانب العديد
من التنظيمات والمؤسسات التي نشأت للدفاع عن حقوق ومصالح المسلمين في
الولايات المتحدة الأمريكية، وبيان وجهة النظر الإسلامية في مختلف القضايا.
ولكن في ختام هذه الدراسة الموجزة عن الإسلام في الولايات
المتحدة الأمريكية نودُّ الإشارة إلى أنَّ الوضع الإسلامي في أمريكا إلى
تحسُّنٍ، وأعداد معتنقي الديانة الإسلامية في ازدياد، كما أنَّ العمل
الإسلامي الدعوي أصبح لديه من العلم ومن تراكم الخبرات ما يؤهِّله لمرحلة
جديدة ومشرقة في مجال الدعوة الإسلامية. ولعلَّ من أبرز ما يوضح هذا
التطور الذي يشهده العمل الإسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية، احتكاكه
المباشر بمشاكل المجتمع الأمريكي، وتقديم الحل الإسلامي كبديل عملي.
فعلى سبيل المثال نجد أنَّ تكاليف الرعاية الطبية بالولايات
المتحدة مرتفعة للغاية، وتبلغ مصروفات الأَسِرَّة بالمستشفيات ضعف
أجر الإقامة بفندق فاخر، ويعجز كثير من الأمريكيين عن دفع تكاليف الرعاية
الطبيَّة، وعلى الفور نجد بعض الأطباء المسلمين في ولاية لوس أنجلوس يقومون
بإنشاء عيادات طبيَّة توفِّر علاجًا بتكاليف منخفضة، كما توفر العلاج
المجاني للذين يترددون على المساجد. وقد لاقى هذا البرنامج نجاحًا عظيمًا
إلى الحد الذي بدأ معه تنفيذ برامج مماثلة في مناطق أخرى بالولايات
المتحدة.
إن من شأن هذه البرامج أن تؤثر تأثيرًا هائلاً في الرأي
العالم الأمريكي فيما يتعلق بالإسلام والمسلمين.
وهناك أمثلة أخرى لوضع الرسالة الإسلامية موضع التنفيذ
العملي تتمثل في قيام المسلمين بزيارة دور رعاية المسنين؛ حيث إنَّه من
التقاليد الأمريكية أن يدخل المسنُّ إحدى دور الرعاية، وبطبيعة الحال
أصبح هناك العديد من دور الرعاية التي تضم آلاف المسنين الذين يحتاجون
للحديث مع إنسان ما، ونحمد الله أن بعض المسلمين قد شرعوا في أداء هذا
العمل، ومشاركة رسالة الإسلام مع أكبر الشخصيات علمًا ومعرفة في المجتمع
الأمريكي.
وهناك أمثلة أخرى لممارسة العمل الإسلامي على مستوى راسخ
تتمثل في تطوع المسلمين في الجمعيات الخيرية مثل الهلال الأحمر ومراكز
المستشفيات.
غير أن أكثر الموضوعات إلحاحًا في الآونة الحالية هي
المشاركة النشطة في استخدام وسائل الإعلام؛ فهناك برنامج (إسلام إن
فوكس) الذي يذاع في عديد من مدن أمريكا الشمالية على أساس أسئلة وأجوبة،
كذلك فإن إذاعة الجمعية الإسلامية الأمريكية تبث برامجها لما يربو على مائة
مدينة أمريكية، وهناك عدة محطات إسلامية محلية[1].
كما نوَدُّ أن ننقل صورة حية لواقع المسلمين الآن في
الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك من خلال محاولة رصد مظاهر الحياة التي
يعيشها المسلمون في أمريكا خلال شهر رمضان؛ حيث يقيم كثير من المساجد
خلال شهر رمضان موائد إفطار جماعية تتبعها بصلاة التراويح، وتعتبرها
مناسبة مهمة للتقارب الاجتماعي بين المسلمين، كما يلمس المراقب لحياة
المسلمين في المجتمع الأمريكي نشاطًا ملحوظًا، ويزداد وضوح هذا النشاط خلال
شهر رمضان من كل عام، من حيث كثرة التردد على المساجد، والاهتمام بأداء
صلاة التراويح، في علامة واضحة على انتشار الإسلام والمسلمين ووجودهم
بالمدن والقرى الأمريكية المختلفة، وعلى أن التجمعات المسلمة أصبحت واقعًا
ملموسًا في حياة الأمريكيين، وهي في طريقها إلى أن تصبح جزءًا لا يتجزأ من
النسيج الديني للمجتمع الأمريكي.
وكنتيجة للزيادة الملموسة في أعداد المسلمين وتدفق
المهاجرين المسلمين على العاصمة الأمريكية وضواحيها، أصبح الطلاب المسلمون
يشعرون بحرية أكبر في التعبير عن دينهم بعكس الأجيال السابقة التي اضطُرَّ
بعضها لإخفاء صيامهم رغبةً منهم في التوافق مع البيئة المحيطة بهم.
ودَفَع أيضًا كثيرًا من المدارس للتكيف مع حاجات طلابها المسلمين خلال شهر
رمضان المبارك، وقد ظهر ذلك جليًّا وواضحًا في تخصيص بعض المدارس قاعات
خاصة لطلابها المسلمين خلال فترات الاستراحة بعيدة عن غرف تناول الطعام،
كما أن الطلاب المسلمين استخدموا هذه القاعات للقيام بأنشطة مختلفة مثل
دراسة التاريخ، كما قامت بعض المدارس بتعديل مواعيد برامجها الليلية لتعطي
فرصة لطلابها المسلمين لتناول طعام الإفطار قبل اللحاق بالأنشطة الليلية.
أمَّا بالنسبة لطلاب الجامعات الأمريكية من المسلمين فإن
الصيام يمثل تحدِّيًا كبيرًا لهم بسبب تزامنه أحيانًا مع مواعيد الامتحانات؛
ولذا تنشط اتحادات الطلاب المسلمين بالجامعات لمساعدة الطلاب المسلمين
بأساليب شتى منها توفير وجبات إفطار مجانية، وفي تنظيم صلاة التراويح التي
يحضرها أعداد كبيرة من الطلاب؛ مما يعطي الطلاب المسلمين شعورًا بالوحدة
والتقارب الاجتماعي خلال الشهر الكريم[2].


[1]
الأقليات المسلمة في العالم، دار الندوة العالمية 1999م،
3/1255.


[2]
شهر رمضان المبارك بالولايات المتحدة، موقع مفكرة الإسلام الإلكتروني،
13/10/ 2005م، الرابط http://www.islammemo.cc/article1.aspx?id=7527.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 12:07




قصة
الإسلام في اليمن















قصه الاسلام فى العالم Trans
قصه الاسلام فى العالم Pdf_button


قصه الاسلام فى العالم 11424_image002صفحة رائعة من صفحات
المجد والعروبة والإسلام.. وقلعة شامخة من قلاع النضال والثورة.. إنها
اليمن، العربية
السعيدة، صاحبة الجنان والسدود العظام، والتي استحقَّت الذكر في كتاب الله
العزيز
في أكثر من مناسبة!!

وإن نازع الناس في سبب تسميتها؛ فإن الراجح
أنها من اليُمن وهي البركة[1]،
وتُعرف اليوم رسميًّا باسم "الجمهورية اليمنية"، وعاصمتها
صنعاء، وهي تلك البقعة التي تقع في الجزء الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة
العربية،
أي في جنوب غرب آسيا، يحدُّها من الشمال المملكة العربية السعودية، ومن
الجنوب
خليج عدن وبحر العرب، ومن الشرق سلطنة عُمَان، ومن الغرب البحر الأحمر،
وتُشرف على
مضيق باب المندب الذي يُعَدُّ من أهمِّ الممرَّات المائية في العالم، وهو
يربط البحر
العربي بالبحر الأحمر.



حضارات عتيقة ذكرها القرآن

وهذه الحدود السياسية المعاصرة لم تكن تعرفها
اليمن في تاريخها القديم؛ إذ جاء تاريخ شبه الجزيرة العربية - بما فيها
اليمن
وحضارتها القديمة - على أنها وَحْدَة جغرافيَّة مترابطة؛ فقد "كانت كل شبه
الجزيرة مسرحًا لأحداث تاريخيَّة متنوِّعة؛ فقامت الممالك والحضارات،
واتَّسعت
بذاتها أو نفوذها داخل شبه الجزيرة، طالما توفَّرت لها القوَّة والنفوذ
داخل شبه
جزيرة العرب"[2].

ومن هذه الحضارات حضارة سبأ، وسبأ هو اسم أَبي
اليمن[3]؛
وقوم سبأ من أقدم الشعوب التي عُرفت باليمن، وهم من العرب العاربة، وقد
عُثِر على
ذكرهم في حفريَّات "أور" والتي تُؤَرَّخ بخمسة وعشرين قرنًا قبل
الميلاد، ويبدأ ازدهار حضارتهم ونفوذ سلطانهم وبسط سيطرتهم بأحدَ عشرَ
قرنًا قبل
الميلاد[4].



قوم سبأ

وقد مرَّ قوم سبأ في تاريخهم بعدَّة أدوار؛ فعُرِفت
الفترة ما بين (1300 إلى 620 ق.م) بالدولة المَعِينِيَّة، وظهرت في
الجَوْف؛
أي السهل الواقع بين نجران وحضرموت، ثم أخذَتْ تنمو وتتَّسع وتُسيطر
وتزدهر، حتى
بلغ نفوذها السياسيُّ إلى العُلا ومَعَان من شمالي الحجاز، ويقال: إن
مستعمراتها
وصلت إلى خارج بلاد العرب، وهم الذين بنَوْا سدَّ مأرب، وهو سدٌّ له شأن
كبير في
تاريخ اليمن، وهو الذي وفَّر لهم معظم خيرات الأرض، وفي الفترة ما بين (620
ق.م
إلى 115 ق.م) عُرفت دولتهم بدولة سبأ[5].



