إسلامية المعرفة
لابد من إصلاح مناهج الفكر، وبناء الرؤية الأصيلة الواضحة لمختلف مراحله. وما من فرع منفروع العلم إلا ويمكن ضبطه بالمنظور القرآني المرن الشامل، الذي يتسعللمسألة العلمية في مختلف أركانها (الأهداف- المناهج- الحقائق- التطبيق).
فمع اتجاه المعرفة نحو القوة والتسلط والأنانية، وتحويل المنجزات العلمية إلى سلاح يوجَّهإلى صدر الإنسان وليس لصالحه، أمام كل هذا تأتي أهمية (إسلامية المعرفة)وهي تعني التمسك بالمنظور القرآني للكون والحياة والأخذ بالإطار الذي وضعهالإسلام لضبط الحركة العلمية.
محاور إسلامية المعرفة:
وتقوم إسلامية المعرفة على المحاور الآتية:
(1) ممارسة النشاط المعرفي (الكشف- التجميع- التركيب- النشر) من زاوية التصور الإسلامي.
(2) احتواء كل الأنشطة والعلوم الإنسانية نظريًّا وتطبيقيًّا، وتشكيلها في إطار الأسس الإسلامية.
(3) أن تواكب قدرة العقل والفكر والمنهج الإسلامي حاجة الأمة والتحديات التي تواجهها.
ضروريات الحاجة لإسلامية المعرفة:
الحاجة لإسلامية المعرفة تنبع من عدة ضروريات:
أولاً: الضرورة العقيدية:
وتتمثل في الإسلام لله رب العالمين،والخضوع لإرادته وأوامره، ونواهيه في كل أمور الحياة. وتحقيق إسلاميةالمعرفة في مجال العقيدة يكون عن طريق:
1- إعانة المسلمين في العالم على مزيد من فهم الإسلام فهمًا صحيحًا، فتزداد قناعاتهم بحق هذا الدين في قيادة البشرية.
2- تمكين المسلمين في العالم منالإلمام بالقوة المادية وتطوير حياتهم المدنية بما يحقق لهم مكانة مناسبةفي هذا العالم، ويمكنهم من مواجهة تحديات أعدائهم الذين يريدون لهم دوامالتخلف والفقر.
ثانيًا: الضرورة الإنسانية:
وهي العمل على تكوين الإنسان المؤمن الواعي، الذي يتصدى لصور المعرفة الضالة.
ثالثًا: الضرورة الحضارية:
أي حماية مسلمي اليوم والغد منالذوبان في حضارة غيرهم، والهدف من (الإسلامية) في مجال الحضارة هو أنتستعيد هذه الأمة دورها وتقوم بإعادة بناء العالم عن طريق المعرفةالمستمدة من هدي الله سبحانه وتعالى.
رابعًا: الضرورة العلمية:
فإذا كان النشاط العلمي بصورتهالمادية قد قام على الرغبة في الكسب والطموح الشخصي والاكتشاف والتفوق،فإن تحقيق (الإسلامية) تدفع النشاط العلمي للازدهار والتألق للكشف عنالحقائق، والسنن في هذا الكون وبيان مصادر القوة والطاقات التي أشار إليهاكتاب الله، والذي دعا المسلمين إلى إخراجها للناس لتحقق لهم الخير الوفير.
وتزداد أهمية دور المسلم في الأخذبأسباب العلم وفقًا للمنهج الإسلامي في عصر الاتصالات والفضاءوالكومبيوتر، فيجب أن يكون للمسلمين دور بارز في النهضة العلمية الحضارية،لتحقيق الخلافة في الأرض، ولمواجهة تحديات العصر، على أن يكون سعيهم علىأساس من كتاب الله وسنة رسوله (.
وهذا هو الفرق بين العالم المسلموبين غيره من العلماء الذين لا يريدون سوى المال والمكانة، فيسخرون علمهملتدمير البشرية بدلاً من العمل على تيسير سبل الحياة والعمل على إسعادالبشرية جمعاء.
مبادئ تحقيق إسلامية المعرفة:
وأمام تعدد هذه المجالات تتعدد المبادئ التي يتم تحقيق
هذه (الإسلامية) على أساسها، ومن هذه المبادئ:
(1) الإيمان بوحدانية الله سبحانه وانعكاس هذا الإيمان على مختلف جوانب الفكر والعمل.
(2) الإيمان بأن الإنسان خليفة الله في الأرض، وأن الله سخر له كل ما في الكون.
(3) الإيمان بشمولية الإسلام وقدرته على سياسة الدنيا بكل مجالاتها.
(4) الإيمان بعموم الحقائق الإسلامية في الزمان والمكان والإنسان.
(5) الإيمان بتوافق الوحي مع العقل.
(6) توعية المسلمين بدينهم ودورهم في الحياة.
(7) توحيد مفاهيم ومناهج الفكر الإسلامي.
( الإحاطة بالتراث الإسلامي ممثلا في القرآن والسنة وآثار الصحابة والتابعين، وجهود علماء الأمة ومفكريها ومصلحيها.
(9) الوقوف على آخر ما وصلت إليه المعرفة المعاصرة.
(10) تجديد الأولويات الأساسية للبحث العلمي.
(11) تكوين الكوادر (المجموعات) العلمية وتوفير الإمكانات الفنية والبشرية والمادية اللازمة.
(12) الاهتمام بدور العلم والمكتبات وترجمة العلوم التي سبقتنا إلى اللغة العربية.
(13) تشجيع اللغة العربية في دور العلم والاهتمام بها؛ لأنها أداة الفكر العربي والإسلامي حتى تصبح لغة العلم.
(14) تربية كوادر علمية تجيد أكثر من لغة أجنبية لكي تكون عناصر فعالة لنقل الحضارات الغربية المتقدمة.
(15) زيادة فعالية الأفراد في هذا المجال عن طريق استشعار نية خدمة الإسلام والأمة في عملية التعليم وإجراء البحوث العلمية.
(16) توفير الإمكانات اللازمة لإجراءالبحوث العلمية والتجارب، ومكافأة العلماء في كل جوانب العلم عن طريقالجوائز ورفع مستوياتهم المادية.
(17) تشجيع نوابغ النشء عن طريق الإنفاق عليهم ووضع خطط طويلة المدى لجعلهم علماء المستقبل.