أحيّيكم فس هذه الأيام الفضيلة وأدعو لنا جميعا بحسن العمل والنوايا الحسنة الطريق إلى أمريكا دون مشقّة محمود أسد
أمريكا.. أمريكا.. وما أدراك...
أمريكا التي تبسط جناحيها الناعمين على أطراف المعمورة.. وتوزع الحليب والفرح بالمجان لكل فقراء العالم..
أمريكا التي مع كل صباح تمضي جاهدة دون كلل وملل لزرع البسمة وصنع ربيع الفرح للأطفال المحاصرين..
أمريكا التي لا تألو جهدا وهي تندد بجرائم الصهاينة والتي أغرقت الأراضي المقدسة في فلسطين أمانا وحبا.
إنها أمريكا ويكفي ذكرها لمعرفة مدى تحكمها بقرار الرجال والنساء، وقرار الصغار والكبار وقرار الصوت والصورة..
أمريكا.. أضحت حلما منشودا يفكر فيه الكثيرون، أضحت سيرة على كل لسان.. لسان الذين أنعمت عليهم بشم هوائها وملامسة جدران ناطحات السحاب والنظر في ساحة الحرية..
يحكون عن ناطحات السحاب التي بنيت على جماجم الفقراء يتكلمون عن الحريات وآفاقها الواسعة وليتهم عرفوا معنى هذه الحرية وطبيعتها... يتندرون عن الفكر الحر والسينما والجنس والسرقات، وينسون معاناة الزنوج في يوم من الأيام وإلى يومنا هذا...
أمريكا مونيكا التي أضحت نجمة الأغلفة والأخبار.. أمريكا فريق هارلم.. يتغنى بها الكثيرون وراء الكواليس.. ريقهم يسيل إليها.. وأعينهم تتلهف الحج إليها.. أولئك الذين يلعنونها في المقاهي والمنتديات ولكنهم يغازلونها في آخر الليل وهم مستسلمون للأحلام... وتبقى قبلتهم المنشودة مع كل خطوة..
أمريكا وما أدراك..؟ أمريكا التي تشغل المفكرين والناس بمشاريعها وطفراتها.. تراها قادرة على تنمية الإحساس بحضارتها التي لا تتجاوز الحجارة والآلة.. يعتقدون أنها المخلص والمنجد لكل أزمات الأرض، وهي قادرة على حل الخلافات مع زوجاتنا ومديرينا.
يظنون بل يعتقدون أنها سوف تنصف النمل من الفيلة والأفاعي من الديناصورات.. والفقير من الغني.. وفوق هذا يعتقدون أنها المسؤولة عن إنجاب أولادنا وعن ساعات عملنا وإرهاقنا وهي مسؤولة عن تعثر السلحفاة التي غرقت في الوهم وفقدان الحيلة.. ومسؤولة عن العالم الممتد بلا حدود..
أمريكا التي تغزل ثوب الفتنة لأرباب الغليون والمقيمين في شاليهات الأحلام وفنادق خمس النجوم.. حواراتها تسلب ما تبقى من أفكارهم وعقولهم..
أمريكا التي تصفق بل تحضن كل من يتخلى عن مثله وقيم مجتمعه، وتبث في نفسه غرائب الأطوار والأفكار ليبدو غريبا كطاووس في يوم مشمس..
أمريكا.. حلم جميل ومشروع مؤجل يلح على الكثيرين المحبين والمقدرين عطاياها.. إنه مشروع شفاف شفافية سياستها الواضحة ولكنه يحتاج لمهارة وقدرة على الصبر وحسن للتدبير وتحمل للمنافسة...
أمريكا في عيون من أصيبوا بعمى البصيرة ستبقى غادة حسناء تراودهم ولو وصلوا آخر المطاف زحفا على بطونهم.. كيف لا ؟ وهم يعيشون في وهمها ومن فتات موائدها وأفكارها النارية.. ربما تجد في زاوية أحدهم وهو يتلمظ ويبلع ريقه عندما تذكر أمامه.. فترتفع درجات حرارته.. إنها الآلة التي تستطيع أن تستنسخ ما تشاء من القردة المشوهين..
