واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
مرحبا بكم في واحة الأرواح
واحة الأرواح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

واحة الأرواح

أحمد الهاشمي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولeahmea@yahoo.com

 

 الخليل بن أحمد

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

الخليل بن أحمد Empty
مُساهمةموضوع: الخليل بن أحمد   الخليل بن أحمد Icon_minitimeالسبت 5 يونيو 2010 - 12:45




الخليل بن أحمد












نسبه وموطنه:



هو أبو عبد الرحمن، الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم، الفَرَاهِيدي،
ويقال: الفرهودي، الأزدي، والفراهيدي نسبة إلى فراهيد، وهي بطن من الأزد،
والفرهود: ولد الأسد بلغة أزد شنوءة، وقيل: إن الفراهيد صغار الغنم.


وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: أول من سمي في الإسلام أحمد - بعد رسول الله
صلى الله عليه وسلم - أبو الخليل بن أحمد العروضي.


وقد ولد الخليل في البصرة، سنة مائة من الهجرة، الموافقة لسنة سبعمائة
وثماني عشرة للميلاد، وهو يعدُّ من القلائل الذين تركوا بصمات واضحة في
التطور الحضاري للأمة العربية والإسلامية من خلال اختراعه وتطويره لبعض
العلوم في عصره، ولاسيما اللغة والنحو والعروض.



صفاته وأخلاقه:



كما أجمعت كتب المراجع، فقد كان الخليل بن أحمد - رحمه الله - رجلا
صالحا عاقلا، وقورا كاملا، مفرط الذكاء، وأكثر ما كان من صفاته بعد سيادته
في العلم وانقطاعه له ما كان من زهده وورعه؛ إذ كان
متقللا من الدنيا جدا، متقشفا متعبدا، صبورا على خشونة العيش وضيقه، وكان
يقول: "إني لأغلق عليّ بابي فما يجاوزه همي".


وليس أدل على ذلك مما حكاه عنه تلميذه النضر بن شميل حيث قال: أقام
الخليل في خص من أخصاص البصرة لا يقدر على فلسين، وأصحابه يكسبون بعلمه
الأموال.


هذا وقد روى له في الزهد:


وقبلك داوى الطبيب المريض... فعاش المريض ومات الطبيب


فكن مستعدا لداء الفن... فإن الذي هو آت قريب


ويحكى عنه أيضا أنه كان كثيرا ما ينشد بيت الأخطل:


وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد... ذخراً يكون كصالح الأعمال


ومن حكايات زهده أن سليمان بن حبيب بن أبى صفرة والى فارس والأهواز كان
يدفع له راتبا بسيطا يعينه به، فبعث إليه سليمان يوما يدعوه إليه، فرفض
وقدم للرسول خبزا يابسا مما عنده قائلا: ما دمت أجده فلا حاجه بي إلى
سليمان، فقال الرسول: فما أبلغه عنك؟ فقال:


أبلغ سليمان أني عنه في سعة... وفي غنى غير أني لست ذا مال


شحاً بنفسي أني لا أرى أحد... يموت هزلاً ولا يبقى على حال


الرزق عن قدر لا الضعف ينقصه... ولا يزيدك فيه حول محتال


والفقر في النفس لا في المال نعرفه... ومثل ذاك الغنى في النفس لا المال


فقطع عنه سليمان الراتب فقال الخليل:


إن الذي شق فمي ضامن... للرزق حتى يتوفاني


حرمتني خيراً قليلاً فم... زادك في مالك حرماني


فبلغت سليمان فأقامته وأقعدته، وكتب إلى الخليل يعتذر إليه، وأضعف
راتبه، فقال الخليل:


وزلة يكثر الشيطان إن ذكرت... منها التعجب جاءت من سليمانا


لا تعجبن لخير زل عن يده... فالكوكب النحس يسقي الأرض أحيانا


وفوق زهده وورعه، وتقواه وعلمه - على نحو ما سنبينه - فقد كان الخليل
رجلا ظريفا متواضعا حسن الخلق، ومما ذكر
في ذلك أنه اشتغل عليه رجل في العروض وكان بعيد الفهم، فأقام مدة ولم يعلق
على خاطره شيء منه، قال الخليل: فقلت له يوما: كيف تقطع هذا البيت؟


