يجمعهم الله تعالى في مكة في ليلة واحده. وهي ليلة جمعه ,فيصبحون بمكه في بيت الله الحرام , لا يتاخلف منهم رجل واحد ,فينتشرون بمكة في ازقتها ,ويطلبون منازل يسكنونها فينكرهم أهل مكه ,وذلك انهم لم يعلموا بقافلة قد دخلت مت البلدان لحج او لعمرة ام لتجاره ,
فيقول من يقول من اهل مكة بعضهم لبعض : ما ترون قوما من الغرباء في يومنا هذا لم يكونوا قبل هذا ؟
ليس هم من اهل بلدة واحده , ولا هم من قبيلة واحده , ولا معهم أهل ولا دواب .
بينما هم كذلك إذ أقبل رجل من بني مخزوم , فيتخطى رقاب الناس ,وبقول : رايت في ليلتي هذه رؤيا عجيبه ,
وأنا خائف وقلبي منها وجل .
فيقولون :سر بنا لى فلان الثقفي .
فيقول المخزومي: رأيت سحابة انقضت من عنان السماء , فلم تزل حتى انحطت إلى الكعبه ,فدارت فيها , وأذا فيها جراد اولي أجنحة خضر طافت بالكعبة ما شاء الله , ثم تطايرت يمينا وشمالا لا تمر ببلد إلا أحرقته .ولا بحصن إلا حطمته , فاستيقظت وانا مذعور وجل ,
فيقول الثقفي:
لقدج طرقكم هذه الليلة جند من جنود الله جل وعز , لا قوة لكم به ,
فيقولون : أما والله قدراينا عجبا . ويحدثونه بأمر القوم . ثم ينهضون من عنده ويهمون بالوثوب عليهم , وقد ملأ الله قلوبهم رعبا وخوفا , فيقول بعضهم لبعض : لا تعجلوا على القوم , إنهم لم ياتوكم بعد بمنكر ولا شهروا السلاح , ولا اظهروا الخلاف , ولعله ان يكون من القوم رجل من قبيلتكم , فان بدا من القوم شيء فإنكم وهم . إنا نراهم متنسكين سيماهم حسنة ,وهم في حرم الله عز وجل , الذي لا يباح من دخله حتى يحدث حدثا .ولم يحدث القوم ما يوجب محاربتهم .
فيقول المخزومي وهو عميد القوم : أنا لا آمن ان يكون وراءهم ماده ( مدد ), وإن أتت إليهم انكشف امرهم وعظم
شانهم ,فتهضموهم وهم في قلة من العدد وغِرّة بالبلد قبل أن تاتيهم الماده . وما احسب تأويل صاحبكم إلا حقا .
فيقول بعضهم لبعض:إن كان من يأتيكم مثلهم فغنه لا خوف عليكم منهم ,لأنه لا سلاح معهم ولا كراع ,ولا حصن يلجأون إليه .وهم غرباء ومحتاجون .فإن أتى جيش لهم نهضتم غلى هؤلاء فيكونون كشربة الظمآن .
فلا يزالون في هذا الكلام ونحوه حتى يحجز الليل بين الناس ,فيضرب على آذانهم بالنوم .فلا يجتمعون بعد انصرافهم إلى أن يقوم القائم فيلقى أصحابه بعضهم بعضا كابناء اب واحد وأم واح
ده , افترقوا غدوة واجتمعوا عشيه .
لا يدعون وترا لآل محمد إلا أخذوه
( فستعلمون من أصحاب الصراط السّويّ ومن اهتدى )