أمريكا أمامنا كأم رؤوم تبكي ضحايا الزلازل والحصارات.. لا تعرف النوم وهي تفكر بأحوال الرعية.. راحت تدرب من تشاء وتمغنط من يريد الالتصاق الروحي بها. تلقن من يريد التألق والصعود أبجدية الولاء المطلق ولكن بعد وضعه في مخبرها وثلاجتها..
أمريكا صانعة القرارات وملهمة العباقرة تعلن عن مسابقة للمشوهين المنكوبين بانتماءاتهم.. تعلن عن مسابقة للذين يريدون حرق المراحل، وإجراء عمليات التجميل بعد خصيهم..
مع أول إعلان انطلق أرباب السوابق للدخول إلى مطابخها ودهاليزها وأنفاسها المعطرة برسم الدولارات ودماء الضحايا..
أمريكا في آخر خبر عاجل جاء من المحطات الفضائية التي يصرف عليها بالمليارات كرمى لعيون العرب..
جاء خبر لماح تناقلته الفضائيات والمجلات التي تتكئ على زندها وتتنفس من هوائها وتأكل من فضلاتها : كيف تصل إلى أمريكا دون مشقة وعناء ..؟ كيف تقدر على عبور الأجواء الأمريكية وأنت في غرفة زجاجية محكمة الصنع رحبة الأرجاء..؟
لاشك أن بعضهم راح يلهث وراء الخبر لمعرفة تفصيلاته وجوائزه المغرية.. لا مانع من إعطائك شيئا من المعلومات بالمجان.. إليك هذه الوصفة إن شئت.. لكن اتركها سرا فقد ينافسك بها الآخرون وتضيع عليك فرصة ذهبية داهمتك وأنت غافل عنها.
إنها وصفة سهلة، وتحتاج لإيقاع جميل ودربة متناهية الدقة. وقبل هذا عليك أن تبحث عن وجه غير وجهك فهي بحاجة لوجه مستعار وأحاسيس مصنوعة من نعال الجمال.. وتحتاج لغسل مخ بالملونات الإشعاعية والفكرية، وعندها تحتاج لعقار يحميك من وباء جنون البقر وجنون استمراء الذات.. لا أعتقد أنني سأزعج أصحاب البراقع والوجوه المستعارة وأصحاب الجيوب التي لم تمتلئ ولن تمتلئ لأنهم أداروا " قفاهم " ولم يلتفتوا إلا إلى غاياتهم وليتها غايات نبيلة لباركنا لهم..
لن أقولها قبل اختبارك.. بل سلم نفسك لقيمك كي تختبرك وتعطيك شارة العبور.. أفكرت بالسبل ؟ أم أنك ستبقى أسير غوايتك ؟.. هل فكرت بالوصول السريع ودون تعب ..؟
إنها بضع نقاط دقيقة ومدروسة.. عليك أن تتقنها.. إنها بضع ملاحظات ومواقف ستبرز موهبتك التي لا تجاريها موهبة..
من أصدقاء أمريكا ؟ بل من يوجه ويسير أمريكا في هذا الوقت ؟ ولذلك ابحث عن الأصدقاء ثم تاجر بهم، وتكلم عنهم ودافع عن نجمة داوود وابك على هيكل سليمان، تجد نفسك على الدور أمام السفارة الأمريكية.. هذه الخطوة الأولى كمفتاح سري ولكن عليك أن تحسن استخدامها فربما آخرون ينافسونك من وراء ظهرك إن كان لك ظهر يحميك..
وهذه الخطوة الثانية وهي سهلة المنال وكيف تكون صعبة وأنت مدعو لتحطيم أسوار الحواجز العائقة.. أمامك الوصفة..
ابحث عن مجلة أو صحيفة أو إذاعة مفتوحة البطن والصدر والساقين لتستقبلك وتستقبل أفكارك المشعة باليورانيوم.. واترك لسانك يشع بالسباب والشتائم للمقدسات والثوابت الفكرية..