إذا لم تستطع شيئا فدعه... وجاوزه إلى ما تستطيع


قال الخليل: "فشرع معي في تقطيعه على قدر معرفته، ثم إنه نهض من عندي
فلم يعد إليّ، وكأنه فهم ما أشرت إليه"، وهنا يتجلَّى أدب الخليل وحسن خلقه
مع تلامذته، وكيف كان يستعمل منهجا تربويا فريدا في تعليمه إياهم.


ومن أفضل ما علم عن أدب الخليل وتواضعه ما حكاه عنه أيَّوب بن المتوكّل
حيث يقول: "وكان الخليل إذا أفاد إنسانا شيئا لم يُرِه أنّه أفاده، وإن
استفاد من أحد شيئا أراه بأنه استفاد منه"، وفي ذلك ما فيه من سموّ نفسي
وإنكار للذات، فضلا عن احترام المعلم والإقرار بفضله على المتعلم؛ إذ ذاك
من بعض حقوقه.


وفي مثل ذلك أيضا ما أخبر به تلميذه النضر بن شميل حيث قال: ما رأيت
أحدا يُطلب إليه ما عنده أشد تواضعا منه (من الخليل).


وفي موقف يجسد صفة التواضع هذه يحكي الفضل بن محمد اليزيدي فيقول: قدم
الخليل بن أحمد عليّ وأنا على طنفسة، فأوسعت له عليها فأبى إلا القعود معي
عليها، ثم قال: مهلا، إن الموضع الضيق يتسع بالمتحابين، وإن الواسع من
الأرض ليضيق بالمتباغضين، ثم أنشأ الخليل بن أحمد يقول:


يقولون لي دار المحبين قد دنت... وإني كئيب إن ذا لعجيب


فقلت: وما يغني الديار وقربه... إذا لم يكن بين القلوب قريب






شيوخه وتلاميذه ومؤلفاته:



كغيره من أقرانه وعلماء عصره، فقد أخذ الخليل وتتلمذ على أكثر من شيخ
وأستاذ، وكان منهم: أيوب السخيتاني، وقد فقه اللغة عليه، وأيضا عاصم
الأحول، والعوام بن حوشب، وغالب القطان، وكذلك أبو عمرو بن العلا، وعثمان
بن حاضر.


وكان تلاميذه - رحمه الله - من الكثرة والنجابة بمكان، وكان أبرزهم:
سيبويه النحوي البصري حجة العربية، وعبد الملك بن قريب الأصمعي، وحماد بن
يزيد، وأيوب بن المتوكل البصري القارئ، وبدل بن المحبر، وداود بن المحبر،
وعلي بن نصر الجهضمي الكبير، وعون بن عمارة، والمؤرج بن عمرو السدوسي،
وموسى بن أيوب، والنضر بن شميل، وهارون بن موسى النحوي الأعور، ووهب بن
جرير بن حازم، ويزيد بن مرة الذارع.





وإذا كان من أكبر أسباب شهرة الخليل بن أحمد هو تلميذه سيبويه في مؤلفه
الشهير "الكتاب"؛ إذ عامة الحكاية فيه عن الخليل، وكلما
قال سيبويه في كتابه: "وسألته"، أو ذكر لفظة: "قال" من غير أن يذكر قائله،
فإنما يعني ذلك بالخليل - إذا كان ذلك كذلك فإن من أهم ما طيّر اسم الخليل
وأذاع شهرته في الآفاق هو كتابه ومعجمه البكر من نوعه في مصنفات اللغة
العربية: "كتاب العين"، وسنعرج عليه بعد قليل.


