قصة قصيرة إعدام حب رميا بالكلمات جعفر صادق المكصوصي
كل الحواس مشتركة في مراسيم انتظار هطولها الندي ، كل الجوارح عطشه إلى ماء لقائها العذب العيون ترقب الأماكن في شارع فلسطين في بغداد قاصدة كافتريا الموال
حيث اللقاء الخميسي المعتاد .
اللحظات التي نجتمع بها تحلق بنا إلى عالم سماوي لغته ابتسامات وهمسات تمر ساعاته كثواني نشتاق إلى بعضنا قبل أن نفترق تحرص على أن لا تسمعني غير كلمات الحب لا مكان للمنغصات احذر نفسي من أتفوه بكلام يكدر صفو اللقاء فيكون حديثي كنسيم هواء عذب ، حديث الروح المشتاقة إلى الروح الملهوفة حديث القلب الميتم إلى القلب الأسير حبا .
سمائنا تحفها أشعة متلونة بألوان قوس قزح .
تمكن هذه الأيام الكثيرون من الوصول إلى أذني فكانت الكلمات كخصم للحب ثم تحول الكلام إلى قاضي وشهود وادعاء عام ومحامين للخصم محكمة لم تأخذ سياق المحاكمات المعتادة ولم تأخذ حقها من الوقت المطلوب .
المصيبة أن الكلمات تخرج من أفواه مقربة جدا مني تمزقني بأسواط الكلام فكان لتلك الكلمات التي جمعت أدواتها أن تتمكن من إصدار حكمها بإعدام الحب والتنفيذ في يومنا الخميسي الجميل .
أيعقل أن يكون الكلام هذا صادر من الشيطان المختبئ في داخل الإنسان.
الحيرة تكبل عقلي ما هذه الحياة المملوءة بالعجائب قلبت صفحات الماضي قرنتها بالحاضر أحضرت كل شكوكي تطلعت في صفحات الشهود وسيرة القاضي ميزت قرار الحكم وفضاعته .
تسائلت هل يستحق الحب الجميل الإعدام هل يغيب الجمال الروحي ؟
هل توجد خيانة ؟
هل الشهود مزورون ؟
التنفيذ اليوم على الكراسي في صالة الموال .
ها هي قادمة منتصبة كوردة تقاوم الريح ، بريق عيناها يسحرني .
ـــ كيف حالك ؟ لماذا الوجوم مرسوم على محياك ؟
ـــ لا شيء لا شيء
( تحدثت بلغة مسبوكة تقاس بميزان جواهر الذهب ) .
ـــ اشتقت أليك حبيبي .
تاهت الكلمات من فمي وخرست لغتي ، لا يحضر أمام مخيلتي سوى ما قيل عنها والدعوات بإعدام الحب وقرار المحكمة هل أنا المعني بتنفيذ حكم الإعدام كيف سأطلق الكلمات القاتلة .
صمت صمتا طويلا وقلت لها .
ـــ اليوم موعدنا الأخير .
ـــ اليوم هو لقائنا الأخير .
ـــ ماذا
ـــ اليوم هو لقائنا الأخير .
ـــ هل صدقت أوهامهم ؟ !
ـــ هل أيدت مؤامراتهم ؟ !
تكلمت عن بعض الأمور التي في مخيلتي بررت وبررت ثم أجهشت بالبكاء .
تأثرت بدموعها غير أن قوة الغضب تكبح العاطفة ثورة الغضب الأعمى انتصرت على أرادة العقل ربما أثار صوت بكائها انتباه الحاضرين .
انطفأت شعلة سرور نفسها وسكنت فرحة قلبها العيون التي تتوهج حبا صارت تتطاير شررا .
ـــ اطلب منك أربعة مطالب .
ـــ طلباتك مجابة .
ـــ هل الذي كان بيننا حبا من قبلك أم إشباع رغبة ؟!
ـــ حب حقيقي .
الطلب الثاني أن تعلمني في يوم موعد زواجك .
ـــ لك ذلك .
ـــ الطلب الثالث أن لا تخبر زوجتك بعد أن تتزوج بما دار بيننا .
ـــ نعم لا اخبر زوجتي بأي لحظة من لحظات حبنا .
ـــ الطلب الرابع أن لا تظهر أمامي وان صادف تواجدك صدفة في محل تواجدي ، اختفي من أنظاري - لك ذلك .
كانت الدموع تنساب من عينيها كقطرات ندى الصباح على ورد الجوري ، كان صوت أصالة نصري يشدو متسألنيش عن الأحلام عن حبنا اللي كان اللي كان .
أطلقت عليه كلمة الرحمة وداعا فتأكدت انه مات .
تركت جثت الحب في ذاكرتي ربما سأدفنه في سطور دفتر ذكرياتي .
خرجت من الكافتريا أسير من دون اتجاه .
إعدم حبنا بكلمات بسيطة .
جنى ثمره خطأنا .
هل يموت الحب الصادق ؟
هل تقتل الكلمات نور الحب بحثت عن الحب في عيون العشاق فوجدته حقيقة ابدية .
جعفر صادق المكصوصي 28 ك1 2010