تهجم على اللغة العربية والشعر المحنط كما تدعي، وادع ملء فيك المملوء قيحا وتنظيرا إلى التحديث الأعرج المعتوه.. في كل مجلس تفوه بالمجتمع المفتوح والحريات التي تناسبك أسيادك واجعل العولمة خبزك اليومي وتطاول على الأعراف العامة والمقدسة لتظهر بمظهر الإنسان التقدمي الذي لا يجد مجالا وميدانا لأفكاره وحريته.. ولكن حاول ألا تكشف أوراقك المنزلية. فلا تقل إن زوجتك في البيت كرهت حياتها وأنت تظن بها الظنون ولا تقل لهم إنك لا تخرجها من بيتها إلا لماما... وعندما تخرجها تغار عليها من الهواء فترمي على وجهها خيمة سوداء... لا تقل لهم: إنك لم تحمل لولدك في يوم من الأيام مجلة أطفال أو ناقشته بهدوء.. لا تقل لهم: إنك تأتي في آخر الليل إلى البيت طينة بل ريشة لا وزن لها ولا جهة.. ثم تنقلب إلى عاصفة تكسر وتعربد وجيرانك يقولون في سرهم : لا حول ولا قوة إلا بالله.. إنه جار يقلع عين إبليس، جار ولا كل الجيران.. أقول لك هذا من باب النصيحة وليس للفضيحة.
بعد هذا بإمكانك أن تعد جيشا من الجنود الجاهلين أبجدية القراءة.. ضعهم في دائرتك لقنهم من نار مصطلحاتك ليرددوها في كل كتاب وكل مجلس.. وعلمهم أن يكونوا أوفياء كيلا يتمردوا عليك، ويدعو أنهم أسيادك.. استأجرهم في الوقت المناسب.. فلا تجد إلا اسمك البراق مصحوبا بكلمة " الباحث المنظر المفكر... ولا مانع من شراء شهادة دكتوراه وهمية ورخيصة.. هذا الجيش الأعزل يرسخ اسمك مظلوما ومقهورا فتبدو حياتك مهددة من كل جانب.. فعندها يحق لك أن تطلب اللجوء إلى السفارة الأمريكية والبقية عندها...
أمريكا تلك الغادة التي لا تشيخ، وبذلك ستبقى الموئل والملاذ. ستبقى محط أنظار المشتاقين الذين يتحرقون شوقا للثم نعالها المعطرة بالدسائس ولو كان على حساب شعوبهم..
أمريكا تقرأ أفكارك، وتحلل شخصيتك، ولذلك تبعث لك من يحسن تلميعك، ومن يقدر على تلقينك دون أن تشعر بتبعيتك..
هذه أمريكا تفتح ذراعيها، وها أنت في المقهى تسطر أينع تجاربك وأفكارك الوافدة والملطوشة.. أخرج ورقة بيضاء.. وادع بطالتك.. وقع الآخرين على بيانك.. قدم الوثائق بأنك مهدد وبأن أفكارك لا تصلح لمجتمع جاهل جامد.. تظاهر في كل مرة أن مشكلة ما تلاحقك.. كتبك تصادر.. حريتك مصادرة.. زوار الفجر كانوا فوق فراشك على حين غرة..
أتريد جواز سفر للعبور ؟ اسأل من سبقك فربما لديه أشياء سحرية لم تكتشفها العبقرية بعد. وربما تفكر بوسائل لم تخطر على بال إبليس.. لا مانع أن يقف أمامك.. ولكن عليك أن تفكر بكسب ود خصوم أرومتك، وعليك أن تمد جسورا تحسن مدها وتقنع نفسك بها. فها هي انتفاضة الأقصى تجاهلها.. بل قدم بيانا يدينها.. وها هو الحصار الأمريكي على الشعب العراقي.. بادر بالمباركة والتأييد واعتبره إجراء وقائيا وأمنيا للمنطقة. وقد جاء بدافع حب السلام وترسيخ الأمن في منطقة يحبونها.
لن أسرق أفكارك، سأتركك لتبحث عن هاتف وفاكسات السفارات.. ولكن أطلب منك أن تحضر الصور والأحاديث لتجعل منها مادة صحفية تحدثنا عنها في كل مجلس وفي كل صحيفة.. المدة للمسابقة مفتوحة لأرباب السوابق، ومغلقة في وجه الأغبياء المعارضين الذين لم يروضوا بعد..