ولم يكن "العين" هو مصنفه الوحيد، وإنما ذكرت كتب المراجع أن له أيضا:
كتاب "العروض" وكتاب "الشواهد" وكتاب "النقط والشكل" وكتاب "النغم" وكتاب
"معاني الحروف" وكتاب في العوامل، وغيرها.






"العين".. وأول معجم عربي..



يعتبر كتاب العين للخليل بن أحمد أول معجم جامع للألفاظ في اللغة
العربية، وذي منهج متميز، وكان هدف الخليل منه ضبط اللغة وحصرها، وقد كان
منهجه فيه أن بدأه بترتيب الحروف، ثم بتقسيم الأبنية، وأخيرا بتقليب اللفظة
على أحد أوجهها، يقول أبو الطيب اللغوي: "أبدع - الخليل - معجمه «كتاب
العين» حسب مخارج الحروف مع مراعاة أوائل الأصول، فبدأ بحروف الحلق فاللسان
فالأسنان فالشفتين، وهكذا.. وانتهى بحروف العلة فجاء هكذا: ع، ح، هـ، خ،
غ، ق، ك، ج، ش، ض، ص، س، ذ، ط، د، ت، ظ، ز، ل، ن، ف، ب، م، و،، ي.


وتوضيح ذلك أن الخليل أقبل على الحروف ليرتب عليها ألفاظه فلم يرتضها؛
وذلك لأن الألف حرف معتل، فلما فاته كره وأن يبتدئ بالثاني وهو (الباء)،
فنظر إلى الحروف على أنها أصوات تخرج من جهاز النطق، فرتب المواد على أساس
مخارج الحروف، وبدأ بأبعدها مخرجاً، وهي الحلقية ( ع ح هـ خ غ)، ثم حروف
أقصى اللسان مع ما يحاذيه من الحنك الأعلى (ق ك)، ثم وسط اللسان مع ما
يحاذيه من الحنك الأعلى (ج ش)، ثم حرف الضاد على اختلاف في مخرجه (ض)، ثم
طرف اللسان مع أطراف الثنايا السفلى (ص س ز)، ثم مع أصول الثنايا العليا (ط
د ت)، ثم مع أطراف الثنايا العليا (ظ ذ ث)، ثم مع اللثة العليا (ر ل ن)،
ثم حروف الشفتين (ف ب م)، وأخيراً الحروف الجوفية (و ا ي)، وقد سمى كل حرف
منها كتاباً، وسمى المعجم كله بأول حرف بدأ به، وهو العين.


بعد ذلك انتقل الخليل إلى اللغة التي تتكون مادتها من هذه الحروف فوجد
أن كلام العرب مبين على أربعة أصناف: الثنائي والثلاثي والرباعي والخماسي،
ووجد أنه ليس في اللغة العربية بناء يقل عن الثنائي أو يزيد على الخماسي؛
فمهما وجدت زيادة على خمسه أحرف من فعل واسم، فاعلم أنها زائدة في البناء،
وليست من أصل الكلمة.


ثم انتقل إلى الأبنية، فوجد فيها الصحيح والمعتل، وفرق بينهما في كل
بناء، فقسم الأبنية على الأساس إلى ثنائي صحيح، وثلاثي لفيف، ورباعي صحيح،
وخماسي معتلين، ثم تناول هذه الأبنية على هذا الترتيب عند كلامه عن حرف من
الحروف الصحاح، ابتداء من العين وانتهاء بالميم، سوى الرباعي والخماسي
المعتلين، فقد أخرهما إلى ختام الكتاب.


وقد اهتدى أخيرا إلى فكره التقليب؛ إذ وجد أن بمقدور أخذ كل بناء من
الأربعة، وقلبه على جميع أوجهه الممكنة، فيحصل على وعاء يضم جميع ألفاظ
اللغة، فالكلمة الثنائية تتصرف على وجهين: قد، و دق، والثلاثية على ستة
أوجه: ضرب - ضبر - برض - بضر - رضب - ربض، والكلمة الرباعية على أربعة
وعشرين وجها.