سيل العرم

ومنذ سنة (115 ق.م إلى 300م) غلبت قبيلة حِمْيَر،
واستقلَّت بمملكة سبأ، فعُرفت دولتهم بالدولة الحميرية الأولى، وفي
هذا
العهد بدأ فيهم السقوط والانحدار، والذي تزايد وكثُرت معه الحروب
والاضطرابات في الدولة
الحميرية الثانية
، والتي امتدت منذ (300م إلى أن دخل الإسلام اليمن)،
فجعل
دولتهم عُرضة للأجانب؛ إذ دخلها الرومان، ثم احتلَّتها الأحباش لأوَّل
مرَّة سنة
340م، ثم استقلَّت، ولكن وقع السيل العظيم الذي ذكره القرآن بسَيْل
الْعَرِمِ في
سنة 451م، وكانت حادثة كبرى، أدَّت إلى خراب العِمران وتَشَتُّت الشعوب[6].



أصحاب الفيل

وقد دخل الأحباش اليمن مرَّة ثانية سنة 525م، وفي
سنة 549م نصَّب أبرهة الأشرم نفسه حاكمًا عليها، وهو الذي أخذ في نشر
الديانة
النصرانية بأوفر نشاط[7]،
حتى بنى كعبة باليمن وذَهَب لهدم الكعبة في مكَّة، فأخزاه الله وأهلكه عقب
وقعة الفيل
المشهورة، وقد خَلَفَه على اليمن اثنان من أبنائه، كانا شرًّا من أبيهما،
وأخبث
سيرة منه في اضطهاد أهل اليمن وقهرهم وإذلالهم؛ وهو ما جعل اليمنيُّون
يستنجدون
بالفُرس ويُقاومون الحبشة، حتى تمَّ إجلاؤهم عن البلاد سنة 575م، ولم
تَطِبْ لهم الأيام؛
إذ أصبحت اليمن مستعمرة فارسية يتعاقب عليها ولاة من الفرس، كان آخرهم
"باذان" الذي اعتنق الإسلام سنة 628م، وبإسلامه انتهى نفوذ فارس على
بلاد اليمن[8].



الإسلام يدخل اليمن

ولا ريبَ أن إسلام اليمنيين لم يأتِ بين عشية
وضحاها؛ فلم يكن يخفى عليهم أمر البعثة النبوية (610م)، وذلك من خلال
الرحلات
التِّجارية التي كانت بين قريش واليمن، وما تلاها من دعوة سرية وجهرية، ثم
مخاطبة
الرسول r الوافدين من القبائل المجاورة، وبعد ذلك هجرة بعض المسلمين إلى
الحبشة، ثم إلى المدينة وبُدَاءَة تكوين الدولة الإسلامية، والتي ظهرت
مكانتها
الخاصَّة بعد غزوة بدر الكبرى (2هـ - 623م)، لتُهَدِّد بعد ذلك دولة الروم
في دومة
الجندل (5هـ - 626م)، وتتوسَّع فيما حولها على حساب يهود بني قَيْنُقَاع
وبني
النضير وبني قُرَيْظة، ثم تُقِرُّ سلطانها بعد صلح الحديبية (6هـ - 627م)
أمام زعيمة
الجاهلية العربية قريش، فكان لكل هذه الأحداث المتلاحقة أثر كبير في أهل
اليمن، فجاء
تأثُّرهم بالإيجاب في ذلك إما رغبة أو رهبة.

وقد كانت اليمن في تلك الأثناء منقسمة بين قوى
قَبَلية هي: حمير، وحضرموت، وكندة، وهَمْدان، وبين حُكْمٍ فارسي في صنعاء
وعدن وما
حولها، وبين جَيْبٍ في نجران للنفوذ الروماني الحبشي، وهو الجَيْب الذي كان
فيه
نصارى نجران هناك.

والحقيقة أن إسلام أهل اليمن لم يأتِ دَفْعة
واحدة أو في زمن واحد أو بوسيلة واحدة، وإنما كان لكلٍّ قوَّة، ولكلِّ
قبيلة في
اليمن أسلوب انتهجه واتبعه معها رسول الله r؛ وكانت المقدِّمة حينما أسلم
أفراد من قبائلَ مختلفة - كأبي موسى
الأشعريِّ في الأشاعرة، والطفيل بن عمرو في دَوْس، وقيس بن نمط الهَمْدَاني
في هَمْدَان
- فأخذوا يَنْشَطون للدَّعوة في قبائلهم[9].

أما بالنسبة إلى الأبناء[10]:
فإن الرسول r
بعث رسالة إلى باذان - حاكم اليمن من قِبَلِ الفُرس - دعاه فيها إلى
الإسلام، فاستجاب باذان لدعوة الإسلام، وتَبِعَه في ذلك أتباعه[11]،
وقد أقرَّه الرسول r على اليمن، فلم يزل عاملاً عليها حتى مات[12].



نصارى نجران

وأما نصارى نجران: فإن وَفْدَهم قَدِمَ المدينة
ولم يكن مقصودهم الإسلام، وإنما الجدال والمفاخرة والملاعنة، وذلك بعد عرض
الإسلام
عليهم ومناقشتهم للرسول r، ولمَّا أخلفوا موعدهم في ذلك خيَّرهم الرسول r
بين الجزية
والقتال، فرفضوا القتال، ورفضوا أيضًا (صورة الجزية)، ولكنهم قَبِلُوا أن
يَفْرض
عليهم شيئًا من المال كلَّ عام، عُرِف بمال الصلح، واشترط عليهم شروطًا
أَدْرَج
ضمنها يهود نجران[13].

وأما قبيلة حمير، أعظم القوى القَبَلِية في
اليمن وأعرقها، وصاحبة السيادة في تاريخ اليمن قبل الإسلام: فقد أرسل إليهم
الرسول
r أكثر من رسول، كان أوَّلهم المهاجر بن أبي أمية في السنة السابعة،
وقد جاء بالبشرى بإسلام ملوك حمير مالك بن مرارة الرَّهَاوي، الذي أُرسل في
السنة
التاسعة للهجرة أو أواخر الثامنة[14]،
وقد بعث الرسول r مُعَاذ بن جبل إلى اليمن في أواخر السنة التاسعة للهجرة؛
ليتولَّى
ليس القيادة الإدارية للمنطقة الجبلية كلها الممتدة من نجران شمالاً حتى
عدن
جنوبًا، وليس قبيلة حمير وحدها، وإنما لتكون جزءًا من وَحْدَة إدارية كبيرة
عُرِفت
بالمِخْلاَف الأعلى[15].
وبمثل ذلك جاءت وفود بقيَّة القبائل، مثل: كِنْدَة، وإقليم حضرموت،
وتِهَامة اليمن[16].



كيف دخل اليمنيون الإسلام؟

وإذا كان إسلام هذه القوى وتلك القبائل قد أخذ
الطابع السِّلْميَّ، عن طريق استجابتهم لدعوة الإسلام دون حرب أو قتال، فقد
انتهجت
الدولة الإسلامية كذلك أسلوب البعوث والسرايا تجاه بعض القبائل اليمنية
الأخرى
التي لم تستجب لدعوة الإسلام، كان منها تلك التي أُرْسِلَت إلى قبيلة
(دَوْس)
بقيادة الطفيل بن عمرو على إِثْر غزوة حُنَيْن وقبل حصار الطائف[17].

وعلى هذا فإن مجموع أهل اليمن يكون قد دخل
الإسلام بين العام السادس للهجرة وعام الوفود في السنة العاشرة، وذلك
باستثناء
نصارى نجران[18]،
وذلك إما عن رغبة في الدين الجديد، وإما رهبة من قوَّة المسلمين الجديدة
النامية
في المدينة، وقد جاء ذلك بطريقتين، الأولى: دَعَوِيَّة سلمية تَجَاوَبَ
معها
اليمنيُّون، وكانت في معظم جهات اليمن، والثانية: هي طريقة السرايا والبعوث
العسكرية، وكان ذلك في الجهات الشمالية من تِهَامة، وتلك التي يقطنها البدو
غير
مستقرِّين.







الردة بين قبائل اليمن

ولعلَّ العامل الثاني في دخول أهل اليمن
الإسلام هو الرهبة من الدولة الإسلامية الفتيَّة، كان أهم الأسباب في حدوث
الردَّة
التي وقعت بعد وفاة الرسول r في الجزيرة العربية، والتي لم تسلم منها قبائل
اليمن.

وقد كان من أول مظاهر الردَّة في اليمن ما ظهر
من حركة عبهلة بن كعب الذي عُرِف بالأسود العَنْسِيِّ، وكان يتمتَّع ببنية
قويَّة
ومنطق معسول[19]،
فقد اعترف بنُبوَّةٍ مِن قريش، ونُبوَّة مِن ربيعة، ليُمَثِّل هو نبوَّة
اليمن[20]؛ إذ الأمر
لم يكن يَعْدُو عنده إلا مجرد منافسة قَبَلية، وقد حرص على جمع الزعامات
الدينية
حوله، لكنَّه لم يُفلِح إلا في نطاق ضيِّق وفي فترة قصيرة، ثم خسر الجولة
في
النهاية على يَدِ الحِلْفِ الموالي لسياسات الرسول r في اليمن[21].

وبموت الرسول r ارتدَّ كثير من أهل اليمن، وقد جاء التصدِّي لهذه
الردَّة في اليمن في اتِّجاهين، تمثَّل الأوَّل في تصدِّي أولئك الذين
ثبتوا على
الإسلام من أبناء القبائل المرتدَّة نفسها، ومن أمثلة ذلك: مسعود
الْعَكِّيُّ في
وسط (عكٍّ والأشعريين)، وفروة بن مُسَيْك المُرَادِيُّ وغيره في مراد،
وعمرو بن
الحجاج الزُّبَيْدي في زُبَيْد، وعبد الله بن عبد المدان في بني الحارث.

وأما الاتِّجاه الثاني فيتمثَّل في تصدِّي
الدولة الإسلامية لهم، حيث أرسل الخليفة أبو بكر الصديق t ثلاثة جيوش إلى
اليمن: الأول بقيادة سُوَيْد بن
مُقَرِّنٍ المازِنِيِّ ووِجْهَتُه تِهَامَة، والثاني جيش عكرمة بن أبي جهل
الذي
انضمَّ إلى زياد بن لَبِيد الْبَيَاضِيِّ أمير إقليم حضرموت؛ وذلك لتشديد
الخناق
على كِنْدَة، أما الثالث فكان جيش المهاجر بن أبي أمية، وهو أكبر الجيوش
المرسلة
إلى اليمن، وكان يضمُّ عددًا من المهاجرين والأنصار، وكانت مهمَّته أوسع،
وهو الذي
تتبَّع مَن بقي من أتباع الأسود العَنْسي في مَذْحِج، ثم توجَّه إلى حضرموت
وشارك
في حصار كِنْدَة مع زياد بن لبيد الْبَيَاضِيِّ وعكرمة.



دور اليمنيين في بناء الدولة
الإسلامية


وكانت النتيجة أن دخل أهلُ اليمن من جديد في
الإسلام، بعد أن قُتِل من قُتِل، وعاد إلى الإسلام من كتب الله له الخير،
ومِن
بعدها أصبح اليمنيون يتجمَّعون حول مفهوم الأُمَّة وليس مفهوم القبيلة أو
العشيرة[22]، وقد كانت
لهم انطلاقاتهم فيما بَعْدُ في بناء الخلافة الإسلامية في كل بلاد الإسلام
في
الأزمان اللاحقة؛ فقد خرجوا مع الفتح الإسلامي في جيش عمرو بن العاص وغيره
من
الجيوش، واستقرَّ كثير منهم في بلاد الشام ومختلَف أقطار العالم الإسلامي.

تشهد لهم في الأندلس تلك القلاع التي تُسَمَّى
بأسمائهم، كقلعة هَمْدَان في غرناطة، وقلعة خَوْلان في إشبيلية، وقلعة
يَحْصُب
وغيرها، كما يَشْهد لهم نبوغ كثير منهم بالعراق والشام والأندلس، منهم
جماعة من
العلماء كالقاضي عامر بن شَرَاحِيل الشَّعْبِيِّ، ومَسْرُوق الهَمْدَاني،
وطلحة بن
معرق الهمداني الْيَامِيّ، وإبراهيم النخعي المَذْحِجِيِّ، والأشتر
النَّخَعِيِّ
وغيرهم، وأشهرهم في ذلك: مالك بن أنس الأَصْبَحِيُّ إمام السنة، والقاضي
عياض الْيَحْصُبِيُّ،
وعبد الرحمن الغَافِقِيُّ من الأمراء البارزِينَ، ومنصور بن أبي عامر
المَعَافِرِيُّ
صاحب الأندلس[23].



اليمن في عهد الخلافة الراشدة

وفي زمن الخلافة الراشدة كان اليمن بكُلِّ تقسيماته
الإداريَّة ولايةً أو ولاياتٍ تابعة للخلافة الإسلامية، ولم يشهد أحداثًا
جسامًا
إلا ما كان في زمن الفتنة، والتي تمثَّلتْ في مقتل الخليفة الثالث عثمان بن
عفان t (35هـ)، ثم موقعة
الجمل (35هـ)، وصفّين (37هـ) والنهروان (38هـ)، ثم مقتل الخليفة الرابع علي
بن أبي
طالب t (40هـ).

ففي الصراع الذي نشب بين علِيٍّ ومعاوية بعد
مقتل الخليفة عثمان y أجمعين وصل الوالي بسر بن أبى أرطاة إلى اليمن من
قِبَل معاوية
فتتبَّع شيعة علِيٍّ في اليمن بالقتل والمطاردة، ثم فرَّ أمام والي علي بن
أبى
طالب جارية بن قدامة السعدي الذي تتبَّع هو الآخر عثمانية اليمن وأعوان
معاوية
بالقتل والتشريد[24]،
ثم غادر اليمن بعد سماعه بمقتل الخليفة علي بن أبي طالب، والذي تنازل بعده
ابنه
الحسن عن الخلافة لمعاوية، ليجتمع شمل الأمة عام 40 للهجرة، والذي عُرِف
بـ"عام
الجماعة"[25]،
والذي مهَّد الطريق لبني أمية لإرساء خلافتهم وحكم المسلمين.







اليمن في عهد الدولة الأموية

وفي فترة الخلافة الأموية (41 - 132هـ) ولي
اليمن أكثر من خمسة وعشرين واليًا، لعلَّ أطولهم مدَّة هو يوسف بن عمر
الثقفي،
الذي ولي اليمن ثلاثَ عشرةَ سنة، ابتداءً من خلافة هشام بن عبد الملك
(105هـ)، وقد
استأثر الثقفيون عامَّة بثقة بني أمية، فأكثروا من تَوْلِيَتهم ولايات
مختلفة من
بينها اليمن[26].

وفي خلافة ابن الزبير (64 - 73هـ) تولَّى اليمن
من قِبَلِه أكثرُ من عشرة وُلاة، حتى إن فترة بعضهم لم تتجاوز الشهور[27].

وفي كثرة تغيير الولاة في فترة الخلافة الأموية
لم نجد وقائع محدَّدة تكون مبررًا لذلك التغيير؛ ولعلَّه كان يجيء لحاجة
دار
الخلافة إلى تغيير الوالي لأمرٍ يراه الخليفة نفسه، وربما جاء استجابة
لشكوى بأحد
الولاة[28].

وفي أواخر الدولة الأُموية غلب الخوارج على
اليمن، وكان زعيمهم عبد الله بن يحيى الحضرمي الملقب بـ "طالب الحقِّ"،
فقد ثار بحضرموت، وتمكَّن من دخول صنعاء، ثم زحف
شمالاً باتِّجاه مكة فسقطت بأيديهم، ووليها أبو حمزة الخارجي نائب عبد الله
بن يحيى الحضرمي، ثم استولى بعد ذلك على المدينة، وبعدها اتَّجهوا نحو
الشام إلا أن مروان بن
محمد - آخر خلفاء بني أمية - أعدَّ لهم جيشًا كبيرًا قابلهم بوادي القرى،
وأخذ يُلْحِق
بهم الهزائم ويطاردهم، حتى وصل إلى حضرموت مُنْطَلقهم الأوَّل، حيث كان
آخرَ نفس
لهم، إلا أن عبد الملك السعدي قائد قوات مروان بن محمد قُتل في الجوف في
طريقه إلى
مكة لرئاسة موسم الحجِّ، ومن بعده عيَّن مروانُ بن محمد واليًا جديدًا على
اليمن
هو الوليد بن عروة، والذي بقي في منصبه حتى اضمحلَّت دولة بني أمية[29].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 12:08

اليمن في عهد الدولة العباسية

ومن بعدها دخلت اليمن في حوزة العباسيين، وقد ساروا
فيها من جهة نظام الحكم سيرة الأمويين قبلهم، فأرسلوا الولاة إلى اليمن،
والذين تمكَّنوا
من ضرب الثورات التي قامت ضدَّهم، مثل التي قامت في حضرموت على يد الخوارج
زمن
الوالي معن بن زائدة الشيباني، الذي ولي اليمن لأبي جعفر المنصور[30]،
وتلك التي قامت في جهات تِهَامة والساحل زمن الوالي حماد البربري، الذي ولي
اليمن لهارون
الرشيد، والذي عانى من ثورة قام بها الهيصم بن عبد الصمد الحميري استمرَّت
فترة
طويلة[31].

إلا أن أمر العباسيين في اليمن لم يَدُمْ على
القوَّة؛ وذلك لبُعْدِ اليمن عن مركز الحكم، ولطبيعتها الجبلية، ولوعورة
أرضها، وللسبب
نفسه كانت ملجأً لكثير من الفارِّين من الحكم أو الثائرين عليه؛ فانفصلت
اليمن عن
الدولة العباسية، ونشأ فيها الدُّويلات المستقلَّة، التي أَخذَت الطابع
القبلي
أحيانًا، والمذهبي (شيعي على وجه التحديد) أحيانًا كثيرة.



دويلات وثوارت

فقامت دولة بني زياد السُّنِّيَّة سنة 204هـ، ودامت
نحو قَرْنَيْن إلى أن انقرضت سنة 407هـ، وكان مركزها (زبيد) بِتِهَامة،
وحَكَم بنو
يَعْفُر الحَوَالِيِّين الحميريين صنعاء من سنة 247هـ وحتى سنة 387هـ،
وكانوا على
المذهب السُّنِّيِّ، وظهرت تلك الدولة في شبَام ثم في صنعاء في عهد أسعد بن
أبي يَعْفُر
الحَوَالِيِّ، ثم امتدَّت إلى حاشد في الشمال، وإلى مِخْلاَف جَعْفَر
والجند والمَعَافِر
في الجنوب، ويُعَدُّ حكم السلطان أسعد بن أبي يَعْفُر من أطول فترات حُكْم
سلاطين
بني يعفر، وسيطر القرامطة على اليمن بقيادة علي بن الفضل عام 292هـ ونهبوا
مدنها،
وفعلوا الأفاعيل، واستباحوا المنكرات، وقاموا بكل رذيلة، وقام بعدئذ بنو
نَجَاح،
وهم من مماليك بني زياد، وحكموا زَبِيدَ وملحقاتها سنة 412هـ. بينما سيطر
بنو صُلَيْح
على صنعاء 439 - 492هـ، وخلفهم بنو هَمْدان حتى 569هـ، وآل أمر زَبِيدَ إلى
بني
مهدي من 544 - 569هـ. وتسلَّم إمارة عدن آل زريع سنة 476هـ، وينتمون إلى
المكرم
اليامي الهَمْدَاني أول سلاطينها، ويُعْرَفون ببني زُرَيْع، وظلَّت هذه
الدولة حتى
عام 570هـ / 1174م، أما صَعْدة فكانت تحت حكم دولة (بني رسّ) الشيعية التي
قامت
عام 280هـ[32].

وقد تصارعت القوى المتعاصرة مع بعضها البعض،
وتبادلت النصر والهزيمة سِجالاً، وأطيح بأُسَرٍ حاكمة لتحلَّ محلَّها أخرى
إلى حينٍ،
وتمكَّن بعضها من السيطرة على ديار بعضٍ؛ فكانت الغلبة أوَّلاً لآل زياد،
ثم كانت
للقرامطة على حساب اليَعْفُريِّين والزَّيْدِيَّين، ثم كانت لليعفريين
والزيديين
في تحالفهم بعد صراع ومجابهات ضدَّ الجُزْء الخطر من القرامطة، وهو علي بن
الفضل،
ثم جاء دور الصُّلَيْحِيِّين ليتمكن مؤسِّس الدولة علي بن محمد
الصُّلَيْحي،
التلميذ النجيب والنابغ للداعية الإسماعيلي سليمان الزواحي، من الإطاحة بكل
القوى
القبلية والحاكمة، وتوحيد اليمن تحت حكمه، بل إنه أدخل مكة تحت حكمه، ويخلف
بنو نجاح آل زياد في زَبِيدَ، ويتبادلون النصر والهزيمة مع
الصُّلَيْحِيِّين، والصُّليحيون
تنقسم دولتهم، فتأخذ بالتدريج في الضعف والزوال، فيبسط النَّجَاحيون دولتهم
في
التهائم، ويقوى آل زريع ولاة الصُّليحيين في عدن، ويؤسِّسون دولتهم
المسيطرة على
عدن، وأبين، وتعز. ويتداول السلطة في صنعاء وما حولها أُسَرٌ هَمْدَانية،
كآل حاتم،
وآل القبيب، وآل عِمران، وفي زَبِيدَ يحلُّ بنو مهدي محلَّ آل نَجَاح[33].

وقد ظلَّت الأوضاع تلك على حالها حتى مجيء
الأيوبيين (569 - 626هـ / 1173 - 1229م) إلى اليمن؛ إذ قضَوْا على عدد من
الإمارات
فيها وجمعوا أمرها، فأنهَوْا حكم بني هَمْدان في صنعاء، وبني مهدي في
زَبِيدَ،
وبني زريع في عدن[34].



الدولة الرسولية

وقد كان آخر الولاة الأيوبيين في اليمن السلطان
المسعود الأيوبي، الذي تمكَّن من فرض هيبة الأيوبيين على مختلف القوى
والمنافِسِينَ
في اليمن، والذي عاد إلى الشام عام 626هـ مُخْلِفًا الأمير نور الدين عمر
بن علي
بن رسول نائبًا له في اليمن، والذي تمكَّن هو وإخوته من السيطرة على الأمور
في
اليمن، وتحقيق انتصارات مُهِمَّة على المنافِسِينَ؛ فَعَلَتْ بذلك مكانتُهم
وعظمت
قوَّتهم، والذي مهَّد لظهور الدولة الرسولية[35].

وتُعَدُّ الدولة الرسولية (626 - 858هـ / 1229 -
1454م) من أطول الدُّول عُمرًا في تاريخ اليمن الوسيط، وقد حكمها خمسةَ
عشرَ ملكًا،
أوَّلهم: نور الدين عمر الرسولي، وآخرهم المسعود[36].

وقد أعلن الرسوليُّون استقلالهم عن الدولة
الأيوبية في مصر في عام 630 هـ / 1232م، وخطبوا للخليفة العباسي المعاصر
لهم، بَعْدَ
أن طلبوا منه أمرَ نيابة مباشر عنهم في اليمن دون وساطة الأيوبيين، وتمكَّن
الرسوليون
وبقيادة مؤسِّس مُلْكِهم الملك المنصور من توحيد اليمن كله تحت حكمهم، من
حضرموت
جنوبًا وحتى مكة شمالاً، وبسطوا سيادتهم الفعلية على كل جهات اليمن، ودخلوا
مناطقَ
وحصونًا لم يستطعها قبلهم الأيوبيون، ودانت لهم القبائل والأُسَرُ الحاكمة،
كالأئمة الزيديين في صعدة وجهاتها، وآل حاتم في صنعاء وما حولها، ومع ذلك
فقد جابه
الرسوليون توثُّبات قوًى مختلفة، وجابهوا قوى زَيْدِيَّة بزعامة الإمام
المهدي
أحمد بن الحسين من جهة، ثم بزعامة أبناء وأحفاد الإمام عبد الله بن حمزة،
وهم مَن
تُطْلِق عليهم المصادرُ إجمالاً لقبَ الحمزات، وقد دخل الأئمة الحمزات في
حرب تنافُسِيَّة
على السيادة والنفوذ مع الإمام المهدي أحمد
بن الحسين، وأُذِيقُوا شرَّ الهزائم، وخسروا كثيرًا من مواقعهم قبل أن
يتدخَّل
المظفَّر الرسولي إلى جانب الحمزات ويُمَكِّنهم من النصر، فاعترف الأئمة
بسيادة الرسوليين
على البلاد، كما جابه الرسوليون تمردًا من سلطان حضرموت سالم بن إدريس،
فجهزوا له
بعد المراسلات والإعذار حملات برِّية وبحرية انتهت بهزيمته ومقتله.

وبعد المظفَّر يأتي الملك الأشرف، فيدخل في حرب
قصيرة مع أخيه المؤيَّد غير المعترف بحكم أخيه، لكن
الموت يُعاجِل الأشرف الرسولي بعد ما يَزِيد قليلاً عن العام، ليأتي أخوه
المؤيد
فيحكم اليمن لخمس وعشرين سنة، يتمكَّن خلالها من ترسيخ هيبة الدولة عَبْرَ
قضائه على
التمرُّدات في المِخْلاف السُّلَيْمَاني بتِهَامة، ومقاومته لوثبات الأئمة
الزيديين
في الجبال. ويخلف المؤيَّد ولده المجاهد 721 - 764هـ / 1321- 1362م، الذي
يبقى في الحكم ثلاثًا وأربعين سنة، يُجابِه فيها أعنف وأعتى التمرُّدات
ضدَّ مُلْكِه
من مختلَف الأطراف، حتى شهدت السنوات الأخيرة من حكمه تصدعًا في وَحدة
اليمن
السياسية، إذ لم يَمُتِ الملكُ المجاهد إلا وقد تمكَّن جيل جديد من الأئمة
الزيديين
في القسم الأعلى من اليمن، أمثال المتوكِّل مطهر بن يحيى، وابنه محمد بن
المطهر،
ثم المهدي علي بن محمد، والناصر صلاح الدين، وابنه المنصور علي، من بناء
قوَّة
جديدة لهم مكَّنتهم في الثلث الأول من القرن الثامن الهجري من السيطرة على
القسم
الأعلى من اليمن حتى ذمار، وسَلَخَهُ من جِسْم الدولة الرسولية، لتتقوَّض
من جديدٍ
أركان الوَحدة اليمنية للمرة الثانية بعد الصليحيين. وخلف المجاهد ابنه
الأفضل،
وجاء بعده الملك الأشرف الثاني، ثم الملك الناصر، ليعقبه الأشرف الثالث، ثم
الأشرف
الرابع، ثم يأتي المَلِكَان المتنافسان: المظفَّر والمفضَّل، ثم يليهم
الملك
الناصر الثاني ليُخْلَع، وليتمَّ تنصيب الملك المسعود آخر ملوك بني رسول،
ليذهب هو
ومنافسه المؤيَّد.

وفي أزمنة هؤلاء الحكام تميَّزت فترات حكمهم في
المحافظة على مناطق نفوذ الدولة الرسولية، وفي القضاء على التمرُّدات
المختلفة، ثم
بالقضاء على التمرُّدات داخل البيت الحاكم، وهي التي قام بها الإخوان
والأعمام ضدَّ
بعضهم مستعينين بقوى المماليك، والتي حاول الملك الأشرف الثالث التنكيل بهم
لإخراجهم من حسابات القوَّة مُحْرِزًا بعض النجاح، كما قامت حرب بين الملك
الناصر
الرسولي وإمام الزيديَّة علي بن صلاح الدين، عندما حاول الأخير غزو بلاد
رداع
التابعة للرسوليين والمحكومة من قِبَلِ ولاتهم آل معوضة، جدود المؤسِّسين
لدولة
بني طاهر فيما بعدُ، وهم الذين وفدوا على آل رسول أول الأمر عام 817هـ /
1414م
ثم عام 842هـ / 1438م، ليأخذوا بعد ذلك في تقوية أنفسهم في جهاتهم، في وقت
أخذت
فيه الدولة الرسولية تزداد ضعفًا جرَّاء المنازعات الأُسَرِيَّة على
السلطة، وهي التي
مزَّقت دولة الرسوليين بين المتنافسين على السلطة، وكانت آخر المنازعات
الحربية
بين الملك المسعود الذي استطاع استعادة التهائم وعدن؛ ليزحف من هناك إلى
تعز؛ لطرد
الملك المظفَّر الثاني منها، وقد استغل مماليك تهامة الحرب بين الملكين
ليُشَدِّدوا
قبضتهم على تهامة، ولينصبوا الأمير حسين بن الملك الظاهر ملكًا، ويلقِّبوه
بالمؤيَّد
في العام 855هـ / 1451م، لنجد أنفسنا أمام ثلاثة ملوك رسوليين في وقت واحد،
يتنازعون المُلْكَ والسيادة، وقد شجَّع هذا التنازع الصريح بين آل رسول
ولاتهم
وحلفاءَهم من بني طاهر على الطمع في وراثة أسيادهم من بني رسول، وذلك
بدخولهم عدن
عام 858هـ / 1454م، وأُسِرَ الملكُ المؤيَّد آخر حُكَّام بني رسول.

وقد تميَّز حُكم بني رسول طويل الأمد - بغضِّ
النظر عن التاريخ السياسي الحربي - بكثير من الإنجازات المهمَّة في مَيْدان
العلم والتِّجارة والزراعة والطب؛ فقد بنَوا المدارس الكثيرة، وأجزلوا
العطاء
للعلماء، وبرز في زمانهم العلماء والشعراء في كل فنٍّ، وكان كثير من ملوك
بني رسول
علماءَ وشعراءَ وأصحاب رأي ومؤلِّفي كتب في فروع المعرفة المختلفة، ولا
تزال
مدينة تعز إلى يومنا هذا تتزيَّن بمنجزاتهم العمرانية، كجامع المظفَّر
وجامع
الأشرفية، ومدرسة الأشرفية، وحصن تعز المسمى الآن قاهرة تعز، بالإضافة إلى
آثار
المدارس الفقهية[37].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 12:09

الدولة الطاهرية وسيادة المماليك

وقد قامت الدولة الطاهرية (855 - 923هـ / 1451-
1517م) على إرث الدولة الرسولية، وأوَّل أمرائها عامر بن طاهر، الذي أخذ
البلاد من
بني الرسول، وأخذ بعضها من أئمة الزيدية إلى أن قُتِل في حربه معهم قُرْب
صنعاء،
فخلفه أخوه المجاهد علِيٌّ سنة 870هـ، ثم خلفه ابنه الظافر عامر سنة 894هـ،
وكان
عادلاً محبًّا للعلم والعلماء، حارب أئمة الزيدية في الجبال وغلبهم،
واستولى على
صنعاء.

وفي عهد الظافر عامر ظهر البرتغاليون، واستولوا
على بعض سواحل الحجاز واليمن والهند، واستفحلت شرورهم، فأخذ بمراسلة المماليك
الذين كانوا يجوبون البحر الأحمر وسواحل اليمن لمجابهة قوَّة البرتغاليين،
فاستطاع
المماليك بقيادة حسين الكردي الاهتمام بأمر البرتغاليين وطردهم من جزر
قمران سنة
921هـ، ثم شجَّعه الأئمة الزُّيُود ضدَّ الظافر عامر الذي رفض التعاون معه
ضدَّ
البرتغاليين، فدخل حسين الكردي المملوكي اليمن واستولى على زَبِيدَ بعد
معركة
الرحب وذلك سنة 922هـ، ثم انتقل إلى تعز، ومنها إلى المقرانة فصنعاء،
وأخيرًا جَرَت
المعركة الأخيرة على أبواب صنعاء، وهي معركة الصافية التي قُتل فيها أخو
السلطان،
وهو عبد الملك بن عبد الوهاب، وفرَّ السلطان الذي قبض عليه أحد الرجال
وسلَّمه إلى
قائد المماليك الإسكندر بن محمد فقتله سنة 923هـ[38].



عوامل قدوم العثمانيين إلى اليمن

وفي هذه الأثناء التي دخل فيها المماليك صنعاء
كان العثمانيون قد هزموهم في بلاد الشام ومصر، وهو ما جعل المماليك في وضع
غير
ملائم؛ فانسحبوا من صنعاء نحو تعز، ولم يصل الإسكندر بن محمد قائد المماليك
إلى
تعز إلا بصعوبة كبيرة؛ بسبب قتال اليمنيين له، وهو منسحب بجيشه، وقد اضطرَّ
المماليك
في اليمن إلى الاعتراف بالسيادة العثمانية[39].

ويُعَدُّ من عوامل قدوم العثمانيين إلى اليمن إخفاق
المماليك في مقاتلة البرتغاليين في سواحل الهند، وهزيمة أسطولهم في معركة
(ديو) في
المياه الهندية عام 915هـ؛ إذ قام العثمانيون يَدْرَءُون الخطر عن ديار
الإسلام،
ويُلَبُّون نداء مسلمي الهند، ولما رفض المماليك التعاون معهم احتلَّ
العثمانيون
أرض الدولة المملوكية، وورثوا عنها المهمَّة الملقاة على عاتقها وهي حرب
البرتغاليين، ودخلوا اليمن بصفة أن أرضها قاعدة ارتكاز لمحاربة
البرتغاليين، سواء
أكان ذلك في البحر الأحمر، أم في الخليج العربي، أم في المياه الهندية[40].

وهكذا دخلت اليمن تحت السيادة العثمانية عَبْرَ
تبعيَّتها السابقة للمماليك؛ فبعد انهزام المماليك في الشام ومصر أمام
السلطان
سليم الثالث، قدَّم حاكم اليمن المملوكي الجركسي (إسكندر) وفدًا إلى
السلطان سليم
ليُقَدِّم فروض الولاء والطاعة له، فوافق السلطان العثماني على إبقائه في
منصبه،
وكانت اليمن تُشَكِّل بُعْدًا استراتيجيًّا، وتُعتبر مِفتاح البحر الأحمر،
وفي
سلامتها سلامة للأماكن المقدَّسة في الحجاز، وكانت السيطرة العثمانية في
بَدْءِ
الأمر ضعيفة، بسبب الصراعات الداخلية بين القادة والمماليك، إلى جانب نفوذ
الأئمة الزيدية
بين قبائل الجبال، هذا فضلاً عن الخطر البرتغالي الذي كان يُهَدِّد السواحل
اليمنية، وهذا دفع السلطان إلى إرسال قوَّة بحرية، إلا أنها فشلت بسبب
النزاع الذي
دبَّ بين قائدها حسين الرومي متصرف جدة والريس سلمان أحد قادة البحر
العثمانيين[41].

ثم أرسل السلطان سليمان باشا أرناؤطي حملة سنة 945هـ/
1538م بهدف احتلال اليمن وبخاصَّة عدن، ثم إغلاق مضيق باب المندب أمام
السفن
البرتغالية، ودخل العثمانيون عدن عام 946هـ / 1539م، وتعز عام 952هـ /
1545م،
وسقطت صنعاء في قبضتهم عام 954هـ / 1547م، وتحرَّك سليمان باشا بأسطوله
ليستولِيَ
على بعض الموانئ العربية في حضرموت، ومنها الشحر، والمكلا، واجتاح ساحل
الحبشة،
وسواكن ومصوع على الجانب الغربي من البحر الأحمر سنة 964هـ - 1557م[42].



المذهب الزيدي في اليمن

وقد ظلَّت اليمن في فترة هيمنة الدولة
العثمانية عليها (1538 – 1635م) تتنازعها قوى العثمانيين والأئمة الزيدية،
فلم
يستطع العثمانيون السيطرة كلية على البلاد؛ بسبب تمرُّد بعض القبائل وحركات
المقاومة، ويهمُّنا هنا أن نلقِيَ الضوءَ على دولة الأئمة الزيديين في
بدايتها.

فقد جاءت تسميتهم نسبة إلى الإمام زيد بن علي
زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب (79 - 122هـ / 698 - 740م)،
الذي خالف
الإمام جعفر الصادق في مَبْدَأَي التقية والاستتار، وأَسَّس لمبدأ الثورة
على
الظلم متى ما وُجِد هذا الظلم، وهو شرط الخروج والثورة، ويتميَّز المذهب
الزيدي بصفة
عامَّة باعتداله وانفتاحه على المذاهب الأخرى، وهو أقرب المذاهب الشيعية
إلى السُّنَّة،
التي تأخذ عليهم حَصْرَهم الإمامة في أولاد الحسن والحسين، ومع ذلك فإنهم
يُجَوِّزُون
إمامة المفضول مع وجود الأفضل، كما يَنْبُذُون مبدأ العصمة والتقية،
ويُجِيزُون
الخروج على الظلم، كما يُجيزون خروج إمامَيْن في وقت واحد؛ وهو ما أدَّى في
فترات
كثيرة من تاريخ الدول الزيدية في اليمن إلى خروج أكثر من إمام، دارت بينهم
صراعات
عنيفة أراقت الدماء، وأهلكت الزرع والضرع. لكنَّ مبدأ الخروج هذا - رغم
ويلاته - هو
الذي احتفظ للطامحين من الأئمة الزيدِيين بجذوة الثورة، فمكَّنتهم من قيادة
محاولاتٍ متعاقبة لتأسيس حكم علوي وراثي.

وقد اتخذت الدولة الزيدية الأولى بزعامة مؤسِّس
الدولة والمذهب الزيدي في اليمن العلوي يحيى بن الحسين الرسي المنعوت
بالهادي إلى
الحقِّ، من صعدة مركزًا لها، وقد ابتدأ حكمهم باليمن من سنة 280هـ، وقد
عاصروا بني
أيوب والصليحيين والرسوليين والمماليك والعثمانيين، ودولة الأئمة الزيدية
من البَدَاءَة
كانت منافسة للحكم العباسي، كما أنها كانت تجسيدًا لطموح العلويين في الحكم
مُعْتَبِرِين
أنفسهم أهل حقٍّ في قيادة المسلمين، ومُتَّهِمِين العباسيين باغتصاب السلطة
من
أهلها[43].

وقد بقي سلطان الزيديين محصورًا في الجهة
الشمالية من اليمن، وإن تمكَّن أئمتهم في بعض الظروف من السيطرة على صنعاء
وذمار
في أيام المتوكل المطهر بن يحيى (676 – 697هـ)، وابنه المهدي محمد (697 -
908)،
وكانت الخلافات شِبْهَ دائمة بينهم وبين سلاطين بني رسول وبني طاهر لمَّا
كانوا
معاصرين لهم، ولم يكن هناك إمام واحد يلتفُّ حوله الزيديون جميعًا، وإنما
كان يوجد
أكثر من إمام في بعض الأحيان، وقد يختلف الأئمة بعضهم مع بعض، حيث لكلِّ
واحد منهم
منطقة نفوذ وأتباع، كما حدث أيام الواثق المطهر بن محمد، والمؤيد يحيى بن
حمزة،
والمهدي علي بن صلاح، والداعي أحمد بن علي الفتحي، وكلهم في المدَّة
المحصورة بين
(730 - 750)، وقد تَمُرُّ سنوات دون أن يقوم إمام من علماء الزيدية بالأمر،
وخاصَّة
بعد هزيمة إمامٍ أو إلقاء القبض عليه، أو قتله من قِبَلِ خصومه، ويُقَدَّرُ
عدد
أئمة اليمن تسعة وخمسين إمامًا، حكموا اليمن منذ عام 898م إلى 1962م، حين
أُطِيحَ
بحكمهم في يوم 26 سبتمبر 1962م، وأُعْلِنَ النظام الجمهوري[44].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 12:09

ثورة الزيدية ضد العثمانيين

وعلى الرَّغم من السيادة العثمانية في اليمن،
والتنظيم الإداري العثماني فيه، وقوَّة الدولة العثمانية وشبابها وقتذاك،
إلا أن
نفوذ أئمة اليمن من الزيديين ظلَّ قويًّا وفاعلاً، وامتدَّ إلى مناطقَ
كبيرةٍ من
البلاد اليمنية، خاصَّة في المناطق الجبلية، وحَصَّن الأئمة الزيديون مدينة
تعز
التي احتلَّها الوالي العثماني الجديد على اليمن أُوَيس باشا، الذي وصل إلى
اليمن
عام 953هـ / 1546م، واستطاع هذا الوالي أن يُوَطِّد السيادة العثمانية على
منطقةٍ
أوسعَ، وخاصَّة في المناطق الجبلية التي لم يصل إليها العثمانيون، كما
استطاع
الوالي أن ينظِّم جندًا محليًّا من اليمنيين، يعملون جنبًا إلى جنب مع
القوَّات العثمانية،
لكن العسكر غدروا به وقتلوه، فتولَّى الأمر أزدمر باشا، وهو من العسكر
العثمانيين
في اليمن، وأزدمر باشا مملوكي من الشركس، انتظم في خدمة العثمانيين،
وعُيِّنَ
واليًا على اليمن، ومن أعماله في اليمن: محاربة الأئمة الزيديين، ودخول
صنعاء،
وجعلها مركزًا للولاية العثمانية ومكانًا لإقامة مَلِك اليمن، وقد ظلَّ
أزدمر هذا
في الباشوية حتى عام 964هـ / 1556م، فخلفه على باشوية (ملك) اليمن مصطفى
باشا
المعروف بالنشار، وهكذا توالى تعيين الولاة العثمانيين على اليمن بشكل
منتظم.

ثار الأئمة الزيديون ضدَّ العثمانيين عام 954هـ
/ 1547م بقيادة الإمام مطهر بن شرف الدين الزيدي، وساعده عدد من العسكر
العثمانيين
الذين تمرَّدوا على السلطة العثمانية في اليمن بسبب ضَعْف رواتبهم،
وتعمَّقت
الثورة اليمنية بسبب الخلاف القائم بين الوالي العثماني في زَبِيدَ
وتِهَامة
والوالي العثماني في صنعاء والمناطق الجبلية، ونَمَتِ الثورة الزيدية
وازدهرت بعد
وفاة السلطان سليمان القانوني، فدخل الإمام مطهر الزيدي مدينة صنعاء عام
975هـ /
1567م، مما جعل السلطان سليم الثاني يُرْسِل سنان باشا والي مصر إلى اليمن
على رأس
حملة عسكرية لإعادة الأمن والنظام فيها، وكان ذلك عام 977هـ / 1569م، وتمكن
سنان
باشا من دخول صنعاء وإرساء قواعد الأمن والنظام العثماني في اليمن، وبِناء
عليه عُدَّ
هذا الإنجاز العثماني الجديد في اليمن الفتح العثماني الثاني لليمن؛ حيث إن
الفتح
الأول بدأ عام 946هـ / 1539م.

هذا وقد ظلَّ الأئمة الزيديون على حالهم،
فتعاملوا مع الولاة العثمانيين أحيانًا بشكل حسن، وظلُّوا يحافظون على
استقلالهم
في مناطقهم، وفي أوقات كثيرة كانوا يثورون ضدَّ السلطة العثمانية؛ فثار
الإمام
المنصور بالله القاسم بن محمد سنة 1008هـ = 1599م، وشملت ثورته مناطق يمنية
واسعة،
مما أدَّى بالدولة العثمانية إلى إرسال حملات عسكرية تمكنت في النهاية من
إعادة
توطيد الأمن، ثم قامت ثورة أخرى بقيادة الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم
ضدَّ الوالي
العثماني أحمد فضلي عام 1031هـ / 1621م، فاستولى على صنعاء وتعز وعدن،
وأخرج
العثمانيين من اليمن عام 1046هـ / 1636م، وتمكَّن من تأسيس دولة الإمامة
الزيدية التي
اتخذت صنعاء مقرًا لها، وتوفي الإمام المؤيد بالله عام 1052هـ = 1642م
وخلفه أخوه
أحمد الذي اضطر بعد عامين للتنازل عن الحكم لأخيه إسماعيل بعد خلاف بينهما.

و نتيجة للخلاف على الإمامة ضعف الأئمة
الزيديون، واستقلت القبائل عن صنعاء، كما انفصلت مناطق، فاستقلت حضر موت،
ولحج عام
1145هـ = 1732م، وقوي أمر الإمام المهدي عباس 1159هـ = 1746م ثم هبت رياح
الفوضى
في البلاد بعد موته، واستقلت تهامة الشمالية، واتخذت مدينة (أبو عريش)
مقرًا لها،
ثم استولى محمد بن عامر المتحمي على (أبو عريش) وعدد من موانئ اليمن حتى
المخا،
وقام مقامه أخوه عبد الوهاب، ثم طامي بن شعيب.

واستنجد الإمام المتوكل على الله بالسلطان
العثماني محمود الثاني فأرسل الأتراك مددًا إلى عسير وتهامة، وتمكن محمد
على باشا
المكلف بحروب الدولة العثمانية من أسر طامي ابن شعيب ونقله إلى مصر ثم إلى
استانبول حيث صلب هناك، وبذا استعاد الإمام عبد الله المهدي نفوذه، وبدأ
يرسل جزية
سنوية إلى السلطان العثماني.



احتلال عدن

وعادت القوة إلى عسير بعد محمد بن أحمد المتحمي
وقيام سعيد بن مسلط بأمر العسيريين ومن بعده علي بن مجثل، وعائض بن مرعي،
فتوالت
الحملات على المنقطة وجاءت حملة عام 1215هـ = 1835م بقيادة إبراهيم يكن،
وتمكنت من
القضاء على الثورة التي اندلعت في تعز ضد الإمام علي بن عبد الله المهدي
وذلك عام
1253هـ = 1837م، كما استطاعت بعض فرق الحملة العثمانية من دخول عدن.

واحتل الإنكليز عدن عام 1255هـ = 1839م وعسير
بعد هزيمة محمد علي في بلاد الشام، وعقد معاهدة لندن عام 1256هـ = 1840م
التي حدَّدت
نفوذ وحكم محمد علي في ولاية مصر فقط.

وضعف أمر الأئمة في هذه المدة إذ بدأ الخلاف
بينهم، واستنجد الإمام محمد بن يحيى بالأمير عائض بن مرعي لنصرته فأرسل
إليه قوة سارت
عن طريق صحار، والأخرى عن طريق صعدة وكانت الثانية بإمرة الشريف حسين بن
علي بن
حيدر شريف (أبو عريش)، والأولى بإمرة يحيى بن مرعي أخي عائض بن مرعي،
وتمكنت
القوتان من دعم محمد ابن يحيى وتثبيته في صنعاء وعد واليًا للأمير عائض بن
مرعي،
ولكن ما إن عادت القوة العسيرية حتى تنكر الإمام محمد بن يحيى للعسيريين
فكلف عائض
بن مرعي عامله على أبي عريش حسين بن علي حيدر بتأديب إمام صنعاء، إلا أن
الحيدري
قد هزم ووقع أسيرًا بيد اليمنيين، وأراد عائض مرعي أن يسير إلى صنعاء
لإنقاذ واليه
إلا أن العثمانيين كانوا قد وصلوا إلى اليمن.



ضعف الوجود العثماني باليمن

وتضايق العثمانيون من انتصار عائض بن مرعي في
اليمن، وخافوا مغبة الأمر، وفي الوقت نفسه استنجد الإمام علي بن المهدي
بالسلطان
عبد المجيد ضد محمد بن يحيى وعائض بن مرعي، فأمر السلطان نائبه في جدة
توفيق باشا
بالتوجيه إلى اليمن ومعه مكة الشريف محمد بن عون، وسارت القوة من جدة ووصلت
إلى
الحديدة في 22 جمادى الآخرة عام 1265هـ = 1849م وتابعت زحفها إلى صنعاء دون
أن
تلقى أية مقاومة، وما إن علم الإمام المتوكل محمد بن يحيى بهذا الأمر حتى
أطلق
سراح الشريف الحيدري، وأسرع للقاء توفيق باشا فاستقبله، واتفق معه، وصحبه
إلى
صنعاء وأنزله في قصر غمدان... وأنكر أهل صنعاء على الإمام فعلته وثاروا
عليه في
الحال وأرغموا الأتراك إلى العودة إلى الساحل، وألقوا القبض على محمد ابن
يحيى،
ونصبوا على بن المهدي إمامًا.

وحدثت خلافات بين علي بن المهدي بصنعاء، ثم الذي
قام مكانه، وهو مؤيد العباس ابن عبد الرحمن، وبين المنصور أحمد بن هاشم
بصعدة،
وكادت رياح الفتن تعصف باليمن كلها.

وكان العثمانيون قد قضوا على إمارة آل عائض في
أبها وقتلوا محمد بن عائض، وحملوا جماعة من كبار القادة والعلماء إلى
استانبول،
وتولى أمر عسير أحمد مختار باشا بعد مقتل رديف باشا، استغل أحمد مختار
الفوضى في
اليمن فسار بقوة على طريق الساحل، ودخل صنعاء وأنهى هذه الخلافات، ولكنه لم
يستطع
أن يبسط نفوذه على شمال اليمن إذ بقي تحت سلطة المتوكل المحسن بن أحمد حتى
توفي
عام 1295هـ = 1877م فخلفه الهادي شرف الدين بن محمد.

وتولى حكم اليمن عام 1290هـ = 1872م بعد أحمد
مختار باشا مصطفى فاشتد على السكان الأمر الذي أدى إلى قيام ثورة قادها
محمد بن
يحيى حميد الدين، الذي كان قد سجنه مصطفى باشا مع عدد من سادات البلاد في
الحديدة،
وفر من السجن وحمل لواء الثورة، وتلقب بالمنصور.

وفي الشمال توفي عام 1307هـ = 1889م الهادي شرف
الدين بن محمد فقرر السكان مبايعة محمد بن يحيى حميد الدين الذي استطاع أن
يؤلف
جيشًا، ويحارب الولاة العثمانيين، وأن ينتصر عليهم، وأن يحاصر صنعاء، واضطر
العثمانيون إلى إعادة أحمد فيضي باشا إلى ولاية اليمن، فجاء بقوة كبيرة
تمكنت من
فك الحصار عن صنعاء ودخولها، وغادرها المنصور أحمد بن هاشم حيث اعتصم في
(حاشد)،
وحاول أحمد فيضي باشا القضاء عليه عدة مرات ولكنه فشل واستمر الإمام في
الشمال حتى
مات عام 1322هـ = 1904م، وخلفه ابنه يحيى الذي اتخذ لقب المتوكل، واتخذ
بلدة (قفلة
عذر) قاعدة له، وعاصمة مؤقتة.

أرسل العثمانيون قوة لحرب الإمام يحيى ولكنها
هزمت، وشجعت هذه الهزيمة سكان اليمن فقاموا بحركتهم التي دفعت القوات
العثمانية
نحو صنعاء فحاصروها، واضطرت إلى الاستسلام وفر القائد التركي إلى زبيد.
فأرسلت
الحكومة العثمانية أحمد فيضي باشا مرة ثالثة على رأس قوة كبيرة نزلت
بالحديدة،
واتجهت إلى صنعاء فدخلتها، وانتقل الإمام يحيى إلى (شهارة)، فلحقه أحمد
فيضي باشا
ولكنه هزم على أبواب شهارة هزيمة نكراء، وعندما وصل الخبر إلى الحكومة
التركية
أرسلت المشير عزت باشا الألباني مندوبًا للمفوضية، فاتصل بالإمام يحيى وعقد
معه
اتفاقية (دعَّان). ولم تمض سوى ثلاث سنوات حتى قامت الحرب العالمية الأولى
وخرج
الأتراك من اليمن.



اليمن إمارة سعودية

وفي أثناء الحرب العالمية الأولى ضرب الإنكليز
ميناء الحديدة واحتلوها عام 1336هـ = 1918م بمساعدة الإدريسي في تهامة الذي
كان
يعمل بجانب الحلفاء، وعندما انتهت الحرب انسحبت القوات العثمانية من اليمن
بعد
هزيمتها أمام الحلفاء، وخرجت جنودها في اليمن عن طريق عدن.

وبقيت تهامة اليمن والحديدة تحت سيطرة الأدراسة
حيث منحتهم انكلترا هذا المناطق، واختلف الأدارسة بعد وفاة الإدريسي بين
مؤيد لابنه
على بن محمد ولأخيه حسن بن علي، واستغل اليمنيون هذا الخلاف وزحفوا على
تهامة
واحتلوها وفر حسن بن علي الإدريسي إلى نجد وذلك عام 1343هـ = 1925م ووقع مع
الملك
عبد العزيز معاهدة مكة التي تتضمن دخول الإمارة الإدريسية ضمن الدولة
السعودية.

عاد حسن بن على الإدريسي فتمرد ولكنه هزم
وألغيت إمارة صبيا وأبو عريش، وقامت مفاوضات بين اليمن والدولة السعودية
لتحديد
الحدود، غير أن نائب الإمام في صعدة قد أرسل بعد رجاله فدخلوا نجران فتعكر
جو
المفاوضات، فأرسل الملك عبد العزيز ابنه فيصلاً على رأس قوة احتلت حرض،
وميدي،
والحديدة، وأرسل الإمام يحيى برقية إلى المجلس الإسلامي الأعلى الذي كان
منعقدًا
في فلسطين لإرسال وفد لرأب الصدع، فبعث المجلس وفدًا مؤلفًا من: الحاج أمين
الحسيني، وهاشم الأتاسي، ومحمد على علوية، وشكيب أرسلان وعبد الرحمن عزام
فانتهى
الخلاف، وانسحبت القوات للطرفين إلى ما كانت عليه، وعقدت معاهدة الطائف عام
1353هـ
(1934م)، ورأس وفد السعودية خالد بن عبد العزيز، ووفد اليمن عبد الله بن
أحمد
الوزير.

وقد شاركت اليمن مع وفود الدول العربية الأخرى
بحث قضية فلسطين في القاهرة عام 1358هـ = 1939م، وفي بلودان في سوريا عام
1365هـ =
1946م، وكانت من بين الدول التي ساهمت في إنشاء جامعة الدول العربية،
وانضمت إليها
عام 1365هـ = 1946م، ثم انضمت إلى الأمم المتحدة عام 1367هـ = 1948م.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 12:10

الجمهورية اليمنية

أما على الصعيد الداخلي فقد تعرضت حكومة الإمام
يحيى لتمرد قبائل المشرق عام 1343هـ = 1925م وقد أخضعتها قوة بقيادة عبد
الله بن
أحمد الوزير. وتمردت قبيلة الزرانيق عام 1347هـ = 1929م عامين ثم قضي عليه
سيف
الإسلام أحمد بن الإمام يحيى. وقامت حركة محمد الدباغ بالبيضاء عام 1359هـ =
1940م،
وأنهى التمرد الشريف عبد الله الضمين. ثم قامت ثورة على الإمام يحيى في
ربيع
الثاني عام 1367هـ = 1948م أطاحت به، واشترك فيها عبد الله بن أحمد الوزير
وبعض
أبناء الإمام ونجحت، ثم استطاع سيف الإسلام أحمد أن يعود وأن يقضي على
الثوار، وأن
ينتزع الملك.

وشاركت حكومة الإمام أحد أيضًا في القضايا
العربية والإسلامية كلها، كما انضمت إلى اتحاد الدول العربية الذي نشأ بعد
الوحدة
التي تمت بين مصر وسوريا، بل هي الدولة الوحيدة التي انضمت إلى الوحدة
وشكلت
الاتحاد، وتوفي الإمام أحمد عام 1382هـ = 1962م بصور غامضة، وخلفه ولده سيف
الإسلام محمد البدر وتلقب بالمنصور بالله، وبعد ثمانية أيام قام فريق من
الضباط
بقياد عبد الله السلال الذي كان سجينًا فأخرجه محمد البدر، وأعلن عبد الله
السلال
نهاية حكم الإمامة في اليمن، وقيام الجمهورية اليمنية.



انقلابات متوالية

وهنا اسْتَنْجَدَ السلال بمصر، فأمدَّه
الرئيس
جمال عبد الناصر بقوات مصرية، ومعدَّات حربية، فوقع في اليمن صراع طويل
ومرير بين
أنصار الإمام أو مَنْ يُعرفون بأنصار المَلَكِيَّة اليمنية وأنصار
الجمهورية، ولم
ينتهِ الصراع إلا عام 1389هـ = 1969م.

وقد انسحبت القوات المصرية من اليمن عام 1387هـ
= 1967م بعد لقاء تمَّ بين الرئيس جمال عبد الناصر والملك فيصل بن عبد
العزيز ملك
المملكة العربية السعودية في مدينة الخرطوم في مؤتمر القمَّة العربي في
أعقاب
هزيمة عام 1387هـ، 1967م في الحرب العربيَّة – الإسرائيليَّة.

كما قررت بريطانيا الانسحاب من جنوب اليمن
المحتل عام 1388هـ / 1968م، وقد سلمت مقاليد الحكم إلى جبهة التحرير
الوطنية
بزعامة قحطان الشعبي.

وما إن انتهى انسحاب القوات المصرية حتى قامت
القوات اليمنية بانقلاب ضد عبد الله السلال الذي التجأ إلى بغداد، وتولى
رئاسة
اليمن مجلس يرأسه عبد الرحمن الإيرياني، واستمر القتال من جهة أخرى بين
اليمن
الشمالي والجنوبي، ولكن توقف في الأيام الأخيرة من عام 1389هـ = 1969م بعد
أن خرجت
أسرة حميد الدين من السعودية، وأدخل في الوزارة اليمنية الجديدة بعض أنصار
الملكية.

خرج عبد الرحمن الإيرياني من البلاد، وأصبح
نائب رئيس مجلس الوزراء للشئون الداخلي المقدم إبراهيم الحمدي رئيسًا
للدولة، ولكن
بعد مرور عامين 1392هـ = 1972م قام بانقلاب آخر رئيس الأركان العقيد محمد
الغشمي،
وهو من رؤساء قبيلة همدان، وبعد عام آخر قام انقلاب تزعمه علي عبد الله
صالح.



توحيد اليمن

وقد جرت في اليمنَيْنِ (الشمال والجنوب) عدَّة
محاولات لقيام وَحدة بينهما، تضمُّ اليمن الشمالي واليمن الجنوبي، وحدث
بفضل
المساعي المشتركة بين الحكومتين اليمنيَّتين توحيد لشطري اليمن في 22 مايو
عام
1990م، وتسلَّم رئاسة الدولة رئيس اليمن الشمالي علي عبد الله صالح، وأصبح
نائب
الرئيس علي سالم البيض، ومرَّت على الوَحدة أربع سنوات، بدأت تظهر خلالها
الصعوبات
والمعوِّقات التي يحتاج حلُّها إلى صبر ورويَّة ونكران الذات خدمة للشعب
اليمني، وقد
تعمَّقت الخلافات إلى حدٍّ اندلعت فيه الحروب والمعارك بين الشطرين
الموحَّدَيْنِ
رغم تدخُّل بعض الدول العربية للمصالحة بينهما، وتَوَسُّط جامعة الدول
العربية، وتَوْقِيعُ
وثيقة العهد والاتفاق بين الرئيس علي عبد الله صالح ونائبه علي سالم البيض
في
مدينة عَمَّان بالأردن.

توسَّع مجال الخلاف بين الطرفين بعد أن أعلن
اليمن الجنوبي انفصاله عن اليمن الشمالي مُستعيدًا اسم جمهورية اليمن
الديمقراطية
الشعبية، ممَّا أتاح فرصة قيام تدخُّل دُولي، فأصدر مجلس الأمن الدُّولي في
يوم
الأربعاء في مطلع شهر يونيو عام 1994م قرارًا بوقف القتال
الدائر فورًا، وقيام لجنة من هيئة الأمم لتَقَصِّي الحقائق، وفَرْضِ حصار
على
توريد الأسلحة للطرفين المتصارعين.

انتهت الحرب بهزيمة مجموعة علي سالم البيض،
وإعادة توحيد الشطرين في دولة واحدة يرأسها علي عبد الله صالح، وعاصمتها
صنعاء.

وفي أبريل 1997م، أُعِيدَ انتخاب الرئيس علي
عبد الله صالح لفترة رئاسية جديدة، وفي نوفمبر 2000م وافق البرلمان اليمني
على
تعديل الدستور بما يسمح للرئيس اليمني بمدِّ فترة رئاسته إلى سبع سنوات
بدلاً من
خمس، ويسمح له بحلِّ البرلمان، ومدِّ دورة البرلمان إلى ستِّ سنوات بدلاً
من أربع.

وفي الاستفتاء الذي أُجْرِيَ في مارس 2001م
وافق اليمنيُّون على التعديلات الدُّستوريَّة، وتمَّ في الشهر نفسه انتخابُ
ممثلي المجالس
المحلية والمحافظات، وفاز مرشَّحو حزب المؤتمر الشعبي بمعظم المقاعد،
ويُذْكَرُ أن
إجراء الانتخابات في هذه المجالس هي الأُولَى بعد توحيد الشطرين[45].









[1]
انظر حسين بن علي الويسي: اليمن الكبرى ص 19، وانظر في الأقوال التي قيلت
في معنى اليمن: المسعودي: مروج الذهب 1/ 197.





[2]
انظر موقع
الجمهورية اليمنية على الرابط:

http://www.yemen-nic.net/contents/History/detail.php?ID=1162





[3]
الطبري: جامع
البيان في تأويل القرآن 20/
375.





[4]
صفي الرحمن المباركفوري: الرحيق المختوم ص 29.





[5]
انظر أحمد حسين شرف الدين: اليمن عبر التاريخ ص 77، 83، 124،
130، وتاريخ العرب قبل الإسلام ص 101 - 103، والمباركفوري: الرحيق المختوم
ص29.





[6]
انظر المباركفوري: الرحيق المختوم ص30.





[7]
وكان ذلك ردًّا على يوسف ذو نواس الحميري، آخر ملوك حمير في
اليمن، والذي كان يَدِين باليهودية، والذي سار إلى أهل نجران سنة 523م، حين
بلغه
أنهم مُقبِلون على النصرانية فحفر لهم الأخاديد؛ فمَن رجع إلى اليهودية نجا
ومَن
أبى أحرقه، وهو صاحب الأخدود المذكور في القرآن الكريم. انظر سبل الهدى
والرشاد
1/214، ومروج الذهب 1/ 22.





[8]
راجع: اليمن عبر التاريخ ص 77- 83، 124- 130، 157- 161 وغيرها،
وتاريخ أرض القرآن 1/ 133 إلى نهاية الكتاب، وتاريخ العرب قبل الإسلام ص
101 –
151، مع ملاحظة أن في تعيين السنين وتفصيل بعض الحوادث اختلافًا كبيرًا بين
المصادر التاريخية، والمصادر المذكورة نقلاً عن: المباركفوري: الرحيق
المختوم ص30،
31.





[9]
انظر تفصيل ذلك في: تاريخ اليمن في الإسلام في القرون الأربعة
الهجرية الأولى، لعبد الرحمن عبد الواحد الشجاع ص 49 – 56.





[10]
يقصد بهم الإدارة الفارسية في اليمن.





[11]
انظر السيرة النبوية لابن كثير 1/48، وتاريخ ابن خلدون 4/212.





[12]
ابن الأثير: الكامل في التاريخ 1/363، جوامع السيرة 1/ 23، سبل
الهدى والرشاد 1/55.





[13]
انظر سيرة ابن هشام 5/ 9 – 21، وطبقات ابن سعد 1/ 357، والأموال
لأبي عبيد ص 244، 245،





[14]
ابن سيد الناس: عيون الأثر 2/ 246.





[15]
انظر عبد الرحمن عبد الواحد شجاع: تاريخ اليمن في الإسلام ص 68 –
71.





[16]
انظر المصدر السابق ص 72 – 75.





[17]
في أمر هذه السرايا انظر عبد الرحمن عبد الواحد شجاع: تاريخ اليمن
في الإسلام ص 77 – 80.





[18]
قبلوا أن يُفْرَض عليهم شيءٌ من المال كل عام، عُرِفَ بمال
الصلح، وقد اشترط عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم شروطًا أدرج ضمنها يهود
نجران.
انظر سيرة ابن هشام 5/ 9 – 21، وطبقات ابن سعد 1/ 357، والأموال لأبي عبيد ص
244،
245،





[19]
الطبري: تاريخ
الرسل والملوك 2/
224.





[20]
السهيلي: الروض
الأنف 7/ 445،
446.





[21]
الطبري: تاريخ
الرسل والملوك 2/
224، وللاستزادة انظر العمد: حركة الأسود العنسي في صدر الإسلام ص 126،
وانظر
تاريخ اليمن في الإسلام ص 89، 90.





[22]
في تفصيل مواجهة الردة وجهاد المرتدين في اليمن انظر محمد حسن
بريغش: ظاهرة الردة في المجتمع الإسلامي الأول ص 159، وعبد الرحمن عبد
الواحد
شجاع: تاريخ اليمن في الإسلام ص 96 – 104.





[23]
انظر حسين بن
علي الويسي: اليمن الكبرى ص 263، 264.





[24]
انظر ابن منظور: المختصر 5/ 186.





[25]
انظر ابن
الديبع: قرة العيون بأخبار اليمن الميمون 1/ 88 – 91، وتاريخ اليمن في
الإسلام ص 123.





[26]
انظر تاج الدين عبد الباقي بن عبد المجيد اليماني: بهجة الزمن في
تاريخ اليمن ص 21 – 23.





[27]
المصدر السابق ص 21، 22.





[28]
انظر الخزرجي: العسجد المسبوك ص 28، وعبد الرحمن عبد الواحد
شجاع: تاريخ اليمن في الإسلام ص 133.





[29]
انظر تاج الدين عبد الباقي بن عبد المجيد اليماني: بهجة الزمن في
تاريخ اليمن ص 23، وأحمد وصفي زكريا: رحلتي إلى اليمن ص50، وحسين بن علي
الويسي: اليمن
الكبرى ص 265، 266.





[30]
انظر بهجة الزمن ص 24.





[31]
المصدر السابق ص 27، وحسين بن علي الويسي: اليمن الكبرى ص 267.





[32]
في هذه الدول انظر إسماعيل أحمد ياغي، ومحمود شاكر: تاريخ العالم
الإسلامي الحديث والمعاصر ص 79، وحسين بن علي الويسي: اليمن الكبرى ص 269
– 273، والموسوعة العربية العالمية (تاريخ اليمن).





[33]
انظر موقع
الجمهورية اليمنية على الرابط:

http://www.yemen-nic.net/contents/History/detail.php?ID=1162





[34]
إسماعيل أحمد ياغي، ومحمود شاكر: تاريخ العالم الإسلامي الحديث
والمعاصر ص 79.





[35]
انظر محمود
شاكر: التاريخ الإسلامي 7/ 103 – 106، وموقع الجمهورية اليمنية على الرابط:

http://www.yemen-nic.net/contents/History/detail.php?ID=1162





[36]
انظر حسين
بن علي الويسي: اليمن الكبرى ص 287.





[37]
في تاريخ
الدولة الرسولية انظر
موقع الجمهورية
اليمنية على الرابط:

http://www.yemen-nic.net/contents/History/detail.php?ID=1162 ، وانظر
أيضًا: أحمد
وصفي زكريا: رحلتي إلى اليمن ص 55، 56.





[38]
في الدولة الطاهرية انظر: أحمد وصفي زكريا: رحلتي إلى اليمن ص 56،
57، ومحمود شاكر: التاريخ الإسلامي 7/ 109 - 111، وإسماعيل أحمد ياغي،
ومحمود
شاكر: تاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر ص 80.





[39]
محمود شاكر: التاريخ الإسلامي 7/ 112.





[40]
إسماعيل أحمد ياغي، ومحمود شاكر: تاريخ العالم الإسلامي الحديث
والمعاصر ص 80، ومحمود شاكر: التاريخ الإسلامي 7/ 111.





[41]
انظر تاريخ العرب الحديث، مجموعة من الأساتذة ص 41، نقلا عن
الصلابي: الدولة العثمانية ص176.





[42]
انظر الصلابي: الدولة العثمانية ص176.





[43]
انظر تاريخ ابن خلدون 4/111، وحسن إبراهيم
حسن: تاريخ الإسلام4 /205، وحسين بن علي الويسي: اليمن الكبرى وموقع
الجمهورية اليمنية على
الرابط:

http://www.yemen-nic.net/contents/History/detail.php?ID=1162





[44]
محمود شاكر: التاريخ الإسلامي 7/ 113، والموسوعة العربية
العالمية (تاريخ اليمن).





[45]
في حكم العثمانيين لليمن، واحتلال الإنجليز لعدن، وما تلا ذلك من
أحداث انظر: إسماعيل أحمد ياغي، ومحمود شاكر: تاريخ العالم الإسلامي الحديث
والمعاصر، ج1، ص 81 – 88، والموسوعة العربية العالمية (تاريخ اليمن)، وموقع
الجمهورية اليمنية على الرابط:

http://www.yemen-nic.net/contents/History/detail.php?ID=1190
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 12:11

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد الهاشمي
مدير عام
مدير عام
أحمد الهاشمي


عدد المساهمات : 10896
نقاط : 13569
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 03/04/2010

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 13:42

يتثبت

ولي عودة تليق

مع خالص الشكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسات الروح
الأعضاء
الأعضاء
همسات الروح


عدد المساهمات : 1392
نقاط : 1674
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 10/04/2010
العمر : 41

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالجمعة 21 مايو 2010 - 14:14

شجرة الدر

بارك الله فيكِ على مجهود المتميز في طرح الموضوع

لا حرمنااااكِ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالسبت 22 مايو 2010 - 17:37

أحمد الهاشمي كتب:
يتثبت

ولي عودة تليق

مع خالص الشكر
شكرا سيدى
اشرقت الانوار
اشكرك على التثبيت
يا هلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

قصه الاسلام فى العالم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصه الاسلام فى العالم   قصه الاسلام فى العالم Icon_minitimeالسبت 22 مايو 2010 - 17:39

همسات الروح كتب:
شجرة الدر

بارك الله فيكِ على مجهود المتميز في طرح الموضوع

لا حرمنااااكِ
الحبيبه همسات الروح
اشكرك المرور
اتمنى ان اكون عند حسن ظنكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصه الاسلام فى العالم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» مشاهير العالم الذين أسلموا وقل الحمدلله على الاسلام
»  معلومات عن دول وعواصم العالم , الدول وعواصمها , عملات دول العالم , عواصم وعملات دول العالم
»  الأخطبوط قال كلمته "أسبانيا بطل العالم وألمانيا الثالث"والخرافات تحكم كاس العالم
» قصة الاسلام فى الهند
» سلسله خلفاء الاسلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
واحة الأرواح  :: الأقسام العامة :: واحة الشخصيات الدينية والتاريخية والأدبية والسياسية :: واحة التاريخ والأحداث الهامة-
انتقل الى: