إليك يا رسولَ الله
محمود أسد
تاهَ البيانُ ، و فاتَهُ التثريب
الشّعرُ أيقظ حَسْرَتي ، و موانئي
اللّيلُ يا شَغَفَ اليراعِ مُراقَِبٌ
هوِّنْ عليكَ ، فهلْ لنا غيرُ المُنى
و اقراْ عليَّ من السَّنا ما خطَّهُ
إنْ جاءَني صوتٌ نسجْتُ رغائبي
أبْحَرْتُ في الآفاقِ حتَّى قادني
أنتَ الرّبيعُ و خافقي مُتَرَقِّبٌ
أعطيْتُكَ الأشواقَ بعد تنهُّدٍ
الصّيف يرمي وِزْرَنا في وجهِنا
السّاهرونَ على موائدِ عجزنا
حاورْتُ صمْتَ الرّيح في غسقِ الدّجى
لو كنتِ قارئة ً غيومَ مدامعي
إنْ جئتِني في غفلةٍ أمسكتِني
أيَّانَ جئْتُ إليهِ حُزْتُ مغانماً
ما كنْتُ إلاَّ واثقاً و موثّقاً
مَنْ جاءني يجدِ الدروبَ مضاءَةً،
و حفظْتُها في مرقدي و تهجُّدي
مكثَ البهاءُ على ضفائرِ لوعتي
هل كنْتُ في حُلُمٍ ، و حَدْسي مَنْهَلٌ
أيقظْ نداءَ الرّوحِ مِنْ زفراتِهِ
و استحسنَ الأهلُ الغُفاةُ فِعالَهمْ
حتى تطاوَلَ آثمٌ في غَيِّهِ
لم يعرفوا أن الحبيبَ مُعلِّمٌ
بثّوا السّمومَ ، و جلُّنا مُتفرِّجٌ
إنَّ البنينَ تنكّروا ,و تقوَّلوا
البيْتُ إنْ هَدَمَ البنونَ سياجَهُ
الأرضُ يقوى غرْسُها برجالِها
و الفكرُ ليسَ رصاصة ً و تبرّجا
"قفْ دونَ رأيكَ في الحياةِ"محاوراً
لولا التَّوَدُّدُ للحبيبِ و فضلُهُ
لولا الحبيبُ و طُهْرُهُ لاستوطَنَتْ
يا باعثَ الخيراتِ في حُلك الورى
أنتَ الخلاصُ ، فدربُنا مُتَوَعِّك
يا خالقي أقبلْتُ نحوك راجياً
أوصَيْتَنا بالخيرِ و التّقوى ، فلم
قد ضَيَّعَتْنا فرقةٌ و تخاصُمٌ
و الشّعرُ صادٍ ، و الجوى تعذيبُ
يُرْمى عليها ما رأى المحبوبُ
و المفسدونَ على الرّؤوسِ رُكوبُ
أقبلْ ، فقبضُ المُرْتجى مكتوبُ
فالعمرُ عند الملتقى محسوبًُ
بوحاً ، و في روضِ الرّؤى مسكوبُ
سَفَري إلى أنواءَ ، ليس تُجيبُ
للطُّهْرِ ، و الحسنُ السّنيُّ رقيبُ
و المرءُ يذهَبُ للرّجا و يؤوب
و الوزرُ مِنْ أفعالِنا مجلوبُ
غزلوا الوعودَ ، فغرَّدَ المنكوبُ
فقطَفْتُ فجراً هزََّهُ التغريبُ
أدركْتِ كنْهَ الصّدقِ حين أتوبُ
في روضِ قلبٍ ,للأسى مندوبُ
ما كنْتُ أشعر ُأنَّني المغلوبُ
في صدرِهِ, سكن الهوى و الطِّيبُ
و الذّكرياتُ شروقُهنَّ غروب
تلكَ الأماني ,هدَّها التّحزيبُ
و كأنَّهُ قمرٌ, سبَتْهُ حروب
للظّامئينَ ، و بالمُدى مشطوبُ
فالغُصْنُ جفَّ ,و أُنْبِتَ التّكذيبُ
و الدّاءُ شبَّ ، و صمتُنا مصلوب
فرمى النبيَّ ,و قادَهُ التخريب
و مُطبِّبٌ ، و القولُ منه مُصيبُ
نقسو على إخوانِنا و نَعيبُ
هَلْ مِنْ عُجابٍ إن أساءَ غريبُ ؟
ما ضرَّ لو نسفَ الأساسَ كذوبُ
و البيتُ يعلو إن رعاهُ رقيبُ
إنّ اليقينَ سياجُهُ التهذيب
نبضُ الحوارِ لفكرنا مطلوبُ
لصرخْتُ من ألمي ، و رُحْتُ ألوبُ
سُبُلي ظلاماً ، شابَهُ التّرهيبُ
أنتَ المنيرُ ، و مَنْ سواكَ يُجيبُ
إنّي لجأتُ ، و للصّلاحِ دروبُ
فاغفِرْ لنا إثماً ,حَوَتْهُ ذنوبُ
ندرِكْ دروبَ الحقِّ كيفَ تغيب
و الذّلُّّ وحَّدَ فاستبدَّ غضوبُ
قصيدة من تواشيح الروح
من تواشيح الرّوح محمود أسد
لخارطتي مواجعُ أمنيات القلب
بعد تنافرِ الواحاتِ،
و الآمالُ فيها ريحُ
آهاتٍ معلَّقَةٍ
على الجرحِ النديِّ
و لوحةُ العمرِ الذي أضحى
بريداً للسّرابِ..
***
لمئذنتي هُتافُ الفجرِ
و الأحلامُ ترفَعُ بَوْحَها
مِنْ ثَقْبِ أوجاعٍ
مُعَتَّقةٍ
و مِنْ عمرٍ مديدٍ
يشتري عَذْبَ اللّهاثِ،
يبدِّدُ الأحزان حيناً،
يرتضي دفْءَ اللقاءِ..
***
و كم جئْنا نعارِكُ حزننا
جئنا نبارك كلَّ أحلامِ الهوى
حتّى رأيتُ الدَّرْبَ أزهاراً
و أطفالاً و كرّاساً،
و كم جئْنا نُفاتِحُ روحَنا
نرمي إليها الخوفَ
ندعو للخلاصِ شتاءَ أحلامٍ
نلوذُ بقصَّةٍ
تُخْفي وراءَ الجُرْحِ
أوهامَ البراءةْ..
و تَبْعَثُ للألى تاهوا
مواسِمَ غرَّدَتْ نَزْفاً
و حطَّتْ في الفراغِ
زهورَ أوقاتٍ
تعيشُ على التمنِّي
و الخرافةْ..
***
أتُمْسِكُنا مساماتُ العذوبَةِ
بعد أنْ زالَ الجليدُ و راحَ
بوحُ القلبِ يَقْطِفُ
مِنْ نسيمِ الشِّعْرِ
دُرّاً لا يرائي للظّلامِ..؟
أتمنَحُنا تواقيعُ الولاءِ
بحارَ آمالٍ تغازِلُ
حزنَنا قبل المخاضِ..
و قد جاءتْ إلينا في شروقٍ
عابسٍ يرمي إلينا
ما تبقَّى من مساءَلةٍ،
جريْنا نحرقُ الوقت الذي
هَدَّتْهُ عَرْبَدَةٌ
و أغواهُ الصّراخُ،
و نحنُ جسْرٌ للثّراءِ المرِّ مرميَّاً
على عتباتِ أهلِ المكرماتِ..
***
أتَجْمَعُنا معاركُ أمْسِنا؟
يا للضّياعِ !
و قد مضيْنا كالحيارى،.
دونَ أوقاتٍ و أعرافٍ
و ألحانٍ تُتيحُ الرّقْصَ ،
تعزِفُ لحن آهاتِ الغيارى الغارقين
على ضفافِ القلبِ
و الأشواقُ ترنو في اختلاسٍ
للطَّهارةْ..
***
متى عيني و أوجاعي
تغرِّدُ للنّدى؟
ترنو ليومٍ راعفٍ بالذّكرياتِ،
يبثُّ ومضَ العمرِ أزهاراً،
لتُرْقِصَ دربَنا
تسقيه أقماراً
و حبّاً لا يُجارى
و عشقاً لا يجارى
و خيراً لا يبارى..