وقد أشار الخليل في شروحه إلى القلب والنحت، والأضداد، والمعرب، كما
عالج بعض المسائل النحوية، واعتمد شواهد نثريه وشعرية وقرآنية، وعنى
باللهجات واللغات.


ولأن الله يأبى إلا أن يتفرد بالكمال، فقد وقع الخليل في كتابه (العين )
في بعض الأخطاء الصرفية، كما أنه أهمل بعض الأبنية في اللغة، وذلك أنه لم
يسمع عنها شيئا.


وقد جمع أخطاءه باحثون، لكنهم رغم هذه الهنات اعترفوا بأهمية منهجه
أولا، وما جمعه بين دفتي كتابه ثانيا، إذ من المستغرب ألا يخطىء إنسان يعمل
وحيدا في معجم ريادي، والكتاب طبع مرات عديدة، كاملا ومشروحا ومختصرا.


هذا وقد اهتم العلماء بكتاب العين، وكثر الجدال والخلاف حوله حتى عصرنا
هذا، وبالأخص من ناحية تأليفه ومؤلفه؛ فقد قيل إن الخليل مات ولم يتمم كتاب
"العين"، ولا هذبه، ذكر ذلك ابن خلكان فقال: وأكثر العلماء العارفين
باللغة يقولون: إن كتاب العين في اللغة المنسوب إلى الخليل بن أحمد ليس
تصنيفه، وإنما كان قد شرع فيه ورتب أوائله وسماه ب "العين"، ثم مات فأكمله
تلامذته: النضر بن شميل ومن في طبقته، وهم: مؤرج السدوسي ونصر بن علي
الجهضمي وغيرهما، فما جاء الذي عملوه مناسباً لما وضعه الخليل في الأول،
فأخرجوا الذي وضعه الخليل منه، وعملوا أيضاً الأول، فلهذا وقع فيه خلل كثير
يبعد وقوع الخليل في مثله، قال: وقد صنف ابن درستويه في ذلك كتاباً استوفى
الكلام فيه، وهو كتاب مفيد..هـ.


ولعل الرأي الراجح الصحيح في نسبة الكتاب، هو أن الخليل هو صاحبه، وقد
نص على ذلك صراحة ابن دريد، وابن فارس، والسيوطي وغيرهم، وأما ما وجد فيه
من أشياء لا يمكن نسبتها إلى الخليل، مثل التصحيف أو التحريف أو مسائل لا
تسير وفق مذهبه البصري، أو حكايات عن المتأخرين عنه، أو المعاصرين له فذلك
كله إنما هو من عمل النساخ، أو غيرهم من قد يتعمدون ذلك، ثم إن الآراء
الأخرى أغلبها استنتاجي يعتمد فقط على الرواية دون النظر إلى وقائع الأمور.




علم العروض واختراع الخليل:



قيل إن الخليل بن أحمد دعا وهو بمكة أن يرزق علماً لم يسبقه أحد إليه
ولا يؤخذ إلا عنه، فرجع من حجه ففتح الله عليه بعلم العروض، وكانت له معرفة
بالإيقاع والنغم، وتلك المعرفة أحدثت له علم العروض، حيث إنهما متقاربان
في المأخذ.


وفي ذلك يقول حمزة بن الحسن الأصبهاني: "وبعد، فإن دولة الإسلام لم تخرج
أبدع للعلوم التي يكن لها عند علماء العرب أصول من الخليل، وليس على ذلك
برهان أوضح من علم العروض الذي لا عن حكيم أخذه، ولا على مثال تقدمه
احتذاه، وإنما اخترعه من ممر له بالصفارين من وقع مطرقة على طست ليس فيهما
حجة ولا بيان يؤديان إلى غير حليتهما أو يفيدان غير جوهرهما، فلو كانت
أيامه قديمة ورسومه بعيدة لشك فيه بعض الأمم لصنعته ما لم يصنعه أحد منذ
خلق الدنيا من اختراعه العلم الذي قدمت ذكره، ومن تأسيسه بناء كتاب "العين"
الذي يحصر لغة أمة من الأمم قاطبة، ثم من إمداده سيبويه من علم النحو بما
صنف منه كتابه الذي هو زينة لدولة الإسلام". اهـ.


وفي هذا يقال: إن الخليل كان له ولد مختلف، فدخل على أبيه يوماً فوجده
يقطع بيت شعر بأوزان العروض، فخرج إلى الناس وقال: إن أبي قد جن، فدخلوا
عليه وأخبروه بما قال ابنه، فقال مخاطباً له:


لو كنت تعلم ما أقول عذرتني... أو كنت تعلم ما تقول عذلتكا


لكن جهلت مقالتي فعذلتني... وعلمت أنك جاهل فعذرتكا


وعلم العروض هذا هو ذلك العلم الذي يعني بأصول يُعرف بها صحيح الشعر من
فاسده، أو هو علم يُبحث فيه عن أصول الأوزان المعتبرة، أو هو ميزان الشعر
به يعرف مكسوره من صحيحه، كما أن النحو معيار الكلام به يعرف معربه من
ملحونه.


فحين أحسَّ الخليل بن أحمد فساد الذوق العربي بسبب اختلاط العرب
بالأعاجم، وحين تقلصت الفطرة العربية السليمة، بعد أن كان العربي يقول
الشعر عفو الخاطر وعلى البديهة، فدفعه كل ذلك إلى التفكير في اختراع هذا
العلم، وفائدته - كما ذكرت - التمييز وعدم الخلط بين الجيد القوي والسمج
الرديء، وسلامة الشعر من الكسر والتشويه.


وكان الخليل بن أحمد يقضى الساعات ذاهل عن نفسه يرفع أصابعه ويحركها
ببطء لضبط أوزان ما يتمتم به من الشعر وتنسيقها، وقد استطاع أن يستنبط علم
العروض كأروع ما يكون استنباط العلوم، وأخرجه إلى الوجود من حيث لم يكن،
وحصر أقسامه في خمس دوائر يستخرج منها خمسة عشر بحراً، يجرى عليها النظم
حتى اليوم، ثم زاد فيه الأخفش بحراً آخر وسماه "الخبب" وهو معروف
بالمتدارك.


وإذا كان العروض لازماً للشاعر الملهم الموهوب، فإنه يكون أشد لزوماً
لغيره من الدارسين والمتخصصين في دراسة اللغة العربية؛ فهو أداتهم لفهم
الشعر وقراءته قراءة صحيحة، والتمييز بين السليم منه والمختل الوزن.






الخليل وعلم النحو:



وفي علم النحو أيضا كان الخليل بن أحمد قد أدلى بدلوه، بل كان الإمام
فيه، فكان عالماً بالنحو، بارعاً في معرفة الأصول والفروع، يأخذ بمبدأ
القياس في النحو، ويعتمد على العلل النحوية لتفسير مختلف الظواهر الإعرابية
في كلام العرب، كما كان منهجه في النحو يعتمد أيضاً على تقسيم الكلم بحسب
طبيعتها وتركيبها ومدلولها إلى اسم وفعل وحرف، ويعود إليه الفضل في وضع
الهيكل العام لعلم النحو وأبحاثه بمختلف أقسامه وتفرعاته.


ويرى الدارسون أن الخليل بجهوده المتميزة، كان المعبر الذي انتقل به
النحو العربي إلى مرحلة لها سماتها وخصائصها، وكان أثره في جميع النحاة من
بعده كبيراً، حيث أفادت منه المدارس النحوية كافة؛ وذلك لأن جهوده صبت في
المنهج نفسه عبر ذهنية وعت طبيعة اللغة، وفقهت أدق أسرارها، ولذا فإن
(بروكلمان) قد قال وهو يبحث في العربية: إن الخليل هو المؤسس الحقيقي لعلم
النحو العربي الذي وضعه سيبويه في كتابه بعد أن تلقاه عنه، وتعلمه عليه.




الخليل وعلم الأصوات:



وفي سابقة جديدة أيضا تحسب له وتنسب إليه، فإن الخليل بن أحمد يعتبر أول
من درس علم أصوات العربية دراسة علمية منهجية، مبنية على الاستقصاء الدقيق
والاستقراء الواسع؛ إذ حدد مخارج الحروف، ورسم صفاتها المختلفة من الجهر،
والهمس، والشدة، والرخاوة، والاستعلاء، والإطباق، والانفتاح، والذلاقة.


وفوق هذا وذاك فإن الخليل يعد أول من أرسى معظم المصطلحات التي تدور في
علوم النحو والصرف واللغة والشعر، وذلك من مثل: العامل، والظروف، والتفسير
بمعنى التمييز، والنعت، والإجراء، والصدر، والعجز والقافية.



ثناء العلماء عليه:



إحقاقا للحق وامتنانا بالفضل وعرفانا بالسبق، فقد أثنى كثير من علماء
المسلمين على الخليل بن أحمد - رحمه الله - وأنزلوه المكانة اللائقة به،
حتى قال عنه سفيان بن عُيَيْنة - رحمه الله: من أحب أن ينظر إلى رجلٍ خلق
من الذهب والمسك فلينظر إلى الخليل بن أحمد.


ويروي عن تلميذه النضر بن شميلٍ أنه قال: كنا نمثل بين ابن عونٍ والخليل
بن أحمد أيهما نقدم في الزهد والعبادة، فلا ندري أيهما نقدم؟ وكان يقول:
ما رأيت رجلاً أعلم بالسنة بعد ابن عونٍ من الخليل بن أحمد. وكان يقول:
أكلت الدنيا بعلم الخليل وكتبه وهو في خصٍ لا يشعر به، وكان يحج سنةً ويغزو
سنةً، وكان من الزهاد المنقطعين إلى الله تعالى.


وقال السيرافي: كان - الخليل - الغاية في تصحيح القياس واستخراج مسائل
النحو وتعليله.


وقال إبراهيم بن إسحاق الحربي: كان أهل البصرة - يعني أهل العربية -
منهم أصحاب الأهواء إلا أربعة فإنهم كانوا أصحاب سنة: أبو عمرو بن العلاء،
والخليل بن أحمد، ويونس بن حبيب، والأصمعي.


وقال عنه ابن حبان في كتاب الثقات: كان - الخليل - من خيار عباد الله
المتقشفين في العبادة.


وفي مجمل علمه قال النضر (تلميذ الخليل): ليس شئ ينظر الناس بعقولهم إلا
كان استقام عند الخليل.






بعض أقواله:



بعد كل هذا لا يكون غريبا أن يتسربل الخليل بسربال الحكمة، ويكون له
فيها باع ليس بالهين، فمما أُثر عنه في ذلك ما حدث به يعقوب بن إسحاق
الأصبهاني حيث قال: قال الخليل بن أحمد: الناس أربعة: فرجل يدري وهو يدري
أنه يدري فذاك عالم فخذوا عنه، ورجل يدري وهو لا يدري أنه يدري فذاك ناسٍ
فذكروه، ورجل لا يدري وهو يدري أنه لا يدري فذاك مسترشد فعلموه، ورجل لا
يدري وهو لا يدري أنه لا يدري فذاك جاهل فارفضوه.


وحدث سفيان أيضا قال: سمعت الخليل بن أحمد يقول: إذا أردت أن تعلم العلم
لنفسك، فاجمع من كل شيء شيئاً، وإذا أردت أن تكون رأساً في العلم، فعليك
بطريق واحد.


ومن جملة أقواله أيضا:


- لا يعرف الرجل خطأ معلمه حتى يجالس غيره.


- ثلاث ينسين المصائب: مر الليالين والمرأة الحسناء، ومحادثة الرجال.


- اجعَلْ تعلمك دراسةً لعلمك، واجعل مناظرةَ المتعلِّم تنبيهاً على ما
ليس عندك.


- كن على مدارسة ما في قلبك أحرص منك على حفظ ما في كتبك.


- اجعل ما في كتبك رأس مال، وما في صدرك للنفقة.


- ويروى عنه أنه قال: إن لم تكن هذه الطائفة - يعني أهل العلم - أولياء
الله فليس لله ولي.


ومما أُثر عنه أيضا قوله: أكمل ما يكون الإنسان عقلاً وذهناً إذا بلغ
أربعين سنة، وهي السن التي بعث الله تعالى فيها محمداً صلى الله عليه وسلم،
ثم يتغير وينقص إذا بلغ ثلاثاً وستين سنة، وهي السن التي قبض فيها رسول
الله صلى الله عليه وسلم، وأصفى ما يكون ذهن الإنسان في وقت السحر.


ثم هذه الفائدة العظيمة التي تلخص مجرى حياته، حيث قال: إذا خرجت من
منزلي لقيت أحد ثلاثة؛ إما رجلا أعلم بشيء مني فذلك يوم فائدة، أو رجلا
مثلي فذلك يوم مذاكرة، أو رجلا دوني فذلك يوم ثواب.



وفاته:



كما كان الخليل عجيبا في حياته متفردا بين بني جنسه، فكانت وفاته أيضا
كذلك، فقد أراد أن يقرب أو يبتكر نوعاً جديدا من الحساب تمضي به الجارية
إلى البياع فلا يمكنه ظلمها، فدخل المسجد وهو يعمل فكره في ذلك، ولكن أجله
كان بالمرصاد، حيث صدمته سارية وهو غافل عنها بفكره، فانقلب على ظهره،
فكانت سبب موته، وكان ذلك بالبصرة سنة سبعين ومائة من الهجرة على المشهور،
ودفن بها.


وإن حادثة وفاته هذه لتصور لنا مدى استغراق الخليل في التأمل العقلي،
ومدى استيلاء ذلك التأمل عليه.


ـــــــــــــــــــــــ



مراجع البحث:



- السيوطي: المزهر. - الذهبي: سير أعلام النبلاء.


- الذهبي: العبر في خبر من غبر. - ابن خلكان: وفيات الأعيان.


- ياقوت الحموي: معجم الأدباء. - ابن حجر: تهذيب التهذيب.


- المزي: تهذيب الكمال. - ابن كثير: البداية والنهاية.


- ابن النديم: الفهرست. - الجاحظ: البيان والتبيين.


- المبرد: الكامل في اللغة والأدب. - الزركلي: الأعلام.


- موقع المجلة العربية. - موقع دعوة الإسلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد الهاشمي
مدير عام
مدير عام
أحمد الهاشمي


عدد المساهمات : 10896
نقاط : 13569
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 03/04/2010

الخليل بن أحمد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخليل بن أحمد   الخليل بن أحمد Icon_minitimeالسبت 5 يونيو 2010 - 13:09

تسلمين أستاذةشجرة الدُر


بارك الله فيكِ


لكِ خالص الود


وتقديري وتحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شجرة الدر
كبار الشخصياتvip
كبار الشخصياتvip
شجرة الدر


عدد المساهمات : 4808
نقاط : 6181
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 55

الخليل بن أحمد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخليل بن أحمد   الخليل بن أحمد Icon_minitimeالخميس 1 يوليو 2010 - 8:03

أحمد الهاشمي كتب:
تسلمين أستاذةشجرة الدُر


بارك الله فيكِ


لكِ خالص الود


وتقديري وتحياتي

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زينب بابان
مشرفة عامة
مشرفة عامة
زينب بابان


عدد المساهمات : 10543
نقاط : 16309
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 04/05/2010
العمر : 52

الخليل بن أحمد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخليل بن أحمد   الخليل بن أحمد Icon_minitimeالأربعاء 18 أغسطس 2010 - 17:29

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الخليل بن أحمد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
واحة الأرواح  :: الأقسام العامة :: واحة الشخصيات الدينية والتاريخية والأدبية والسياسية-
انتقل الى: